حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

بعضهم دفع الثمن باهظاً

نجوم من "هوليوود" يدعمون الحق الفلسطيني

محمد رضا

 

لم يكن غريباً في الستينات والسبعينات على وجه التحديد من القرن العشرين، ذهاب نجوم “هوليوود” إلى الحد الأقصى في تأييدهم للكيان “الإسرائيلي” . فالإعلام العربي آنذاك كان قاصراً والموقف السياسي المعلن في مؤتمرات القمم العربية كان يضع تحرير فلسطين في الأولوية . ومصر نفسها خاضت حروباً أربعاً مع “إسرائيل” ما بين 1948 و1973 وبدت وشقيقاتها من وجهة نظر الغرب دولاً معتدية بصرف النظر عن الحق الفلسطيني ومسألة الشعب الذي تم قتله وتهجيره والاستيلاء على أرضه .

آنذاك تداعت مواقف حاشدة شارك فيها ممثلون كثيرون من بينهم جون واين وسامي ديفيز وبيرت لانكاستر وبول نيومان وفرانك سيناترا ووكيرك دوغلاس وآخرون . إلى ذلك، كانت المواقف الليبرالية للبعض، مثل هاري بيلافونتي، وجين فوندا، وبول نيومان، تلتقي مع المواقف اليمينية المحافظة، كتلك التي عبّر عنها جون واين وشارلتون هستون من بين آخرين . كان الاختلاف شديداً، على سبيل المثال، حول الحرب الفيتنامية وجدواها وعدم أخلاقيّتها، لكن الاتفاق كان أشد على ضرورة حماية أمن “إسرائيل” .

الأمر يختلف اليوم إلى حد كبير، فجورج كلوني وشون بن ومات دامون وبن أفلك ومل غيبسون وتوني شلهوب وروبرت دينيرو وتيلدا سوينتون وكولين فارل وأنجيلينا جولي ورتشارد غير من بين أكثر الأصوات معارضة للسياسة “الإسرائيلية” . من بين آخرين في هذا المجال المخرج ريدلي سكوت، والممثلة جوليان مور، والممثل ماندي باتنكن والممثل المخضرم إد أسنر، كما داني غلوفر والممثلة فانيسا باراديس والممثل تشارلي شين والمنتج جيمس شاموس والمخرج وودي ألن والممثل دستين هوفمن .

وهناك أصوات لا تجهر بالمعارضة لكنها محسوبة اليوم على خط يساري يقف معارضاً، على عكس ما كانت حاله في السابق، ويقود هذا الخط الممثل والمخرج روبرت ردفورد الذي يداوم طرح الأسئلة في أفلامه حول السياسة الأمريكية الخارجية حيال دول منطقة الشرق الأوسط اليوم ومقارنتها بالسياسة الأمريكية في فيتنام ودول منطقة جنوب شرق آسيا آنذاك . وهو واحد من رعيل السبعينات المنتقد للسياسة الأمريكية كحال وودي ألن ودستين هوفمن و-ربما على الأخص- وورن بايتي الذي أنجز سنة 1998 فيلماً بعنوان “بولوورث” حمل نقداً لاذعاً لتلك السياسة كما لهوليوود وللإعلام السياسي بوسائطه المختلفة . “بولوورث” لم يكن فقط كوميديا نيّرة، لكن كان فيلماً سياسياً بالغ الجرأة .

وليس غريباً أن يكون شون بن من بين المعارضين أوضح موقفاً، فالممثل- المخرج سبق الجميع لطرح سؤال مختلف حول عملية 2001 في ذلك الفيلم الجامع الذي أسند إخراجه لأحد عشر سينمائياً من حول العالم، بينهم الراحل يوسف شاهين، ففي فيلمه ضمن الفيلم، صوّر كيف أن انهيار برجي مركز التجارة الدولي يفتح عيني رجل أمريكي عادي على الوهم الذي كان يسيطر عليه، إذ يتسلل حينها فقط شعاع الشمس الذي كان المبنيان يحجبانه عنه تاركاً تفسير ماهية هذا الوهم لكل مشاهد حسب وجهة نظره . وفي فيلم “لعبة عادلة” مثّل شخصية الصحافي الذي يصر على فضح أسباب الغزو الأمريكي للعراق وكيف أن الرئيس بوش خدع الشعب وزج به في حرب غير ضرورية .

ولا يمكن ذكر كل هذه المواقف من دون تذكّر أن الممثلة البريطانية فانيسيا ردغراف كانت أول من هز ذلك السائد حين وقفت على منصّة الأوسكار، عندما فازت به عن دورها في “جوليا” (1977) فأعلنت وقوفها مع الشعب الفلسطيني، وهو الموقف الذي جلب عليها تبعات مهنية كادت أن تمنعها من مزاولة عملها لسنوات عديدة فيما بعد، وأصر على بطولتها لفيلم “أغاثا” الذي لعبت فيه شخصية الروائية البريطانية المعروفة أغاثا كريستي، كل من دستين هوفمن ومخرج الفيلم مايكل أبتد . البعض، في “هوليوود”، يؤمن بأن خروج ردغراف من عباءة المحظور السياسي هو ما دفع جين فوندا لتغيير مواقف مماثلة ولو بالتدريج .

الأكثر من ذلك أنه دفع الممثل مارلون براندو إلى تغيير لاحق بعدما كان منتمياً إلى معسكر الصقور “الإسرائيلي” مدافعاً عن “حق الوجود لليهود” . قبل وفاته انتقد السياسة “الإسرائيلية”، ثم تراجع عن موقفه حين لم يستطع تحمّل الهبّة الساخنة التي ووجه بها . قبل وفاته سنة 2004 بأقل من عام واحد، قابله المخرج التونسي رضا الباهي الذي كان يسعى لأخذ موافقة الممثل الأسطوري على فيلم بعنوان “براندوî براندو”، وأول ما عاد الباهي من لوس أنجلوس بث لهذا الكاتب ما شمله ذلك اللقاء من شجون خاصّة:

“خلال حديثنا الذي امتد لثلاث ساعات (في منزل براندو الذي قلّما غادره في ذلك الحين) أخذ يتحدّث لي عما وقع له إثر المقابلة التي أبدى فيها رأيه الذي أُعتبر معادياً للسامية وكيف أنه اضطر للرجوع عنه لأنه لم يستطع تحمّل الحملة التي تعرّض إليها” .

