حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

أفلام جنوب أفريقية وإيرانية وتشيلية وصينية وعربية

«جولـة السينمـا العالميـة».. رحـلات وهجـرات ومواقـف

نديم جرجورة

 

بدءاً من مساء اليوم، يُشاهد محبّو السينما أفلاماً متنوّعة الأنماط في تظاهرة جديدة تنظّمها «جمعية متروبوليس»، بالتعاون مع «شبكة شاشات آرت ـ هاوس العربية»، بعنوان «جولة السينما العالمية». الجولة المذكورة باتت في نسختها الثالثة. بعد انطلاقتها من جنوب أفريقيا وأفريقيا الوسطى، وجدت الجولة طريقها إلى العالم العربي، بفضل الشبكة المذكورة، المتخصّصة بسينمات «آرت ـ هاوس» المستقلّة، ومؤسّسات ثقافية محلية في الجزائر والبحرين ومصر والمغرب ولبنان وفلسطين وسوريا والسودان وتونس.

تنويعات

أفلام عديدة تُعرض في صالة «سينما متروبوليس» (أمبير صوفيل، الأشرفية) في سبعة أيام (الثامنة مساء كل يوم، باللغات الأصلية المرفقة بترجمة إلى الإنكليزية). أربعة أفلام طويلة وثلاثة وثائقية. التنويع منسحبٌ على الشكل والمضمون. البداية، فيلم إيرانيّ «وداعاً» لمحمد راسولوف. اسم المخرج يُحيل على واقع إيرانيّ آنيّ، جعل حرية التعبير والمجاهرة برأي مخالفٍ لنظامٍ حاكِمٍ مدخلاً إلى الإقامة الجبرية. مدخلاً إلى مزيد من القمع. محمد راسولوف محكوم عليه بالسجن ستة أعوام بسبب «قيامه بأفعال معادية للجمهورية الإسلامية الإيرانية»(!). تماماً كمواطنه السينمائي جعفر باناهي. «وداعاً» جزء من اللعبة الإبداعية للسينما: الواقع مرويٌ بالصُور. مرارة العيش في بلد منغلق ومأسور، في مقابل الإحساس الدائم بالقدرة على مواجهة هذين الانغلاق والأسر: «السينما هي الأهم في حياتي»، قال راسولوف في حوار منشور في الصحيفة الفرنسية اليومية «لو فيغارو» في 6 أيلول 2011. هذا يعني ان قوّة العيش أقوى. ان قوة الإبداع أقوى. ان قدر المبدع مواجهة تنانين الظلام. «وداعاً» صورة من صُور كثيرة تناولت وقائع العيش في جحيم البركان: محامية شابّة مُنعت من العمل. زوجها الصحافي متخفٍّ بسبب مطاردة الأمن الإيراني له. الوضع اليومي مخيف. قلق وارتباك وتضييق. المحامية الشابّة حامل. هذا يعني مزيداً من الضيق النفسي والمعنوي والاجتماعي والحياتي. الخيار الوحيد: الهروب.

الفيلم الثاني «كينغ ناكي والحوافر الهادرة» (2011، 97 د.، غداً الجمعة) للجنوب أفريقي تيم ويجي. حكاية حلم. الكفاح من أجل تحقيقه مشروع. كينغ ناكي يريد الذهاب إلى ما هو أبعد من منطقته. فيها، نال إعجاب كثيرين. فاز بسباق محلي للأحصنة. الانتقال إلى خارج مزرعة والده دونه صعوبات وتحدّيات. لكن الصعوبات قابلة للحلّ، والتحدّيات متحوّلة إلى حوافز تحرّض على المثابرة. بات كينغ ناكي سائس أحصنة. راهن على «ثولا سيبون»، ومعناه «انتظر وانظر». كأن اسم الحصان عنوان قدره. عنوان سيرته أيضاً. يُمكن الاستعانة باسم الحصان هذا عنواناً لسيرة صداقة قائمة بين تودا وستفان في «تيلفا روس» (2010، 102 د.، بعد غد السبت) للصربي الشاب نيكولا ليزايفيتش (1981). الصداقة معرّضة لاهتزازات. لقاؤهما دونجا مدخلٌ إلى امتحان أخلاقي وانفعالي وإنساني. مدخلٌ إلى فهم الذات وارتباطاتها. رحلة صعبة. أول عطلة صيفية لهما تتحوّل، إثر لقاء دونجا، إلى ما يُشبه المطهر. إلى ما يُشبه الاختبار. رحلة صعبة لصداقة مبنية على أرض صلبة. الأرض الصلبة وحدها لا تنفع. محتاجة هي إلى تمتين دائم. كأن الدعوة غير المباشرة لتودا وستفان إلى اختبار صداقتهما تفتح أمامهما سؤال العلاقة والتواصل. كأنها تقول لكل واحد منهما: «انتظر وانظر»: «انتظر نتائج الاختبار الذي يتوجّب عليك الغرق فيه، لأن للنهاية مغزاها، فانظر إلى هذه النتائج، وتلك النهاية، وذاك المغزى».

رحلات

في البرنامج نفسه، فيلم آخر امتلك سمة الرحلة، سواء كانت داخل الجسد والروح، أو في الجغرافيا والزمن. «من الخميس إلى الأحد» (2012، 96 د.، الاثنين المقبل) الروائي الطويل الأول للتشيلية دومينغا سوتومايور (1985). القصّة تبدو عادية. عائلة مؤلّفة من الأبوين آنا وفرناندو، وولديهما لوسيا ومانويل. عنوان الفيلم تعبيرٌ عن الفترة المطلوبة لبلوغ هدف هذه العائلة في شمال البلد. يُمكن القول إن الرحلة المقصودة مترافقة وبداية انهيار العلاقة بين الأبوين. انهيار منع عن الأبوين فرصة التمتّع برحلة شكّلت فرجة بديعة للولدين المتحمّسين لها، ولما يكتشفانه أثناءها. انهيار في موازاة فرح ودهشة. هبوط أبوين وصعود ولدين: «في تلك اللحظات، تُصبح العائلة المساحة المثالية للمُحتمل، للاتحاد كما للانفصال. هذا كلّه منبع قصص عديدة ومثيرة»، كما قيل فيه.

