حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

خمسين

 

لينكولن

على أبوشادى

الأربعاء 27-02-2013 08:51

فى أحدث أفلامه «لينكولن»، اختار المخرج الأمريكى ذائع الصيت ستيڤن سبيلبيرج فترة فارقة فى تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، قبل نهاية الحرب الأهلية الأمريكية (١٨٦١-١٨٦٥) بعدة شهور وحتى اغتيال الرئيس الأمريكى إبراهام لينكولن فى ١٤ أبريل عام ١٨٦٥ بسبب موقفه الحاسم من رفض الاسترقاق وبعد نجاحه فى استصدار قانون تحرير العبيد المعروف تاريخيا باسم «التعديل رقم ١٣» من الدستور الأمريكى.. ومن ثم انتهاء الحرب الأهلية التى اندلعت بسبب إعلان إحدى عشرة ولاية من ولايات الجنوب الانفصال عن الاتحاد رفضا لقانون تحرير العبيد الذى يهدد مصالحهم الاقتصادية ويقلص امتيازاتهم ومكتسباتهم.

هنا، لا يقدم «سبيلبيرج» سيرة ذاتية كاملة للرئيس الأمريكى السادس عشر بل يتوقف عند إنجازه التاريخى الذى دفع حياته ثمنا له ومعه ستمائة ألف مواطن هم ضحايا تلك الحرب ويصور مدى إيمانه العميق وموقفه الراسخ والحاسم ضد استمرار العبودية ونجاحه فى تمرير القانون، ربما عبر أساليب ملتوية وغير أخلاقية، يصورها «سبيلبيرج» بذكاء وحس ساخر دون إدانة، ليقدم نموذجاً لألاعيب السياسة، وتطبيقاً فذاً للميكياڤيللية، فلا مانع أن تبرر الغاية الوسيلة.. تتعدد الصفقات واحدة تلو الأخرى لنصل إلى الجلسة الختامية للمجلس ووسط أجواء متوترة يسودها الترقب والقلق، يبرع فى تنفيذها المونتير «ميشيل خان»، ليقدم «سبيلبيرج» نوعا من السيرك البرلمانى، يكاد يتشابه أو يتطابق مع مجالس نيابية كثيرة تتشدق بديمقراطية مزيفة تم «طبخها» فى الغرف المغلقة! تبلغ الجلسة ذروتها فى اللحظات الأخيرة حين يعلن رئيس الجلسة الموافقة على التشريع وانتصار لينكولن وسط تهليل -أو تكبير- أنصاره الذين يبكونه بعد شهور قليلة عندما اغتالته يد التعصب المقيت.

لينكولن عند «سبيلبيرج» -بأداء «دانييل دى لويس» الذى ينجح فى اقتناص جوهر الشخصية ويبرع فى التعبير عن روحها- رجل يتسم بالبساطة والتواضع والحكمة إضافة إلى خبرة عميقة بالحياة وقدر غير قليل من المشاعر الإنسانية تتبدى فى سلوكه مع أفراد أسرته الصغيرة.. يتعامل مع طفله بحنوٍ بالغ ومع ابنه الشاب روبرت بحسم تشُوبه لمسة تراخٍ وتراجع، يجمع بين صرامة الأب وعاطفة الأبوة، يتفهم موقف الأم مارى تود بأداء سلس للممثلة المخضرمة «سالى فيلد»، حين ترفض بشكل قاطع، رغم رغبة الأب والابن، انضمام روبرت إلى الجيش خوفاً من أن تفقده شأن شقيقه ويللى الذى مات فى الحادية عشرة.

«لينكولن» محاولة جادة لإعادة كتابة التاريخ بالسينما، بعمل متقن حرفياً، تكاملت عناصره فى إحكام مَنَحهُ ترشيحاً لتسع جوائز فى مسابقة الأوسكار ٢٠١٣.قد يحمل ذلك، إلى جانب الاستحقاق الفنى، نوعاً من النوستالجيا أو الحنين لاسم لينكولن الذى قُدّم سينمائيا عدّة مرّات منذ الثلاثينات حتى فيلم «لينكولن» سبيلبيرج فى ٢٠١٢ الذى قدّم وجهاً آخر وصورة مختلفة -للبطل القومى- نزع عنها هالة القداسة وجعلها أكثر بساطة وإنسانية.

يحمل الفيلم فى مُفتتحه لمسةً ساخرةً، رغم جديتها، أشبه بالنبوءة المتأخرة، حين يلتقى الرئيس -وسط أجواء الحرب- بمجموعة من الجنود «السود».. يُعرب أحدهم عن سعادتهم بالمشاركة لأول مرّة فى حرب بجوار الجنود «البيض».. ويعتب لعدم وجود قيادات من ضباط ملونين حتى الآن؟ يأتيه الرد سريعاً من جندى زميل أسود مدرك للعقلية العنصرية أنه ربما يتسامح معنا البيض فنرى ضابطاً كبيراً أسود بعد خمسين سنة.. وقد يسمحون لنا بالتصويت بعد مائة عام.. وإن لم يكمل أن الأمر احتاج لما يقرب من مائة وخمسين سنة وسبعة وعشرين رئيساً، بعد خطوة لينكولن الأولى، ليصل أوباما -الرئيس الرابع والأربعون- كأول رئيس «أسود» إلى البيت «الأبيض»!

 

لحيةٌ بيضاء.. وأنفٌ مُخضَّبٌ بالدماء

على أبوشادى

الأحد 24-02-2013 09:06

فى الدقائق الأولى من فيلم«Zero Dark Thity»، (موعد تنفيذ عملية القبض على أسامة بن لادن، زعيم تنظيم القاعدة الذى روّع الأمريكيين واستهدف مصالحهم فى مختلف أنحاء العالم).. تطالعنا شاشة سوداء تماماً، كتب عليها (١١سبتمبر٢٠٠١)، بينما يحتشد شريط الصوت بصرخات وأصوات استغاثة تتعالى تطلب النجدة.. تعانى من الاختناق وتقترب من الانصهار بسبب ارتفاع درجة الحرارة، مختلطة بإشارات إلى هجوم انتحارى بالطائرات على برجى مركز التجارة العالمى.

مشهد افتتاحى يهيئ المشاهد نفسياً ويذكّره بما حدث فى ذلك التاريخ، ويمهّد لما سوف يراه لاحقاً بعد سنتين، من عمليات عنف وتعذيب لمواطن عربى اشْتُبه فى انتمائه لتنظيم القاعدة المتهم بارتكاب الهجوم الإرهابى الذى راح ضحيته أكثر من ثلاثة آلاف أمريكى، واعتبر أكبر لطمة وجهت إلى أمريكا على أرضها!!

فيما يقرب من عشر دقائق، نتابع مشهداً بالغ الوحشية لعملية استجواب الشاب العربى لاستنطاقه بأية معلومات عن شركائه فى التنظيم، تتخللها محاولات خنقه بالماء أو حبسه داخل صندوق صغير لا يتسع لجسده! جرعة زائدة ومزعجة من القسوة والإيذاء البدنى والنفسى، تنفذها المخرجة «كاترين بنجلو» بدم بارد وروح انتقامية، دون ضرورة درامية، يتم ذلك على مرأى ومسمع مايا «جيسيكا شاستين» عميلة المخابرات المركزية الأمريكية دون أن يطرف لها جفن سوى ارتجافة خجولة عابرة، فهى كما سنشاهدها على مدى الأحداث، امرأة حديدية، تؤمن إيماناً راسخاً بضرورة الحرب ضد الإرهاب، أوفدتها الوكالة إلى باكستان لترأس فريق البحث عن أسامة، يقدمها سيناريو «مارك بول» بلا بيت ولا أسرة ولاهدف سوى العثور على بن لادن حياً أو ميتاً!

عبرعشرات الأماكن والمقرات السرية والعلنية للمخابرات الأمريكية، داخل وخارج أمريكا، وبتتابع تاريخى ممل، يقترب من أسلوب التحقيق الصحفى، ومسحة تسجيلية مفرطة باعتبار أنه يستند إلى وقائع حقيقية، يسرد السيناريو تفاصيل جهود مايا ومجموعة العاملين معها، على مدى تسع سنوات تقريباً (٢٠٠٣-٢٠١١) للعثور على أية خيوط تصلهم إلى مقر بن لادن متنقلين بين باكستان وأفغانستان وإنجلترا وبولندا والكويت ولا مانع من الإشارة إلى تعاون حكومة الأردن معهم، وإن تشككوا فى معلوماتهم، وأعتقد أن كشف أسماء هذه المواقع لم يكن بغرض التوثيق فقط بل يحمل نوعاً من التهديد والترويع، فأينما وحيثما تكونوا تدرككم أذرع المخابرات الأمريكية.

فى المشهد الأخير، وفى الساعة الثانية عشرة وثلاثين دقيقة بعد منتصف ليلة حالكة السواد، يشير إليها اسم الفيلم، «Zero Dark Thirty» تتحدد ساعة الصفر لتنفيذ عملية الهجوم الذى يستغرق -سينمائياً- مايقرب من نصف ساعة وهو مايعادل تقريبا الزمن الذى استغرقته العملية فعلياً، نشاهد أثناءها عمليات قتل بالجملة للأطفال والنساء والشباب والشيوخ فى مذبحة مروّعة تنتهى بإعلانهم مصرع بن لادن.

ما بين المشهد الأول الذى يبرر وحشية وهمجية المشهد الأخير، لم يتطرق الفيلم ولو بإشارة عابرة، إلى من هو بن لادن وماهية تنظيم القاعدة وأسباب نشأته ولماذا يمارس أعضاؤه العنف ضد الأهداف الأمريكية.. إنهم فى رأى صناع الفيلم، إرهابيون بالفطرة، يعادون أمريكا بلا سبب!!

فى الدقائق الأخيرة من الشريط الطويل المترهِّل (ساعتان ونصف الساعة)، تتقدم مايا قبل الرحيل نحو الكيس الذى يحتوى جثة بن لادن.. تتابعها الكاميرا.. تقترب.. تفتح الكيس وتنظر إلى الجثة.. تضع المخرجة الكاميرا فى مستوى قدمى الجسد المسجى، فلا نرى من وجه القتيل سوى لحية بيضاء وأنف مخضب بالدماء مع إيماءة مرتبكة توحى بأنها لـ«بن لادن».. تُغلق الكيس.. تتجه بخطوات متثاقلة إلى الطائرة الحربية التى سوف تُقلها وحدها.. يسألها قائد الطائرة عن وجهتها.. لا ترد.. داخل الطائرة تجلس وحيدةً، شاردة، نظراتها زائغة، ترتسم على وجهها علامات الحيرة بينما تتساقط دموعها.. تنطلق الطائرة تاركةً وراءها سؤالاً بلا إجابة.. هل هى دموع النجاح والانتصار، أم الفشل والهزيمة؟.. هل ما رأته هو جثة بن لادن فعلاً؟ أم أنها اضطرت للكذب وأن جهودها ذهبت أدراج الرياح؟

 

السينما الثالثة..

