عيناه محمّلتان بصور الذكريات، وملامح وجهه
يختزن جغرافيا من الحنين والعشق لبلاد شنقيط... سالم ولد داندو، سينمائي
موريتاني
حالم، اختار أن يتأمّل الأفق ليرى شمس المحيط تغرق، لكنّه ظلّ متشبّثا
بآماله
المعلّقة التي تكسوها نظرة ألوان الأمل وحبّ الوطن وحُرقة العشق السينمائي...
التقته الجزيرة الوثائقية فكان الحوار التالي:
·
في البداية لو تحدّثنا عن مسيرة
سالم
داندو؟
سينمائي موريتاني، أعشق المسرح والسينما والفنون بصفة عامة.
بدايتي كانت في الثمانينيات مع الفنّ المسرحي حيث أسّست نادي المسرح
الجامعي ثمّ في
ما بعد كونت فرقة "شنقيط" للمسرح، و"شنقيط" هو الاسم التاريخي التي تُعرف
به
موريتانيا والمسرح بالنسبة لي هو الحياة بالرغم من أنّ
الاكتفاء بممارسته لا يوفّر
لقمة العيش.
أمّا في فترة التسعينيات، فقد انتقلت للعمل في التلفزيون الموريتاني،
موازاة مع المسرح، وهناك عملت كمنتج للأفلام الوثائقية وبعض الحصص
المتنوعة. تعلّمت
كثيرا من خلال هذه التجربة، والأهمّ من ذلك أنّها مكنتني من التعرّف على
المخرج عبد
الرحمان سيساكو الذي اشتغلت كممثل في فيلمه "في انتظار السعادة" سنة 2002.
ومن هناك
كانت انطلاقتي الحقيقية في المجال السينمائي وأسست رفقة صديقي
عبد الرحمان أحمد
سالم "دار السينمائيين الموريتانيين"
وأخرجت العديد من الأفلام الوثائقية.
·
كيف ترى واقع
التجربة السينمائية في موريتانيا؟
السينما الموريتانية هي سينما
وثائقية بامتياز، بالرغم من أنّها سينما جنينية وحديثة العهد مقارنة مع
السينمات
الأخرى، غير أنّه هناك أجيال سعت من أجل إرساء نواة للفنّ السينمائي في
موريتانيا.
المخرج عبد الرحمان سيساكو حاول أن ينشّط الحقل السينمائي الموريتاني،
وتمكّن بفضل
أفلامه ذات الإنتاج الفرنسي بالأساس أن يحتلّ موقعا مهمّا في قائمة
المخرجين
الأفارقة، كما أنّ دراسته للسينما في أروبا الشرقية جعلته متمكنا من
التقنيات
السينمائية وخاصة أنه تشبّع بمبادئ السينما الروسية. خطوات التأسيس الحقيقي
بدأت في
فترة التسعينيات غير أنّ العديد من العوائق عطّلت الرغبة في الإنتاج
السينمائي.
·
ما هي الإكراهات والعوائق التي
عرقلت نموّ
السينما الموريتانية؟
السينما تتطلب الأموال، ولكن مع تهميش القطاع
الثقافي بصفة عامة في موريتانيا وغياب المسئولين عن التظاهرات الثقافية
وتلاشي
أموال الدعم أصابنا الإحباط. نحن مثقفون جمعنا حبّ السينما وخدمة الثقافة
في هذا
الوطن، نحن غائبون بامتياز على الخارطة السينمائية والكثيرون لا يعرفون
أنّه يوجد
فنّ سينمائي في موريتانيا. نظمنا المهرجان الدولي للفيلم القصير بنواق
الشطّ
بإمكانيات محدودة جدّا، واستضفنا العديد من المخرجين الأجانب، لكن دورة
2012 ستبقى
في البال باعتبار غياب وزيرة الثقافة وخاصة غياب الدعم كليا للمهرجان
السينمائي
الوحيد في موريتانيا. نحن نحسّ بغربة في وطننا، نحن مثقفون مهمّشون، عندما
نحضر
مهرجانات خارج الحدود تُفرش لنا السجادات الحمراء، ونمثل بلدنا ويتباهى
المسئولون
بمشاركتنا على الورق، لكن بمجرّد عودتنا لا نجد ولو لفتة واحدة منهم.
السياسة
الثقافية لا بدّ أن تتغيّر، ولا بدّ أن
يكون للمثقف في هذا البلد شأن لأنّ الوطن
بلا ثقافة ليس وطنا، فالثقافة هي التي تساهم في توعية المواطن وهي التي
تساهم في
الإعلاء من صيغ تفكيره.
