يغيب أحياناً عن المشهد، لكنه يظل مراقباً من بعيد لما يحدث، فخبرة
السنوات الطويلة علمته كيف يراقب ويحلل ليصل فى النهاية إلى نتائج قريبة من
المنطق، فالفنان الكبير نور الشريف ربما يصمت فى بعض الأحيان، لكن قلبه
دائماً فى حالة خوف على وطن يحترق أبناؤه، أحياناً، بنار الأسعار، وفى
أحيان أخرى بنار الطائفية. وفى حواره مع «المصرى اليوم» يكشف نور الشريف عن
رؤيته للمشهد السياسى فى مصر حالياً، وكيفية الخروج من المأزق الذى نعيشه،
وتفاصيل مسلسله الجديد «خلف الله» الذى أجرى الحوار وهو يرتدى ملابس هذه
الشخصية.
■
فى ظل مشهد سياسى مضطرب، كيف تستطيع مصر الخروج من هذا المأزق؟
- الصراحة هى السبيل الوحيد للمأزق الذى نواجهه حالياً، فالرئيس محمد
مرسى يجب أن يراجع نفسه مع مستشاريه، ويخرج ليقول لنا الحقيقة، فإذا الشعب
قال له كفى لن نتحمل، فيجب أن يرحل، وأعتقد أنه لو فعل ذلك سيكون هذا
التصرف فى صالحه وصالح جماعة الإخوان المسلمين، لأنهم تركوا مركب «غرقانة»،
كما أننى لا أفهم ما سبب تمسكهم بالحكم، ولا أعلم سبب صراع المعارضة، فنحن
دولة تكبلها الديون واقتصادها منهار، وعملتها فى الأرض، لذلك لا أعلم لماذا
كل هذه الحرب.
■
تقصد أن الصراحة هى الحل الوحيد؟
- أتمنى أن يكون صريحاً، فأنا مستاء مما أشاهده فى القنوات الفضائية
التى تدعى أن السياحة انتعشت، والاحتياطى ارتفع، ما كل هذا التخلف، فى حين
أنك «تبوس الجزم» للحصول على قرض البنك الدولى، وماذا يعنى أن الدولار يقفز
إلى ٨ جنيهات، وأن تحدث كارثة الأزهر والكاتدرائية فى الوقت نفسه؟ أتمنى أن
أجد إجابة صريحة منهم، وأتمنى لو قال الصراحة يتم اتخاذ موقف حقيقى مبنى
على عرض الأمر على الشعب، ويشرح له المدة التى يحتاجها لإنقاذ الاقتصاد،
حتى لو وصلت إلى ٧ سنوات، وأن نسبة التنمية سوف ترتفع بمعدل محدد خلال
السنوات المقبلة، وأرجو أن يكون ذلك بشكل صادق بعيداً عن الكذب.
■
لكن مصر تعرضت لأزمات اقتصادية عقب الثورة مباشرة، خاصة منذ تراجع حجم
الاحتياطى الأجنبى؟
- سبق أن قلت فى حوار على قناة «سى.بى.سى»: ما الذى يعطى الحق للمجلس
العسكرى والوزارات المختلفة فى صرف الاحتياطى النقدى لحل مشاكل الشارع، لأن
من سيأتى للحكم سيتسلم البلد «واقعة»، خاصة أن البلد دون قيادة حقيقية،
فـ«عبدالناصر» مثلاً عندما كان يطلب «ربط الحزام»، فإن ذلك كان يحدث عن
قناعة، رغم أن البعض يكره ذلك، لكن أغلبية الشعب كانت تفعله عن قناعة، لأنه
يشاهد أمامه «سد عالى ومجمع للألومنيوم ومصانع للسيارات»، وأنا شخصياً كان
راتبى ١٧ جنيهاً ونصف جنيه فى بداية تعيينى سنة ١٩٦٧، بينما كان إيجار
الشقة التى تزوجت فيها «بوسى» ٢٥ جنيهاً، ثم خفضتها لجنة الإيجارات
إجبارياً إلى ١٧ جنيهاً، وحصل منى صاحب العمارة فى ذلك الوقت على ٢٥٠
جنيهاً لتشطيبها، وشهد على هذا العقد الممثل الكبير جمال إسماعيل، وكنت
وقتها أعمل فى مسلسل «القاهرة والناس» بأجر ١٢ جنيهاً، وبمعدل ٤ حلقات فى
الشهر يعنى المجموع ٤٨ جنيهاً، ومرتبى من المسرح القومى ١٧.٥جنيه، وتزوجت
بهذا المبلغ.