وأضاف الباهي: “قال لي: حين كنت مؤيداً ل “إسرائيل” لم أكن أعرف شيئاً عن وضع اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات . زيارتي للبنان غيّرت رأيي تماماً . وعيت إلى أني كنت شريكاً في آلة خداع إعلامية” .

وختم الباهي حديثه لهذا الناقد: “ما أذهلني هو أنه خرج من زيارته للمغرب في الثمانينات بتغيير إضافي” . قال لي: “فجر ذات يوم صعدت سطح البيت الذي سكنت فيه وداهمني أصوات الأذان الآتي في عمق الظلام من مساجد المدينة (الدار البيضاء)، لم أفهم حينها ما سمعته لكني وجدت نفسي متأثراً وبكيت . ربما أدركت حينها أن حياتي السابقة كان ينقصها الروح” .

أسماء في تاريخ الفن السابع

جاك إيلام

في “حدث ذات مرّة في الغرب” الذي أخرجه سيرجيو ليوني سنة 1928 يتقدّم ثلاثة قتلة محترفون من موظّف محطة قطار عجوز ويحبسونه في خزانة . ثم يقف كل منهم في مكان مختلف بانتظار القطار المنتظر . جاك إيلام، الذي مثّل في نحو 100 فيلم في حياته هو الذي يجلس على المقعد ويحاول النوم فتضايقه ذبابة . يسارع ويحبسها في ماسورة مسدّسه ثم يتلذذ وهي تئز في الداخل .

معظم ما مثّله جاك إيلام من أفلام كان “وسترن” لاعباً شخصيات شريرة، لكنه ظهر في الكوميديا والبوليسي . عينه المعطوبة كانت سبباً في شهرته . لكنه يتمتّع بموهبة فذّة تجعله قادراً على سرقة النظر من سواه .

أوراق ومشاهد

فامباير ألماني آخر

**** Vampyr (1932)

“فامباير” هو واحد من أكثر أفلام الرعب في التاريخ فنّاً، والرعب هنا ليس في التخويف، بل في الإيحاء وتراكم الأسئلة من دون إجابات سهلة ثم كشف المواقف ما يجعل المشاهد خائفاً مما يراه بالفعل .

 

حتى الدقيقة السابعة والعشرون من الفيلم، معظم ما يرد هو عرض لما يكتشفه الشاب ديفيد غراي (جوليان وست) بخصوص البلدة التي وصل إليها . يتابع متعرّفاً إلى حالات تثير اهتمامه بغرابتها . توعز له، ولنا، أن الأمور ليست على ما يرام . إنها وجهة نظر الشخصية، لكن إلى حد . ليس هناك بعد ذلك الحدث الذي يستطيع ديفيد تشكيل وجهة نظر خاصّة عنه، وهذا اللاوجود يؤخر دخول الفيلم حبكته، لكن تتبلور مع انتقال ديفيد من الباحث إلى الشريك عندما يقع رب العائلة (موريس شوتز) مقتولاً برصاصة لتسهيل وصول الفامبايرز إلى ابنتيه . تطلب منه الأم البقاء لمساعدتها فيوافق . ليوني (سيبيل شميتز) تستجيب لنداء غامض وتنقل بعد ذلك إلى فراشها وعلى رقبتها علامة “تشبه عضّة القطة أو الجرذ”، حسب الفيلم . في هذه الأثناء كان ديفيد فتح مغلّفاً تركه الأب وموصياً أن لا يُفتح الا بعد وفاته . يجد ديفيد كتاباً يؤرخ لأحداث مشابهة وقعت في عدد كبير من البلدان، بما في ذلك حالة كان الطبيب فيها شريكاً لمصاصي الدماء، إذ كان يستدرج لهم الضحايا . هذا ما يلفت نظره إلى الطبيب الذي جاء ليلاً للمعاينة والابنة الثانية للعائلة واسمها جيزيل (رينا ماندل) تتساءل لاحقاً: “لماذا لا يأتي هذا الطبيب إلا ليلاً؟” ليكتشف أنه بالفعل طبيب مشارك . على ديفيد لا إنقاذ حياة جيزيل المهددة وشقيقتها الراكدة التي بات من شبه المؤكد أنها خسرت حياتها البشرية، بل إنقاذ نفسه أيضاً . وهذا ما يتم لاحقاً ويقضي الطبيب في مشهد تنهال عليه فيه غلّة طاحونة القمح .

لم ينتم المخرج الدنماركي كارل دراير إلى المدرسة التعبيرية التي كانت سائدة في ألمانيا قبل سنوات، والتي خرج منها فيلما الرعب الكلاسيكيان “عيادة الدكتور كاليغاري” (إخراج روبرت واين- 1920) و”نوسفيراتو” (ف . و . مورناو- 1922)، بل كان كوّن منهجه الخاص منذ بضع سنوات عندما حقق “عاطفة جوان دارك” (1928) . مثل ذلك الفيلم لا يكترث دراير كثيراً لسرد الأحداث على نحو منطقي (من هنا بعض أخطائه أيضاً مثل أننا نرى منازل يعيش من فيها على ضوء الشموع لكن في أحد المشاهد هناك صوت لجرس الباب الكهربائي وهو يُقرع) .

شاشة الناقد

حالة موحشة

*** Mama

إخراج: أندي موشييتي

تمثيل: جسيكا شاستين، نيكولاي كوستر-والداو، ميغان كاربنتييه .

رعب

الولايات المتحدة 2013

معها حق الممثلة جسيكا شستاين عندما تقول إن “ماما” ليس أي فيلم رعب، بل فيلم رعب جيّد وإلا لما مثّلته . على كثرة ما نراه من أفلام رعب صار الواحد حذراً من دخول أحدها مخافة أن يجده منقولاً عن آخر فيلم شاهده من النوع أو قبله .