على أبوشادى

الأحد 17-02-2013 08:28

تُتابع الكاتبة والمخرجة، عطيات الأبنودى فى كتابها: «السينما الثالثة» الذى صدر مؤخراً عن المجلس الأعلى للثقافة، محاولات السينمائيين والنقاد، على مدى أكثر من خمسين عاماً، للخروج من عباءة السينما الاستهلاكية السائدة التى تُزيّف وعى الجماهير، وتعمل على تكريس الواقع، وتؤجل الثورة على النظم الديكتاتورية والاستبدادية.

فى مقدمة الكتاب الذى يقترب من خمسمائة صفحة، ترى الكاتبة أن وصف السينما بالأولى أو الثانية أو الثالثة لا يتعلق بالدرجة وإنما بالنوعية، فـ«الأولى» هى من أرسى النظام الذى يرى أن السينما مجرد عروض للتسلية والترفيه، لها نجومها التى تتبناهم أو تصنِّعهم، ويلعب المتفرج فيها دوراً سلبياً ويهرب، فيها، وبها من مشكلاته اليومية، وقد تسيَّدت هذه السينما الشارع السينمائى وما زالت قادرة على الاستمرار بفضل استيعاب صنَّاعها للتقنيات الحديثة.

«السينما الثانية»، هى محاولات الخروج على النظام الأول، بدأت مع ظهور تيار «الواقعية الجديدة» فى إيطاليا بعد هزيمتها فى الحرب العالمية الثانية بفيلم روبرتو روسيللينى «روما مدينة مفتوحة» ١٩٤٥، الذى دشَّن فكرة خروج الكاميرا إلى الشوارع والعمل مع ممثلين غير محترفين والاعتماد على الحوار التلقائى.

فى عام ١٩٥٩، ومع عرض فيلم «هيروشيما حبيبى» لألان رينيه، كان الخروج الكبير على تقاليد السينما الأولى بظهور «الموجة الجديدة الفرنسية» أو «سينما المؤلف»، التى ترى أن للمخرج دور أساسى فى العملية الإبداعية، «فهو كاتب النص السينمائى للشاشة مباشرة وقدَّمت، هذه الموجة، أشكالاً ومحتوى فكرياً وطريقة للسرد كلّها جديدة وغير تقليدية، واعتُبرت مرحلةً هامة فى مواجهة السينما الهوليوودية»، وفى عام ١٩٦١، عُرض فيلم جان لوك جودار، «على آخر نفس» الذى اعتبره النقّاد التأسيس الفكرى والتطبيقى للموجة الجديدة الفرنسية».

لم تقف المؤلفة عند السينما الروائية فقط، بل تناولت حركات التجديد فى السينما التسجيلية بدءاً من الفيلم القصير «بوريناج» للمخرج الهولندى يوريس إيڤنز مروراً بإبداعات السينما الحرة فى بريطانيا و«سينما المقالة» للفرنسى كريس ماركر و«سينما الحقيقة» لجان روش، متابعة ومحللة، بدقة وعمق، لأعمال فنانيها.

«السينما الثالثة» فى رأى عطيات، هى الخروج على النظامين السابقين، وبحسب ألمانيفستو، الذى أطلقه السينمائيان الأرجنتينيان «فرناندو سولاناس وأوكتاڤيو خيتينو» فى نهاية ستينات القرن الماضى، هى سينما «لايحددها نوع الفيلم -روائيا أو تسجيلياً- ولا الاتجاه السياسى وإنما بكيف ترى العالم، وهى سينما شعبية تعبّر عن إرادة التحرر، وتقف ضد الخرافة، والتمييز العنصرى وهى البديل المباشر للسينما الأولى والثانية على خلفية أيديولوجية وباختصار يعمل فنانوها على تقديم فن سينمائى ثورى يقوم بدوره فى المجتمع، وقد تراجعت هذه السينما فى السنوات التالية، وتعزو الكاتبة أسباب تراجعها وعدم استمرارها -رغم توجهاتها النبيلة- إلى فشل معظم الثورات المسلحة التى كانت هذه السينما من أدواتها الرئيسية، وأن الكثير من أفلامها لم يصل إلى جمهورها المستهدف الحقيقى.

تتسم صفحات الكتاب، رغم الإسهاب، بالموضوعية فى الطرح، والانحياز فى الرؤية، فالمؤلفة ليست مجرد راصد سلبى لتاريخ السينما، بل منحازة -بجلاء- لتيارات التجديد ولسينما الإنسان البسيط والطبقات الكادحة المكافحة فى العالم الثالث، لكنها، مع تقديرها الرفيع للفنان الكبير شادى عبدالسلام الذى رأت أنه «تجربة فريدة فى السينما العالمية» كان عليها أن تتروى قليلاً فى حكمها القاسى غير المنصف على تجربة «جماعة السينما الجديدة» فى مصر والتى وصفتها بأنها «مجرد جماعة إصلاحية توقفت مطالب أعضائها عند انتزاع بعض فرص العمل» واعتبرتها «سحابة انقشعت من سماء السينما المصرية»، دون أن تحاول وضع التجربة فى سياقها التاريخى، سياسياً واقتصادياً وثقافياً، وأن تجتهد فى البحث عن أسباب انحسارها التى قد تتشابه مع ماحاق بالسينما الثالثة!

فى تقديمه الموجز الرشيق للكتاب، يرى الصديق العزيز الناقد السينمائى كمال رمزى -عن حق- أنه «أنشودة تبجيل عذبة لتاريخ السينما، بموجاته الفكرية، وتطوراته الصناعية وعلاقته بالقضايا المعتملة فى الواقع»..

كتاب يستحق القراءة، وجهد جدير بالتقدير.

 

عطيات..

على أبوشادى

الأربعاء 13-02-2013 08:51

تظل عطيات الأبنودى إحدى العلامات الفارقة فى تاريخ السينما التسجيلية المصرية بعشقها الخالص لهذه السينما، وانحيازها الكامل للمواطن المصرى البسيط، وقدرتها على التعبير عن معاناته وهمومه وأحلامه وآماله وأشواقه، منذ بداياتها عام ١٩٧٢ بفيلم «حصان الطين» الذى كان انعطافة فى تاريخ السينما التسجيلية فى مصر، ومؤصلاً للتيار الاجتماعى بها، وممثّلاً مع فيلم المخرج الكبير هاشم النحاس «النيل أرزاق» البداية الحقيقية للسينما التسجيلية المصرية الجديدة، ذلك أنها واحدة من القلائل الذين يملكون إدراكاً واعياً بطبيعة اللغة السينمائية وبدور الفيلم التسجيلى فى إعادة اكتشاف الواقع وقدرته على زيادة وعى الجماهير وتحريضهم للعمل على تغييره إلى الأفضل. أكثر من عشرين فيلماً وعشرات الجوائز من المهرجانات المحلية والعربية والدولية هى حصاد رحلة تلك الفتاة الصغيرة الطموحة التى انتقلت من مدينة السنبلاوين الهادئة فى دلتا النيل إلى القاهرة الصاخبة موظفة صغيرة بالسكة الحديد لتصل بموهبتها وقدراتها وطموحها إلى هذه المكانة الفريدة على المستويين المحلى والعالمى.

تُفصح أفلام «عطيات» عن عشقها لمصر، المكان والإنسان، ترى البسطاء فى أفلامها فى حالة عمل دائم.. تتوغل بالكاميرا فى حياتهم لتكشف عن جوهرها، وتتقدم نحو العمق (التقدم إلى العمق ١٩٧٩) محللة ظروف الواقع، مضيئة لعناصر الجمال والقوة فيه، شخوصها قوية، قادرة مكابدة، تعشق الحياة وتمارسها (إيقاع الحياة ١٩٨٨).. تتحرك بوعى تاريخى تختزنه أعماق إنسان الحضارات من أقصى الصعيد (ساندوتش ١٩٧٥) وحتى البحر.. والبحيرة (بحار العطش ١٩٨٠)، مدافعةً عن حق المرأة المصرية فى الحرية والمساواة، منتصرةً لها، مؤمنةً بدورها فى المجتمع، رافضةً كل أنواع التمييز ضدها (نساء مسئولات ١٩٩٤/ راوية - أحلام البنات ١٩٩٥)، ترى فى الديمقراطية السياسية والاجتماعية ضرورة لحل مشكلات الواقع المصرى (أيام الديمقراطية ١٩٩٦).

ولأن «عطيات» تقوم بعمل مونتاج معظم أفلامها، ولأنها تدرك معنى الإيقاع، تأتى هذه الأفلام، عادةً، قصيداً إيقاعياً مُترعاً بالشعر، مُفعماً بالصدق، رغم خشونة مفرداته، وتكتسب الصورة أهميتها عند «عطيات» من خلال حرصها على استخدام زاوية مستوى النظر لتدفع المشاهد أن يرى.. ويتأمل.. ويفكر.. ليغيّر.

فى «إيقاع الحياة»، الذى تتابع فيه الحياة اليومية للمصريين من أهل الصعيد من الميلاد إلى الموت، تحاول «عطيات» تقديم نموذج مصغر لحلمها فى تقديم موسوعة لـ«وصف مصر» البشر والمكان سينمائياً، وهو حلم لا يزال يراودها، ونأمُل أن يتحقق.

كانت «عطيات» -وما زالت- تعتبر الكلمة المكتوبة، كالسينما، أداة من أدوات التغيير، فأصدرت ثلاثة كتب؛ «أيام الديمقراطية» عن تجربتها فى إخراج فيلمها بذات العنوان، والثانى «أيام معه» وهو ذكريات شخصية عن فترة من فترات النضال السياسى فى مصر، والثالث -الذى صدر أخيراً- بعنوان «السينما الثالثة» بحث شائق عن تلك السينما المأمولة التى تستهدف بث روح الثورة فى جماهير العالم الثالث، كى ترفض الظلم والقهر والهيمنة، وتناضل من أجل الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.