·
لو تحدثنا كيف ترى مستقبل
السينما في
موريتانيا ولا سيّما مع هذا الجيل الجديد؟
بالرغم من هذه الإحباطات،
إلا أنّ دار السينمائيين الموريتانيين رسمت
برنامجا واضحا من أجل الرقيّ بالسينما
والموريتانية وتثبيت حضورها، حيث بادرنا بتحويل مهرجان أسبوع الفيلم الوطني
إلى
مهرجان دولي قصد الاحتكاك بتجارب السينمائيين، كما أننا أصبحنا نقوم بدورات
تكوينية
للسينمائيين الشباب والهواة من أجل ترسيخ الثقافة السينمائية وتكوين جيل
جديد
ليواصل المنهج، خاصة في ظلّ غياب مدارس أو جامعات تُعنى بالفنون. وقد تمكنا
بالفعل
من تكوين جيل من الشباب الذين سيكون لهم شأن في مستقبل السينما
الموريتانية، وأصبح
لدينا العديد من المخرجات الشابات مثل عزيزة كابر والسالمة منت الشيخ
الوالي ومريم
عزيزة... وبالتالي فقد أصبح للمرأة الموريتانية شأن في المجال الثقافي.
·
على ذكر المرأة،
تطرّقت في فيلمك "الهروب" إلى وقائع قهر الجسد الأنثوي، فما هي الرسالة
التي حملها
فيلمك الوثائقي؟
"الهروب" هو ثورة على تقاليد بالية تحكم مجتمعنا،
والمجتمع الموريتاني هو خليط من العديد من الأجناس إلا أنّ ما يجمعهم هو
حبّ الوطن
وإنسانية الإنسان. في هذا الفيلم الوثائقي الذي يدوم 26 دقيقة أردت أن أنقل
وقائع
لانتهاك جسد الأنثى وقمع المرأة، من خلال التزويج المبكر للفتاة القاصر
وظاهرة
الاغتصاب وبيع المرأة للعريس الذي لا يرحم. هو مجموعة صور قاتمة لمجتمع
محافظ، غير
أنّه تكمن نزعة وحشية في التعامل مع المرأة، وهو ما بيّنته واعتمدت في
الكثير من
الأحيان الرمزية والإيحاء باعتبار أنّ المجتمع الموريتاني لم يألف الصورة
بعد.
·
ما هي مشاريعك المستقبلية وبماذا
تختم هذا
الحوار؟
عشقي مسرحي سينمائي، بعد دوري كممثل في فيلم "أزهار تيويليت"
أستعدّ الآن لإخراج مجموعة من الأشرطة الوثائقية في أعماق الجغرافيا
الموريتانية.
إنّ موريتانيا تحتوي على مواضيع خصبة للإنتاج الوثائقي وهذه دعوة لكل
المهتمين أن
نتعاون معا من أجل التصوير، كما أتمنى أن أشتغل كممثل في أحد الأفلام
الطويلة أو
أحد المسلسلات المصرية من أجل إبراز طاقاتي للجمهور. وأنهي هذا الحوار
بعباراتي
النابعة من القلب:لم أجن في حياتي مالا، فقط ما يكفي للقمة عيش، لم أحلم
إلا
بالسينما ولم أعشق إلا هذا البلد بالرغم من أنه قد همّش مبدعيه .
الجزيرة الوثائقية في
07/02/2013
خلفية سقوط شوارتزنيغر وستالون:
البشر يخسرون
محمد
رُضا
You?'?re as good as your last movie
تقول الحكمة الهوليوودية المعمول بها فكيف يتصرّف الفيلم في "شبّـاك
التذاكر" هو ما يخطط لمستقبلك سواء أكنت منتجاً، مخرجاً، ممثلاً أو كاتباً.
هناك إستثناءات، لكن القاعدة هي أن النجاح
يولد المزيد من الأعمال. الإخفاق، خصوصاً
إذا ما تكرر، يوجّـه صاحبه إلى المكوث في البيت وأنظاره
معلّـقة بالهاتف الذي
توقّـف فجأة عن الرنين.
حال الممثل أرنولد شوارتزنيغر اليوم قريبة من هذا الوضع.
لديه هالة كبيرة قد تساعده في البقاء في
الساحة لمزيد من الأفلام، لكن غياب الإقبال
على فيلمه الجديد «الوقفة الأخيرة» كان بمثابة ثقب كبير في تلك
الهالة
الكبيرة.
ليس أن الفيلم، الذي تكلّـف نحو 45 مليون دولار، سقط إثر نجاحات
متوالية، بل سقط بعد طول غياب لشوارتزنيغر وفي فيلم أعتبر "فيلم العودة"
إلى
البطولة بالنسبة لهذا الممثل البالغ 65 سنة من العمر. فقد حط الفيلم في
المركز
العاشر مباشرة منجزاً أكثر بقليل من ستة ملايين دولار في أيامه
الثلاث الأولى. مع
نهاية الأسبوع الأول كان سلم المركز المتأخر لسواه وارتحل إلى المرتبة
السادسة
عشر.
وحتى لا يقف شوارتزنيغر وحده في هذا الوضع، يلحق به هذا الأسبوع سلفستر
ستالون «رصاصة إلى الرأس» الذي طفا إلى المركز السادس ثم إنحدر عنه سريعاً
حتى قبل
مرور الأيام السبعة الأولى على بدء عروضه.
