حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

نور الدين لخماري كازابلانكا يا قاتلة الفراشات

 محمد الخضيري/ الرباط

 

يواصل السينمائي المعروف عمله على الدار البيضاء. بعد «كازانيغرا»، يأخذنا في «زيرو» إلى كائنات مسحوقة بالظلم والفساد والشرخ الطبقي وهائمة على وجهها في ظلمة المدينة المعاصرة. شريط واقعي كرّس صاحبه صانعاً أساسياً لحداثة جديدة في الفن السابع المغربي

يمسح رجل جدران غرفة مظلمة بالماء والصابون. يدعك الحيطان لتصبح نظيفة. تبدو حركاته متوترة. شعره منفوش ولحيته طويلة. نحدس من حركة الكاميرا أنّ المهمة احتاجت إلى وقت طويل. بهذا المقطع، يفتتح نور الدين لخماري (1961) فيلمه Zero. شريط تصير قصته محاولة «للتطهر» من قذارات المدينة وآثامها.

منذ أفلامه القصيرة الأولى، رسّخ المخرج مكانته كأحد الأسماء الإخراجية الواعدة في المغرب. هذا كرّسه في باكورته الروائية الطويلة «كازانيغرا» (2008) الذي وضعه على قائمة المخرجين المثيرين للجدل ممن يصنعون حداثة جديدة للسينما المغربية. حداثة تتمثل أساساً في طابعها الحضري وتقديمها لمدينة مسكونة بالصراعات وبكائنات هشة تنزلق نحو الانحدار الدائم إلى القاع والهزائم اليومية.

سينما المدينة المعاصرة التي حضرت خلال العقد الأخير في أفلام متفرقة، تشكّل لدى لخماري جوهر عمله. «صفر» هو محقق شرطة هامشي ومنهزم. تسحقه آلة السلطة التي ينتمي إليها. رئيسه عميد الشرطة وزملاؤه يسحقونه ويخرجونه من الدائرة الضيقة للمستفيدين من الامتيازات والأموال القذرة.

يعدّ الفيلم الجزء الثاني من ثلاثية حول كازابلانكا بدأت بـ«كازانيغرا»، ويعكس سكان المدينة الليليين: المهمشين واللصوص وبائعات الهوى. يبني المخرج وصفته السينمائية على تقنية الـ Travelling حيث تعبر شخوص الفيلم شوارع الدار البيضاء، إلى جانب اللقطات المقربة. ينحاز الشريط إلى مشهدية تقترب من العبور. نحن في حركة دائمة داخل متاهات المدينة، فنحس التنقل فيها مع الحركة المستمرة للكاميرا. بينما تعابير الوجوه تحضر في اللقطات المقربة. إنّها وجوه تنقسم إلى صنفين: الوجوه المنهكة لمن يعيشون في القاع، والوجوه الصلفة لمن يتاجرون باللحم البشري.بينما لا تحضر الدار البيضاء إلا عبر واجهات مباني مراكزها، تلك المدينة التي صار المغاربة يسمونها «كازانيغرا» أي المدينة السوداء.

الشرخ والتفاوت الطبقي بين الشخصيات ينعكسان في كل شيء: المطاعم الراقية والحانات الرخيصة، السيارات الفارهة والطرقات المعتمة التي تتكدس فيها الأجساد الفقيرة والزبالة. البطل الملقب بـ«الزيرو» دليل على فشله، يؤديه بتميز الممثل الشاب يونس بواب الذي تعكس ملامحه الانهيار وقلة الحيلة في المشاهد التي يقدّمها. يرعى الزيرو والده المقعد (الراحل محمد مجد في آخر أدواره) الذي ما زال يحتفظ بسماته السلطوية رغم عجزه. في أحد المقاطع، يلقّبه الابن بالديكتاتور. لعلّ عجز السلطة يشكّل رسالة من رسائل لخماري المشفّرة هنا. السلطة وإن كانت تمارس سيادتها بالقهر والسادية، إلا أنّها مقعدة في العمق و«صفر» كبير. لكن كل من يحاول الحفاظ على براءته داخل آلتها ينتهي في الهامش كما حدث مع الزيرو الذي صار محرّر محاضر أو مسؤولاً عن الأرشيف بعد إحالته على التقاعد. نجد في «زيرو» رجل شرطة مدمن كحول، وعصابة تتاجر بأجساد القاصرات، ورجال شرطة فاسدين، ووشّاماً يرسم على أجساد الفتيات أنواعاً من الفراشات تنتشر في مناطق المغرب القصية، كأنّها لتلك الفراشات المغربيات اللواتي ينسحقن تحت أجساد مريضة.

يعود لخماري في «زيرو» إلى اللغة. لغة فيلمه الأول أثارت الكثير من الجدل بسبب استعماله بذاءة الشارع وعنفه وشتائمه. هنا أيضاً، يردد الأبطال الشتائم، يصير العنف مضاعفاً. لسنا فقط أمام إكراه السلطة، بل أمام إكراه مجتمعي حيث كل واحد يداري فشله الشخصي بالتهجم على الآخر. لغة الفيلم استدرجت بعض الانتقادات ضد المخرج، لكنّها لغة الشارع كما قال. هو لم يفعل شيئاً غير عكسها على شوارع فيلمه.