 

«بييتا»

على أبوشادى

الأحد 10-02-2013 09:37

تقع أحداث فيلم «بييتا» بمدينة سيول عاصمة كوريا الجنوبية، حيث الثراء الفاحش والفقر المدقع كنتيجة حتمية للرأسمالية المتوحشة التى صعدت على أنقاض الطبقات الفقيرة، التى تعانى ظروفاً بالغة البؤس والإحباط اقتصادياً واجتماعياً، مما يضطر معظم أفرادها ساكنى العشوائيات ذات الطرق القذرة والمبانى المتهالكة، إلى الاقتراض من المرابين الكبار حيث يعمل جانج دو «لى جنج - جين» الشاب الثلاثينى المتمتع بقوة بدنية وقلب لا يعرف الشفقة، محصلاً لقروض أحد هؤلاء السادة الذى يُقرض المحتاجين من العمال والحرفيين المؤمَّن عليهم بأضعاف القرض، وحين يعجزون عن السداد -وحتماً سيعجزون- يُجبرهم على إلحاق إصابة بأنفسهم تمنعهم من العمل وتوفر لهم قيمة التأمين الذى يتسلمه بدلاً منهم، وهى المهمة التى يتولاها جانج دو ويمارسها بقدر كبير من الوحشية تفنن المخرج فى تصويرها وإبرازها بطريقة أقرب إلى السادية، تكاد تفقأ عين المشاهد وتدمى مشاعره عطفاً وشفقة على مصير هؤلاء البؤساء.

فى إيجاز ومن اللحظة الأولى، يقدم كيم كى - دوك كاتب ومخرج ومونتيرالفيلم، بطله وحيداً فى سريره يمارس العادة السرية بشكل روتينى وكأنها أحد طقوس الصباح، فهو بلا زوجة أو أهل وعشيرة أو أصدقاء، تتابع كاميرا مدير التصوير «چو يانج - چيك» الذى نجح فى إضفاء حالة من القتامة على الصورة تتناسب مع مشاهد القسوة المفرطة والكآبة التى تخيم على الأحداث والشخصيات، تتابع جانج دو فى رحلته اليومية المدمّرة وهو يتنقل من محل لآخر ينفث شرّه ككتلة نار تحرق من تقترب منه..

لاحقاً تقتحم حياته امرأة متوسطة العمر «جومن - سو» باعتبارها أمه التى افتقدها منذ ميلاده نادمة تطلب الصفح والمغفرة.. يرفضها بعنف ويكاد يغتصبها ببشاعة وبطريقة مهينة، وحين تنخرط فى البكاء يتركها ذاهلاً بعد أن تسرب إليه شك فى أنها قد تكون أمه بالفعل!

فى مشهد كاشف، تَدْلف الأم إلى أحد المحال تتأمل مقعداً خالياً وسلسلة مدلّاة من السقف، سبق مشاهدتها فى مفتتح الفيلم حين استخدمها شاب مُقْعد فى شنق نفسه، إنه ابنها أحد ضحايا جانج دو.. لقد جاءت لتثأر ممن تسبب فى انتحار وحيدها ولأنها تدرك، بفطرتها، أن «صحن الانتقام يؤكل بارداً» فقد عملت على أن تحرك فيه مشاعر إنسانية لم يألفها حتى أصبح أسيراً لهذه العاطفة مستعداً لأن يضحى بنفسه حتى لا يصيبها مكروه.. لقد قررت أن تنتحر أمام عينيه موهمة إياه بأن هناك -من ضحاياه- من ألقى بها من أعلى إحدى البنايات لتدوى صرخاته فى أرجاء المكان.. كانت الأم الثكلى ترغب أن تذيقه من ذات الكأس وأن يحترق قلبه عليها كما أحرق قلوب الكثيرين.. وحين يشرع فى مواراتها التراب، بجوار الشجرة التى زرعتها وأوصته بدفنها بجوارها، يكتشف جثة الابن الشاب ويدرك الحقيقة المروعة.. وأن عليه أن يدفع الثمن فيربط نفسه بذات السلسلة فى باطن سيارة تنطلق ساحلة جسده، وفى لقطة طويلة نتابع على ضوء غبشة الفجر السيارة ووراءها خيط كثيف من الدماء!

ميلودراما مفرطة فى العنف، محتشدة بالمبالغات والقسوة، تدور فى جوٍ خانق كئيب، وتجنح إلى المغالاة فى العواطف والسلوك، وربما كان ذلك سبباً فى دهشة النقاد والصحفيين المشاركين فى الدورة الأخيرة لمهرجان ڤنيسيا السينمائى الدولى (سبتمبر٢٠١٢) حين أَعْلنت لجنة التحكيم فوزه بجائزة الدب الذهبى لأحسن فيلم فى المسابقة الرسمية!

كما فى كل الميلودرامات، يتم عقاب المخطئ كى تتحقق العدالة الشاعرية، لكن غياب فرد لا يعنى سقوط نظام هو الأولى بالعقاب والزوال، نظام رأسمالى جشع يدفع ببعض أفراد المجتمع -وهم ضحايا- لأن يتحولوا إلى جلادين يوجهون سهام انتقامهم إلى ذويهم خدمة لسادتهم.. الجلادين الكبار!!

 

سبارتاكوس.. الأسود

على أبوشادى

الأربعاء 06-02-2013 09:00

فى فيلمه الأخير مستلهما سينما الغرب الأمريكى «الويسترن» ونسختها الإيطالية المعروفة باسم «الويسترن الإسباجيتى» ومستخدماً طريقة بناء ومفردات النوع: الشريف والماريشال والخيول والبنادق والمسدسات والبار الشهير والسادة والعبيد والمال والنساء، ينسج «كُوَنْتين تارانتينو» فى فيلمه الأخير «Django unchained» «چانجو طليقاً»، دراما قوية ودموية على طريقة الإيطالى الكبير سرجيو ليونى، بلمحات ساخرة أقرب إلى أسلوب ميل بروكس، تدور أحداثها فى منطقة الغرب الأمريكى من تكساس إلى المسيسيبى عام ١٨٥٨ قبل اندلاع الحرب الأهلية الأمريكية بعامين، ويطرح من خلالها رؤيته التى تدين كل من شارك فى تكريس العبودية وانتهاك حقوق الإنسان من سلطة وتجار ونخَّاسين وقانون أتاح للأبيض السيادة والتفوق وامتلاك الملونين، ولم يستثن فى إدانته المواطنين السود أنفسهم سواء بخنوعهم واستسلامهم أو بتواطؤ بعضهم (العبد الوغد ستيڤن بأداء راقٍ لصمويل ل. چاكسون) مع أسيادهم البيض على جثث ذويهم.

إذا كان سبارتاكوس هو الرجل الذى دفع حياته ثمناً لإيمانه بحق المستعبدين فى الحرية وقام بثورته ضد السادة الرومان عام ٧١ قبل الميلاد إلى أن هُزم ومن معه، فإن چانجو «چيمى فوكس»، فى محاولته الفردية هو سبارتاكوس الأفريقى / الأمريكى الذى توافرت له الظروف -أو نجح فى توفيرها- ليحرر نفسه وزوجته وبعض العبيد، مجيباً بشكل ما، على تساؤل ظل بلا إجابة لفترة طويلة: لماذا لم يُحرر العبيد أنفسهم بثورتهم على نظام العبودية؟ ولماذا انتظروا لينكولن ليلغى قانون التمييز العنصرى؟ بالتأكيد أن الإجابة لم تكن، كما رأى كالڤن كاندى «ليوناردو دى كابيريو» تاجر العبيد العنصرى الإقطاعى المتغطرس أنها مسألة جينية لدى الزنوج، حيث توجد فى مؤخرة رأس كل عبد ثلاث نقاط مرتبطة بالذل والخنوع، على حين أن مثيلاتها فى الجنس الأبيض هى مراكز الإبداع، وفيها إشارة ساخرة ممرورة من تلك النزعات العرقية، المخجلة، فى التاريخ الأمريكى.

إن كنج شولتز «كريستوف فالتز»» طبيب الأسنان الألمانى الذى هجر مهنته ووطنه وراح يجنى المال عبر جثث الآخرين المطلوبين للعدالة، هو امتداد لأجداده أبناء القارة الأوروبية الذين استوطنوا القارة البكر فى منتصف القرن الخامس عشر وأبادوا أهلها ممن سمّوْهُم الهنود الحمر.

شخصية چانجو هى مزج بين سبارتاكوس الذى فقد زوجته وراح يثأر لمقتلها.. والأسطورة الألمانية «برومهيلدا وسيجفريد» التى تحكى عن عقاب والد برومهيلدا لها بوضعها فوق قمة جبل ثم أحاطها بالنيران وكلف التنين بحراستها، لكن سيجفريد استطاع تحريرها لأنه، كما يروى الطبيب شولتز لشريكه جانجو الذى حرره من العبودية، لم يَخَفْ النار ولم يرْهب التنين! كان على چانجو أن يواجه النار والتنين المتمثلين فى هؤلاء السادة المتحصنين فى قلاعهم خاصة كاندى الذى امتلك برومهيلدا الجميلة السمراء «كيرى واشنطون» زوجة وحبيبة چانجو الذى كان هدفه فرديا وهو إنقاذ زوجته،

لاحقا وفى محاولة متهورة لإنقاذ برومهيلدا من براثن كاندى تبدأ بمجزرة دموية تتفجر فيها الجثث وتتطاير الأشلاء ويقتل فيها كاندى والطبيب وتنتهى باستسلام چانجو خوفا على حياة برومهيلدا الرهينة، لكنه -كما شاء تارانتينو- يفلح فى الهروب ويعود لينتقم مفجرا مزرعة كاندى بمن فيها من البيض مطلقا سراح كل العبيد محررا زوجته منتصراً، يقف منتصبا، على طريقة رعاة البقر «الكاوبوى» فى نهاية الأفلام، لكنه كاوبوى أسود!

سيناريو أحْكم تارانتينو حلقاته وأتقن بناء شخصياته، وأداء رفيع المستوى من مجموعة الممثلين خاصة كريستوف ڤالتز الذى لعب دور الطبيب بحيوية فائقة وقدرة على الانتقال السلس من انفعال لآخر فى ذات اللحظة ببراعة ويسر، كما لعبت الموسيقى والأغانى دوراً مهما فى استعادة أجواء سينما «الويسترن» وأضفت على رحلة چانجو لمسة أوديسية أسطورية ساحرة، تفصح عن تفرد وخصوصية سينما هذا المخرج المستوعب للتراث السينمائى، العاشق له والمتمرد عليه وإن زاده قسوةً ودموية.

