حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

شويكار:

تكريمي الحقيقي هو رؤية مصر في أفضل حال

كتب الخبرجمال عبد القادر

 

شويكار فنانة من زمن الفن الجميل... كونت وفؤاد المهندس أجمل الثنائيات... مسرحياتها علامات مضيئة في تاريخنا الفني، نجحت في تقديم ألوان الدراما المختلفة وبرزت في الكوميديا التي جسدتها بطريقة خاصة بها. اليوم تدمع عينا شويكار لرؤية مصر تتخبط في أزمات لا تحصى لذا اعتذرت عن تكريمها في مهرجان الإسكندرية، مؤكدة أن الجهود يجب أن تنصبّ لإزاحة الغيمة السوداء عن البلد

مشوار طويل من التألق والنجاح تحدثت عنه شويكار في الحوار التالي.

·        لماذا ابتعدت عن الفن والسينما فترة طويلة؟

لم أنقطع عن الفن فأنا موجودة وحاضرة للعمل، لكن مع التقدم في السن تقلّ العروض، وهذا طبيعي لأن سني بعيدة عن محور الأحداث الدرامية، إضافة إلى أن ما عرض عليّ لا يحترم تاريخي الفني، لذا رفضت احتراماً لاسمي، فأنا أحرص على تقديم ما يضيف إلي ولست على استعداد للتضحية بهذا التاريخ الطويل لمجرد الظهور.

·        هل نفهم من كلامك أنك لن تعملي مجدداً؟

ليس هذا بالتحديد، لكن لا شيء يجبرني على قبول أعمال دون المستوى، فأنا لا أبحث عن شهرة أو أضواء أو مال، كل هذه المقومات أملكها والحمد لله، ولن أضحي برصيدي الفني الذي بنيته على مدى سنوات طويلة، لذا لن أعمل إلا إذا وجدت ما أبحث عنه، وفي حال لم أجده سأظل عزيزة مُكرمة في بيتي، وهذا أشرف لي كفنانة.

·        إذاً لا يحترم الفن في مصر الفنان عندما يتقدم به العمر.

للأسف، هذا هو الواقع، في أحيان كثيرة لا  يُحترم تاريخ الفنان ولا يُقدّم له ما يوازي تجربته  الطويلة، ويقيه شر تقديم أعمال رديئة لا يرضى عنها لكي يؤمن لقمة العيش. كذلك يظلم الكتّاب هذا الفنان ويضعونه في دائرة صغيرة وغير محورية لا تتناسب مع مسيرته المجيدة، ولا يهتم صنّاع العمل إلا  بتلميع صورة البطل والبطلة وهذا خطأ كبير ومعيب،  إذ لا بد من وجود أدوار محورية يقوم عليها العمل الدرامي بعيداً عنهما، لهذه الأسباب وغيرها رفضت أكثر من أربعين مسلسلا في عام واحد احتراماً لاسمي وتاريخي.

·     كانت بداياتك عبر  التراجيديا والرومنسية ثم تحوّلتِ إلى الكوميديا فهل كان ذلك  بقرار منك  أم اكتشاف فؤاد المهندس؟

بالطبع كان قراري، فضلت تقديم الكوميديا مع فؤاد لثقتي به وبما يقدمه، لذا شاركته في معظم المسرحيات الكوميدية وبعض الأفلام السينمائية، وعندما تعذر تقديم هذا النوع  مع فؤاد اقتصر عملي على السينما. اعتز بتاريخي المسرحي ولفؤاد الفضل الأول والأخير بالطبع.

·        هل اختلفت كوميديا زمان عن كوميديا اليوم؟

كوميديا الريحاني والكسار وفؤاد ومدبولي هي الكوميديا الحقيقية، أما ما يقدّم اليوم فهو ابتذال وإهانة لهذا الفن الراقي، لا تعني الكوميديا ألفاظا خارجة أو رجلا يتحدث بطريقة غريبة أو يرقص بطريقة تشبه رقص النساء.

·        برأيك لماذا قلت الأعمال المسرحية الجيدة؟

لأن الفنانين ابتعدوا عن المسرح كونه يأخذ وقتهم كله ويبعدهم عن السينما والتلفزيون حيث الأجور الخيالية. في الماضي كنا نعشق المسرح ونسخر  له مجهودنا، فيما لا يهتمّ الفنانون اليوم  بالمسرح، رغم توافر فنانين كوميديين يمكنهم أداء أدوار مسرحية جيدة، لكن نظراً إلى عدم الاهتمام به، لا نشاهد أعمالا مسرحية قوية.

·        هل ربطتكِ علاقات صداقة بنجوم الزمن الجميل؟

علاقتي جيدة بكل الفنانين الذين تعاملت معهم، لكن أكثرهم قرباً هي ميرفت أمين، رغم أنها ظهرت بعدي بنحو 10 سنوات. عموماً لم تكن ثمة صداقة كبيرة أو حقيقية في ذلك الوقت، فقد تعاملت مع الفن كوظيفة، أقوم بعملي ثم أعود إلى بيتي لأؤدي دوري كأي زوجة، ولم أهتم بإقامة صداقات حميمة أو علاقات خارج نطاق العمل الذي أقوم به.