نفس سردي سلس

عاش نور الدين لخماري لسنوات في النروج. في «زيرو»، يظهر تأثير طبيعة البلد الاسكندنافي. الإضاءة قليلة في أغلب لحظات الفيلم، حتى المقاطع التي تحدث في وضح النهار. كما أنّ الفيلم يمتح من روح أدب هذه الأراضي. كتب لخماري قصة وسيناريو فيلميه، لكنه تجاوز بعض «الركاكة» السردية التي شابت فيلمه الأول وحافظ على نفس سردي موحد، رغم بعض المقاطع المطولة. ومع أنّ هناك ثقلاً في بعض مقاطع «زيرو»، إلا أنّ القصة سلسة. وقد برهن المخرج عن قدرته على إدارة الممثلين. نجد أسماء ممثلين مغاربة ظهروا بعيداً عن أدوارهم الباهتة في الأفلام والمسلسلات، خصوصاً عزيز دادس الذي أدى دور عميد شرطة فاسد.

أحمد حلمي «شبح» ما شافش حاجة!

محمد خير/ القاهرة 

يطلب المستشار نوح من المهندس رؤوف أن ينسى الهموم التي كانت تثقله حين كان حياً، يرد رؤوف مستنكراً: «يعني أعمل إيه؟ التفت لمستقبلي كشبح؟» تخطى فيلم أحمد حلمي «على جثتي» المليون الثاني في الأيام الثلاثة الأولى من عرضه في الصالات المصرية (انطلق يوم 16 الحالي) رغم «حرب التسريب» التي حاول المنتجان «شادوز» و«نيوسينشري» تفاديها بطرح الفيلم في مصر والسوق الخارجي معاً. تسرب الفيلم إلى يوتيوب لم يخفض نسبة إقبال الجمهور.

ما زال حلمي يحتل كعادته الإيرادات، لكن الفيلم نفسه ليس أفضل أعمال الكوميديان الناجح. يسيطر مهندس الديكور رؤوف (حلمي) على موظفيه بصرامة، وبالقدر نفسه على بيته وزوجته ضعيفة الشخصية سحر (غادة عادل) وطفلهما رفعت. في مشهد طريف، يعاقب طفله على انخفاض علاماته المدرسية ــ طبقاً لمعايير الأب ــ بأن يسحب منه نسخة ديوان البحتري، لأنّه لم يعد يستحق هذا «الترفيه». حادث سيارة يلقي بالمهندس رؤوف في حالة بين الحياة والموت، لكنه لم يعرف ذلك. وجد نفسه فجأة يسير بلا هدى في الشوارع ولا يتذكر شيئاً، لا أحد يستطيع رؤيته أو مخاطبته، إلى أن يلتقي المستشار نوح (حسن حسني) الذي يخبره بأنهما معاً متوفيان، لا يمكن لأحد أن يسمعهما أو يشعر بهما. مصادفة سريعة تساعد رؤوف في التعرف إلى شخصيته. يشاهد إعلاناً تلفزيوناً عن المعرض الذي كان يمتلكه في الحياة. ومن المعرض يذهب إلى البيت، ليكتشف أنّ مشاعر الحب التي كان يحيطها به أهله وموظفوه لم تكن سوى قناع زائف، ثم يكتشف الأهم أنّه لم يمت بعد، بل يرقد في غيبوبة عميقة.

قصة وسيناريو تامر إبراهيم في تجربته السينمائية الأولى، بدت متماسة مع الأفلام الأجنبية، خصوصاً Just Like Heaven.  

ليس الاقتباس جديداً على حلمي، لكن المخرج محمد بكير الآتي من تجربة درامية مميزة في «طرف تالت»، لم يضف لمسته الخاصة على العمل. قليلة هي المشاهد التي وصفها بالمبتكرة رغم ما تحمله الثيمة الخيالية من إمكانات كبيرة. مثلاً، لم يحاول الشبحان رؤوف ونوح لمس أي شخص حيّ، مع أنها محاولة بديهية في ذهن المشاهد. كذلك كانت المشاهد التي يتخيلها رؤوف قبل الحادث، المعبرة عن شكوكه في الأقربين، فقيرة بدت اقتباساً أشد فقراً لنظيرتها في المسلسل الأميركي Scrubs. ما ينطبق على المخرج ينسحب على عناصر الإخراج. موسيقى أمير هداية لم تحوِ جملة ميزة، لا زوايا مبتكرة في تصوير أحمد جبر، ومونتاج خشن لأحمد حافظ. لكنّ الأسوأ هو فقر الديكور (رامي دراج) رغم أنّ بطل الفيلم يعمل صاحباً ومديراً لمعرض ديكور، لكن لم يتم استغلال ذلك إلا عبر بعض «الإفيهات» الجنسية، كالموظفة التي تريد الانتقال إلى «قسم السراير». كفيلم أنتج للعرض في إجازة منتصف العام الدراسي، يبدو أنّ روح الاجازة سيطرت على صنّاعه. لا يمكن ملاحظة أي أداء خاص لطاقم التمثيل، مع أفضلية نسبية لغادة عادل. ولم يضف إلى ذلك الظهور الشرفي المفاجئ للنجمين أحمد السقا، وخالد أبو النجا.