كل من ستالون
وشوارتزنيغر متشابهان في ملامح كثيرة وكلاهما سقط في تجربة توسّم منها خير
ما
أبدته.
•
ستالون يكبر شوارتزنيغر بعام واحد (66 سنة).
•
كلاهما من الجيل
ذاته مهنياً [شوارتزنيغر ظهر أول مرّة في السينما سنة 1969 وستالون بعده
بسنة].
•
كلاهما خرج من أتون الأدوار الصغيرة ليمثّـل أدوار الرجل المعتمد على
قوّته البدنية في أفلام أكشن أكبر من الواقع.
•
كلاهما حاول الخروج من أدوار
القوّة هذه والتنويع قليلاً في الثمانينات حتى لا يقع ضحية اللون الواحد.
•
كلاهما شهد إنحساراً جزئياً في أواخر التسعينات ومطلع العقد الأول من هذه
السنة،
ولو لأسباب مختلفة كون أرنولد شوارتزنيغر إبتعد عن العمل
السينمائي لمعظم سنواته
السبع التي قضاها حاكماً لولاية كاليفورنيا (هذا بإستثناء أدوار شرف صغيرة
مثّلها
في تلك السنوات).
هذه العناصر أو الملامح المشتركة تقود إلى ما هو
أكثر من مجرّد ملاحظة مصير متشابه. لا أريد أن أدّعي هنا أنني أعرف تماماً
المصير
المهني لكل منهما، وهما بدورهما لا يعرفان أيضاً. العمل في
السينما هو دورات
متواصلة من المحاولات والسعي وإذا ما قذفت بك إخفاق معيّـن عليك أن تقف
سريعاً على
قدميك وتفكـّر بحل سريع وهذا ما أعتقد أن كليهما يقوم به الآن. ما هو إطار
أكبر
لهذه الظاهرة يكمن في حقيقة أن الجيل الحالي والسابق مباشرة له
لا يعرف الإخلاص كما
عرفته الأجيال السابقة. جون واين، غاري كوبر، همفري بوغارت، جيمس كاغني،
بيت ديفيز،
جوان كروفورد، مارلين مونرو، كلينت ايستوود وعشرات سواهم تمتّـعوا بإخلاص
زبائنهم
لأمد طويل جدّاً شهد نجاح غالب أعماله وسقوط بعضها من دون أن
يؤدي هذا السقوط إلى
دوي هائل كالذي يحدث مع هذين الممثلين.
وما هو في المحك هنا ليس مسألة أن
الممثلين نجحا أو لم ينجحا بل في أن هذا السقوط له صورة أكبر
وهي أن ستالون
وشوارتزنيغر وبروس ويليس وستيفن سيغال وجان-كلود فان دام وتشك نوريس (لا
أحد منهم
يستحق ترشيحاً لأوسكار) يعبّرون عن بطولات بشرية تجد نفسها في موقع صعب،
فهي لا
تهاجم أعداءها في الأفلام فقط، بل تهاجم واقعاً مفاده أن عليها
أن تستسلم لمصير
صحراوي البيئة وهذا ما يحاولون تجنّبه [كل هؤلاء بإستثناء سيغال اشتركوا في «المستهلكون» الأول والثاني مؤخراً]. لكن
وضع عسير إذ يحكمه جمهور شاب يريد أبطالاً
مصنوعين من المؤثرات الخاصة والكومبيوتر غرافيكس. رجال لا يهم
سمك عضلاتهم ولا ما
شهدوه من مصاعب في حياتهم، بل يرغبون بشبّان يتعاملون جيّداً مع المؤثرات
الخاصّـة.
ينخرطون فيها ويلتحمون بها. يريدون أشباه
رجال تحارب وحوشاً تلمع وتبرق وتدمّـر
ويصدر عنها أصوات هادرة. صحيح أن أفلام البطولات الرجالية ليست
أعمالاً عميقة
الشأن، لكنها طالما تعاملت مع "وقائعيات" مألوفة من خلال علاقات بشرية-
بشرية هي
بقايا لما كان أكثر سماكة في بعض أفلام الأمس.
بالتالي ليس لدينا أبطالاً
يخسرون في حلبة المواجهة بين أفلام تدعم اللجوء إلى ما هو
حكايات قوامها بشر وبين
أفلام مصنوعة للإبهار البصري بمؤثرات يتم تصنيعها تقنياً فقط، بل لدينا
جمهور يخسر
وآخر يربح. لدينا عصر تندفع فيه السينما الأميركية مثل صاروخ فضائي عليه أن
يتخلّـى
عن أجزاء منه حتى يستطيع مواصلة الرحلة إلى الكوكب الآخر. تتساقط تلك
الأجزاء
متحولة إلى أشلاء كحال أنواع السينما البائدة وأبطالها.
لجانب أن مستقبل السينما
يعد بمزيد من الإعتماد على تكنولوجيا الدجيتال والمؤثرات في كل
شأن وزاوية، فإن هذا
الوعد ذاته هو ما يجعل الإنتاجات الترفيهية تواصل إبتعادها عما صنع للسينما
عالمها
الفريد. طبعاً هناك وسيبقى ذلك الجانب من الأفلام الدرامية البعيدة عن
تناولنا هنا،
أفلام السير الذاتية مثل «لينكولن» أو أفلام الإقتباسات الأدبية مثل «آنا
كارانينا»
و«البائسون»، لكن في ثقافة السينما السائدة، وهي ثقافة لم يعترف بها النقاد
طويلاً
من قبل، هناك مفترق طرق واحد يسير فيه الركب الكبير وآخر يسير فيه ركب أقل
عدداً
وربما سيتناقص أكثر فأكثر.
لقد كانت ضربة
معلّم أن قام سلفستر ستالون بجمع أركان سينما البطولات الرجالية في فيلم
«المستهلكون»
لأن الجمهور كان إما من الذين أرادوا إستعادة بعض ملامح سينما
الثمانينات وإما من الذين لم يعوا تماماً تلك الملامح ولكنهم يعرفون هؤلاء
الممثلين
الذين يعودون من غياهب الأمس ويريدون التعرّف عليهم فوق شاشات اليوم.
الفيلم حقق
نجاحاً جيّـداً أدّى إلى جزء ثان أدى لنجاح جيّد آخر. قوام هذا
النجاح فكرة جمع
أكبر عدد من هؤلاء الأبطال ما يحوّل العملين (والجزء الثالث الذي هو قيد
التحضير)
إلى كرتونيات خاوية لكنها تبرز القوّة
الرجالية على ما عداها وتواجه سينما المؤثرات
والدجيتال وتنتصر عليها في موقعة أو موقعتين. لكن ما توسّـمه
أرنولد شوارتزنيغر من
أنه يستطيع العودة إلى السينما بطلاً منفرداً ومغواراً لكي يواصل من حيث
توقّـف كان
مخاطرة كبيرة سقطت في حفرة بحجم طموحاتها.
هل هذا الإخفاق نهائي؟ هل سيستطيع
شوارتزنيغر أن يتغلّـب عليه بعد سنة حين يبدأ عرض فيلمه المقبل
«عشرة» (دوره فيه لا
يختلف كثيراً عن دوره في «الوقفة الأخيرة») أو عليه أن ينتظر إلى حين يخرج
«ترميناتور
5» لعله- بفضل مؤثراته- يستطيع تعويض هذه الخسارة؟
إلى أن تتبدّى
باقي ملامح هذه الأزمة فإن «الوقفة الأخيرة» هي … ولحين آخر "وقفة أخيرة"
فعلاً.
الجزيرة الوثائقية في
07/02/2013
"جانجو طليقا" (2 من 2)
البطل
الأسطوري والإفلات من المصير
أمير
العمري
التأثير الإيطالي
مرة أخرى
يستند تارينتينو إلى فيلم إيطالي من أفلام الماضي (هو دائما يعتز بالعودة
إلى أصوله
الثقافية الإيطالية) ويقدم تحية لفيلم كوربوتشي الشهير من الستينيات، تماما
كما سبق
أن جعل العمود الفقري لفيلمه السابق "أوغاد مجهولون"
Inglorious Basterds
مبنيا على
الفيلم الإيطالي Macaroni Combat (1978)
للمخرج إنزو كاستيلاري Castellari.
وهو
يعود هنا إلى "جانجو" لكوربوتشي. وكما كان يستوحي في المشهد الأول الطويل
في "أوغاد
مجهولون" من فيلم "حدث ذات مرة في الغرب" لسيرجيو ليوني، يعود لكي يستوحي
الكثير
هنا من ليوني أيضا، ولكنه ينجح في خلق ذلك الثنائي الأبيض والأسود، ويجعل
الأبيض
ألماني الأصل، يرفض العبودية لكنه يقوم بعمل لا يختلف كثيرا-
كما يقول في الفيلم-
عن تجارة العبيد، فهو يتاجر في الجثث لكنه يبرر ذلك بأنه يقتل أناسا قتلوا
وسرقوا
واعتدوا.
شولتز (البطل التقدمي) يقوم بتعليم جانجو الرماية
والقراءة، ويدربه على كظم الغيظ والتحكم ببرود في أعصابه، والمراوغة
والخداع، فهو
يصبح بالنسبة له "نموذج الأب"، ولكن من دون وصاية بل في إطار
الصداقة.