تُرى ماذا كان سيحدث لو تحقق ما تصوّره تارانتينو بخياله الخصب وثار العبيد الذين حَرّم عليهم البيض ركوب الخيل؟ أحسب أن التاريخ لم يكن لينتظر أكثر من قرنين كى يعتلى «باراك أوباما الأسود » مقعد الرئاسة!

 

«العاشق»

على أبوشادى

الأحد 03-02-2013 09:21

عبداللطيف عبدالحميد، أحد أهم المخرجين السوريين الكبار على المستوى العربى والدولى، وأكثرهم غزارة فى الإنتاج منذ قدّم فيلمه الروائى الطويل الأول «ليالى ابن آوى» عام ١٩٨٨ وحصد به جوائز مستحقة بدأها بجائزة أحسن فيلم فى مهرجان دمشق السينمائى الدولى ١٩٨٩، وتلاها العديد من الجوائز من المهرجانات العربية والدولية، كما حظى بإعجاب الجماهير وتقدير النقّاد، وعلى مدى العشرين عاماً التالية تضمّنت قائمته تسعة أفلام أخرى، ربما تفاوت مستواها الفنى، إلا أنها جاءت تعبيراً دقيقاً عن رؤية عبداللطيف عبدالحميد المخرج/ المؤلف، للواقع السورى والعربى المعاصر، وبأسلوب خاص ومميز يتدثر بروح ساخرة تبدو تهكمية أحياناً وممرورة أحياناً، ويجمع جُلّها ذلك الحنين الدائم إلى سنواته الأولى.. طفلاً وفتى وشاباً وإلى تلك الضَّيْعة التى باتت تشكل ملمحاً رئيسياً فى أفلامه من «ليالى ابن آوى» مروراً بـ«رسائل شفهية» و«قمران وزيتونة» حتى آخرها «العاشق» ٢٠١٢، وفيه يقدم «عبداللطيف» معزوفة قوامها العشق، عشق الحياة والفن، عشق الدراسة والعمل، عشق المرأة وحب الأصدقاء، معزوفة مُفْعَمة بالشجن والأسى، واللحظات الإنسانية، عبر تقنية فيلم داخل فيلم تعامل معها المخرج بمهارة وحرفية عالية تمزج بين الماضى والحاضر.. بين الآنى والتاريخى فى جدلية نسج منها خيوط العمل التى امتدت عبر تفاصيل عديدة، حب أول مجهض.. وحب أخير مأمول، كلاهما يعانى من سطوة التقاليد وقمع المجتمع. علاقات عائلية متراوحة بين حنوٍ بالغ وقسوة مفرطة. علاقات فكرية وسياسية متباينة.. إيمان حقيقى ومطلق بالأفكار والقيم، وانتهازية وزيف وادعاء.. عمل مشحون بالإصرار والإرادة ومحبة البشر، يكشف فى جانب آخر منه، عن الآمال الضائعة فى سنوات الحلم العروبى.. منتقداً -دون غُلُوٍ أو مباشرة- سلوك بعض المنتمين إلى حزب البعث الحاكم، الذى يتهاوى الآن فى سوريا، السلوك المتسم بالاستعلاء والتسلُّط فى مقابل المؤمنين بصدق تلك الشعارات «وحدة.. حرية.. اشتراكية».. «أمةٌ عربيةٌ واحدة.. ذات رسالة خالدة»، يرددونها فيملأ صداها الفضاء ليصل بها الفيلم فى مشهد النهاية، عبر أداء لافت من المخرج الذى لعب دور الأب، إلى أصوات خافتة يُجاهد العجوز العليل المتشبث بأوهام الماضى، لإطلاقها فتخرج واهنة، متقطعة، جوفاء لتبتلعها الأرجاء.

نتابع مع المخرج السينمائى «مراد» بأداء سلس لعبدالمنعم عما يرى، المراحل النهائية لفيلمه الجديد الذى يتناول سنوات المراهقة لبطله المسمى «مراد» أيضاً، بأداء بسيط لفادى صبيح قادر على نقل مشاعره إلى المُشاهد، من الامتثال لسلطة الأب وقسوة الأخ ونزواته إلى تلك الروح الشفافة العاشقة للموسيقى والقلب المتْرع بالحب، حيث يعود «عبداللطيف» إلى الضيعة «الأثيرة» القريبة من مدينة اللاذقية، مصوراً علاقة «مراد» الصبى بأفراد عائلته، الأب الذى يُخفى مشاعره تحت قناع من القسوة، والأم الحنون المُذْعنة والشقيقة العَطوف والأخ الأنانى الذى يكره أن يقاسمه «مراد» سكنه فى المدينة حينما اضطر الفتى إلى الانتقال إليها لاستكمال دراسته، وفيها استشعر حبه الأول لجارته «هدى» الذى تسرب، قهراً، من بين يديه ولم يعد قادراً على نسيانه، وحبه الأخير «ريما» التى لعبته الفنانة الشابة ديمه قندلفت بأسلوب مرهف وعذب وتَمَكُّنٍ جَلىّ من التعبير عن روحها العاشقة المتأرجحة بين الخوف والأمل واليأس والرجاء.. وعلى عكس «هدى»، دافعت «ريما» عن حبها بالهروب من غلظة الأب إلى رحاب الزواج والحب.

فى حذرٍ، يقدم الفيلم صورة شائهة لأحد رموز السلطة، مدير المدرسة فى الضيعة الذى أصبح مسئولاً كبيراً فى جهاز المخابرات، ويدين من خلاله تبريراتهم الواهية لممارسة العنف والقسوة تجاه الطلاب/ المواطنين، وأنها سبب نجاح الطلاب/ الوطن.. يدير «عبداللطيف» مواجهة يحاول فيها رجل المخابرات، مدير المدرسة سابقاً، تهديد المخرج الشاب بقطع لسانه إذا تعرّض له مرّة أخرى فى لقاءاته التليفزيونية، وأشار إلى ساديته فى معاملة الطلاب، وأنه لولا هذه القسوة، وهو منهج النظام البعثى وقناعات قياداته، لما وصل «مراد» إلى هذه المكانة المرموقة.. يرد «مراد» ببساطة وثقة أنه كان قد قرر ترك الدراسة بسببه، لولا أن خلفه مديراً جديداً كان أكثر حباً وتعاطفاً مع طلابه.

«العاشق» عملٌ تكاملت عناصره الفنية، سيناريو محكم، ومونتاج استطاع أن ينتقل ببراعة بين عالم الواقع والعالم الفيلمى ويمزج بينهما فى نعومة، أسهمت فيها موسيقى عصام رافع الآسرة التى غلَّفت المَشَاهد بعَبَق شرقى ونجحت فى تعميق الإحساس بالفرح والبهجة أو الحزن والأسى.

فى «العاشق» ينعى عبداللطيف عبدالحميد، بهدوء ودون صخب، ماضياً بدا آملاً فى لحظة تاريخية، ثم انتهى إلى سراب.. ويجدد آمالاً فى زوال كل النظم الفاشية والاستبدادية، سياسية أو دينية، لأنها تحمل فى داخلها بذرة فنائها.. فهل يتّعظ الشيطان؟؟

الوطن المصرية في

03/02/2013

 

كواكب هوليودد 

لهوليوود كما لكل بلد ضحايا..  إلا ان الضحايا في بلد النجاح والشهرة وذيوع الصيت وكسب الملايين، هم في الواقع ضحايا يرقى لهم!! 

وباسم  "الحب" وعلى مذبحة تتعدد الضحايا، وقد قيل إن هوليوود تحدث فيها قصة غرام  واقعية مقابل كل فيلمين غراميين تخرجهما شركات السينما، وهم ينتجون في كل عام عدة مئات من هذه الافلام يظل الحديث عنها فترة ما، ولكن الحديث الذي يبقى ابداً هو عن علاقات هذه الممثلة بذلك الممثل، وعن الطلاق المنتظر بين هذين النجمين، وعن اختطاف زوجة من رجلها الذي عاشرته 15 عاما.. الخ الخ.

وقد اصبحت هذه الأمور عادية جداً تقابل بالاستخفاف ولا تترك اثراً لعداوة او بغضاء، فقد يدعو الرجل مطلقته وصاحبها الجديد في الأسبوع التالي، او يكون شاهد زواجهما، او بتزوجها مرة اخرى ويطلقها وهكذا دواليك

ولكن اخطر قصص الحب هي التي يعقد احد طرفيها بين نجم معروف والظرف الاخر بين فتى او فتاة من غمار الناس، فهذه القصص هي التي تتقن الاشاعات في نسجها، وكثيرا ما يلعب شيطان الشهرة فيها دوره

وقد وافانا البرق اخيرا باخبار تلك القضية الكبيرة التي اتهم فيها شارلي شابلن بارتكابه جريمة مع فتاة في أحد الفنادق، وقد ظلت القضية منظورة زمنا طويلا امام المحكمة حتى قضى المحلفون ببراءة الممثل المسكين الذي اضحك العالم، ولكنه قضى حياته الخاصة في سلسلة من المتاعب والتعاسات.

ضحية أخرى 

وقبل قضية شابلن كان القضاء قد فصل في قضية اخرى مشابهة كان المتهم فيها ايرول فلين والمدعيتان فتاتين من لوس انجلوس، ثبت انهما قاصرتان لم تبلغا الثامنة عشرة وهو سن الرشد القانوني في كاليفورنيا

وقد استعان رجال شركة وارنر بشتى الوسائل لينقذوا تجمهم الكبير فوكلوا له جارى جايملر اشهر المحامين، ودافع عنه كبار الكتاب السينمائيين، وبعد ان برئ الممثل من التهمة القذرة كانت الشركة لا تزال تخشى على سمعته، وارادت ان تنسى الناس هذا الحادث، فدبر قسم الدعاية حادثا غرامياً آخر بينه وبين آن شريدان عقب انتهائهما من فيلم "حافة الظلام" وسافر الاثنين الى المكسيك، فقيل إنهما سافرا ليجعلا الزواج خاتمة للحب العاصف الذي غزا قلبي الاثنين، وبعد ان كثرت الاشاعات والحكايات عاد ايرول فنين، وثبت انه كان في رحلة مع زميله الممثل ديبس مورجان، وان الاثنين لم يشهدا مطلقاً آن شريدان، وقد حسب الجمهور ان كل تهمة سابقة لأيرول فلين هي من هذا القبيل

في عهد فالنتينو 

وتذكرنا هذه المناسبة بالقصص الواقعية التي حدثت في عهود السينما الأولى أيام رودلف فالنتينو وولاس زيد وجون جلبرت وغيرهم من الكواكب المعاصرين، حيث كانت فتيات من أشهر العائلات في امريكا يختبئن تحت اسرة الممثلين ويقربن خدمهم بالمـــــــال، ويحكن المكائد لكي يتهم هـــــــــؤلاء الممثلون بهــــــــن، فيتلن من وراء هذه الفضائح شهرة وذيوعاً ويصبحن حديث كل الناس، إذا لم يصبحن زوجات لهؤلاء المشاهير

ضحايا امرأة 

انحدرت مادلين كارول من اسرة انجليزية محترمة، ونالت ثقافة عالية ممتازة، واشتغلت فترة بالتدريس، وفي سنة 1931 تزوجت من الكابتن فيليب اشلي من ضباط البحرية الانجليزية، وبعد حياة فنية ممتازة وسمعة طيبة في انجلترا سافرت الى هوليوود، ولما نشبت الحرب بدأت هي الاخرى حربا خاطفة على الرجال

ففي عام 1940 هجرت زوجها ونالت طلاقها منه.