·        هل في تاريخك الفني أعمال تفضلينها وأخرى ندمت على تقديمها؟

لا أقوم بأي عمل إلا إذا رضيت عنه تماماً، لذا لا مكان  للندم عندي، لكن  ثمة أعمالا لها ذكرى طيبة في قلبي مثل مسرحيات:  «السكرتير الفني» لأنني قابلت فيها فؤاد للمرة الأولى، «أنا وهو وهي» إذ صرح لي فيها بحبه وطلب مني الزواج، «سيدتي الجميلة» لأنها محطة فنية مهمة في تاريخي الفني، باختصار أعتز بأعمالي مع فؤاد.

·        هل شعرت باختلاف في العمل بين هذه الأيام وزمن الفن الجميل؟

مع أن البلاتوه واحد في أي زمن، إلا أن السلوك هو الذي تغير فأصبح إيقاع الحياة أسرع والناس أكثر عصبية، ويتشابه الفنانون في أشكالهم وأدائهم وكلامهم، أما في زمن الفن الجميل  فكان لكل ممثل شخصية معينة وطريقة كلام مختلفة، كذلك الأمر بالنسبة إلى المظهر، باختصار كل شيء كان مختلفاً، لذا كانوا كلهم نجوماً كباراً.

·        كيف كانت بداية تعاملك مع الموسيقار الراحل محمد عبد الوهاب؟

كان معجباً بعملنا فؤاد المهندس وأنا ويتابع يومياً إحدى مسرحياتنا ويتصل بنا ويهنئنا، وفي مسرحية «أنا وهو» اقترحت على فؤاد أن يتصل بمحمد عبد الوهاب لتلحين أغنية «حضرتنا عظمتنا»، فبادرني بالقول إن عبد الوهاب لن يوافق، لكن عندما اتصلنا به رحب بشدة، فهو شخص بسيط ويعشق عمله ويخلص له في المقام الأول وهذا  سرّ نجاحه، هكذا بدأ التعامل معه.

·        هل تحتفظين بذكرياتك مع فؤاد المهندس؟

بالتأكيد وهي محفورة في وجداني، فؤاد يعيش معي في كل دقيقة، أول مرة قابلته كانت أثناء بروفات مسرحية «السكرتير الفني»، وبعد ذلك عملنا معاً في «أنا وهو وهي» ثم أعاد عرض «السكرتير الفني» و{أنا وهو وهي»، في تلك الفترة بدأت قصة الحب بيننا وصرح لي بحبه فشعرت بقمة السعادة لأني كنت أبادله المشاعر نفسها، فؤاد هو الأستاذ والمعلم والحبيب والصديق وما زلت أحبه لغاية اليوم.

·        لماذا حدث الانفصال بينكما بعد كل هذا الحب؟

لا أعلم كيف ولماذا  انفصلنا، لكن كل شيء قسمة ونصيب.. فجأة حدثت بيننا خلافات ولم نستطع التعامل معها، ثم أصبحنا غير قادرين على اكمال مشوارنا فانفصلنا.

·        هل تفكرين في كتابة سيرتك الذاتية أو تحويل قصة حياتك إلى مسلسل درامي؟

لا سيرة ذاتية لدي وليس عندي ما أكتبه، فأنا ممثلة وبعيداً عن التمثيل لم تكتنف حياتي الشخصية الأسرار ولم أعش مغامرات لتكتب في سيرة ولم يكن أبي يضربني... باختصار ليس في حياتي الشخصية شيء يمكن أن يكون دراما ناجحة.

·        بمناسبة دراما السيرة الذاتية ما أفضل عمل عرض على الشاشات وأسوأ عمل برأيك؟

«أسمهان» الأفضل، فهو مسلسل رائع شكلا ومضموناً وإخراجاً ويعبّر عن هذه الفنانة الكبيرة فعلا، أما «الشحرورة» فهو الأسوأ، لأن صباح رمز كبير وما ورد في المسلسل لا يعكس قصة صباح الحقيقية، بالإضافة إلى أنه  أغفل مراحل مهمة في حياتها، كقصصها مع الوزراء والسفراء وحياتها في لبنان ومصر، فهل اقتصرت سيرة صباح على الزواج والطلاق؟ أكيد هي غير راضية عن هذا العمل... كذلك مسلسل «ليلى مراد» ضعيف ولا يعبر عن هذه الفنانة الكبيرة.

·     لماذا اعتذرتِ عن تكريمك في مهرجان الإسكندرية وعارضتِ  إقامة أي مهرجان في الوقت الحالي؟

ليس هذا الوقت لتكريم الفنانات إنما وقت العمل لنعبر هذه المرحلة الحرجة، ثم لا يسمح الجو العام في مصر بالتحدث في أي مهرجانات أو تكريمات، لدي جوائز كثيرة ولست بحاجة إلى جائزة أخرى أو تكريم، بل تكريمي الحقيقي يكون في رؤية مصر بأفضل حال.

ثم يمكن تسخير موازنة  المهرجانات في عمل درامي جيد أو في حل مشكلات المنتجين بسبب الأوضاع السائدة في مصر، أو البحث عن سيناريو جيد لكي يقدم، يحتاج  مجال الفن إلى ثورة لتصحيح الأوضاع وإلا سنظل ندور في دائرة مفرغة.

الجريدة الكويتية في

24/02/2013

 

"الحفلة" فيلم هروبي مسلي..