مع الصيني ليكسين فان، الوضع مختلف تماماً. في «القطار الأخير للعودة» (ترجمة غير حرفية لعنوان إنكليزي يحمل أكثر من تفسير واحد: Last Train Home)، تحاور الكاميرا واقعاً صينياً قاسياً، يتمثّل بإحدى أضخم الهجرات البشرية في العالم. لكنها هجرة من نوع آخر. ذلك أن 130 مليون صيني يعودون، في كل ربيع، إلى قراهم وبلداتهم الأصلية، لأن قرى صينية بكاملها تعاني غرقاً يمنعهم من العمل فيها. هذا أمر معروف في الصين. الفيلم (2009، 85 د.، الثلاثاء المقبل) معاينة سينمائية وحسية لهذه الحركة الجماعية الضخمة. متابعة تفاصيل، وسرد حكايات. قسوة فعل «الهجرة»، وإضاءة على واقع وانفعال. ليكسين فان رافق عائلة زانغ في يومياتها. في هجرتها. في آلامها وأحلامها. أميل إلى القول إن الأفلام هذه كلّها منضوية في إطار الرحلة، بمعانيها كافة. الروح والجغرافيا والزمن. رحلة للتطهّر أو للخراب. رحلة للكشف والفضح أو للتلصّص على المبطّن. كأن الأفلام صنو أمين للرحلات، خصوصاً تلك الذاهبة بناسها إلى ذواتهم ومتاهاتها.

هذا منسحبٌ أيضاً على الفيلمين العربيين المشاركين في «جولة السينما العالمية». عنوان التظاهرة انعكاس لمضامين متشابهة في تحويل كل شيء إلى رحلات ذاتية وعامة، وفي تحويل الرحلات هذه إلى مرايا منفلشة على كل شيء. الفيلمان العربيان ملتصقان بمكان وزمان محدّدين. لكنهما يمزّقان أقنعة، ويكشفان وقائع. كأنهما بهذا يقومان برحلة قاسية وموجعة داخل المكان والزمان المحدّدين، كما داخل الذوات والأرواح.

الفيلم السوري «امرأة من دمشق» (2008، 52 د.، الأحد المقبل) لديانا الجارودي موغل في مأزق العلاقة الصدامية بين امرأة وبيئتها. المرأة طموح. تريد عملاً. تربّي عائلة. تواجه تحدّيات شتّى بين العمل والمنزل وما بينهما. تواجه حراكاً يدفعها إلى الأمام تارة، ويعيق تقدّمها تارة أخرى. الجارودي معها. ترافقها هنا وهناك. الكاميرا تنقل حكاياتها. تدخل معها إلى بعض حميمياتها. تُشرّح، معها وعبرها وبفضلها، بعض الجوانب الحياتية في بيئة ومجتمع وتقاليد وقواعد. الفيلم العراقي مختلف. عدي رشيد حوّل «كرنتينا» (2010، 90 د.، الأربعاء المقبل) إلى سرد قاس لواقع أقسى. الجريمة ليست حكراً على القتل المباشر. القاتل منزو في ألمه المتولّد في لحظة سابقة. بعض المحيطين به لا يقلّ عنه إجراماً. لكن جرائم البعض مخفية. أو مبطّنة. رحلة ديانا الجارودي في قلب المرأة ومحيطها. رحلة عدي رشيد في قلب مدينة وأناس.

تظاهرة «جولة السينما العالمية» دعوة إلى رحلات شتّى. لعلّ أجملها رحلة السينما في استكشاف معالم، وقول أشياء.

السفير اللبنانية في

14/02/2013

 

سينما ألفريد هيتشكوك.. صراع بين نزيهين

محمد بنعزيز* 

تعدنا المهرجانات بتقديم الأفلام الجديدة. تعدنا بالمبتكر والمختلف. نتحمل أياما من المشاهدة المكثفة. يزيد التعب كلما عُرضت أفلام مخيبة للآمال.

الحلّ؟

أُعيد مشاهدة أقوى الأفلام التي رسخت في ذاكرتي. بعد آخر مهرجان مخيب شاهدت «فرينزي» لألفريد هيتشكوك.

في هذا الفيلم، عاد هيتشكوك إلى موطن طفولته في لندن، حيث كان والده بائع خضار. نرى نهر الـ«تايمز»، ثم تظهر جثة طـافية لامرأة خُنقت بربطة عنق. بعدها، نتعرّف إلى الفاكهانيّ، بطل الفيلم، عاشق الـفواكه، وعاشق نوع خاص من النساء. يُعجب بمطلقة جميلة تدير شركة لتزويج العزاب. يجعل هيتشكوك شخصياته تنطلق من وضعيات مشبعة بالتناقضات، وهذا ما يسهّل عليه اللعب على المفارقات والسخرية لإمتاع المتفرجين.

بين حين وآخر، يجني الفاكهـاني تـفاح النساء بطريقة سيئة. يظهر خصـمه مع لمسة كوميديا سـوداء. نرى المحـقّق الذي يعـاني سوء التغذية لأن زوجته تجرّب فيه وصفات غريبة. يعشق اللحم بالبطاطـس، بينما تقدّم له زوجته وصفات معقّدة غير صالحة للأكل. عزاؤه أن الطبّاخة الفاشلة تساعده بإشارات ذكية للقبض على المجرم، الذي خزّن جثة في شاحنة بطاطس. عاد للبحث عن الجثة ليدخل في معركة معها. تلطمه برجلها ويكسر أصابعها. هكذا، ربط المخرج بين لقطتين بالبطاطس.

ما الذي أودى بالمجرم؟

هوسه بدبوس تزيين ربطة عنقه. يقال إن كل واحد منا يحمل الحجر الذي يتعثر فيه.

في «فرنزي»، حقّق هيتشكوك سرداً أنيقاً، وإيقاعـاً سريعـاً لا يسمـح للمتـفرّج بتخـمين أو استباق أحداث الفيلم. الحدث يُعرض، والفكرة يستخلصها المتفرّج. يجري الحدث، وتظهر نتائجه معقّدة في خـمس دقائـق، وتكون النتيجة مقدّمة لحدث آخر. فيلم تفاصيل صغيرة يتم تنسيقها لتغدو صرحا مبهجا.

في هذا الفيلم، استخدم هيتشكوك الكثير من اللقطات التي يعتمدها مخرجون شباب لاستعراض عضلاتهم في اللعب بالكاميرا. هيتشكوك لم يكن في حاجة إلى هذا الاستعراض. استخدم هذه الطريقة خاصة في لقطة شهيرة بعد مرور ستين دقيقة من الفيلم. لهذا، قال فرنسوا تروفو عن «فرنزي» إنه فيلم بأسلوب مخرج شاب. أكّد تروفو أن أفلام هيتشكوك لا تشيخ. كان ذلك علامة على الطزاجة الإبداعية للمخرج الذي لم يستـطع أحد منافسته في شباك التذاكر. ولا في إثارة الجدل.