وقيل عنها شغفت حبا بالطيار الفرنسي اللفتنات ريشارد دي لاروبية، وإنها ذهبت تجري وراءه بعد سقوط باريس في ايدي الالمان، ثم هبت تبحث عنه في تونس وعرف الناس انه اصبح ضحية ثانية للمثلة الشقراء الجميلة بعد ان اعلن البرق في يولية عام 1941، ان النجمة السينمائية المشهورة مادلين كارول تاهت تجاه جزر باهاما في مركب شراعي كانت تديره مع الممثل السينمائي جترلنج هايدن في طريقهما الى جزر جراند تورك". 

وقد قامت على الاثر ثلاث سفن وطائرتان من الاسطول الامريكي في المحيط الهاديء للبحث عن العاشقين اللذين فضحهما القدر، وبعد 12 ساعة اعلن الكابتن كولار الذي يقود طائرة برية ومائية انه عثر على الحبيبين بعد ان قضيا ليلة بطولها في أحد كهوف جزيرة "كوتن كاي". 

وقد كفلت هذه المغامرة لسترلنج هايدن ان تظهره إحدى شركات السينما كوكبا امام مادلين في فيلم "ممر بهاما" وبالرغم من نجاح الممثل الجديد، فقد قيل انه ضاق ذرعاً بهوليوود وبالاشاعات التي نسجت حوله وبنظرات الناس وهمساتهم، فقرر مغادرتها مخلفا وراءه هذا المجد الذي ابتسم له لحظة من الزمان

ولعل مادلين كارول اصبحت هي نفسها الضحية الرابعة لقلبها الذي عصف بثلاث رجال، فقد كانت تضطلع قبلا بدور المرأة العاقلة الكاملة، ولكن الشركات استغلت مواهبها الجديدة، فبدأت تظهرها في ادوار المرأة العابثة المستهترة

ضحية الساحر 

والساحر هنا هو الممثل المخرج اورسون ويلز الذي بهر هوليوود بافلامه المميزة بشخصيته وبالعابه السحرية التي يعرضها كل مساء في حفلات خاصة لاصدقائه، اما الضحية فهي دولوريس داريو المكسيكية لحسناء التي كانت في عيشة رضية مع زوجها سيدريك جيبونز المدير الفني لشركة مترو، فالقى الساحر حبائله حولها واضطرها الى الطلاق، وصرحت دولوريس لرجال الصحافة بانها ستقول "نعم" إذا سألها اورسون ويلز، ولكن هذا تزوج اخيرا من ريتا هايوارث بعد ان طلقها من زوجها السابق، وترك ضحيته تندب حظها وتلعن هوليوود والحب في هوليوود.

المدى العراقية في

25/02/2013

العاطفة والتناقض 

عام  1972، و في الذكرى العاشرة لوفاة مارلين مونرو، كتبت غلوريا ستينيم مقالة  لمجلة السيدات بعنوان "المرأة التي ماتت مبكرا". كمراهقة، كانت ستينيم  تستمتع بسحر الشريط السينمائي (السيليولويد): افلام الخيال العلمي،  المسلسلات، السحر الجامح لدوريس داي. كانت تحبهم جميعا حتى و لو كانت  الحبكة سيئة والاداء ضعيفا. لكنها خرجت من دار السينما خلال عرض فيلم " الرجال يفضلون الشقراوات "، حيث ان مشاهدة مارلين بدور (لوريلي لي)، فتاة الاستعراض المهووسة بالماس،  التي تشبه دمية عملاقة و هي تتبختر و تهمس و تنجرف في عالم الرذيلة، أغضبتها كثيرا، الا انها جاءت لتشاهد- ببراءتها و حياتها الجنسية المعقدة- امرأة تمتطي التزمت في اميركا ما بعد الحرب، و من ثم التحلل منه في سنوات الستينات

توفيت مارلين، و هي في سن السادسة و الثلاثين، عشية نشر " سحر الأنوثة " و ظهور موجة الأنوثة الثانية. ماذا لو كانت لاتزال حية؟ كيف كانت ستصبح؟ فيما بعد كتبت ستينيم تقول " عندما يموت الماضي يكون هناك حزن و حداد، لكن عندما يموت المستقبل فان خيالنا يضطر الى التواصل معه". مرت خمسون عاما على وفاة مارلين الا ان ذكراها لم تتوقف؛ فهناك الكثير مما لا يحصى من السير الذاتية والروايات و المسرحيات و المدونات التآمرية عن أيامها الاخيرة و سير كتبها أشباح لم تنشر الا بعد موتها. هناك عدد لا يحصى  من الاصدارات المتناقضة عن مارلين: فأحيانا تكون جنسية بوقاحة، خجولة متزعزعة، شقراء حمقاء، مثقفة تقرأ دستويفسكي، لطيفة حرة النفس، شريرة حاقدة، بالكاد تمثل، تغوي الكاميرا، او انها  تكون  كوميدية لامعة، تلعب دور احدى حمقاوات شكسبير

لم تكن لها صفة دائمة طوال الوقت، فهي غارقة في التناقضات التي تتحرك و تتنقل دون ان تستقر على صورة واحدة. هذه هي فرضية لوي بانر في سيرتها الجديدة الموسومة " مارلين: العاطفة و التناقض " التي تحاكي موضوعها؛ فهي تنسج معا مقابلات حصرية، و مواد  من كتب سابقة، و الأهم من ذلك محتويات خزينة  مارلين الشخصية التي ظلت مفقودة  لفترة طويلة. تقدم بانر سردا غنيا و خياليا في الغالب عن حياة مارلين. ففي النهاية، تشعر مارلين فجأة بأنها كائن أرضي، ودود، و لغز بعيد المنال و لا يمكن تسليط الضوء عليه.  

تهتم بانر بأظهار التناقضات و تأشير الدوافع وراء أية شخصية ذات طابع معقد اكثر من اهتمامها بالانهيار النهائي للأقطاب. انها تأخذنا في رحلة من طفولة مارلين المتنقلة الى انطلاقها في هوليوود و زواجها- الذي يشبه القصص- من جو دي ماجيو، الى  هربها الى آرثر ميلر و الطبقات المتنفذة في نيويورك، الى عودتها المأساوية  في نهاية المطاف الى هوليوود. مما لا يثير الدهشة، ان الجنس يغمر كل شيء في حياتها. تتابع بانر تيارا لا ينتهي من العلاقات الجنسية، حيث  تبرر مارلين الاختلاط  بقناعتها ان الجنس هو " فعل يقرّب الاصدقاء اكثر من بعضهم "،  بينها عدة علاقات مع نساء، و اخرى مع بوبي و جاك كنيدي و هي من أخطر علاقاتها. يظهر ابناء كنيدي في الفصول الأخيرة، ربما كتغطية للأحداث التي تحيط بموتها نتيجة الافراط في تناول الحبوب المنومة. بانر لا تنحاز الى أي جانب، و انما تركز بدلا من ذلك على " جغرافيا الجنس البشري " التي أطرت بداية حياة مارلين، و علاقاتها اللاحقة، و القنبلة المتناقضة التي ستتحول اليها فيما بعد

القسم الاول من الكتاب هو الأطول ؛ يحكي بالتفصيل طفولتها التي قضتها في 11 دار للحضانة. كانت والدتها، كلاديس،  تعمل مقطّعة افلام في احد ستوديوهات هوليوود، و كانت تعيش وحيدة عندما انجبت مارلين التي لم تعرف والدها ابدا. تصارعت والدتها  مع تيار الحياة مما سبّب لها مشاكل نفسية خطيرة، و هو مصير  كانت مارلين تخشى ان يتكرر معها. في نفس الوقت، كانت مارلين تتعرض لأعتداءات جنسية من قبل الرجال في العديد من العوائل الحاضنة لها. بانر تثق بها و هي  تكشف  الاعتداءات الجنسية  التي تعرضت لها، و تراها مقدمة لتأطير  حياتها الجنسية غير المنتظمة بعد بلوغها: "  نحن نعرف الآن بان مثل هذه الاعتداءات يمكن ان ينتج عنها السحاق، و الادمان الجنسي، و الاستثارة، وانسان بالغ يملؤه الغضب و الخوف ". رغم ان هذه الصياغة غريبة نوعا ما، فانها ليست ببعيدة. كانت مارلين منذ طفولتها تحلم بالساحرات و العفاريت، و استمرت تلك الاحلام معها، مع رؤية متكررة لأرتال المصلين في الكنيسة و هم يسترقون النظر الى تنورتها

كلمة " العاطفة" الواردة في العنوان الفرعي للكتاب هي نوع من التورية تحمل معنيين؛ و هذه مفارقة اخرى: فبقدر ما هي اشارة الى القمع الديني المبكر و المعاناة اللاحقة، فانها تعبير عن الانشراح

كما هي الحال مع ستينيم، فقد رفضت بانر – استاذة التاريخ و الاجناس في جامعة كاليفورنيا الجنوبية - في البداية اعتبار مارلين كائنا جنسيا. لكنها وجدت نفسها منجذبة اليها على مر السنين، و متأثرة جدا بالطريقة المتشابهة التي ترعرعتا بها. فكلتاهما نشأتا  بالقرب من لوس انجلس، و كلتاهما ترعرعتا في عوائل مسيحية أصولية، و كلتاهما شقراوان و ذوات عيون زرقاء و  رشيقتان

بدأت بانر تتساءل ما اذا كانت مارلين نذيرا مسبقا لأنثى سنوات الستينات، قوية بقدر ما هي ضعيفة، تستمد قوتها من حياتها الجنسية و ليس من شيء آخر

في الختام،  ترى بانر مسارا بديلا في مستقبل امرأة اخرى محبة للجنس لعبت دور مارلين في " بعد الخريف " ؛ انها الممثلة باربارا لودن التي تركت هوليوود لكتابة سيناريوهات نسوية، و هي ترتدي ملابس نظراءها من الرجال   كالسروال و السترة الجلدية  والحذاء. ربما كانت مارلين – التي تعبت من كونها رمزا للجنس – ستفعل الشيء ذاته.  لكن في حالة مارلين، الناس تصدق ما تريد تصديقه.

اسم الكتاب: مارلين 

المؤلفة: لوي بانر

ترجمة: أوراق

المدى العراقية في

23/02/2013

لن اعود لمطرب الملوك ..

عبد الوهاب يهددني باخذ بناتي 

قال الناس انني لم افهم جيدا  دوري كزوجة اكبر فنان في الشرق، ان هذا الدور كان يقتضيني ان ايسر له عمله  وان اساعده في اكتشاف الكواكب الجديدة لا ان اعرقل عمله.. ثم ان الفنان  بطبيعته عاطفي يحب الجمال اينما كان.. فعيبي انني كنت اعرقل مهمته الرسمية  او طبيعته العاطفية..  بغيرتي.. وانانيتي لست ادري اذا كان كل الفنانين كزوجي ام لا.. ولكني اعرف جيدا انه كان اكثر من فنان من ناحية عاطفته المندفعة.. لم اكن اراقب تصرفاته كما يظن البعض.. بل كانت تنكشف لي كمن تقرأ كتابا مفتوحا فعيب عبد الوهاب انه يعتقد انه اذكى المخلوقات وعلى ذلك يتجاهل ذكار الاخرين.. لم تكن تصرفاتي عن غيرة. بل على العكس كنت انشد منه واتوسل اليه ان يحفظ على كرامتي وكبريائي كزوجة وام.. ولم اكن انانية فقد كنت اوفر له كل اسباب الحرية في الحدود المعقولة، ولكنه كان اكثر من فنان

لقد وضعني بعد ثلاثة عشر عاما من زواجنا في موقف لا يمكن ان تقف فيه زوجة.. كنت ادخل المجتمعات وانا اتوارى خجلا فقد كنت اعرف ان كل سيدة في هذا المجتمع تعرف انني ضحية في كل يوم.. 

نهاية حبي

ان طبيعة عبد الوهاب هي تملك كل شيء ممنوع عليه، فاذا ما تملكه وهذه في الحال.. وقد عرفت ان بعد الزواج ما هو دور زوجة الفنان وماهو المطلوب منها، ولعل اهم صفات يجب ان تتحلى بها.. هي العمى.. ثم الصبر

ان عبد الوهاب قد صرح بأني كنت اقوم بدور الباشكاتب لاحاسبه على تصرفاته واضبط الساعة على ميعاد حضوره وانصرافه، واقسم بانني لم اقم بهذا الدور في حياتي بل على العكس كان تصرفي معه موضع تعجب اعدائي قب اصدقائي

كنت احب عبد الوهاب ولذلك تغاضيت عن كثير من تصرفاته.. وتجاهلت اار التصرفات المتكررة التي كنت اراها واسمعها، اذ كنت اعتقد ان الزوج الفنان ليس ككل الازواج مقصوراً على زوجته فقط الى ان تكشفت لي قصصه المتتالية التي وضعت حدا لراحتي وصحتي وشبابي!. 

كنت اتظاهر بعدم الاهتمام على حساب صحتي واعصابي.. كان يريد ان يشغلني عن تتبع حركاته وعن المطالبة بحقوقي كزوجة لها كرامتها وكبرياؤها فافهمني انه يحب الاولاد ويريد ان ينجب كل سنة طفلا اذا استطعت.. عرفت بعد ذلك انه كان يود ان اشغل طوال فترة الحمل للتواصل من الخروج معه.. ثم اشغل بالاولاد عن محاولة الثورة لكرامتي المهدرة

لقد نبهه الاطباء الى ان حياتي معرضة لخطر كبير اذا انا واصلت عملية الحمل والولادة.. وبدأت انا افيق من غفوتي وقررت ان اقف عند هذا العدد

اتهام الصديقات 

ثم هو يتهم صديقاتي بانهن السبب في افساد حياتي، ولكني اقسم بان الظروف هي التي كانت ترفع عن عيني الغشاوة وان القدر هو الذي كان يرسم لي الطريق

فالقدر وحده هو الذي ساقني في احد الايام وعلى غير انتظار آلى مكتب زوجي في وقت غير مناسب

والقدر وحده هو الذي كشف لي قصة زوجي مع زوجة وزير سابق كانت صديقة حميمة لي وانتهت قصتها بطلاقها من زوجها

وكان القدر ايضا هو السبب في طلبي الطلاق من مدة ستة اشهر، وكانت الظروف هي التي هيأت لي كشف قصة اخرى مع احدى المذيعات وان في نيته الزواج بها؟ 

فقد دق جرس التليفون في بيتي.. قالت المتكلمة انها تحبني انا لا عبد الوهاب، وانها تريد ان تلفت نظري لخبر نشرته احدى المجلات التي صدرت في صباح ذلك اليوم، فيه تلميح لهذه القصة، ثم تمادت في نصحها، فاعطتني رقم تليفون المنزل الذي استأجره زوجي، وتقيم فيه الزوجة المنتظرة حاليا مع والدتها.. وطلبت الرقم في الحال.. فردت على والدة المذيعة.. قلت لها: انني صحفية، واريد ان اتاكد من الخبر المنشرو في المجلة.. واجابتني الوالدة بهدوه

- ايوه يابنتي صحيح.. عقبالك.. حيجيب لها خاتم سوليتير، وحيسافروا اوروبا علشان يصيفوا.. وسكتت الوالدة لتقول: لكن والله انا خايفة علشان متجوز وعنده خمسة اولاد.. والراجل اللي من النوع ده مالوش امان.. 

وطمانتها على ان العريس الجديد ليس لغيره من الاباء.. وكنت اتكلم بمرارة، مما دفعها لان تسألني ثانية عن شخصيتي.. فاجبتها بلهجة هادئة باردة: انا زوجته، وام اولاده الخمسة..! 

التوقيع باكراه

وجاء عبد الوهاب ومعه احد كبار موظفي الاذاعة الذي سبق ان افهمه القصة كاملة.. حاول ان يعتذر وينكر ويتوسل، ولكني افهمته انه ليس امامي الا طريقان لا ثالث لهما: الطلاق.. او تأمين حياتي بوضع 15000 جنيه باسمي في البنك

اعترض عبد الوهاب على الطريقتين، فقلت له: ان الباب مفتوح اذا شاء ان يخرج منه.. وخرج فعلا ليقيم في احد الفنادق مدة شهرين، وعاد بعد ان كتب المستندات الخاصة بتمليكي ربع منزل سيقيمه في الاسكندرية.. اي ما قيمته 15000 جنيه

لقد رجع عبد الوهاب ينكر المستندات التي وقعها.. ويدعي انها باطلة – لانه وقعها تحت اكراه.. ولا ادري نوع الاكراه الذي كان مسلطا عليه، فلا اذكر ان احدا من اهلي كان حاملا سلاحا.. وقد افهمه الاستاذ حسين ابو زيد المحامي ان هذا الكلام لن تأخذ به اي محكمة.. فمن يقع تحت اكراه لا يجد في نفسه الجراة لان يكتب عشرين شرطا يحرمان فرد.. ومال وصيته عد الوفاة، وما الى ذلك.. 

لقد تعهد عبد الوهاب عند رجوعه، انه على الاقل سيحترم شعوري كزوجة فلا يتصرف في العلانية، ولم اكن اطلب منه اكثر من ذلك، فقد كنت اكرهه كزوج ولا اطيق مجرد مخاطبته لي.. وكل ما كنت انشده هو الاستقرار بجوار اولادي.. 

لم تمر الازمة السابقة بسلام، فقد تركت حياتي وصحتي واعصابي حطاما وكانت تمر بي لحظات ينتظر فيها موتي بين اونة واخرى.. لقد كان عبد الوهاب يأبى ان يدفع خمسة عشر الفا من الجنيهات ثمنا لحياتي التي ذهبت بسببه.. لقد ورثت مرضين من اخطر الامراض الذبحة الصدرية والقرحة المعوية!!. 

الازمة الاخيرة

ذهبت في اول الصيف الى رأس البر.. وفوجئنا بعبد الوهاب الذي لا يطيق جو القاهرة.. يتركني في المصيف ويحضر للاقامة في القاهرة.. عرفت بقلب الزوجة المجربة ان هناك ما شغل قلب زوجي ووقته وانساه جو القاهرة لاحظت انه يعمل على ابعادي من السفر فجأة وذلك بارسال بعثات من الضيوف من اصدقائه يقيمون معي بمفردي.. كان يعلم ان مجرد وجود الضيوف سيمنعني قطعا من السفر وقد نجح فعلا في هذه الطريقة.. 

قام بحركة اخرى... وضع تليفون منزلي تحت الرقابة حتى لا يتصل بي احد ويخبرني بان زوجي مشغول في اكتشاف نجمة جديدة سيفاجيء بها الوسط الفني

وعدت من رأس البر لاسمع لا عن طلايق التليفون.. بل من كل طريق هذه الاشاعات.. 

عرفت انه كان يمضي نهاره في مكتبه ليختبر النجمة الجددية، وعرفت انه كان يصرف سائقه الخاص مبكرا ليستقل تاكسي الى حيث تقيم البطلة وينتظره ليعود به في الساعات الاولى من الصباح.. اكتشف ان صوتها جميل..

 وان تمثيلها اجمل وان كل هذا يقتضي قضاء النهار والليل في اكتشاف مفاجأة غير منتظرة.. 

كعادتي لم اكترث بالاشاعات، ولم افاتحه حتى المس بيدي ان هناك ما يهدد مستقبلي ومستقبل اولادي.. توقع هو ان الامر لم يعد طي الكتمان وانني سانفجر بين لحظة واخرى.. فتحداني بشكل لم يتعوده.. امضيت ثلاثة ايام في جحيم. ولاول مرة اشعر برغبة في ترك اولادي ومنزلي والفرار الى اي مكان.. 