جنود تساهال خلاصهم في الحشيش

مصطفى مصطفى/ القدس 

حتى بعد إنهاء خدمتهم في الضفة والقطاع، يواصل جنود الاحتلال عنصريتهم وادعاءهم أنهم ضحايا. في فيلم «الشقلبة: جيل المخدرات الإسرائيلي»، يذهب يوآف شامير إلى الهند، حيث يغرق هؤلاء في المخدرات والماريجوانا والكوكايين و... الانهيارات العصبية

في كل سنة، يُسرّحُ الجيش الإسرائيلي 50 ألفاً من جنوده بعد ثلاث سنوات من الخدمة الإجبارية. ثلاثون ألفاً من هؤلاء الجنود المُسرّحين يحزمون حقائبهم، وفي جيوبهم حوالي أربعة آلاف دولار مكافأة «الخدمة الوطنية» التي أدّوها، ويسافرون إلى الهند، حيث يغرق 90% منهم في تعاطي المخدرات، ويُصاب ألفان من هؤلاء باضطرابات عقلية وانهيارات نفسية بسبب إدمانهم أنواعاً ثقيلة من المخدرات. في الفيلم الوثائقي «الشَقْلَبة: جيل المخدرات الإسرائيلي» (Flipping out: Israel’s Drug Generation ـــ 60د ـــ 2008) الذي عُرض أخيراً على محطة «بي. بي. سي 4»، نرتحلُ إلى جبال الهيملايا شمالاً، ومدينة جوا الهندية جنوباً، الوجهتين الرئيسيتين لجنود الجيش الذي يُقهر، لنُعاين حالهم بعدما نسي بعضهم رقمه العسكري، بعد أشهر قليلة من تسريحهم من الجيش.

«ألم يُدمّرْك الجيش؟» يسأل المخرج الإسرائيلي يوآف شامير أحد الجنود السابقين الذين يظهر غالبيتهم في الفيلم وهم مُخدّرون مسطولون أو يدخنون الحشيش. يجيبه بلسان ثقيل: «بالعكس. الجيش يجعلك قوياً ورجلاً، وتفعل أُموراً جيّدة. يُعلّمك التضحية وأن تكون صديقاً وفيّاً». ثم يسألُ جندياً آخر «خدمَ» في الضفة الغربية عن سنواته في الجيش، فجيبه وهو مُخدّر: «كانت أجمل سنوات حياتي». وحين يسأله شامير ما إذا فعل أُموراً تُشعره بـ«العار»، يجيبه: «لم نرتكب أخطاء. اقتحمنا بيوت (الفلسطينيين) لهدف معين: للتفتيش أو الاعتقال. لا أشعر بالذنب».

وفي حوارٍ مع ضابط سابق في وحدة النخبة، يعيش في الهند منذ ستّ سنوات، يقول «إنّ الخدمة العسكرية دمّرت هوية هؤلاء الجنود وفهمهم للحياة. لذلك يتعاطون المخدرات ليتجاوزوا هذا». من خلال هذه الحوارات مع جنود «خدموا» في الضفة الغربية وقطاع غزة، ومن خلال مشاهد «فلاش باك» لاقتحامهم المدن والبيوت الفلسطينية، يُمرّر الفيلم منذ بدايته رسالة خبيثة إلى المشاهدين، وهي أنهم أمام «ضحايا»، وليس أمام قتلة تلطخت أيديهم بالدماء. إنهم «ضحايا» الحواجز العسكرية والاقتحامات، و«ضحايا» السياسة والثقافة الإسرائيليتين؛ ووفق منطق غولدا مائير هم «ضحايا العرب الذين جعلونا نقتل أطفالهم».

باستثناء هذه الرسالة الخبيثة، فإنّ ما نشاهده هو الجندي الإسرائيلي بعنصريته ذاتها الذي يرى «الهنود أطفالاً متخلفين» مع فارق بسيط أنّ هذا الجيل الجديد من الجنود المُسرّحين مهزوز وغير واثق بمصيره، وربما يُفضّل نشوة المخدرات على العقيدة الصهيونية. «لا آمل بأن أعود قريباً إلى إسرائيل، أشعر أنني ما عدت أنتمي إليها؛ إنها مشكلة أنني أحمل جواز سفر إسرائيلياً»، يجيب أحد الجنود في الفيلم على سؤال نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك إيلي يشاي، فيما تقول له مجنّدة سابقة: «هنا (في الهند) تشعر بأنك طبيعي مجدداً. لا قنابل، لا فساد. لا شيء من الضغط الذي تواجهه في إسرائيل». يشاي كان في زيارة خاصة إلى ما يسمى «بيت إسرائيل الدافئ»، وهو جمعية مموّلة من «سلطة مكافحة المخدرات» الإسرائيلية التي تنشطُ في الهند إلى جانب «بيت الشاباد»، وهو مؤسسة يهودية أرثوذكسية منتشرة حول العالم. هدف هاتين الجمعيتين هو إنقاذ هؤلاء الجنود من الحشيش وحبوب الهلوسة والماريجوانا والكوكايين. الأُولى من خلال توفير مكتبة وأفلام وتنظيم حفلات عشاء؛ والثانية من خلال دروس الإصلاح الدينية.