بلغة سينمائية جيدة نساء محترفات.. شرطي مثالي.. وجريمة لا تشبه جرائم اليوم

تقدمها : خيرية البشلاوي 

فيلم "الحفلة" ينتمي للنوعية الاكثر شيوعا وقبولا في الانتاج السينمائي السائد. ولكنها النوعية التي تحتاج إلي جودة في التنفيذ حتي تحقق التأثير المتوقع.. وأنا أعني نوعية الفيلم الإثاري "Thriller" الذي يقوم علي حبكة بوليسية تضع المتلقي أمام لغز غامض لا يستطيع أن يصل إلي حله من أول وهلة وانما عليه أن يتابع الأحداث حتي آخرها.

العناصر التي تعتمد عليها مثل هذه النوعية هي تلك التي تدفع بمادة الإدرينالين في الدم وترفع حرارة الفرجة وهي تحديدا الغموض. والتوتر والقلق والتشويق والتخمين والخوف الخ.

وهذه العناصر نفسها ترتبط دراميا بعملية التفاعل المتبادل بين الأحداث علي الشاشة والمتفرجين في الصالة الأمر الذي يتطلب حبكة قصصية محكمة وقادرة علي إبقاء أو من ارتكب الجريمة المحركة لقد انتجت السينما مئات الافلام من هذه النوعية ولعل اشهرها الافلام التي اخرجها الفريد هتشكوك ومدرسته التي التحق بها كثيرون جدا علي امتداد العالم.

ومخرج فيلم "الحفلة" حرص أن يوفر هذه العناصر ويضعها داخل إطار قصصي متماسك ونجح المؤلف وائل عبدالله أن يصمم الباترون المناسب للمادة الموضوعية التي يعالجها ويعتمد في معالجتها علي الشكل البوليسي التقليدي: الجريمة والتحقيقات للوصول إلي فاعلها.

الحكاية

تبدأ أثناء مشوار قصير إلي احد المجمعات التجارية الحديثة والشهيرة لشراء نوع معين من الزيتون المخلل للزوجة الدلوعة سحر حسين حجازي "روبي" حيث انها حامل في الشهور الأولي "وبتتوحم" يصحبها في السيارة زوجها شريف "أحمد عز" وبعد انتظار يطول داخل السيارة لا تعود الزوجة. وبعد عملية بحث داخل المحل والسؤال ومحاولات الاتصال بها نعرف انها تعرضت للاختطاف ثم لاحقا يتصل الجاني مطالبا بعشرة مليون جنيه مقابل عودتها سالمة.

و "سحر" من أسرة ثرية. تعيش داخل مجمع سكني في احدي المجتمعات الحديثة. وزوجها شريف يعمل في البورصة ويحقق دخلا كبيرا يوفر الفيلا والسيارة والحياة السهلة مثلما يوفر الصداقات والعلاقات الاجتماعية وتنظيم الحفلات الصاخبة التي تتحول إلي مسرح لإقامة الصفقات والايقاع بالرجال بالإضافة إلي الرقص والغناء وتدخين المخدرات وتعاطي الخمور.

"نهاد" والدة سحر "مها أبوعوف" متزوجة من "مراد" رجل أعمال داهية يعتبر سحر بمثابة إبنته وقد استطاع أن يجمع ثروتها وثروة أمها مع ما يملكه ويضعها في دائرة نفوذه.

ومن الجيران في هذه التوليفة الاجتماعية زوجين "دينا الشربيني" و "علاء حسن" الاولي حاملة اسرار سحر والثاني موظف في بنك يدفعه الطموح إلي التزوير وإلي نشاطات اخري ليست مشروعة.

وتعتبر "الحفلة" التي تضم جميع الشخصيات تقريبا الحدث المركزي الذي ترسم المخرج من خلاله بورتريهات سريعة لكل شخصية ويشير إلي السمات العامة التي تجمع بين هؤلاء الذين يمثلون الشريح التي تملك المال والعلاقات النافذة. وبذور الفساد وثماره ومنها الجريمة.

ومن بين نساء "الحفلة" البارزات شخصية نانسي "جومانا مراد" السيدة الشقراء الجميلة المطلقة التي غالبا ما تنجح في اصطياد الاثرياء وتتزوجهم لفترة ثم تنفصل بعد حصولها علي تعويض مادي كبير مقابل متعة الارتباط بها.

وتسبب عملية الاختطاف إرباكا للجميع وتجعل "الحفلة" التي كانت تجمعهم محل اهتمام الضابط فاروق "محمد رجب" الذي يصر بعد تكليفه شخصيا بعمل التحقيقات اللازمة لتحديد المجرم ومكان الجريمة ودوافعها التي اختزلت في البداية في الحصول علي عشرة ملايين جنيه ولم تظهر الدوافع الحقيقية لإرتكابها ومن الذي قام بتنفيذها.

ويبدأ ضابط التحقيقات في استجواب الجميع دون النظر إلي اي اعتبارات ومن ثم يدخل دائرة الشكوك المحيطة بجريمة الاختطاف زوج الأم "مراد" نفسه رغم أنه شخصية معروفة. ورجل أعمال واسع الثراء لكنه علي علاقة مشبوهة بسكرتيرته التي تصغرة بسنوات وقد جمع أموال الضحية "سحر" بعد أن ورثت ثروة كبيرة من أبيها المتوفي.