“ماما” يختلف فعلاً . عوض أن ينشغل المخرج بالمؤثرات الخاصّة واستخراج مشاهد عنف جديدة مع دلو من الدم يدلقه فوق ضحاياه، نجد هنا عملاً ذكياً يتعامل والخوف كناتج حقيقي عن ظروف موضوعية . ويمكن تلمّس هذا الاختلاف من بدايته: رجل فقد صوابه في ظرف اجتماعي مُعين وتحت ضغط نتبيّنه لاحقاً ويطلق رئيسه في المكتب حيث يعمل ثم ينطلق إلى بيته ليأخذ طفلتيه الصغيرتين إلى حيث سيختبئ في منزل في غابة معزولة . بعد خمس سنوات يكتشف وجود الفتاتين في ذلك المنزل المهجور وهما في حالة موحشة تعيشان كالجرذان بعدما اختفى والدهما . يعرض شقيق الأب (نيكولاي كوستر والداو) تبنيهما ونقلهما إلى منزل وفّرته أحد المستشفيات ويعرض ذلك على صديقته أنابل (جسيكا شستين) طالباً منها مساعدته في المهمّة، وهذه تقبل على الرغم من أنها لم ترحب بالفكرة مطلقاً . المشكلة التي تتأرجح دون أن تطور أو حل هي في الفتاة الأصغر التي مازالت تتصرّف على نحو غريب ولا تستطيع النطق جيّداً أو التصرف على نحو بشري . التأثير الذي عاشته طوال خمس سنوات من القوّة بحيث بات من الصعب شفاؤها من متاعبها النفسية ضمن مدّة منظورة .

سريعاً ما يدرك الرجل وصديقته (كما المشاهدون) أن المسألة لا تتوقّف عند هذا الحد، بل تمتد لتشمل وجود أرواح غريبة انتقلت مع الشقيقتين من ذلك البيت الذي عاشا فيه وحيدين إلى البيئة الجديدة .

المنتج المنفّذ لهذا الفيلم هو غويلمرمو دل تورو، الذي لديه منحاه الخاص من أفلام “الفانتازيا” الداكنة . صحيح أنه لا يتدخل في التنفيذ أو في شغل المخرج موشييتي، إلا أن يتدخل لصياغة الإنتاج على نحو يؤمّن تميّز الفيلم عن أترابه وعلى النحو الذي يمنح المشاهد وضعاً خاصّاً محوره محاولة دؤوبة للبرهنة على أنه يمكن خلق كيان عائلي قادر على الدفاع عن نفسه ضد ما هو شرير أو خطر، فالفتاتان ليستا شريرتين بل سنجدهما لاحقاً يعانيان الظواهر غير الطبيعية التي أخذت تعصف بأهل البيت جميعاً .

جسيكا شستين التي شاهدناها تلعب شخصية قويّة الجانب في “زيرو دارك ثيرتي” تؤدي هنا شخصية صلبة أخرى . طبعاً ستخاف وستفزع وستصاب بالإحباط لكن الكثير مما يحدث في الفيلم متمحور حولها كما تمحور فيلم Alien الشهير حول شخصية الممثلة سيغورني ويفر .

الخليج الإماراتية في

17/02/2013

 

قضايا يطرحها فيلم الرحلة الجوية Flight

هل يستطيع المرء أن يكون معيباً وبطلاً .. أو وغداً وواعظاً ؟!

خيرية البشلاوى 

القضية الأخلاقية التي يعالجها الفيلم الأمريكي "رحلة جوية" Flight لتضيف إلي فيلم المخرج روبرت زيميكس اشكالية متعددة الأبعاد يجسدها بطل الفيلم ويب وانكر "دنزل واشنطن" وأعني نظرة الإنسان لذاته من حيث كونه إنسان.

وابدأ بالسؤال الذي طرحهپفي نهاية الفيلم الابن ذو الخمسة عشر عاماً إلي والده الطيار البارع الذي أدين من حادث ارتطام طائرة ويقضي عقوبة السجن خمس سنوات بسبب تعاطيه الخمر اثناء الرحلة من أورلاندو إلي اتلانتا علي خطوط احدي الشركات الداخلية الأمريكية.

سؤال الأبن لأبيه: من أنت؟؟

وبعد هذا السؤال ينتهي الفيلم وتنزل العناوين الأخيرة.. فالإجابة لا يملكها الأب الطيار ولكن نحن المشاهدين لدينا اجابة أو عدة اجابات حسب قراءتنا وتحليلنا للشخصية محور الأحداث.

الطيار ويب استطاع بمهارة مرضية مشهودة ومدهشة أن يسيطر علي الطائرة التي تقل 102 راكب ويهبط بها علي أرض فضاء وكان من الممكن لولا هذا الاعجاز المهني أن يموت جميع الركاب.. مات ستة فقط. اثنان من طاقم الطائرة وأربعة من المسافرين.

وكان من الممكن أيضاً لولا حرص الطيار الماهر أن تسقط فوق مكان مأهول بالسكان فيتضاعف عدد الضحايا..

لم يكن تعاطي الخمر والمخدرات السبب في الحادث وربما كان العكس فقد كان الطيار جسوراً بارد القلب وهادئا وتمكن من معالجة الكارثة بأقل قدر من الخسائر البشرية ولكن في أثناء التحقيق ظهر من ضمن مخلفات الطائرة زجاجات خمر فارغة وفي مكان لا يمكن أن يصل إليه سوي طاقم العاملين بها. وبالكشف عن آثار السموم في دماء الضحايا اتضح أن المضيفة "كاترينا" التي لقت حتفها في الحادث هي الوحيدة الضالعة في شرب الخمر.

وكاترينا علي علاقة حميمة بالطيار قائد الطائرة وقد ظهر الاثنان في أول مشهد من الفيلم صباح يوم الحادث داخل حجرة في فندق مجاور للمطار حيث أمضيا سوياً ليلتها. وفي هذا المشهد نفسه الذي تظهر فيه عارية قبل أن تتوجه إلي عملها. نعرف أن "ويب" مُطلق وله ابن هو نفسه الذي يوجه السؤال الذي بدأنا به. أثناء زيارته لأبيه في السجن.

