قصة المخرج
العائلية تصلح أن تكون
فيلما، فهو ولد لأب تونسي وأم هولندية. لكن علاقة الوالدين والتي بدأت على
أحد
السواحل التونسية عندما قابلت والدته السائحة أباه الذي يعمل في أحد
الفنادق هناك،
انتهت سريعا وبعد بضعة سنوات فقط من الزواج، ليقضي ألكيس أكثر
من عشرين عاما دون أن
يقابل والده . الموقف الغاضب من هَجر أبيه، دفع المخرج الشاب للتخلي عن
لقبه
التونسي وأخذ اسم والدته الثاني. لكنه عاد إلى تونس قبل سبعة أعوام للبحث
عن ذلك
الاب، تلك الرحلة ستقوده لاكتشاف البلد، الذي أنجز عنه
بكاوراته الروائية "العالم"،
والذي عرض حاليا ضمن تظاهرة "مستقبل مشرق" ، أحد برامج مهرجان
روتردام
الدولي.
يقارب فيلم "العالم" القضايا التي طالما تَعرضت لها
السينما الاجتماعية الجادة لدول شمال افريقيا، من مشاكل جيل الشباب وتجاذبه
بين
الغرب وتأثيراته والهوية الوطنية، إلى موضوع الهجرة، والتي
ورغم القتامة التي صارت
تُغلفّ العالم، والأزمات الإقتصادية الطاحنة، مازالت هاجس كثير من الشباب
التونسي
وحِلمهم الوحيد. فيلم "العالم" يُقدم أيضا موضوعة العلاقات الإيروسية بين
رجال
الشرق والنساء الأوروبيات والتعقيد الذي يحيط هذا النوع من العلاقات ،
ويتساءل من
هو الضحية هنا؟
عن فيلم "العالم"
تحدث المخرج أليكس بيتسترا لموقع الجزيرة
الوثائقية
·
كيف بدأ المشروع، ولماذا رغبت
بإخراج هذا الفيلم
بالتحديد؟
المشروع بدأ عندما ذهبت إلى تونس للمرة الإولى لمقابلة أبي،
حيث إني لم أقابله لسنوات طويلة، كان عندي فُضول كبير عنه، ولم أكن أعرف أي
شيء عن
تونس، ذهبت هناك في عام 2005، وبَعدها عاودت الذهاب كل عام تقريبا، بدأت
أتعرف على
الثقافة والحياة هناك عن طريق تلك الزيارت القصيرة، والتعرف
على أشياء رائعة
وأحيانا أشياء قبيحة، وبدأت وقتها بتجميع معلومات عما أراه. أحببت أن أعمل
شيء عن
حياة مفترضة خيالية، كان يمكن لي أن أعيشها لو إن والدتي الهولندية لم
تَترك تونس،
لقد كان التفكير في هذا الاتجاه في البداية نوعاً من التأمل
الفكري والنفسي الخاص
بي وحدي، ثم حدثت الثورة في تونس، والتي منحتني فكرة لفيلم كنت في مرحلة
التحضير
له، عن شباب تونسيين يرغبون الهجرة إلى أوربا بعد الثورة، إذ سمعت عن ناس
تُريد
الذهاب إلى
أوربا رغم الثورة، وتساءلت وقتها لماذا يريدون الهجرة رغم أنهم تحرروا
من ديكتاتوريتهم؟
كنت أعتقد أنهم يجب أن يشعروا بالسعادة الآن. بالطبع كان هذا
وقتها جزءا من وعيي البريء والغير ناضج عن الحياة في تونس.
الثورة التونسية لم تغير
شيئا لهذا الجيل من الشباب التونسي، فكثير منهم مازالوا عاطلين، وكما قال
إبن عمي
الذي ساعدني كثيرا في هذا الفيلم: "الحرية لا تَشتري لك ساندويشا". الفيلم
له
طبقتان، هو عن تونس، والشباب التونسي، وهو أيضا بَحث عن هويتي الشخصية أو
جزء من
هويتي في هذا البلد الذي أتعرف عليه لأول مرة.
·
الفيلم روائي خيالي،
لكن الشخصيات تبدو واقعية لدرجة كبيرة، هل فكرت أن تنجز فيلما تسجيليا عن
الموضوعة
نفسها؟
في عمليات البحث عن أفكار لإخراج فيلم عن تونس، فكرت في فيلم
تسجيلي، المشكلة كانت وقتها، إن أي فيلم
تسجيلي يجب أن يمرّ بجزء منه عبر قصتي، عن
ذهابي لتونس للعثور على والدي، وهذا شيء مُثير بحد ذاته، لكن فكرت وقتها
بأن حياتي
مازلت معقدة كثيرا، وهو الامر الذي سَيجعل عمل فيلم عنها عملية غير ناجحة
او غير
مكتملة. في مرحلة متقدمة فكرت أن الفيلم
سيكون أكثر إثارة إذا قمت باختراع شخصيات
خيالية، مثل شخصية "عبد الله" في الفيلم، اختراع هذه شخصية سيمنحني المساحة
الكبيرة
لرواية القصة التي أراها مثيرة. الفكرة وراء هذا المشروع، هو وضع شخصيات
خيالية ضمن
بيئة حيّة، هو ما يمكن أن يطلق عليه موجة الواقعية الحديثة، أي
عندما يقوم الحلاق
في الحياة بالقيام بدوره في الفيلم كحلاق، أبي الحقيقي مثلا لعب دور الأب
في
الفيلم.