الطرف الآخر المقابل

من الطبيعي في هذا النوع من الحكايات البوليسية أن يحتل رجل الشرطة "محمد رجب" دور البارز والمتميز في عملية التحقيق الجنائي بحيث يصبح القوة المقابلة لقوي الفساد الضالعة في الجريمة.

ويعتمد كاتب السيناريو علي ما يعيد إلي الاذهان سيناريو فيلم "راشمون" "1950" للمخرج الياباني الاشهر اكيرا كيروساوا. أي علي وجهات النظر العديدة التي تري الحدث المحوري الواحد من زوايا نظر متعددة. ولكن في راشمون يخضع التحقيق لمنظور فلسفي يبحث عن "الحقيقية" في جريمة غامضة والتي دائما ما تكون مراوغة. حيث لا يوجد حقيقة مطلقة وفي حالة فيلم "الحفلة" هناك قاتل محدد ولديه دوافعه التي تبرر الجريمة التي قام بها ولكننا لم نعرفه بعد الضحية بالجيران بالأصدقاء بالمعارف وبالمصور الذي قام بتصويره.

وفي كل مرة يعود إلي إستعادة ما حدث أثناء "الحفلة" التي جرت وقائعها داخل منزل السيدة "نانسي" وتبدأ عملية التذكر من كل مرة مع بداية الاغنية الشعبية الفرانكو آراب جو توهل "إذهبي للجحيم" أنا بيك لا حزيد ولا أقل" التي إختارها المخرج ربما للتعليق علي تفاهة وزيف هذا العالم المصقول الفالصو من حيث الجوهر.

ومع تعدد وجهات النظر حول "الحفلة" حرص السيناريست أن يبقي علي دائرة الشكوك والاحتمالات مفتوحة للظنون وأن يغذيها بتفاصيل صغيرة مضللة تستبعد الفاعل الحقيقي وتضعه خارج الدائرة حتي اللحظة الأخيرة المفاجئة والمثيرة للدهشة وكذلك حرص علي ان يبقي علي استمرارية الجريمة لأن دوافعها المحركة تتكرر مع الزوجة الثانية وهي تحديداً يالخيانة الزوجية".

فالزوج الوسيم "شريف" المكتمل الرجولة شكلا هو في حقيقة الأمر "عاقر" لا ينجب حسب التحاليل الطبية ومعني ذلك أن الجنين الذي تحمله الزوجة ليس من صلبه وأنها خائنة ومن ثم تستحق القتل ونفس الشيء يحدث مع الزوجة الثانية سكرتيرة "مراد" التي أقام علاقة معها وتزوجها وأدعت بدورها أنها حامل.

جميع النساء في هذا الفيلم مُدانات. وشخصيات خائنة ومنحرفة أي أنها نماذج بعيدة عن المرأة المصرية العادية. فهن من وجه نظر صناع الفيلم مخلوقات كاذبة ومنافقة.

والاغنية المتكررة تكرس هذا المعني. والمرأة الوحيدة الطيبة هي الفقيرة والمظلومة التي تعمل خادمة في بيوت هؤلاء النسوة.. وأنا أشير هنا إلي شخصية خادمة "سحر" التي ذهبت إليها الضابط لأخذ اقوالها في منطقة نزله السمان.

أحداث وشخصيات حكاية شيقة ومفزعة "الحفلة" يمكن أن تحدث في أي زمان ومكان وكذلك فعل الخيانة الزوجية. والشريحة الاجتماعية التي قدم نماذجها الفاسدة والخاوية كثيرة الظهور وبلا خصوصية تمنحها ملامح التفرد. وكلمة "الاختطاف" التي بدأت تروج في لغة الاعلام المرئ والمقروء وفي الخطاب اليومي للمصريين مرتبطة في الواقع بسياق مجتمعي وظروف مرحلة زمنية شديدة الخصوصية سياسيا واجتماعيا. ولا علاقة لها من قريب أو بعيد باجواء "الحفلة" كما صورها صُناع الفيلم وربما كان من المفيد ان يشاهد الجمهور المصري فيلم شيق ومسلي يبدو المناخ الكئيب والمشحون بالاحباط والحزن اختار المخرج الشاب قالب بوليسي بعيد عن مشاغل الناس في هذه الحقبة المعبأة بشتي انواع المشكلات الحياتية والقضايا الجادة التي تؤرق الناي وتبدد الأمان بعد "الثورة" فجرت في بدايتها احلاما واشواقا للحرية والعدل وفضل عمل فيلم ينحاز إلي السينما الهروبية الشبيهة بالكلمات المتقطعة لا تترك أثرا ولا تحرك وعيا ولا تبشر بشيء. ينتهي تأثيرها فور الانتهاء من الفرجة عليها.

ورغم أي شيء فمن أمام عمل تجاري متقن إلي حد كبير. وبمثابة شهادة عن مخرج دارس لغة الصورة ولديه امكانيات يجيد التعمل معها ولديه أسلوب يظهر في تناوله لعنصر الحركة وخلق ايقاع سريع يحمل بصرية قصيرة تلعب فيها الكاميرا وزاويا التصوير ومدة اللقطة وتكرارها دورا يكرس عنصر الاثارة ويبقي علي اهتمام المتفرج بالشخصيات الضالعة في الجريمة أو المحتمل ضلوعها في عملية الاختطاف.