معارضة الاهل

خرجت من منزلي لا احمل اي شيء.. دخلت على امي وابي وانا احذرهما من عاقبة تدخلهما اذا فكرا في اجباري على الرجوع.. افهمتهما اني مصرة على الطلاق وساخرج لافهم وحدي اذا رفضا هذا الحل..

بدأت لاول مرة اروي لها حياتي مع عبد الوهاب.. التي لم ابح بها من قبل لمخلوق

ولم يكن ابواي فقط هما المعارضان في خروجي.. كانت ابنتي الكبرى اش اش متمسكة بي.. وهنا سألتها.. هل تفضلين بقائي بجانبك بضعة اشهر ثم مفارقتك الى الابد.. ام اكون على مقربة منك تستطيعين رؤيتي من آن لاخر وانا متمتعة بصحتي.. ان بقائي في بيت ابيك هو موتي فماذا ترين.. كانت ابنتي تعرف كل شيء وتفهمه وتشاركني في البكاء معظم الايام فقالت لي.. ان حياتي اولا ولو بعيدا عنها.. لم يحاول عبد الوهاب في المرة الاخيرة ان يتعهد بان هذه هي اخر مرة بعد ان ادرك انه اضعف من ان يفي بتعهده.. لم يفرض علي الطلاق عندما هددته برفع الامر للقضاء لكي اقول كل ما اعرفه عنه فقد عمل بالمثل: بيدي لا بيد عمرو

عبد الوهاب المليونير

كثيرات وكثيرون يحسدونني على انني متزوجة من عبد الوهاب المليونير.. ويدهشون كيف طاوعني قلبي على ترك هذا الثراء، ولكني اقول ان حياتي اثمن من كنوز الارض. وحقيقة اخرى قد لا يعلمها الكثيرون هي ان عبد الوهاب في بيته كأي رجل عادي ليس مليونيرا او ثريا، ولكن بذخه مقصور على معارفه فقط

كنت لا اعترض اذا كان تصرفه هذا لفائدة اولادي.. ولكني كنت اعرف انه يصرف عن بذخ على صاحباته.. مثلا.. كان يعطي مائة جنيه شهرياً. لشخصية ما.. وانه ارسل خطابا يخبره بانه مصرح لهذه الشخصية يصرف اي مبلغ تريده بعد ان وقع لها شيكات على بياض!.. وان فواتير حساب النجوم التي يكتشفها من المحال الكبر خيالية!.. 

ان هذا هو الذي دفعني لكي اتمسك بمبلغ 15 ألف جنيه تأمينا لي وتعويضا لصحتي!. 

عبد الوهاب الأب

ان عبد الوهاب يفاوضني الان في اولادي.. لقد ارسل لي يخبرني بانه سيحتفظ بابنتي اش اش، واسترد الاربعة الباقين.. قلت لعبد الوهاب ان الاولاد ليسوا ورق لعب لتفرقهم قسمين وانني لا اقبل على الاطلاق ان افرق اولادي عن بعضهم، فاما ان يأخذهم كلهم واما ان يتركهم كلهم.. 

انني اريد حياة كريمة مستقرة لاولادي وسوف اضحي براحتي اذا كان في ذلك اسعادهم.. وانا واثقة بانه لن يستطيع ان يسعدهم، اذ اعتقد ان حنانه ليس بهذه الدرجة التي تدفعه للتضحية براحته من اجلهم.. 

واذكر ان ابنتي الكبرى مرضت بالتيفوئيد فخرج عبد الوهاب من المنزل وظل يقيم خارجه ثلاثة اشهر حتى شفيت خوفا من ان يصاب بالعدوى.. 

وعندما يمرض احدهم بانفلونزا مثلا يقف على باب الحجرة وهو واضع منديله على انفه وفمه وهو يسأل عن صحة المريض، ان صحته هو قبل كل شيء

توقيع الطلاق

ان عبد الوهاب ليس معارضا في الطلاق ولكنه يتفاوض في مقدار النفقة التي سيدفعها.. اني اجهل كل شيء عن ثروته ولم اسمع عنها الا من الصحف.. لقد كان يريد ان يدفع لي 40 جنيها في الشهر، وافهمه الاستاذ حسين ابو زيد ان المحكمة لن تحكم باقل من مائتي جنيه.. وبعد مفاوضات طويلة قبل ان يدفع مائة وخمسين جنيها كنفقة لي لمدة سنة، ومازالت مفاوضات نفقة الاولاد مستمرة

***

ان الناس يجهلون انه الجاني وانني المجنى عليها، وانني ما قصدت بنشر قصتي في الصحف ان اشهر به.. بل قصدت ان اشرك معي الرأي العام بعد ان رأيت ان حياتي الخاصة ليست ملكا لي، وكل ذنبي انني تزوجت من فنان مليوني، اسمه محمد عبد الوهاب.!

فاروق يبحث عن شبيهات ناريمان

مونت كارلو – لمراسل "آخر ساعة"

الساعة  الرابعة بعد منتصف الليل، قاعة الاحتفالات في "سبورتنج كلوب" مزينة باكثر  من خمسة الاف وردة، الموسيقى تعزف الحانها، والموائد عامرة بالويسكي  والشمبانيا والنبيذ، وفجأة يدخل رجل سمين ضخم ينابط ذراع فتاة سمراء تلبس  فستانا يكشف عن ظهرها وذراعيها وصدرها!

وتتجه العيون اليها وتظل تحدق فيهما حتى يجلسا الى احدى الموائد الصغيرة.. ثم يدور الهمس وترتسم الابتسامات على الشفاه، وصل الجرسون ويتكمل الرجل السمين: "زجاجة نبيذ للسنيورة ومياه معدنية ل!".

ويسرع عازفو الكمان ويحيطون بمائدة العاشقين يعزفون لها الحان الحب! وتمضي ساعات الصباح الاولى في صخب ورقص وخمر وموسيقى حالة واضواء خافته وابتسامات باهتة كذبول الورود التي خنقتها الانفاس ودخان السيجار الذي افسد جو نادي حياة الليل

انه فاروق وصديقته ارما مينيتولو التي قال الناس انها ستصبح زوجة ثالثة للملك السابق، وقال سكرتير فاروق: "ان صاحب الجلالة" لا يفكر في الزواج

وارما فتاة من نابولي في السابعة عشرة من عمرها، وعمرها الان في عمر ناريمان عندما تزوجها فاروق! وهي تشبهها كثيرا، ولو ان اوما سمراء وناريمان شقراء، وقد كانت ارما مخطوبة ايضا فسرقها فاروق من خطيبها، وثار الخطيب وتحدى فاروق فطلبه للمبارزة بالسيف حتى يموت احدهما

وهذه سهرة امضاها فاروق مع ارما في مونت كارلو وسجلها مصور آخر ساعة، وسجل معها رأيه في صديقة فاروق فقال: "لقد دهشت للشبه العجيب بينها وبين ناريمان زوجة فاروق السابقة!".    

50جنيهاً أكبر أجر لمطربة!

في عام 1934، كانت الفتاة  الريفية صاحبة الحنجرة الذهبية القادمة من قرية (طماي الزهايرة): ام كلثوم  قد اذهلت الجماهير بموهبتها الفذة، فاتفقت معها الاذاعة المصرية في نفس  العام – وهو عام مولد الاذاعة ايضا – على احياء حفلتين لها بمبلغ خمسين  جنيها، ولاول مرة، ولها خلال الميكروفون لتسمعه الاذان من اجهزة الراديو يوم 31 مايو 1934 حيث انطلق صوتها بلهب المشاعر لمدة اربعين دقيقة!. 

وكان هذا الاجر وقتها هو اكبر اجر اعطي لفنان تعاقد مع الاذاعة!.. وقد نص في صلب العقد بين الانسة ام كلثوم والاذاعة على انه: "اذا حدث اثناء استمرار هذا الاتفاق ان الشركة (شركة ماركوني) استحدثت مغنيا اخر دائم الاقامة في القطر المصري، ودفعت له على اي حفلات اجرا اعلى من ذلك الاجر المدفوع للفنانة ام كلثوم، فان الشركة ستزيد مرتب الفنانة حتى لايكون اقل من ذلك المدفوع الى المغني المذكور عن عدد مساو من الحفلات!. 

ثم فكرة الاذاعة بعد ذلك بشهور قليلة في اقامة حفلات عامة تقدم فيها ام كلثوم مع فرقتها الموسيقية للناس، حتى يروها وجها لوجه وهم يستمعون اليها، فمن لم يستطع الحضور اكتفى بسماعها عن طريق الراديو. وكانت اولى هذه الحفلات في 7 يناير 1935.. ومنذ ذلك الحين وحفلاتها مستمرة.. بينما توالت الالقاب التي اطلقها عليها المذيعون.. فهي كوكب الشرق، وهي سيدة الغناء العربي، وهي استاذة الطرب.. وهي من قبل ومن بعد: ام كلثوم صاحبة الحنجرة الذهبية!.

اعظم ادوارها : هروبها من مصر

كانت تؤدي ادوارا مختلفة على  مسرح التمثير وعلى مسرح الحياة.. ولكن الدور الذي مثلته عند خروجها من  مصر.. كان اخطر ادوارها على الاطلاق!

في سنة 1934 – العام الذي ولدت فيه آخر ساعة – كانت بديعة مصابتي تجلس على باب صالتها بشارع عماد الدين.. واضعة ساقا على ساق، و"الشيشة" لا تغادر فيها! وبين الحين والحين، يأتي خادم من المقهى البلدي الذي يبعد بضعة امتار، فينفض رماد "الشيشة".. ويغير قطع الفحم الصغيرة المبعثرة باخرى في لون جهنم

في هذه الايام كانت بديعة مصابتي – او ملكة الليل – قد وصلت الى الغاية التي تتمناها كل راقصة او مغنية.. ولم يكن ينقصها سوى شيء واحد فقط هو ان ترى الناس يصفقون لها خارج الصالة، ولذلك قررت ان تنتج فيلما تلعب بطولته

واستشارت مخرجا ايطاليا اسمه "ماريو فوليي".. فاقترح عليها اولا ان تجري عملية جراحية عند جراح مصري في الاسكندرية ليصلح من شكل صدرها الذي بدأ يتهاوى مع بداية خريف حياتها.. 

ووافقت.. ودفعت للجراح مائة وثلاثين جنيها.. وخرجت من عنده مرفوعة الصدر.. ورهنت (فيلتين) تملكهما بثمانية الاف جنيه وانتجت الفيلم.! 

