شدّدت المخرجة والمنتجة السينمائية سلمى بكّار على أن الدعم المتواضع
جدّا من وزارتي السياحة، والشباب والرياضة، للجامعة التونسية لنوادي
السينما، خلال تنظيمها للمؤتمر الدولي لنوادي السينما، خطأ كبير، بل ذهبت
الى اعتباره «قلّة ذكاء وعدم مسؤولية».
وأكّدت أنه على وزارة السياحة، لا فقط دعم مثل هذه التظاهرات التي
تصبّ في خانة السياحة الثقافية، وإنما أيضا طالبتها بخلق تظاهرات مشابهة،
في حين اعتبرت وزير الشباب والرياضة الرجل غير المناسب لهذه الوزارة لقلّة
كفاءته على حد تعبيرها.
السيدة سلمى بكّار باعتبارها أيضا نائبة بالمجلس التأسيسي عن حزب
المسار تحدّثت عن السياسة مطوّلا في حوارها مع «الشروق»، وانتقدت رئيس
الجمهورية ووزيرة شؤون المرأة والأسرة، التفاصيل تقرؤونها في الحوار التالي:
·
التزاماتك في المجلس التأسيسي لم
تمنعك من حضور فعاليات المؤتمر الدولي لنوادي السينما، أم أن الحبّ دائما
للحبيب الأوّل؟
قبل كل شيء، هذا المؤتمر حدث تاريخي وعالمي، تحتضنه تونس والجامعة
التونسية لنوادي السينما للمرّة الاولى في تاريخها وهي أيضا المرّة الأولى
التي يحتضن فيها بلد عربي وافريقي هذا الحدث الثقافي والسياحي، وبالنسبة لي
سعيدة جدا بهذا التشريف، الذي كان بمثابة المفاجأة السارّة، فقد تمّت دعوتي
الى الحضور ومناقشة فيلمي «خشخاش» بعد عرضه بالمركز الثقافي الدولي
بالحمامات في إطار الأفلام المعروضة في بانوراما السينما التونسية، خلال
هذا المؤتمر الدولي لنوادي السينما.
·
وهل يمكن الحديث عن نوادي
السينما في ظل الواقع الراهن للفن السابع ببلادنا؟
شخصيا بحكم كوني أعيش في قلب الحدث أو في واجهة المعركة السياسية،
أعتقد جازمة، أن مظاهر هذه المعركة أصولها اجتماعية وثقافية، لذلك تستهدف
حريّة التعبير والثقافة كذلك.
وتاريخيا كل حكومة سواء في عهد بورقيبة أو في عهد بن علي وحتى حاليا،
فهمت أن الثقافة روح المجتمع، وفي العهدين السابقين خبرت الحكومتان الدور
الرئيسي والفعّال للجامعة التونسية لنوادي السينما
(FTCC)
والجامعة التونسية للسينمائيين الهواة
(FICA)، فحاولتا قدر المستطاع، ضرب هاتين الجامعتين،
وتهميشهما، لكنهما بقيا رغم الجميع.
·
سجّلت حضورك في مهرجان قليبية
للسينمائيين الهواة، كما في هذا المؤتمر، هل كان هذا الحضور دعما معنويا،
أم تقليدا سنويا فحسب؟
بحكم إلتزاماتي في المجلس التأسيسي، لا أجد الوقت لحضور أغلب
التظاهرات، لكن حضوري في مهرجان قليبية، كان خاصا جدا، في دورته المنقضية،
حيث أن خوفي على المهرجان هو سبب حضوري، فقد علمت بأن هناك تهديدات سبقت
تنظيم المهرجان لذلك اخترت أن أدافع عن هذا المهرجان العريق بجسدي أي
بحضوري، وإذا لم أتمكّن بحصانتي كنائبة في المجلس التأسيسي من حماية مهرجان
قليبية، فما فائدتها؟! وقد أصررت على الحضور لأكون شاهد عيان وبالنسبة
للمؤتمر الدولي لنوادي السينما، كذلك مثل مفاجأة سارة للغاية، ولم يكن
بامكاني أن أغيب عنها.
·
هل لديك فكرة عن صعوبات تنظيم
هذا المؤتمر؟
أجل علمت مؤخرا بالصعوبات المادية لهيئة التنظيم والتحديات التي
أخذتها على عاتقها لانجاح هذا المؤتمر.
وبالنسبة لي الدعم المتواضع للغاية من وزارتي السياحة والشباب
والرياضة، خطأ كبير، بل هو قلّة ذكاء وعدم مسؤولية، فوزارة السياحةكانت
يمكن أن تكون المموّل الأول والرئيسي لهذا الحدث الثقافي السياحي، بل من
حقها وواجبها أن تخلق تظاهرات مشابهة.
أما بالنسبة لوزارة الشباب والرياضة فإن السيد طارق ذياب ليس
الرجل المناسب في المكان المناسب لأنه يفتقر إلى الكفاءة. فكفاءته تنتهي مع
كرة القدم، وبذلك يمكن أن يكون وزير كرة القدم، مثلا وأما الشباب والرياضة
فلا علاقة له بهما.
فمن غير المعقول أن نحرم شبابا من أداء حلم كالسينما، واليوم
إذا أرادت وزارة السياحة ووزارة الشباب والرياضة إصلاح خطئهما ـ عليهما أن
تدعوا المنظمين وتقدّما الشكر لهم وأن تخففا عنهم عبء هذه المشاكل
المادية.
·
بعد انشغالك المتواصل بالسياسة،
هل يمكن القول إن سلمى بكار طلقت السينما؟
ثمة جانب وجودي في كل إنسان وأنا وجوديتي مرتبطة بالسينما أكثر
من أي شيء آخر في هذه الحياة.