ومن اللافت اسلوب اداء الممثل وهنا اشارك البعض ممن اشادوا باداء محمد رجب في تجسيد شخصية الضابط فاروق عبدالكريم الذي جمع بين خفة الحركة والرشاقة وسرعة التجاوب مع معطيات المشهد والاندماج في عملية التحقيق باختصار يقدم محمد رجب صورة ليست بأي حال قريبة من الصورة الشائعة الآن عن رجل الشرطة.. مما يعني أن المخرج والسيناريست يصدران للمتفرج المصري في هذه الحقبة التي نعيشها صورة نقيضة تماما لصورة الشخصية نفسها علي ارض الواقع الذي نعيشه.

يطول الاداء التمثيلي الجيد اسلوب جومانا مراد التي لعبت شخصية "نانسي" باقتصاد وذكاء في التعبير والحركة والصوت. اختفت الضحكات المتبذلة النمطية التي تلازمت مع صورة "اللعوب" في الفيلم التجاري المصري. واختفت معها اشكال الابتذال في اداء الحوار ولغة الجسد. واكتفي المخرج بلقطة "خلع الحذاء" التي تتكرر في كل مرة يعود فيها إلي "الحفلة" لرصد وقائعها.

وراهن المخرج علي البطل المعتاد لهذه النوعية "أحمد عز" واكتفي بتقديم محدود ودال للمثلة "روبي" في دور سحر التي لقت حتفها ويعتبر الفيلم خطوة اكثر تقدما في مشوار المخرج علي المستوي التقني وبالذات في مجال المونتاج وتوظيف الاضاءة والموسيقي "عمرو اسماعيل".. العناصر الثلاثة كونت المعادل البصري والسمعي المناسب لهذه النوعية من الافلام.

المساء المصرية في

24/02/2013

 

«على جثتى»..

طموح فنى لم تنقذه الدراما ولا الإخراج!

محمود عبدالشكور 

يحاول «أحمد حلمى» فى فيلمه الجديد، الذى افتتح موسم 2013 السينمائى أن يقدم تجربة فانتازية مختلفة، ولكن فيلم «على جثتى»، الذى أخرجه محمد بكير فى أولى تجاربه السينمائية، وكتبه تامر إبراهيم فى أولى تجاربه للشاشة الكبيرة، يفشل فى ضبط خطوطه الواقعية والخيالية المحلقة على حد سواء، تظل التجربة طموحًا للغاية، الفكرة جيدة ولكن مشكلات السيناريو الواضحة والمزعجة جعلتها غير ناضجة، ولم يبق فى الذاكرة سوى بعض الافيهات والمواقف المرحة بين بطلى الفيلم حلمى وحسن حسنى.

نقول إنها تجربة طموح لأنها تمثل خطوة جديدة من أحمد حلمى فى تقديم كوميديا إنسانية تمزج الضحك بالدموع، ربما كانت البداية الأكثر نضجاً فى «آسف على الإزعاج»، كما أن فيلم «إكس لارج» الذى ناهزت إيرادته الضخمة الثلاثين مليوناً من الجنيهات، يكاد يمتلك فكرة مأساوية فى ثوب كوميدى، ذلك الشاب الذى يعانى من بدانته الزائدة، والذى يفقد خاله الحبيب بسب بدانة الخال المفرطة، «على جثتى» رغم هذا الطموح، لم يستطع أن يتجاوز فيلمى الفانتازيا اللذين شاهدنا هما فى الموسم الماضى وهما «بابا عزيز» و «الآنسة مامى» حيث ترتبك الخطوط، وتقال الفكرة بشكل واضح ومباشر، الفانتازيا صعبة للغاية، وتحتاج إلى أكثر من الارادة أو النوابا الطبية.

يستهل «على جثتى» أحداثه بلقطات سريعة متداخلة لكل أبطال وشخصيات الفليم وهم نائمون على أسرتهم، أما بطل الحكاية المحورية، وهو المهندس رءوف (أحمد حلمى)، فهو نائم فى سيارته إمام إشارة مرور تحتها عسكرى نائم. تمهد هذه اللقطات الظريفة لموضوع الفيلم ومعالجته الخيالية، تمنحنا احساساً بأن شيئاً غريبًا سيقع، ولكن بعد دقائق أخرى، لن تجد مثل هذا التقديم اللامع، سيحاول «تامر إبراهيم» تقديم شخصية بطله بحيث يكون من الطبيعى أن يصبح مكروهاً سواء فى شركته، أووسط أفراد أسرته، رءوف يتملك معرضاً ضخماً لكل ما يحتاج إليه المنزل العصرى، ولكنه ليس شريراً على الاطلاق، ولايستحق هذه الكراهية المطلوبة، هو فقط يريد تحقيق الانضباط فى مؤسسته، ويصر على مشاركة موظفيه فى إعلان عن المؤسسة يقوم بتصويره، يبدو من لقطات الفلاش أن موظفيه غير منضبطين فعلاً، أما فى المنزل فهو يراقب تصرفات زوجته سحر (غادة عادل)، التى تبدو خانعة بدون مبرر معقول، يرفض أن تفتح خطاً فى المؤسسة حتى لايغازلها أحد، بينما يصر على متابعة ابنه الوحيد «رفعت» (مروان وجيه) حتى يصبح مهندسًا مثله، يجعله يواظب فى هذه السن الصغيرة على قراءة شعر البحترى، ومقدمة ابن خلدون!