المحاكاة الساخرة
بناء
الفيلم يقوم على الانتقال بين الماضي والحاضر، ويتجسد الماضي في لقطات
خاطفة احيانا
بالحركة البطيئة كنوع من التداعيات التي تتراكم في ذهن البطلين،
والأحداث تقع عام
1858
قبل عامين من الحرب الأهلية، وقبل نحو 10 سنوات من ظهور عصابة
الكوكلوكس كلان
العنصرية (ظهرت في أواخر الستينيات من القرن التاسع
عشر) التي كانت تقوم بالهجوم
على السود وحرق بيوتهم وقتلهم. إلا أن تارنتينو المخلص دائما لتقاليد ما
بعد
الحداثة postmodernism
لا يهتم بخلط الأزمنة وتداخلها فهو لا يقيم وزنا للدقة
التاريخية، ولا لوحدة الأسلوب. إنه مثلا يقدم محاكاة ساخرة
parody
لمشهد رئيسي في
الفيلم الشهير "مولد أمة"
Birth of a Nation
لرائد الفيلم الروائي الأمريكي ديفيد
وارك جريفيث، عندما نرى جماعة من البيض يحاولون الهجوم على
شولتز ورفيقه الأسود
جانجو للفتك بهما، لكنهم يفشلون في وضع القلنسوات البيض فوق رؤوسهم ثم
يرتبكوا
ويشعروا بأنها تعوقهم عن الرؤية، في مشهد ساخر يجعل منهم أضحوكة بغبائهم
وجهلهم
وجبنهم، على العكس مما في فيلم جريفيث بالطبع!
لكن المحاكاة الساخرة ليست هي أساس الفيلم بل ما
يعرف في تقاليد ما بعد الحداثة بمحاكاة أفلام أخرى أو
pastiche
التي تبتعد عن
السخرية (الموجودة عادة في البارودي) بل هي محاكاة في جدية وتقدير وإعجاب.
هناك
مثلا استلهامات من "ماندنجو" كما أشرنا، ومن "سبارتاكوس" (صراع العبدين ثم
قتل
المهزوم بقسوة).. وهناك تأثر ما بفيلم "الرجل الكبير الصغير"
The Little Big Man
للمخرج الأمريكي الراحل الكبير آرثر بن، في مشاهد الثلوج التي
تعيد إلى الأذهان دون
شك، فيلما آخر من السينما الإيطالية لاشك في تأثر تارانتينو به هو "الصمت
العظيم" The Great Silence
وهو من إخراج سيرجيو كوربوتشي أيضا، و"الصمت" أو سايلانص هنا هو
إسم بطله
(يقوم
بالدور جان لوي ترانتنيان")، ومنه يستمد تارنتينو فكرة الرجال
الذين يتعقبون الخارجين عن القانون لقتلهم (المفترض العودة بهم
أحياء أو أموات)..
كما يحاكي المشاهد الكثيرة في هذا الفيلم التي تدور في الجبال المغطاة
بالثلوج في
ذروة الشتاء. وهناك تأثر واضح في مشاهد العنف الأخيرة المليئة بالقتل مع
التصوير
البطيء بفيلم "عصبة الأشرار"
The Wild bunch
لسام بكنباه.
عن الممثلين
ويبرز هنا أيضا
عامل آخر في سينما ما بعد الحداثة يتجسد في اختلاط الأساليب أي عدم احترام
مبدأ
وحدة الأسلوب، فنحن ننتقل من أسلوب فيلم الويسترن سباجيتي (في الساعة
الأولى) إلى
الفيلم التاريخي إلى الدراما المثيرة إلى النقد الاجتماعي. لكن الجميل أن
تارنتينو
يتمكن من حبك كل هذه الأساليب والعناصر معا وينجح في جعل فيلمه فيلما
مثيرا، عنيفا
بدون أن يفقد روح المرح وطابع السخرية، حواره مكتوب بعبقرية ودقة، ومشاهده
تصل
أحيانا إلى السيريالية (ليس من الممكن تصديقها على الصعيد
الواقعي) أي أنه يتجنب
فكرة الإيهام بالواقع أو الحقيقة التي تلعب عليها السينما منذ نشأتها في
الأفلام
التقليدية conventional
كما أنه يجيد تحريك الممثلين واختيارهم: كريستوف فالتز
النمساوي في دور شولتز.. حيث يخلق بأدائه الواثق، وأسلوبه الخاص في التعبير
الساخر
عن الشخصية واستخدامه الشخصي للغة ومفرداتها ولحركات جسده، أداء عبقريا كان
يستحق
أن يرشح عنه لجائزة أحسن ممثل، وليس أحسن ممثل ثانوي، فهو بطل
الفيلم الحقيقي بدون
منازع. تأمله في المشهد الذي يلمح فيه بذكاء وفطنة كيف أن مضيفه (دي
كابريو) المغرم
بالثقافة الفرنسية، يطلق أسماء فرنسية على عبيده من "المادينجو" مثل
"دارتانيان"
فيقول له شولتز إن بطل "الفرسان الثلاثة" لألكسندر ديماس لم يكن ليرضى
بميتة كهذه (طعاما للكلاب).. ولكنه يفاجيء مضيفه الشرس
المعتد بنفسه بصدمة تشله عندما يخبره
بأن ألكسندر ديماس الذي يغرم به، كان من أصول زنجية أي لم يكن
أبيض!
وهناك ليوناردو دي كابريو الذي يقوم بدور السيد
كاندي صاحب الإقطاعية السادي المغرم باستعراض قدرته على إنزال
العقاب وتعذيب ضحاياه
من العبيد السود في عنصرية بغيضة، منتقلا بين الرقة والخشونة، وبين النعومة
والترحيب، إلى الزمجرة المتوحشة والانتقال للعنف المجنون كشخصية مريضة بحب
التملك
والاستمتاع بالملكية في أقصى درجاتها إمعانا في إهانة الآخر-
الإنسان-
المستعبد!
مباراة ممتعة في الأداء بين فالتز ودي كابريو،
يدعمها ويقويها ذلك الأداء القوي البارز والحضور الخاص لشخصية
"جانجو" كما يؤديها
جيمي فوكس: قوة شكيمة، ضعف ظاهري في البداية ثم عنف داخلي كامن ينتظر
الانفجار (يقول لدكتور شولتز: سأرافقك ليس من أجل
المال بل لأني سأستمتع بقتل البيض
الأوغاد!).. حب وإخلاص حتى النهاية لزوجته، التي يضحي بنفسه من أجل تحريرها.
وأخيرا أداء هائل من جانب صامويل جاكسون في دور
ستيفن، ذلك الوغد الذي لا يرعوي، بل يظل متسلطا على رفاقه
السود متصورا أن إرضاء
سيده كفيل بحمايته حتى النهاية، لكنه يفقد نفسه ويحترق في الجحيم كأي شيطان
صغير!
شريط الصوت في الفيلم عمل فني قائم بذاته يستحق
دراسة خاصة: مزيج من الأغاني المكتوبة خصيصا لكي تعكس روح
الفيلم وأجواءه منها
أغنية من تلحين إنيو موريكوني كاتب موسيقى الكثير من أفلام الويسترن
سباجيتي وخاصة
أفلام سيرجيو ليوني. وقد فضل تارانتينو الاستعانة بعدد من الأغنيات
والتيمات
المنفصلة من تأليف موسيقيين مختلفين بدلا من إسناد الموسيقى
إلى مؤلف واحد، وربما
يكون هذا الأمر قد تسبب في عدم تجانس الموسيقى، خاصة وأنه يستخدم أيضا
مقطوعات من
بيتهوفن وفيردي وغيرهم.
وإمعانا في تأكيد الطابع الشعبي الأسطوري للفيلم
والرغبة في أن يجعل منه عملا جماهيريا قريبا من المشاهدين، لا يجعل
تارنتينو بطله
يقتل في النهاية على غرار مصير بطل فيلم "جانجو" لكوربوتشي،
كما كان ينبغي أي عند
النقطة"المنطقية" التي كان يمكن أن يصل الفيلم إلى نهايته عندها، أي بعد أن
قتل
شولتز كاندي ثم يقتل حراس كاندي شولتز، لكنه يبقي عليه ويجعله يتفوق على كل
الحراس
ويقتلهم جميعا بذكائه وحيلته، بل ويتمكن من قتل كل أهل البيت بعد عودتهم من
جنازة
السيد كاندي، ثم ينجح في تحرير زوجته والهرب معها في النهاية
مكرسا فكرة البطل-
الأسطوري، فالأهم- طبقا لمنطق ومباديء ما بعد الحداثة، ليس خلق عمل فني
رفيع، بل
التمتع بروح "الشعبية" التي تجعل الفيلم يقترب أكثر من الجمهور.
هناك بعض الاستطرادات في المشاهد الأخيرة من الفيلم
نتيجة الرغبة في الخروج من مأزق النهاية القاتمة، والتمهيد لكيفية هروب
جانجو من
الأسر، فنرى كيف يتمكن من خداع الحراس الثلاثة الذين يسوقون
العبيد وهم معهم، للعمل
حتى الموت في أحد المناجم، لكنه يقنعهم
بالتعاون معه في اقتناص الخارجين على
القانون (مستخدما نفس الحيلة التي تعلمها من أستاذه شولتز) ثم يقتلهم جميعا
(ومن
بينهم تارنتينو الذي يؤدي دورا صغيرا كعادته) ويطلق سراح العبيد ثم يذهب
لإنقاذ
زوجته. هذه المشاهد تسببت في إحدث بعض الخلل في إيقاع الفيلم.
وكانت مشاهد المناقشات الطويلة حول مائدة الغذاء مع
كاندي قد تسببت أيضا في هبوط الإيقاع العام للفيلم لكن ليس من الممكن تجاهل
أن
المشهد يستعيد قوته مع الكشف عن العنصرية العميقة الجذور داخل
شخصية كاندي عندما
يأتي بجمجمة عبد كان قد خدم أسرته كثيرا بل وساهم في تربية ثلاثة أجيال
منها، ثم
يقطع منها قطعة من الجمجمة ويشير إلى ثلاث نقاط ويقول إنها عند الرجل
الأبيض قد
تشير إلى القدرة على الإبداع في حين أنها في حالة السود تشير
إلى شيء واحد هو أنهم
خلقوا لكي يكونوا عبيدا!
سيتوقف الكثير من العلماء أمام هذا المشهد القوي من
الفيلم لمناقشة ما يكشف عنه من اعتماد العنصرية الأوروبية لعقود علىنظريات
من هذا
النوع في التعامل مع الآخر، الذين اتوا به مقيدا، من إفريقيا.
إن "جانجو طليقا" يظل أحد أفضل الأفلام التي تناقش
موضوع العبودية في السينما الأمريكية واكثرها أيضا أصالة في المعالجة ومتعة
في
مشاهدة ما يحتويه من خيال وقدرة على التجسيد
والتأثير.
الجزيرة الوثائقية في
07/02/2013
السينما الجزائرية تودع صاحب ''الربوة المنسية''
ضاويـة خلـيفة – الجزائر
في عز احتفالاتها المخلدة لخمسينية استقلالها تفقد الجزائر أحد
مفكريها
و أبرز سينمائييها الباحث في الثقافة الأمازيغية و المخرج السينمائي ''عبد
الرحمن
بوقرموح''، الفنان و المثقف الذي ارتبط اسمه برائعة ''الربوة المنسية''
المأخوذة عن
رواية الأديب الجزائري الكبير ''مولود معمري'' الحاملة لنفس العنوان، والتي
زادته
شهرة و أفاقا أوسع في السينما الجزائرية التي ألبسها ثوبا
جديدا فأصبحت هذه الأخيرة
تنطق لغة الأمازيغ اللغة الأم، لتصبح هذه الخطوة من الانجازات و المكاسب
الكبرى
التي حققها فقيد الجزائر بشهادة الجميع.
الكل أشاد بجهود أب السينما الأمازيغية
'كما
يسميه البعض' طيلة عقود من الزمن لأجل الارتقاء بالصناعة السينمائية و
الكثير
من رفقاءه تحدثوا عن إسهاماته الثقافية و الفكرية على وجه الخصوص معتبرين
إياه من
القامات الفنية التي يصعب بل يستحيل تعويضها أو إيجاد مثلها،
بنفس القدر والعطاء والتميز، وبالمناسبة تم استذكار انجازات هذه القامة
الفنية الفكرية المدافعة عن
الأمازيغية والتي حققت الكثير وتركت حلما ومشروعا حول ''طاووس عمروش'' -أول
روائية
جزائرية- كأمانة للسينمائيين الشباب الذين يعدون بالكثير و يعول عليهم
لتجسيد حلم
بوقرموح الذي لم يمنعه المرض من الحديث عن مشاريع و سيناريوهات جديدة منها
ما كان
يرغب في تجسيده في الذكرى الخمسين للاستقلال لتخليد مسيرة و
نضال رفقاءه في الكفاح
المسلح، لولا مشيئة الخالق التي حالت دون ذلك، لتبقى وصيته أمانة في أعناق
الخلف
الذين تلقنوا المبادئ و الأسس الصحيحة في هذا الفن الذي يكون أقوى وهو أقرب
إلى
هويته و انتماء صاحبه.
بوقرموح مجسد الأمازيغية على الشاشات الجزائرية
العائلة الفنية وفي مقدمتهم وزيرة الثقافة ''خليدة تومي'' نعت الرجل
الذي ظل فنه
يحتل أولى اهتماماته إلى أخر رمق من حياته، معزية في الوقت ذاته عائلته و
أسرته
الفنية التي -حسب بيان التعزية- تقول تفقد اليوم قيمة فنية، سينمائي من
عائلة تعي
بأهمية الفن، مفكر عرف بتمسكه بمبادئه، المجاهد الذي حوّل الفن
و الكاميرا إلى
وسيلة للدفاع عن التراث و الوطن، مذكرة في الأخير بأهم الأعمال التي رسخت
اسمه و
شخصه لدى الجزائريين و أعلنت ميلاد موجة و صحوة جديدة في مسار السينما
الجزائرية
أسسها رفقة عمالقة الفن و السينما، ومن أعماله التي ستبقى
تخلده ''كحلة و بيضاء'' 1980
الذي لقي نجاحا
جماهيريا كبيرا إلى غاية يومنا هذا، ''عصافير الصيف'' 1978،
''صراخ الصخر'' 1986 فضلا عن ''الربوة المنسية'' 1996 الحلم الذي تحقق
لصاحبه في
العشرية السوداء، الفترة التي عرفت بدمويتها و استحالة تجسيد المشاريع
الفنية
خلالها بعدها تحولت أحلام الكثير من المحبين للفن إلى كوابيس و سيل من
الدماء و
التاريخ و العالم شاهدين على ذلك، لكن و بالرغم من ذلك أنجز
هذا المشروع الذي أعطى
للسينما الجزائرية نفس جديد و توجها بالعديد من الجوائز في كثير من
المهرجانات داخل
الوطن و خارجه، أما أول فيلم أخرجه فكان ''مثل الروح'' 1965، وفضلا عن
الأفلام التي
جمعت بين الجانبين الجمالي و الفني ساهم بوقرموح -المعروف
بمواقفه الثابتة و الذي
رافق كبارا المخرجين السينمائيين و الفنانين- في وضع اللبنات الأولى و
الأساسية
لأحد أهم مؤسسات الصناعة السينمائية في جزائر ما بعد الاستقلال منها بينها
المركز
الوطني للسينما الجزائرية.
تكريم للحاضر رغم غيابه في مهرجان السينما الامازيغية
في حديثه للجزيرة الوثائقية أكد محافظ مهرجان الفيلم الأمازيغي بتيزي
وزو ''سي
الهاشمي عصاد'' أن طبعة هذا العام من المهرجان ذاته الذي سبق وأن كرم
بوقرموح ستكون
مهداة و خصيصا لفقيد السينما الجزائرية و الأمازيغية الذي رافق و لازم كل
طبعات
المهرجان كرئيس للجنة التحكيم أو كمؤطر للشباب الهاوي، حيث وضع
تجربته وخبرته التي
تفوق الثلاثين عاما تحت تصرف الشباب الراغب في تطوير السينما و الارتقاء
بها، كما
كشف عصاد عن عرض و لأول مرة الفيلم المنجز حديثا من طرف المخرج ''علي
موزاوي'' عن
الراحل و الذي يلخص محطات هامة تتناول رؤيته لواقع السينما
بالجزائر جهوده و دفاع
عن الأمازيغية، و آراءه حول العديد من القضايا و المواضيع خاصة الفنية
منها، و كذا
أفكار هذا المناضل الذي لم يكن ينتظر أي مقابل غير تزويد السينما الجزائرية
بإنتاج
وفير ذي نوعية، كما كشف ''سي الهاشمي عصاد'' أنه خلال الدورة
الجديدة التي ستنعقد
في الفترة الممتدة من 23 مارس إلى 28 من نفس الشهر ستبرمج و تعرض كل أفلامه
في إطار
بانوراما المهرجان الذي منحه كل الدعم و التشجيع و التوجيه.
في توديع الأمازيغي الثائر ... السينمائي الثابت ... و
المفكر صاحب
المبادئ
الوداع
هذا وقد شيع جثمان الراحل ''عبد الرحمن بوقرموح'' 77 عاما في جو مهيب
يعكس
مكانته في الأوساط الفنية و الشعبية يوم الثلاثاء بمقبرة ''أزغر أمقران''
ببجاية
مسقط رأسه بجانب شقيقه الممثل و المخرج المسرحي ''عبد المالك بوقرموح''
الذي كتب و
أخرج العديد من الأعمال الناجحة التي يعاد الاشتغال عليها
اليوم، و قد حضر جنازة
الفقيد العديد من الشخصيات و الوزراء إلى جانب رفاقه و أصدقاءه الفنانين
الذين كانت
تبدو عليهم علامات التأثر بفقدان زميلهم الذي يرحل في شهر ميلاده، فتسقط
ورقته من
دفاتر الحياة وعالم الأحياء، لكن التاريخ سوف لن يسقط هذا الاسم من سجله بل
سيدون ''عبد الرحمن بوقرموح'' و يقدمه على أنه
ذاك الغائب الحاضر بروائعه، فكره، أفكاره
و أعماله السينمائية التي ستبقى مرجعا للسينما الجزائرية لاسيما الناطقة
بالأمازيغية، المدافع عن لغة الأجداد التي حاول المستعمر طمسها و تقسيم
منطقة
القبائل.
نبذة عن الشخصية التي لا تختصر في سطور
عبد
الرحمن بوقرموح (25 فيفري 1936 - 03 فيفري 2013) ابن مدينة بجاية أنهى
دراسته
الثانويّة في سطيف أين عاش أحداث 8 ماي 1945، بعدما أنهى دراسته في فن
الإخراج من
المعهد العالي للدراسات السينمائيّة في باريس سنة 1960 اشتغل
في استوديوهات الإذاعة
الفرنسيّة، وعند عودته إلى الجزائر سنة 1963 أسس رفقة بعض السينمائيين
المركز
الوطني للسينما، كما تعاون بوقرموح مع كبار المخرجين ك''محمد لخضر حمينة''
في فيلمه
الحائز على السعف الذهبية ''وقائع سنين الجمر'' سنة 1975، و بمرور الأيام و
بحكم
زاده المعرفي الكبير و رغبته الملحة في تقديم دائما الأحسن
التقى بالأديب ''مولود
معمري'' صاحب 'الأفيون و العصا'' فوجد الاثنان قواسم مشتركة في إعلاء الحرف
و
الثقافة الأمازيغية و انتهى التكامل بين الرجلين لتجسيد ''الربوة المنسية''
و
تحويلها من عمل مكتوب إلى رائعة من روائع السينما الجزائرية، و
في تزاوج الأدب و
الفن تأكيد على عظمة أدباء الجزائر و قدرة سينمائييها على رفع سقف التحدي و
كسب
الرهانات الحقيقة في أشد و أصعب الأوقات.
الجزيرة الوثائقية في
07/02/2013 |