خصّص له تروفو حواراً مطوّلاً نشر في كتاب. كما خصّص له المخرجان الفرنسيان الآخران في الموجة الجديدة كلود شابرول وإيريك رومر كتاباً يحتفيان فيه بعبقريته. فيه، يكشف المخرجان أن هيتشكوك أخرج، في بداياته، فيلمين فاشلين، فرأى أن مستقبله مهدّد كمخرج. أوقف تجاربه فوراً، وتصالح مع المطالب التجارية للمنتجين، وانخرط في إخراج أفلام بوليسية. هكذا، بدلاً من أن يرفع الجمهور إليه، توجّه إلى الجمهور، وأخذ يزرع فيه الشك في كل لقطة. في أفلامه، لكل لقطة هدف. هو يتصوّر الفيلم كخطوط لها اتجاه معين. يركّز كثيراً على الحبكة، ويتجنّب التحوّلات الفجائية غير المبررة. أكّد الكاتبان أن هيتشكوك وظّف ميلودراما شعبية برمزية مؤثّرة تلتقط جحيم الحياة اليومية. أبدع في خلق الأجواء التي تؤثّر في الجمهور، مستخدماً خياله في البرويتاج. تجنّب ما يُسهل تموقُف المتفرج من بداية الفيلم مع أو ضد. أي أنه لم يصوّر شخصيتين واحدة على حقّ والأخرى على خطأ، بل في أفلامه صراع بين نزهاء، وهذا يضاعف التشويق. إذا حصل خطأ ما، فهو خطأ النوع البشري لا خطأ فرد معين.

بمثل هذه الأفلام تُعالج صدمات المهرجانات المخيبة للآمال.

* (كاتب وسينمائي من المغرب)

السفير اللبنانية في

14/02/2013

 

قراءة سينمائية في معلّقة شريط «صالح بن يوسف جريمة دولة» 2-3

بقلم فوزية العلوي 

إذا تأملنا اللوحة فلابدّ لنا من نتساءل عن الألوان ما دلالتها وعن الخطّ لماذا قدّم على هذا النحو وليس على نحو آخر وعن الأيقونات أو المجسدات داخلها نعني الصورة داخل الصورة..

لا يمكن في هذه اللوحة الإشهارية للشريط أن لا تستوقفنا الألوان، بل إنّ المسألة تبدو مدروسة بحرفية واضحة، فاختيار اللونين الأسود والأحمر لا يمكن في مستوى بصري أول الاّ أن يكون من قبيل الصّرخة والاحتجاج، ومن قبيل الإعلان عن الجريمة من ناحية  وكارثية الحدث الذي استدعى حدادا  لا على صعيد الوطن فقط، بل هو من قبيل الحداد التاريخي والإيديولوجي،  الذي سيكون ملازما لكلّ من آمن بقضية صالح بن يوسف أو تعاطف معها  أو ساندها من قريب  أو بعيد. والمتأمّل للوحة سيلاحظ كيف غرّق اللون الأسود خلفيّة الصورة بالكامل ما يوحي بحجم الوقع الذي كان لهذه الحادثة في نفوس نسبة كبيرة من الشعب التونسي ومن محبّي صالح بن يوسف من العرب لما كان يمثله من مواقف عروبية  قومية مشرّفة، دون أن ننسى كذلك  مختلف الدّلالات  الحافة باللون الأسود. وهي لئن كانت نسبية ومختلفة من ثقافة إلى أخرى فإنها على الأغلب ترد متّفقة حول دلالات الحزن والحداد والغدر والخديعة والحقد والتآمر. ويشير بعض النقادإلى دلالات اللون الأسود قائلا:

«يرمز اللون الأسود الى انعدام النور أو انتفائه، وهورمز العدم والخطإ والجهل والشر وهو الجهل الذي يتمخّض عن القسوة،  وهو كل مشاعر الأنانية والحقد والضعينة، وهو في بعض الثقافات البدائية  يتمّ وصله بالفحم المولّد للنّار والتي ترمز الى الحياة بعد الموت Eclérage public.net

ولعلّ غلبة اللون الأسود على خلفية صورة الشريط، ليس يبعد عن هذه الإيحاءات والترميزات إذا اعتبرنا الشريط في بعض جوانبه نوعا من الإدانة أو الاحتجاج الفنّي التمثيلي على ما وقع من غدر بخصوص  الزّعيم صالح بن يوسف، ومن ورائه   قوّة وطنية كاملة،  وهذا العمل  يتجاوز التأريخ  لشخصية الزعيم بن يوسف والتحقيق في ملابسات موته،  ليكون نقدا لنظام كامل أومنظومة سياسية برمّتها، خوّلت لنفسها أن تتكلّم باسم الشعب التونسي في منتصف القرن العشرين طامسة بذلك حق فئات عديدة من المجتمع التونسي التائق إلى الحرية بالوسائل التي يرتئيها..

لكنّ هذا اللون الأسود يزداد حدّة وصراخا وقسوة عندما نجد منجز اللوحة قد اختار له لونا لا يقلّ خطورة هو اللون الأحمر مع ما يحيط بهذا اللون في مثل هذا السياق من دلالات الخطر والهلاك والموت والتحدي والدمار. ومعلوم أن الالوان  في معظمها تتخذ دلالتها انطلاقا من السياقات التي تتنزل فيها فالأحمر هنا مثلا لا يمكن أن يكون رمزا للثورة أو للعشق   أو الدفء وإنما يأخذ دلالته من  مجاورته للون الأسود من ناحية ومن  من طريقة عرضه في اللوحة ثانيا. فالأحمر هنا يعلن بالخط العريض البارز عن عنوان الشريط «جريمة دولة» ما يجعل التشويق يبلغ أقصاه إذ يحفّز الأحمر حاسة البصر ويستثيرهاويسعى إلى إثارة الفضول وهو يجعل الجريمة تتجاوز النطاق الفردي لتصبح شأنا تختصّ به الدولة التي يفترض أنّها التي تحمي الأفراد وتضمن حياتهم.كما يحضرالأحمر دما ينقّط معظم الصّور الفوتوغرافية التي كان أغلبها للزعيم صالح بن يوسف الصورة،  مع صور للزعيم الحبيب بورقيبة الذي يحضر هنا متّهما باعتبار أنّ الجريمة ألحقت بالدولة  التي يختزلها هو في شخصه.وإذا تأملنا نقاط الدم ألفينا أن معظمها يلطّخ صور الحبيب بورقيبة ما يجعل اللوحة تدينه قبل مشاهدة الشريط أصلا وتوحي بأنها تقدّم أدلّة على هذه الإدانة إذا انطلقنا من الشريط لا يدخل في التاريخ الرسمي المفبرك بالضرورة  لأسباب  سياسية ليتنزل في تاريخ الهوامش وهو الذي يتهيّأ ليقول الحقيقة بأكثر موضوعية أو يحاول ذلك على الأقل.

يتبع

الشروق التونسية في

14/02/2013

قراءة سيميائية في معلّقة شريط :

«صالح بن يوسف جريمة دولة» للمخرج التونسي جمال الدلالي (3-1)

بقلم فوزية العلوي

تطوّرت القراءة لا في مفهومها التقليدي... بل بوصفها معرفة من المعارف الحديثة يمكن تعريفها بصفتها جملة من الآليات والمعارف التي تتيح إنتاج معطى ثالث هو نتاج التفاعل بين القارئ والمقروء.

ولا يبقى النصّ في هذه الحالة حمّالا لما يريده كاتبه فقط، بل يصبح القارئ شريكا فاعلا ومبدعا خلّاقا ليس يقلّ قيمة عن الكاتب بل علّه بات يتنازع معه القيمة الإبداعيّة للمكتوب المقروء.

وإذا انطلقنا مما أقره الفيلسوف بول ريكور من أن كلّ ما في العالم من ظواهر مادية أو سلوكية جاز أن نتعامل معها بصفتها علامة، ضمن أنظمة شتى من العلامات، جاز لنا أن نقرأ شتى المنجزات الفنّية سواء كانت لوحات تشكيلية أو منحوتات أو صورا فوتوغرافية.

أو أشرطة سينمائية أو معزوفات وكلّ ما يمكن أن ينجزه عقل الانسان وروحه وجسده في محيطه وأن نخضعه للتفسير والتأويل، مع مراعاة خصائص كل فنّ.

في هذا الإطار استوقفتنا لوحة الشريط الوثائقي الذي عرضته الجزيرة الوثائقية مؤخّرا حول الزعيم الرّاحل صالح بن يوسف، وقد أخرجه الأستاذ جمال الدلالي الذي عوّدنا دائما برغبته في إماطة اللثام عن قضايا شائكة وموضوعات مثار جدل، إذ سعى في بعض أعماله إلى تحريك السّواكن ورجّ الثوابت وإماطة اللثام عن المسكوت عنه في جوانب غامضة من تاريخ تونس.

وقد كانت لنا وقفة سريعة مع بعض أعماله، مثل شريطه حول «فرحات حشاد» ونهاية عرش الذي اهتمّ فيه بحياة المنصف باي.ولئن مثل الشريط اضافة للمكتبة السنمائية الوثائقية في الوطن العربي« باعتبارمنحاه الذي يجنح إلى زعزعة الثابت التاريخي،فإن ما تمرّ به البلاد التونسية من أحداث واضطرابات عقب ثورة ١٤ جانفي جعل الشريط لا يحظى بما نتصوّره له من اهتمام رغم خطورة ما يطرحه من الناحية التاريخية من جانب، ونظرا للتطور الحاصل في مستوى التوثيق والعرض والإخراج من جانب ثان .ولا بدّ من الإشارة هنا الى مسألة مهمّة في التعامل مع الشريط الوثائقي وتتمثل في الاهتمام بالشحنة الفنية التي يتوفر عليها هذا النوع من الاشرطة زيادة عن نهوضها بالجانب التوثيقي باعتبار أنّ الشريط الوثائقي هو عناق بين الجمالي والتاريخي أو هو التاريخ مقدم في لبوس جمالي .أو لنقل هو العناق بين البعد التسجيلي والبعد التخييلي..

ومهما تعدّدت وجهات النظر بخصوص هذا الفيلم فإن تتويجه في البحرين في الاونة الأخيرة وحصوله على الجائزة الذهبية يؤكّد ما لهذا الشريط من قيمة..

ويتمثل عملنا هنا في محاولة قراءة سيميائية للوحة الشريط، وهي مدخل أساسيّ من مداخل قراءة الفيلم الذي هو في جانب كبير منه صورة تحاول استيعاب حقبة تاريخيّة بكلّ ما فيها وما حفّ بها من أحداث جسام، ومعلوم أن الصورة مؤهّلة لتتكلم لغتها الخاصّة التي تجعلها تفي بالغرض حتى ولو كانت صامتة وتمدّ بينها وبين متلقيها جسورا خاصة، قد لا تمدها اللغة المتداولة.

الى أيّ مدى يمكن اعتبار عنوان الشريط ولوحته من قبيل العتبات les seuils؟ولم لا يجوز لنا ذلك، اذا انطلقنا من أنّ القراءة قراءة سواء كان المقروء نصّا أو لوحة تشكيليةأو شريطا سنمائيا، أو حتى موقفا دراميّا.

وإذا تأمّلنا هنا اللوحة موضوع الشريط، في مستوى الألوان والأيقونات أو الصّور المصاحبة آخذين بعين الاعتبار أن بعض الصور مرّت وبحكم حوادث تاريخية معلومة مرّت من مجرّد صور لأشخاص أو عناصر طبيعية أيقونات، أمكن لنا أن نقول إنّ شجرة الأرز في علم لبنان لا تحضر مجرد نبات بل إنها موصولة في الأذهان بمفهوم الأصالة والرفعة والانتماء، كما أنّ صورة النسر مثلا في علم مصر تتجاوز مجرد دلالة الطير الجارح لتصبح محيلة على العزة والنخوة والقوّة، كما أن صورة صالح بن يوسف في عيون التونسيين، لايمكن أن ينظروا إليها دون أن تقفز الى الذّاكرة فكرة المؤامرة الاستعمارية الفرنسية، والجريمة الغامضة النّكراء والصراع اليوسفي البورقيبي والتجاذب الايديولوجي، واختلاف وجهات النّظر حول مسألة الاستقلال الداخلي والكفاح المسلّح وكذلك البعد العروبي واختلاف الموقف بشأنه في رؤية الرجلين.

الشروق التونسية في

31/01/2013

 

فيلم عن اليهود المغاربة في اسرائيل يثير جدلا في طنجة

التونسية ـ طنجة ـ مالك السعيد 

·        أنصار الحزب الحاكم يحتجون أمام سينما "روكسي"

·        إجراءات أمنية مشددة والمخرج يختفي

عرض الفيلم الذي طال انتظاره في المهرجان الوطني للفيلم بالمغرب  عشية الثلاثاء 5 فيفري في سينما روكسي غير بعيد عن قلب المدينة النابض، ويتعلق الأمر بشريط « تنغير،  القدس:أصداء الملاح» للمغربي الفرنسي كمال هشكار، وهو فيلم أحدث ضجة منذ أشهر بعد أن بثت القناة الثانية 2M نسخة مختصرة منه.