قد لا يكون رءوف مثالياً بالقطع، ولكنه لا يستحق أيضاً هذه الكراهية، قفز فوراً إلى حادث مفتعل، الكلب الذى يحتفظ به رءوف يصاب دون أن نعرف السبب، ينقله بسيارته، ولكن السيارة تسقط فى الماء، يظهر رءوف فى المشاهد التالية وهو شبح يتجول فى المدينة دون أن يراه أحد حتى يلتقى رجلًا آخر هو المستشار نوح (حسن حسنى)، وهو الذى سيخبره أنهما من الموتى الآن، ويقوده فى رحلة لاكتشاف ما لايعرفه عن أسرته وعمله، حيث يحتفل الموظفون بغيابه، وتبتهج زوجته «سحر» وابنه «رفعت» بسبب اختفائه من حياتهما.

ولكن السيناريو المتلجلج يقطع هذه الرحلة، لنكتشف أن رءوف لم يمت، إنما هو فقط فى غيبوبة بعد الحادث، وقد أدى هذا الاكتشاف إلى اضطراب واضح على المستوى الواقعى أو الفانتازى، حيث سيفيق رءوف حسب الطلب، ثم يدخل فى الغيبوبة عند اللزوم، وفى كل الحالات ستختلط الهلاوس، بالحقائق، ولن تعرف أبداً هل مارأيناه من انقلاب أسرته وموظفيه أقرب إلى الواقع أم الهلوسة، هناك من المشاهد ما يؤيد الاتجاهين، الأكثر غرابة أن يقوم رءوف فى إحدى إفاقاته المتعددة، بعمل توكيل لزوجة لايثق فيها، ويشك فى وجود علاقة لها بشخص وسيم يلعب دوره «خالد أبو النجا» وسنكتشف فيما بعد أنه أحد منافسى «رءوف» على إحدى الصفقات وامتداداً للاضطراب فإن «رءوف» يستجيب لنصيحة رفيقه الشبحّ نوح بأن يكون عادلاً، وينفذ القانون وروح القانون معاً، وكأن «رءوف» ارتكب جريمة قتل المتظاهرين فى ثورة يناير مثلاً؟!.

المهم أنه سيفيق من الغيبوبة، ليصالح موظفيه، ويسمح لابنه بأن يعيش طفولته، ويتيح لزوجته أن تحقق طموحاتها فى عمل خط مبيعات فى المؤسسة، وفجأة أيضاً يعود رءوف من جديد إلى الغيبوبة التى أصبحت التجسيد الجديد لمقولة «ساعة تروح وساعة تيجى» بل إن حالته تستدعى فصل الأجهزة عنه بعد أن أصاب الأطباء اليأس (!!)، ولكن شبح رءوف ينجح فى انقاذ رءوف من فصل الأجهزة بالاستعانة بالكلب، الذى يفترض أيضاً أنه شبح، وهذا المشهد بالتحديد أحد أكثر مشاهد الفيلم سذاجه وركاكة واستخفافاً بعقل المتفرج.

بعد أن يستفيق رءوف للمرة الأخيرة، يتوجه إلى المستشفى حيث يرقد «نوح» فى غيبوبة، نفهم أن شبح المستشار الذى لم نعرف أى شئ عن ظروفه كان يترجم أيضاً عن حالته الصحية الصعبة، وأن الرفيقين يعبّران عن رجلين فى غيبوبة، يترك السيناريو مساحة لكى يتخيل المتفرج أن المستشار أيضاً عاد من الغيبوبة، نراه فى مشهد النهاية مع صديقه «رءؤف»، ويحاول الأخير تذكيره بمغامراتهما المشتركة وهما شبحان، ولكن المستشار لا يتذكر شيئاً.

لا بأس أبداً من الفكرة حتى لو كانت تستلهم أفلاماً أجنبية، المشكلة كما ذكرت فى المعالجة، فى لحظات الصعود والهبوط التى اثرت بشكل واضح على إيقاع الفيلم، وفى حالة اللخبطة التى يمكن أن تصيب المشاهد وهو لا يستطيع الفرز بين الفاتنازيا والأحلام وهلوسة مريض الغيبوبة ، المشكلة فى غياب صناعة السيناريو، وفى عدم قدرة محمد بكير، مخرج مسلسلى «المواطن إيكس» وطرف ثالث، على ضبط مشاهده، بعضها مّر بسرعة، والبعض طال اكثر من اللازم، فضاع تأثيره الكوميدى.

رسُمت الشخصيات من الخارج، وبلمسات سريعة جعلت سلوك بعضها فى منتهى الغرابة، الزوجة متقّلبة بدرجة غير مفهومة وكأنها مريضة نفسية، خائنه وجريئة، تبدو احياناً عاشقة لزوجها وأحياناً تبدو كارهه له، كل موظفى الشركة الذين لعب أدوارهم ممثلون كسامى مغاورى وإدوارد وأيتن عامر وعلا رشدى تائهون وأقرب إلى ضيوف الشرف، تماماً مثل ضيوف الشرف الأصليين مثل أحمد السقا وخالد أبو النجا فى مشاهدهما القليلة، هناك اجتهاد من حلمى وحسنى وتميز واضح فى ديكورات رامى دراج الذى يتألق فى تقديم ديكورات فخمة وعصرية، ولكن موسيقى «أمير هداية» بدت حائرة مثل الفيلم بين الواقع والفانتازيا، وبين الخفة ومحاولة ادعاء العمق، التجربة بأكملها كانت تحّلق بأجنحة تهشمت نتيجة قلة الخبرة فى الكتابة، لذلك كان طبيعياً أن ننتهى إلى مواعظ مباشرة عن ذلك الإنسان الذى يظل يجرى ويجرى حتى يموت، أو حتى يصنع فيلماً متواضعاً.