وبعد أن يتماثل ويب للشفاء ويخرج من المستشفي الذي يعالج به يواجه سلسلة من التحقيقات وفي التحقيق الأخير يجلس أمام القاضية المكلفة باستجوابه. يجيب عن جميع الاسئلة بما يعفيه تماماً من تهمة التعاطي ولكنه في اللحظة الأخيرة وعندما يصل التحقيق إلي السؤال حول ما إذا كانت "كاترينا" هي الوحيدة التي تعاطت الخمر. يتردد ويرتبك ويتوقف مرات في مشهد بليغ ثم يقرر الاعتراف والشجاعة. فهو مدمن ومتعاطي كحول وكوكايين ومن ثم يواجه عقوبة السجن وسط دهشة واستغراب الجميع وبشكل خاص المحامي ممثل هيئة سلامة النقل وزميله ممثل هيئة الطيارين لإيمانهما بأن تعاطيه للمخدرات ليس هو السبب في ارتطام الطائرة بل أن براعته هي التي خففت من آثار الكارثة.

يقول ويب في اعترافه للمساجين زملاء الزنزانة انه حاول أن يقدم اعتذاره لأهالي الضحايا. بعضهم قبل الاعتذار وتفهم قضيته والبعض الآخر رفض وأنه حاول أن يكفر عن سلوكه بالتوبة وبرغم السجن إلا أنه سعيد ويشعر لأول مرة بتحرره من آثامه. وبشعور عميق بالحرية. وأن السجن خلصه من إثم الإدمان ومن الأكاذيب اللا نهائية التي كان يلجأ إليها.

المشهد الأخير بين الأب والابن رغم قصره يعيد العلاقة الحميمة بين الاثنين. ويرد للطيار بعضاً من إحساسه بذاته. حيث يراه الابن اعظم شخصية التقاها في حياته. وأنه جاء إلي أبيه لعمل موضوع عنه يبدأه بالسؤال "من أنت"؟ وبعودة قليلة إلي الوراء مع أحداث الفيلم نتذكر أن هذا السؤال نفسه طرحه الابن اثناء زيارة الأب له بعد أن تماثل للشفاء حيث اشتبك معه ورفض زيارته برغم الاحتفاء الإعلامي به باعتباره انقذ عشرات الركاب من موت محقق.

دنزل واشنطن ممثل بارع فعلاً. قدم في هذا الفيلم رسماً دقيقاً لشخصية المدمن القادر علي أن يشق حياته بقدر كبير من الادعاء. أداؤه جدير بالاعجاب والتأمل. اخضع لغته الجثمانية لدرجات من التعبير عن حالة رجل تتقاذفه موجات من النشوة الحسية. والاعجاب بذاته. ومن التحايل والكذب والجسارة والشجاعة الأدبية والتخاذل والمرافعة والامتلاء الأجوف بالذات.

في لحظات من حياة المرء. يستطيع أن يظهر جوهر وخلاصة تجربته التي عاشها ويكشف حقيقة ما حاول إخفاءه والتي لم يكن يدركها هو نفسه إلا بعد هذه الرحلة الكاشفة التي ارتطمت بفعلها طائرة مصابة بالعطب وكذلك حياته المعيبة التي أعاد ترميمها باعترافاته لنفسه وللآخرين وقبوله للعقاب بقلب مفتوح.

وفي الفيلم قضايا أخلاقية أخري تخص شركة الطيران الأهلية التي سمحت بإقلاع طائرة "خردة" بها عيوب أدت إلي توقف ذيلها وعُطل محركها ولم تكن صالحة لطيران آمن. وسيناريو الفيلم لم يمنح هذه النقطة المعالجة الكافية.

شخصيات عديدة أخري غزلها السيناريست جون جاتنيس من نفس النسيج وبنفس الرهافة وجعلها تتقاطع منذ البداية مع الخيط الرئيسي المشدود لشخصية البطل ويب واتكر وأهمها حكاية نيكول "كيلي ريللي" المرأة الجميلة المدمنة فاقدة البوصلة التي التقت بــ ويب اثناء علاجه في المستشفي. فهذه المرأة عرفت بدورها "الخلاص" من ورطة الإدمان بعد رحلة مضنية مع تجار الشرائط الإباحية وتجار المخدرات وانهت علاقتها "بويب" سريعاً خوفاً من الانتكاسة.

ثم شخصية هارلنج "جون جودمان" بائع المخدرات صديق الطيار حامل الحقيبة بمظهره الغريب وسلوكه الطريف وبأداء الممثل الذي أضفي علي الشخصية روحاً وحركة وحضورا مُلطفا لأجواء الكارثة.

هناك أيضاً شخصيات المضيفات "كاترينا" وزميلتها التي تركت رسالة حب لأبنها في الصندوق الأسود والطائرة تتعرض للهلاك ولكنها نجت من الموت حتي النهاية.

ثم شخصية مساعد الطيار الشاب وزوجته المؤمنان بالقضاء والقدر ومشيئة الرب إلي جانب شخصية المحامي الأسمر مندوب هيئة النقل الوطني وأيضاً شخصية صديق الطيار ممثل اتحاد الطيارين.. إحكام الشخصيات الثانوية بشكل عام دليل علي قدرة المؤلف علي نسج الحكايات وعلي قدرة المخرج علي تعميق خيوط الشخصية بمنحها الفرصة في استخراج طاقتها التمثيلية واختيار الزوايا المناسبة لكل موقف والتوجيه المناسب الذي يدعم حضورها حتي لو ظهرت في مشهد واحد مثل شخصية القاضية. المرأة التي قامة باستجواب "واتكر" ولم تتحرك إلا في مساحة محدودة جداً داخل صالة التحقيق ومع ذلك قدمت مساحة كبيرة من المعاني والملامح الخاصة كقاضية والدينامية المعرفية التي تظهر في أسلوب طرح الأسئلة ثم إعادتها. والتعبيرات التي تبدو محايدة ولكنها لا تخفي ما يدور بداخلها.

روبرت زيمكس الذي سبق وقدم حادثة ارتطام طائرة في فيلم آخر "cast away) بالإضافة إلي ابداعه لفيلم "فورست جامب" مخرج بارع لا شك وقادر علي تنفيذ المشاهد الصعبة مثل مشهد الهرج والمرج الذي أصاب الركاب بدقة متناهية وتقديم تفاصيل ما جري للطائرة المنكوبة قبل أن تسقط والايحاء بأجواء الكارثة داخل كابينة القيادة. علي نحو مثير لا تتردد في تصديقه.

