حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

"برلين" أكثر حفاوة بالسينما الفرنسية من "كان"

محمد رضا

 

تعد الدورة الثالثة والستون لمهرجان برلين السينمائي الدولي، التي ستنطلق في السابع من الشهر الحالي، بأن تكون إحدى أهم الدورات قاطبة، ليس فقط لأن مديره الدائم دييتر كوزليك استطاع الحصول على مجموعة من أكثر الأفلام أهلاً للمنافسة على جوائز المهرجان الكبيرة، بل استفاد أساساً من حاجة مُلحّة لدى سينمائيين عديدين إلى الانعطاف صوب مهرجان يضع الأفلام فوق البهرجة والقيمة الفنيّة والأعمال التي تستحق الاكتشاف لذاتها، فوق الرغبة في الاستعراض وتسجيل الحضور الإعلامي.

طبعاً البهرجة الإعلامية، بكل روافدها، تبقى مهمّة وحاضرة في “برلين”، كما حالها في أي مهرجان دولي آخر، لكن المهرجان الألماني رأى منذ سنوات بعيدة ولا يزال، أن الطريقة الأنجح في الاستئثار باهتمام الوسط السينمائي تكمن في الأفلام ذاتها وليس في نجومها أو تركيباتها الإنتاجية .

في هذا الصدد، وبينما يصر مهرجان برلين على ذكر اسم البلد المنتج (مقابل تغييبه في المهرجانين الرئيسيين المنافسين “فينيسيا” و”كان”)، يصر أيضاً على أن يتولّى الفيلم تقديم ذاته وإثبات حضوره بصرف النظر عما إذا كان ممثلوه نجوماً معروفين أم لا .

ليس هذا فقط، ففي حين أن المهرجان الإيطالي قلل هذه السنة من عدد الأفلام التي استقبلها، وحافظ المهرجان الفرنسي على العدد ذاته تقريباً، رفع “برلين” السقف مرّة أخرى، إذ يعرض في أقسامه السبعة عشر أكثر من 380 فيلماً .

المفارقة الأهم أساسية، فالمهرجان الألماني بانفتاحه على كل التجارب بصرف النظر عن الشركات المنتجة، لكن مهرجان “كان” الفرنسي يتقصّد عاماً بعد عام أن يخدم الأفلام التي أنتجتها أو شاركت بإنتاجها شركات فرنسية، أو تلك التي اشترت حقوقها شركات فرنسية .

وإذا ما لاحظنا سنجد أن أكثر من ثمانين في المئة من الأفلام التي تعرضها مسابقة مهرجان “كان” والأقسام الرسمية الأخرى اشترتها بالفعل شركات فرنسية ما يجعل المهرجان الفرنسي الكبير يبدو كما لو أنه فائدة إضافية لتلك الشركات المحلية . علاوة على ذلك، بات واضحاً للعديد من السينمائيين أن بيع الفيلم مسبقاً لشركة فرنسية، أو قيام مشاركتها في تمويله، يساعد على دخوله المسابقة أكثر مما لو بقي الفيلم بلا توزيع إو تمويل فرنسي . هذه النقطة كانت أثيرت إعلامياً قبل سبع سنوات عندما نشرت مجلة “فاراياتي” الأمريكية تحقيقاً حولها، لكن شيئاً لم يتغير .

على الرغم من المنافسة الواضحة بين “برلين” و”كان”، فإن الأول هذه السنة يحتفي بالسينما الفرنسية كما لا تحتفي بنفسها في عقر دارها، فهي موجودة بوضوح على شاشة المهرجان الألماني على نحو لافت ومنتشرة في معظم تلك الأقسام الرئيسة منها والجانبية بعدد يصل إلى نحو خمسين فيلماً . والمسابقة ذاتها تحتوي على ثلاثة أفلام فرنسية جديدة تتوجها ثلاثة أسماء لامعة في سماء تلك السينما هي جولييت بينوش وكاثرين دينوف وإيزابل هوبير . كل منهن تقود فيلماً درامياً صعباً تعرضه في المهرجان الألماني . جنباً لجنب هناك أسماء لم تنل بعد حظّها الكامل من الشهرة مثل فرانسوا ليبرون ومارتينا جاديك وبولين إيتيان . واللافت أن مخرجي هذه الأفلام، كما سنرى، لم يسبق لهم أن اشتركوا في أي من دورات “كان” الرسمية من قبل .

أحد هذه الأفلام هو للمخرج برونو دومون، الذي سبق له أن اشترك ثلاث مرّات في مهرجان “كان”، بدءاً من العام 1997 بفيلم “حياة المسيح” الذي خرج بجائزة الكاميرا الذهبية، ومرّة في مهرجان “فينيسيا” وهذه المرّة ستكون الأولى له في مهرجان “برلين” . والفيلم الذي يدخل

به المسابقة هنا هو السابع له وعنوانه “كاميل كلوديل 1915” الذي تقوم جولييت بينوش ببطولته . وفي عداد منتجي هذه الدراما

المنقولة عن الواقع المخرج الجزائري الأصل رشيد بوشارب .

الفيلم الفرنسي الثاني في المسابقة هو “في طريقي” الذي تقود بطولته كاثرين دينوف التي مازالت اسماً مقروناً بالأعمال الناضجة فنيّاً بعد كل هذه السنين في العمل السينمائي . هذا الفيلم هو الرابع للمخرجة إيمانويل بركو . كما يوحي ملخّص الفيلم هو عن امرأة تهرب من علاقاتها العاطفية ومن أزمتها المادية ومشكلاتها العائلية بركوب السيارة والقيام بمغامرة مفتوحة على احتمالات كثيرة .

الفيلم الثالث في هذا النطاق هو “الراهبة” مع إيزابل هوبيرو وفرنسواز ليبرون ولويس بورجوان وبولين إيتيان . إنه عن عقاب شديد يحل على راهبة شابّة يكتشف الدير الذي تعيش فيه أنها ابنة علاقة غير شرعية، فيُحكم عليها بإقامة جبرية داخل غرفة قصيرة أشبه بالسجن . هذا الفيلم هو الأول لجيليام نيكلوكس .

وهناك فيلم رابع تعرضه المسابقة لكنه ليس فرنسياً صرفاً، بل جاء تمويله من عدّة أطراف كألمانيا وإنجلترا وجنوب إفريقيا . ليلى امرأة تعيش وابنها في مدينة جوهانسبيرغ تجد عملاً في شركة متخصصة في تقنيات الأمن . في اليوم الأول من عملها وقبل أن تصل إلى مكاتب الشركة تتعرض لحادثة ستجعلها تقرر أن عليها وضع خط واضح بين مبادئها السياسية وعملها المنتظر بعدما أدركت خطورته على الأفراد . هذا الفيلم من إخراج بيا ماراس التي عاشت في فرنسا وفي ألمانيا وهو فيلمها الثالث .

خارج المسابقة، وكمثال على اشتراكات فرنسية أخرى، نجد فيلما من إخراج التونسي مهدي بن عطية في قسم “فورام”، وهذا القسم كان مسؤولاً دائماً عن تقديم نخبة من المخرجين الجدد كحال هذا المخرج . الفيلم الذي يوفّره هذا القسم بعنوان “أنا لست ميّتاً” وهو من بطولة مهدي دهبي وإيمانويل سالنجر .

أسماء في تاريخ الفن السابع

روبرت فرنسيس

مات جيمس دين في الثلاثين من سبتمبر/أيلول سنة 1955 بعد ثلاثة أفلام رئيسة عن أربع وعشرين سنة . ومات روبرت فرنسيس في الواحد والثلاثين من فبراير/شباط في العام نفسه، 1955 بعد أربعة أفلام فقط . وفي حين أن العالم يعرف جيمس دين الذي صنعت أفلام عنه، فإن أحداً لم يحفل بحياة أو موت أو مهنة روبرت فرنسيس .

هذا الممثل الجيّد الذي كان “اتجهوا غرباً” فيلمه الأول، كان يحب الطيران . وإذا ما كان جيمس دين مات في حادثة سيّارة، فإن فرنسيس مات في حادثة طيران، إذ أصيبت الطائرة الصغيرة التي كان يقودها بعطل طاريء فهوت به من عل وهو في الرابعة والعشرين من عمره أيضاً .

شاشة الناقد

عصابة قانونية

*** Gangster Squad

فرقة العصابة

إخراج: روبين فلايشر - تمثيل: شون بن، جوش برولين، ريان غوزلينغ

بوليسي - الولايات المتحدة 2013

“فرقة العصابة” هو الفيلم الذي كان من المقرر له أن يُفتتح في خريف العام الماضي، لكن شركة “وورنر” المنتجة قررت، وعن صواب، أن تؤجل عرضه لهذه الأيام بسبب حادثة أورورا في ولاية كولورادو التي وقعت في ذلك الحين عندما فتح شاب النار على المصطفّين لمشاهدة فيلم “صعود الفارس الداكن” .

سبب التأجيل ليس احتواء الفيلم على العنف، فالأفلام التي تحتوي على مشاهد عنيفة تهطل كمطر شتاء طويل، بل لأن في الفيلم مشهداً مبتوراً من النسخة المعروضة حالياً وفيها نرى رجالاً مسلّحين يدخلون صالة سينما ويفتحون النار على المشاهدين . لم يكن الأمر مجرد حذف مشهد، بل كان لابد من إعادة تصوير بعض المشاهد كون المشهد مرتبطاً بما سبقه وبما تلاه .

النسخة المعروضة حالياً لاتزال عنيفة وهناك مشهد لفتح رجال عصابة النار على مشاة في أحد الشوارع المكتظّة . الحكاية تتيح بعض العذر لمثل هذه المشاهد، فهي عن رئيس عصابة يهودي اسمه ميكي كوهن (يقوم بدوره شون كونيري) قرر الانفصال عن المنظمة التي كان يعمل لحسابها في شيكاغو والاستيلاء على مدينة لوس أنجلوس في كل ما يتعلق بأعمال الجريمة المنظّمة من تهريب وأعمال منافية وألعاب قمار . في الوقت ذاته، كان رئيس الشرطة في المدينة (نك نولتي) يتّخذ قراراً بإنشاء فرقة من بعض رجال الشرطة تعمل خارج الإطار الرسمي وبل خارج القانون أيضاً للتخلّص من ميكي كوهن وأعوانه .

جزء محسوب من الفيلم ينضوي على تشكيل التحري جون أومارا (جوش برولين) الفرقة مستعيناً (وعلى نحو يُثير الريبة) بآراء زوجته . ما أن يتم تشكيل الفريق (الذي يضم عدداً من الحانقين على الوضع الذي آلت إليه المدينة) حتى ينطلق الفيلم في تقديم سلسلة معارك متبادلة بين الفريقين: العصابتين القانونية والإجرامية .

كل هذا حدث في الأربعينيات من القرن الماضي . وميكي كوهن كان شخصية حقيقية وهو واحد مما عُرف ب”عصابات الجريمة المنظّمة اليهودية” والتي تحتوي على أكثر من مئة اسم من بينها الأجوان وايز، والأخوان واينبيرغ وهاري تايتلبوم وجوزف ستاشر وبنجامين بغزي سيغل . وهذا الموضوع لم تتطرّق إليه السينما كثيراً من قبل . نجد أن فرنسيس فورد كوبولا قدّم شخصية رئيس عائلة مافياوية يهودي (قام بها لي ستراسبورغ) في “العراب 2” وأن الممثل- المخرج وورن بيتي قدّم بنجامين بغزي سيغل في فيلم آخر، لكن هذا يكاد أن يكون كل شيء، علماً (وربما بسبب) أن معظم هؤلاء ارتبطوا بعلاقة مع “إسرائيل” كونهم كانوا يلجأوون إلى ذلك الكيان إذا ما اضطروا .

التمثيل هنا يسجل نقاطاً حاسمة . شون بن يعرف كيف يكيل للشخصية مصوّراً إياها في تجسيد موحش، والمخرج يعرف كيف يستخدم ممثليه لرفع مستوى سيناريو يقوم، في نهاية المطاف، على كليشيهات نجدها في أفلام عصابات أخرى .

أوراق ومشاهد

عنصرية الغرب من وجهة نظر طبيب

They Rode West

**** (1954)

حتى مطلع الخمسينات من القرن العشرين، كانت معظم أفلام الغرب الأمريكي التي تتعامل وموضوع الشعوب الأمريكية الأصلية التي سكنت القارة قبل وصول الرجل الأبيض تصوّر الوضع على أساس مخالف للحقيقة، فالأمريكيون الأصليون ليسوا أصحاب حق في نزاعهم مع الأوروبيين الغازين، بل عدوانيون يحاولون منع انتشار الحضارة الآتية مع الرجل الأبيض و”شياطين”، كما كان المدنيون الأوروبيون يسمّونهم من حين إلى آخر، معادون للدين المسيحي عوض اعتناقه . طبعاً حينما اعتنق بعض “الهنود الحمر” كما كان يُطلق عليهم الدين الوافد، وجدوا أن عنصرية الرجل الأبيض مازالت على حالها . وأن احتلال الأرض طمعاً في الثراء وتغيير معالم الغرب بما يخدم مصالح اقتصادية مختلفة استمر حتى محو العديد من القبائل وبعثرة أخرى ووضعهم، إلى اليوم، في محافظات نائية لا يمكن استغلالها لحياة عصرية أو تطويرها على أي صعيد فعلي .

منذ الخمسينات تغيّرت المعاملة بعض الشيء، ليس لأن أفلام الغرب ما عادت تعتبر الهندي عدوّاً عنصرياً، بل لارتفاع نسبة من الأفلام التي تتكلّم بلغة مختلفة وتنتقد الإنسان الأبيض وعنصريّته وضغينته وتربط الأشياء ببعضها بعضاً فإذا العداء الذي واجه به الجيش الأمريكي القبائل الأمريكية مردّه محاولة مساعدة المدنيين على احتلال المزيد من الأراضي أو نهب ثوراتها الطبيعية .

“توجّهوا غرباً”، كما يمكن ترجمة العنوان بما هو مقصود فعلاً، هو واحد من هذه الأفلام . أخرجه فل كارلسون، الذي لديه أعمال مميّزة عدّة في أنواع مختلفة (وسترن، بوليسي، أكشن) ولم يلق الشهرة ذاتها التي نالها بعض سواه . والفيلم يتحدّث عن طبيب (روبرت فرنسيس) يكتشف أن قبيلة إيراكوا تعاني انتشار الملاريا فينكب على معالجة مرضاها على الرغم من معارضة قيادة الجيش الأمريكي في تلك المنطقة، وهو الطبيب الذي تم ضمّه لمعالجة الجرحى الأمريكيين أساساً . يكتشف الطبيب أيضاً أن القبيلة لا تعاني من الملاريا فقط، بل أيضاً من عنصرية تلك القيادة ومراوغتها، إذ نقلتها من أراضيها الغنية بالصيد إلى منطقة قاحلة .

يتبنّى الفيلم موقف الطبيب بالكامل وتصوّر حكايته قصر النظر واحتكام لغة القوّة لمعاقبة القبيلة على ما لم يرتكبوه .

“توجّهوا غرباً” “ليس بشهرة” “السهم المكسور” إخراج دلمر دافز وبطولة جيمس ستيوارت، ولا “مقاتل الهنود” للمخرج أندريه د توث وبطولة كيرك دوغلاس، لكنه يقف بجدارة كأحد أفضل الأفلام التي تبنّت الحقيقة .

م .ر

merci4404@earthlink.net

الخليج الإماراتية في

03/02/2013

 

خلطة سينمائية تحصد الملايين

هانزل وجريتل: «صائدا الساحرات».. كل ما يريده المشاهد؟!

عبدالستار ناجي 

منذ اطلاقه فيلم «هانزيل وجريتل: صائدا الساحرات» يحصد الملايين، ويتربع على شباك الدخل، لأنه يعزف معادلة احترافية، تعمل على تقديم كل ما يريده المشاهد، بالذات الشريحة العمرية من (15 - 25) حيث أكبر كمية من المغامرات والسحر والخرافة والصراع وايضا الجميلات. ومنذ اللحظـة الأولى للدخول الى الفيلم يجد المشاهد نفسه وكأنه في سباق ماراثون، حيث يظل يلهث وراء الأحداث والحكايات والمغامرات التي تقود كل منها الى أخرى بايقاع عال ومتصاعد.

حالة من اللهاث، ولكن للأسف تنتهي الى اللاشيء، بعد كمية من المغامرات والمطاردات والساحرات والأجواء التي تقرن بين المغامرة والرعب والسحر وجميع الأصناف الفنية.

فيلم يجمع جميع الأصناف ماذا نريد، تجده في هذا الفيلم الرعب والإثارة والمغامرة.. وحتى الجنس.

خلطة تتطلب ميزانيات ضخمة، فقد تجاوزت الميزانية 60 مليون دولار، نصفها على الخدع والمؤثرات والتقنيات.

وقد قام بكتابة العمل واخراجه تومي يركولا، الذي عمل في جميع الحرفيات، ممثلا ومخرجا ومنتجا ومونتيرا ومن أهم أعماله «الثلج القاتل» 2009، و«اقتل بيلجو» 2007 وغيرها. ساعده في الكتابة دانتي هاربر الذي كتب وأنتج ومثل العديد من الأعمال السينمائية.

فما هي حكاية هذا الفيلم الذي يجعلنا نرحل مع الثنائي هانسيل (أو هانزل) وجريتيل في رحلتهما لتعقب وقتل السحرة في جميع أنحاء العالم مع اقتراب القمر الأسطوري (القمر الدموي) حيث جميع أشكال السحر والمغامرات والمطاردات التي ترسخ حضور الخيال الخصب الذي صيغت بهما هذه التجربة السينمائية.

لقد اختارت استديوهات بارامونت هذه الفترة الذهبية من العالم، من أجل الدفع بفيلمها الى صالات العرض، بعيداً عن ازدحام الأفلام في نهاية العام. وخلف هذا العمل يقف ثنائي من أهم المنتجين، الذين يعرفون جيدا ماذا يريد الجمهور، وهما ويل فيريل ومكاي آدم.

الفيلم ومنذ المشهد الأول يذهب بنا للاشارة الى الخرافة الأصلية، حينما يتم التخلي عن هانزل وجريتل الشابين في الغابات، والعيش في كوخ ساحرة.. وفجأة يقفز بنا الفيلم عقودا طويلة من الزمان للعثور على هانزل (يقوم بالدور جيرمي ريز) وجريتل (جيما أرثرتون).. وتتداخل الأحداث، بين العصور الوسطى وعدد من الأزمنة، وهذا ما نلمسه تارة عبر الملابس وأخرى من خلال الأسلحة. ولا شيء يقف أمام هذا الثنائي هانزل وجريتل، اللذين يدمران كل شيء، لديهما خاصية الانتصار على الأعداء.. ولكن يظل خصمهما الرئيس المرآة العاكسة الساحرة.. الماكرة.. والتي لا تتردد في زرع الشر.

في السيناريو هنالك الكثير من الأخطاء والحكايات المتداخلة، ولكن لغة المغامرة تجعلنا نتجاوز، خصوصا، حينما يتفنن المخرج النرويجي الأصل في تفجير الرؤوس.. وسحق الجثث.. عبر فيلم خيالي يعتمد أحدث التقنيات في عالم انتاج هكذا نوعية من الأفلام.

وحينما نكتب في العنوان «كل ما يريده المشاهد» فإنها تحمل الكثير من الدلالات، فحينما نتحدث عن المغامرات نذهب الى اقصى وأبعد مما تعني هذه المفردة، وهكذا الخيال الخصب، وايضا السحر.. والمفاجآت.. التي يتصاعد ايقاعها.. ليظل المشاهد يلهث من مغامرة الى أخرى.. ومن مواجهة الى أخرى، وفي كل مرة يعتقد بأنها النهاية، فإذا بنا أمام بداية جديدة، تنسينا كل ما شاهدناه من مغامرات ووجوه.

ونشير هنا الى أن الميزانية بلغت 60 مليون دولار، وايضا نشير الى أن الفيلم في الثلاثة أيام الأولى من عرضه في الاسواق الأميركية تجاوزت عوائده 22 مليون دولار، وهو يكاد يقترب من السبعين مليون بعد مرور عشرة أيام من عرضه.. وهذا يعني تجاوز حاجز الخطر وبدأ بالربح.

وقبل أن ننتهي.. يظل يحاصرني سؤال.. هل جميع الساحرات شريرات.. ألا يمكن استثمار الساحرات وسحرهن في الخير.. لذا فإن الجواب يكون على طريقة هانزل وجريتل.. وهو الحرق

anaji_kuwait@hotmail.com

النهار الكويتية في

03/02/2013

يشبه إلى حد قريب «يفلها ولويز»

فيلم «بنات ضد الأولاد» أخطر أفلام عام 2013

عبدالستار ناجي 

هنالك نوعية من الافلام، تعرف منذ اللحظة الاولى الى اين ستذهب بك، وفي فيلم «بنات ضد الاولاد» او فتيات ضد الفتيان» يؤسس الى علاقة عدائية.. ثأرية.. تدميرية.. بين الفتيان والفتيات.. او بين البنات والاولاد. وهو امر في غاية الخطورة.. فبعد ان كانت تلك العلاقة، ومنذ البشرية تكاملية، فإننا في هذا الفيلم، أمام من المقولات، اولها من يتعدى عليك اعتدي عليه.. ومن يقتلك اقتله.. وهكذا.. صيغة عدائية صريحة، وفيلم يأخذك منذ اللحظة الاولى الى هكذا مقولات عدوانية، فما ان تبدأ المهمة الثأرية، حتى تتحول المشهديات الى عنف ارعن، يستحضر كافة فنون القتل.. حيث الرجل صيد سهل أمام الغواية. الفيلم يعتمد على مجموعة من المشاكل الجسدية والنفسية التي تتعرض لها مجموعة من الفتيات في العلاقة مع الرجال، لتتحول تلك المعطيات، الى ارضية خصبة تولد الثأر، خصوصاً حينما يكون هنالك من يلتقطها ويمتلك رفض العلاقة مع الاخر، ليقوم بتصفية الحسابات.. وليجد بعدها الفتيات انفسهن متورطات في جريمة.. تلو الاخرى.. وثأر يولد اخر وعنف يفجر ثانياً.. وهكذا. شاهدت الفيلم في عرض خاص، ومنذ اللحظة للعنوان، تذكرت اولاً تلك التحفة السينمائية التي قدمت في الثمانينيات بعنوان «ثيلما ولويز» حيث تلك الرحلة التي تقودها ثيلما ولويز للثأر لكل الرجال الذين يقفون في طريقهم في فيلم مشبع بالمتعة من توقيع «ريدلي شلوت وبطولة سوزان ساراندون وجينا ديفزه في كيتل. فيلم قد تبدو مشهدياته الاولى مبررة.. ولكن العنف الذي ينزلق اليه غير مبرر، وغير منطقي، لانه يؤسس الى علاقة عدوانية، يغيب عنها التسامح. القتل بسبب او بدون سبب، كل من لديها مشكلة نفسية مع حبيب تلجأ الى تصفيته.. في عنف يجعلنا نقول باننا امام فيلم خطير.. بل لعله الاخطر لعام 2013. مجموعة من الفتيات يحاولن تحقيق العدالة بطريقتهن الخاصة، عبر العنف، ولا شيء غير العنف.

البحث عن اسباب واهية.. واحيانا لا اسباب، من اجل القتل.. والتعذيب.. عبر مشهديات لا تصدمنا بقدر ما تؤسس لشيء ما غير منطقي بطبيعة العلاقة الانسانية التي تجمع الرجل والمرأة.

فتتحول العلاقة العاطفية الفاشلة، ذريعة لتصفية الرجل.. فكيف بالاعتداء.. او عنف الرجل اتجاه المرأة، كل شيء يؤسس لمزيد من العدوان.. ولمزيد من القتلى وبطرق مبتكرة في القتل في الكراج.. في الغابة.. في السيارة.. في كل مكان وباستخدام كافة الاسلحة.

من هنا خطورة هذا العمل، الذي اخرجه استون شيك، وقام بكتابته ايضاً وهو يقرن الكتابة بالاخراج، بعد تجارب مثل اوغست «2008» وفيلمه المثير للجدل «اكس اكس/ اكس واي وهو يعتمد في جملة تجاربه على تفجير العلاقة بين الرجل والمرأة.

معه في الفيلم «داينيل بانباكر شاهدها في افلام مثل السيد بروكس «مع كيفين كوستنر و«يوم الجمعة 13-2009».

ومعها في الفيلم نيكول لاليبرتا، بدور الفتاة التي تضرب بقوة، معلنة عن رفضها للعلاقة مع الرجل، من افلامها السابقة فيلم «طبيعتي-2009»، وكابوم 2010» و«دونر وشيمكس 2010».

وهناك ايضاً ليما ايكن، اما عن الرجال فهم يمرون مرور الكرام ومنهم مايكل ستاهل دايفيد واندرو هوارد وديل بيرل وروبرت شونج.

فريق نسائي خارج من معاناة في تجاربه مع الرجال، يضرب بقوة، بل هي قوة مقرونة بالثأر والعنف والجريمة.. وكأننا امام ساحة حرب بين الفتيان والفتيات.. كما انه يذهب في ترسيخ العلاقة المثلية بين المرأة والمرأة.. ومن هنا خطورة المضامين والطروحات التي يذهب اليها هذا الفيلم، الذي ما ان تخرج منه حتى تحاول نسيانه، لانه يبرر الجريمة.. ويبرر العنف.. وحينما تبرر السينما الجريمة فإنها تشارك بها.

كما ان الفيلم يخلص الى مجموعة من الطروحات، لعل سوءها ان الفيلم يقول بان جميع الرجال اشرار.. وان المرأة يجب ان تأخذ حقها بيدها.. لحد العنف.. والقتل. وحتى لا نكون عدائيين اتجاه اي انتاج فني، ونقول باننا امام فيلم لا يصلح للمشاهدة.. فإننا نقول في الحين ذاته.. انتبهوا الى هكذا نوعية من الافلام الخطيرة.

anaji_kuwait@hotmail.com

النهار الكويتية في

04/02/2013

 

سلوفاكيا،النمسا وإيران تحصد جوائز نمر روتردام

روتردام / عدنان حسين أحمد

أعلن مهرجان روتردام السينمائي الدولي عن جوائز دورته الثانية والأربعين بالتتابع خلال أيام المهرجان التي استمرت من الثالث والعشرين من يناير الماضي ولغاية الثالث من فبراير الجاري. وكانت أولى الجوائز المعلنة يوم 28 يناير الماضي هي جوائز النمر للأفلام القصيرة التي أُسنِدت إلى ثلاثة أفلام وهي "عقل النمر" للبريطانية بياتريس جيبسون، و "عبور غير مُسند" للهولندي زاكري فورم فالت، و "يانوس" للهولندي إريك ليز هاوت. كما رشّحت لجنة التحكيم فلم "على الرغم من أنني أعرف بأن النهر جاف" للمصري عمر روبرت هاملتون لمسابقة الفلم الأوروبي وقد مُنح كل واحد من الفائزين الأربعة مبلغ قدره "3.000" يورو إضافة إلى كاميرا فيديو "كانون" بعدتها الكاملة.

تألفت لجنة تحكيم الأفلام القصيرة من ثلاث شخصيات سينمائية معروفة وهم فِل كولنز وسولانج فارغاس ويوس ريكفيلد الذين اختاروا هذه الأفلام الأربعة الفائزة من بين "23" فلماً قصيراً مرشحاً لهذه المسابقة. أما كبرى مسابقات المهرجان فهي مسابقة جوائز النمر "Hivos" التي أُسست عام 1995 وكان هدف القائمين عليها مُنصبّاً على اكتشاف المواهب الجديدة، ودعمها، وتسليط الضوء على منجزاتها السينمائية حيث تقوم لجنة التحكيم بانتقاء ثلاثة أفلام تمنح كل فائز فيها على انفراد مبلغ قدره "15.000" يورو، إضافة إلى السمعة العالمية الكبيرة التي يحصل عليها الفائزون كل عام. بلغ عدد الأفلام المتنافسة في هذه المسابقة منذ انطلاقها وحتى الآن "275" فلماً، أما عدد الأفلام المشاركة لهذا العام فقد بلغ "16" فلماً يُشتَرط أن يكون الفلم الأول أو الثاني للمتنافسين على هذه الجوائز القيّمة، أما لجنة تحكيم هذه المسابقة فقد تألفت من خمسة أشخاص وهم آي ويوي، جوزيه لويس، كيس هِن، سيرجي لوزنيتزا وفاطمة معتمد آريا الذين أسندوا جوائزهم إلى ثلاثة أفلام وهي "قاتل كلبي" للمخرجة السلوفاكية ميرا فورنَيّ الذي "يتمحور على دراسة رصينة لشاب مراهق مضطرب يعيش في بلدة سلوفاكية صغيرة. وقد أشادت لجنة التحكيم بالفلم قائلة: "إنه فلم يعرض موضوعاً قوياً جداً من الداخل". وُلدت ميرا عام 1977 في سلوفاكيا. درست في السينما في براغ والمملكة المتحدة. ومن أبرز أفلامها "ثعالب" و "أسرار صغيرة". أما الفلم الثاني فهو "الجندية جانيت" للمخرج النمساوي دانييل هوزل الذي قدّم صورة استفزازية لامرأتين تنتميان إلى طبقتين مختلفتين من الطيف الاجتماعي وقد أثنت اللجنة على "رصانة اللغة المجازية للفلم وقوته البصرية". وُلد هوزل عام 1982 بالنمسا. درس الفنون المسرحية في سالزبورغ ثم عمل في الإخراج السينمائي. وُصف فلمه الفائز بأنه توقيع شخصي مُميز أنجزه بطريقة سردية وجمالية خالية من الأخطاء. أما الفلم الثالث الذي أثار جدلاً واسعاً فهو فلم "البدين" للمخرج الإيراني محمد شيرواني الذي وصفته اللجنة بأنه "قصة آسرة ذات شخصيات فخمة رائعة". ينتقد شيرواني النظام الأبوي البطريركي في إيران، كما يتوفر الفلم على نزعة تجريبية واضحة، فالمخرج لا يسرد أحلامه وإنما يحاول أن يُريها للناس لأن أحلامه الشخصية تقول الحقيقة، اتفق العديد من النقاد بأن هذا الفلم ليس عادياً، كما أنه لا يمثل القواعد المتبعة في السينما الإيرانية، بل أن بعض النقاد المحليين على وجه التحديد الذين يكتبون في بعض مواقع الإنترنيت "الأصولية" قد وصفوا هذا الفلم بأنه "ضد إيران" متناسين تماماً نَفَسه السوريالي ولغته السينمائية البليغة.

الجائزة الثالثة هي جائزة الـ "NETPAC" وتعني "شبكة الترويج للسينما الأسيوية" وتمنح لأفضل فلم مشارك في المسابقة الرسمية، والفائز بجائزة عام 2013 هو فلم " ما لا يتحدثون عنه حينما يتحدثون عن الحب" للمخرجة الأندونيسية مولي سُوريا التي قدّمت فلماً خارقاً للعادة تروي فيه قصص الحب المبهجة للشباب المكفوفين، وقد أناطت الأدوار الرئيسة إلى شباب مكفوفين فعلاً أو ضعيفي البصر، لكنهم يتوفرون على مساحة واسعة من الخيال، وهذا ما يفسِّر القوة الخيالية للفلم التي دفعت اللجنة لمنحه هذه الجائزة المعتبرة. وقد صرّحت المخرجة مولي بأن موضوع الفلم ليس عن العمى فقط، وإنما يتحدث أيضاً عن بقية الحواس الأخرى المعروفة مثل التذوِّق والسمع والشمّ واللمس. مولي سُوريا من مواليد جاكارتا عام 1980 بأندونيسيا، وتعتبر واحدة من المخرجات الأندونيسيات الواعدات. درست الصحافة والأدب في جامعة سوينبيرن في مالبورن، كما حصلت على شهادة الماجستير في السينما والتلفزيون من جامعة كوينزلاند. تدرِّس حالياً الإخراج السينمائي في جاكارتا، نال فلمها المعروف "فيكسي" العديد من الجوائز بضمنها جائزة أفضل إخراج سينمائي في مهرجان "Jiffest" عام 2008.

أسندت اللجنة التحكيمية جائزة الـ "FIPRESCI" أو "الاتحاد الدولي لنقاد السينما" إلى فلم "الإنجيل الخامس لكاسبار هاوزر" للمخرج الإسباني ألبيرتو غراسيا. يعالج هذا الفلم قصة كاسبر هاوزر الذي نشأ في صمت مطبق، وعزلة تامة بعيداً عن الوجود البشري، لا يؤنس وحشته في ذلك الإسطبل سوى حصان خشبي، وطبيعة مهيمنة على كل شيئ، عالم يفتقر إلى اللغة البشرية. ولد ألبرتو غراسيا عام 1978 في فيرول بأسبانيا. درس الفنون الجميلة في جامعة فيغو. أنجز عدداً من الأفلام السينمائية من بينها فلم "مايكروفوغاس"، و"الإنجيل الخامس" هو فلم الروائي الأول.

مُنحت جائزة الشاشة الكبيرة هذا العام لفلم "فراشات جميلة" للمخرج الإيطالي سالفاتوري ميرو حيث يتتبع الفلم يوماً في حياة كاترينا، الشابة الساردينية ذات الأحد عشر عاماً التي تعيش في حي فقير وكئيب من أحياء العاصمة الساردينية كالياري. لديها أب مستبد وحشد من الأخوة والأخوات الذين لا يُرتجى منهم خيراً. يسلط مخرج الفلم الضوء على علاقة كاترينا بالصبي الذي يسكن في البيت المحاذي لها، كما يكشف عن علاقتها بصديقتها المفضلة لونا التي تخرج معها إلى ساحل البحر حيث تلهوان هناك وتستمتعان بفضاء الحرية المتاح.

الجائزة السادسة هي جائزة "الدائرة الهولندية للجنة تحكيم النقاد السينمائيين" التي اختارت من بين عشرة أفلام في مسابقة الشاشة الكبيرة فلم "المستقبل" لأليسيا شيسون. يتمحور فلم "المستقبل" على قصة بيانكا وشقيقها الأصغر اللذين يفقدان أبويهما وعليهما أن يشقّا طريق حياتهما إلى المستقبل. ولدت أليسيا عام 1974 في تشيلي، درست صناعة الأفلام في أكاديمية الفلم بكوبا، أخرجت العديد من الأفلام القصيرة والفيديو، وحصلت على شهادة الماجستير في الفنون الجميلة من جامعة إلينوي في شيكاغو. حاز فلمها الروائي الأول "مسرحية" على سبع عشرة جائزة دولية، أما فلمها الثاني فقد أُختير لمسابقة جوائز النمر عام 2009. من أبرز أفلامها "بطاقات بريدية"، " الحنجرة العميقة"، "أجرام سماوية" و "غرفة استراحة النساء".

أما الجائزة السابعة فتنقسم إلى قسمين، الأولى جائزة الجمهور "UPC" والتي مُنحت إلى فلم "Matterhorn" للمخرج الهولندي ديدريك إبينج وقيمتها "10.000" يورو، والثانية جائزة الجمهور "Dioraphte" التي ذهبت إلى فلم "وجدة" للمخرجة السعودية هيفاء المنصور وقيمتها عشرة آلاف يورو أيضاً. وتُمنح هذه الجائزة الأخيرة لأحد الأفلام المدعومة من قبل صندوق دعم هوبيرت بالس ومعروضة في المهرجان. وجدير ذكره أن فلم "وجدة" قد حصل على "4.706" أصوات، فيما حصل فلم "Matterhorn" على "4.686" صوتا.

ثمة ثلاث جوائز أخرى لا تقل أهمية عن الجوائز السابقة مثل جائزة السينما الفرنسية "Arte" التي مُنحت لفلم "سرطان البحر" للمخرج اليوناني يورغوس لانثيموس الذي درس السينما والإخراج التلفازي في مدرسة الفلم في ستافراكوس بأثينا، ومن أبرز أفلامه "ضرس الكلب" و "جبال الألب". أما الجائزة التاسعة فهي جائزة السينمارت وقيمتها المادية "30.000" يورو، وهي جائزة مكرسة لتنمية الإنتاج المشترك فقد حصل عليها فلم "المارد" للمخرج السويدي يوهانس نيهوم. أما جائزة الـ " موفي زون" التي تُنتقى من الأفلام الروائية من قبل لجنة تحكيم خاصة من مؤسسة "Eye". لابد من الإشارة إلى أن الجائزة المستحدثة لهذا العام هي جائزة "النظرة العالمية" التي تُكرس لدعم وتنمية الأنواع السينمائية الجديدة وقيمتها خمسة آلاف يورو.

الجزيرة الوثائقية في

04/02/2013

 

.. وانطلق مهرجان السينما الوطنية بمواجهة سياسية

أحمد بوغابة / المغرب

استمرارا لنص الأسبوع الماضي - انظر المرفق - حول فعاليات المهرجان الوطني للسينما المغربية، الذي يُقام حاليا بمدينة طنجة (شمال المغرب)، حيث قدمنا فيه تفاصيل هذه التظاهرة ومكانتها في الفضاء السينمائي الوطني، فإننا نعود إليه اليوم بعد انطلاقه في فاتح فبراير الجاري محترما برنامجه وما أشرنا إليه من حماس وتفاعل بين مختلف الفئات خاصة وأن السماء كانت في رحمة الجمهور بصفاء زرقتها نهارا كأنها امتداد لبحر المدينة الهادئ مع ريح خفيف ليلا.

وبما أن المهرجان كبُرَ وعظُمَ وأصبح له بعدا دوليا فلم يكن بالتالي افتتاحه روتينيا بقدر ما بدأ "ساخنا" فعلا بحكم أن "جهات سياسية"، محدودة أفق الرؤية، أرادت استغلال المناسبة لتخرج من عَطالَتِها حتى تثير النظر إليها، وربما تستدرج العطف على أنها الجهة التي تحمي "مبادئ الوطن وأخلاقياته". وطبعا فهي تمارس ذلك في حق البسطاء فقط ولا تتجرأ على المستويات الأعلى خوفا على مصالحها الصغيرة والضيقة حيث ينطبق عليها حينها سياسة النعامة التي تخفي رأسها بعدم المواجهة الحقيقية.

قبل يوم من إعلان افتتاح المهرجان تم تنظيم وقفة - وُصِفت على أنها "احتجاجية" - ضد فيلم مغربي بعنوان "تنغير – القدس: أصداء الملاح" للمخرج الشاب كمال هشكار بادعاء أنه فيلم يدعو للتطبيع مع إسرائيل!!! والغريب في الأمر أن "المحتجين" لم يشاهدوه حتى حين عرضته القناة الثانية المغربية وهي قناة في ملك الدولة. كثيرون منهم - الذين ناقشتهم - لا يعلمون شيئا عن الفيلم، منطلقين فقط من "مُسلَّمَةٍ" أن مجرد ذكر إسرائيل تشكل "تهمة" في حد ذاتها. ومنهم مازال يصر على حضور الوقفة "الاحتجاجية" يوم الثلاثاء 5 فبراير. وهو يوم عرض الفيلم.

وهذا الحدث دفع بعُمدة مدينة طنجة في كلمته التي ألقاها يوم الافتتاح أمام الحضور الكبير للسينمائيين والفنانين والمدعوين والإعلاميين وغيرهم بالرد المباشر والعلني على هؤلاء دون أن يختفي وراء الصيغ الدبلوماسية كما تجري العادة في مثل هذه المناسبات. وقد اعتبر الكثيرون أن كلمة العُمدة كانت قوية وشُجاعة. وهكذا بدأ المهرجان فعالياته بالمواجهة السياسية التي كان ضحيتها فيلم سينمائي حَمَّلُوه أكثر مما يحتمل من أبعاد سياسية وإيديولوجية. لكن، لعبوا دورا مهما في التعريف به لدى عامة الناس بهذه الدعاية المجانية له فأصبح الفيلم/الحدث كموضوع للنقاش السينمائي/السياسي/الفني/وحق الاختلاف والتعبير. نقاش لم يتوقف بعد ويبدو أنه سيستمر إلى غاية نهاية المهرجان خاصة وأن المخرج موجود في طنجة.

هذه المواجهة/المواجهات هي جزء من المهرجان الوطني للسينما المغربية في كل دورة بموضوع مختلف أحيانا، ويتكرر في أحيان أخرى، منذ سنة 1991 على إثر فيلم "حب في الدار البيضاء" للمخرج عبد القادر لقطع. فقد أصبح إذن تقليد تعوَّد عليه متتبعوه وهو ما لا يتوفر في مهرجانات أخرى بالمغرب. أصدرت بعض الهيئات السياسية والنقابية، عبر صحفها، بيانات تتبرأ من أعضائها وممثليها بمدينة طنجة الذين شاركوا في "الوقفة" المذكورة. مشددة على أنها ليست ضد الإبداع وتندد بمن يمارس الوصية عليه. وأن مجال الصراع السياسي له أمكنته الخاصة به.

"تنغير – القدس: أصداء الملاح" هو فيلم وثائقي ببعد سوسيولوجي وتاريخي حيث انطلق مخرجه كمال هشكار من مدينة صغيرة أمازيغية بجبال الأطلس حول سكان تلك المدينة التي ازداد بها لكن كبر وترعرع بفرنسا منذ كان عمره 6 شهور على إثر إلتحاق والدته بأبيه الذي كان عاملا مهاجرا هناك. لكن الطفل كمال كبر وأصبح شابا فتذكر أسفاره الطفولية السنوية، خلال عطلة الوالد، إلى البلد فأنجز فيلما حول سكان قريته الصغيرة المنسية ليكتشف أنه كان بها يهود مغاربة أمازغيين يعيشون بسلام مع المسلمين المغاربة الأمازغيين فسافر يبحث عنهم في إسرائيل ذَكَّرَهُم بماضيهم خاصة وأنهم يعانون من العنصرية في إسرائيل عبر عنها كثيرون منهم بوضوح ونظموا عنها أغان رددوها في نهاية الفيلم.

الدرس السينمائي في وثيقة

لم يعرف افتتاح المهرجان المواجهة السياسية فقط بل أيضا لحظات جميلة تم تكريم فيها أسماء فنية مغربية كبيرة منها من رحلت بعد انعقاد دورة السنة الماضية وكذا الأحياء الذين قدموا الكثير وما زالوا للسينما المغربية رغم ما ساد في تلك الليلة من أحزان. تم تتويج هذه الفقرة التكريمية بعرض مقتطفات من فيلم وثائقي في طور الإنجاز حول الراحلين الزوجين أحمد البوعناني ونعيمة سعودي.

وما ذكره الراحل أحمد البوعناني حول تاريخ السينما المغربية، الذي يتطلب إعادة كتابته، في غاية الأهمية فضلا عن قيمة تحاليله للسينما في حد ذاتها كإنتاج وإبداع وكذا أسلوب عمله واختياراته الجمالية وكيف يبحث فيها من مختلف الزوايا ومكونات الصورة وحيثياتها من ضمنها اختياراته للألوان أو الأبيض والأسود حيث قال بأن كل منهما يغير جذريا الرؤية السينمائية والنظر إليها في آن واحد. تلك المقتطفات كانت بمثابة درس سينمائي ناقشه فيما بعد بعض المهتمين به على هامش العرض.

يكتشف المُشاهد في تلك المقاطع المجزأة من الفيلم الغير المكتمل أن الراحل أحمد البوعناني كانت لديه مشاريع سينمائية كثيرة لم تر النور بسبب ما تعرض له من منع إبان مرحلة إدارة إدريس غنام للمركز السينمائي المغربي وكان يخرج أفلاما ويوقعها آخرين باسمهم حتى تخرج إلى الضوء. وكان يكتب شعرا ورواية ويرسم تشكيلا. كتب سيناريوهات عدة وصحح كثير منها لمخرجين مبتدئين، له كتاب حول تاريخ السينما المغربية لم يصدر بل ضاعت صفحات منه في حريق بمنزله.

عشرون دقيقة التي شاهدناها كانت بمثابة درس سينمائي مصور واضح وصريح وناطق بالحقيقة عن مرحلة خفية من تاريخ السينما المغربية وعن مفهوم السينما نفسه والتعامل معه كفن محلي أوعالمي.

غاب مخرج الفيلم علي الصافي، الذي يوجد حاليا في الولايات المتحدة الأمريكية في إطار عمله المهني، إلا أن إبنة الراحلين الفنانة تودا حضرت التكريم الذي حظي به والديها، وحضر معها خالها المناضل نور الدين سعودي الذي كانت تربطه علاقة خاصة بأخته السينمائية. هذا العرض كان أيضا بمثابة الذكرى الأربعينية على رحيل السينمائية نعيمة سعودي البوعناني الذي صادف فعاليات المهرجان الوطني.

الحصيلة السنوية... أقوى لحظة في المهرجان

تحولت في السنين الأخيرة الثلاثة إحدى فقرات المهرجان إلى أهم موعد سنوي فيه، ينتظره جميع العاملين في السينما والمهتمين بها بشوق كبير نظرا لقيمته المعنوية والمعرفية والإعلامية وحتى... السياسية إذا أردنا العمق. ولا يجتمع نفس العدد الكبير والضخم من الحضور إلا في هذه الفقرة بالضبط حتى أصبحت أهم من حفل إعلان الجوائز ذاته.

وهذه الفقرة التي أصبحت بدورها قارة في المهرجان، تتم عادة في آخر يوم منه، ساعات قليلة قبل إختتامه، وتكمن أهميتها في أن المدير العام للمركز السينمائي المغربي، الأستاذ نور الدين الصايل، هو الذي يحتل المنصة لإدارتها بالحديث فيها وعنها ومهمة الردود أيضا. فهو يعلن هنا – في هذه الفقرة – بشجاعة المسؤول عن تحمله للمسؤولية كاملة ولا يلصقها بغيره. سلوك مسؤول نادر لمسؤول في المغرب. يجلس أمام جمهور غفير مُدركا خصوصية اللحظة. غالبا ما تعرف هذه الفقرة تشويقا طيلة أسبوع المهرجان، ويتصاعد تشويقها مع اقتراب موعدها قُبيل حفل توزيع الجوائز. إنها الفقرة التي يقدم فيها الأستاذ نور الدين الصايل الحصيلة السينمائية السنوية بالمغرب حيث يتم حينها توزيع كُتَيِّب (بالعربية والفرنسية) به جميع التفاصيل، محتويا على مختلف الإنجازات في مجالات السينما (إنتاج الأفلام المغربية، الإنتاج المشترك، الأفلام الأجنبية المُصورة في المغرب، مؤسسة المركز السينمائي المغربي، القاعات السينمائية، المهرجانات في الداخل والخارج والجوائز وغيرها من التفاصيل مُعززة بالأرقام). وهي وثيقة سنوية تصلح للدراسات والبحوث الجامعية وغيرها لتأريخ السينما بالمغرب، معطيات رسمية مسؤولة.

لا يتم الاكتفاء بتوزيع تلك الوثيقة على الحضور وكفى شر المؤمنين ليعملوا بها ما شاؤوا من تأويلات، بل يصر المدير العام للمركز السينمائي المغربي على فتح النقاش حولها وتعميقه مع من يسعى لإغنائها أو نقدها أو مساءلتها في ندوة صحفية مفتوحة على الجميع (وبجعل الندوة أيضا مُتاحة للأجانب من خلال الترجمة الفورية). أعتقد أنها قمة الشفافية والديمقراطية والإيمان بالآخر لكي يساهم في دفع السينما المغربية إلى الأمام. يعمل الأستاذ نور الدين الصايل دائما، في هذه الوقفة التأملية والتقييمية السنوية، من رفع مستوى النقاش بمداخلاته القيمة والمنهجية، ورسم معالم الخريطة السينمائية في العالم وكيف ينبغي للمغرب أن يجد مكانا له فيها سواء في منطقة الشمال، التي تحتكر السينما تاريخيا، ومنطقة الجنوب التي ننتمي إليها جغرافيا ونشاركها في نمط الاقتصاد ومختلف المشاكل السينمائية التي نتقاسمها نفسها أحيانا. كما يُحوِّلُ بعض الأسئلة إلى دروس في السينما ذاتها حيث لا يرفض سؤالا مَهْمَا قد يبدو للحضور تافها أو دون معنى. أما هو فكل سؤال له مشروعيته ولا يتعامل معه بسوء النية بقدر ما يجد له مبرراته ومبررات لمن طرحه. أعرف فيه هذه المنهجية منذ سنوات حتى لا يحبط أحدا. وعادة ما يُعطي الكلمة/أو السؤال للذين يعرف هجومهم عليه في الصحافة أو في الهوامش، أو يعارضون سياسته ليناقشهم علنيا وبهدوء العارف، وكمناسبة لإزالة الغموض عندهم وتنويرهم بالوضوح الكافي. وأيضا لكي يتشجع الجميع بطرح ما يدفنه من شكوك سينمائية عَمَلًا بقولة سقراط الشهيرة: "تكلم حتى أراك"، وهو القادم من عوالم الفلسفة وعلومها. يعطي الأستاذ نور الدين الصايل لهذه الفقرة/الجلسة كل الحمولة العلمية في حقل فنون السينما فتكون سخونتها في أعلى درجة بالقاعة. يمكن الحديث عن كل شيء خلالها بدون تحفظ سواء تعلق الأمر بالسينما نفسها أو بالمشاكل النقابية أو بالتكوين والمدارس والمعاهد السينمائية القائمة والرقابة. لا وجود للممنوع في السؤال على الإطلاق فيتلهف الأغلبية للكلام.

إن مَنْ يخلف موعد هذا اللقاء يكون قد ضيَّعَ المهرجان نفسه لأن الأفلام يمكن مشاهدتها عند عرضها التجاري بالقاعات، والجوائز تتداولها الصحافة كلها في نفس اللحظة في غالب الأحيان لذا يبقى لقاء الحصيلة هو الوحيد الذي لا يمكن إعادته في مكان ما بنفس القوة والحيوية والمعرفة. إنه كنه المهرجان. ويمكن أن يكون ما ورد فيه بمثابة خريطة الطريق للعمل/للمستقبل.

"الكتاب الأبيض"؟!؟! لم يجد الكاتب..

كان من المقرر أن يتم تقديم "الكتاب الأبيض" خلال المهرجان من لدن الوزارة الوصية (وزارة الاتصال) لكن يبدو أنه مازال أبيضا ولم يجد أقلاما في المستوى لصياغته وملأ فراغ صفحاته. كثيرون ينتظروه بعد تأجيل تلو الآخر كأنه مسلسل برازيلي الذي لا ينتهي وبدون أن يكون مشوقا. فهذا "الكتاب" المزعوم مفروض فيه أن يحمل بين طياته نتائج الخلاصات لما سُمي عُنوة وبُهتانا في المغرب ب"مناظرة السينما المغربية" التي انعقدت قبل ثلاثة شهور ونصف (مر عليها 3 أشهر ونصف الشهر) والتي تُعتبر من أفشل المناظرات على الإطلاق. ليس في المغرب فقط وإنما في جميع الأقطار المتخلفة التي تعطي مهامًا لأشخاص ليسوا في مستوى المسؤولية ولا يفقهون فيها شيئا، فهم فاشلون في كل شيء فكيف سيفلحون في ما هو أصعب عليهم بكثير. كيف يمكن لشخص مجرد موظف متملق فشل في الصحافة والنقد السينمائي وجرب الإخراج دون جدوى علما أن الهواة الغير المُدَّعين ينجزون أفلاما أفضل بكثير من "أفلامه". لينتقل إلى الرواية فيُصاب بنفس المصير. كيف لهذا الشخص الموظف الذي استغل المغادرة الطوعية لكثير من أطر الوزارة التي خلقت الفراغ حتى يتمكن من الصعود بوسائل غير شريفة ليقرر في مصير السينما المغربية وهو الذي لا يعرف كيف يدير جلسة حتى؟

إنه خطأ وزارة الاتصال المغربية التي تجهل المستوى المعرفي لموظفيها وتُسَلِّمُ لهم مهاما قبل امتحانهم فيها لتجد نفسها الآن متورطة مع المجتمع السينمائي المغربي والصحافة المغربية وحتى مع المؤسسات الرسمية للدولة كالبرلمان. ولا أدري شخصيا لماذا كلفت الوزارة شخصا يُراكم الفشل في كل شيء لينظم المناظرة، هي كبيرة عليه وعلى طاقته. علما أنها تشرف على هيئة سينمائية تابعة لها ودورها القانوني هو السينما وسبق لها أن نظمت أهم مناظرة سنة 1991. سؤال عريض للسيد الوزير الذي أعرف إخلاصه.

مرت ثلاثة شهور على ما سُمي إجحافا في حق السينما المغربية "مناظرة" دون ان تنتج ما وعدت به في الأول وهو "الكتاب الأبيض" (الفارغ) ليكون أرضية عمل للجميع. ولكي تستدرك الوزارة "ورطتها" فقد أسرعت بالإعلان عن لجن العمل واحدة حول القاعات وأخرى حول المهرجانات وذلك قبل صياغة "الكتاب" الذي يبدو هو شؤم في أصله. إن فاقد الشيء لا يعطيه، ومن عوَّلت عليه الوزارة يجرها إلى الهاوية وكسر كل المكتسبات التي تحققت بنضال شاق في عالم ليس سهلا وهو عالم السينما (نذكر فقط بمعطى تاريخي المهم في عالم السينما حول الاستثناء الثقافي بين الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا لمن يريد أخذ العبرة بغرض تشطيب مكاتب الوزارة من الرداءة التي تتسللها عيوب أشخاص بعينهم وليس في المؤسسة) .

الجزيرة الوثائقية في

04/02/2013

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)