حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

عادل سرحان يسخّف قضية المرأة في أضحوكة سينمائية!

هوفيك حبشيان

 

النيات حسنة. الامكانات مقبولة. الاصرار موجود. لكن عادل سرحان يحمل قضية نبيلة، هي تعنيف المرأة، الى اقرب قبر ويطمرها فيه، اذ لا ينفك الفيلم ينقلب على نفسه، بعد دقائق من انطلاقته المدوية، فيصبح دعاية مضادة

يصعب تصنيف هذا الشيء الذي يتحرك أمامنا على الشاشة، لأن ابسط قواعد السينما معدومة فيه. اذا قارنّا سرحان بنادين لبكي، فالأخيرة تستحق جائزة "أوسكار"، وربما "السعفة الذهب"! سينما هذا المخرج الذي تدرّب على صناعة الصورة وهو ينجز فيديو كليبات لمجموعة من المغنين العرب، فارغة من أي تطاول او طموح. انها تسلسل من المشاهد التي تنبذ كل علاقة بالزمن السينمائي: مشاهد متقاربة قسرياً ومتباعدة عفوياً. مشاهد عبقرية في قدرتها على ان تقول الشيء وعكسه في غضون ثانيتين او ثلاث. نوع من سَلطة سوداء غير قادرة على الاقناع ولا تدفع الى التفكير، بل الى الهزء والسخرية.

معظم الذين يشقّون طريقهم نحو الشهرة في عالم الأغاني المصوّرة، تبقى السينما حرقة في قلوبهم. سرحان واحد من هؤلاء. فهو عرف التكريس، لكن في ماذا؟ في باقة من الصور الدعائية والمملة لأغنيات تقول عموميات في الحبّ والوجود. ما من شيء أشدّ إضراراً بمخرج من الفنّ الهابط. قبل نحو سنتين، جاءنا سرحان بفيلم اسمه "خلة وردة"، لكنّ النتيجة كانت كارثية. اليوم، مع "بيترويت" (كلمة تجمع بين بيروت وديترويت، حيث تجري الاحداث في كلا المدينتين)، يبدو هذا المخرج كطفل يلهو مع لعبة. لكن لعبة لا تبقى في يده طويلاً

الموضوع بسيط: سيدة لبنانية (دارين حمزة)، تعاني من رجولة زوجها الزائدة (حسن فرحات) وتتحمل سفالته وجنونه. هذا الرجل المتوحش يضربها ويعنفها ويذلها، ولا يليق به الا المصحّ، اذ انه يتعاطى الكحول ويهمل عائلته. ومذ لحق بها، ذات ليلة في احياء العاصمة لإعادتها الى المنزل، قررت ان تهرب مع ابنتها الصغيرة الى خارج البلاد. لكن غاب عن بالها انها تابعة لنظام بطريركي حيث الكلمة الأخيرة للرجل. من الجانب الآخر للكرة الأرضية، تحديداً في ديترويت، شاب لبناني الاصل متزوج من أميركية. يسيء معاملتها، فيقع في يد الشرطة التي تشترط عليه البقاء على مسافة من المنزل. امام هذا الواقع، لا يبقى أمامه الا العودة الى أرض الأسلاف، منحني الرأس ومكسور الخاطر. رسالة الفيلم لا تحمل لبساً: لا تعنِّفوا نساءكم، ولو بإسم الدين. لمَن لن يسمع ولن يبالي، سيوضح سرحان الغايات السامية بنفسه في كلمة الافتتاح، وسيعيد الفيلم تكرارها، تكراراً مباشراً، غير مرة!

المعضلة الاخلاقية الاولى للفيلم كامنة في كيفية اقتراحه للشخصيات: الرجل حشاشٌ وتافه وسلوكه منحطّ. المرأة الأميركية التي ستحظى بحضانة الطفل من زوجها اللبناني، في بلد يصون حقّ المرأة، طموحة وواثقة من نفسها ومدركة حقوقها. النحو الذي يقدَّمان فيه للمشاهد، يجعلنا نعتقد بأن مشكلة المخرج هي مع شخصيات كهذه، إما عدائية في حبها للوصول وإما فاشية في ادراكها للفشل. في حال شخصية حسن فرحات، هناك مبالغة كاسرة لا تخدم فكرة الفيلم: كأن ثمة نية للقول ان الذي يعنّف الآخر، في لبنان وخارجه، لا يمكن ان يكون شخصاً عادياً، يلبس قميصاً ابيض ويذهب الى عمله صباحاً، وليس بالضرورة وحشاً، او ميكانيكياً يستهلك كل قواه الصوتية، كما ورد هنا في الفيلم. فهذا المنحى التضخيمي يعبّر عن فشل الفيلم في تطوير لغة سينمائية مرهفة، لأن كل شيء هنا يسلك درب الغلاظة، فيجري التعبير عنه خارجياً وليس باطنيا أو بسيكولوجياً. هذا الشريط، الرثّ شكلاً ومعالجة، يترك فينا الاحساس بأنه يدافع عن حقوق المرأة في لبنان لكنه يتعالى عليها في الولايات المتحدة، او على الأقل لا ينسجم مع اطارها الثقافي. فعندما تتمرد المرأة على الرجل في ديترويت (المدينة التي لا نرى منها شيئاً) نرى لاوعي الفيلم يدين طموح المرأة، لا بل ينحاز الى الرجل الشرقي، الغارق في قناعاته ومبادئه المحنطة والعصية على كل محاولة للتحديث. الفيلم يعطيه الحقّ في الافصاح عن رأيه، ويتبنى وجهة نظره ورواياته الأحادية، اما هي فمستبعَدة حتى اشعار آخر. كلام سفيه سيصدر منه قريباً، نطّلع عليه في رسالة موجهة الى الزوجة مفادها ان لبنان أعظم بلد في العالم، وهو مصدر الحضارة والاخلاق أو ما شابه ذلك، الى ما هنالك من تخريفات شوفينية. على سرحان أن يخجل من تأليف هذيان كهذا، حتى لو نسبه الى الشخصية

بيد ان هذا كله ليس شيئا أمام الطريقة التي تتجسد فيها الاحداث. لا يعرف سرحان استخدام الزمن السينمائي. مونتاجه فيديوكليبي وحركته سريعة لا تدع اللقطات تقيم حواراً في ما بينها. لا تتيح لها التمعن في الاوكسيجين. بعض هذه اللقطات ليست أكثر من منصة لإمرار أغنية. أما كادراته، ولا سيما اللقطة واللقطة المقابلة، فقبيحة قبحاً لافتاً، ومرتبكة. كأن المصوّر تعمّد التقاط الحدث من زاويته الأسوأ. من ناحية أخرى، فإن الافراط في استعمال المؤثرات البصرية والصوتية، يسخف خطاب الفيلم ويساهم في صرف النظر عنه. مع تسارع وتيرة المواقف المفتعلة التي نتابعها على الشاشة، يفقد الموضوع هيبته ويتحول الى جثة ينبغي دفنها بأسرع ما يمكن، خشية ان تنبعث منها روائح العفن

لا يساهم التمثيل الرديء للممثلين في المحافظة على شيء من الشعار المرفوع والكرامة السينمائية. هؤلاء كمن جاؤوا ليسمّعوا درساً صباح الاثنين. نتيجة هذا كله، يصبح العنف الأسري مجرد هواية على الطريقة اللبنانية، تعود اليها الشخصية التي تضطلع بها دارين حمزة اثر قيلولة بعد الظهر وقبل تقليم الاظفار. حمزة غائبة تماماً في الفيلم، وإن حضرت جسدياً. لا صوت لها ولا صورة، وذهنها شارد تماماً. هي مجرد لون يخربش عليه المخرج فيلمه. الفعل في مكان، وردّ فعل حمزة في مكان آخر. لا نصدّق لحظةً انها امرأة معنّفة. ناهيك بالدسّ المضحك للحوارات بين الزوج والزوجة (ــ "ما عنّا بيض؟" ـــ "ليه، شو بها المجدرة"؟). نحن امام مولود مريضٌ بمئة علة وعلة، تشوبه مبالغات وتفخيم موسيقي على طريقة أسوأ المسلسلات المصرية. لكن الأكثر وضاعة وفّره الفيلم للختام: هجوم أمني مسلح على المبنى الذي يقيم فيه الزوج. سرحان صدّق فعلاً ان لبنان سويسرا الشرق. لن نروي لكم ماذا يحصل هناك خشية افساد المفاجأة عليكم. لكن ما سترونه يتجاوز كلّ حد

hauvick.habechian@annahar.com.lb

¶ Betroit - بدءا من الأربعاء المقبل في صالات بيروت

فضيحة نقابة السينمائيين في الأونيسكو:

مستحضرات تجميل وتأجير سيارات

في مطلع هذا الاسبوع، تجددت فصول الفضيحة المرتبطة بنقابة السينمائيين في بيروت: لا يمكن المرء أن يتخيل القيم الثقافية والفنية التي يحملها ما بات يُعرف في زمن العجائب هذا بـ"المهرجان اللبناني للسينما والتلفزيون"، اذا لم يطأ قصر الأونيسكو بين الرابع والسادس من آذار. فهذا الحدث ــ الفضيحة الذي تنظمه نقابة السينمائيين الشهيرة في مثل هذا الشهر من كل عام، شتيمة لفنّ الشاشة الذي يسعى بعضهم للارتقاء به الى مستويات دولية. وها آخرون ينزلون به الى القعر، لا بل ألى أسفل سافلين.

في افتتاح هذا المهرجان الكافكاوي الذي انطلق بعد ظهر الرابع من آذار، ألقى نقيب السينمائيين صبحي سيف الدين خطاباً قصيراً أمام حفنة من المهتمين لا يتجاوز عددهم الـ50 شخصاً. كلام معلّب أُمطر به الحاضرين، وخطاب يترجح بين الكلام العام والكليشيهات، سبقه غناء تراثي من الزمن القديم. طبل وزمر والتقاط صور وصناعة بعض الضجيج في أرجاء القصر الذي بات يتفتت. هذه ليست المرة الاولى تبتهج فيها النقابة لحدث شكليّ سخيف، فتخرج من غيبوبتها لتدعو "نادي الهواة" الخاص بها الى حفل لتوزيع البروشورات على المدعوين. لكن هذه النقابة التي لم يعد عندها ما تبيعه الا الثرثرة، بلغت اليوم مرتبة من المسخرة لم يعد من الممكن السكوت عنها وقبولها.

في الواقع، لم يعد السينما والتلفزيون سوى ذريعة لعرض منتوجات والترويج لها. هكذا بدا المشهد في الأونيسكو: معرض لمستحضرات التجميل وتأجير السيارات وآلات الطباعة وتصفيف الشعر. عروس ترتدي فستاناً ابيض رأيناها جالسة في وسط الصالة امام ملتقطي الصور بالهواتف المحمولة. نساء صالونات يرتدين تنانير مفرقعة اللون يراقصن مؤخراتهن في باحة الأونيسكو، وبعض مصوري الصحافة الصفراء يصوّرون كل ما يمشي على ساقين!

في الصالة نفسها، عُرضت افلام طالبية قصيرة ووثائقيات لا احد بدا مهتماً بها. في زاوية أخرى، ملصقات أفلام من ستينات القرن الماضي وسبعيناته. على مدخل الباب، اعلانات لـ"تيفال" ومنتوجات أخرى، جعلت الأونيسكو تبدو كسوق الحميدية. وفي حين كانت الصور تتحرك على الشاشة وحفنة من المتابعين أمامها، رأينا شاباً يوزع بروشورات لشركة تتولى تنظيم زفة للأعراس. لم يكن يبالي بتركيز المشاهدين. ومثله كثيرون كانوا هنا، لا احد يعرف لماذا. هم أنفسهم يجهلون ما الذي اتى بهم الى هنا. سألتُ صبية وظّفتها شركة كمندوبة للتحدث عن العلاقة بين هذا الحدث وتطوير برامج الكومبيوتر الذي كانت تروّج له، عما يجري، متظاهراً أنني لا اعرف ما الذي يحصل هنا. فجاء ردّها صاخباً: "ما عندي فكرة، بعتقد انو هيدا معرض فنانين او هيك شي. أنا ما عندي هواية الـMovie".

تسنى لي الحديث مع احد الحراس، فأبدى استغرابه قائلاً: "هيدا كله تجليطة. ليتهم يوزعون الأموال المرمية على هذا الحدث الفارغ على الفقراء. أليس من الأفضل فعل ذلك؟". اما في الخارج، فمشهد سوريالي آخر: ممثل عائد من زمن البناطيل الواسعة، يتحدث الى قناة تلفزيونية، فيما الحافلة التي من المفترض ان تقل بعض الشخصيات في انتظاره

هذه النقابة التي سبق ان كرمت، قبل سنوات، "فناني" الكليبات وصانعي الدعايات في سهرة ادّعى القائمون عليها أنها تحرص على مصلحة السينما في لبنان، نموذجٌ للأنظمة العربية التي كانت تعيش، حتى الأمس القريب، خارج الزمان والمكان، ولا تعير اهتماماً للأسئلة الحقيقية المتراكمة. واقعها لا يعكس واقع السينما اللبنانية ولا هواجسها. هي في عالم والسينما في عالم آخر. فمن يتجرأ على اسقاطها؟ 

نديم تابت:

أتمنى لو لم أكن مسكوناً بالسينما

هـ. ح.

في 22 دقيقة يحملنا نديم تابت الى أواخر الخمسينات اللبنانية. "يوم في 1959"، فيلمه الجديد، إخراجاً وتأليفاً وإنتاجاً، المصوّر بكاميرا 8 ملم، يتابع مغامرة حبيبين يذهبان الى بيكنيك على ضفة نهر. وفي طريقهما الى المكان يقلان معهما شاباً. هناك يواجهان قسوة المصير. عُرض الشريط في أماكن عدة، منها بيروت والدوحة، وهو ليس الأول لمخرجه الثلاثيني الشاب. تابت، اللبناني المولد والفرنسي الاقامة، هو أحد مؤسسي "مهرجان الفيلم اللبناني"، سينيفيليّ من القماشة النادرة، له صفحة La Dvdtheque Virtuelle  على موقع "فايسبوك" حيث ينشر مقاطع من افلام تنمّ عن إلمام عميق بالفن السابع. في الآتي، لقاء مع مخرج يتمنى لو لم تسكنه السينما!

·        ¶ …

- أحبّ براين دو بالما في سبعينات القرن الماضي وثمانيناته. افلام مثل "بلو آوت" و"فوري". أحببت ايضاً "منقح" في السنوات الأخيرة: هناك خطاب عصري جداً، انها حكايات مشابهة لما نراه في "ضحايا الحرب".

·        ما لم يعجبني عنده في السنوات الأخيرة هو "الداليا السوداء".

- كما سبق وقلت هؤلاء سينمائيو يوم الأحد. أضم اليهم هيتشكوك وفريتس لانغ. ليس بالمعنى السلبي. فهؤلاء يمكن مشاهدة افلامهم واحداً تلو الآخر من دون أي احساس بالملل. يمكنني مشاهدة خمسة أفلام لهيتشكوك دفعة واحدة، في المقابل سينمائي مثل تاركوفسكي، على رغم انني اعشقه، عليك ان تنتظر بضعة أشهر قبل ان تشاهد فيلماً آخر له. فهو يملأك من الداخل.

·        أخيراً، شاهدتُ "السرّ خلف الباب" لفريتس لانغ...

- هذا فيلم طفولتي. عندما كنتُ صغيراً كنت أحاول كشف النقاب عن هوية الشيء الذي كان يمكن ان يختبئ خلف الباب.

·        هناك مقابلة اجراها وليام فريدكين مع لانغ على موقع "يوتيوب". هل تعرفها؟

- بالطبع. لانغ هو واحد من السينمائيين المفضلين عندي. خصوصاً ان مواضيعه تمسّني: الاخلاق، الجريمة، الذنب. هذا كله يعنيني.

·        أخبرني الآن عن "يوم في 1959".

- ثلاثة مواضيع تشكل هواجس عندي. هذا الفيلم يدخل في واحد من الهواجس الثلاثة. أهتم كثيراً بالمراهقين. وبكل ما يتعلق بالتركة التي يتركها جيلٌ للآخر. الفيلم الروائي الطويل الذي أحلم به واعمل عليه منذ سنوات، يحكي عن المرحلة الممتدة من الأربعينات الى الآن. أريد ان اعرف ماذا بقي من جدّك فيك. الصورة الاولى من الفيلم في ذهني هي صورة جدّي مع الغليون في فمه، وينتهي مع ابنة حفيدته وهي تقدم حفل روك في وسط بيروت عام 2012. ما الذي نكتشفه بين هاتين اللحظتين؟