■
هل كنت تتوقع أن نصل لما نحن فيه حالياً بهذه السرعة؟
- لا، عمرى ما تخيلت أن يكون الانهيار بهذه السرعة، وهذا السؤال لابد
أن يسأله الإخوان لأنفسهم، ولابد من استيعاب فكرة الممارسة السياسية، لأن
السياسة غير الدين.
■
كيف؟
- الدين أخلاق، والسياسة بلا أخلاق، فعندما تزوجت ابنة تشرشل قالت
لوالدها تزوجت سياسياً وشريفاً، فقال لها هل تزوجت اثنين، وهذا يعنى أنهما
لا يجتمعان.
■
هل توجد استثناءات لهذه القاعدة؟
- مستحيل، لأنك فى السياسة تضارب على مصالح، لكن الدين مختلف لأنه
علاقة بالخالق.
■
كيف ترى أداء حزب «الحرية والعدالة»؟
- أعتقد أن الإخوان يسيئون للرئيس، وأن هناك شرخاً نفسياً بينهما، ومن
المؤكد أن الرئيس «مرسى» يشعر بعدم الرضا، تجاه المرشد والحزب.
■
لكن الإخوان يؤكدون أن النهضة قادمة رغم حالة الانهيار التى نعيشها؟
- أتمنى أن يكون ذلك حقيقياً وليس مجرد شعارات، ومن الممكن أن يكون
لديهم سر، لكنى فى المقابل أرى أن مصر تباع برخص التراب، وهذا هو المخطط
الذى جعلنى أشعر بالرعب.
■
ماذا تقصد بذلك؟
- هناك أجزاء بيعت فى مصر مثل البنوك، والغريب أنها بنوك عالمية، فهل
هو مخطط خارجى لبيع ٣ بنوك أجنبيه دفعة واحدة، والتحليل الغربى يوضح أنهم
رفعوا الاستثمارات من مناطق قابلة للاشتعال، وكما قلت توجد مخططات عالمية،
علينا أن نقرأ العالم، فالأموال هى التى تحكم العالم وليس أمريكا،
والمحاولات التى تحدث لانهيار الاقتصاد فى إيطاليا وإسبانيا واليونان
وأخيراً قبرص بمثابة مؤامرة لضرب الاقتصاد، ولو أوروبا اتحدت سوف تمثل
خطراً حقيقياً، وهناك الصين «نائمة فى الذرة»، والدليل على أن كلامى صحيح
ما تدعيه كوريا بأنها تستعد للحرب لإثارة الذعر العالمى، كنوع من المنوم
للجميع و«محدش واخد باله» مما يحدث من مخططات.
■
ما الرسالة التى يمكن أن توجهها للرئيس؟
- أناشده أن يكون صريحاً معنا، وألا يتخذ قراراً ويرجع فيه، هذا يسئ
إلى مصر، كما أن بعض الألفاظ لابد أن يتم انتقاؤها فى الحوارات والخطب، مثل
الثعبان والحمامة والأصابع، هل «مرسى» يستطيع النزول لميدان التحرير ويفتح
الجاكيت مثلما فعل بعد توليه الحكم مباشرة، وحتى لو فزت بفارق بسيط عن أقرب
منافسيك فهذا تكرر مع جورج بوش وأوباما، لكن هذه هى الديمقراطية، لكن لابد
أن تكون رئيساً للكل وليس لفصيل معين، مصر أكبر بكثير من الخطب، وأشكره على
علمه السماوى والدينى، وليس من المعقول ما حدث فى السودان حيث ذهب ليقول
خطبة دينية، والكنيسة «بتتحرق وشوية عيال يعملوا مظاهرة لإقالة شيخ
الأزهر»، وفى اليوم التالى تحدث أحداث الكنسية، هذا سوف يصل بنا إلى تدخل
أمريكا لحماية المسيحيين دون طلب من المسيحيين.
■
ماذا تقول للإخوان والمعارضة؟
- أناشد الإخوان وجبهة المعارضة وائتلافات الشباب بأن نحاول الوصول
إلى نقطة التقاء، وحالياً لم يعد شخص يستطيع أن يتغلب على شخص آخر، ولا
يوجد توازن لأى شىء، ولن يكون لأى منهما سواء المعارضة أو الرئيس أو الشباب
أى شعبية.
■
لماذا لا يستطيع الشباب التفوق فى هذا المشهد؟
- لأنه ليس لديهم أموال، بينما الإخوان لديهم تنظيم قديم وأموال،
وجبهه الإنقاذ تضم أسماء كبيرة يمكن أن يكون وراءها تمويل لكن «مش قد
الإخوان».