يعرض لنا الشريط حالتين لجنديين إسرائيليين «أصيبا بالجنون» بعد تعاطيهما المخدرات: الأول حشرَ نفسه في غرفته بعدما صار يسمع أصواتاً تريد قتله في القرية، وتوقف عن الكلام؛ وآخر مُفلس راح ينهي ويأمر عمّالاً هنود لزراعة أرضٍ لا يملكها. حالتان مقابل جنود آخرون «تنعّموا» بالمخدرات والدراجات النارية وبرك المياه الساخنة في مناطق يعتبرها أحد الهنود في الفيلم بمثابة «إسرائيل الصغرى»، حيث لافتات المطاعم والفنادق مكتوبة باللغة العبرية.

في الصالات : عصابات وأكشن

فيصل عبد الله 

يضاف «فرقة مكافحة العصابات»، جديد المخرج الأميركي روبن فلايشر، إلى أفلام الأكشن والعصابات والإثارة البوليسية. يأخذنا صاحب «أرض الزومبي» إلى عوالم الجريمة والفساد وفرض سلطة القانون «للظفر بروح» مدينة لوس أنجلوس في الأربعينيات. أحد أطراف حبكة Gangster Squad يدعى ميكي كوهين (شون بن) الذي يدخل عالم الجريمة متخذاً من لوس أنجلوس مسرحاً لنشاطاته. هذا الشاب الآتي من عالم قوامه القسوة، يجد نفسه على رأس مافيا، ويعدّ لوس أنجلوس قدره الشخصي وينسج شبكة علاقات مع أجهزة الشرطة والقضاء وتجار المخدرات وبيوت الدعارة، وسلاحه القتل وزرع الرعب في نفوس خصومه. في المقابل، ينبري رجل الشرطة جون أومارا (جوش برولين) لإنقاذ شابة غرر بها رجل يدير شبكة دعارة محسوب على ميكي. ورغم اعتراض زميله جيري ووترز (راين كوسلينغ) على المواجهة، إلا أنّ مقتل صبي يعمل دهاناً للأحذية من طريق الخطأ، يغيّر قناعة ووترز ويقربه من أومارا. ما العمل وأجهزة الشرطة مخترقة برجال ميكي وأعوانه؟ يقوم باركر (نيك نولتي)، رئيس جهاز شرطة لوس أنجلوس، بتشكيل فرقة سرية لضرب مصالح ميكي، ويضع أومارا على رأسها.

بعيداً عن الشرطة، تبدأ هذه الخلية السرية أعمالها وتحقق اختراقات باهرة وتساعد العلاقة العاطفية التي يقيمها ووترز مع عشيقة ميكي الشابة غريس فارادي (ايما ستون) في زرع أجهزة تنصت في بيت ميكي لتتبع نشاطاته. تتصاعد المواجهات، فيتابع المتفرج كمّاً من إطلاق النار، والتصفيات الدموية والسادية، حتى لتبدو مطاردات «بوني وكلايد» لآرثر بن أقرب إلى الفيلم الوثائقي البريء. وتأتي ذروة المواجهة الأخيرة على شكل هذيان ناري تحيلنا على فصول من فيلم «سكار فيس». في النهاية، دفعت كمية العنف الموظف في شريط فلايشر الشركة المنتجة (وورنر بروذرز) إلى تأخير إطلاق عروضه من تموز (يوليو) إلى 11 الجاري، إثر إطلاق النار على مشاهدي إحدى الصالات في كولورادو. Gangster Squad  لم يبتعد عن أفلام الإثارة والأكشن الفارغة، وأضاع قدرات أبطاله في مغامرات أقرب إلى أفلام الكارتون. صحيح أنّ قصته واقعية، كتبها بول ليبرمان وصاغ السيناريو ويل بيل، إلا أنّ حبكته مكررة، إضافة إلى ترسيخ الشوفينية من خلال تصوير أميركا «مدافعة» عن نفسها في وجه «الغرباء».