منة فضالى:

ابتعدت عن السينما بمزاجى لأننى ممثلة جادة! 

أبدت الفنانة الشابة منة فضالى غضبها ممن يصفونها بأنها نجمة تليفزيون فقط ولا تمتلك مقومات النجمة السينمائية.

وقالت:» بدايتى الفنية كانت فى مسلسل «أين قلبي» مع المخرج القدير مجدى أبو عميرة، عام «2002»، ثم كانت خطوتى الثانية لا تقل قوة فى مسلسل «الناس فى كفر عسكر»، مع المخرج الكبير نادر جلال، وذلك فى العام التالي، لتتوالى بعد ذلك خطواتى الفنية بقوة وفى أكثر من عمل، للسينما وأولها فيلم الباشا تلميذ مع النجم الشاب كريم عبد العزيز، ثم شاركت فى بطولة عدة أفلام، ومنها:«شباب سبايسى»، و«الشبح»، «والفراغ القاتل»، و«مفيش فايدة»، و«كاريوكي»، و«نور عينى»، و«الديلر» .

وأضافت :» السينما مشكلتها بالنسبة لى - حالياً - أننى لا أريد التواجد فيها لمجرد الظهور فقط، أو حتى يقال: إنى نجمة سينمائية، فأنا أريد الظهور فى أعمال سينمائية تكون متميّزة المستوى، و أعتبر نفسى فى انتظار أن تعرض على مثل هذه الأفلام الجيدة، والتى أستطيع من خلالها ألا أكرّر أدوارى فى السينما، وبالتالى أقدّم فيها الجيد، سواء من ناحية الشكل أو المضمون.

ولو ذكرت الأعمال السينمائية التى عرضت علىّ خلال الفترة الأخيرة، لوجدت أنها لا تمثّل بالنسبة لى أية إضافة على الإطلاق، ولذا اعتذرت عنها، لأنها لا تضيف أى شيء على الإطلاق لرصيدى الفني، وأنا ليس لدى أى مانع من الظهور فى أى أفلام جديدة من حيث المبدأ، ولكن أبسط حقوقى كممثلة جادة أن يكون مضمون ما أقدّمه فى هذه الأفلام جيداً.

أكتوبر المصرية في

24/02/2013

 

مصر تحصد جوائز مهرجان الشاشة العربية في بني غازي

كتب رانيا يوسف 

فاز الفيلم التسجيلي "أنا والأجندة.. تونس"  للمخرجة نيفين شلبي بجائزة أحسن فيلم وثائقي، كما فاز الفيلم الروائي القصير "برد يناير" للمخرج روماني سعد بجائزة أحسن روائي قصير من مهرجان الشاشة العربية المستقلة في بني غازي.

بدأ المهرجان في 19 فبراير، واختتم فاعلياته مساء أمس، وقد أدار الدورة الناقد محمد مخلوف مؤسس المهرجان.

فيلم "برد يناير" بطولة الفنانة إيمى، والفنان محمد رمضان، تأليف وإخراج رومانى سعد.

ويدور حول أم فقيرة تقطن هى وأطفالها فى حجرة بلا أثاث أو باب، بعد بيع الأب لكافة محتويات الحجرة، فتضطر الأم للعمل كبائعة أعلام أثناء ثورة 25 يناير؛ كى تتمكن من شراء باب للغرفة يحميها هى وأطفالها من برد يناير.

وخلال الفيلم يوجه الأطفال مجموعة من الأسئلة لوالدتهم: "يعنى إيه نظام؟"، و"يعنى إيه جيش؟"، و"الثورة هتيجى تانى إمتى؟".

أما فيلم "أنا والأجندة.. تونس" فهو الجزء الثاني من فيلم "أنا والأجندة.. مصر"، وهما من سلسلة أفلام تتحدث بشكل مباشر عن الأجندات أو الأسباب الحقيقة وراء الثورات العربية، وتناقش هل حقًّا قامت تلك الثورات بمخططات أمريكية إسرائيلية، أم أنها عربية التفت عليها أيادٍ أمريكية؟

البديل المصرية في

24/02/2013

 

أثارت وفاته ردود أفعال واسعة بعد إغتياله بقذيفة غادرة

ياسين بقوش.. عاش مهمشاً ومات بطلاً

حسن آل قريش 

رحل ياسين بقوش، أحد آخر الرواد المتبقين على قيد الحياة، الكوميديان البارز، عفوي الأداء، عاش مهمشاً في سنواته الأخيرة، وطريقة وفاته المؤلمة جاءت معبرة بشكل لافت، فياسين الذي تعرض للإغتيال معنوياً عندما أقصي عن الشاشة، تم إغتياله فعلياً بقذيفة غادرة، وأثارت وفاته ردود أفعال واسعة نرصدها في هذا التقرير.