·
في العائلة التي قدمتها في
الفيلم هناك جيلان، أحدهما عاش تجربة الهجرة
إلى أوربا، والآخر يَسعى إليها، هل هي عائلة تونسية عادية، أم
إن لها خصوصية
إجتماعية معينة ؟
هناك كثير من التونسيين يُشبهون شخصيات الفيلم، عديد
من الرجال التونسيين تزوجوا من إوربيات في العقود الاخيرة، هذه الظاهرة
بالطبع تبرز
بشكل أوضح في بعض المدن التونسية القريبة من الأمكنة التي يَقصدها السّياح
في تونس،
مثل مدينة سوسة، أبي الحقيقي مثلا ذهب الى هولندا بعد زواجه من
أمي وعاد منها،
وكذلك هو حال الأب في الفيلم،
أما عن ابنه الخيالي في القصة، فهو يريد الهجرة
أيضا، رغم أن هذا ضد رغبة والده. رغبة الابن هي رَدة فِعل على ما يعانيه في
تونس من
سوء أوضاع.
·
هناك مشاهد في الفيلم جريئة
كثيراً بتركيبتها وطولها، هذه المشاهد توحي
بثقتك الكبيرة بما تفعله، أخبرنا عن خلفيتك وتجاربك السابقة؟
لا أملك
تجربة كبيرة بالحقيقة، لكني فكرت إن تلك المشاهد، وأهمها المشهد الافتتاحي،
لا يمكن
أن تنجح إلا إذا قامت الشخصية بترديد ما تقوله مرارا، حتى تقوم بإقناع
الزبون في
محل الاسطوانات الذي يعمل فيه، بأن لا يستعير فيلما هوليووديا
يسيء للعرب. المزحة
بعدها، إن ذلك الزبون يُصر على تأجير الفيلم الذي جاء من أجله، بالطبع تلك
المشاهد
جريئة، لكنها كانت رغبتي منذ البداية بأن أتجنب المشاهد التقليدية المكررة،
وأن
أجرب أشياء جديدة، الفضل يعود أيضا الى مدير تصويري الهولندي
تايس خلوخير، والذي
يَرغب كثيرا بالتجريب ويرفض قبول الحلول المُبسطة.
مناخ
الفيلم اتجه إلى السوداوية في نصفه الآخر، وبعد البدايات التي تخللتها
الكوميديا،
هل هذا كان أمرا مقصودا؟
نعم إنه مقصود، هناك لقطة في الفيلم، تبدو فيها
المدينة وكأنها تَنقلب، هي أذنت ببدء تغيير مناخ الفيلم، هذا التغير يَعود
لأني
رغبت أن أتعامل مع الثيمة التي يتناولها الفيلم بجدية كبيرة، هناك شباب
يخاطرون
بحياتهم من أجل عبور البحر إلى أوربا، وهو أمر لا يمكن أن
تتناوله بكوميدية، على
الجانب الآخر لم أرغب أن أعمل فيلم حزين بالكامل، لأن الحياة في تونس نفسها
هي حياة
مُتجددة، التونسيون يشاركون حياة بعضهم بتفاعلية جميلة، ويعيشون بحميمية مع
محيطهم،
أنا أيضا رغبت بأن ينقل فيلمي الحيوية التي يعيشها المجتمع التونسي، أردت
أن يكون
فيلمي عن الحياة في تونس بحزنها وفرحها.
·
لا أحد يَخرج من فيلمك كمتهم أو
بريء، الفتيات الهولنديات في القصة رغبن
أيضا بالتجارب العاطفية والجنسية مع الشباب التونسيين، لم
يرفضن مرافقة الشباب
التونسيين، في العام الماضي شهدنا بضعة أفلام عن موضوع السياحة الجنسية حول
العالم،
هل كان هذا الشيء من ضمن خططك للفيلم أن تركز على هذه القضية؟
قصة لقاء
الهولنديات مع الشباب التونسي في الفيلم، تَصف ببساطة كيف تقابل أبي مع أمي
في
نهاية عقد السبعينات، كثير من النساء الإوربيات يذهبن الى تونس والشرق بشكل
عام
بأفكار ساذجة قليلا، او بإحلام رومانسية عن الرجل التونسي
العربي الأسمر، ليعكس
الآخير الفكرة الرومانسية لهن عن الشرق والحب. علاقة السائحة الأوربية
بالشاب
التونسي هي علاقة معقدة فيها كثير من المنفعة للطرفيين، المرأة الأوربية
تَرغب في
شيء ما من الرجل التونسي، شخص يمنحها الحب والأمان، الرجل
التونسي في المقابل له
رغباته الخاصة، كحياة أفضل تقدمه له هؤلاء النساء، تَذكرة سفر إلى أوربا
والإقامة
هناك.. كثير من العوامل التي تجعل هذه العلاقة حيّة ومستمرة، وهو أمر يجعل
من
العسير إطلاق أحكام او اتهام شخص بأنه مُذنب في هذه العلاقة،
الفيلم لا يرغب في
اتهام أحد، هو يُريد أن يُظهر التناقض الذي نعيش به.
·
كيف وجدت الممثلين في الفيلم ؟
هناك العديد من افراد عائلتي
في الفيلم، مثل: أبي، عمي، أختي، كما اعتمدنا كثيرا على الناس
الذين كانوا في مواقع
التصوير، والذين طلبنا منهم أن يلعبوا أدوار صغيرة. لشخصية عبد الله، قمنا
ببحث خاص
بالتعاون مع شركة انتاج تونسية، وهم رتبوا لقاءات مع ممثليين هواة.
المفارقة أن
الممثل عبد الحميد نوارة و الذي لعب دور عبد الله كان آخر شخص
قابلناه في اليوم
الذي خصصناه لمقابلة الممثلين. هو الذي ترك الانطباع الأكبر، ربما لأنه
يملك نوعا
من الغموض في عينه، وهو أمر كان يناسب الشخصية التي لعبها.