خصص كمال هشكار فيلمه الأول لليهود المنحدرين من مسقط رأسه تنغير الذين «إضطروا» أو «إختاروا» الهجرة إلى إسرائيل بعد نكبة 1948 أو «حرب تحرير إسرائيل» كما ورد على لسان إحدى اليهوديات المغربيات.

بطبيعة الحال استقبل الفيلم بحفاوة بالغة حيثما عرض خارج العالم العربي، في كندا وواشنطن وفرنسا وفي إسرائيل نفسها حيث صور جزء أساسي من الفيلم الذي أحرز على جائزة حقوق الإنسان في مهرجان أفلام حقوق الإنسان بالرباط في جوان 2012، ولكن ضغوطا محلية حالت دون عرضه في المركز الثقافي الفرنسي بأغادير في شهر نوفمبر من العام الماضي ...

وقد أثارت برمجة الفيلم في المهرجان الوطني للفيلم المغربي جدلا لم يجف حبره بعد، فقد تغيب وزير الاتصال عن افتتاح المهرجان خلافا للعادة وتم تأويل غيابه على أنه تهرب من طرف الوزير «الإسلامي» من تحمّل وزر فيلم متهم بالتطبيع وتُلاحق مخرجه تهمة العمالة لإسرائيل  غاب الوزير الإسلامي ولكن رئيس ديوانه حضر عرض الفيلم؟ 

لم يطل الانتظار طويلا فقد تلاحقت التهم وتتالت،  وهذا نائب منسق المبادرة المغربية للدعم والنصرة يعتبر الفيلم عملا صهيونيا يستهدف المكون الأمازيغي والرافد العبري للمغرب بإعتبار مغاربة إسرائيل جزءا من هذا المكون والترويج لعودتهم الممكنة ضمن مغرب متعدد.  

حزب العدالة والتنمية (حتى في تسمية الأحزاب العربية بؤس وفقر فنلتجئ للأتراك ننسخ أسماء أحزابهم) الحاكم في المغرب لم يفوت مناضلوه  وأنصاره في طنجة الفرصة فقد أصدروا بيانا يندد ببرمجة عرض الفيلم في المهرجان الوطني، وتسربت أحاديث بخصوص تراجع المهرجان عن قراره، وهي أحاديث لا يمكن تصديقها مادام رئيس المهرجان هو «الفيلسوف»  نور الدين الصايل المدير العام للمركز السينمائي المغربي الذي لا يتردد في الذهاب إلى الأقصى دفاعا عن حرية التعبير ، وأعداء الرجل وخصومه لا يترددون في تذكيرنا في الكواليس بصوت خفيض بأن الصايل وافق زوجته المنشطة التلفزيونية نادية لارغيت –قبل ثلاث سنوات- على الظهور  بنصف جسدها العلوي عارية على غلاف مجلة «نساء من المغرب» شهرا قبل وضع مولودها الأول منه وكانت تغطي صدرها بيدها اليسرى، حينها صرحت نادية لارغيت  أن الصورة موضوع غلاف مجلة «نساء من المغرب» نشرت بموافقة زوجها. ووصفت شريك حياتها بأنه أشبه بالكائنات الفضائية في فيلم المخرج العالمي «ستيفن سبيلبورغ» الذي يحمل نفس العنوان: Extra-terrestre حيت يتمتع زوجها، تقول نادية لارغيت، بشخصية مرحة ووديعة ويحب الحياة بين البشر.

واعتبرت الصحافية المغربية أن موافقة زوجها على نشر الصورة نابعة من قناعته من أنها حرة في التعامل مع جسدها، وأن اختيارها هذا الشكل للظهور على غلاف مجلة مغربية فيه ممارسة لحريتها.

أمام سينما روكسي، تجمع بضع عشرات من المنتمين لحزب العدالة والتنمية ومناصريهم رافعين لافتات ضد عرض فيلم «تنغير، القدس: أصداء الملاح» ، قابلتها إجراءات أمنية مشددة إذ أحيط المحتجون بحزام أمني يصعب الفكاك منه، وكان لزاما علينا أن نفتح حقائبنا للتثبت من محتوياتها وخاصة إذا كانت ملامحك تشي بأنك عربي وهو حالنا بطبيعة الحال، وتلك ثمار 11 سبتمبر 2001 ... 

صعد المخرج بإبتسامة  ثابتة لا تغيب تحدث عن الفيلم وعن التسامح والحب والمغرب المتعدد وووو... وكل ذلك الكلام الذي يسبب ضيق التنفس حين تتذكر نظرة شرطي في مطار أوروبي...

لم يكن كمال هشكار مخرجا فقط لفيلمه، فهو شخصية لا تكاد تغيب عن الشاشة في محاوراته وأسئلته الميالة إلى الطيبة التي تلامس أحيانا الغفلة والبساطة والسطحية، فخلفيات الصراع الفلسطيني –حتى لا نقول العربي – الإسرائيلي لا يمكن إختزالها في دموع إمرأة مسنة تحن إلى بلادها المغرب مهما كان صدق تلك الدموع، ومادامت المغرب بلادهم فلماذا غادر كل هؤلاء اليهود تماما كما غادروا تونس والجزائر خاصة وأنه لم يتم التعرض لهم بأي سوء كما أجمعت كل الشهادات في الفيلم...؟

يواصل كمال هشكار رحلته بين تنغير والقدس مبتسما طول الوقت لا تعطل ابتسامته من زيادة الإتساع سوى نظّارته الطبية، يسأل بالعربية والأمازيغية والعبرية التي يتقنها ويعبر عن تأثره سلبا وإيجابا بما يسمع من اليهوديات المغربيات وقليل من الرجال اليهود ...

يتحدث المخرج في التعليق الذي قرأه هو بنفسه عن قصة ولادة الفيلم، قال إنه اكتشف من خلال زياراته الصيفية لتنغير ان البلدة كانت واحة سلام تجمع بين اليهود والمسلمين منذ اكثر من 2000 سنة وحتى الخمسينات من القرن العشرين. كان مخرج فيلم «تنغير القدس، أصداء الملاح» يظن ان كل المغاربة البربر مسلمون وهو أحد هؤلاء، غير إنه اكتشف من خلال زياراته السنوية الصيفية مع والده لمسقط رأسه ، تنغير الواقعة بين جبال الأطلس، أن طائفة يهودية عريقة كانت تعيش جنبا الى جنب مع المسلمين. من هنا تبدأ رحلته عبر الماضي والحاضر.

غادر كمال، الشاب  المنحدر من أصل بربري، مسقط راسه تنغير وهو رضيع لم يتجاوز الستة أشهر مع والدته للالتحاق بوالده  الذي هاجر إلى فرنسا عام 1968، تربى وترعرع بين الثقافة الفرنسية والمغربية الإسلامية، ودرس التاريخ في جامعة السوربون، وأصبح مدرسا في فرنسا

في فيلمه «تنغير القدس ، أصداء الملاح» يتتبع هشكار مصير اليهود الغائبين، كما يسميهم، الذين غادروا المدينة واستقروا في إسرائيل. «لم استطع أن أفهم كيف اختفت طائفة بأكملها بين عشية وضحاها» - يقول المخرج، مضيفا انه لمس تشابها بين مأساة هؤلاء اليهود الذين تركوا بيوتهم وأموالهم وأشغالهم وتغربوا في بلد آخر، وبين المسلمين المغربيين الذين استقروا في فرنسا، مما أثار اهتمامه بهجرة اليهود الذين خلفوا وراءهم شهادات صامتة: بيوتهم الخالية ، كنائسهم المهجورة لكنها تروي ذكرى الراحلين

أكثر ما أدهش المخرج لدى زيارته لإسرائيل والتقائه بيهود تنغير والمغرب عموما، أنهم على الرغم من مرور نصف قرن  على  مغادرتهم وطنهم الاصلي، ما زالوا يتذكرون أسماء الجيران المسلمين ولا يزال الحنين والذكريات تعشّش في قلوبهم واذهانهم، شأنهم شأن المسلمين المغاربة يعتزون بذكريات مشتركة من حياتهم في الماضي، حياة كانت تسودها المحبة وحسن الجيرة

«قابلت دانييل واسحق وحنا وعايشة وتوثقت أواصر الصداقة بيننا. إن صلتي الحميمة بهم ساعدتني على تعريف الذات. كما وجدت ان بحث أبناء الجيل الثاني من كلا الطرفين عن ذاكرة أبائهم وأجدادهم مستمر عبر التراث والأغاني واللغة». 

يُعتبر المخرج المغربي الفرنسي كمال هشكار نفسه داعية سلام، حيث تعلم العبرية و قام بتنظيم أمسيات ثقافية في باريس تمت خلالها قراءة الشعر من أعمال شعراء يهود وعرب باللغة الأصلية بالعربية والعبرية والفرنسية

عرض الفيلم في المراكز الثقافية الفرنسية في القدس وتل ابيب، وفي فرنسا والمغرب، ونال إعجاب الجمهور واشتدت حدة التصفيق عندما توقف الفيلم مع أغنية المطرب الاسرائيلي شلومو بار التي تتحدث عن حياة اليهود في قرية تودرا في جبال الأطلس

يقول هشكار «رسالتي ليست سياسية. رسالتي رسالة صداقة ومحبة وتعايش وتقبّل الآخر. ساعدني العمل على الفيلم في ترتيب افكاري التي تتناغم مع المسائل التي أشغلت أذهان وقلوب اليهود المغربيين الذين قابلتهم في إسرائيل».

من خلاصات بحوثه ورحلاته المكثفة ذهابا وإيابا بين فرنسا والمغرب٬ تعاظم فضوله المعرفي ليغدو مسكونا بذاكرة هؤلاء اليهود الغائبين. قرر ترك مشروع رسالته لنيل الدكتوراه في التاريخ جانبا٬ وانبرى لبناء مادته الفيلمية

يقول كمال هشكار «بالنسبة إلى جيلنا الذي حرم من تملك جزء من تاريخه٬ يصعب تصور هذا التعايش اليهودي الأمازيغي: ماذا حدث إذن في ظرف خمسين عاما حتى يصبح هذا التعايش أمرا لا يصدق». 

كنا تحدثنا هاتفيا مع كمال هشكار واتفقنا على الالتقاء إثر عرض الفيلم، اتصلنا به فإذا به لا يرد، طلب منا ترك رسالة صوتية فلم نفعل، وما نفعها وسط ذلك الزحام؟

بحثنا عنه في القاعة فلم نجد له أثرا.... سألت نفسي كيف يملك هذا المخرج المبتسم على الدوام القدرة على السفر إلى إسرائيل ويخشى هتافات لا يكاد يسمعها أحد ضد الفيلم؟ هل بمثل هذه الصلابة يمارس المثقفون والفنانون أدوارهم الطلائعية في مجتمعاتهم؟

ونحن نغادر القاعة بعد أن يئسنا من العثور على كمال هشكار الذي يبكي قلبه دما على جيرانه اليهود ويشجعهم على العودة إلى تنغير، صادفنا الناقد المغربي احمد بوغابة فسألناه عن الهاتفين ضد عرض الفيلم فقال « تلك هي الديمقراطية يا صديقي» ... بصراحة لم أشأ أن أخبره بأن قاعة الأفريكا في قلب العاصمة تونس أغلقت أبوابها بقرار من مالك البناية بعد غزوة سلفية ضد فيلم «لائكية إن شاء الله» لنادية الفاني، ذهبت بالواجهة البلورية للقاعة التي تجاور وزارة الداخلية، وخلفت بعض الهلع بين الحاضرين والحاضرات وبضع رضوض للحبيب بلهادي مدير القاعة قبل أن تغلق...دون أن يحرك أحد ساكنا لإقناع مالك البناية وهو رجل الأعمال الشهير ناجي المهيري بالاستجابة للراغبين في استغلال القاعة بعد تلك الحادثة الشهيرة التي لفها النسيان ...وحتى وزارة الثقافة فوتت أيام قرطاج السينمائية وظلت القاعة مغلقة ولعلها تفتح أبوابها لمركز تدليك و «صونا» كما قيل لنا... ولعلها فرصة لكثيرين للتطهر في فندق خمس نجوم... 

موقع "التونسية" في

14/02/2013

 

تحدث عن مسقط رأسه «بورسعيد» بحماس وحب شديد

محمود ياسين: السينما المصرية ستبقى قوية رغم الأزمات

القاهرة - أحمد الجندي 

لم ينس الفنان الكبير محمود ياسين انه ابن مدينة بورسعيد التي شهدت ميلاده ونشأته فتحدث عنها بحماس وحب وعاطفة جياشة في مستهل لقائه بجمهوره معرض الكتاب ضمن برنامج «اللقاءات الفنية بمخيم الفنون» وأدار اللقاء الكاتب محيي عبدالحي الذي قدم ضيفه بلقب«فنان مصر الأول» وقال عنه انه فنان كبير وقدير ويمتلك ثروة فنية كبيرة في حاجة إلى سنوات للحديث عنها والإبحار فيها فضلا عن البصمات التي تركها في الفكر المصري من خلال أعماله السينمائية والمسرحية والتلفزيونية والإذاعية.