■
ما رأيك فى أداء أعضاء جبهة الإنقاذ؟
- خائف عليهم، «هيقعوا فى بعض قريباً»، ولو خاضوا الانتخابات
سيتفرقون.
■
لماذا فضلت أن نترك للإخوان الرئاسة ومجلس الشعب والحكومة؟
- حتى نتمكن من محاسبتهم، لكن كان لنا مطلب واحد بأن يبتعدوا عن
الدستور.
■
لكن الدستور تم وضعه؟
- مبتسماً: لا يمكن أن نقول هذا الكلام، ومن الممكن أن تخرج مظاهرات
وتسقط الدستور مثلما حدث مع «مبارك».
■
ما رأيك فى خطبة الرئيس فى السودان عندما قال «لقد نهضت مصر»؟
- فى عالم السياسة وارد أن تقول ألفاظاً براقة فى الخطب لكسب ود
الجميع، لكن الذكاء أن تقول كلاماً غير محدد، مثل سنسعى وبكل جهد لإحلال
الأمن، لكن متى، السياسة لها مفرداتها، الرئيس ليس لديه خبرة فى الحكم، ولا
الجماعة، وقبل أن تمارس الحكم لابد أن تعلم أن موظفاً صغيراً فى يده الختم
يستطيع أن يوقف أى قرار يأخذه رئيس الجمهورية، وهذا ما يحدث فى المحاكم،
لأن مصر دولة عميقة، ولايستطيع أى رئيس أن يغيرها.
■
أفهم من كلامك أن ما يحدث فى مصر مدبر؟
- أنا من المؤمنين بنظرية المؤامرة، عندما أرى «قلة» تقع على رأس شخص
أعتبرها مؤامرة وليست مصادفة، ولا يعقل أن العالم العربى كله يقع فوق رأسه
«قلل»، فى وقت واحد، ولا يعقل أيضاً أن يكون البديل هو التيار الإسلامى،
ولا يعقل أن تتعرض الدول لأزمات اقتصادية فى الوقت نفسه، وغير معقول أن يتم
إحياء الفتنة الإسلامية الإسلامية.
■
تقصدالسنة والشيعة؟
- هذا ما يرعبنى، وأعتبره الخطر القادم أن تكون حرباً إسلامية
إسلامية، لذلك أناشد كلا التيارين إعادة النظر، وأن يكونا أكثر حبا لله
والإسلام، لأن الحرب بينهما هى إضعاف للإسلام.
■
من هو المستفيد؟
- هذا هو الغباء، لابد أن تكون بعيد النظر، وتقول ما هى المصلحة،
فدائماً عندما يكون الاقتصاد ضعيفاً لازم تختلق حرباً، لأن الحرب تلغى أى
اعتراض على أى شىء، ثم تظهر الرأسمالية لإعادة التعمير، كما ستجد من
يساندها لإشعال الحرب هذه المرة، لأن المكسب كبير، لأنك سوف تتخلص من
المسلمين كلهم.
■
ما رأيك فيما يحدث فى سوريا؟
- هذاعبث كونى، يعنى إيه أمنح سفارة لفصيل معارض، هل أى حاكم داخل
جامعة الدول العربية يوافق أن يحدث معه ذلك، وسبق أن تم الاستغناء عن مصر
ونقل مقر الجامعة من مصر «حصل إيه ولا حاجة»، هذا يظهر لك ماذا يحدث، وإلى
أين وصلنا، «محدش» يلعب بالدين، مثل «محدش» يلعب بالنار، لكن من وجهة نظرى
أن الدين أخطر من النار.
■
بعيداً عن السياسة، لماذا اخترت مسلسل «خلف الله» لتقديمه فى الوقت الذى
تردد أنك تستعد لمسلسل آخر؟
- ما حدث أن قناة «بانوراما» كانت لها الأسبقية، بينما المشاريع
الأخرى من الواضح لم يكن لديها القدرة على الإنتاج، خاصة أن الوكالات
الإعلانية العام الماضى لم تسدد المستحقات المالية للقنوات، وبالتالى لم
تسدد للمنتجين، لكنى وجدت أن قناة «بانوراما» جاهزة فبدأت المشروع، وهذا
جزء من عالم الاحتراف أن تعمل على أكثر من ورق.
■
ما أوجه التشابه بين نور الشريف و«خلف الله»؟
- «خلف الله» يشبهنى بنسبة ٧٠%، لأنى مشغول بأن الإنسان يضيع عمره فى
جمع الأموال، وتأسيس منزل كبير، وتأمين مستقبل الأولاد، لكن عندما تكبر
تكتشف أنه كلام فارغ، وهذا شىء مشترك بينى وبين «خلف الله»، وفى أوقات
كثيرة كان هاجس تأمين مستقبل بناتى هاجساً مرضياً، لأننى لا أخاف من الموت،
لكن بعد أن مرضت ابنتى اكتشفت كذبة الأمان المادى.
■
لكن شخصية «خلف الله» بها جانب روحى؟
- يوجد أيضاً عامل مشترك بيننا فى هذه النقطة، رأيت «بوسى» تقع من
المسرح، وهى تتسلم جائزتى من الرئيس «السادات»، وأخبرت والدتها بذلك وتحققت
بعدها مباشرة، كما أننى تعلمت «اليوجا» فى مرحلة الشباب من خلال كتاب، ولا
تعلم كم استفدت منها، فقد منحتنى طاقة روحية رهيبة وصفاء ذهنياً كبيراً
ومنحتنى أيضاً ليونة فى العضلات وقدرة على التأمل كبيرة جداً، كما أننى عشت
الموالد مثل «سكينة وعائشة وزينب والحسين».
المصري اليوم في
13/04/2013
جسدت دور النحاتة وسط مرضى حقيقيين
جولييت بينوش ممثلة حتى الجنون
إعداد: محمد هاني عطوي
تعيش النجمة الفرنسية جولييت بينوش تجربة سينمائية رائعة دفعتها إلى
أقصى حدود الفن السابع من خلال تصويرها لفيلم “كاميليا كلوديل 1915” للمخرج
رينو دومون . يروي الفيلم قصة حياة فتاة (كاميليا كلوديل) تنتظر على مدى
ثلاثة أيام زيارة شقيقها الدبلوماسي الشهير في ملجأ مع المرضى والممرضات
والأطباء . هذه النحاتة العبقرية والمحبة لأوغوست رودان (فنان ونحات فرنسي
مشهور ويعد أحد رواد فن النحت خلال القرن التاسع عشر)، كانت على قناعة بأن
احتجازها في الملجأ برضا والديها لن يستمر طويلاً لكنه استمر ثلاثين عاماً
. كاميليا كلوديل، أو بالأحرى جولييت بينوش ذات التعابير الحادة، حولت هذه
القصة إلى رواية مفعمة بالمشاعر والانفعالات . شركاؤها في الدور كانوا من
الممرضات والأطباء القائمين على رعاية المرضى المعوقين الذين يعانون من
اضطرابات نفسية . عن هذه التجربة الجديدة كان لمجلة “إيل” الفرنسية هذا
اللقاء مع بينوش .
·
متى اكتشفت كاميليا كلوديل؟
عندما كنت في سن السادسة عشرة، حيث وقعت على كتاب للروائية آن ديلبيه
التي كشفت عن عبقرية كاميليا وحياتها المأساوية حين احتجزت مدة ثلاثين
عاماً في ملجأ . في نفس السن، رأيت أعمالها واكتشفت منحوتاتها ووقعت في
حبها وولد لدي هذا الاكتشاف شيئاً من الحماس، وقدح الشرارة في فكري .
وأعتقد أن اكتشافاً مثل هذا لا يزول بسرعة من فكرك ولا يمكن نسيانه، بل
يضيء دربك في الحياة .
·
ما الأسباب التي دعتك إلى
التصوير مع أناس يتألمون ومحتجزين بسبب المرض؟
عندما نقضي بعض الوقت في هذا المكان، نتفاجأ بالفرح الذي يهيمن عليه
فرغم الصراخ والضوضاء، تشعر بأنك ستنفجر لترسم وتبدع وتستكشف . في هذا
المكان يوجد فرح مكبوت مثله مثل الألم أو الحزن الذي يعتصر هؤلاء النزلاء،
فالحياة بالنسبة لهم لا تتوقف بحجة الجنون . والحقيقة أن الخوف الأكبر لم
يكن التمثيل مع المرضى، بل الخوف من الفشل في عدم تمكني من محاباة الجنون
داخلي والتقرب منه كي لا يبدو نمطياً، ووهمياً ومصطنعاً . فضلاً عن أنني لم
أكن أريد أن أدخل كلياً في موضوع الجنون حتى لا أصبح قلباً وقالباً فيه،
لذا وافقت على المضي قدماً في الأمر ولكن الخروج منه بأقصى سرعة .
·
هذا الخوف من عدم الخروج سالمة
من هذه التجربة هل له ما يبرره؟
في بداية التصوير، انتابتني نوبات من البكاء لم أعرف سببها، كنت كمن
حل به شبح فالانفعالات التي ألمت بي غريبة عني، وعندما رأتني الكسندرا،
شريكتي الرئيسة في الدور وهي مريضة وتعاني من إعاقة شديدة، جاءت كي تواسيني
وعانقتني بحنان شديد، وأعتقد أن تدخل الكسندرا بهذه الطريقة يظهر أن كل شيء
ممكن، فنحن نعتقد أننا نعيش في عمق الإنسانية لكننا نكتشف أننا في حالة من
عدم التواصل الفعلي مع هؤلاء الأشخاص الذين نجد لديهم الكثير من الحنان .
·
هل كان من الممكن تكرار المشاهد
غير الموفقة؟
نعم، ولقد كنا في البداية مندهشين لتفهم المرضى لذلك، ولا سيما فيما
يتعلق بالتجهيزات، وهذا يعني أن مفهوم التمثيل والتكرار متأصل في الكائن
البشري، فالأشخاص الذين كنت أصور معهم كانوا لا يعرفون أنهم يمثلون ولم
يدركوا أنني كنت أجسد شخصية معينة، ومع ذلك فقد كانوا مستوعبين ما يدور
حولهم، وهذا دليل على أن الثقة التي نوليها للآخر هي التي تمكنه من التطور
. وإذا كنا تعتقد أن أحداً لا يفهم شيئا فإننا نجعله مجنوناً وأصماً .
·
إلى أي مدى جسدت شخصية كاميليا؟
كان الجميع أثناء التصوير يناديني بكاميليا، حتى خارج الأستديو، وذلك
لتجنب أن يرتجل أحد الممثلين دوره خطأ ويناديني جولييت، لذلك كنت كاميليا
طوال الوقت وذات ليلة استيقظت فجأة وشعرت أن كاميليا معي في الغرفة ولم
أستطع تذكر الحلم، ولكنني كنت خائفة قليلاً . وعندما طلب مني برينو دومون
أن أمثل ثلاثة أيام في حياة كاميليا التي لا تفعل فيها شيئاً سوى الانتظار
اليائس لمجيء أخيها بول كلوديل، فإنه بالطبع كان يريد للأشياء أن تخرج مني
من تلقاء نفسها غير مقنعة بشخصية كاميليا، وكان يريدني أن أظهر ذاك الوجه
السافر، وذلك الحرمان والجفاف العاطفي الذي كان يعتمل داخلها، فالحب الذي
كانت تبحث عنه ويمنع عنها كان يحرك فيها مشاعر أخرى مدفونة من الحرمان، في
هذه التجربة لمست في داخلي أماكن مؤلمة للغاية لم أكن أعرفها عن نفسي .
·
هل كانت لديك فكرة مسبقة عن هذا
الدور؟
لم يكن هناك سيناريو حقيقي، بل الكثير من الصمت، وبضع رسائل، وكلمات
تأتي فجأة بعد طول انتظار! كان برينو يريد مني الارتجال والالتزام بكلام
كاميليا والانفصال عن النص، كي أكون حرة، وأن أنسى شخصيتها كي لا أكررها،
وفي نفس الوقت يطلب مني تجميلها بل الانغماس في لغتها بشكل صارم . لقد شعرت
أنني غدوت في هذا الفيلم منحوتة من منحوتات كاميليا . .
·
هل ذكر كيف كانت تعامل كاميليا
طوال السنوات الثلاثين في ملجئها؟
لا يمكن أن نتخيل وضع الملاجىء في ذلك الوقت، فظروف الاحتجاز كانت لا
إنسانية، إذ لم تكن الغرف مجهزة بالمدافئ وكان هناك القليل من الرعاية،
وعلى مدى ثلاثين عاماً، جاء شقيقها عشرات المرات لرؤيتها وأمضت وقتها في
محاولة لفهم لماذا تم احتجازها؟ وكانت تكتب “الراهبات طيبات” لكن ليس لدي
ما أفعله معهن . ويقال إنه في نهاية حياتها كان وجهها يشع نوراً فقد بلغت
مرحلة ما بعد اليأس وفيما وراء المخاوف وأصبحت كائناً نورانياً .