الجزيرة الوثائقية في
10/02/2013
فصول من قرطاج السينمائية في عدد من محافظات تونس
تونس
–
صالح سويسي
من أجل المساهمة في إثراء النشاط السينمائي في عدّة
محافظات داخل البلا،
تنظم اللجنة الثقافية الوطنية وإدارة الفنون السمعية البصرية
بالشراكة مع الجامعة التونسية لنوادي السينما تظاهرة سينمائية تحمل عنوان
«من ذاكرة
أيام قرطاج السينمائية» وذلك في محافظات باجة وجندوبة وسليانة (شمال غربي)
والقصرين
(وسط
غربي) وتوزر وقبلي وتطاوين ومدنين (جنوب) والمهدية في الساحل وأيضا زغوان
القريبة من العاصمة، وكانت التظاهرة انطلقت منذ بداية فبراي الجاري وتتواصل
إلى
غاية الأول من يونيو المقبل. ويتضمن برنامج التظاهرة عرض 35
فيلما، تمثّل مراحل
زمنية محتلفة منذ تأسيس التظاهرة عام 1966 وحتى دورة عام 2010.
وتهدف هذه
التظاهرة حسب المنظمين، إلى إستحضار نماذج من الأفلام والنجوم الذين ساهموا
في
مختلف دورات هذا المهرجان الكبير ذي التاريخ الزاخر بالعطاء والإضافة
للسينما
العربية والإفريقية، مع تمكين الأجيال الجديدة في المناطق
الداخلية لمتابعة عديد
الأفلام سواء التي توّجت في مختلف أقسام المهرجان خلال دوراته المتتالية أو
التي
سجلت فقط مشاركتها دون تحقيق أي نتائج أو الظفر بأية جوائز. ويؤكد المنظمون
أنّ
التظاهرة تمثّل فرصة للتحاور والالتقاء بأهل السينما من نقاد
ومخرجين وممثلين
ومهتمّين بالشأن السينمائي ممّن واكبوا المهرجان أو شاركوا فيه وذلك بغاية
توفير
منتوج ثقافي لكل جهات البلاد وعدم حصر الأعمال الثقافية والفنية في
العاصمة.
وكان من المقرر أن يتمّ عرض شريط قصير يحمل عنوان «المحمدية» للمخرج
أحمد بنيّس في المركب الثقافي بباجة يوم الجمعة 8 فبراير، ولكن نظرا للظروف
الحالية
تمّ تأجيل موعد العرض، والشريط تحصل على التانيت البرنزي سنة 1974 كما تمّ
تأجيل
عرض شريط طويل للمخرج المغربي نبيل عيوش بعنوان «على زلوة» وهو
الشريط الذي تم
اختياره رسميا في دورة 2002 وفي نفس الفضاء تمّت برمجة شريط قصير «حمام
الذهب»
للمخرج التونسي منصب ذويب وكان تحصّل على
التانيت الفضي سنة 1986 إلى جانب شريط
«سجنان»
للتونسي عبد اللطيف بن عمار المتحصل على التانيت الفضي سنة 1974.
في
المركب الثقافي بجندوبة تمّت برمجة عدة عروض سينمائية منها شريط قصير
بعنوان «الوليمة» للتونسي محمد دمق وهو متحصل على
التانيت الذهبي سنة 1998 وشريط «عيد
ميلاد ليلى» للفلسطيني رشيد مشهراوي كان توّج بالتانيت الفضي خلال العام
2008،
والشريط القصير «صابون نظيف» لمليك عمارة وهو حائز على التانيت الذهبي سنة
2010،
كما سيعرض شريط طويل «مختار» للصادق بن عائشة من تونس أيضا زهو
فائز بالتانيت
البرنزي سنة 1968.
عروض ومعارض
هيئة التنظيم أصدرت كتيّبا أنيقا وشّحت غلافه
صورة لمؤسس المهرجان الراحل الطاهر
شريعة، وتضمن الكتيّب برنامج التظاهرة
وملخصا
لكل فيلم مع معلومات حول أصحابه. وانطلاقا من يوم 15 فبراير يحتضن فضاء
العروض
بالمركب الثقافي بسليانة معرض "لقطات وصور من ذاكرة أيام قرطاج السينمائية"
ويتواصل
إلى غاية الثالث والعشرين من نفس الشهر، في حين يعرض في يوم افتتاح المعرض
شريط
قصير بعنوان «رايس الأبحار» للمخرج تونسي شهام بن عمار الذي ظفر بجائزة
أفضل عمل
سنة 2002 وشريذ «السفراء» لناصر القطاري وهو فيلم حائز على التانيت الذهبي
سنة 1976.
ولعلّ الجميل في هذه التظاهرة أنها لا تكرّك المخرجين أو الممثلين فقط
بل
وباقي صنّاع السينما كالمصورين مثلا، ومن ذلك أنّه سيتمّ عرض شريط قصير
بعنوان «الرباط» لحميدة بن عمار بالمركب الثقافي
بسليانة وهو شريط حائز على جائزة أحسن
مصور خلال
دورة 1986. وسيتمّ خلال التظاهرة وفي سليانة أيضا تقديم شريط «سلام يا
ابن العم» للجزائري مرزاق علواش الفائز بالتانيت الذهبي سنة 1996.
في محافظة
القصرين سيتابع جمهور السينما عددا من الأفلام أيضا والتي تعود لفترات
زمنية
متباعدة نسبيّا، ويحتضن المركب الثقافي بالقصرين عرض شريط
«Teza»
للمخرج هايصي
قيريما الحائز على التانيت الذهبي سنة 2008 وشريط «صمت القصور» لمفيدة
التلاتلي
المتحصل على التانيت الذهبي في دورة 1994، وفي دار الثقافة أبو القاسم
الشابي بتوزر
يعرض شريط «La noire»
لعصمان صامبان المتحصل على التانيت الذهبي 1966. شريط
«باماكو»
واحد من الأفلام التي ستعرض بدار الثقافة بقبلي.