وفي بداية حديثه أكد محمود ياسين أن وطننا الغالي حافل بتاريخ عريق في القيم الإبداعية والعلمية والأخلاقية نتفاخر به أمام العالم وعبر عن اعتزازه بهذه اللقاءات الحية والمباشرة مع جمهوره خصوصا جمهور معرض الكتاب من محبي الثقافة والفنون والإبداع.

وقال ياسين انه من أبناء مدينة بورسعيد الباسلة التي تعد قطعة غالية من أرض مصر وثقافتها العربية والإسلامية وان مصر تتفاخر بهذه المدينة بما قدمته من كفاح طويل عبر تاريخها وخصوصا أثناء العدوان الثلاثي عام 1956 وكيف أن هذه المدينة الباسلة وشعبها من الأبطال واجهوا أعظم دولتين في العالم وقتها «انكلترا وفرنسا» ومعهم الكيان الصهيوني الذي لا أريد أن أسميه دولة ولا أقول أبدا دولة إسرائيل فهي مازالت وستظل بالنسبة لي كياناً صهيونياً غاصباً ومحتلاً لأرض فلسطين التي تعد وطنا عربيا عزيزا على قلب كل عربي.

وواصل ياسين حديثه عن بورسعيد برومانسية وعاطفة جياشة قائلاً هي المدينة الجميلة الهادئة التي صنعت بداخله كل الإصرار والطموح والتفوق والحرص على النجاح وافتخر بانتمائه إليها وأشار إلى انها قدمت لمصر حزمة من المبدعين والمثقفين على مدار تاريخها.. وأن أهلها لديهم ميل فطري للآداب والفنون والقيم المعرفية وكيف انه تعلم وخطا أولى خطواته الفنية من خلال «نادي المسرح» الموجود في ارقى منطقة في هذه المدينة والذي يضم في عضويته العديد من أبناء بورسعيد من محبي المسرح والفنون.

وامتد حديث ياسين إلى المسرح بشكل عام وقال إن حديثي عن المسرح يظل حديثاً ذا شجون فنحن في مصر لدينا مسرح عريق يمتد لأكثر من 130 عاماً ومصر من أهم البلدان التي عرضت فن المسرح وبها تاريخ وتراث مسرحي عميق وبالغ الثراء ولا أحد ينسى مبدعي المسرح الكبار من مؤلفين ومخرجين وفنانين أمثال يوسف إدريس ونعمان عاشور وسعد الدين وهبة وعبدالرحمن الشرقاوي ونجيب سرور ونجيب الريحاني ويوسف وهبي وعلي الكسار.. وغيرهم الكثير من القمم والعباقرة الذين صنعوا تاريخاً ونهضة مسرحية مصرية عربية منفردة.

وتذكر الفنان الكبير عمله بالمسرح القومي ثم رئاسته له والاختبارات التي مر بها وقال: الوقوف على خشبة المسرح القومي كان من أهم طموحاتي خصوصا وان هذا المسرح من أقدم واعرق مسارح العالم وينافس في مكانته وعظمته المسرح الانكليزي بكل إمكانياته وأضاف لازالت أتذكر كل الأعمال العظيمة التي قدمتها على خشبته كممثل ثم الأعمال التي أشرفت عليها عندما كنت أتشرف برئاسته وكيف انه قدمه كممثل ومشرف على هذا المسرح وقدم أعمالا عالمية عظيمة لتشيكوف دابسن وشكسبير وأيضا لمبدعينا الكبار يوسف إدريس وتوفيق الحكيم والشرقاوي ولطفي الخولي

وحث محمود ياسين الحضور على ضرورة تفعيل هواية القراءة داخل نفوس الأطفال وأيضا تقريبها كهواية ممتعة إلى قلوب الشباب وقال لابد أن يتعرف أبناؤنا على الرموز العملاقة من مبدعينا وان يستفيدوا من تاريخنا وتراثنا الإبداعي الشديد الثراء غير المسبوق في العالمين العربي والإسلامي 
وأشار إلى أهمية الثقافة بالنسبة للفنان وقال: الفنان بلا ثقافة أو معرفة يظل فنانا مفتقراً للكثير من المقومات بل ولا أتجاوز إذا قلت إن الفنان بلا ثقافة لا يساوى شيئاً.

وكشف ياسين عن زياراته المتكررة لسوق الأزبكية أسبوعيا وقال انه يقدر هذا المكان المليء بالكنوز الفكرية وأنصح الشباب المحب للقراءة والثقافة بضرورة التردد عليه والتزود بالكتب في شتى المعارف والعلوم وأشاد ياسين في حديثه بالفنان والمبدع الكبير الراحل عبدالرحيم الزرقاني وقال انه يعتبره أستاذه ومعلمه الأول وهو الذي اسند إليه أولى بطولاته المسرحية من خلال مسرحية «الحلم» التي حققت نجاحاً كبيراً.

وعن السينما وأحوالها قال محمود ياسين السينما المصرية تعد واحدة من أقدم السينمات في العالم وهي رغم ما تمر به من منعطفات وتراجع أحيانا ألا أنها ستظل راسخة وقوية وعريقة ولايزال حتى الآن يطلقون على الفيلم المصري اسم «الفيلم العربي» لأن السينما المصرية كانت تمثل العرب جميعا وهي الأم للسينما العربية لذلك أصاب بالحزن الشديد من أي تراجع يصيبها سواء على المستوى الفني والإبداعي أو على المستوى الإنتاجي كصناعة لكن ورغم كل المعوقات التي تعاني منها السينما المصرية في السنوات الأخيرة ستظل لمصر الريادة السينمائية والفنية رغم أنف الجميع واقصد كل من يحاولون جذبنا إلى الخلف والعودة بنا إلى الوراء وهؤلاء أقول لهم ثقافة مصر وإبداعها جزء رئيسي وهام جدا من حضارتها الإنسانية وهذه حقيقة يعرفها جيدا كل ذي بعد وبعيدة وهي حقيقة مسجلة في تاريخ البشرية ولا يمكن لفريق أو طرف مهما كانت قوته أن يمحو هذا أو يضعفه 

وعن قلة الأفلام الوطنية قال إنتاج مثل هذه النوعية من الأفلام يحتاج إلى إمكانيات مادية هائلة وهذا ليس متوفرا الآن في ظل الأزمة التي تعانيها السينما حاليا لان صناعة السينما نظام رأسمالي ولابد أن ندرك ذلك وكنا في الماضي نكلف الفيلم نصف مليون جنيه وأقل من ذلك وتغير هذا كله الآن وأصبحت هناك أفلام ميزانياتها تصل إلى 40 و50مليون جنيه ولابد للجهة التي تصرف هذا المبلغ الكبير على إنتاج فيلم أن تضمن عودة أموالها إليها بالإضافة إلى هوامش الربح حتى تستمر عملية الإنتاج.