وحتى في ممارستي للسياسة، لدي طريقة عمل خاصة جدا، تعتمد على
الإصغاء وداخل المجلس التأسيسي أنا نائبة من طراز خاص أتابع بعين
السينمائية كل ما يقال وما وراء الكلمة من خلال تعابير الوجه والسينما ليست
منفصلة عن الحياة وقد يتواجد المجلس التأسيسي في عملي السينمائي القادم.
·
وماذا عن مشروعك السينمائي مع
الممثلة وجيهة الجندوبي؟
هذا المشروع الذي كتبه مع وجيهة الجندوبي تحصل على الدعم
لإعادة الكتابة، وتحصل مؤخرا على الدعم للإنتاج، لكنني ليست جاهزة لتصويره
حاليا بسبب إلتزاماتي بالمجلس التأسيسي.
فلقد كنت ساذجة عندما صدقت أننا سنكتب الدستور خلال عام من
الزمن حيث تبين أن الجماعة تتقاسم الحكم، وأن فترة كتابة الدستور ستطول رغم
أننا أقلية بالمجلس حاولنا أن نضع منذ البداية موعدا للإنتهاء من كتابة
الدستور.
·
مواصلتك تعني فيما تعنيه
الموافقة على هذه الإطالة؟
بل إن المسؤولية الوطنية تقتضي أن أواصل حتى أدلي بصوتي وأكون
شاهدة على كل ما يحصل، والآن أصبحت مسؤولية الإنتخابات أكبر على عاتقنا وهي
التي ستنقلنا إلى مرحلة ثانية لتداول السلطة، وستكون منطلقا فعليا للإنتقال
الديمقراطي، حيث سيحدث التوازن حتى لا نتحدث عن أغلبية مطلقة، فيصبح هناك
ثلاثة أو أربعة أقطاب سياسية تتشارك في الحكم وينتفي منطق الحزب الواحد
ونبتعد بذلك عن دكتاتورية وتغول الحزب الواحد وأمنيتي في هذا السياق أن لا
يقصى أي طرف فهذه ستكون فعلا الخطوة الأولى نحو الإنتقال الديمقراطي الذي
يبقى في هذا العالم كالحلم أو كالطموح يتطور إلى ما لا نهاية.
فالديمقراطية لا حدود لها، تبنى كل يوم وعلى مدى الحياة.
·
وهل ستواصلين حياتك السياسية في
«المسار»؟
بقيت 40 سنة أقنع نفسي بالإنخراط في حزب ودخول
الحياة السياسية ولولا حادثة بن قردان التي كنتم السباقين في نشرها لما
خلق في ذلك التحدي فقررت الإنضمام إلى مجموعة أتقاسم معها أفكاري فوجدت
نفسي في «التجديد» الذي هو حاليا «المسار».
·
لكن في الانتخابات كان «القطب
الحداثي»؟
نعم لكن رياض بن فضل سرق لنا تسمية «القطب الحداثي» فتركناها
له وقمنا بإئتلاف مع أحزاب أخرى تمخض عنها «المسار» وهو حزب منفتح على
القوى الديمقراطية وعموما أي حزب تجد فيه الجيد وغير الجيد.
·
ولو خيرت بين الحزبين الأكثر
جماهيرية حسب الإحصائيات (نداء تونس ـ والنهضة) ماذا تختارين؟
بطبيعة الحال سأكون مع «النداء»، لأن الخطر الآني في بلادنا لا يتعلق
بالايديولوجيات والاقتصاد، وانما بالنمط المجتمعي ولهذا أجد نفسي أقرب الى
نداء تونس الذي يحمل نفس المشروع المجتمعي مع حزبي (المسار) والنهضة ليست
لنا معها نفس الرؤية، لكننا نتعامل معها لأن تونس في حاجة لكل أبنائها مهما
كانت مرجعياتهم. واعتقد ان مكسبنا منذ زمن بورقيبة هو النمط المجتمعي الذي
يرتكز على الانفتاح على الثقافات، وهو نمط عيش تقدمي وليس رجعيا.
·
هل أمضيت على عريضة سحب الثقة من
السيدة سهام بادي؟ وزيرة شؤون المرأة والأسرة؟
ـ كان لي عطف كبير على سهام بادي باعتباري امرأة ومازلت أدافع عنها
الى فترة غير بعيدة، وعلاقتي بها حميمية وحتى حكاية «حذاء ليلى» رأيتها
أمرا بسيطا لكن الخطير هو عدم تحملها المسؤولية في قضية الطفلة المغتصبة
فهي وزيرة ومن واجبها ان تذهب مباشرة لحماية الطفلة، حتى ولو أن حادثة
الاغتصاب لم تكن في الروضة كما قالت هي.
فما جاء على لسانها لا يمكن وصفه بغير الجهل وعدم المسؤولية اللذين
حضرا كذلك بعد وفاة الشهيد شكري بلعيد حين خرجت كمسؤولة من دون المسؤولين
بالترويكا في المسيرة المليونية للنهضة بشارع الحبيب بورقيبة لتقول: «موتوا
بغيظكم» وأنا أجيبها «موتي أنت بغيظك» لأنك فشلت كوزيرة، اهتمت بالخطابات
لأجل المحافظة على منصبها..» وقد أمضيت على العريضة.
·
فهمنا من خلال سير الحوار ان
عملك بالمجلس التأسيسي مرهق جدا..؟
ـ (قاطعتنا) أجل بحق ارهاق كبير في المجلس التأسيسي رغم كثرة ا
لمراهقين السياسيين، وستظهر ثمار عملنا وتعبنا على مدى ليس بالبعيد وليس
كذلك بالقريب. وأحيطكم علما بأن أغلب النواب مرهقون.
·
حسب الأرقام أكثر المرهقين ستكون
السيدة محرزية العبيدي؟
ـ فعلا محرزية تعمل كثيرا رغم اختلافي معها في عديد الأحايين،
وطموحاتها كبيرة جدا مما يجعلها تعمل ليلا نهارا وتحاول ان لا يفوتها شيء،
وبالمناسبة أنا أبعد من «آخذها بالنفس» و«عيني ما تضرها».
·
وهل أمضيت أيضا على العريضة لسحب
الثقة من رئيس الجمهورية؟
ـ نعم أمضيت على العريضة لسحب الثقة من المنصف المرزوقي وأذكّره بأنه
ليست لديه سلطة وليست لديه المصداقية، فلو كان وفيا لأفكاره كحقوقي ولماضيه
كمعارض لما صرّح بما صرّح به وتجاوز حدوده وأصبح يهدد بالمشانق.
واعتقد ان المرزوقي خسر كل نضالاته لأنه لم يكن وفيا لنفسه ولمبادئه،
واعتقد أيضا ان ما قاله عنه «عم الطاهر هميلة» صحيح، وهو الذي يعرفه أكثر
منا.
المرزوقي مرة يتذكر انه حقوقي، ومرة يتذكر انه معارض سياسي، ومرة
يتذكر أنه كاتب، ومرة أنه طبيب، وأنصحه بالمناسبة أن يقف يوما أمام المرآة
ويسأل نفسه : «من أنت».
الشروق التونسية في
08/04/2013
مشاهدون منحوا الفيلم علامة راوحت بين 7 و10 درجات
«زامبيزيا»..
طيور ترفرف من أجل الســـلام
علا الشيخ - دبي
جميلة هي الأفلام الموجهة للأطفال، التي تحمل بين طياتها رسائل تدعو
الى المحبة والسلام بين الجميع، ففيلم «زامبيزيا» للمخرج وين ثورنلي الذي
يعرض حالياً في دور السينما المحلية، يصور التعايش بين البشر عبر قصة طيور
مهاجرة، من فصيلة الصقور وغيرها من الطيور المتنوعة، إذ ترفرف الأجنحة في
رحلة سلام يتجلى فيها تعاونها واتحادها في مواجهة الخطر الخارجي.
وينقل الفيلم قصة الصقر «كاي» الذي يعيش مع والده في منطقة معزولة،
ويتعرف عن طريق المصادفة الى مدينة اسمها «زامبيزيا» يقصدها كل طير في
العالم لينعم بالأمن والسلام والطمأنينة، فيسعى هو الآخر قاصداً المدينة،
على الرغم من اعتراض والده. وهنا تكمن الحبكة في السر الذي يخبئه والد «كاي»
ضمن مغامرات مثيرة تلتقي بها قوى الشر والخير، ويتوحد فيها الجميع ضد العدو
الأكبر.
شارك في اصوات شخصيات الفيلم عدد من النجوم، منهم صامويل إل جاكسون،
وأبيغيل برسلين، وجيف غولدبلوم، بجانب ليونارد نيموي.
وعبر مشاهدون، معظمهم من الأطفال، عن سعادتهم الكبيرة بموضوع الفيلم
وطريقة تصويره، ومنحوه علامة من سبع الى
10 درجات (العلامة الكاملة).
مدينة الخيال
في فيلم «زامبيزيا»، ومدته
83 دقيقة، يعيش المشاهد في الـ10 دقائق الأولى حكاية الصقر الصغير «كاي» الذي يطير وحده دون اصدقاء
في منطقة معزولة عن العالم، ووالده القاسي عليه الرافض ان يكون لـ«كاي» أي
اصدقاء، الى أن تمر على مدينتهم مجموعة من الطيور المختلفة الشكل المنتمية
الى الفصيلة نفسها، فيسعد «كاي»، بل يقوم بدعوتهم الى عشه كي يرتاحوا من
عناء السفر، لكن والده الذي عرف الزائرين يغضب، ويدعوهم الى الرحيل، لكنهم
قبل ذلك يقولون لـ«كاي» عن مدينة اسمها «زامبيزيا» تقع على شلال تحتمل
الجميع وتحبهم سواسية.
في تلك اللحظة، يقرر «كاي» بعد مشاجرة مع والده اللحاق بهم الى تلك
المدينة، في الوقت الذي تظهر فيه أنواع من الطيور المنبوذة من فصيلتها بسبب
شكلها الغريب وفقرها الشديد.
أحبت حلا حسان (خمس سنوات ونصف السنة) الفيلم، وتقول إن «الطائر كاي
كان جميلاً جداً ومضحكاً، وأصر أن يصالح والده في النهاية لأنه يحبه»،
مانحة إياه
10 درجات.
في المقابل، يقول آلان راجي (23
عاماً) إن «الفيلم جميل وفكرته جميلة، لكن التصوير فيه بدائي»، حسب وصفه،
مانحا اياه سبع درجات.
بدورها، تؤكد زينب محمد (18 عاماً) «أن الفيلم يدعو الى السلام
والعدل بين كل البشر، لأن البشر ينتمون الى فصيلة الانسان الواحدة كالصقور
والنسور الذين توحدوا كلهم لأجل شجرتهم الغالية»، مانحة الفيلم تسع درجات.
قانون المدينة
يصل «كاي» الى المدينة بعدما التقى سربا من الطيور قادماً من الهند،
والى جانبه سرب آخر من مصر، يحمل هدية عبارة عن حبوب فاخرة من السودان،
فيسعد «كاي» الذي كان يعيش وحيداً بين كل تلك الوجوه، باختلاف لهجاتها
ولغاتها واشكالها، ويشعر أن وطنه كبير جداً، فيه الكثير من الحب، وداخل تلك
المدينة يوجد قائد كبير السن يوزع المهام عليهم، بين الحراسة والطبخ
والحياكة، وغيرها، فيقرر «كاي» أن ينضم الى الحراسة ويجتاز امتحانها الصعب.
محمد وكرم حافظ (ست واربع سنوات) شعرا بالسعادة الكبيرة بعد مشاهدة
الفيلم، وأحبا فكرة الطيور التي تقف بعضها جنب بعض ضد «الضب» الذي يريد
التخلص منها.
والضب الذي تحدث عنه الطفلان هو «بودرز» الذي يريد الهجوم على مدينة «زامبيزيا»
لينعم بخيراتها هو وفصيلته من الحيوانات، لكنه يفشل دائماً، الى أن يقرر
استغلال طيور «أبوسعن» المنبوذة من قبل مدينة «زامبيزيا»، وزرع الحقد في
قلوبها كي تؤمن له الطريق للوصول الى الطيور الأخرى والقضاء عليها، فيعقد
معها صفقة تمكنه في نهاية الأمر من إقامة جسر يجتاح من خلاله المدينة، بعد
أن يقبض على والد «كاي» رهينة لديه.
القوة
مع كل هذه التفاصيل يكتشف «كاي» السر الذي خبأه والده عنه، بأنه اصلاً
من «زامبيزيا»، لكن بسبب فقدان الزوج لزوجته التي أكلها «الضب» قديماً شعر
بأنه لم يحمها فغادر المدينة حزناً.
يقرر «كاي» الانتقام من الضب لأجل والدته وحزن والده الاسير، وتبدأ
المعركة الحاسمة مع زحف عشرات الضبان، وهنا تكتشف طيور «أبوسعن» أن الضب
خدعها فتنحاز إلى أبناء جلدتها ضده.
وأعجبت (أم عبدالله المزروعي) (40
عاما) التي اصطحبت ابنها (أربع سنوات) معها بفكرة الفيلم «هذا النوع من
الأفلام تصطحب اليه أطفالك وانت مطمئن القلب والبال»، مانحة اياه
10 درجات.
في المقابل، تقول وداد هادي (38
عاماً) إن «الفكرة عبقرية وانسانية، تدعو الجميع الى عدم نبذ المختلف،
وتدعو الى اعطائه الفرصة للاندماج، وهذه فكرة انسانية شاملة تستحق
التقدير»، مانحة الفيلم 10 درجات.
وذهب مؤيد الصاوي (20 عاماً) الذي يدرس الغرافيك الى وصف جمال
الصورة، «الفيلم صوّر بشكل خلاب يخطف الأنفاس، خصوصاً الكاميرا تتحرك مع
الطيور التي تجوب مناطق افريقية غاية بالجمال، عاشها المتفرج لحظة بلحظة»،
مانحاً إياه ثماني درجات.
وتنصح سكينة محمد (47 عاماً)، التي جاءت لمشاهدة الفيلم قبل أن تقرر
اصطحاب ابنائها كي ترى اذا كان مناسباً أم لا، «ان تصطحب العائلات أبناءها
اليه، خصوصاً انهم في وقت الاجازة المدرسية».
وتضيف أن «الفيلم جدير بمناقشته مع أبنائنا، ففيه الكثير من الأفكار
التي تثير عقولهم المملوءة بالتساؤلات والخيالات، وهي فرصة لبناء حوار
بنّاء معهم»، مانحة الفيلم
10 درجات.
لمشاهدة الموضوع بشكل كامل، يرجى
الضغط على هذا الرابط.
الإمارات اليوم في
08/04/2013
جولة بين أفلام الأسبوع
«شر
ميت» على القمة وسبيلبرغ يستعيد ديناصوراته
لندن: محمد رُضا
الاستفتاء الذي عادة ما تقوم به مؤسسات إحصائية أظهر أن رأي الجمهور
في فيلم «شر ميّت»
Evil Dead
كان متدنيا. مجمل الآراء عكست تقديرا تحت الوسط بالنسبة للفيلم الجديد
المأخوذ عن فيلم سابق بنفس العنوان حققه سام رايمي سنة 1981 قبل استلامه
مهام إنجاز حلقات «سبايدر مان».
لكن هذا لم يمنع توافد الجمهور على الفيلم حين افتتح يوم الجمعة
الماضي ليحقق في نهاية الويك - إند الأول ما مجموعه 26 مليون دولار أميركيا
ونحو أربعة ملايين و500 ألف دولار في 21 سوقا خارج الولايات المتحدة وكندا.
يتناول الفيلم قصّة خمسة أفراد لجأوا في رحلة لهم إلى كوخ في الغابة
ليكتشفوا أن الكوخ مسكون وقد يكون بمثابة فخ قاتل. ما ينجلي عنه الفيلم -
الذي قام رايمي بإنتاجه مسلما إخراجه إلى سينمائي جديد هو فيد ألفاريز - هو
تجارة رابحة كون ميزانيّته لم تزد عن أربعة عشر مليون دولار.
هناك فيلم جديد - قديم آخر حط هذا الأسبوع هو «جيروسيك بارك». إنه
فيلم ستيفن سبيلبرغ الذي تم إنتاجه سنة 1994 بنتائج تجارية مذهلة. آنذاك
أنجز الفيلم في افتتاحه أكثر من 18 مليون دولار بقليل إنما حين كان سعر
التذكرة لا يزال خمسة دولارات وليس ضعف المبلغ الذي أصبح عليه الآن.
ميزانيته التي وصلت حينها إلى 63 مليونا، غطّتها أرباح عالمية وصلت إلى 920
مليون دولار معظمها تحقق قبل حصول الفيلم على ثلاثة أوسكارات ومنها قرابة
300 مليون دولار من السوق الأميركية وحدها.