تطاوين ايضا لها حظها
من العروض حيث يفتح المركب الثقافي أبوابه لعرض شريط «سجنان» لعبد اللطيف
بن عمار
يوم 12 أبريل، وبالمركب الثقافي بمدنين يتمّ تقديم من الأفلام من بينها
شريط
«المومياء»
للمخرج المصري شادي عبد السلام. المهدية تحتضن فيها دار الثقافة عرض
شريط «باماكو» لعبد الرحمان سيساكو يوم 18 مايو في حين تعرض دار الثقافة
زغوان شريط «podi saugur»
للمخرج الغيني فلورا قوميس. وفي البرنامج أيضا أفلام لتوفيق الرايس
وابراهيم اللطيّف والطيب الوحيشي.
وتتوزع العروض
كالآتي:
-
باجة
وجندوبة من 1 إلى 9 فبراير
-
سليانة من 15 إلى 23
فبراير
-
القصرين من 1 إلى 9 مارس
-
توزر
من 15 إلى 23 مارس
-
قبلي
من 29 مارس
الى 6
نيسان
-
تطاوين من 12 الى 20 نيسان
-
مدنين
من 26 نيسان الى 4 مايو
-
المهدية من 10 إلى 18 مايو
-
زغوان
من 24 مايو إلى 01 يونيو
الجدير بالذكر
أن الدورة الأخيرة لأيام قرطاج السينمائية أثارت جدلا واسعا على جميع
المستويات
وخاصة على مستوى الإعداد والتنظيم الذي لم يرق لمستوى تظاهرة في جحم هذا
الصرح
الثقافي والفنّي الذي ساهم منذ تأسيسه في صنع ربيع السينما
العربية والإفريقية،
ولعلّه بتميّزه في دعم سينما الجنوب كان من أكثر المهرجانات التي تستقطب
الأنظار
على مستوى العالم سيّما أنّ المؤسسين انطلقوا من المحلية وخباياها لرسم
واقع أفضل
لسينما جنوب المتوسط وإفريقيا السوداء.
الدورة الأخيرة جعلت القائمين على قرطاج
السينمائي يعيدون عديد الحسابات وينطلقون في رسم خارطة طريق
جديدة ربما تعيد قطار
الأيام إلى سكّته الصحيحة ومساره الأفضل، ولو أنّ مدير الدورة الأخيرة كان
اشتكى من
الوضع المالي للتظاهرة وغياب الدعم والاستشهار وفتور العلاقة مع وزارة
الإشراف
المموّل والمشرف الأول على المهرجان.
وفي كل الحالات تمثّل هذه التظاهرة فرصة
حقيقية لأحباء الفن السابع من الأجيال الجديدة لمشاهدة أفلام
ربما لم يتسنّى لهم
مشاهدتها سابقا والالتقاء والتحاور مع أصحابها أو المشاركين فيها وتقييمها
بمقاييس
نقدية حديثة ومعاصرة.
الجزيرة الوثائقية في
10/02/2013
فادي صبيح:
الشخصيات الفنية تطارد الممثل!
بديع منير صنيج
«رغم أن التلفزيون بحاجة إلى جهد كبير ليدافع فيه الممثل عن نفسه، لكنه
ليس بدقة السينما» بهذه العبارة يفصح الفنان «فادي صبيح» عن حرصه في
التعاطي مع كاميرا الفن السابع، ولاسيما أنها المرة الأولى التي يحظى فيها
بمساحات سينمائية كبيرة، وذلك
ضمن فيلمي «العاشق» و«صديقي الأخير»، ما حمله مسؤولية كبيرة فيما يتعلق
بتفاصيل الأداء وحيثياته المختلفة. عن مشاركتيه السينمائيتين، ورأيه في
الارتجال وأهمية اللهجة في أداء الممثل كان لتشرين الحوار الآتي معه:
·
حظيت هذا العام بالمشاركة في
بطولة فيلمين سينمائيين هما «العاشق» لعبد اللطيف عبد الحميد و«صديقي
الأخير» لجود سعيد، كيف تعاملت مع هذه النقلة من التلفزيون إلى فضاء الفن
السابع؟
••هاتان المشاركتان أتاحتا لي الظهور السينمائي الأول بمساحة
جيدة. وفي السينما المجهر أدق على عمل الممثل، إذ تظهر التفاصيل بوضوح،
ويبدو الجهد المبذول على الأداء جلياً، لذا اجتهدت على هذين الفيلمين سواء
مع المخرج المخضرم عبد اللطيف عبد الحميد الذي تبادلت الاقتراحات معه حول
الأداء وتفاصيل الشخصية، أو مع المخرج جود سعيد الذي كانت الحرية معه أكبر،
ومساحة الارتجال أوسع.
الشغل في السينما بمنزلة صيد ثمين بالنسبة للممثل، ورغم أن التلفزيون
بحاجة إلى جهد كبير ليدافع فيه الممثل عن نفسه، لكنه ليس بدقة السينما.
في فيلم «العاشق» أجسد شخصية مدير مدرسة يصبح ضابطاً في الأمن، ليلتقي
بعد ثلاثين عاماً مع طالب -عاقبه في الماضي لمخالفته القوانين- بعد أن أصبح
مخرجاً سينمائياً، ليتكرر دور الوصاية بعد أن تجاوز الأخير سقف الرقابة في
سينماه.
أما في «صديقي الأخير» فأجسد شخصية شقيق بطل الفيلم الذي يموت في ظروف
غامضة، وهو من جماعة رؤوس الأموال يتحين أي فرصة للكسب، ولو من أبناء حارته
الشعبية، وإذ تحتضنهم بما يخدم مصالحه، ويسخرهم ليكونوا سبباً من أسباب
نجاحه في الانتخابات البرلمانية التي يرشح نفسه لها.
·
دعنا نتحدث عن مساحة الارتجال في
مشاركتك التلفزيونية ضمن مسلسل «ياسمين عتيق».
••أعدّ أن أي شخصية هي بنت بيئتها سواء أكانت شامية أم درعاوية
أم ديرية أم ساحلية. وعلى الممثل أن ينهل من مفردات تلك البيئة ومصطلحاتها،
فاللهجة هي نقطة الانطلاق الأولى لتشكيل المصداقية، ويتعلق ذلك بكم تستطيع
أن تكون مقنعة لديك، وكم تشبه إلى حد ما اللهجة الحقيقية، وذلك جزء من
الارتجال، ففي تجربتي «الشامية» الثالثة مع المثنى صبح، قمت بمراجعة أغلب
مسلسلات هذه البيئة التي أنجزت على التلفزيون، وكنت أركز على المصطلحات
وطريقة الكلام، لأني مؤمن بأن العمل الاحترافي يتطلب مني ألا أقلد اللهجة
بل على العكس أن أحكي اللهجة. «ياسمين عتيق» بعنوانه العريض هو بيئة شامية،
لكنّ العاملين فيه يحاولون الاتجاه نحو حياة الشام الحقيقية، بعيداً عن «البوجقة»
التي كانت استسهالاً ضمن مجموعة الأعمال التي أنجزت سابقاً، فالعلاقات هنا
حقيقية والأحداث التاريخية موثقة، بمعنى، أن هناك محاولة لأنسنة البيئة
الشامية حيث يكون العمل عملاً طبيعياً بيئوياً ضمن الملامح الشامية
الواقعية التي نعرفها من دون مبالغة.
·
ما حدود اللعب كممثل ضمن مسلسل
«الولادة من الخاصرة» الذي ستتابع فيه أداءك لشخصية «أبو مقداد» في جزئه
الثالث؟
••في أول يوم تصوير ذهبت إلى الموقع من دون أي تحضير إضافي سوى
ما يتعلق ببروفات الشكل، لكن مع بدء الكاميرا بالدوران بدأت الطاقة الكامنة
تحفز ذاكرتي لتحديد ملامح الشخصية؛ كيف تحكي، وكيف تضحك، وبعد أول مشهد
بدأت بعض التفاصيل تتحدد مع بعض الارتجالات مثل لازمة «لا تخش شيئاً»، وما
ساعدني في الوصول إلى تلك النتائج أن المخرجة «رشا شربتجي» تتقبل
الاقتراحات وتحاور كثيراً فيما يخص ملامح الشخصية.
·
أين تكمن أهمية اللهجة في أداء
الممثل في رأيك؟
••تخيل «ضيعة ضايعة» من دون اللهجة الساحلية، أتوقع أنه كان
سيفقد سبعين في المئة من حضوره، فاللهجة خاصةً في الكوميديا هي الحامل
الرئيس لثقل العمل، ومن دونها يتم الدخول «بكروت» غير رابحة، فرغم الصعوبة
والتعب من أجل الوصول إلى أداء جمالي وحقيقي للهجة بكامل حيويتها لتكون
مستساغة عند الآخرين فإنها ضرورية جداً لنجاح العمل.
·
نجمك لامع في الكوميديا ومنذ
«الولادة من الخاصرة» كانت هناك انعطافة واضحة نحو صيغة واقعية أقرب إلى
التراجيديا، كيف توصّف ذلك؟
••هناك بعض المخرجين يفكرون بطريقة تقليدية فيما يتعلق بتوزيع
الأدوار، ويستسهلون وضع الممثل ضمن خانات ثابتة، وتصنيفات واحدة، وفي رأيهم
أن هذا الممثل لا ينجح إلا في الكوميديا، وذلك لا يصلح إلا للتراجيديا
وهكذا. في رأيي، لا ينبغي حصر الممثل ضمن نمط محدد بحجة أنه ينجح فيه، بل
يجب على المخرجين أن يبحثوا عن رؤاهم الخاصة بأداء الممثل.
مع شخصية «أبو مقداد» الشريرة، عديمة الأخلاق، والتي لا تفهم في
الحياة إلا لغة المال وتحقيق مصالحه فقط، لدرجة أنه لا يستسيغ إلا الامتلاك
بكل أشكاله بما في ذلك امرأة صديقه، حاولت أن أخرج عن التنميط وأنوّع في
الأداء كي أبرز للناس جوانب أخرى من شخصيتي كممثل.
·
ألا تخشى أثر الشخصيات الشريرة
في نظرة الجمهور للممثل؟
••أي شخصية يؤديها الممثل ستلحقه بنجاحها أو فشلها، وحب الناس
لها، ففي الشارع على اختلاف مستويات الناس الثقافية، فإن شخصية «سلنكو» في
مسلسل «ضيعة ضايعة» عالقة بأذهانهم.
الممثل يُعرض عليه الكثير من الشخصيات، وكمية التحدي فيها والرغبة
لديه في تأديتها بشكل احترافي هما من يحدد كونها مقنعة أم غير ذلك، وإن
كانت ستبقى في ذاكرة الجمهور أم لا، من هذا المنطلق، كما كانت شخصية «سلنكو»
طاغية عليّ ومازالت، فإنني بعد شخصية «أبو مقداد» أرى الكثيرين يكررون
لازمة «لا تخش شيئاً».
bsnaij@yahoo.com
تشرين السورية في
10/02/2013
«السيد
اركادان» لأورسون ويلز:
افتتان المبدع بالشرّ المطلق
إبراهيم العريس
عند بداية فيلم «السيد اركادان - تقرير سري» الذي حققه أورسون ويلز
بين العامين 1953 - 1954، تظهر على الشاشة كتابة تقول: «في ماضي الأيام كان
هناك ملك قال لشاعر: من بين كل ما أملك، ما الذي يمكنني أن أعطيك؟ فأجابه
الشاعر: كل شيء إلا سرّك». الملك، رمز القوة والسلطة. الشاعر رمز الفن
والصدق. والسرّ، رمز غموض الحياة وسحرها. هذه الأمور الثلاثة يضعها اورسون
ويلز في أول فيلمه، كنوع من التذكير بالسينما التي أحب دائماً أن يصنعها.
هي، لمن يريد ان يتذكر، الأمور الثلاثة التي تسيطر على فيلمه الأول
«المواطن كين»... من هنا كان من الواضح ان المخرج الأميركي - الشاب في ذلك
الحين - انما كان يريد ان يعيد الى أذهان متفرجيه أقانيم فيلمه الأول.
والحال أن ثمة الكثير من القواسم المشتركة يجمع بين الفيلمين، الى درجة ان
كثراً اعتبروا «السيد اركادان» مجرد تكملة لـ «المواطن كين». ومع هذا، فإن
ثمة ما هو أكثر من القاسم المشترك بين الفيلمين: هناك الخلفية الفكرية التي
دفعت أورسون ويلز الى تحقيقهما، مع فارق يزيد على عشر سنوات بينهما، فنحن
نعرف، طبعاً، أن «المواطن كين» انما هو في حقيقته «تنويع» على حياة سيد
الصحافة اليمينية في أميركا الأربعينات ويليام راندولف هيرست، وعبره تنويع
على مسألة السلطة والبراءة وأسرار الحياة والغوص في الماضي. وقد كان هيرست
نفسه أول من أدرك ان أورسون ويلز يقدّم في فيلمه أسئلة مقلقة حول ثروته
وماضيه وعلاقته بطفولته. ومن هنا، ما إن عرض الفيلم حتى أقام ملك الصحافة
على الفنان دعوى قضائية، واعتبر الأمر فضيحة في الحياة الاجتماعية
الأميركية ما بعدها من فضيحة. والآن إذا تركنا هيرست و «المواطن كين»
جانباً لنقفز أكثر من عشر سنوات في الزمن، سنجد ان لـ «السيد اركادان»
علاقة أكثر من وثيقة بسيد آخر من سادة المال هو هذه المرة بازيل زاهاروف،
تاجر الأسلحة الغامض الذي كان ملء الأسماع والأبصار في النصف الأول من
القرن العشرين. وحكاية فيلم «السيد اركادان» لها علاقة أساساً، بزاهاروف
هذا. ففي أوائل الخمسينات وخلال تجوال له في أوروبا بعدما أنجز فيلم «عطيل»
في المغرب ونال عنه سعفة مهرجان «كان» الذهبية، التقى اورسون ويلز بالكونت
زاهاروف، فوعده هذا بأن ينتج له فيلمه المقبل، ثم دعاه كي يقوم بكتابة
سيناريو الفيلم في قصره الفسيح في روما. وبالفعل لبّى ويلز الدعوة الكريمة
وأقام في قصر الكونت وأنجز الكتابة خلال أسابيع ضخّه فيها مضيفه بالمال
والأطايب... وفي النهاية سلّم اورسون ويلز المخطوطة الى الكونت ذات مساء،
ثم ذهب ليسهر مع بعض أصدقائه فيما انفرد زاهاروف في جناحه كي يقرأ المخطوطة
على مهل ولذة. آخر الليل حين عاد ويلز من سهرته، وجد حقائبه مرمية عند باب
القصر وفهم انه مطرود... وكان رد فعله الوحيد انه استغرق في ضحكة صاخبة وسط
الليل البهيم... فهو، بعد كل شيء، كان يتوقع ما حدث، تحديداً لأن السيناريو
الذي كتبه كان عبارة عن أسئلة قلقة وبحث غامض في ماضي... مضيفه نفسه،
تماماًَ كما كان فعل في «المواطن كين» بالنسبة الى ماضي هيرست.
>
طبعاً هذا الحادث لم يردع ويلز عن تحقيق فيلمه... بل سرعان ما
نراه وقد صوّره بسرعة لاعباً بنفسه دور العملاق الغامض، السيد اركادان...
نافياً، على أي حال، أن يكون قد توخى من فيلمه الاساءة الى الكونت زاهاروف
أو الى ماضيه. كل ما في الأمر أنه أراد، مرة أخرى، أن يقدّم امثولة عن
السلطة والطبيعة البشرية، من دون اي اعتبار لموقع الخير والشر في الأمر. بل
المدهش في هذا الفيلم هو ان المتفرج يفتتن بشخصية اركادان (على رغم انه
شرير) ويحتقر شخصية التحري فان ستراتن (على رغم انه ليس شريراً).
>
ثمة في «السيد اركادان» حكاية، يرويها اركادان بنفسه، ويمكنها
ان تفسر لنا هذا الفيلم - بل كل سينما اورسون ويلز - وهي حكاية العقرب
والضفدعة. فالعقرب، كما تقول الحكاية، أراد يوماً أن يجتاز نهراً وطلب من
الضفدعة أن تحمله على ظهرها عابرة به. لكن الضفدعة تقول له: «لا... لأنني
إن حملتك على ظهري، ستعضني وأموت». فيجيبها العقرب: «لو عضضتك، ستموتين
حقاً، لكنني سأغرق أنا معك بالتالي». هنا تقتنع الضفدعة وتبدأ بنقل العقرب
محمولاً على ظهرها... ولكن عند منتصف المسافة تشعر بألم حاد في ظهرها وتبدأ
بالغرق قائلة للعقرب: «لقد عضضتني، لكنك ستغرق معي... فأين هو المنطق في ما
فعلت؟»، ويجيبها العقرب: «أعرف هذا... لكنني ما كنت قادراً على منع نفسي من
عضّك... انها طبيعتي».
>
هذه الحكاية التي يرويها اركادان في الفيلم تكشف ان ويلز كان
لا يتورع عن الاعجاب بالأشرار والمحتالين والطفيليين شرط ان يكونوا من
العظمة حيث يقول الواحد منهم: «أنا هكذا... كما أنا». كان مفتوناً بالشرير
الذي يقرّ بأنه شرير. صحيح ان الشر كان يغيظه... لكن الشرير الذي لديه من
القوة ما يجعله يقر بأنه شرير كان يسحره.
>
مثلما هي الحال في «المواطن كين»... تُروى الأحداث التي تشكل
موضوع «السيد اركادان» من جانب شخصية في الفيلم في عملية عودة الى
الوراء... يرويها التحري فان ستراتن الذي يسأل رجلاً عجوزاً خائفاً منذ أول
الفيلم (هو جاكوب زوك) أن يفضي اليه بسر اركادان... وابتداء من هنا يبدأ
ستراتن برواية الأحداث. والأحداث المروية تتعلق طبعاً بالتحري الغامض الذي
نعرف ان ثمة رجل عصابات جريحاً في ميناء نابولي في إيطاليا يريد ان يثأر
منه... وستراتن يلاحق قضية اركادان هنا راغباً في معرفة أسرار ماضيه، لأن
في الأمر ملايين الدولارات يمكن كسبها. ولكن من يعرف شيئاً عن ماضي اركادان؟
المهم ان ستراتن يطارد اركادان من مدينة الى أخرى ومن حفلة الى أخرى، حتى
يكتشف ان نقطة ضعفه هي ابنته رينا (تماماً كما ان طفولة هيرست في «المواطن
كين» كانت هي نقطة ضعفه). وذات لحظة في الفيلم وإذ يدرك اركادان حذق اللعبة
من حوله، يدعو رجل العصابات الجريح ويطلب منه ان يبحث عن سرّه مقابل 10
آلاف دولار، مفضياً اليه بأنه في العام 1927، كان بدأ يحقق ثروته انطلاقاً
من مبلغ 200 ألف فرنك سويسري. فماذا عمّا كان قبل ذلك؟... وتبدأ التحقيقات
حتى الوصول الى العجوز صوفي في المكسيك التي يتبين انها كانت حبيبة اركادان،
ومنها سرق هذا الأخير المبلغ الأساسي. عند هذا الحد يكون جزء من سر اركادان
قد كشف... لكن اركادان ليس من الذين يستسلمون بسهولة... وهكذا يختفي عارفو
سره ورفاقه القدامى واحداً بعد الآخر، وصولاً الى زوك... أما اركادان فإنه
في خضم ذلك كله يهرع الى اسبانيا كي يلتقي ابنته قبل ان يكشف الآخرون (فان
ستراتن تحديداً) سرّه أمامها. وحين يلتقي اركادان بابنته في الطائرة يطلب
منها ألا تصغي لأي شخص يروي لها أي شيء عنه، فتصرخ به قائلة: لقد فات
الأوان... فلا يكون منه إلا أن ينتحر قافزاً من الطائرة الى البحر، أما
رينا فإنها لن تغفر لفان ستراتن تسبّبه في انتحار أبيها...
>
قد لا تبدو هذه الأحداث التي تشكل متن هذا الفيلم الغريب،
كبيرة الأهمية بالمقارنة مع دلالاتها، ومع ما أراد اورسون ويلز قوله. ولا
سيما تأمله حول السلطة وسر الحياة. ومن هنا اعتبر «السيد اركادان» واحداً
من الأفلام الأساسية في سينما ويلز ومفتاحاً لفهم سينما هذا المبدع
وفلسفته. وأورسون ويلز (1915 - 1985) هو طبعاً، ذلك السينمائي الأميركي
العالمي الكبير، الذي لا يزال الكثير من أفلامه (مثل «المواطن كين» و
«الظمأ الى الشر» و «عطيل» و «ماكبث» و «السيد اركادان» و «سيدة من شانغهاي»)
ومعظمها مثّل فيه وأخرجه وكتب له السيناريو، بل أنتجه حقاً لا يزال يعتبر
من أمهات الأفلام العالمية.
alariss@alhayat.com
الحياة اللندنية في
11/02/2013
انتهى مخرجوها من تصويرها لكنها أصبحت في "علب" لا أحد يعلم
عنها شيئاً
أحداث السياسة تفرض مصيراً مجهولاً للسينما والمسلسلات
المصرية
القاهرة - سامي خليفة
حالة غموض أصبحت تسيطر بشكل كبير على عدد من الأعمال التلفزيونية
والسينمائية التي انتهى مخرجوها من تصويرها منذ وقت طويل ولكنها باللغة
السينمائية أصبحت في (العلب) لا أحد يعلم عنها شيئاً، للدرجة التي تركها
أبطالها جانباً وبدأوا في تصوير أعمال أخرى.
من ضمن هذه الأعمال التي أصبحت مجهولة المصير فيلم "مشروع لا أخلاقي"
الذي تم الانتهاء من تصويره منذ أكثر من عامين وقام ببطولته كل من الفنانين
تيسير فهمي والممثلة اللبنانية مروى وإنتاج أحمد أبو بكر.
وعن سبب عدم عرض العمل كل هذه الفترة قال بكر لـ"العربية.نت" إنه ليس
مستعداً أن يغامر بأمواله في مثل هذه الظروف السيئة، خاصة أن الفيلم حينما
تم البدء في تصوير أول مشاهده كان ذلك أيام اندلاع الثورة المصرية، واستكمل
تصويره على فترات، وبالفعل انتهى التصوير كله بأعجوبة.
وشدد أبوبكر على أن مسألة العرض لم يتم تحديدها بعد على الإطلاق،
فالأمر ليس بالسهولة، خاصة في الفترة التي فيها الجمهور تقريباً نسي
السينما ولم يلتفت للتلفزيون سوى لمشاهدة نشرات الأخبار لنشاهد الأحداث
الموجعة التي أصبحت تحاصرنا.
من جانبها، تحدثت علا غانم عن فيلمها "كريسماس" قائلة، إنها لا تعلم
بالفعل توقيت عرضه، خاصة أنه حينما يتم تحديد موعد أخير ونهائي يحدث كوارث
لا يجدي بالطبع معها أن يعرض العمل.
وأضافت "نحن كفنانين نخشى أن ينزل العمل إلى السوق السينمائي ولا يحقق
نجاحاً، والدليل هو عدم تحقيق معظم الأفلام المتواجدة حالياً في دور العرض
إيرادات تذكر، رغم أن أبطالها نجوم من الصف الأول، وهذا لا يعود إلى جودة
العمل أو أداء أبطاله بقدر أن الوقت بالفعل غير مناسب إطلاقاً".
فيلم "كريسماس" يشارك في بطولته بجوار علا غانم كل من الفنانين، رامي
وحيد وإدوارد، وسامي العدل، ومروة عبدالمنعم، وأشرف مصيلحي. والفيلم من
تأليف سامح أبو الغار، وإخراج محمد حمدي.
انتظار هدوء الأوضاع
وقد أشار الفنان عمرو سعد لمصير فيلمه "أسوار القمر" إلى أنه هو
شخصياً لم يعد يسأل متى سيعرض، فقد تحدد له أكثر من موعد كان آخرهم في عيد
الأضحى الماضي، لكن المنتج تراجع بعدما درس السوق السينمائية جيداً.
واعتبر عمرو سعد أنه من الصعب المغامرة بالفيلم في هذا التوقيت، خاصة
أن قصة الفيلم أكثر من رائعة، فمن الظلم التضحية بعمل ذي قيمة بهذا الشكل
لمجرد فقط أن يكون اسم "أسوار القمر" على أفيشات الشوارع.
وعلق الممثل الشاب أسر ياسين على عدم عرض فيلمه "فرش وغطا" حتى الآن،
قائلاً إننا في انتظار هدوء الأوضاع حتى يكون للجمهور (نفس) أن يشاهد
سينما.
الجدير ذكره أن فيلم "فرش وغطا" كان قد تحدد أكثر من موعد لعرضه، كان
آخرهم في فصل الصيف القادم.
مسلسلات لم تكتمل
وعلى النطاق التلفزيوني، فقد دخلت العديد من المسلسلات ما يسمى النفق
المظلم، حيث تم تصوير مشهدين أو ثلاثة منها، وتوقف العمل لأجل غير مسمى
تماماً، كما حدث مع مسلسل "حفيد عز" للفنان الكوميدي أشرف عبدالباقي
وميريهان حسين ونهال عنبر، وقد توقف العمل لما يزيد على العام بسبب أزمات
إنتاجية.
وقد صرح بطله أشرف عبدالباقي أنه كان متحمساً للغاية لهذا المسلسل،
لكن عدم توافر السيولة المادية أطاح به وإن كان من المزمع أن يتم استئناف
التصوير قريباً لكن التوقيت الأخير للعرض لا نعلم متى تحديداً.
وقالت الفنانة فردوس عبدالحميد، بطلة مسلسل "ويأتي النهار"، إنها
أصبحت تشعر باليأس من استكمال تصوير مسلسل "ويأتي النهار"، وهذا يعود إلى
أن شركة صوت القاهرة توفر السيولة المالية بصعوبة بالغة.
مسلسل "ويأتي النهار" من بطولة فردوس عبدالحميد وعزت العلايلى وعزت
أبو عوف وحسين الإمام وأحمد منير ومدحت تيخة وريم هلال وميسرة، ومن تأليف
مجدي صابر، وإخراج محمد فاضل.
وتوقف لأجل غير مسمى مسلسل "العنيدة" الذي كان أولى البطولات المطلقة
للممثلة الأردنية ميس حمدان، وعلقت على وقفه قائله إنها لا تعرف إذا كان
العمل سيعود إلى التصوير أم لا، خاصة أن العديد من المشاكل الإنتاجية تسببت
في وقفه، وهو نفس ما واجه مسلسل "سلسال الدم" للفنانة عبلة كامل، حيث توقف
العمل لأجل غير مسمى أيضاً.
أخيراً، فقد أطاحت إحدى القنوات الفضائية التي كانت متفقة على العرض
الحصري لمسلسل "ألف ليلة وليلة بحلم الدراما المصرية في أن يكون هذا العمل
أول مسلسل ثلاثي الأبعاد، وذلك بسبب توقفها عن تمويله، ولأن العمل ضخم
إنتاجياً جداً لوجود جرافيك فيه، فلم يستطع المنتج لؤي عبدالله تحمل
التكاليف وحده، وهو ما أطاح نهائياً بالمسلسل الذي يشارك في بطولته إياد
نصار وغادة عبدالرازق ونيكول سابا، وتأليف محمد أمين راضي، وإخراج طارق
العريان.
العربية نت في
11/02/2013 |