وفي هذا الفيلم أعجبني جداً المشهد الذي دار علي سلالم المستشفي الذي يجمع بين الطيار المصاب و"نيكول" مدمنة الهيروين. ومريضة السرطان "القريبة من الموت" المشهد فعلاً مدهش من حيث مضمونه وحواره والحالة التي تحدث بها المرضي الثلاثة وتكوينه داخل اطار الصورة.

هناك سؤال كبير يطرحه الفيلم من دون اجابة محددة: هل يستطيع الإنسان أن يكون معيوباً علي غرار "ويب واتكر" وبطلاً في ذات الوقت؟؟ أو أن يكون وغداً وواعظاً؟؟

المساء المصرية في

17/02/2013

 

أبيكيليبس : الجنود يصورون مأساتهم

كاظم مرشد السلوم 

كم هائل من الاشرطة السينمائية صورها الجنود الذين اشتركوا في الحرب العالمية الثانية وفي مختلف الجبهات ،ولطيلة سني الحرب الطويلة التي امتدت على ثلثي مساحة الكرة الارضية ، البي بي سي جمعت هذه الاشرطة ،وكلفت ISABELLE CLARKE لصنع فيلم يتحدث عن الحرب العالمية الثانية وجاء الفيلم بستة اجزاء تحتعناوين ، العدوان ، الهزيمة الساحقة ، الصدمة ،العالم يشتعل ، الانزالات الكبيرة ،الجحيم .كل هذا الكم الهائل من الشرطة صورها جنود اشتركوا بالمعركة وقتل الكثير منهم ،حيث كلفوا بتوثيق يوميات

الحرب بتفاصيلها .وهي سرد وثائقي يستعرض الحروب والمعارك التي جرت في الحرب العالمية الثانية وشخوص وابطال هذه المعارك ،بدأ من بدايتها  والاسباب التي كانت وراؤها ، لاسيما أطماع هتلر بأحتلال كل الدول المحيطة بألمانيا ومن ثم تنامي هذا الطموح لأخضاع العالم كله الى المانيا ، وأنتهاءا بالهزيمة الكبيرة التي تعرض لها الجيش الالماني النازي وسقوط برلين على يد الجيش الأحمر السوفياتي وبمساندة جيوش الحلفاء ، بعد صراع وحرب راح ضحيتها أكثر من خمسين مليون شخص من مختلف أنحاء العالم وما صاحب ذلك من تدمير لعشرات المدن والقرى وبشكل كامل في بعض الأحيان . مستعرضا معاناة الجنود والمدنيين من أهوال هذه الحرب

نحاول هنا استعراض البناء الفيلمي من خلال التطرق الى السرد الفلمي ،التصوير ،المونتاج والشخصيات التي تناولها الفلم :-

السرد 

بسب الكم الهائل من الوثائق الارشيفية التي أعتمدها الفيلم وهي وثائق صورية، تم تصويرها من قبل جميع الأطراف المشتركة في الحرب ، والفيلم اعتمد شكل البناء المونتاجي، وأعتمد هذه الوثائق والأفلام الكثيرة المصورة كمادة للواقع بنيت كفيلم من ستة أجزاء على ضوء المونتاج ، لذلك فأن السرد كان موضوعيا جدا، بسبب أن الحرب العالمية الثانية كانت قد أنتهت قبل أكثر من ستين عاما، وقد أطلع العالم على حيثيات واسباب وكذلك نتائج الحرب، وأطلع كذلك على طبيعة الأفكار النازية والفاشية والتي كانت سببا لأندلاع الحرب، ولذلك فأن الذاتية قد تكون منعدمة في السرد الفيلمي فلا إدانة لهتلر أو موسوليني ولا تمجيد للأتحاد السوفياتي أو للحلفاء ، أن الكاميرا وفي تصويرها للأحداث كانت تصور كل ما يقع أمامها ومن ثم تكون قد أتخذت صفة الحيادية، الفيلم أستعرض كل الأماكن التي جرت فيها الأحداث ولم يكن يعرض مكانا من دون اخر ، فالسيناريو أعتمد على سجل الأحداث التأريخي في وضع معادله الصوري ، الكاميرا عين كانت سببا في الشكل السردي للفيلم ، فالكاميرا كانت تبدو وكأنها عين أحد الجنود المشاركين في الحرب اذ كان يتنقل من مكان لأخر ومن جهة لأخرى طيلة مدة الحرب، حيث كانت الكاميرا تبدو وكأنها جزء من واقع المعركة ، ومقتربة منه ، الأمر الذي وفر متعة في السرد، طبيعة السرد في الفيلم أستطاعت وبأسلوب سلس في عملية الأنتقال بين الزمان والمكان وتبعا لتسلسل الأحداث ، وعلى الرغم من الانتقال في احيان كثيرة من مكان لأخر، من الجبهة الفرنسية حيث القادة الفرنسيون يتوقعون هجوما ألمانيا، الى منتجع هتلر وهو يقرر مهاجمة فرنسا من الأراضي البلجيكية ، كذلك فأن السرد أخذ على عاتقه تفكيك المكان من خلال طبيعة هذا المكان وعرضه للصعوبات التي تعترض حركة الجيوش وقسوة المعارك الجارية فيه وما لحق بالمدن والقرى والناس الموجودين فيه من دمار ، مستعرضا كذلك الطبيعة الجغرافية والاجتماعية للعديد من البلدان التي ربما تختلف من الكثير من العادات والتقاليد والمزايا، لكنه أراد أن يقول أن الحرب لا تعترف بكل هذه الفوارق، وتحقيق الاهداف الخطط الحربية يجعل كل مكان في العالم مكانا مفتوحا للحرب.

التصوير 

التصوير في فيلم أبكليبس أعتمد العديد من الأفلام المصورة في أماكن مختلفة طيلة مدة الحرب العالمية الثانية ، فالعديد من الكاميرات كانت تراقب الواقع وتسجله بشكل يومي ، فكان هناك تصور الجانب الألماني وبشكل مستمر سواء على خطوط الجبهات التي فتحت وأخرى كانت تسجل حياة الناس اليومية وهم يرقبون ما يجري من أحداث وما يمكن ان يترتب من نتائج على أندلاع الحرب ، حتى أننا نشاهد في أحد المشاهد الكاميرا وهي تصور فريق عمل الدعاية النازية وهم يصورون محطة قطار ممتلئة بالجيش الألماني أستعدادا لنقلة الى احدى الجبهات، كان المصورون العسكريون شجعانا وحريصون على تصوير كل مايحدث، الأمر الذي افاد كثيرا في هذه الفيلم الذي أعتمد البناء المونتاجي في سرده للأحداث ، الانتقالات المكانية والزمانية في الفيلم ، كان يشار اليها أو توضح من خلال الكتابة على الشاشة ، التصوير كان يختلف من من حيث الإضاءة والجودة بين كاميرا وأخرى ، ولكنه كان عاملا مساعدا على ألأنتقال المكاني بين جبهة وأخرى أو دولة واخرى أو بين الأزمنة المختلفة .

المونتاج 

الفيلم أعتمد البناء المونتاجي من خلال توظيفه للعديد من اللقطات الأرشيفية التي صورت طيلة مدى الحرب العالمية الثانية ، ومن خلال الفكرة والسيناريو الموضوع الذي تم التقطيع المونتاجي في ضوئه ، ولكن هذا البناء ومن خلال خلق التأثير الأكبر على المشاهد  أعتمد العديد من اللقطات الطويلة، لاسيما تلك التي تصور حركة الجيوش، والمونتاج كان متوازيا، خصوصا في أثناء تنقله بين الأطراف المتصارعة والداخلة في الحرب وهي أكثرمن طرف، ثم يعود ليكون ساردا من خلال عرضه للعديد الطرق وكذلك الأمكانات العسكرية لكل منهم من خلال عرضه للعديد من اللقطات التي تظهر حركة الدبابات والطائرات وتجمعات والحشود الكبيرة للجنود ولكل جبهة ، تاركا للمتلقي معرفة إمكانية كل جيش وما يمكن أن تكون عليه النتيجة فيما لو خاض الحرب ، المونتاج نجح وطيلة أجزائه الست من تحقيق شيء من العلاقة العاطفية بينه وبين المتلقي من خلال عرضه الأحداث الواقعية التي جرت خلال سنين الحرب الطويلة وقد نجح في تحقيق ذلك ، وبسبب عدم إعتماد الفيلم على العديد من التقنيات التي يمكن أن تعتمد في الأشكال الفلمية الوثائقية الأخرى كإعادة بناء الحدث، أو أجراء المقابلات واللقطات وأعتماده فقط على الأرشيف الصوري الكبير الذي توافر لصانعيه، فقد كان البناء المونتاجي هو الشكل الذي تم تناول الواقع من خلاله ، والذي استطاع التعامل بشكل مميز مع المعلومات والوثائق وكذلك الأحداث التأريخية التي تناولها على الرغم من تنوع وتعدد أماكنها وأزمنتها .

الشخصيات 

أستعرض فيلم ائبكليبس حياة العديد من الشخصيات العسكريةوالسياسية التي كان لها دور مهم ومؤثر في الحرب العالمية الثانية وغيرت من مجرى الأحداث في أحيان كثيرة، وكان تناول هذه الشخصيات يجري ضمن السياق العام للأحداث لذلك فأن بعضها ظهر في الفيلم أكثر من غيره من الشخصيات ، فشخصية هتلر كانت شخصية محورية في الفيلم نتيجة لدورها الكبير في الحرب وكذلك كان ظهور تشرشل، رومل، ستالين، وكان لظهور هذه الشخصيات أهمية كبيرة في تعزيز مصداقية الاحداث المعروضة على الشاشة ، لاسيما وأن ظهور بعض الشخصيات أحيانا في مشاهد حوارية وإجتماعات ، مشهد فرحة هتلر وهو يضرب رجله في الأرض فرحا بخداعه الفرنسيين ، وهي حركات نادرا ما يظهر بها هتلر هكذا، لاسيما مع تعود المشاهد على الصرامة التي تعلو وجهه دائما، لكن الشخصيات الحقيقية التي ظهرت طوال مدة الفيلم هي شخصيات الجنود الذين شاركوا في المعركة وأبراز التاثير الواضح للحرب عليهم عارضا ما علا وجوههم من علامات تعب واعياء، وكان لظهورها خصوصا في لحظات القصف والقتل التاثير الكبير على المشاهد.

ئبيكليبس يعد الفيلم الوثائقي الاكبر الذي صور هذه الحرب مستهدف التذكير بمأساة الحرب الكونية وما الت اليه من نتائج كارثية مازالت اثارها ماثلة الى الان في العديد من بقاع العالم .

الجزيرة الوثائقية في

17/02/2013

 

سينما تثير الجدل وتفتح أبواب الحوار

فيلم «بالمقلوب» يتساءل: من يمنع قبول الآخر؟!

عبدالستار ناجي 

تشرفت بلقاء المخرج الارجنتيني فرناندو سولانا مرات عدة في مهرجانات كان وفينيسيا.. وذات مرة في عام 1986 قدم لي ابنه المخرج خوان سولانا، الذي قرر ان يسير على ركب والده في تقديم نتاجات سينمائية مثيرة للجدل، فبعد أن كان والده يشتغل بالأعمال ذات البعد والطرح السياسي، بالذات في القضايا الخاصة في «الأرجنتين» ثم اميركا الجنوبية بكاملها جاء خوان لتقديم نتاجات سينمائية ذات بعد إنساني عالمي عبر انتاج سينمائي يذهب للجماهير ويحمل المغامرة والدهشة ولكنه في الحين ذاته يرتكز على طرح فكري فلسفي بعيد ورصين.

من أبرز الأعمال التي قدمها خوان سولانا تأتي افلام مثل «الأسد» و«رجل بلا رأس».. وقد ظل يقرن تجاربه السينمائية دائما بالكتابة والاخراج، وفي احيان كثيرة التصوير والانتاج.

وهو هنا في «بالمقلوب» يكتب ويخرج في حكاية تبدو للوهلة الأولى بعيدة، ولكنها ذات مضامين تدعونا الى الحوار.

الجانب الروائي في الفيلم يذهب الى حكاية (آدم - يقوم بالدور جيم سترجيس) وهو انسان عادي وبسيط في جانب من الكون، ينقسم الى قسمين، كون اعتيادي يتحرك بالجاذبية الاعتيادية، التي تجره الى اسفل، ويقابله كون أو عالم آخر فوقه مباشرة، يتحرك بالطريقة المقلوبة ولكنه بالنسبة لتلك الشخصيات التي تعيش في ذلك الكون المقلوب تسير بشكل اعتيادي.

آدم يحمل روحا رومانسية تحمل الذكريات الجميلة، الفتاة التي حلم بها ذات يوم من العالم الآخر، الفتاة تدعى (عدن - تقدمها كرستين دينست).. يفرق بينهما الزمن.. والمكان.. ولكنهما يعودان الى الالتقاء مجدداً.. ولكن وسط رفض العالمين، عالمه يرفضها ويرفض عالمه.. وايضا عالمها يرفضها ويرفض عالمه.. ايضا هذا الحب الذي يجمع بينهما.

يحاول المستحيل من أجل الوصول اليها، حتى أنه يلجأ الى علماء الفيزياء والجاذبية، من أجل ابتكار اساليب تجعله يعيش ولو بشكل مقلوب، حينما يذهب الى العالم الذي تعيش فيه صديقته.. وتفلح التجربة.. ولكن يتم اكتشافه.. فهو مرفوض في ذلك العالم.. وهو ايضا مرفوض في عالمه لأنه أحب فتاة من العالم المقلوب، والذي يرتكز على العالم الذي يعيش به.

بحيث اننا نظل طيلة الفيلم نشاهد العالمين والذين يقتربان من بعضهما البعض، وبشكل مقلوب، بحيث تكون الرؤوس قريبة من بعضها البعض.. في المكاتب.. والشوارع.. والأماكن العامة.. ولكن كل منهم ينتمي الى عالمه الخاص.. ويتوجه الى الجاذبية التي تحركه.. ولكن تظل الرؤوس متقاربة.. ولكنها رغم هذا الاقتراب مختلفة.. ترفض بعضها البعض. بل ان هنالك من يطور هذا الرفض ويعمق ذلك الخلاف، ويرفض الحب المتبادل.. أو العلاقة، مهما كانت نوعيتها. كل عالم له حرسه الشرس.. وقوته الضاربة، التي تمنع اقتراب العالمين، أو أبناء هذا العالم أو ذاك.

رفض حازم.. وعناد أرعن.. وبغيض.

رفض سوداوي.. يسيطر على العوالم.. ويمنع تقاربها.. وحوارها.

وهذه العوالم المقلوبة، تتطلب صناعة سينمائية عالية وهذا يعني كلفة انتاجية كبيرة، مشيرين الى أن كلفة الانتاج بلغت 60 مليون دولار، لتحقيق ذلك الوضع المقلوب، أو معادلة العوالم المقلوبة.

بالإضافة الى جيم وكرستين، هنالك ايضا تيموثي سبال واغنشكا ونروسكا ونيل نابير وهايدي هاوكنس.

كتب الموسيقى التصويرية الموسيقار الكندي بانواه شاريست الذي كتب الموسيقى التصويرية لفيلم «قنينة في بحر غزة».

أما التصوير فقد أداره وباقتدار بيير جيل الذي صور أفلاما مثل «هتلر» 2003 و«فنون الحرب» 2000 و«أوت لاندر» 2008.

كما يسجل للثنائي ايزابيل جاي وجان بيير باكيه ادارتهما للاخراج الفني والتقنيات التي أوصلت العمل الى هذا المستوى الرفيع. ونعود الى بيت القصيد، فتلك الأجواء.. وذلك الخيال.. وكمية المغامرات.. تظل تدعونا الى سؤال محوري.. من يمنع قبول الآخر؟.. وحينما نسقط الفيلم على الواقع المعاش (عالميا) نجد أن العالم الذي نعيشه.. حتى وهو عالم غير مقلوب.. يظل الجميع يرفض البعض الآخر.. فلماذا؟

anaji_kuwait@hotmail.com

35 دولة في الدورة الثانية للمهرجان

ليلى علوي وخالد الصاوي في لجنتي تحكيم «الأقصر للسينما الأفريقية»

القاهرة - حسن أحمد 

اختار مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية الذي تعقد دورته الثانية في شهر مارس المقبل دولة مالي لتكون ضيف شرف هذه الدورة، كما قرر إهداء دورته الجديدة لاسم المخرج الراحل عاطف الطيب أحد رموز الواقعية الجديدة في السينما المصرية .

وقررت إدارة المهرجان تكريم عدد من السينمائيين والنقاد المصريين والأفارقة في مقدمتهم الفنانة يسرا والمخرج سليمان سيسيه من مالي الذي يعد رائد السينما في دول أفريقيا السوداء، والناقد السينمائي المصري سمير فريد ومخرجة الرسوم المتحركة المصرية شويكار خليفة والمخرج مصطفى الحسن من النيجر وهو رائد الرسوم المتحركة في القارة السمراء .

وتضم لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الطويلة (تسجيلي وروائي) المخرج شيخ عمر سيسكو من مالي والذي حاز على عدد كبير من الجوائز العالمية وسبق أن شغل منصب وزير الثقافة والتعليم وترأس حزبا معارضا في بلاده، والمخرجة مفيدة التلاتلي من تونس والمخرجة تستسي من زيمبابوي وهي رئيس مهرجان هراري، ومن مصر كلا من النجمة ليلى علوي والمخرج يسري نصرالله، بينما تضم لجنة تحكيم مسابقة الأفلام القصيرة سيلفستر أموسو مخرج وممثل من بنين، وبيتر رورفيك كاتب وناقد من جنوب أفريقيا، وأموي ندور ناقدة من السنغال، ومن مصر كلا من الفنان خالد الصاوي والمخرجة كاملة أبوذكرى. وقال الكاتب سيد فؤاد رئيس المهرجان: المهرجان تدعمه وزارات الثقافة والسياحة والخارجية ومحافظة الأقصر، ويصل عدد الدول المشاركة فيه هذا العام إلى 34 دولة ، ففي مسابقة الأفلام الطويلة (روائي وتسجيلي) يتنافس على الجوائز 18 فيلما من 15 دولة منها فيلمان شاركا في الدورة الأخيرة لمهرجان كان السينمائي الدولي وهما «خيل الرب» من المغرب إخراج نبيل عيوش، و«الزورق» من السنغال إخراج موسى توري، ويتنافس من مصر في هذه المسابقة فيلم «الخروج إلى النهار» إخراج هالة لطفي .