·
بعد أن مثلت “كاميليا كلوديل
1915” ما رغباتك المقبلة؟
أنا دائماً على أهبة الاستعداد للمغامرة، إنه أمر غريب بالفعل فكلما
تقدمنا في السن، غدونا أكثر جرأة من ذي قبل إذ لم يسبق لي أن كشفت عن
مكنونات نفسي مثلما فعلت في هذ الفيلم، يا إلهي كم تتغيرالسينما ! إن ما
يثير إعجابي في هذا كله هو أن أكون قادرة على المضي قدماً في تحقيق رغباتي
الفنية، والتوجه غدا إلى فانكوفر للمشاركة في العمل السينمائي الكبير
“غودزيلا” . وخلاف ذلك، حياتي كلها مكرسة لأولادي، وأختار الأماكن التي
يمكنني العيش فيها معهم بسعادة، ونحن نحاول قدر الإمكان تذليل الصعوبات
لهذا الهدف .
سعيدة بتجربتها الأولى مع الكوميديا
مونيكا بيلوتشي: أن أكون جميلة لا يعني أن أكون غبية
في الفيلم الكوميدي “أناس يتعانقون” تغير النجمة الايطالية الشهيرة
مونيكا بيلوتشي من صورتها أمام الكاميرا، حيث كانت دائماً تجسد تلك المرأة
الجميلة الذكية، لكنها تجسد من خلال هذا العمل تلك المرأة الغبية الهزلية
التي لا تكاد تتوقف عن الضحك وقول التفاهات، كيف عاشت مونيكا بيلوتشي هذه
التجربة؟ تجيب في حوارها مع مجلة “باري ماتش”:
·
لماذا أنت مقلة في الأعمال
الكوميدية؟
لأنني لا أتلقى عروضاً كوميدية بل يراني الكثيرون ملاكاً أسود، وكأنه
حكم عليّ أن اظهر الجانب المظلم والمثير في شخصيتي، أو كأن الجمال يمنع
المرأة من أن تكون ظريفة ومضحكة، من هنا كانت دهشتي عندما عرض عليّ دانبيل
طومسون هذا الدور لم أتردد لثانية واحدة في قبوله .
·
ألا يبدو أن شخصية جيوفانا، وهي
ملكة جمال سابقة وبسيطة، تناسبك تماماً؟
هل تريد القول إنني أبدو مثلها جميلة وغبية؟ الواقع أن جيوفانا تعيش
وسط عائلة متدينة وتريد أن تعرف إن كانت مهنتها تمكنها من تغيير تاريخ
مناسبة دينية . في الحقيقة أنا لا أتبع تربيتي الدينية، ولكن هذا لا يعني
أنني غبية، وأعتقد أن جيوفانا أرادت أن تقول إنها تحب الترف وتعرف كيف تحب،
وهذا هو مصدر قوتها .
·
هل أنت أيضاً متقلبة المزاج
مثلها؟
أنا “أبيقورية المذهب” أي أحب الحياة بكل ملذاتها، فأنا أريد كل شيء:
العيش والتمثيل والاستمتاع لأنني أتصور هذه الحياة على شكل سلسلة من
الاستكتشات فأنا أحب الضحك، وتناول الطعام اللذيذ مع الأصدقاء، وقد يكون في
ذلك مكمن قوتي وضعفي، وأقول دائماً إن الغد ربما لا يكون مثل اليوم،
فالحياة قصيرة ولسنا فيها إلا عابري سبيل فقط، ولابد ان نستمتع بها .
·
ما الذي يحفزك في هذه الحياة؟
الحب والعاطفة والهوى، والتمثيل بالنسبة لي هو كعلاقة حب ملتهبة ولحظة
الابداع سريعة الزوال، قصيرة وقوية جداً، ولذا أحمل في نفسي دائماً الحاجة
إلى حب كبير لا يمنحك إياه إلا الأطفال، ولا استطيع أن اتخيل الحياة من
دونهم، ولو لم أكن قادرة على الانجاب، لكنت قد تبنيت الأطفال واعتبر نفسي
الأم الايطالية النموذجية في كل بريقها وتناقضاتها، كما أنني أعشق وظيفتي
إلا ان أولادي هم على رأس أولوياتي .
·
الحب يعني أيضاً التخلي عن الآخر
لأمر ما فهل توافقين؟
تعلمت من خلال الحب ان أعطي بالقدر الذي آخذ فيه من الآخرين، وأعتقد
أنه يجب أن نعطي لأولئك الذين يعرفون كيف يأخذون .
·
هل ارتكبت الكثير من الأخطاء في
حياتك؟
نعم، فقبل انجاب الأطفال كانت العاطفة تغلبني والهوى يلوح بي لأنني
ضعيفة أمامه، وبسببه بلغت حد الجنون، ولكنني كنت دائماً استطيع النهوض من
عثراتي .