الآن يعاود سبيلبرغ، كونه منتج الفيلم أيضا، طرح الفيلم في السوق
بحلّة جديدة. ليس كإعادة صنع بل كإعادة نظام فهو حول المشروع إلى الأبعاد
الثلاثة تيمنا بالسائد. النتيجة هنا هي أن الفيلم أنجز نحو ثمانية عشر
مليونا في هذا الويك إند وحط رابعا مع علامة استفهام حول حكمة ذلك علما بأن
سعر التذكرة وصل إلى 35 دولار. ما سيحد من أي نجاح تجاري لفيلم الديناصورات
التي تهدد البشرية بالانقراض حقيقة أنه مبرمج للانطلاق على أسطوأنات الدي
في دي في خلال أسبوعين من الآن. بذلك يأتي إطلاقه سينمائيا أقرب ليكون
إعلانا ترويجيا مسبقا لما سيحاول الفيلم إنجازه في مبيعات الوسيط الآخر.
هناك منافسة على المركزين الثاني والثالث بين الفيلم الكرتوني «ذا
كرودز» وفيلم الأكشن «جي آي جو: العقاب» فكلاهما أنجز المركزين الثاني
والثالث بين الفيلم الكرتوني «ذا كرودز» وفيلم الأكشن «جي آي جو: العقاب»
جامعا 21 مليونا والخلاف على مئات الدولارات بينهما. لكن عالميا يتقدّم «ذا
كرودز» على الفيلم المنافس بأشواط كونه حصد 300 مليون دولار حتى الآن وهو
ضعف ما جمعه «جي آي جو: العقاب» عالميا للآن. وهو بذلك ثاني فيلم يحقق هذا
الرقم هذه السنة بعد «أوز العظيم والقوي».
وعلى نطاق محدود (في خمس صالات أميركية فقط) تم عرض فيلم روبرت ردفورد
«الصحبة التي تحتفظ»
The Company You Keep
واستحوذ على 146 ألف دولار منها. ليس بالرقم الذي يؤمّن ظهور الفيلم في سلم
العشرة الأولى، لكنه رقم جيّد كون عروضه محدودة للغاية. الفيلم من بطولة
ردفورد وإخراجه. تشويق ذو رسالة سياسية حول ذلك الناشط السياسي في
السبعينات الذي لجأ للاختفاء لثلاثين سنة تبعا لتهمة لم يرتكبها، والآن يجد
نفسها مطاردا من قبل رجال الإف بي آي ومن الصحافي (شايا لابوف) الذي يسعى
لسبق صحافي.
* في الإعادة إفادة؟
* بوجود فيلمين نابعين، على نحو أو آخر، من الأمس، وهما «شر ميت» و«جيروسيك
بارك»، يستمر لجوء هوليوود إلى تلك الفترة القريبة، نسبيا، لاستحواذ بعض
نجاحاتها وإعادة صياغتها ثم إطلاقها من جديد. في السنوات القليلة الماضية
شهدنا «كونان البربري» و«آرثر» و«الفجر الأحمر» و«كاراتيه كيد» ولو أن ليس
كل الإعادات أنجزت نجاحات تجارية ملموسة. رغم ذلك، فإن أفلام الرعب الحديثة
التي تم استيحاؤها من سينما ذلك العقد كانت أنجح من سواها في هذا المضمار
ومنها «كابوس شارع إيلم» و«الجمعة الثالث عشر» و«ليلة خوف» وانتهاء بـ«شر
ميّت».
المسألة تختلف قليلا بالنسبة لفيلم ستيفن سبيلبرغ «جيروسيك بارك» من
حيث أنه ليس إعادة صنع بل إعادة تقديم، ولو أن سبيلبرغ يتحدّث حاليا عن جزء
رابع من السلسلة سيخرجه كولين تريفوروف وسيتضمن، كما قال سبيلبرغ لمتحدّثيه
خلال معرض للمؤثرات الخاصّة أقيم في لوس أنجليس في الشهر الماضي، ديناصورات
جديدة. هذا يعني - أساسا - ابتكار مخلوقات حتى ولو كانت علاقتها بالتاريخ
واهنة.
أيضا في التجهيز جزء جديد من «ترانسفورمرز» الذي ينتجه سبيلبرغ ويخرجه
مايكل باي وفيلم خيالي علمي آخر يجمع سبيلبرغ لأول مرّة مع المخرج كريستوفر
نولان (صاحب سلسلة «باتمان») عنوانه
Interstellar
مع ماثيو ماكونوفي في البطولة. ويميل سبيلبرغ للرسوم المتحركة في فيلمين
متتابعين: الجزء الثاني من «رن تن تن» مع بيتر جاكسون مخرجا وجزء ثان من
«مَن اتهم روجر رابت» الذي لم يعين مخرجا له بعد.
كل هذه الأفلام التي ستتوالى للعرض من هذا الصيف وحتى نهاية العام
المقبل، هي كما هو ملاحظ من إنتاج سبيلبرغ وليست من إخراجه، ولا علم لأحد
ما المشروع الذي يود هذا السينمائي تحقيقه بعد «لينكولن».
* روجر إيبرت
* على صعيد آخر مختلف تماما، بل ومضاد لسينما تهم الجمهور أكثر مما
ترضي النقاد، أحدث غياب الناقد السينمائي روجر إيبرت عن سبعين سنة من
العمر، يوم الخميس الماضي، حالة حزن إعلامية سادت المواقع والمطبوعات كافة.
على الرغم من أن شركات السينما كانت دائما حذرة من تعاملها معه كونه كان من
بين القلّة الأكثر تأثيرا على القراء، إن لم يكن أكثرها تأثيرا كون الناقد
الراحل امتلك برنامجا تلفزيونيا واسع الإقبال إلى جانب أنه كان الناقد
السينمائي الأول لصحيفة «ذا شيكاغو صن تايمز».
الواقع أن أحدا في تاريخ النقد السينمائي، أينما كان، لم يبلغ شهرة
إيبرت. هناك نقاد مشهورون محليا أو ضمن اللغة التي يكتبون بها، لكن إيبرت
كان جاذبا لملايين القراء شهريا من أركان العالم.
إلى جانب كتاباته أسس مهرجانا سينمائيا باسمه. هذا المهرجان يعقد في
منتصف هذا الشهر دورته الخامسة عشرة في بلدة شامباين ولاية إيلينوي. هذا
العام هناك شخصيات سينمائية مشهودة تحرص على حضور المناسبة من بينهم مدير
التصوير المخضرم هاسكل وكسلر والممثلة تيليا سوينتون والمخرج رتشارد
لينكلتر كما الممثل جاك بلاك.
الشرق الأوسط في
09/04/2013
تحفة سينمائية ترصد مغامرة الرحالة ثور هاريدهل
«كون
تيكي»: النرويجيون أول من اكتشف أميركا!
عبدالستار ناجي
هنالك نوعية من الاعمال السينمائية تحتفي بالانسان والمغامرة
والاكتشاف، بعيدا عن لعلعة الرصاص والخلطة الهوليوودية التي باتت شبه مقررة
تكاد تنتهي الى ذات النتيجة، ولكن في فيلم «كون تيكي» أو «كون تي كي» نحن
أمام تجربة تذهب الى موضوع في غاية الاهمية، ومثير للجدل بل انه يعكس
الكثير من النظريات حول اكتشاف اميركا، سواء تلك التي تقول ان اول
المكتشفين هو «كريستوفر كولومبوس» أو «امريكو فيسبوشي» أو غيرهما.
الفيلم يذهب بنا الى عام 1947 حيث تلك المغامرة الخالدة التي قام بها
الشاب النرويجي «ثور هاريدهل» الذي يقوم بمغامرة استكشافية حيث تلك الرحلة
لأكثر من 4300 ميل بحري، عبر المحيط الهادئ، ومن خلال الطوافة «كون تيكي»
مصنوعة من خشب «البلسا» الشهير في الدول الاسكندنافية والنرويج
على وجه الخصوص.
في عام 1947 تبدأ المغامرة بقيادة ذلك المغامر مع خمسة من اصدقائه
لاثبات حقيقة واحدة هي أن «النرويجيون اول من اكتشف اميركا الجنوبية» حتى
قبل كريستوفر كولومبوس حيث تستقر تلك الطوافة على الجزر البولينزية في
اميركا الجنوبية.
رحلة مقرونة بالتعب والتحدي والارادة، خصوصا، بعد الحصول على تمويل
الرحلة من خلال القروض والتبرعات، لتنطلق رحلة التحدي تلك على مدى 101 يوم
حبلى بالحكايات والمغامرات والبطولة والتضحية وعلى مدى 8000 كيلو متر هي
عبارة عن مخاضات وعلاقات كلها عصفت الريح.. والموج ترسخت وتأكدت.
تعاون على اخراج الفيلم الثلاثي يواكيم روننج واسين ساندبرج، معتمدين
سيناريو رائع صاغه بيتر سكافلان وآلان سكوت الذي تفرغ للاستشارة في موضوع
في غاية من الاهمية.
حينما تذهب الى هكذا نوعية من الاعمال السينمائية عليك أن تعرف بأن كل
الحرفيات تستخدم من أجل ايصال الفكرة والقضية بينما يتم العكس في النسبة
الاكبر من افلام هوليوود، حيث يتم تسخير كل شيء من أجل فرد العضلات..
والتأكيد على أن المغامرة والتقنيات هي الأهم.
في فيلم «كون تيكي» كمية من المشهديات المقرونة بالمغامرة التي تحبس
الانفاس، بالذات مشاهد الحيتان.. ومواجهة اسماك القرش التي لا ترحم..
والموج.. وايضا المصاعب التي حينما تنفتح أبوابها فإنها لا تنتهي.
وفيلم يصل الى تلك الحقيقة التي يؤكد عليها اهل النرويج بأنهم أول من
اكتشف اميركا.
يتألق في الفيلم بدور «ثور» النجم يال سفيري هاغن الذي يذكرنا بشباب
النجم البريطاني القدير بيتر اوتول، حيث تلك الاطلالة الاسكندنافية والقامة
الطويلة الباسقة والعينين الزرقاوتين والحضور السينمائي وايضا عمق الاداء
في التقمص.. والتطور في الشخصية، خصوصا، وأن الشخصية المحورية تمر بمراحل
وفترات ومحطات سخية.. تمنح مقدمها فرصة لابراز قدراته.. وهذا ما تسنى ليال
سفيري هاغن.
أهمية هذه التجربة، إنها تأتي من شخصيات اعتيادية تقليدية، فأغلبهم
هواة.. وليسوا بالبحارة المحترفين، حتى أن الشخصية الرئيسة (ثور) لا يجيد
السباحة وهذا ما يورطه في كثير من المشهديات التي تحمل المغامرة الصريحة.
الفيلم تم تقييمه لمن هم فوق 13 عاما بسبب كثرة مشاهد العنف في مواجهة
المأزق.. من أمواج.. وتحديات بالذات في مواجهة سمك القرش المفترس.
صور الفيلم بين المملكة المتحدة والنرويج والدانمارك والسويد.. وهو
يمثل احتفاء حقيقيا بالدول الاسكندنافية ورجالاتها الافذاذ الذين تحدوا
المستحيل من اجل اثبات تلك النظرية التي تشير الى اكتشاف اجدادهم لاميركا
الجنوبية.
في الفيلم حوارات بالانكليزية والنرويجية والفرنسية والسويدية وقد
تكلف انتاجه 16 مليون دولار، ويتوقع أن يحصد اضعافها.. لأنه فيلم يذهب الى
القيم الحقيقية.. حيث التحدي من اجل قيمة وحقيقة ومبدأ.