الدمامياسينو، صبي القهوة الساذج، متلقي التأنيب الدائم من فطوم حيص بيص (نجاح حفيظ)، لم يعد يقف أمام الكاميرا في السنوات الأخيرة، كما غاب قبل ذلك عن خشبة المسرح، بإستثناء أدوار تجارية هنا أو هناك، كذلك لم يعد الراحل المخضرم يجد له مكانًا في الفن السابع، باستثناء دور شرفي منحه إياه المخرج محمد عبد العزيز في "دمشق مع حبي"، بدور عارض سينما عجوز يعيش منسيًا في غرفة العرض، كان ربما شبيهًا بياسين بقوش في الواقع المؤلم.

الفنان ذو الأصول الليبية، كان سورياً بامتياز، تعرض لتغييب متعمد، سبق أن تجرعه عملاق الدراما السورية وابن الجيل نفسه نهاد قلعي، على يد شللية فنية تسعى لاحتكار الفن، وتخشى من كل فنان حقيقي.

كان الفيديو الذي عرض جثته صادماً، ربما أقل بكثير من مقاطع للمأساة السورية العصية على التوقف، لكن البطل هنا، هو نفسه البطل هناك، على الشاشة الصغيرة حيث إعتادت أجيال أكبر سناً أن تراه، ياسين بقوش مضرجاً بدمائه، لكن الماكياج هنا لم يكن حاضراً، دماء حقيقية، ووجه غابت ملامحه بعد أن نقشت نفسها في ذاكرة السوريين الجمعية.

ملح وسكر، وصح النوم، اثنان من أبرز أعمال الراحل، ومن أبرز ما قدمت الدراما السورية في حقبتها الأولى، في هذه الأعمال كرست "كاراكترات" سورية خالدة، مثل "أبو عنتر"و"أبو كلبشة" و"ياسينو" صبي القهوة الساذج، هذه الشخصية الأخيرة التي أداها بقوش باسمه الحقيقي، وعاد ليبني عليها أعمالاً كاملة منها"ياسين في المطبخ" و"ياسين تورز"، وإلى جانبها شارك في العديد من الأعمال السينمائية خلال فترة انتعاش القطاع الخاص، الذي غاب لاحقاً في ظل سطوة الدولة على الإنتاج السينمائي وتحويله إلى مكان آخر لتوزيع المكافآت على تحت عباءتها.

خبر وفاته الصاعق، انتشر كالنار في الهشيم، وسرعان ما نعاه فنانون، وكتاب، ومثقفون، ومواطنون سوريون، كتبت السيناريست ريما فليحان: "وهكذا انتهت سيرة حياة من رسم الابتسامة على وجوهنا بقذيفة غادرة كوفاء لعطائه... من الشارة إلى صحيفة الشرف انتقل اسمه ليرسم الحزن على وجوهنا".

من جانبه الفنان مازن الناطور، كان أكثر مباشرة وبساطة: "ياسين بقوش...لروحك الرحمة والخلود...ﻷهلك ولمحبيك الصبر والسلوان... ولقاتليك... اللعنة والبؤس والعار"، وكذلك فعلت الفنانة مي سكاف التي كتبت: "ياسين بقوش لن ننساك يا غالي.. ابن الشهيد رأسك مرفوع".

بدورها كتبت الروائية السورية ديمة ونوس: "ياسينو، الذي سجنه دريد لحّام في "مقالب غوار"و"حمّام الهنا"، لم يحظَ بعد انقضاء "الزمن الجميل"، بأدوار تذكر، تمّ تهميشه، لكنه ظلّ ياسينو الذي يحرّض الذاكرة ويستفزها على الضحك رغم كل ما يحدث"، ثم يقتل اليوم ياسينو الطيّب، خفيف الظلّ، النظيف، بشكل مجاني؟".

وختمت الروائية السورية: "أعرف أنه ليس مجانياً. وأعرف أنها ضريبة البقاء هناك. سورية صارت هناك، ذلك المكان البعيد الذي يتجنّب الكثيرون زيارته. صار الخارج هنا والداخل هناك. ياسين قتل هناك.. هنا. حيث كان لأنه يحبّ أن يكون. أو ربما لأنه لا يمتلك فرصاً أخرى للخروج كما هو حال معظم السوريين".

أما الكاتب السوري المرموق ياسين حاج صالح، فكتب: "باستشهاده اليوم شرّف ياسين بقوش فنه، استشهاده يشبه طيبته أكثر مما يشبه الفن المتواضع الذي قدمه، "ياسينو" بطلنا اليوم...لم يكن كذلك كفنان".

والجدير بالذكر أن مجلس الثورة السورية أكد مقتل الممثل السوري ياسين بقوش بعد استهداف سيارته في حي العسالي بقذيفة "آر بي جي"، وقال ناشطون سوريون إن مصدر القذيفة هو النظام السوري، واعتبروا الفنان "شهيداً للثورة السورية" مؤكدين أنه كان مناهضاً للنظام. بينما أعلنت الوكالة السورية للأنباء، "سانا،" عن وفاة "بقوش بسقوط قذيفة هاون أطلقها إرهابيون على سيارته في مخيم اليرموك بدمشق".

وتظل القذيفة مجهولة المصدر، وفي ظل الوضع الملتهب في سوريا، فمن الصعب تحديد القاتل.

إيلاف في

25/02/2013

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)