Gangster Squad: صالات «غراند سينما» (01/209109)، «أمبير» (1269)، «بلانيت» (01/292192)

بعد الثورة... عادل إمام «عرافاً»

أحمد جمال الدين/ القاهرة 

لم تؤثر الاضطرابات السياسية التي تشهدها مصر أخيراً في أعمال عادل إمام، الذي حدّد السبت المقبل موعداً لانطلاق تصويره مسلسله الجديد، الذي يحمل عنوان «العراف»، بينما لا تزال شركة «سينرجي» المنتجة تستكمل توقيعات الفنانين المشاركين في العمل.

هذه المرّة، لن ينتظر «الزعيم» 30 عاماً ليعود إلى الشاشة، فالممثل الكوميدي قرّر أن تكون عودته سريعة إلى الدراما، بعدما حظي مسلسله «فرقة ناجي عطا الله» في رمضان الماضي بنسبة مشاهدة مرتفعة رغم اتهامه بالسطحية.

يبدو نجم فيلم «التجربة الدنماركية» متحمساً لـ «العراف» الذي كتبه يوسف معاطي مؤلفه المفضّل في السنوات الأخيرة ويخرجه نجله رامي إمام.

لا يختلف المسلسل الجديد عن «فرقة ناجي عطا الله» أكان لناحية أجره المرتفع أم الميزانية المفتوحة من شركة «سينرجي»، إضافة إلى مشاركة عدد كبير من الفنانين.

هكذا، لن يكون إمام النجم الوحيد في المسلسل. وفقاً لآخر التسريبات، تتناول أحداث «العراف» قصة نصّاب يدخل السجن ويستغلّ الثورة ليخرج منه ويحاول الترشّح للانتخابات الرئاسية في إطار كوميدي اجتماعي. ويستعرض العمل المشكلات التي تواجه المجتمع المصري خلال تلك الفترة، وسيجري تصويره بالكامل داخل مصر، بين الأقصر، وأسوان، وبورسعيد، ومنطقة مارينا، إضافة إلى التصوير الداخلي.

في المقابل، يواصل إمام غيابه سينمائياً. ارتباطه بالمسلسل سيحتّم غيابه عن الفنّ السابع للعام الثالث. علماً أنّ آخر أعماله السينمائية كان فيلم «زهايمر» الذي طرح عام 2010. لكنّ بعض المراقبين يعزون هذا الغياب إلى خفوت نجم إمام سينمائياً مقارنة بالنجوم الشباب أمثال أحمد حلمي وأحمد مكي، إذ تراجعت إيرادات أفلامه الأخيرة أمام هؤلاء على نحو لافت.

هاني كشكوش المنتج الفني لـ «العرّاب» كشف لـ «الأخبار» عن موافقة حسين فهمي على المشاركة في بطولة «العرّاف» إلى جوار إمام، ليعودا للتعاون معاً بعد انقطاع طويل منذ مشاركتهما في فيلم «اللعب مع الكبار» في منتصف التسعينيات، فيما وقّعت مع الشركة كل من شيرين وطلعت زكريا ونهال عنبر وجميعهم تعاونوا سابقاً مع عادل إمام في أعمال متعددة.

وقد أكّد كشكوش لـ «الأخبار» أنّ العمل سينطلق تصويره السبت المقبل داخل بلاتوهات «استديو نحاس»، إذ أوشك مهندس الديكور على الانتهاء من اللمسات الداخلية، مشيراً إلى أنّ هناك العديد من الفنانين المشاركين الذين لا تزال موافقتهم مبدئية من دون توقيع عقود معهم، وسيعلن عن فريق العمل بالكامل في غضون أيام.

وأكد المنتج أنّهم حتى الآن لم يفكّروا في تأجيل التصوير، لأنّه سينطلق في البلاتوهات لا خارجياً، موضحاً أنّ هناك لقاءات تجمع فريق العمل لتحديد التفاصيل الخاصة بالتصوير، ووضع جدول زمني لضمان الانتهاء منه قبل رمضان، وخصوصاً في ظل تعدد الأماكن التي ستحتضن عمليات التصوير. واللافت أنّ الشركة بدأت منذ الآن بالتسويق للفضائيات المختلفة، وخصوصاً أنّ الميزانية المبدئية للعمل بلغت 60 مليون جنيه (حوالى 9 ملايين دولار) وسيُنفق نصفها على أجور الفنانين المشاركين في المسلسل.

الأخبار اللبنانية في

29/01/2013

 

جعفر بناهى فى إقامته الجبرية بمنزله

هذا ليس فيلما وثائقيا

صفاء الليثى

لو لم تكن تعرف شيئا عن السينما الإيرانية ولا عن شروط العمل الذى يفرضه نظام الحكم فيها، إذا كنت مشاهد محب للسينما فقط دون أن تكون لديك خلفية عما حدث لأحد نجوم الإخراج وصاحب الشهرة العالمية جعفر بناهى ، فسوت تقرأ الفيلم على أنه حكاية مخرج منع من الإخراج لمدة 20 عاما وها هو يكاد يجن فيتصل بصديق ويحضر بكاميرا احترافية معه ليمثل أمامها الفيلم الذى ينتوى عمله، يبدأ فى تصور ديكور المكان على سجادة غرفة المعيشة ويقرأ السيناريو، يحكى الفيلم من الأوراق بينما ينهج منفعلا وقد تقمصته روح الفن وفجأة يصمت يسأله الصديق لماذا توقفت فيقول: إذا كنا قادرين على سرد الفيلم فلماذا نصنع الأفلام، وقد تبين سخف ما يقوم به وأدرك المأزق الموضوع به، الكاميرا ما زالت تدور يطلب من صديقه إيقاف التصوير فيقول الصديق ليس من حقك أن تقول ستوب أنت ممنوع من الإخراج ..فيبتسم ونضحك نحن المتلقين من طرافة الموقف نضحك ضحكا حزينا وقد وصلتنا رسالة المخرج عن قسوة الحكم عليه بعدم الإخراج ليكون حكما بالموت لمن يتنفس سينما ولمن يعيش كل دقيقة من وقته مشاهدا أو كاتب أو محققا للأفلام

بإعداد مسبق شديد الإحكام يحكى بناهى كل التفاصيل مع بداية تناوله طعام الإفطار بمكالمة تليفونية من محاميته ندرك أنها تنوى الاستئناف على الحكم، ثم مكالمة للصديق طالبا منه الحضور بكاميرا دون أن يخبر أحدا ويصوره فى المشهد الذى ذكر سابقا. يستخدم بناهى عناصر المكان الواقعية موظفا إياها دراميا لدرجة عالية من الإبداع ، الضب الذى يربيه ابنه فى البيت، الونش العملاق يتحرك ككائن خرافى فى الساحة المجاوره لشرفته، الجيران وعامل النظافة الذى يأتى لرفع القمامة.

لا يترك بناهى المشاهد فى حالة غامضة، يجيب على كل تساؤلاته من نوع من الذى يصوره وهو فى الشقة وحيدا؟ وأين باقى أفراد الأسرة؟ مستخدما التليفون على السماعة فنسمع الزوجة تخبره عن ذهابها والابن إلى والدة بناهى والتعييد عليها ، توصيه بإطعام الضب بعد غسل الأوراق جيدا، الابن يطلب منه ألا ينسى أن يشحن بطارية الكاميرا، الأخبار من التلفزيون تعلق على مناقشة مدى شرعية الاحتفال بيوم الألعاب النارية، ومواقع الشبكة الاجتماعية القليلة المتاحة تطلق تحذيراتها التى يقرأها بناهى لصديقه المخرج الوثائقى الذى حضر مع الكاميرا بينما الضب يتحرك فى المكان وصوت البناء المجاور وطلقات الألعاب النارية يكونان شريطا من الصورة والصوت راسمة الجو العام لإيران 2011 تحت حكم أحمدى نجاد الذى يبطش بمعارضيه ومنهم موسوى الذى يناصره جعفر بناهى وكثير من مثقفى ومبدعى وشباب إيران المتطلعين لحياة حرة ضد قيود النظام.جزء هام بالفيلم يشرح فيه بناهى طريقة عمله ويركز على أن الممثل غير المحترف يضيف أداء غير متوقع يتجاوز تصور المخرج المسبقة وتوجيهاته، يشرح لنا عمليا ويوقف اللقطة على جهازه، ويضيف لقطة أخرى من فيلم آخر وهو بالمثلين يؤكد كيف تتطور عملية إنجاز الفيلم لتكتسب قيما جديدة من كل عناصر العمل من موقع التصوير وعفوية أداء خاصة الممثلين غير الاحترافيين.

وتأتى نهاية الفيلم بظهور الشاب الذى يحمل القمامة بدلا من أخيه حارس العقار الذى اصطحب زوجته لتلد طفلها فى أصفهان، يتردد اسم أصفهان مرتين فى الفيلم مرة عند ذكر زيارة والدة بناهى فى أصفهان، ومرة من الحارس، هل هى أقل وحشة من العاصمة طهران؟ يبدو بناهى منحازا إليها أكثر. فى مشهد طريف يكون صديق بناهى المخرج قد ترك له الكاميرا  ومضى،  فيحملها بناهى ويصحب الشاب جامع  القمامة فى المصعد متوقفين عند كل دور من الأدوار حتى يصلان إلى الساحة، الشاب يحذره لا تجعل أحدا يراك وأنت تحمل الكاميرا سيد بناهى. بوابة ضخمة خلفها نيران ناجمة عن الألعاب النارية وكأن هناك حربا للشوارع فى طهران. وتنزل العناوين شكر ل.. مجموعة من النقاط، مساهمة لمجموعة من النقاط ثم إهداء الفيلم للسينمائيين الإيرانيين

هذا ليس فيلما فيلم بديع، نحتار فى تصنيفه بين الوثائقى والروائى، والأهم أنه تعبير عن حالة مخرج مبدع فى بلد يقمع الإبداع والبشر إذا خالفوا النظام. فيلم قام فيه المخرج بدور الممثل وكاتب السيناريو والمخرج. فلا أحد يمكنه أن يمنع طيرا من الطيران ولا مخرجا من الإخراج. ولا السينما الإيرانية الخاصة من الوصول لمحبيها فى كل أنحاء العالم، فبعد وصول الفيلم لمهرجان كان عام 2011 ،  عرضنا " هذا ليس فيلما"  فى إطار نشاط نقاد مصر تكريما له واستمتاعا بفنه الذى فشل الاستبداد فى منعه من التعبير والتواصل مع كل الأحرار فى العالم. وسوف نتابع وصول فيلمه الأخير " باردى" (الستارة المغلقة) إلى مهرجان برلين فى فبراير القادم، والذى شارك بناهى فى إخراجه كامبوزيا بارتوفى، سيصل الفيلم  هناك بدون المخرج أيضا، ولكن بناهى مستمر فى مقاومة الحكم بمنعه من الإخراج مدعوما بكبار مخرجى العالم ومدعوما من منظمى المهرجانات الكبرى فى العالم، ومدعوما من عشاق السينما المختلفة فى كل أنحاء العالم مؤكدين جميعا أن الفن أقوى دائما من كل استبداد .

اللعبة السادية للنقاد، ونزق الوعيّ السينيفيليّ

صلاح سرميني ـ باريس

 "جرت العادة في الصحافة السينمائية أن يسأل المهتمون بالسينما بعضهم بعضاً عن أفلامهم المُفضلة، لعبة سادية تقتضي إقصاء عدد هائل من الأفلام رآها المرء على مدار عام كامل، لمصلحة لائحة صغيرة من العناوين ستصمد في العقل والوجدان أكثر من سواها...".

هكذا بدأ "هوفيك حبشيان" تحقيقه المُمتع عن حصاد السينما في عام 2012 (صحيفة النهار ـ 10 يناير 2013) مُتورّطاً، ومُورّطاً مجموعةً من النقاد العرب في هذه اللعبة التي يعترف بأنها "سادية".

هو ناقدٌ سينمائيّ لبنانيّ، عاشقٌ نهمٌ للسينما، متعدد الثقافات، واللغات، متحررٌ من كلّ التابوهات لا يحبّ أن نتحدث عن أصوله الأرمنية (ولن نتحدث)، ويُفضل بأن يعيش كونيّ الانتماء.

يُقيم في أروقة المهرجانات أكثر من بيته البيروتيّ، ومابين واحد، وآخر يقضي محطاته في المدن الأوروبية يكتشف صالاتها، ودكاكينها السينمائية.

قبل أن أعرفه، كنت أعتقد بأنه امرأة مئوية العمر، ولكنني فُوجئت يوماً أبيض، وأسود بأنه ثلاثينيّ، وبعض السنوات، لا يعبأ كثيراً بمظهره، يحشر في ساقيه بنطلون جينز مقطوع، ويتباهى بقبعةٍ رخيصة الثمن يحاول البعض سرقتها، وفي أحسن الأحوال استعارتها.

علاقاته الاحترافية، والإنسانية جيدة مع الجميع ناقص "صفر"، تتخطى ثقافته السينمائية حدود النسبة المُعتادة في المشهد النقديّ العربي، يلتهم كلّ ما يتسنى له من الأفلام، وأعتقد بأنه لا يُفضل نوعاً على آخر، ولكننا تدربنا على قسوته "حبتيّن" مع السينما العربية، المصرية منها خاصة، التي جلبت له بعض حساسياتٍ شوفينية يضعها خلفه، فهو مشاهدٌ محترفٌ يتعامل مع الأفلام بغضّ النظر عن جغرافيتها، رُبما لا يتوجه هوسه السينمائيّ نحو نوعية معينة (السينما التجريبية)، أو جغرافيا محددة (السينمات الهندية الجماهيرية)، وهذه ليست نقيصة، أو عيباً خطيراً، ولكنه لا يعتبر نفسه أمير زمانه، هو واحدٌ من النقاد العرب الأكثر قابلية للحوار، المُناقشة، والجدل.

وبطرافةٍ شبيهة بوخزاته "الفيس بوكية"، إذا تصوّرنا استفتاءً عربياً من أجل تنصيب الناقد الأنشط، أتوقع ـ مع القليل من احتمالات الخطأ، والبهارات ـ بأن تكون النتيجة لصالحه مناصفةً مع آخرين ليس من اللائق ذكر أسمائهم كي لا نحصد معاً غضب الذين يحلمون بهذه المرتبة، ويخططون لاغتياله... كتابةً.

هذا النوع من التحقيقات الذي أجراه بجهدٍ يستحق الثناء هو عادةٌ سنويةُ "علنية" تلجأ إليها الكثير من الصحف، والمجلات المُتخصصة في العالم (باستثناء البلاد العربية، لأنها شبه غائبة، والمقالات التي تظهر في صحافتها خبرية أكثر منها تحقيقات، وإحصائيات جادة).

ومع ذلك، يمكن اعتبار المُبادرة التي أقدم عليها بأنها الأكثر إثارة للانتباه من عموم المقالات الأخرى التي تعكس وجهة نظر "سادية"، ..."ذاتية".

وهنا، تطمح هذه القراءة إلى تسجيل ملاحظاتٍ رُبما تتحول إلى موضوع للمناقشة، والتفكير بجدية الفكرة نفسها، مع قناعتي بأنها لن تؤدي إلى أيّ نقاش، ورُبما تحصد بعض الاستياء، والاستهجان، وهو مناخٌ عامّ بدأنا نتأقلم معه، ونتعايش

وانطلاقاً من معرفتي بالمشهد النقديّ العربيّ، أجد هذا الاستفتاء، أو غيره، لا يعكس نوعية الحصاد السينمائي السنويّ العالمي، حيث، وببساطةٍ شديدة، عندما يُرشح أحدنا أفضل أفلام عام 2012، فهو في الحقيقة يشير إلى الأفضل من عموم مشاهداته، وهي عادةً تلك التي شاهدها الناقد قبل فترة وجيزة، وما يزال يتذكرها، ورُبما لم يشاهد من السينما العالمية إلاّ دزينة، وهنا يمكن طرح الأُحجية التالية :

ـ من هو الناقد العربي ـ على سبيل المثال ـ الذي شاهد عموم الأفلام الفرنسية المُنتجة في عام 2012 ؟ 

سوف تكون الإجابة ـ بدون أخطاء مُحتملة ـ، لا أحد (ولا حتى كاتب هذه السطور)، ولكنني، في المقابل، أعرف بأنّ الكثير من النقاد الفرنسيين يشاهدون كلّ الأفلام التي عُرضت في الصالات التجارية الفرنسية، وفي حالة استفتاء، أو حصاد، تأتي نتائج قراءاتهم السنوية أكثر جدية، ومصداقية، من يدري، رُبما هناك فيلمٌ ـ من أيّ جنسية كانت ـ تحفة لم ينتبه إليها أحدٌ من النقاد العرب الذين يشاهدون عادةُ ما يُتاح لهم من الأفلام التي وصلت إلى صالات بلادهم، أو في بعض المهرجانات السينمائية، وخاصة الكبرى المُفضلة لديهم.

عندما يُبادر ناقد سينمائيّ عربيّ إلى الكتابة عن أفضل الأفلام العربية، فإنه من المُفترض، ويتحتم عليه، بأن يشاهدها كلها، أو معظمها (كيف ؟، هذه مشكلته)، إذاً، هو يقترح أفضل فيلم من "بعض" الأفلام التي تسنى له مشاهدتها، ورُبما لا تتعدى العشرات.

وإذا افترضنا استفتاءً عن السينما العربية، سوف نكتشف بأنّ النقاد العرب لم يشاهدوا أكثر من 10 بالمائة من عموم الإنتاج العربي خلال عام، هذا الأمر الواقع ليس ذنباً يحملونه على أكتافهم، لأنّ هذا الإنتاج لن يُعرض في أيّ بلد عربيّ، بينما في فرنسا، يمتلك المواطن العاديّ، والناقد المُحترف فرصة مشاهدة عموم إنتاج بلاده (إذا رغب، وامتلك الوقت، والعزيمة). 

وإذا اعتقدنا بأنّ إنجاز هذا النوع من الاستفتاء هو من مهام جمعية احترافية، أو إتحاد، من المفيد التذكير بأنّ كلّ المبادرات العربية التي حاولت إنشاء مثل هذه التجمعات فشلت، وآخرها "الإتحاد الدولي لنقاد السينما العرب"، وأول من أفشلها هم النقاد أنفسهم، وقد وصل الطيش عند البعض منهم إلى طرح السؤال التالي

ـ لماذا يُبادر نقادٌ مهاجرون إلى إنشاء إتحاد ؟ ...نحن نقاد الداخل الأجدر بالتأسيس، ...

حسناً، تركناهم يؤسّسوا "إتحادهم" الذي كان في بداية الإعلان عنه يختلف في آلياته، وأهدافه، ويوماً بعد يوم، وجدنا بأنه أصبح نسخة طبق الأصل عن مبادرتنا.

وكالمُعتاد، لم يحدث أيّ شيءٍ، وبدورنا، نحن، الذين نعيش خارج جغرافية بلادنا، ابتعدنا عن ذاك الهزل، واكتفينا وقتذاك ببعض وجع الرأس، وعدنا إلى مواقعنا سالمين، حيث كلّ واحد منا منخرطٌ في نقابة وطنية، أو إتحاد عالميّ، ولدينا ما يزيد عن حاجتنا من الأفلام، المهرجانات، والثقافة السينمائية.

يقترب هذا النوع من الاستفتاء من فكرة الجوائز التي تمنحها المهرجانات العربية تحت عنوان:

ـ جائزة أفضل مخرج عربي.

ـ جائزة أفضل فيلم عربي.

ولكن، من الطريف بأنّ هذه الجوائز تختلف من مهرجانