حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

المخرجة سالي الحسيني:

أحب السينما الشعرية الشبيهة بالأحلام و أهتم بالناس على هامش المجتمع

ترجمة: نجاح الجبيلي

 

سالي الحسيني مخرجة وكاتبة سيناريو من أب مصري وأم ويلزية لفتت إليها الانتباه في فيلمها الروائي الأول "أخي الشيطان" الذي فاز بالعديد من الجوائز وفي هذا اللقاء الذي أجرته معها ليز هوغارد من صحيفة الغارديان تتحدث الحسيني عن تجربتها السينمائية الأولى والتحديات التي واجهتها.

·     فاز فيلمك "أخي الشيطان" بجوائز في مهرجانات "صندانص" و"برلين" و"لندن" وهو يتحرى ثقافة العصابات الذكورية. ما الذي جعلك تختارين هذا الموضوع؟ 

أردت أن أتحرى أهمية الذكورة والفحولة. لقد عشت في "هاكني" لمدة عشر سنوات. كنت أستطيع أن أرى الصبية المراهقين وهم يتجولون حول منطقتنا وقد أثاروا فيّ الاهتمام وبالأخص الصبية العرب الذين لديهم تربية ثقافية أنتمي لها

في البداية كنت أهتم بالعصابة كعائلة بديلة. لكن ما أن عرفت المزيد عن الصبية انسحبت إلى صراعاتهم. كانت خلفيتي في الفيلم الوثائقي. قضيت الكثير من الوقت في صحبتهم أستمع إلى قصصهم. شهدت محاولاتهم لتحقيق السعادة وصراعاتهم للحصول على وظيفة.  

·        احتاج الفيلم إلى ست سنوات لكي يكتمل فما الذي دفعك إلى الاستمرار فيه؟

كان هناك حماس للبدء في اختيار الشخصية الرئيسة من أحد أفراد العصابة كونه شاذاً. وكنت أيضاً عازمة على أن الفيلم ينتهي برسالة تحمل الأمل. اعتقد كصانعة فيلم بأنه يتوجب عليّ أن أحمل مسؤولية ما تنتجه في العالم

·     هل الأمر محبط لك حين يسأل الناس عن السبب في أن امرأة تتحرى مثل هذا الموضوع الذكوري؟ 

انظر إلى ألمودوفار- لقد صنع أفلاماً عن النساء والناس الذين لا يرف لهم جفن. افترض أني دائماً كنت جزءاً من صبي. لقد كان ثمة اقتباس من فرجينيا وولف بأن كل الكتّاب يجب أن يكونوا مزيجاً من الذكورة والأنوثة. وحين قلت لو أني كنت رجلاً أعتقد أني ما استطعت أن أدخل العالم بالطريقة التي فعلت بها. لم أحمل تهديداً. كما أن كونك عربياً ومسلماً هو شيء يساعد على ذلك

·        تقولين أنه يدور حول سلطة الحب غير المشروط؟ 

بالرغم من أن الفيلم يمس قضايا التحيز والهوية فإنه يدور أيضاً عن الأخوة وتحطم البطل - ما يحدث للابن الأصغر المدعو "مو" حين لا يستطيع أن يتعامل مع حقيقة الأخ الأكبر "رشيد". هل تستطيع أن تتغلب على الانحياز والأمور المتأصلة فيك؟ كل من الأخوين يجب أن يتواجها كما هما في الواقع إذا ما كانا قادرين على حب أحدهما الآخر.   

·        انفجرت الاضطرابات في "هوكني" في اليوم الذي بدأتم فيه التصوير؟ 

كنا نجرّب الكاميرات في "مير ستريت" – بالرغم من أننا لم نسمح بالتصوير لأسباب تتعلق بالتأمين. بالنسبة لي كانت الاضطرابات تخفي تحتها السبب في محاولتي أن أنمي المال لهذا المشروع. لم يكن لديّ الوقت حين كنا أكثر احتياجاً لنرى وصفاً نزيهاً لهذا العالم وشبابه المحرومين من حقوقهم الشرعية

·        كيف التقى أبوك مع أمك؟ 

كان أبي مصرياً وأمي ويلزية. التقيا في الجامعة في ليفربول في الستينات. ولدت في "سوانسي" لأسباب تتعلق بجواز السفر- أمي تجيد مثل هذه الأمور!- ثم نشأت في القاهرة. كان أمراً صعباً لها أن تعيش في مصر في الستينات لكنها بالتأكيد المرأة القوية في العائلة. حين بلغت السادسة عشرة شجعتني على أن أهجر الوطن وأدخل كليات العالم المتحدة التي تقع في جنوب ويلز والتي كانت تجمع طلاباً من كل أرجاء العالم كي تشجع على تلاقح الحضارات. كوني صانعة فيلم كانت القابلية على التقمص العاطفي هي التي سمحت لي أن أدخل إلى قلوب الشخصيات التي صنعتها.  

·        هل كنت تحبين القصص حين كنت طفلة؟ 

كتبت شعراً وطورت قابلياتي في التصوير الفوتوغرافي. لم نكن نحضر إلا القلة من الأفلام لأننا نتكلم الإنكليزية في وطننا وذهبت أنا إلى مدرسة أميركية. هذه القلة من الأفلام التي شاهدتها كانت لها تأثير كبير عليّ. اليوم السينما التي أحبها هي السينما الشعرية التي تشبه الأحلام.  

·        ألم تدخلي إلى مدرسة للفيلم؟

درست العربية وسياسات الشرق الأوسط في "درَم". اعتقد أن حياتي تشوشت بسبب عدم دراستي للفيلم. ثم وجدت هذا المكان الذي يسمى "فنون المملكة المتحدة العالمي" الذي فيه مخرج مسرحي تولى تعليمي كمتدربة. ثم حصلت على عمل كمنسقة إنتاج مساعدة في الأفلام الوثائقية في الشرق الأوسط. لكني بدأت أثير مسائل أخلاقية بشأن الصحافة الاستقصائية. كنت في بغداد خلال الحرب على العراق عام 2003 وقد أخذنا آمراً سابقاً في جيش صدام إلى بيته. قابلت زوجته وبناته اللاتي لم يذهبن خارج العراق لعدة سنين لأنه خشى على سلامتهنّ. علمهنّ كيف يطلقن الرصاص. وأتذكر أني فكرت: "تلك هي القصة الحقيقية. كيف تعيش داخل أربعة جدران". جعلني هذا الأمر أدرك أني أردت العمل في رواية. حصلت على عمل كمصححة سيناريوهات في "دراما البي بي سي". ثم بدأت العمل في أفلامي الخاصة.  

·        فيلمك الأول القصير بعنوان" ليلة حنة" يدور عن امرأة شابة في علاقة شاذة.

أنا أهتم بالناس الذين على هامش المجتمع الغرباء والمنبوذين. لكوني مصرية ويلزية- نصف من مكان والنصف الآخر من مكان آخر- فإني أرى كلا الجانبين من كل شيء. وكأنك لديك شخصية منفصلة لأنك تبحرين في كلا العالمين

·     كيف تتعاملين مع حفلات الجوائز؟ لقد تم ترشيحك للقليل منها بضمنها جائزة الشباب الواعد في "جوائز الفيلم البريطاني لـ الأيفننك ستار" في الشهر المقبل.

قبلت جائزة الشباب الواعد من "نساء في الفيلم والتلفاز" في حذائين غير مريحين. وبعد أيام قليلة في "جوائز الفيلم البريطاني المستقل" وكان لديّ تقرحات فظيعة. لم استطع الحصول على أي حذاء. في متصفح "غوغل" وجدت بأن المتنزهين على الأقدام يلفون أقدامهم بالشريط في طريقهم إلى الجبال لذا فعلت ذلك. وذلك يوجز كم كان غريباً هذا اللباس الرسمي.  

·        هل عدت إلى مصر؟

لم أعد إلى مصر منذ الثورة. لديّ الكثير من الأصدقاء الذين كانوا في ساحة التحرير لكن بالتمزق بين العناصر الدينية والدنيوية في البلد أخشى العاقبة التي ستكون. لقد رشح فيلم "أخي الشيطان" إلى جائزة في مهرجان القاهرة السينمائي- وكنت متشجعة جداً. ثم أخبرونا بأننا لم نعد مدعوين لأن وزارة الثقافة استبدلت المدير الفني وأعادت برمجة المهرجان. أخشى على حقوق المرأة وهن ليس لديهنّ تمثيل في الدستور الجديد

·        ما هو جديدك؟

فيلم آخر في لندن. يدور أيضاًَ حول الناس على حافات المجتمع لكني لديّ ما يكفي من الصبية المراهقين لفترة وجيزة!

المدى العراقية في

27/02/2013

رحيل أسطورة اليابان ناغيزا أوشيما : وهدأ القلق أخيراً

فراس عبد الجليل الشاروط  

عن عمر يناهز الـ(80) عاماً رحل أخيراً وبهدوء في احد مستشفيات اليابان المخرج ناغيزا أوشيما آخر عمالقة السينما اليابانية وأحد أهم مخرجيها الذين جاءوا بعد جيل المخرجين الكبار (ميزوغوشي، أكيرا كوراساوا)، لقد حقق أوشيما كثيرا من أحلامه السينمائية برغم ما لقيه من مصاعب وعقبات والتي كادت أن تفقده حلمه الفني، وأن السؤال الذي ظل يداعب مخيلته هو: لماذا لاتكون هنالك سينما طليعية في اليابان تختلف عن سينما الرواد وترتبط بسينما العالم الجديد؟ وجعل السينما على علاقة وثيقة بالأدب ليس الياباني فقط بل والعالمي، فكانت أفلامه الأولى (ليل وضباب فوق اليابان) هي محاولة جديدة لفيلم الفرنسي الآن رينيه (ليل وضباب) وفيلمه (يوميات سارق) هو ارتباط لرواية جان جينيه (يوميات لص).

ينحدر أوشيما من عائلة تمت إلى الساموراي بصلة قوية فقد كان جده أحد ثوار عهد (الميجي)، لكن عيون الفتى أوشيما كانت تنظر إلى الغرب بكل ما يحويه من أفكار وأدب وسينما، وإذا كان هذا التطلع في البداية هو أعجاب وسعي إلى تطوير السينما اليابانية فانه في النهاية قاده كي يدخل الغرب نافضا عن ردائه الكيمونو الياباني، مسيرة أوشيما الطويلة تحمل في داخلها خصوصيتها وهي خصوصية بحاجة إلى رصد منطقي لسرد حياته، وهذا الرصد هو الذي سيفسر الطريق الذي انتهجه

ولد المخرج عام( 1932 )، وحين هزمت اليابان في الحرب العالمية الثانية عام(1945)كان عمره 13 عاماً، بدأ الاهتمام بالمسرح وهو طالب في الإعدادية عام(1950) ودخل جامعة طوكيو لدراسة الفلسفة لكن قراره كان أن يصبح ممثلا ومخرجاً، عام(1954) تخرج وانضم كمساعد مخرج في استوديوهات (أوفونا) وكذلك أسس مجلة مختصة بالسيناريو، قرأ كثيرا في كتب الأدب والمسرح والسينما والفن التشكيلي وتابع عروض الأفلام الأوروبية الطليعية التي كانت تغزو العالم آنذاك وتوصل إلى أن اليابان سيكون لها شأن كبير لو انفتحت على الغرب بكل أشكاله الكلاسيكي والطليعي.

عام(1959) يخرج فيلمه الأول (مدينة الحب والأمل أو الفتى الذي يبيع اليمام) عن سيناريو كان قد نشره في مجلته، وقد لفت الفيلم الأنظار إليه، وفيه رسم صورة المجتمع الذي يحدوه الأمل والتفاؤل عبر حكاية محملة برسالة إنسانية، برغم أن الفيلم لم يحقق النجاح المرجو إلا انه كان الفاتحة لفيلمه الثاني (حكاية الشباب القاسية) ويتحدث عن المعضلات التي تواجه الشباب الياباني بعد الحرب الكونية وما يعتريه من آمال محبطة، وهكذا كانت أفلامه التالية تحمل نفس الأسئلة عن الواقع الياباني وهموم الشبيبة، وكان فيلمه التالي (قبر الشمس) وفيه انتبه النقاد الى الانبهار الذي يضعه أوشيما لشخصياته والمواقف التي يضع فيها هذه الشخصيات وهي انعكاس لروح المخرج القلقة، وكانت الأسئلة التي تطرح عن الواقع الياباني هي أسئلة تطرح أولا على الروح القلقة، هذا الفيلم جعل الشبيبة اليابانية أمام خيار واحد فقط هو خيار فقدان الهوية... أوشيما غير كوراساوا  فهو لا يهتم بالتراث الياباني العريق (كمسرح النو، الساموراي، الكابوكي، الكيمونو، الساكي ... وغيرها من التقاليد) بل ارتبط بالثقافة الغربية برغم أن هذا الارتباط لم يمنعه من النظر إلى بعض المشكلات اليابانية من باب التمسك بشيء من القيم أو نبذها وهي في طريقها إلى الزوال وكأنها صرخة احتجاج، وجاء فيلمه التالي (ليل وضباب فوق اليابان) وهو واحد من أول الأفلام ( السياسية اليابانية) ويتحدث فيه عن فشل النضال الذي خاضه اليابانيون ضد تجديد معاهدة (أكانوا) بينهم وبين المحتل الأمريكي عبر حكاية تجري في مكان مغلق (بيت) حول مأدبة، عبر حوارات بين شخصيات الفيلم، والتي قدم فيها المخرج نموذجا للفكر السياسي الياباني ونقدا عنيفا لهذا الفكر، كثرة الحوارات جعلت الفيلم أشبه بالخطاب السياسي وهذا الأسلوب سوف يتميز فيه أوشيما، أسلوب الانفجار الشكلي وهذا غير مألوف في سياق السينما اليابانية ( هذا الفيلم سحب من دور العرض اليابانية بعد أربعة أيام من عرضه) ففي نفس الوقت اغتيل الأمين العام للحزب الاشتراكي وسادت اليابان فوضى كبيرة، بعد هذا الفيلم أضطرب أوشيما لاسيما علاقته بالشركة المنتجة، فعمل مع شركة جديدة وكان فيلمه (الفخ) عن رواية (كنتسابورو آوي) وهي حكاية عن آخر أيام الحرب العالمية الثانية كما عاشتها مجموعة من الصغار، برغم أن أوشيما لم يكن راضيا عن هذا الفيلم إلا انه وجد في موضوعه إمكانية أخرى لنقد الواقع الياباني وقد صور الحكاية في زمن غير زمن تصوير الفيلم، فيلمه التالي (المتمرد) كرس نفس وجهات نظر المخرج حول مجتمع ياباني الذي يتطور اقتصاديا وسياسيا ولكنه لا يريد التطور إنسانيا، جاءت بعد هذا الفيلم فترة صمت طويلة إلى أن أخرج فيلمه (اللذات) عام ( 1965 )جاء هذا الفيلم وما تبعه من أفلام حتى عام (1972 ) لتكرس أوشيما مخرجاً ذا سمعة عالمية (يوميات لص، عنف في النهار، دفتر النينجا، أغنيات الجنس اليابانية، صيف ياباني، الإعدام، الاحتفال، أخت صغيرة للصيف) حتى جاء فيلمه المشكلة والذي أحدث ضجة كبرى (إمبراطورية الحواس) وهو أنتاج فرنسي وقد منع هذا الفيلم وحوكم مخرجه إنطاقا من إباحية الفيلم وتصويره للمشاهد الجنسية وكأنه فيلم (بورنوغراف)، وقد كتبه أوشيما بعد أن قرأ خبرا صغيرا في جريدة يقول أن امرأة قطعت قضيب عشيقها وأخذت تطوف به في الشوارع مجنونة حبا،  ليتممه بفيلمه التالي (إمبراطورية الرغبة) وهو استكمال لفيلمه الأول متناولا فيه تجربة الجنس في ذروتها، بعد هذين الفيلمين يصور أوشيما فيلما آخر ذا طابع غريب عن الحرب العالمية الثانية من وجهة نظر يابانية عبر حكاية أسرى إنكليز في معسكرات الاعتقال اليابانية انه فيلم (عيد ميلاد سعيد سيد لورنس) ويعدّ هذا الفيلم من وجهة نظر شخصية أفضل أفلامه اليابانية وتجري أحداثه في (جافا) عام(1942) حيث معتقل لجنود الاحتلال الإنكليز يحاول هؤلاء الأسرى التكيف مع وضعهم الصعب فهم فريسة لضباط غير طبيعيين يحاولون توجيه المعتقلين حسب مزاجهم لتنقلب الآية فيما بعد بتحول دراماتيكي للحرب ويصبح هؤلاء الضباط بدورهم أسرى لدى الإنكليز، لقد وظف أوشيما الصراع هنا بين عالمين متناقضين (وهي مشكلته الازلية) وحضارتين مختلفتين غرب/أوروبي وشرق/ياباني وكانت هذه اللمسة الإنسانية في الفيلم قوية وعميقة ورفعت الفيلم الى نوع من الرؤية النفسية المثيرة والقلق الروحي، ثم يصور فيلمه المقلق والمثير من أنتاج فرنسي أيضا (ماكس حبيبي) ليصدم المشاهد بكثير من الدهشة ذلك الحب غير الافلاطوني بين بطلة الفيلم والشمبانزي!! في عام (2000 )وقد تجاوز الـ (68) من العمر وهو على كرسيه المتحرك مشلولا يصور فيلمه الأخير (تابو) في موطنه اليابان، وهو حكاية عن علاقة حب بين رجلين من الساموراي، ويبدو أن أوشيما لن يكف عن طرح الأسئلة المقلقة عن الشبيبة اليابانية وعن واقع بلاده ونقد كل مظاهر الثقافة ولن يكف الحديث أيضا عن الجنس والموت، ولكن هل استفاد أوشيما من تجربته الغربية ، وماذا بقي من أوشيما الياباني ؟ بقيت منه الروح التي خلدت اسمه كواحد من اهم اساطير اليابان مثل عمالقة الساموراي ومسرح الكابوكي وثورة اليابان الصناعية، بالتاكيد ستمر سنوات طويلة وسيبقى اسمه خالداً يتذكره عشاق السينما مثلما يتذكرون كيراساوا.

المدى العراقية في

27/02/2013

بغــــــــداد حــلــــــــــم وردي فــــــاتح اللـــــون

بغداد / المدى  

زرنا موقع تصوير الفيلم السينمائي (بغداد حلم وردي) في منطقة الأربعة شوارع  في اليرموك.. حيث تتداعى  بيوت هادئة بعضها هجرها أصحابها وبعضها الأخر مازال أهلها يعيشون فيها بالرغم من الصعوبات التي عاشها العراقيون في الأعوام الماضية.

الفيلم بطولته من النسوان (على حد تعبير) مخرجه الفنان القدير فيصل الياسري .. وهؤلاء النسوة يمثلن العوائل العراقية الاصيلة  التي تضحي بكل شيء من أجل الوطن .

الفيلم روائي طويل رصدت له ميزانية ضخمة ربما هي الأولى في تأريخ السينما العراقية ، كما جلبت له كاميرا جديدة ( F3 ) هي الأولى التي تستخدم في السينما عندنا وهو من أفلام مشروع بغداد عاصمة الثقافة العربية.

مخرج الفيلم الفنان الكبير فيصل الياسري كان هادئاً للغاية وهو يحمل خبرة أكثر من خمسين عاماُ في المشهد الثقافي وأربعة أفلام سينمائية أخرجها سابقاً وهي (النهر - الرأس -  القناص  -  بابل حبيبتي ) وهاهو يعيش التجربة الخامسة بعد أكثر من 25 عاماُ على آخر فيلم له.

قال الياسري :ـ الفيلم مأخوذ عن رواية الكاتبة (ميسلون هادي) الموسومة (بغداد حلم وردي فاتح اللون) ، وقد كتبت لها السيناريو وأعدت كتابته سبع مرات حتى أخرج بلغة سينمائية تتماشى مع لغة السرد السينمائي لان السينما غير الرواية. وأحداثه تجري ما بين عامي 2007 و2008.

واضاف :ـ الفيلم يتحدث عن عشق بغداد .. وسر التعلق بالوطن من خلال علاقات درامية لخمس نساء  يشعرن بالانتماء الى الأرض والبيت والوطن.

وقاطعنا الياسري ليعلن بدء التصوير (اكشن).. حيث يتضمن مجيء بطلة الفيلم الفنانة (هند كامل) الى المنزل الذي ستسكنه, وهو منزل متروك تنتشر الأعشاب على بابه وحتى على أرض (الطارمة) بسبب مغادرة أهله الى خارج العراق بسبب الأحداث التي حدثت في أعوام المحنة الطائفية.

وتظهر الفنانة هند كامل بعد أن أوصلتها سيارة (التاكسي) وهي ترتدي ثوباُ وردياً كما هي بغداد ذات حلم ورديّ

لكن من هن (النسوان الأربع) الأخريات في الفيلم ؟ سألت فناننا الياسري فرد عليٌ وهو منشغل بالتصوير والتحضير للقطة أخرى.. فقال :ـ

إضافة الى الفنانة (هند كامل) هناك الفنانة (أميرة جواد) جارتها في البيت المقابل وكذلك هناك الفنانة (سمر محمد) صاحبة البيت الذي تسكن فيه مؤقتاُ الفنانة(هند) هي ونجلها الفنان(أسعد عبد المجيد)  الى جانب الفنانة (انعام الربيعي) والفنانة الشابة (آلاء نجم). والفنيون الموجودون في موقع التصوير هم مهدي كامل وشكيب رشيد وشهاب الملا وإياد حامد وسمير صاحب وفلاح عبود وحيدر طه وعمر كامل وياسرعمران ومنتصر القصاب وياسر سامي وعلي كامل ورونق فائق ونزيه الصراف.

·        وهل أن الشخصيات تقتصر على النسوان ؟ سألت، فرد الياسري

- لا طبعا لأن العنصر النسائي أينما تجده لابد من وجود الرجال حتى تكتمل الحياة .

·        إذن من يمثل فيه من الرجال ؟

- هناك نخبة من الفنانين الكبار والشباب يقف في مقدمتهم الفنان القدير  د. سامي عبد الحميد الذي يظهر  في الفيلم كمعاق على كرسي متحرك .. وهو شخصية إيجابية تعمل على تفقد جيرانه بالرغم من عوقه.

وأضاف :ـ ويشارك أيضا في الفيلم الفنان د. ميمون الخالدي والفنان الشاب خليل فاضل خليل الذي يمثل شخصية (الحدقجي) الذي يحب كل أهل المنطقة ويعمل على مساعدتهم في كل صغيرة وكبيرة.. الى جانب فنانين آخرين .

·     وأثناء فترة الاستراحة أو كما يسميها الكادر(فترة البريك) إلتقينا الفنانة القديرة (هند كامل) التي  تعود الى العراق بعد عشر سنوات من الغياب فهي تقول :ـ

- عدت الى بغداد وكأنني لم أغادرها, لأنها ظلت تعيش في وجداني وضميري طوال  فترة الغياب.. 

·        ماذا عن دورك؟

أمثل شخصية (نادية) الدكتورة في الزراعة بعلم الحشرات بالذات, تعود بعد دراستها الى بغداد لتخدم وطنها, في نفس الوقت الذي غادرت عائلتها بغداد الى المحافظات بسبب الأحداث  المؤسفة، فتنصحها  صديقتها بأن تسكن مؤقتاُ في بيت لقريبة لها الى حين إيجاد سكن آخر... وبالرغم من الانفجارات والأحداث الصعبة فإنها تتمسك ببغداد والعيش فيها وعدم مغادرتها حتى في أحلك الظروف.

·        الفنان خليل فاضل كان في موقع التصوير فقال :ـ

- انها أول تجربة احترافية مع مخرج قدير هو الفنان فيصل الياسري وأنا سعيد بالتجربة. وسأحاول أن أقدم  (كركتراُ) مختلفاً عما قدمته... وأمثل في الفيلم (عمار) الحدقجي وهي شخصية لطيفة ويعمل على مساعدة أهل الشارع الذي يعمل في حدائقهم.

و أضاف عمار الحدقجي من الديوانية ويعمل في بغداد بالمنطقة التي تسكن فيها هند, وهو شخص إيجابي سبق أن  أكمل كليته، والظروف جعلته يعمل في الحدائق ويساعد الجميع من أجل تيسير أمرهم.

* الفنانة أميرة جواد قالت :ـ أمثل شخصية رئيسة في الفيلم مع الفنانين (هند كامل وسمر محمد وسامي عبد الحميد), وهي شخصية (فاتن) التي تحب ابن عمها لسنوات وعندما يخطبها يطلب منها أن يهاجر معها الى خارج العراق, لكنها ترفض ذلك بسبب تشبثها ببغداد وعشقها لها بطريقة غريبة.. وبالتالي ترفض السفر وتقبل بمغادرة الحبيب من أجل حبيبة أكبر وأهم هي بغداد العزيزة.

والفيلم كما تقول أميرة يطرح غير موضوع.. منه الجانب العاطفي والجانب الإنساني  إضافة الى ما يحدث  في الشارع البغدادي وعلاقة الناس بذلك.. انها شخصية بغدادية كما أنا في الحقيقة بغدادية من باب الشيخ.

المدى العراقية في

27/02/2013

 

أسامة الشاذلي يكتب عن تكسير الاصنام : أحمد السقا....لا أنا فارس ولا فتي أحلام  

في نهايات السبعينيات بدأت أفلام الحركة في الانتشار، بعد تسويقها على الطريقة الأمريكية للعالم بأكمله، ووجدت السينما المصرية نفسها في مأزق انحسار المنافسة الذكورية لأداء هذا النوع ما بين نور الشريف ومحمود ياسين و أحمد زكي وعادل امام لابتعاد يحيى الفخراني وحسين فهمي ومحمود عبدالعزيز عن هذا النوع من الأفلام، ومع الترهل الجسدي لنور الشريف، وهروب أحمد زكي من سذاجة هذه الافلام، وفشل محمود باسين المريع في أدائها، وانفراد عادل امام بأدائها مع نكهة كوميدية ثم رحيله عنها مع بداية ارتباطه بشريف عرفة، بدأ ظهور نوع من أبطال الفلين الذين استدعتهم السينما من صالات الحديد مثل الشحات مبروك، ومن صالات البلياردو عفوا الكونج فو يوسف منصور ومحاولات على استحياء شديد الاساءة لهشام سليم، واصرار نور الشريف الغريب على اكمال هذه السلسلة من افلام الحركة، أخذت هذا الأفلام في أداء دور كوميدي لا يليق بافلام الحركة التي أخذت في التطور عالميا والتخلف محلياً لدرجة اعتبار ما قدمه نيازي مصطفى وفريد شوقي من أفلام خلال منتصف القرن ومما تسبب في أن ينال شوقي لقب "نجم الترسو" تمهيداً لأفلام الحركة، طوره المخرج سمير سيف لدرجة أن الكاتب كمال رمزي يؤكد أن اهتمام سمير سيف بافلام قائلا: "عرف مخرج أفلام الحركة المستقبلي سمير سيف أن المعارك من الممكن أن تندلع برا ونيلا، ذلك أنه سمع الكثير من قصص مطاردات المراكب لبعضها البعض، بالقرب من الجزر التي تظهر في النيل، بالإضافة إلى حكايات العصابات الهاربة" نتيجة لميلاد المخرج في مدينة "أنبوب" في اسيوط، وكأن ميلادك في الأسكندرية كفيلا بأن تصنع أفلاما عن البحر.

حتى عام 2002 بعد أن قرر شريف عرفة تقديم أحمد السقا في فيلم "مافيا" كأحد أفلام الحركة والذي يناقش قضية مخابراتية ينجح فيها النجم الصاعد صاحب الجسد والعمر المناسب في مساعدة المخابرات في مهمتها، وهنا يستعين عرفة بالممثل أحمد السقا الذي اشترك في بداية حياته ومشواره الفنى في ادوار صغيرة منها مسرحية خدلك قالب في دور كومبارس حيث كانت تعرض في مسرح الشباب بالقطاع العام—مسرحية غلط في غلط—مسرحية النهاردة آخر جنان مع نجم الكوميديا محمد رضا، ومسرحية فيما يبدو سرقوا عبده.

تم اكتشافه على يد الكاتب أسامة أنور عكاشة وقدمه للمخرج محمد فاضل واشركه في مسلسل النوة عندما شاهده في مسرحية خدلك قالب اعجب بيه وسجل اسمه في نوتة جلدية وقدمه للمخرج محمد فاضل.

أيضا له ادوار صغيره في عده أعمال وهي دور في فيلم ليلة ساخنة مع النحم نور الشريف، ودور في مسلسل النوة مع النجمة فردوس عبد الحميد واخر في مسلسل نصف ربيع الآخر مع النجم يحيى الفخراني. أيضا دور في مسلسل ترويض الشرسة مع النجمة آثار الحكيم وبطولة سهرة جواز على ورق سوليفان ودور في المسلسل الشهير هوانم جردن سيتي مع كوكبة من ألمع النجوم والمشاهير.

وله ايضاً دور في مسلسل ألف ليلة وليلة كان دور جن اسمه بحبوك ودور في فيلم هارمونيكا.

حيث كانت إمكانيات النجم الصاعد الذي برز كـ"جان" في افلام محمد هنيدي الذي يفتقر تماماً لتلك الصفة السينمائية فحاول المخرجون تعويضها بوجود نجم مساعد يحمل عنه هذه المهمة في "صعيدي في الجامعة الأمريكية" و"همام في أمستردام" مما يتناسب مع قدرات السقا التمثيلية المتواضعة حينئذ، قبل أن يقرر بعد النجاح الباهر لفيلم "مافيا" في الانفراد بالبطولات الواحدة تلو الأخرى.

ولعل التاريخ سيذكر السقا كأفضل صانع للنجوم، حيث يستعين النجم الفراس كما يحب أن يطلق عليه ببطل مساعد في أغلب افلامه، فلم يشعر الجمهور بمصطفى شعبان سوى في فيلم "مافيا" أمام السقا، وكذلك قدم خالد صالح الذي صار نجما يشار له بالبنان، ختى أن خالد النبوي صاحب القبول الجماهيري الضعيف نال استحسان الجمهور في فيلم "الديلر" بمجرد وقوفة امام السقا، وكذلك عمرو واكد في فيلمي "تيتو" و"ابراهيم الأبيض".

ويعتبر السقا هذا نجاحاً له على الرغم من كون هذا تحديداً اشارة واضحة على قدراته السينمائية الضعيفة الت يجعلت ممثلا فشل في تقديم اعلان عن أحد أنواع الشيبسي في التفوق عليه، بل زاد وغطى عندما قرر السقا تقديم نوعية من الأفلام الرومانسية مثل "عن العشق والهوى"، ثم "تيمور وشفيقة"، ليتحول مشهد بكائه في الفيلم الأول لمشهد كوميدي يتناوله رواد اليوتيوب من أجل السخرية من البكاء.

ربما يملك أحمد السقا جسدا رياضياً تلاشى مع الوقت حتى بدا مترهلاً منذ فيلم "الديلر"، وربما كانت رياضته المفضلة ركوب الخيل، لكن عليه أن يعترف أنه مثل كل النجوم الذين تفرغوا لأداء أفلام الحركة عالميا (ستالوني - فان دام - شوارزينجر - جيت لي ) ممثل محدود القدرات، اعطاه المعجبون بريقاً يليق بالمثل الشهير "الجعان يحلم بسوق العيش" بعد عصر نور الشريف ومحمود ياسين ويوسف منصور.

البداية المصرية في

28/02/2013

 

حياة تتخللها الموسيقى وأصوات الشوك والسكاكين

«أمور».. الحب لا يقتله الموت الرحيــم

علا الشيخ - دبي 

يستمعان إلى الموسيقى، ويستمتعان بالقراءة، وحضور الحفلات الموسيقية، وعلى تواصل بابنتهما المتخصصة أيضاً بالموسيقى الكلاسيكية، هذه هي حياة الزوجين جورج وآن المتقاعدين الكبيرين في السن، أو بالأحرى هكذا يفهم المشاهد هذه الحياة في النصف الأول من فيلم «أمور» او بالعربية «الحب» الذي حصل على أوسكار فئة أفضل فيلم أجنبي أخيراً، وهو للمخرج النمساوي مايكل هانكه وبطولة الفرنسيين «ريفا ايمانويل وجون لويس ترانتيجنون» ويعرض حالياً في دور سينما اماراتية.

حول رغبة الموت والتمسك بالحياة في اللحظة نفسها، حول التفاني في العطاء واتخاذ قرار قد يلغي كل المعادلة، عن حب واحترام عمره عشرات السنوات، عن قرار يتخّذ والمشاهد لايزال مندهشاً ومتعاطفاً غير ناقم، كل هذه المشاعر ظهرت في الفيلم الذي أعاد للسيناريو الأوروبي حضوره.

حياة موسيقية

بين اسطوانات الموسيقى الكلاسيكية وبين عزف منفرد تقوم فيه «آن» وبين دعوات لحضور الأوركسترا والأوبرا، لا يمكن ملاحظة أي تعقيد يحوم حول هذا البيت الواسع المملوء بالكتب والاثاث الفرنسي الأنيق. انهما ببساطة زوجان طاعنان في السن متقاعدان لا يعيشان خارج الزمن بل يعيشان خارج الحياة، في ذلك المكان الذي لا يوجد إلا في سيناريو الأفلام الفرنسية التي تعلن أن الفرنسيين هم «الاستثناء الثقافي» للعالم.

تفاصيل

وحيدان أو منقطعان عن العالم باستثناء زيارات ابنتهما أو اجراء مكالمات هاتفية معها، يعرفون أن ما تبقى من عمرهما لن يكن بقدر الذي ذهب، لذلك هما متأنيان في كل شيء حتى في اختيار فستان الاستقبال أو ببيونة الحفل، يريدان أن يعيشا بين الموسيقى فقط، هذا الرتم البطيء قد يشعر المشاهد ببعض الملل، يكسره ربما محاولة شخص اقتحام منزلهما بغرض السرقة، وهي أول إشارة تزعزع كل هذا الاستقرار، وكانت هذه الحادثة جاءت لتضيف حركة في منزل لا تصدح منه سوى أنغام الموسيقى وصوت الشوك والسكاكين اثناء الطعام، تظهر «آن» كأنها تدعي الخوف لتحول الحادثة إلى قصة كبيرة تحكي عنها، هي بحاجة الى أن تحكي، فالصمت على ما يبدو آن له أن يصرخ، فلا يتردد الزوج في الانصياع إلى هذا الخوف ويعود بدور الرجل الذي يريد حماية زوجته، ويكتفي فقط بإحكام غلق الباب من دون حتى ابلاغ الشرطة، فهما طيبان، وفي داخلهما كانا شاكرين لهذا الحدث الذي أضفى صخباً ولو لمدة قصيرة.

ففي هذا الوقت لا يعرف المشاهد ماذا سيحدث لاحقاً، هو امام زوجين مثاليين محترمين لا ينطقان ولا كلمة واحدة فاحشة أو عبارة بذيئة، مع حضور اشارات وهمية تصور تفاصيل حياتهما كأن الكبت شعارها وقلة العاطفة عنوانها.

منطق الأسلوب

كل هذه التفاصيل سابقة الذكر جاءت عملياً، بعد المشهد الافتتاحي للفيلم، وقد ظهر جورج كأنه يقتل زوجته «آن»، مشهد وضعه المخرج كي يجعل المشاهد دائم الشك في نية الزوج، ويحاول بناء المشاهد كي يؤكد أن الزوج لا يستحق العطف على الرغم من كل الحب والموسيقى اللذين يملآن البيت، فبعد المشهد الأول يعود المخرج بخاصية «الفلاش باك» لذكر تفاصيل حياتية عاشها الزوجان معاً.

الإشارة الثانية

لو توقف جورج عند قصة محاولة اقتحام منزلهما، لكان سير الحياة ظل على بساطته ورتابته، لكنه لم يتوقع أن تقحم حياته إشارة ثانية ستقلب بيته وسكونه رأسا على عقب، فـ«آن» العجوز الجميلة ذات الأصابع الطويلة التي تلعب على مفاتيح البيانو بخفة وألق، تصاب بسكتة قلبية، وجراحة تفشل معها كل المحاولات بأن تعود آن مشياً على قدميها، هي مشلولة الآن على جانب واحد وكرسي متحرك، تعود إلى بيتها الذي تسميه وطنها بعد غربة حسب تعبير عيونها قضتها في المستشفى، تعود لترى جورج الى جانبها وابنتهما، لا تعابير ولا قدرة على الكلام، وطبعاً لا جلوس خلف البيانو، كل شيء انهار فجأة، ردة فعل الابنة وخوفها وغضبها، والأب المكابر الذي لا يريد التفكير الا في اللحظة، مشاعر تنقل أحداث الفيلم من الهدوء الى الصخب، تنفعل معها مشاعر المشاهدين، خصوصاً عندما تحاول «آن» التكلم وتكون جملتها بطلب وعد من جورج الا يعيدها الى المستشفى، مع نظرة توسل، وإيحاء بأنها على استعداد للموت وعليه أن يسمح لها بذلك.

وهذا الإيحاء أو الفهم بين زوجين قضيا عشرات السنين مع بعضهما هو الذي سيكشف كل خيوط مشهد القتل الافتتاحية.

وإلى أن تحين هذه اللحظة، يقوم جورج بكل ما بقي من طاقته كي يهتم بزوجته العاجزة، من تحضير الطعام لها وإطعامها وإدخالها إلى الحمام والعناية بنظافتها، وحتى سماع الموسيقى معاً.

تبرير البداية

لا شيء يبرر القتل، هذا صحيح، ولكن الطب وأصحاب المواقف الأخلاقية لايزالون على حيرة من أمرهم بما يسمى «الموت الرحيم» فبعد ساعة و40 دقيقة من مدة الفيلم التي تقترب من الساعتين، سيكون المشاهد أمام زوج يعتني بزوجته الحبيبة العاجزة، المشاهد وصل إلى مرحلة بدأ يتعاطف مع جورج كأنه يتواطأ معه بشكل غير مباشر مع أي قرار سيأخذه، وهذا ذكاء من المخرج الذي أدخل المتلقي إلى تفاصيل الحبكة، فالمشاهد جلها صورت في المنزل، بكاميرا على الأغلب ستكون واحدة، تنتقل من زاوية إلى زاوية، إضاءة تسلط على العيون والرجفان الذي لا علاقة له هذه المرة بالعمر، إلا أن يأتي المشهد الذي يعتبر الحاسم بين كل تفصيل تم ذكره في الفيلم، «آن تتألم بكبرياء وعزة امرأة لم تعرف سوى الحب والموسيقى، يجلس الى جانبها جورج يمسك بيدها، يؤكد لها أنه معها، وأن كل شيء على ما يرام، لينتقل بحديث عن الخوف ليشغلها عن ألمها، تخف تأوهاتها، لكنه لم يعد يحتمل أكثر».

بين الموت والحياة

في نهاية الفيلم الذي يكشف عن تفاصيل بدايته، المشاهد قد يتورط اخلاقياً مع قرار جورج بإنهاء حياة «آن»، في عينيه يتضح أنه يعرف زوجته أكثر من أي شخص أو أي حكم، هو أخذ الاشارة منها، هي تريد الموت كي يرتاح جسدها من العجز والألم، تأتي الكاميرا على يديه، وجهه اختفى تماماً عن المشهد، يمسك في الوسادة، والشيء الوحيد الظاهر في الكادر هي ساق «آن» وهي تقاوم الموت، مشهد مخيف ومؤلم على درجة ألم «آن» نفسها، قد تكون على استعداد للموت لكن هذا لا يعني أنها على استعداد لوقف حياتها، فحركة ساقاها تؤكد هذه المعادلة، في المقابل، جورج وسلوكه الراقي طوال الوقت مع زوجته التي يحبها، لا يريد سوى انهاء كل هذا البؤس، في تحدٍ لأي موقف معترض قد يصدر من الجميع.

لمشاهدة المزيد من المواضيع عن الفن السابع، يرجى الضغط على هذا الرابط.

الإمارات اليوم في

28/02/2013

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)