·
من هم هؤلاء الرجال الذين جعلوك
تصلين إلى حد الجنون؟
هم أولئك الذين يجعلونك تعيش عاطفة لا حدود لها، ويتوجب عليّ أن
أشكرهم لأنهم دفعوني إلى زاوية واجهت فيها ضعفي وجعلتني أتقدم .
·
ماذا وجدت لدى زوجك فانسون أكثر
مما وجدته في غيره؟
أولاً هو والد أطفالي، كما أنه أب رائع، ومنذ أكثر من ثمانية عشر
عاماً نشأت بيننا كيمياء صامتة، فهل قصتنا سوف تستمر إلى الأبد؟ لست قادرة
على الإجابة فالمسافات بين فرنسا وإيطاليا وإنجلترا والبرازيل في كثير من
الأحيان تفرقنا، ولا نعرف أي واقع آخر .
·
هل أنت دائماً فيلسوفة؟
جاء ذلك تدريجياً، وأعتقد ان العلاقة بين الرجل والمرأة إما ان يكتب
لها الحياة أو تموت في المهد .
·
هل كنت محبوبة دائماً؟
عندما كنت طفلة كنت محبوبة جداً، وهذا ما منحني بعض الثقة، واليوم
أعيش في سلام مع نفسي، وأحب الشخصية التي أصبحت عليها، والسنوات الثماني
الماضية من الأمومة كانت فترة من التأمل والاستبطان، حيث اكتشفت أنني أقل
استقلالية وحرية مما كنت أعتقد . وأود في النهاية ان أخرج ما دفن في كياني
كي أصل إلى مكان أبعد، واعتقد ان الأنثى في داخلي هي التي أخرجت الممثلة
الى النور .
·
ما هي خططك؟
سأذهب على مدى اربعة أشهر لتصوير فيلم مع أمير كوستوريكا في صربيا .
ولن يكون ذلك سهلاً وأعرف ذلك، لكنني عازمة على المضي قدماً في هذا العمل
لأنني أحب الطريقة التي يراني فيها الآخرون، لكنني لست متأكدة من أنهم
رأوني حقاً، وأعتقد ان كوستوريكا شخص يعرف كي يرى، ولو اضطررت إلى إعادة
كتابة سيناريو حياتي، فلن أغير شيئاً لأن كل التجارب التي مررت بها أثرتني
على الصعيد الإنساني، حتى السيئة منها .
تقدم برنامجاً من خلال شركتها الجديدة للإنتاج
غادة عبدالرازق: حفيدتي غيّرت حياتي
القاهرة - حسام عباس:
بعد نجاحها في مسلسل “مع سبق الإصرار” في رمضان الماضي، تخوض الفنانة
غادة عبدالرازق رمضان المقبل تجربة درامية تقول إنها مختلفة تماماً ومع نفس
فريق العمل السابق تقريباً، وقد انتهت مؤخراً من تصوير فيلم سينمائي بعنوان
“الجرسونيرة” مع منذر ريحانة ونضال الشافعي، ولديها أكثر من مشروع سينمائي
وإعلامي أيضاً، حيث قررت خوض تجربة تقديم البرامج من خلال شركتها التي
أسستها مؤخراً، وتعيش حالة إنسانية خاصة بعدما أصبحت جدة لأول مرة حيث
أنجبت ابنتها الوحيدة طفلتها الأولى “خديجة” . وفي هذا الحوار الكثير من
الكلام المهني وعن حياتها الخاصة .
·
لماذا الإصرار على تقديم عمل
جديد بفريق عمل مسلسلك الأخير “مع سبق الإصرار”؟
لأننا جمعنا بين النجاح الذي شهد لنا به الجميع والتفاهم على كل
المستويات، فلماذا لا نستفيد من ذلك وننجح مرة أخرى؟ فروجينا وطارق لطفي
وانضمت إلينا أيضاً رزان مغربي بالإضافة إلى المؤلف أيمن سلامة والمخرج
محمد سامي، كلنا أصدقاء لماذا نتخلى عن نجاحنا؟ وأتصور أننا لم نقدم كل ما
لدينا في “مع سبق الإصرار” ونواصل الإبداع في “حكاية حياة” .
·
أعرف أنك صاحبة فكرة مسلسل
“حكاية حياة” أيضاً؟
هذه حقيقة، كما كنت صاحبة فكرة مسلسل “مع سبق الإصرار”، وهي قصص
تأتيني من تجارب الحياة ومن ملاحظاتي واحتكاكاتي بالآخرين .
·
وهل هناك علاقة بين “مع سبق
الإصرار” و”حكاية حياة” لأن البعض يقول إن الأخير هو الجزء الثاني للمسلسل
الأول؟
على الإطلاق، لا توجد أي علاقة بين العملين ولن يجد المشاهد صلة أو
تشابهاً في الشكل أو المضمون.