وفي ليلة العرض الاولى.. وفي الاحتفال بها في منزلها شربت كأسا من النبيذ امام اصدقائها على انها في صحة النجاح.. وكانت تعلم ان ما في الكأس ليس نبيذا وانما "صبغة يود".. شربتها مكافأة لها على الفشل الذي قوبل به الفيلم

"ملكة الليل" التي كانت حديث الناس منذ 20 عاما.. بدأت فقيرة معدمة في فرق الفن المتجولة في قوى الصعيد.. الى ان التقت بنجيب الريحاني في القاهرة.. وتعاقد معها، ثم هربت منه الى الشام، وفي الشام تعاقد معها مرة اخرى على عقدين: عقد التمثيل وعقد الزواج

وباعت بديعة مصوغاتها واشترت بثمنها صالة صغرة في عماد الدين، لم تكن تتسع لاكثر من عشرين مائدة.. لكن ملكة الليل عرفت كيف تعصر العشرين مائدة ونستخرج منها مائتي جنيه في الشهر ربحا صافيا

واتسمت الصالة مع هذا النجاح لخمسين مائدة، وزاد عدد افراد الاوركسترا من ثلاثة الى عشرين ووصلت ارباح بديعة عام 1938 الى اربعمائة جنيه في الشهر.. ثم الف جنيه ثم الفي جنيه في الشهر الواحد وفجأة اختفت بديعة تماما.. هربت من مصر.. حصلت على جواز سفر لسيدة تشبهها اسمها مدام الياس – طبعا لم يكن لها وجود بالمرة – سبقه التماس الى وزارة الداخلية بالموافقة على اقامة مدام الياس هذه في مصر مدة خمسة عشر يوما.. وبعد مضي هذه المدة عاد جواز السفر الى الداخلية يطلب تأشيرة الخروج.. واستطاعات ملكة الليل ان تغير من الاراضي المصرية بالثروة التي اصابت صحة الضرائب بالذهول! وادت بديعة الدور الذي تستحق عليه الاوسكار

ان ملكة الليل تجلس الان في احد الكازينوهات في عالية بلبنان، وهي تضع ساقا على ساق وماتزال الشيشة في فمها!.

المدى العراقية في

18/02/2013

سامية جمال تعود الى مصر وتحكي مغامراتها في باريس انت حلوة.. يا مرجانة! 

عادت سامية جمال في الاسبوع الماضي من باريس بعد ان عاشت ثلاثة اشهر ونصف بين صحراء طارودان في شمال افريقيا وفندق رفائيل

ووجدت  سامية بعد وصولها الى القاهرة ان وزنها قد نقص خمسة كيلو جرامات كاملة  بسبب الرجيم الذي اتبعته في فرنسا بالرغم منها وتقول سامية ان الغلاء في  فرنسا لا يتصوره مخلوق وان وجبة الطعام البسيطة التي تتكون من صف واحد  يتكلف اكثر من ثلاثة جنيهات.. ولذلك فقد كانت تكتفي في الفترة الاخيرة اثناء اقامتها هناك بوجبة واحدة طوال اليوم لكي توفر المصروفات اللازمة للاقامة والظهور بصورة لائقة امام الجميع

وكانت تصحب سامية طوال اقامتها هناك اثناء تصوير فيلم "علي بابا" احدى الصحفيات الفرنسيات المقيمات في مصر واسمها "بياتريس كاسيس".. وكانت تشرف على اعمال الدعاية والاتصالات التي تقوم بها راقصة مصر السمراء.. ولم تأخذ سامية معها عند سفرها اكثر من 300 جنيه فقط كان الفروض ان تنفق منها طوال هذه الفترة.. وقد اضطرت في النهاية ان تطلب سلفة من الشركة الفرنسية التي تقوم بانتاج الفيلم.. ولكنها حتى اللحظة التي ركبت فيها الطائرة لم تصرف لها الشركة مليما واحدا من هذه السلفة.. واحتجت بانها قد حولت اجرها كله.. ويبلغ 7 الاف جنيه.. الى مصر بالطرق المالية المعروفة.. 

مصر جنة.. 

وكل واحد تقابله الان سامية جمال تقول له: ان مصر جنة فعلا.. واننا لا نحس بالنعيم الذي نعيش فيه لاننا لم نلق طعم الحياة في الخارج.. وحتى في باريس مدينة النور والجوع والبقشيش.. ان كل شيء هناك بثمن.. خادم الفندق يقول لك "صباح الخير" نظير فرنكات.. والابتسامات والتحيات لها تسعيرة يعرفها السياح الذين يذهبون الى هناك.. وقبل كل هذا ان كل فستان في الفندق يتكلف جنيها كاملا.. 

وقد عادت سامية جمال ومعها نفس الحقائب الاربع التي سافرت بها.. ولم يرد عليها اي شيء.. وكانت تنوي فعلا ان تشتري بعض التصميمات الحديثة التي اخرجها جاك فات ولكنها بعد جولة قصيرة في دور الازياء الباريسية اقتنعت بان المبلغ الذي جاءت به من مصر لايكفي لثمن بنطلون واحد للبلاج..! 

وفي اليوم الاول الذي وصلت فيه سامية الى باريس وجدت ان الشركة قد حجزت لها غرفة في فندق رفائيل واستراحت هناك يومين. سافرت بعدهما بالطائرة الى "طارودان" في مراكش وبقيت هناك خمسة اسابيع لتصوير المناظر الخارجية للفيلم... وكانت البعثة التي ارسلتها الشركة الفرنسية تتكون من 150 شخصا بينهم "فرناتذل" الممثل الكوميدي الفرنسي ومخرج الفيلم جاك بيكر.. وسامية جمال التي تقوم بدور "مرجانة" جارية "علي بابا" وهو الدور النسائي الاول.. وكانت اول المتاعب التي واجهتها بعد وصولها الى طارودان.. هي مسألة انقطاع الماء في فترات معينة من النهار والليل

وكان السبب هو ان الفندق الذي نزلت فيه البعثة كان عبارة عن شاليهات. تم اعدادها فاضطرت الشركة الفرنسية ان تدفع اعانة لصاحب الشاليهات نظرا اعداد جزء منها خلال يومين لاستقبال الممثلين والمصورين.. وكان هناك موعد واحد لادارة ماكنة الكهرباء واستمر بالتناوب.. وتروي سامية جمال كيف قضت ليلة كاملة بلا طعما ولا ماء لانها وصلت من باريس في اليوم الاول بعد الغروب.. واضطرت ان تظل هكذا حتى الصباح حينما احضر لها خادم الفندق بعض المياه الساخنة في جردلين من النوع المخصص لتنظيف غرف الشاليهات

ومرة ثانية عاشت سامية جمال ثلاثة ايام متتالية بلا استحمام ورمال الصحراء تغمر كل شبر فيها بسبب؟؟؟؟؟؟؟ الوحيد في هذه البقعة الوحيدة.. 

خناقات على المياه 

وكان الفندق يشهد كل صباح خناقات حامية على المياه.. وكان السبب هو ان الجميع يقومون تقريبا في ميعاد واحد هو الثامنة صباحا. وبعد نصف ساعة كانت تنطلق القافلة الى قلب الصحراء وتسلق الهضبات تصل الى المغارة التي يتربص فيها كنز الاربعين حرامي.. وكان التصوير ينتهي غالبا في الخامسة مساء. ولذلك لم تكن هناك دقيقة واحدة يضيعها الممثلون في الاستراحة او التسلية..  

وكان البرنامج الموضوع بعد ذلك لجميع افراد البعثة هو ان يخصص كل واحدة منهم فترة معينة في نهاية اليوم لمراجعة اعماله في اليوم التالي.. والمخرج كان يغلق على نفسه باب غرفته حتى منتصف الليل ويضع تقرير عن الاعمال التي تمت خلال اليوم السابق.. وقد تكلف فيلم "علي بابا" حتى اللحظة الاخيرة 300 الف جنيه منها 35 الف جنيه اجرة الممثل الفرنسي "فرناندل" وقد تم تصويره بالالوان الفرنسية وسوف يعرض في مصر باللغتين الفرنسية والعربية

بينما اجريت عملية دوبلاج له باللغتين الايطالية والالمانية ايضا لعرضه في برلين وروما، ويعتبر هذا الفيلم اكبر فيلم ملون تنتجه فرنسا بعد الحرب الاخيرة وقصة هي نفسها قصة "علي بابا والاربعين حرامي" المعروفة ولكن بعد ان ادخلت عليها بعض التغييرات المناسبة.. والذي يقوم بدور "علي بابا" هو فرناندل الذي يقدسونه في فرنسا مثل نجيب الريحاني في مصر.. وتقول سامية جمال ان فرناندل يمتاز بقدرة عجيبة على اضحاك الذين يعيشون حوله

ومنذ اللحظة التي يدخل فيها البلاتوه حتى اللحظة التي يزيل فيها الماكياج من وجهه لا يمكن ان يقفل فمه دقيقة واحدة وفي احدى المرات اعيد تصوير احدى اللقطات اكثر من عشر مرات لان فرناندل كان يؤدي حركة مضحكة لم يتمالك المخرج نفسه معها اعصابه يضحك هو ايضا في النهاية!.

وفرناندل كان ينادي سامية جمال دائما بقوله" يا مصرية". 

واشتهرت بعد ذلك سامية بهذا الاسم في كل مكان كانت تذهب اليه!. 

انت حلوة.. يا مرجانة 

واثناء تصوير المناظر النهائية لفيلم علي بابا.. تدخلت سامية جمال واعترضت على النهاية المعدة للفيلم.. وظل المخرج يناقشها يوما كاملا واخيرا اقتنع بوجهة نظرها.. واصبحت النهاية السعيدة للفيلم تسير هكذا.. بعد ان يكتشف علي بابا الخدعة التي دبرها اللصوص وسيده "قاسم" لقتله في حفلة عيد ميلاده.. يدعو جميع ضيوفه لزيارة المغارة ورؤية الثروة التي انعم الله عليه بها.. وحينما يذهبون الى الصخرة الخضراء ويشاهدون بريق الجواهر ينسون انفسهم وينقضون على الثروة ويستولون عليها بينما تدوس اقدامهم على الرجل الطيب.. ويتركونه وحيداً بلا شيء

وتدخل مرجانة وتقول له.. تركوك وحيدا فيهز علي بابا راسه ويضيف، "واخذوا كل شيء" ولاول مرة يتأمل وجهها ويكتشف فيها شيئا جديداً بعد ان ذهب المال فيقول لها: انت حلوة.. يامرجانة وتكون هذه النهاية.!

المدى العراقية في

11/02/2013

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)