لا أطيل...
كل ما نقوله.. اننا أمام فيلم كبير يستحق المشاهدة اذا ما تأمنت
الفرصة الحقيقية لمشاهدته.
anaji_kuwait@hotmail.com
النهار الكويتية في
09/04/2013
«بسايكو»
لألفريد هتشكوك:
المبدع يتلاعب بجمهوره
إبراهيم العريس
من جديد، وربما من دون مقدمات ايضاً، عاد الى الواجهة السينمائية خلال
الأسابيع الأخيرة واحد من افضل وأقوى أفلام المخرج الأميركي الراحل ألفريد
هتشكوك، ونعني به طبعاً، «بسايكو». اما ما أطلق شرارة عودة هذا الفيلم،
فكان فيلم «هتشكوك» الذي عرض خلال الحقبة الفائتة ويتحدث تحديداً عن
الأسابيع التي اشتغل فيها المخرج الكبير على تحقيق ذلك الفيلم. لقد قلنا ان
«بسايكو» عاد الى الواجهة، بيد ان هذا الكلام ليس دقيقاً. فالحقيقة ان هذا
الفيلم لم يغب ابداً عن ذاكرة المتفرجين ولا عن استشهادات الباحثين طالما
نعرف انه يعتبر فيلم الرعب السينمائي بامتياز، حيث لا يفوت اية قائمة توضع
لأقوى افلام الرعب في تاريخ الفن السابع، ان تضعه في مكانة متقدمة، حتى وإن
كان هذا لا يعني انه، بين افلام هتشكوك نفسه، يحتل المكانة الأولى بين
أفلام هذا الأخير ولا سيما في قوائم افضل الأفلام في تاريخ السينما... فهذه
المكانة محفوظة دائماً لفيلم آخر من هتشكوك هو «فرتيغو» الذي قفز هذا العقد
ليحتل المكانة الأولى ليس في سينما صاحبه فقط، بل في مجمل الإنتاج
السينمائي العالمي وفق استفتاء مجلة «سايت إند صاوند» الإنكليزية المرموقة.
أما «بسايكو» فله مكانة أخرى في تاريخ سينما الرعب ولكن ايضاً في مسيرة
هتشكوك نفسه. وربما لا نكون مبالغين إن نحن قلنا انه الفيلم الذي دُرس
وكُتب عنه اكثر من اي فيلم آخر في تاريخ هذا الفن. والكتابة عنه تتناوله
عادة من جوانب عدة قد تبدأ بتعبيره عن العلاقة بين التحليل السيكولوجي
والسينما، ولا تنتهي بدراسة علاقة الفيلم بالفن التشكيلي ولا سيما ببعض
لوحات إدوارد هوبر. أما السؤال الذي يشغل البال عادة فهو يتعلق بمعرفة ما
إذا كان هتشكوك مدركاً وهو يحقق فيلمه هذا، جوهر تلك العلاقات التي تربطه
بأبعاد فرويدية او تشكلية الى آخر ما هنالك؟
>
في الحقيقة، ان الذين يراجعون ما قاله هتشكوك دائماً في
احاديثه حول سينماه في شكل عام وحول هذا الفيلم في شكل خاص – ولا سيما في
إجاباته المستفيضة عن الأسئلة التي طرحها عليه زميله الفرنسي فرانسوا تروفو
والتي اسفرت عن كتاب حوارات بين الإثنين يعتبر من اشهر الكتب في تاريخ
الكتابة عن السينما -، سيقعون في حيرة بالنظر الى ان هتشكوك يبدو دائماً في
إجاباته، غير مهتم كثيراً بالتحليلات العميقة التي اشتغل عليها النقاد
والباحثون في ما يتعلق بسينماه... ومن البديهي ان نقول هنا ان هذا الشيء
طبيعي طالما اننا نقرّ عادة بأن مهمة الفنان الحقيقي ان ينتج فنه وعلى
الآخرين عبء التحليل ولهم ربما لذته ايضاً. وفي مجال هذا التحليل، كان نصيب
«بسايكو» كبيراً كما اشرنا. فما هو هذا الفيلم الذي حققه هتشكوك في عام
1960 واضطر الى ان يموله بنفسه على رغم ان تلك المرحلة من مساره المهني
كانت من انجح مراحله؟ فالواقع ان «بسايكو» اتى مباشرة بعد «شمالاً بشمال
غرب» وقبل «العصافير»، ونعرف ان هذين الفيلمين كانا ولا يزالان من انجح ما
حققه هتشكوك، جماهيرياً على الأقل.. ومع هذا، فإن الأستديوات رفضت المراهنة
على تلك الحكاية الإجرامية النفسية التي اراد معلم الرعب تحقيقها منذ
اللحظة التي وقع فيها بين يديه كتاب الروائي البوليسي روبرت بلوك... وهو
كتاب وضعه هذا الأخير اقتباساً من واقعة حقيقية كانت حدثت قبل سنوات و
«بطلها» مجرم قتل الكثير من الأشخاص...
>
الحال اننا إذا راجعنا اليوم حكاية ذلك المجرم الحقيقي إد غين
وحكاية جرائمه، لن نجد الكثير يجمع بينها وبين حكاية الفيلم، حتى وإن كان
الأساس واحداً... ذلك ان هتشكوك وكاتب السيناريو الذي اشتغل معه على الفيلم
جوزف ستيفانو، استحوذا تماماً على الحبكة الحقيقية ليحوّلاها شيئاً آخر.
وهتشكوك عبّر عن هذا مرات عدة قائلاً: «في «بسايكو»، لم أهتم كثيراً
بالموضوع ولا بالشخصيات، كان ما اهتممت به في شكل خاص، ذلك التجميع لعناصر
الفيلم: التصوير، شريط الصوت وكل ما هو تقني... اي كل تلك العناصر التي
كانت، في نظري، قادرة على دفع الجمهور الى الصراخ. فأنا اعتقد دائماً ان من
المفرح جداً لنا، نحن معشر السينمائيين، استخدام فننا لخلق إثارة لدى
الجمهور... وقد حققنا هذا في «بسايكو» الذي لم نحمّله اية رسالة ولم نخبئ
فيه تفسيراً كان من شأنه ان يحدث هزة ما... بل ولا حتى رواية كبيرة تأسر
هذا الجمهور. في يقيني ان ما هزّ الجمهور انما هو كون الفيلم سينمائياً
خالصاً ومتكاملاً». ونحن بالطبع، لو شاهدنا هذا الفيلم مرات ومرات، لن يكون
في امكاننا ان نكذّب ما يقوله صاحبه...
>
ومع هذا، ثمة حكاية في الفيلم طبعاً. وفي الفيلم شخصيات عدة:
والحكاية هي حكاية ماريون الحسناء التي تختلس من مكان عملها اربعين ألف
دولار وتهرب بها لتصل الى نزل تستريح فيه على طريق هربها. في النزل لا نرى
نزلاء غيرها. بل ليس هناك من عمال فيه سوى نورمان الشاب صاحب النزل الذي
يستقبلها بلطف سرعان ما نكتشف انه لطف مزيف ولا سيما حين يتلصص عليها وهي
تتعرى في غرفتها... غير ان الأسوأ سيحدث لاحقاً حين يقتل نورمان ماريون
فيما كانت تستحم بطعنات سكين وزعها هتشكوك على عشرات اللقطات المرعبة
المقطعة التي ستصبح الأشهر في تاريخ الفن السابع... إثر هذا وبالتوازي مع
انشغال بال حبيب ماريون وشقيقتها بسبب غيابها غير المبرر ما يوصلهما الى
النزل، سنجدنا في قلب مشاهد تجمع نورمان بأمه العجوز في غرفة جانبية حيث
سنفاجأ به وهو يلوم الأم على قتلها العنيف للنزيلة الشابة. وهذا كله إن كان
يشغل النصف الأول من الفيلم، سيخلي المكان في النصف الثاني لسلسلة مشاهد
تتضمن جرائم اخرى ولحظات رعب وتحقيق ومواجهات ستنتهي بنا كما نعرف الى
ادراك ان ليس ثمة وجود فعلي لأم نورمان. فالأم ميتة، اما القاتل – والذي
سنعرف اخيراً ان قَتْلَ ماريون لم يكن جريمته الأولى -، فهو نورمان الذي
اعتاد ان يتزيا بثياب امه لارتكاب جرائمه... وهي اولاً وأخيراً جرائم
سيكولوجية الدوافع – ومن هنا عنوان الفيلم -... وكما يحدث عادة في مثل هذا
النوع من الأفلام سوف لن ينكشف هذا كله سوى في الدقائق الأخيرة من الفيلم
وبعد ان يكون المشاهد قد وصل الى اقصى درجات الرعب... اما الرعب فإنه لا
ينتج هنا عن عدم معرفتنا بالقاتل. فالمتفرج يدرك هوية القاتل باكراً أو
يخمّنها على الأقل، غير ان المشكلة تبقى في غموض دور الأم في الجرائم،
ولسوف يظل هذا الغموض قائماً حتى النهاية... ولكن في التوازي مع عنصر آخر
اشتغل عليه هتشكوك هنا وأوصله الى ذروته، وهذا العنصر هو ما ينعكس خلال
المشاهد التالية لوصول ماريون الى النزل في ذلك التماهي الغامض بين المشاهد
ونورمان. وهو تماهٍ سيظل قائماً يُشعر المتفرج بتعب ضميره إزاء ما يفعل حتى
اللحظة التي ينكشف فيها نورمان بوصفه هو، لا أمه، القاتل الحقيقي... إذ في
تلك اللحظة بالذات، وكما اراد هتشكوك تماماً، يتمكن المشاهد من ان يتحرر من
ذلك العقاب الداخلي الذي فرضه عليه المخرج مقابل جريمة التلصص التي كان
شارك نورمان في ارتكابها.
>
والحال ان هذا الاشتغال الهتشكوكي على ذهنية المتفرج كما على
أعصابه، يمكن اعتباره من اهم العناصر التي اعطت هذا الفيلم قوته. بل انه
ادى في طريقه الى اعادة النظر في الكثير من المسلّمات التي كانت قد ترسخت
ازاء سينما هتشكوك قبل ذلك. باختصار: منذ «سايكو» لم تعد العلاقة بين سينما
هتشكوك وجمهور هذه السينما هي نفسها... لينكشف هتشكوك ساحراً سينمائياً
حقيقياً يهمه اكثر ما يهمه في افلامه ان يتلاعب بمتفرجيه وفي شكل لم يكن
ثمة سابق له في تاريخ الفن السابع.
>
ونعرف ان ألفريد هتشكوك (1899-1980) انكليزي الأصل حقق أول
افلامه في بلده قبل ان ينتقل الى هوليوود حيث استكمل مساراً سينمائياً حفل
بنحو خمسين فيلماً يعتبر بعضها من اروع ما قدمته الشاشة الكبيرة الى
جمهورها. وهو يعتبر حتى اليوم بعد ثلث قرن من رحيله، واحداً من اعظم
المخرجين في تاريخ السينما، ناهيك بإنجازاته المبدعة للشاشات الصغيرة. ومن
بين روائعه، الى ما ذكرنا، «مارني» و «النافذة الخلفية» و «غريبان في قطار»
و«اني اعترف» و «خابر م للجريمة» و «الستار الممزق» و «ريبيكا» وعشرات
غيرها...
alariss@alhayat.com
الحياة اللندنية في
09/04/2013 |