·
لماذا لم يستمر ماجد المصري معكم
في “حكاية حياة” هل حدثت مشكلات؟
أبداً، كل الحكاية أنه لم توجد شخصية تليق به، فالحكاية مختلفة تماما
ولا توجد أي خلافات، فلماذا نختلف ونحن نجحنا معاً وهو صديق وزميل عزيز على
المستوى الفني والإنساني .
·
هل تتوقعين نفس نجاح “مع سبق
الإصرار”؟
أتمنى أن نحقق نفس النجاح والطبيعي أن نطمع في نجاح أكبر، وكل ما
علينا واتفقنا عليه أن نجتهد ويقدم كل منا أفضل ما لديه .
·
وماذا عن فيلم “الجرسونيرة” الذي
انتهيت منه مؤخراً؟
أستطيع أن أقول: إنه فيلم مختلف ونادر في تاريخ السينما المصرية شكلاً
ومضموناً، ويشارك معي فيه نجمان موهوبان هما منذر ريحانة ونضال الشافعي
والإخراج لهاني جرجس، وكل فريق العمل على درجة عالية من الموهبة .
·
هل سيثير هذا الفيلم جدلاً مثل
بعض أفلامك؟
أتمنى أن يثير جدلاً لتميزه الفني، ولكن إذا كنت تقصد لأن به مشاهد
ساخنة أو غيره فهذا غير حقيقي، وأعتقد أن الفيلم سينجح على كل المستويات .
·
لماذا قررت إنتاج مسلسلك “حكاية
حياة” ودخول ساحة الإنتاج؟
كوّنت شركة إنتاج مع صديقتي مها سليم التي أشرفت على إنتاج “مع سبق
الإصرار”، وسوف ننتج دراما تلفزيونية وسينما وبرامج وإعلانات أيضاً، وأخوض
هذا المجال لحرصي على استمرار عجلة الإنتاج ودعم العملية الفنية
والإبداعية، لأن هذا دوري في ظل هذا المناخ الصعب الذي تعاني فيه شركات
الإنتاج .
·
وهل ستكتفين بإنتاج أعمالك فقط؟
أبدا بدليل أنني أنتج مسلسل “الوالدة باشا” لسوسن بدر وعبير صبري
وصلاح عبدالله، إخراج شيرين عادل، ولدي مشروعات أخرى لن أقوم ببطولتها .
·
وهل ستكون أعمالك المقبلة من
إنتاجك؟
ليس شرطاً ولن تحتكرني شركتي أو أي شركة أخرى، فأنا أميل للموضوع
الجيد والمختلف مهما كانت الشركة، لكن بشرط أن تكون العملية الإنتاجية صحية
وصالحة لتقديم عمل متميز .
·
ما حكاية البرنامج الذي تنوين
تقديمه؟
هو برنامج للشباب وهو فكرتي ومن إنتاجي أيضاً، وسيكون مختلفاً عن
البرامج الموجودة على الساحة، وظهوري خلاله سيكون بشكل مختلف .
·
منذ أسابيع قليلة أصبحت جدة
فماذا تغير في حياتك؟
حياتي كلها تغيرت فخديجة ابنة “روتانا” ابنتي أصبحت أهم إنسانة في
حياتي، وأحرص على أن أقضي معها أكبر وقت ممكن، فأنا أقضي وقتي بين
الاستوديو وجوار خديجة التي أحبها وأقلق عليها جدا .
·
لاحظنا بعدك عن الإعلام بعد
نجاحك في رمضان الماضي لماذا لم تستثمري نجاحك إعلامياً؟
نجاحي في عملي هو أفضل شيء أقدمه وهو يتحدث عني، وقد ابتعدت عن
الإعلام بعض الشيء، لأن ظروف البلد صعبة وهناك ما هو أهم مني، وأنا أحزن
جدا لما يحدث في بلدي وأصبحت أبتعد عن الصحافة ولا أرى برامج التلفزيون حتى
لا أصاب بالاكتئاب .
·
وماذا ننتظر منك مستقبلاً؟
إضافة إلى البرنامج الذي ربما أشرع فيه بعد رمضان المقبل، مشروع فيلم
سينمائي جديد بعنوان “حجر أساسي”، سيشاركني بطولته النجم خالد صالح وهو من
تأليف ناصر عبد الرحمن وسيخرجه محمد سامي، وسوف نبدأ تصويره بعد انتهائي من
تصوير المسلسل .
الخليج الإماراتية في
12/04/2013 |