واختتم ياسين لقاءه بالإشادة بأكاديمية الفنون المصرية وقال إنها من أعظم الأكاديميات الفنية بالشرق الأوسط ولها دورها في تخريج الموهوبين في شتى مجالات الإبداع وأشار أيضا إلى انه متفائل بأن القادم في مصر سيكون أفضل رغم الظروف الصعبة التي تمر بها حاليا وحالة الاضطرابات والاختلافات والمشاحنات الطاحنة والعنف الدائر.. وأكد على أن هذا يحدث عقب كل الثورات التي قامت في العالم كله. وبعدها تسير الأمور للأفضل.

في موسم سينمائي لم يحقق الطموح

«حلمي» و«عز» و«رجب» يوجهون بوصلتهم لأموال الفضائيات 

ما من ادنى شك بان الأحداث الأخيرة التي مرت بها مصر ألقت بظلالها على الساحة الفنية، خاصة دور العرض السينمائي التي سببت الأحداث المتتالية ببور سعيد والسويس والاتحادية والتحرير وغيرها من محافظات مصر كارثة حقيقية على إيرادات الأفلام التي عرضت في موسم نصف العام.

حيث توقع البعض أنها ستعوض ما ضاع خلال العامين الماضيين لأنها تشهد عرض مجموعة من الأفلام لنجوم يحبهم الجمهور وينتظر أعمالهم، بالإضافة للجرعات السياسية التي تجرعها الجمهور حيث يحتاج الى أي وسيلة ترفيه لتخرجه مما هو فيه، لكن سوء الحالة النفسية لدى الشعب عكست التوقعات بل اضطر مجموعة من المنتجين الى تأجيل اعمالهم في اللحظات الأخيرة خوفا من المصير المحتوم الذي تعرضت له أفلام هذا الموسم التي يسعى منتجوها لتسول أموال الفضائيات المصرية والعربية لاسترداد ميزانياتها الكبيرة.

ورغم الايرادات التي يجمعها أحمد حلمي في كل فيلم، لم يتمكن فيلمه الأخير من جمع أكثر من 8 ملايين و382 ألف جنيه حتى يوم الأربعاء الماضي وهو رقم ضئيل مقارنة بأعمال حلمي التي تجمع هذا الرقم في أول 3 ايام من عرضه، ويشارك في بطولته غادة عادل وحسن حسني من إخراج محمد بكير، ولكنه يعتبر الأوفر حظا من أحمد عز الذي عرض فيلمه «الحفلة» يوم 23 يناير ولم تتخط إيراداته أكثر من 2 مليون جنيه في اسبوعه الأول رغم أن الفيلم يجمع لأول مرة بينه وبين محمد رجب وچومانا مراد ورغم تحقيقة لقبول نقدي مقابل تراجع إيراداته والفيلم من اخراج أحمد علاء وتأليف وائل عبدالله
أيضا فيلم «حفلة منتصف الليل» صاحب الحظ السيئ فلم يتوقع منتج الفيلم الذي اجل عرض الفيلم عامين منذ 23 يناير 2011 أن يمر مرور الكرام وقرر عرضه في توقيت قاتل وهو نهاية عام 2012 ولم يحقق سوى مليون و470 الف جنيه في 3 اسابيع وهو ما أثر بالسلب على مستوى الفيلم الذي جمع العديد من النجوم من بينهم درة، ورانيا يوسف وعبير صبري وحنان مطاوع.

أما فيلم «سبوبة» فحقق 218 الف جنيه في أسبوعين منذ عرضه وهو بطولة احمد هارون وراندا البحيري وسيكتفي منتجه بإيرادات عرضه على الفضائيات. ومازال فيلم «عبده موتة» يحقق إيرادات حتى يوم الأربعاء الماضي وحقق في أسبوعه الأخير مليون جنيه ليصبح إجمالي إيراداته 21 مليونا و177 ألف جنيه.

وعلى جانب آخر قرر مجموعة من المنتجين تأجيل عرض أفلامهم في اللحظات الأخيرة الى أجل غير مسمى لحين استقرار الاوضاع رغم أنهم طرحوا الاعلانات الدعائية بالإضافة الى طرح الإعلانات في الشوارع - ورغم أن عرض الإعلانات قبل الفيلم سيكلف الشركة الموزعة الكثير إلا أن الخسارة في حجز الأماكن في الشوارع والقنوات الفضائية أقل بكثير من الخسارة التي ستلحق بأفلامهم إذا عرضت في هذا الوقت ومن بينها فيلم «فبراير الأسود» من بطولة خالد صالح، وألفت إمام، وأمل رزق، وإدوارد، وميار الغيطي، وتأليف وإخراج محمد الأمين، وتدور أحداثه في إطار كوميدي وبالفعل رصدت الشركة ميزانية لدعايته زادت أضعافا مضاعفة بعد تأجيله كان مقررا يوم 23 يناير.

أيضا فيلم «هو في كده» الذي طرحت الشركة المنتجة التريللر الخاص به والأغنية الدعائية التي أثارت العديد من الانتقادات لتردي مستواها الفني وعدم ملاءمتها للوقت ورغم حجز 35 قاعة عرض للفيلم يوم الاربعاء الماضي إلا أن الشركة قررت عدم طرحه لأجل غير مسمى رغم أن المشاكل التي حدثت بين رانيا يوسف بطلة الفيلم ومخرجه حسني صالح كانت اكبر دعاية للفيلم الذي يشارك في بطولته احمد عزمي ويعتبر اول تجربة سينمائية لحسني صالح بعد نجاحه في الدراما التليفزيونية.

أيضا تأجل في اللحظات الأخيرة فيلم «متعب وشادية» من اخراج احمد شاهين وبطولة أشرف مصيلحي وعلياء كيبالي، تدور قصته حول شاب وفتاة يعانيان ظروفا معيشية صعبة يلتقيان في أحد الموالد ويتخذان منه ملجأ لهما، والفيلم تم تأجيله أكثر من مرة وخرج من نفس الموسم.

النهار الكويتية في

14/02/2013

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)