·        كيف تأتيك المشاهد عموماً؟ دفعة واحدة؟ هل هي صور ذهنية؟

- كل السينمائيين الذين يهمّني أمرهم حلموا أفلامهم. لا أميل الى السينمائيين الذين يبدو واضحاً انهم ينفّذون سيناريو. شاهدْ فيلماً لوانغ كار واي ترَ قزماً يجتاز الكادر. هذا يجعلك على يقين بأن هناك شيئا ما جاء نتيجة هلوسة ما. الشيء نفسه بالنسبة إلى غاس فان سانت (...). اميل الى المخيلة الجماعية. هناك جملة لا أعرف لمن انسبها لكنها "دوبورية" بامتياز (نسبة الى غي دوبور، كاتب ومخرج فرنسي 1931 ـــ 1994)، وقد يكون صاحبها من الفنانين الحداثيين. الجملة: الآن، وقد بتنا نعرف كل شيء عن الكوكب ولم يعد مجدياً السفر، يبقى ان نتجه لاستكشاف المخيلة. لهذا اردت العمل على فلوبير مثلاً. عندي مشروع عن جدّي في الاربعينات. هذا يعني اننا سنرى جولة صيد واننا سنذهب الى وسط اجتماعي بورجوازي معيّن. هناك ثلاثة اجزاء: الصيد، الغابة وفي الـ75 هناك جولة بالقارب. امس بعد عرض "يوم في 1959"، قالت لي الصديقة لميا جريج ان مشاهد فيلمي ذكّرتها بما تحفظه عن جدّيها. هذا اسعدني كثيراً لأن هذا هو هدف الفيلم: إستعادة هذه المخيلة. طبعاً، استندتُ الى صور من تلك المرحلة أكثر مما استندتُ الى افلام. ولكن فيلماً مثل "جولة في القرية" لرونوار ظلّ المرجع المطلق

·        بالنسبة اليك، ما الفرق بين اعادة بناء الذاكرة فيلمياً والاكتفاء بالتقاط ما امامك؟

- اشعر انني مقسومٌ بين الاثنين. في النهاية أسأل نفسي على غرار الكثير من السينمائيين: ما الفنّ؟ هو ان تكون مسكوناً بالصور. انا مسكونٌ بهذه الصور في مكان ما من اللاوعي الخاص بي، حتى وإن لم أعش في لبنان كثيراً، لكنه صنع مخيلتي. ما أحبّ في الجانب ما بعد الحداثوي لليوتار، هو اعادة قراءة الأشياء كسبيل للإرتقاء بالفنّ. كوني مهتماً كثيراً بفريتس لانغ، أدرجتُ في "يوم في 1959" هذه الجريمة. كلني رغبة في أن أذهب أكثر فأكثر في هذا الاتجاه. مسألة الأخلاق مثلاً. فيلمي عن جدّي يدور في هذا الفلك، في فلك اليمين المسيحي، أي الكتائب اللبنانية، وأعترف إني ربما لهذا السبب لم أنل أي تمويل من العالم العربي. اعترف انني احبّ استفزاز الجمهور بهذه المسائل. أحبّ ان ادرج الحكاية على ارض ملتبسة لأدفع المشاهد الى التساؤل: كيف أجد نفسي في هذه الشخصيات؟ 

·     اعتقد انك في "يوم في 1959"، اكثر اهتماماً بالسينما منك بالواقع. على الاقل، الواقع من خلال السينما!

- نعم، وهذا ما قلته لك للتوّ، وهذا صحيح! عندما نبحث في ارشيف مرحلة سابقة من تاريخ لبنان، نكتشف انها صور البورجوازية. انها مشاهد التقطت بالـ"سوبر 8" الخ. اليوم، الأرشيف سيكون موزعاً طبقياً، لأن الجميع يملك كاميرات.

·        هل ثمة كادر بورجوازي؟

- (ضحك) ربما. لا اعرف، قد يكون ثمة حساسية بورجوازية

·        في نقلك للخمسينات، ألم تكن لديك هموم في جعل الأشياء اكثر دقة؟

- ليس كثيراً. السينما ليست الحقيقة، انها زيارة لفكرة الحقيقة، الأمر اشبه بأن تزور المتحف: فأنت تزور الحقيقة لكنك لست فيها. من يأبه بمعرفة التفاصيل عن الراديو القديم الذي نراه في الفيلم؟ انه راديو قديم فحسب. على كل حال، لم يكن عندي امكانات تتيح لي ان اكون أكثر دقة.

·     عندما يتحول المرء الى مخرج، الا يبحث أحياناً عن تلك المشاعر الاولى التي مرّ بها عندما كان مشاهداً عادياً؟

- أحياناً أشاهد أفلاماً مع أصدقاء لي منتجين. أخرج من الفيلم مندهشاً، في حين ينتقدون الفيلم من وجهة نظر محض انتاجية. يقولون ان تلك السيارة بدت من زمن آخر غير زمن الفيلم، الخ. لا أعرف ماذا يكون عادة جواب السينمائيين عندما تطرح عليهم هذا السؤال، لكن أنا نظرتي فعلاً بريئة (...). 

·        بين متعة المشاهدة ومتعة الصناعة، أيهما تفضّل؟

- أوزع المفاضلة بينهما بشكل متساوٍ. لكن متعة الانجاز أكثر الحاحاً وضرورة. ان أنجز أفلاماً بات مسألة حياة أو موت. أما المشاهدة فأشبه باحتساء كأس خمر. أتمنى فعلاً، وبلا ادعاء، لو لم أكن مسكوناً بالسينما. يأخذنا هذا الى استذكار سينمائي مثل سادربرغ الذي يقول دائماً انه سيعتزل، ثم يعود عن قراره. هناك آخر أفهمه جيداً هو بيلا تار. أفهمه لأنه ماذا يمكن السينمائي أن يصنع بعد فيلم مثل "حصان تورينو"؟! تار ختم فيلمه هذا بشمعة. ستنطفئ الشمعة ونبقى في العتمة. وما السينما سوى كادر وضوء؟ أي فيلم تريده أن يخرج بعد هذا؟

النهار اللبنانية في

07/03/2013

 

دنزل واشنطن.. دائماً هو البطل النبيل

نديم جرجورة 

في العام 2001، مثّل الأميركي الأسود دنزل واشنطن (مواليد «ماونت فيرنون» في الولاية الأميركية نيويورك، 28 كانون الأول 1954) في فيلم «يوم التدريب» لأنطوان فوكا. هذا الأخير مخرج سينمائي أميركي أسود (مواليد «بيتسبيرغ»، 19 كانون الثاني 1966). ذكر لون البشرة له دافع. «يوم التدريب» منح دنزل واشنطن جائزة «أوسكار» أفضل ممثل، عن دور صعب لشخصية عنيفة. الجائزة جعلت الفائز بها يُصبح الممثل الأسود الثاني في تاريخ «أكاديمية الفنون والعلوم السينمائية» الذي يحصل عليها، بعد سيدني بواتييه، الذي نالها في العام 1963 عن دروه في «زنابق الحقل» لرالف نلسن.

مثل ممثلين عديدين غيره، لا يحتاج دنزل واشنطن إلى جوائز لتأكيد فعالية أدائه. لتأكيد إتقانه التمثيل. من سيرة علامتين أساسيتين في التاريخ المعاصر للسود الأميركيين، تنقّل بين شخصيات واقعية ومتخيّلة ومتناقضة، في أفلام لم تكن كلّها ذات سوية إبداعية واحدة. ارتدى زيّ مالكولم ليتل، أو الحاج مالك الشباز، في «مالكولم أكس» (1992) لسبايك لي. سرد حكاية الملاكم الأسود روبن كارتر في «الإعصار» (1999) لنورمان جايزون. شخصيتان أثّرتا في مسيرة السود الأميركيين في طريق التحرّر من سطوة الرجل الأبيض. واجها تحدّيات شتّى. تعذّبا وأُهينا. الأول اغتيل. الثاني سُجِن مراراً، وانتُزع منه لقبه وأحلامه. لكنهما صمدا

آخر أفلامه: «طيران» (2012) لروبرت زيميكس. العام الجاري ينتهي جديده «سلاحان» لبالتسار كورماكور. عن شخصية ويب في «طيران» قال: «إنه شخص معقّد. أداؤه تطهيريٌّ. في كل مشهد، كان عليّ أن أعطي كل شيء. وعندما ينتهي يوم التصوير، لم أكن أجد صعوبة في تركه، لأني أخرجت كل شيء، وبات عليّ أن أتحضّر لتنفيذ المشهد الثاني. حاولت تجنّب «المبالغة». ويب مدمن كحول غير مستقر. مزاجه متطرّف. يصرخ. يبكي. يريدنا أن نحبه. شاهدت أشرطة فيديو خاصّة بمدمنين، واستوحيت من ذلك أداء هذا الدور». لدنزل واشنطن رأي في علاقة الممثل بالمخرج. عمّا إذا تحدّث مع زيميكس عن ويب قبل التصوير، قال: «لا أحبّ الكلام كثيراً. النقاش الكثير حول ما يجب أن نفعل، يجعلنا نخسر العفوية. التمثيل هو أن تكون في العمل. زيميكس مدير ممثلين كبير. هذا الفيلم تحدّ له». تحدّث عن شغفه بالمهنة، وعمّا إذا تطوّر هذا الشغف طوال أعوام اشتغاله السينمائي منذ العام 1979. قال إن هناك تطوّراً، «خصوصاً في الأعوام العشرة الأخيرة، بعد حصولي على جائزة «أوسكار» في العام 2002. يومها تساءلت: ما العمل؟ ماذا بعد ذلك؟ عندها، انتقلت إلى الإخراج. فهمت أنها لعبة مجنونة وصعبة، لهذا تمكّنت مجدّداً من التمثيل بشكل أفضل ومختلف. كنت محتاجاً إلى هذا الانعطاف. في العام 2005، مثّلت في مسرحية «يوليوس قيصر» في «برودواي». كانت الخطوة الأولى لي على خشبة المسرح. احتجت إلى إيقاظ هذه العضلات. المسرح شيء حي. الكاتب يكتب، والمخرج يهيمن على الممثلين، والممثلون يلعبون المسرحية ويقدّمونها إلى الجمهور. من دونه لا مسرحية. في العام 2008، كنتُ مستعداً للتمثيل السينمائي مجدّداً. أريد بكل بساطة أن أمثّل في أفلام مهمة. فيلم «طيران» جذبني كثيراً. انتهيتُ حالياً من تصوير «سلاحان» (2 Guns) مع مارك ولبيرغ: كوميديا تتناول الأسلحة الفتّاكة. سنرى إذا ما كان سينجح في الإضحاك. يحدث أن يسجنوك في نوع من الأدوار، ولا يقترحون عليك شيئاً مختلفاً. قبل «يوم التدريب»، لم تعرض عليّ أدوار شريرة. كنتُ دائماً البطل، المليء بالنبل. ستيف بيكو (في «صرخة الحرية»، 1987) لريتشارد أتنبوروه، مالكولم إكس، إلخ. كنتُ «سيّد البيوغرافيا». اكتفيت من هذا. لكن المحقّق ألونزو هاريس (يوم التدريب) لم يكن شريراً جداً. يستخدم أناساً، من حين إلى آخر، كما نفعل جميعنا (يضحك)».

عبد الغني بومعزة: «إطلالة على السينما»

مجموعة مقالات ضمّها كتاب «إطلالة على السينما» («دارالتنوير» الجزائرية) لعبد الغني بومعزة، تناولت عدداً من الأفلام العربية والأجنبية، في محاولة استعادة تأثيراتها ومضامينها وحكاياتها المختلفة. طباعة أنيقة، ومقدمة بعنوان: «كيف تقرأ فيلماً» لأسامة قفّاش، ثم قراءة نقدية لأفلام مثل «بابل» و«فتاة المليون دولار» و«عمارة يعقوبيان» و«بلديون» و«الجنّة الآن» و«مملكة السماء» وغيرها.

السفير اللبنانية في

07/03/2013

 

«إن شاء الله» للكندية لافاليت..

لا نستطيع أن نكون شهوداً فقط

زياد الخزاعي (لندن) 

"هذه ليست حربك"، تقول المجنّدة الإسرائيلية أفا إلى صديقتها الطبيبة الكندية كلوي، لتُبذِر في وجدانها السؤال الأخطر: مَنْ الوحشي على جانبي الجدار السيئ الصيت؟ بطلة "إن شاء الله" للكندية أنايس باربو لافاليت طبيبة متطوّعة، تركت رفاهية مقاطعة كيبيك كي تعايش، صباحاً، نساء مخيم فلسطيني عند حافة رام الله، قبل أن تؤوب ليلاً إلى شقتها في القدس المحتلة، ممتحنة إنسانيتها عبر ضيوم الحواجز الإسرائيلية. تساكن هذه الوافدة عالمين متناقضين: الأول، نظامي ورغيد وآمن. الثاني، مكتظّ وقذر وعلى قدر كبير من الجَور. قاطنوه سجناء بين جدار غاشم ومستعمرة إسرائيلية تلقي زبالتها كي يعتاش عليها "أوغاد فلسطينيون"، غالباً ما يوجّهون حجارتهم إلى دوريات احتلال تغتال مصفّحاتها لاحقاً صبياً، يُشعل استشهاده انتفاضة صغيرة.

تكمن قوة كلوي، كنموذج لعشرات النشطاء الغربيين المدافعين عن الحقّ الفلسطيني، في إيمانها بأن خدماتها أكثر من تعهُّد، بأنه مصير ينتظر إعلان خياره النهائي. إحسانها الشخصي، الشاهد على الجريمة الإسرائيلية اليومية، لن يقف عند حدود مهنتها، إذ لا بدّ للذمة الإنسانية النّقية من استكمال تضحيتها واستجماع نصرتها المطلقة ضد العسف والقتل والإلغاء. "فلسطينية" الطبيبة الكندية لن تتشكّل بترديد كلمات عربية وحسب، بل تُصبح جزءاً من مرارات الناس العاديين المحاصرين والمكلومين بآمانهم ولقمتهم وحقيقة وجودهم. عليه، تُرغم البطلة الشابة، وهي تصوّر صديقتها المجنّدة بهاتفها الجوال في أحياء القدس، على توجيه التحية الآتية: "قولي مرحباً فلسطين"، فتردّد الأخيرة الاسم كأنه لا يمتّ بهوية، يُجبرها التزامها العسكري يومياً على تفحّصها بريبة أزلية.

تفتتح باربو لافاليت فيلمها بانفجار وسط مقهى مقدسي. نحتاج إلى مئة دقيقة أخرى كي نعرف مَنْ نفّذه، وماهية الظروف التي تقف خلفه. قبل هذا، تعرّفنا بكلوي وهي تنتقل من "إسرائيل" إلى "فلسطين". فالحاجز المكتظ ليس حدوداً جغرافية وحسب، بل إقرار أن الخريطة الدولية تحتمل التجزئة. بيد أنها غير مستعدة لسماع الاسم الأخير والاعتراف به. في تلك الـ"إسرائيل"، نشهد غربة كلوي (أفلين بروشو)، على الرغم من حفلات المقاصف الليلية، وكثرة أصدقائها، وحديثها المتهافت مع والدتها عبر الـ"سكايب"، ومناكفاتها مع أفا. ترغمها ظروف الحصار ومنع التجوّل الإسرائيليَّين على الاحتماء بفلسطينية عائلة الشابة رند (الممثلة المغربية صبرينا وزاني) الحامل بأسابيعها الأخيرة، والمنتظرة إطلاق سراح زوجها من معتقلات الاحتلال. شقيقها فيصل (يوسف سويد)، مدير مطبعة ملصقات الشهداء، مُقابلٌ فتيٌّ لندماء كلوي على الطرف الآخر. شاب عقلاني، ملتزم قضيته وأصوله التي لمّح الفيلم إلى إسلامويتها المضمرة، تشي بها صورة كبيرة لمؤسّس حركة "الإخوان المسلمين" حسن البنا، معلّقة عند باب الدارة المتواضعة. تقع كلوي في بهجة حنان أسري مفتقد، يُحيلها إلى مقارنة سريعة بين بَطِر نعمة كانت تعيشها، وضنك حياة بائسة حوّلت أناساً عزّلاً إلى كيانات جبّارة في تحمّلها وعنادها. تنقلب حياة الطبيبة الكندية عندما تفشل في إقناع جندي إسرائيلي السماح لرند بعبور الحاجز وهي في مخاضها الأخير. مع موت الوليد، تصاب كلوي في صميمها. أزف قرار انحيازها النهائي، وتقبل تهريب عبوة ناسفة. لاحقاً، نتابع ظهر شابة مع حقيبة. تجلس في مقهى مقدسي، قبل أن تُفجّر نفسها: إنها رند تنتقم لوليدها المُجهَض

تبرّر باربو لافاليت (1979) ورطة كلوي بالقول إن "شخصيتها، مع مرور الوقت، أصبحت ساحة معركة. ابتلعتها الحرب. لم يعد بإمكانها أن تكون شاهدة فقط. هذا ما أردت التعبير عنه. في وضع كهذا، تنهار جدراننا الواقية. كل شيء يجعلنا في ما نحن عليه مُهدّد. هذه هي الحرب. تستطيع اختراقنا وتدميرنا. نحن غير محصّنين ضدها". هذا الوعي، تشكّله المخرجة الكندية بصورة رمزية حادة في المشهد الختامي، حينما يفتح صبي فلسطيني يرتدي زيّ الشخصية الكارتونية "سوبرمان"، ثقباً في جدار العار الإسرائيلي.

السفير اللبنانية في

07/03/2013

 

بيـن ضعـف الإنـتاج وغـياب الاحتـراف

أيّ مكان للوثائقي على الشاشة الصغيرة؟

غفران مصطفى 

تتجاوز الأفلام الوثائقيّة كونها تقريراً بالصوت والصورة، لتكون شريكةً في تشكيل وعي موازٍ. ويمكن للوثائقي إنشاء روابط خفيّة تساهم في قولبة السِّيَر، والواقع، والسرديات التاريخيّة. وتشهد القنوات العربيّة فورةً إنتاجيّة في مجال الوثائقي، تعتمد في جزء كبير منها على كادرات لبنانيّة لناحية الإنتاج والإعداد والتنفيذ. لكنّ الوثائقي يحضر بخجل على الشاشات المحليّة، أو يكاد يغيب عن برمجتها تماماً

وتتطلب صناعة الوثائقي دورة عمل متكاملة، من اختيار الفكرة، إلى البحث، ومن ثم الإنتاج والإخراج والتصوير والتوزيع والعرض. وتفتقر المحطّات التلفزيونية المحليّة، إلى خبرات كافية في مجال صناعة الوثائقي، وخصوصاً في مرحلة الإنتاج. ويقول مدير مشروع «دوك ميد» المخرج جاد أبي خليل إنّ ضعف التمويل يلعب دوراً أساسياً في غياب الوثائقيات عن المشهد التلفزيوني اللبناني. برأيه، «علينا المطالبة بقانون يفرض على الشاشات المحلية دعم الوثائقيات، من خلال إلزامها بإنتاج أو شراء تلك الأفلام، وتخصيص وقت محدد لعرضها».

عرفت الشاشات المحليّة تجارب وثائقيّة لافتة، منها على سبيل المثال لا الحصر، «بالعين المجردة» لديانا مقلد، وبعض ما كانت ولا تزال تقوم به كلود أبو ناضر هندي على الصعيد الاستقصائي، إضافةً إلى أعمال حملت توقيع المراسلين ضياء أبو طعام («المنار») ورياض قبيسي وفراس حاطوم («الجديد»)، ويولاند خوري («أل بي سي»). ويقول منتج الأفلام الوثائقية على شاشة فضائية «الميادين» علي هاشم: «أعتقد أن الكلام عن غياب الوثائقيات ظلم، لكنّ المنفّذ منها يأتي بنتيجة أدنى من المتوقع. ولعلّ السبب في ذلك يعود إلى سطوة برامج الترفيه، التي أضحت تفرض نوعاً معيناً من المنافسة على القنوات».

دورة عمل متكاملة 

تشرح الصحافية ومعدّة الأفلام الوثائقيّة بيسان طي، أنّ إنتاج الوثائقي ينقسم بين الوثائقي الإبداعي المموّل بشكل أساسي من قبل المهرجانات، والوثائقي المخصص للتلفزيونات، والذي تموّل قناة «الجزيرة» معظمه، أو تقوم بشرائه لعرضه.

تتطلب صناعة الوثائقي وقتاً وجهداً، والتزاماً بمخطّط عام، تلخّصه طي كالتالي: «تولد الفكرة لدى شركات الإنتاج أو لدى مخرج معين ويتم عرضها على مشترين، وهنا الحديث عن الوثائقي التلفزيوني الذي يختلف بمضمونه عن السينمائي. وحين تتمّ الموافقة على الفكرة، يتم جمع فريق العمل المؤلف من المعد/ الباحث، والمخرج، والمنتج (شركة الإنتاج)، والمصورين وفرق الإضاءة، وتقنيي الصوت والميكساج، وغيرهم». وتضيف: «يتم الإتفاق على النقاط العريضة بين المعد والمخرج والمنتج، وعلى المعلومات التي سيتمّ إلقاء الضوء عليها، إضافةً إلى مسار الفيلم، ويتم اختيار معظم المشاهد على أساس البحث، وما نتج عنه من معلومات». وتلفت طي إلى أن كلفة الوثائقي تختلف بين فيلم وآخر، والتقنيات المستخدمة فيه، إلا أنّ «التلفزيونات لا تنفق الكثير على الوثائقي عموماً».

ويتفق كلّ من طي وأبي خليل على أنّ معظم ما تعرضه القنوات المحليّة تحت اسم وثائقي، هو في الحقيقة ريبورتاج طويل. «تختلف صناعة المادّة الصحافية عن صناعة الوثائقي، وأغلب الوثائقيات المنجزة على الشاشات هي ريبورتاجات طويلة. لو أنّ التلفزيونات المحلية لديها برنامج محدّد لعرض الوثائقيات لاستطاع المشاهد التمييز بينه وبين الريبورتاج»، يقول أبي خليل. وتعتبر طي أن «ما يسمى الوثائقيات على الشاشات يفتقر إلى سيناريو متكامل، ليكون عبارة عن مجموعة مقابلات بطريقة صحافية، فالعمل الوثائقي مهنة أخرى وتختلف تماماً».

ويحصر جاد أبو خليل المشكلة بافتقار العالم العربي «إلى منتجين محترفين، وإن وجدوا، فإنّهم يعانون من نقص حاد في ثقافتهم السينمائية، مع غياب كلياّت خاصة بدراسة الإنتاج في الجامعات العربيّة. لهذا، أسسنا مشروع «دوك مد» منذ العام 2009، ويستهدف المنتجين أو المخرجين العرب المحترفين في مجال الوثائقي، وخصوصاً من يملكون مشروعاً يصلح للتطوير». ويشرح أبي خليل أنّ مشروع «دوك مد» بدعم من الإتحاد الأوروبي عبر برنامج «يوروميد السمعي والبصري 3»، يختار في كلّ عام 10 محترفين من 8 دول عربيّة، للمشاركة في ثلاث دورات تدريبيّة. ويقوم المشاركون خلال تلك الدورات بتطير مشاريعهم، تمهيداً لعرضها

بين السينما والتلفزيون

يختلف إنتاج الوثائقي المعدّ للعرض في السينما، عن ذاك المخصص للشاشات التلفزيونية. في هذا السياق، يقول معدّ الريبورتاجات الإبداعية والوثائقيات في قناة «الجديد» رياض قبيسي، إنّه يتمّ اختيار الوثائقي الصالح للعرض على الشاشة الصغيرة، وفقاً للقيمة المادية التي يحققها عرضه، «على سيبل المثال، لا تعدّ أفلام المخرج الراحل عمر أميرالاي مادّة تلفزيونيّة مربحة. ونحن كصحافيين نركز في عملنا على ما يسمى بالتحقيق التصويري والتوثيقي». ويتابع «هناك قسم في القناة متخصص بإنتاج الوثائقيات والتحقيقات الاستقصائية. وعادة تفضل التلفزيونات الأفلام ذات الكلفة الإنتاجية الأدنى، وبذات الوقت تؤدي الغرض الترفيهي وتوصل المعلومات اللازمة، لأن التلفزيون يقدم ثقافة شعبية بطريقة مسلية وغير مملة».

يعتبر علي هاشم أن إنتاج الوثائقي «يعتمد على القناة نفسها، فبعض القنوات تفضّل أن تقوم بإنتاج ما يعرض على شاشتها، في حين تعمد معظم القنوات إلى شراء أعمال منجزة عبر شركات إنتاج مختصّة». ويبرز هاشم الفارق بين الوثائقي التلفزيوني والسينمائي، ويقول إنّ المسألة تختلف باختلاف الميزانيات والمعدين والسوق والجمهور. «أحياناً يكون الوثائقي خارقاً، لكنه لا يجذب أصحاب القنوات، تارةً بسبب الموضوع، وطوراًً بسبب طريقة الطرح. على سبيل المثال، لو ذهب زميل ما إلى القطب الشمالي وأعد فيلماً من هناك، وفي المقابل ذهب زميل آخر إلى سوريا أو مالي، بغضّ النظر عن التكلفة العالية لإعداد فيلم عن القطب الشمالي، فإنّ القنوات ستختار سوريا حتى ولو كان التصوير بكاميرا الهاتف». ويتفق المخرج أحمد زين الدين مع هاشم في مسألة انتقاء القنوات الأفلام الوثائقية «وفقاً لاهتماماتها وسياستها، وغالباً ما توصل من خلالها رسائل مبطنة. برأيي، هذا عصر الوثائقي، وخصوصاً بعد ما يسمى بالربيع العربي، إذ أنّه علينا توثيق هذه الحقبة».

السفير اللبنانية في

07/03/2013

 

حنان ترك:

الفن رسالة وسأكملها بالعمل الخيري

مروة الحداد 

عندما فاجأت الفنانة المعتزلة حنان ترك جمهورها علي الهواء مباشرة في برنامج‏'‏ أنا والعسل‏'‏ خلال شهر رمضان الماضي بقرار اعتزالها الفن نهائيا‏.

 كان ذلك بمثابة صدمة لجمهورها الذي أحبها وسعد كثيرا بعودتها للتمثيل بعد ارتدائها للحجاب منذ عدة سنوات,وذلك إلي الحد الذي جعل البعض يخمن أنها ستعود للعمل مرة أخري من خلال تقديم أعمال دينية, وهو مانفته تماما وأكدت أنها تحترم الفن الهادف باعتباره رسالة هامة في صلاح المجتمع, إلا أنها ستكمل رسالتها بعد الاعتزال عن طريق عملها في خدمة المجتمع المدني من خلال كونها ممثلة لـ'منظمة الإغاثة الإسلامية', وكذلك كونها عضو مجلس أمناء مؤسسة' معا' لتطوير العشوائيات, هذا إضافة إلي مجهودات مختلفة تنموية تقوم بها من خلال الاشتراك في مبادرات وطنية كثيرة للارتقاء بالمجتمع وتنميته علميا وثقافيا ليكون لدينا إنسان منتج وقادر علي العطاء, وذلك من خلال الجمعيات والمنظمات الخيرية والإسلامية التي تعمل بها حاليا وتفرغ نفسها تماما من أجلها. علي هامش مؤتمر' منظمة الأغاثة الإسلامية بمصر' والذي عقد مؤخرا وحضرته الفنانة حنان ترك والفنان طارق الدسوقي باعتبارهما سفيري المنظمة بالشرق الأوسط .

وأشارت حنان إلي أنها تشعر بسعادة بالغة بعملها مع المنظمة الإسلامية لأنها أتاحت لها فرصة كانت تحلم بها منذ زمن طويل, وهي التعامل مع الأشخاص والتعرف علي معاناتهم عن قرب من أجل مساعدة المحتاجين في كل مكان, والعمل علي ابتغاء مرضات الله عزوجل, مؤكدة أنها لم تعتزل لأنه حرام, ولكن لأنها تريد أن تستغل كل وقتها في التقرب من الله عز وجل,

وفي سؤال لها حول جدوي وهوية نشاط المنظمة التي تعمل بها كسفيرة للإغاثة الإسلامية حول العالم؟ قالت إنها تعتبر أحد أهم المنظمات التي تعمل علي أغاثة الملهوف في أي مكان سواء كان لهفته بسبب الفقر أو المرض أو الحروب دون النظر إلي ديانته أو لونه أو جنسيته مضيفة: أن المؤسسة أعلنت أعمالها داخل مصر مؤخرا من خلال إنشاء مركز متكامل لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة بمدينة'15 مايو' بأجمالي تكلفة تبلغ3 ملايين دولار, لكنها علي أمل الحصول علي دعم المجتمع المدني بشكل أكبر لمشروعاتها, خاصة وأن مصر من أكثر الدول التي مازال شعبها يتمتع بحب الخير للغير.

وعن ما إذا كانت هذه المنظمة تتبع جهة معينة أو تيارا سياسيا لاقترانها بكلمة إسلامية؟ أعربت الفنانة المعتزلة عن سعادتها بكون المنظمة التي تعمل سفيرة لها ليس لها انتماء سياسي أو حزبي مشيرة إلي أن منظمة الإغاثة تواجه ترحيبا في شتي بقاع العالم, لهذا السبب فكثير من المنظمات التي لها أجندات سياسية تمنع من دخول بعض الدول لدواع أمنية وتحت ظروف سياسية ما عدا منظمتنا, وأكدت أنها اشترطت أن تري المكتب الذي انطلقت منه المنظمة, وهو مكتب صغير' تحت السلم' قام بإنشائه منذ29 عاما3 طلاب مسلمين مغتربين بانجلترا لتطمئن من مصداقية المنظمة قبل العمل بها, وأنها تتعامل مع هذه المنظمة منذ6 سنوات تقريبا والتي أصبح لها نحو37 مكتبا حول العالم ومقرها الرئيسي في' برينجهام بانجلترا', ولديها مكاتب لجمع المال وأخري لتنفيذ المشروعات.

أما عن اعتزالها الفن بشكل مفاجئ قالت: إن هذا القرار لم يكن مفاجأة وخصوصا بالنسبة للمقربين لي حيث أفكر في ذلك منذ فترة طويلة, وقمت من قبل بالابتعاد عن الفن لمدة تزيد علي العامين عندما قررت ارتداء الحجاب, لكن هذا لم يكن اعتزالا بقدر ما كان ابتعادا لأنني لم أجد أعمالا فنية تناسبني خلال تلك الفترة, لكن طوال الفترة الماضية كنت أبحث عن طاعة الله بشكل كامل, والتفرغ للعبادة والقيام بالأعمال الخيرية, وإعطاء وقتي كله للعمل في سبيل مرضاة الله, لكنني لم أستطع الإقدام علي تلك الخطوة إلامع بداية تصوير مسلسل' أخت تريز', وفكرت كثيرا في الاعتذار عن المسلسل وإعلان اعتزالي بشكل نهائي لكنني انجذبت للرسالة التي يقدمها العمل فقررت تأجيل الخطوة حتي الانتهاء من تصوير المسلسل.

وعن تخمين البعض بمشاركتها في أعمال دينية فقط قالت: لن أشارك في عمل درامي ديني لأنني اعتزلت الفن بشكل نهائي, وهناك شيء أريد توضيحه, وهو أنني أرفض العمل في الفن لأنه حول حجابي لمجرد طرحة توضع علي الرأس, وليس معني هذا أنني أحرم الفن لأنني لست معنية بالفتوي أو عالمة دين حتي أحرم أي شيء, وفي النهاية أحمد الله عز وجل أن أعانني علي أخذ هذا القرار وأتمني أن أعيش أيامي المقبلة لربي وديني فقط.

سناء يوسف:

صناعة النجم في مصـــر ليست عشوائية

أجري الحوار‏:‏ أحمد سعد الدين 

تعلمت في دراستي الجامعية أن المخرج هو القائد صاحب القرار الأول والأخير‏,‏ ولا يسمح لأحد بأن يتدخل في شئونه‏.‏الفن هو الملاذ الآمن للجمهور العربي يستقي منه الوعي العام حتي لا نغرق في الظلام ونعود للوراء‏.‏

حققت الفنانة التونسية سناء يوسف نجاحا مبهرا في رمضان الماضي من خلال مشاركتها في مسلسل' فرقة ناجي عطا الله' بطولة النجم عادل إمام, وهو ما جعل المخرج أحمد شفيق يرشحها للعب دور مهم في مسلسل' نقطة ضعف' بطولة جمال سليمان ورانيا فريد شوقي وروجينا المسلسل من تأليف شهيرة إسماعيل, وتدور أحداثه في إطار اجتماعي رومانسي يناقش من خلالها بعض المشكلات اليومية التي يتعرض لها المواطن البسيط, إلتقتها صفحة نجوم وفنون في الحوار التالي..

·        حدثينا عن دورك في مسلسل' نقطة ضعف' ؟

أجسد شخصية فتاه لبنانية إسمها' نور' تعشق الغناء, وهي في بداية مشوارها الفني جاءت إلي مصر تبحث عن الشهرة, واستطاعت أن تجذب بطل المسلسل للوقوع في غرامها والتفكير في الزواج منها, لكنها تصطدم بالعديد من العقبات, وتعتبر' نور' شخصية محورية تؤثر في الأحداث بشكل مباشر, وهذا ما جذبني لقبول المسلسل, خاصة أن الشخصية جديدة بالنسبة لي, فأنا سأقوم بالغناء داخل الأحداث وهو مالم أقدمه من قبل.

·        هل قمت بالتدريب علي الغناء بسبب المسلسل؟

لقد درست علم الأصوات في الجامعة بالفعل, لكن في نفس الوقت وفرت لي الشركة المنتجة أحد المعلمين المتخصصين في تعليم الغناء خاصة إنني سأغني باللهجه المصرية العامية, وهي تحتاج مني للتدريب عليها بشكل كبير حتي أتقن مخارج الكلام بشكل صحيح.

·        من قام بترشيحك للمسلسل ؟

ما أعرفه أن المخرج أحمد شفيق هو من قام بترشيحي للشخصية, بعدما شاهدني في مسلسل' ناجي عطالله', وعندما قرأت سيناريو مسلسل' نقطة ضعف' وافقت علي الفور لأن الشخصية جذبتني, ووجدت أني سأقدم شيئا جديدا لأنها ستخرجني من الشخصية الجادة التي قدمتها قبل, بالإضافة لمجموعة العمل المتمثلة في الفنان جمال سليمان ورانيا فريد شوقي وروجينا, كل ذلك شجعني علي خوض التجربة الجديدة ونحن في انتظار بدء التصوير خلال الأيام القليلة المقبلة.

·        هل دراستك للإخراج تعطيك حق تعديل بعض الأشياء داخل السيناريو أثناء التصوير ؟

دراسة الإخراج تفيد الفنان حيث تعطيه فرصة للتركيز علي جميع عناصر العمل في وقت واحد, علي عكس الممثل الذي يهتم بدوره فقط, لكن في نفس وقت الدراسة تعلمنا أن المخرج هو القائد صاحب القرار الأول والأخير, ولا يسمح لأحد بأن يتدخل في شئونه, وعلي سبيل المثال أثناء التحضير لمسلسل' ناجي عطا الله' وجدت الأستاذ عادل إمام يناقش جميع التفصيلات داخل المسلسل, ويبدي بعض ملاحظاته في وجود المؤلف والمخرج وكل منهم يقول رأيه إلي أن توصل الجميع للشكل النهائي علي الورق, ثم فوجئت أثناء التصوير بأن عادل إمام لا يتكلم أبدا وإن كان يريد أن يعيد تصوير أحد المشاهد يستأذن المخرج بكل إحترام, رغم أن المخرج هو إبنه, وهذا هو الفنان الحقيقي الذي يعرف مكانة كل فرد أثناء عمله.

·        بمناسبة الحديث عن' عادل إمام' كيف جاء إختيارك للعمل معه في' فرقة ناجي عطالله' ؟

فوجئت باتصال من المخرج رامي إمام يطلب مقابلتي في شركة الإنتاج وعندما وصلت وجدته مع الأستاذ عادل إمام والمؤلف يوسف معاطي وتحدثنا عن أمور مختلفة عن القضية الفلسطينية والمقاومة والحالة العربية, ثم أخبرني بترشيحه لي ففرحت جدا, لكن تحولت الفرحة إلي تردد وخوف عندما قال أن الشخصية لأحدي الفتيات اليهوديات فوقعت في حيرة لأنها المرة الأولي التي يشاهدني فيها الجمهور المصري, ومن الممكن أن يكرهني في هذا الدور, وقد لاحظ الفنان عادل إمام هذا الخوف فوجدته يتحدث معي برفق ويقول: أعلم أسباب خوفك خاصة في الحلقات الأولي من ظهورك, لكن الشخصية سوف تختلف وتظهر بصورة أخري في النصف الثاني عندما يكتشف الجمهور بأن أصولها فلسطينية مصرية, هنا شعرت بالإطمئنان, وبدأت التفكير في التعايش مع شخصية' نضال' الفتاة المقاومة للاحتلال والتي تجيد اللغة العبرية.

·        رغم نجاح' ناجي عطا الله' إلا أنك عدت للاختفاء مرة أخري ما السبب ؟

رغم نجاحي بالمسلسل فإنه سبب لي مشكلة كبيرة في الاختيار حيث كانت البداية قوية ومع واحد من أهم نجوم العالم العربي الذي استفدت منه كثيرا علي المستوي المهني, وبالتالي الجمهور ينتظر أدوارا علي نفس المستوي, فكان قراري أني لن أوافق علي قبول أعمال لزوم التواجد فقط وإنما لا بد أن يحمل العمل رسالة مهمة تفيد المشاهد, وهو ما تحقق بالفعل مع مسلسل' نقطة ضعف'.

·        هل توافقين علي القيام بأدوار جريئة أو بها إغراء ؟

من وجهة نظري الإغراء لا يكون عن طريق العري غير المبرر, لكن من الممكن أن يكون عن طريق كلمة أو نظرة ولابد أن يكون موظفا لصالح السيناريو, ولا يخدش الحياء, ويعطي رسالة معينه للمشاهد الذي يحكم علي العمل ككل وليس علي مشهد واحد, أما لو كنت تقصد الإغراء الجسدي لزوم المشاهد الساخنة التي تخاطب شباك التذاكر فأنا أرفضه تماما, فلا أحب أن أتقرب للجمهور بجسدي.

·        شاركت بالعمل في تونس وسوريا ومصر ما الفارق بينهم ؟

مصر ستظل هوليوود الشرق بما تملكه من حضارة وصناعة سينما ولها مكانة وانتشار في كل الأقطار العربية, والعمل الفني المصري تستطيع أن تفهمه جميع البلدان العربية, والإنتاج هنا ضخم بالنسبه للآخرين, في سبيل أن العمل الفني في تونس يجد صعوبات كثيرة حتي يري النور بسبب قلة الإنتاج وإنعدام القطاع الخاص, وهذه النقطة تمثل حجر زاوية في الفرق بين مصر وباقي المنطقة العربية, أضف إلي ذلك أن مصر هي الدولة الوحيدة التي يوجد بها صناعة النجم بشكل مدروس وليس عشوائيا, أما علي المستوي التقني فلا يوجد فارق سوي في أسلوب الإخراج أو البصمة الخاصة بكل مخرج.

·        ما رأيك فيما وصلت إليه دول الربيع العربي حتي الآن ؟

الوطن العربي متشابه في أمور كثيرة خاصة في الثورات التي اندلعت في فترة زمنية متقاربة, لكنها حتي الآن لم تكتمل, وتولد لدينا خوف منذ وصول التيارات الإسلامية للحكم, خاصة أنهم يتحدثون من منطق الكفر والإيمان, وقد شعرنا بالطمأنينة بعض الوقت في تونس عندما إلتقي رئيس الدولة بالفنانين, لكن ذلك لم يستمر طويلا وفوجئنا بأنهم يحرمون الفن ويهجمون عليه بدون وجه حق, لذلك أشعر بالخطر علي مستقبل الفن في العالم العربي, وأري أن جميع الفنانين الآن في خندق واحد وعليهم تقديم أعمال لها قيمة تساعد علي تثقيف الجمهور العربي الذي يجد في الفن ملاذا له يستقي منه الوعي العام حتي لا نغرق في الظلام ونعود للوراء.

الأهرام اليومي في

07/03/2013

 

القلب هو الصدق

«الشجاعة».. تمرّد أميرة

علا الشيخ - دبي 

بين العادات والتقاليد ومحاولة التغيير والتمرد، تظهر شخصية الأميرة «ميريدا» في فيلم «الشجاعة»، من إنتاج شركة «بيكسار»، وإخراج مارك اندروز وبريندا تشابمان، الذي حصل، أخيراً، على جائزة أوسكار أفضل فيلم كرتون طويل.

«ميريدا» بطلة الحكاية ذات الشعر الأحمر غير المسرّح، عيناها زرقاوان بلون البحر، وبنيتها الجسمانية تمزج بين الطفولة والصبا، تتحدى والدتها الملكة «اينور» التي تملي عليها بشكل يومي الآداب والأصول الذي يجب اتباعها لتحظى بشرف ولاية عهدها وعرشها، في ظل عالم خاص تعيش فيه ذات الشعر الأحمر، التي لا تريد سوى الحرية والتخلص من كل القيود، وتبدأ انفجارها مع لحظة وصول رسالة إلى الملكة بقبول ثلاث قبائل اسكتلندية لتقديم أبنائها للزواج بأميرتها الصغيرة.

أدى أصوات الشخصيات في الفيلم، الذي تدور أحداثه في زمن قديم في مملكة اسكتلندية كل من: ايما طومسون وكيلي ماكدونالد وبيلي كونولي، وغيرهم.

ليس للأطفال فقط

الحكاية تبدأ في مشهد خلاب للمملكة الاسكتلندية، و«ميريدا» مازالت طفلة صغيرة تلعب في الحقول مع ضحكات والدها الملك «فيرغوس» من عشيرة دونبروش، ووالدتها الملكة «اينور».

وتأتي هذه المشاهد وكأنها استرجاع لذكريات «فلاش باك» عن حياة الطفولة للأميرة الصغيرة، تتلخص في إهداء الملك ابنته الصغيرة قوس رماية في عيد ميلادها. وبعد وقت قصير يهاجم دب عملاق الأسرة المالكة في إحدى نزهاتها، فتهرب الملكة والأميرة ويواجه الملك الدب ويقضي عليه، لكنه يفقد ساقه، هذه الساق التي استبدلها بساق خشبية تصبح حكاية يرددها كل يوم على مائدة الطعام.

تكبر الأميرة وتصبح في سن المراهقة وأختاً كبرى لثلاثة أخوة توائم هم: هاميش وهيوبرت وهاريس، عملياً هم من يضفون نكهة كوميدية على أحداث الفيلم الذي يصلح للكبار والصغار، لما فيه من أحداث تكشف عن الصراع بين الأجيال وبين الآباء والأبناء في ما يتعلق بطريقـة العيش واتخاذ القرارات.

الضوء هو القدر

لا تعلم الملكة «اينور» أن جملة قالتها أمام ابنتها وهي صغيرة، علقت في ذهنها وكانت السبب الرئيس في تكوين شخصيتها وأحلامها. الجملة كانت حول تأكيد «ميريدا» عندما كانت طفلة أنها ترى نوراً يأتيها، لتجيبها الملكـة «الأضـواء تقودنا الى قدرنا، وعلى قلبنا أن يعي إذا كان الضوء حقيقة أم خيالاً، كي نتبعـه أو نستمتـع فقط بنوره».

كبرت الصغيرة وأصبحت شابة جميلة، لكنها مصرّة على أن تسلك طريقاً مختلفاً عن أوامر والدتها، فهي تنتظر يوم إجازتها بفارغ الصبر لتمارس هواية الرماية وتسلق الجبال وتحدي الخطر، بعد أيام قضتها وهي تستمع لنصائح والدتها حـول طريقـة اللبس والأكل والمشي ودراسة التاريخ، وغيرها من الأمور التي يجب تعلمها قبل وراثتها العرش الملكي وهو آخر ما تفكر فيه ذات الشعر الأحمر.

يأتي يوم عطلتها، فتهرع إلى حصانها وتنطلق بأقصى سرعة، وترمي سهامها هنا وهناك وتملأ ضحكاتها المكان، وشعرها الجميل يتراقص مع الريح، ومع كل السعادة التي تبثها في المكان، وتلمح النور الذي كان يرافقها دوماً من طفولتها، لكنها لا تهتم هذه المرة فهي تفكر في تسلق جبل شلال النار وتشرب منه، وتنجح، رغم عدم تصديق عائلتها لروايتها.

لحظة الانفجار

بعد عودتها من يوم عطلتها وعدم تصديق روايتها عن شربها من ماء شلال النار، واستمرار والدها في الحديث عن بطولته أمام وقوفه أمام الدب وفقد ساقه، تصل ثلاث رسائل إلى الملكة، التي تطلب بعد قراءتها من أبنائها الصغار مغادرة غرفة الطعام، وتعلن أن ثلاث قبائل معروفة، قررت ووافقت إرسال أبنائها الأبكار للتنافس على زواج «ميريدا». تغضب الأميرة وتصرخ وترفض هذا الاسلوب البائس، حسب وصفها في اختيار شريك حياتها، أمام حجة والدتها الذي يقول إن التضحية هي أساس تماسك العائلة المالكة، حتى لو كانت قرارات لا تتوافق مع القلب. ولكن الأميرة تصر على موقفها فيبدأ الشرخ بينهما، فتذهب الأميرة إلى حصانها وتحاوره على أساس أنه والدتها التي ترفض سماعها، في الوقت نفسه يطلب الملك من زوجته أن تعتبره ابنتها وتحاول إقناعها، في مشهدين جميلين بالفعل، يخرجان كل العبارات والأماني لبعضهما لكن دون سماع أحداهن الأخرى، وكأن الحوار من قبل الملكة لابنتها سيضعف من هيبتها.

تصل القبائل، وتظهر «ميريدا» بشكل غير مألوف، تضع الحجاب على رأسها وترتدي ملابس الأميرات، وتجلس إلى جانب والديها لمعاينة المتقدمين لها للزواج، وكل واحد منهم يحاول إقناعها من خلال بطولاته.

مشاهد كثيرة تمر، تنتهي بتغلب الأميرة على المتقدمين لها برماية السهم، مع غضب والدتها التي اتهمتها بأنها تعدت العادات والتقاليد، فتقرر «ميريدا» الهرب.

الهروب والعودة

تهرب «ميريدا» مع حصانها فتجد النور الذي كان يزورها وهي طفلة، فتقرر تتبعه، إلى أن تصل إلى كوخ فيه امرأة تصنع المنحوتات الخشبية، لكنها تصرّ أن النور يريد منها شيئاً آخر، وبعد الحاح معها تعترف المرأة بأنها ساحرة، فتطلب منها «ميريدا» أن تصنع لها تعويذة تغير أمها، فتمنحها طلبها عبر كعكة يجب أن تتذوقها الملكة، فتعود مسرعة إلى القصر، وتلتقي أمها وتعطيها الكعكة عربوناً للمصالحة بينهما، فتتحول الملكة إلى «دب»، فتشعر «ميريدا» بتأنيب الضمير، وتقرر إصلاح الأمر، فتأخذ الدب بعد محاولات في إخفائه عن أعين والدها، وتقصد كوخ الساحرة مرة ثانية، وتصلان لتكتشفا أن اللعنة ستدوم بعد الشروق الثاني، مع لغز تتركه الساحرة لـ«ميريدا» «نظرة لقلبك تغير المقدور، تصلح علاقة مزقها الغرور».

«ميريدا» والملكة «الينور» التي أصبحت على هيئة دب تبدآن في التوفيق بين علاقتها، وتقتربان من بعضهما بعضا بشكل لم يحصل في حياتهما الطبيعية، وعلى الرغم من محاولة الملكة التغلب على وحشية الدب عبر حنانها تجاه ابنتها، إلا أنها تفقد السيطرة بين الحين والآخر، تظهر الأضواء المتراقصة مجدداً لتقودهما لقلعة مهجورة هذه المرة قديمة، حيث تواجهان دباً شرساً هناك تكتشفان أنه الأمير من الأسطورة التي روتها الملكة «الينور» لابنتها الذي تم لعنه من قبل بسبب انقلابه على أخوته الثلاثة، بسبب طمعه بالحكم لوحده، فتتذكر اللغز، الذي ينحصر في لوحة تنسجها الملكة عن الأسطورة ولم تكتمل بعد ، فتقرر «ميريدا» العودة للقصر هي ووالدتها «الدب» لاكمال نسيج اللوحة لتعود والدتها على هيئتها الطبيعية ، لتبدأ مواجهة من نوع آخر.

حرب القلوب

في القصر الملكي، العشائر على وشك الدخول في حرب، ولكن الأميرة تقاطع قتالهم بتشجيع من والدتها، التي تحاول التسلل بهيئة الدب الذي يتلبسها تقوم «ميريدا» بتذكيرهم كيف كانوا أعداء وأصبحوا أصدقاء، كيف كل واحد منهم حمى الآخر للحفاظ على المملكة، وتعلن أنه ينبغي السماح لأبنائهم أن يتزوجوا عندما يرغبون وبمن يحبون، فيوافقها الأبناء الذين يثورون أيضاً على آبائهم، تنجح الملكة بالتسلل إلى غرفتها وتلحقها ابنتها «ميريدا»، لكن الملكة التي تفقد السيطرة على نفسها البشرية، في لحظة دخول الملك «فيرغوس» الذي يعطي الأمر بمطاردتها غير آبه بتصديق ابنته أن الجب هو أمها، فيقرر حبسها في الغرفة يأتي الأشقاء للمساعدة والذين تحولوا لـ«دياسم»، من خلال تناولهم الكعكة ذاتها، يساعدونها في الخروج بعد مشاهد مضحكة من قبلهم ومن قبل شقاوتهم تركب «ميريدا» الخيل وتلحق أبيها، بينما تقوم بخياطة النسيج. أفراد العشيرة و«فيرغوس» يقبضون في هذه اللحظة على الملكة، ولكن «ميريدا» تتدخل وتنقذها، يهجم «موردو» دب القلعة المهجورة على «ميريدا» في هذه الأثناء ليحرك القلب داخل «الينور» لانقاذ ابنتها بزحزحة حجر ليسقط على «موردو» وتظهر الروح الإنسانية للأمير في الأسطورة ويشكرهم على خلاصه وانقاذه، مع دهشة تخيم على كل العشائر، وعلى راسهم الملك الذي بدا تصديق قصة ابنته

النسيج هو المجتمع

يحل الشروق الثاني حسب رواية الساحرة، فتقوم «ميريدا» بتغطية الدب بالنسيج على أمل عودة والدتها الملكة، فلا يحدث شيئاً، فتبدأ بالبكاء لتدرك المعنى الحقيقي للغز (نظرة لقلبك تغير المقدور، تصلح علاقة مزقها الغرور)، الذي يكمن في حب الذات على حساب الكل، وبعد الاعتراف بأنها لم تعط للحوار قيمته وأنها تمردت دون حتى الإصغاء تعود الملكة الى هيئتها مرة أخرى وتضمها الى صدرها لتقول لها: «أنا التي كنت أنانية ولم أفكر في أن عصرك غير عصري، شكراً لهذه التجربة». ويتجمع شمل الأسرة من جديد وبعد بضعة أيام، تغادر العشائر وتعود إلى أراضيها، من دون زواج الأميرة ذات الشعر الأحمر «ميريدا».. فلم يخفق قلبها بعد.

الموسيقى

موسيقى الفيلم أضافت تميزاً لمجرياته وللرسم المعبر فيه، قام بتأليفها الملحن باتريك دويل. لجلب بعض من النكهة الاسكتلندية الأم إلى الموسيقى، استخدم دويل أدوات اسكتلندية محلية مثل مزمار القربة، وكمان السولو، قيثارات سلتيك، المزامير والبودهارن الاستكلندي مع السنطور، وتعامل معها إلكترونيا لجعلها أكثر معاصرة.

إضافة إلى موسيقى دويل، الفيلم يضم ثلاث أغنيات: «تتش ذه سكاي» موسيقى آليكس ماندل، و«انتو ذه اوبن اير» موسيقى وكلمات ماندل آليكس، التي قامت بغنائهما جولي فوليس، وأغنية «ليرن مي رايت» موسيقى موفرد وسونس.

لمشاهدة المزيد من المواضيع عن الفن السابع، يرجى الضغط على هذا الرابط.

الإمارات اليوم في

07/03/2013

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)