وأضاف فؤاد : في مسابقة الأفلام القصيرة يتنافس حوالي 30 فيلما من 15 دولة منها 4 أفلام من مصر، كما استحدث المهرجان هذا العام برنامج بعنوان «الثورات وأفلام الحريات» ويضم 9 أفلام ويمنح جائزة لأحسن فيلم باسم الصحافي الحسيني أبوضيف شهيد أحداث الاتحادية وتتشكل لجنة تحكيمه من ثلاثة نقاد أعضاء بنقابة الصحافيين المصريين، إضافة إلى قسم أفلام «الدياسبور» للسينمائيين الأفارقة المقيمين خارج القارة ويضم 16 فيلما، وبانوراما الرسوم المتحركة الذي ينظمه المهرجان بالاشتراك مع مؤسسة أسيفا العالمية .

النهار الكويتية في

17/02/2013

 

جولييت بينوش تلعب دور كاميل كلوديل

التي تخلى عنها رودان وماتت في مصح عقلي 

أكدت النجمة الفرنسية جولييت بينوش: إنه يتوجب على المـــمثل «أن يكون قادرا على نقل المعاناة والألم، بغض النظر عن الارهاق الذي يتحمله في تلبس شخصيات لا تشبهه». وقالت على هامش عرض فيلمها الجديد في «مهرجان برلين السينمائي»: «لعبت دور كاميل كلوديل لكي أجسد الألم الذي تشعر به المرأة حين يتم إهمالها والتخلي عنها، بل ومعاقبتها على شيء لا يد لها به».

وتتنافس بينوش على جائزة «الدب الذهبي»، وسبق وحصلت على جوائز مرموقة من بينها جائزة «كان» لأفضل ممثلة، وتلعب في فيلم «كاميل كلوديل 1915» دورا مركبا عن نحاتة ورسامة فرنسية تم إيداعها في المصح العقلي نهاية القرن التاسع عشر، بعد اتهامها بالجنون. وهي قصة حقيقية عن كلوديل التي اشتهرت آنذاك، بفنها وعلاقتها بالرسام الشهير أوغست رودان الذي قيل أنه تخلى عنها بعدما وعدها بالزواج.

وتتم الإشارة في الفيلم أكثر من مرة الى الرسام ومجموعة من الفنانين الفرنسيين الذين تتهمهم كلوديل بأنهم «تآمروا من أجل زجها في المصح العقلي بهدف سرقة أعمالها وأتولييه الفن الخاص بها في باريس».

وفي لقطات لا تكــاد تفارق الجدران السميكة للمصح، يلج المخرج برونو دومو الى عالم المرضى العقليين، ليصور لقطات طويلة وقاسية من حالات الفقدان والتأرجح بين الانفعالات العاطفية، بتطرف، كما الضحك العالي والضجيج، أو نوبات هستيريا البكاء. وقد تعامل المخرج مع عدد كبير من الممثلين غير المحترفين، الذين هم في الواقع مرضى عقليون، عاشت بينوش معهم أسابيع كي تتمكن من استيعاب مشاهدها وأدائها على قدر كبير من الاحتراف.

تقول صاحبة «نسخ غير مصدقة»: إنني أعرف سيرة كلوديل جيدا. لقد قرأتها، كما قرأت مراسلاتها الشهيرة مع أخيها الكاتب بول كلوديل حين كانت في المصح طوال ما يقارب الثلاثين عاما.. وحين هاتفني المخرج، كنت مستعدة تماماً للعب هذا الدور».

واضطرت بيـــنوش، التي حضرت المؤتمر الصحافي الذي تلا عرض الفيلم، برداء زاهي الألوان يتناقــض مع البيئة الشتوية الصارمة التي تحيط بالمكان، ومن دون أن تنسى التعبير عن مرحها وسعادتها بحركات استعراضية أمام عدسات المصورين.. اضطرت الى تحمل أداء لقطات طويلة من البكاء واظهار الألم العميق والتأرجح بين الأمل في الخروج من المصح والاحباط، وبين احساس الشفقة تجاه زميلاتها المحتجزات أو الخوف والقرف من «تلك الكائنات الغريبة التي تعيش معي». تقول: «في البـــداية، كانت المشاهد صعبة، لكن هناك مفتاح لدى كل ممثل، متى تمكنت من التقاطه ستكون الأمور أكثر سلاسة».

وعن استـخدامها تقنـــية مسرحية في الأداء، ظــهرت في كثير من اللقطات، ان عبر المشي أو مشاهد تشبه «المونولوغ»، قالت: الممثل حين يمـــثل لا يقول هذا مسرح الآن، أو هذه سيـنما الآن.. انه يمثل بطريقته، وتصنيف الأداء بين سينمائي أو مسرحي، هي مسألة يحددها ويقيسها المتلقي». ويشارك في بطولة الفيلم، الذي يركز على سنة واحدة من حــياة كامــيل كلوديل وهي 1915 كما يوحي العنوان، الممثل الفرنسي جون لوك فانسونت، الذي شوهد وقد فقد من وزنــه الكثير، لصالح لعب دور بول كلوديل، أخ كاميل، وهي شخصية كاتب كاثوليكي مؤمن، يعتقد أن ما تعيشه أخته هو نوع من «الاختبار السماوي» الذي يرفض أن يتدخل في إيقافه، رغم طلبها منه أكثر من مرة أن يخرجها من المصح ويعيدها الى بيت العائلة. وينتظر المشاهد منذ البداية مشهد اللقاء بين الأخ واخته، الذي يتأهب له مع انطلاق الأحداث، حتى نهاية الفيلم، لكي يؤدي الممثلان مشهدا طويلا معبرا: «اختبرت مع هذه أبعادا وأحاسيس يصعب وصفها» يقول جون لوك في محادثته مع «البيان».

النهار الكويتية في

17/02/2013

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)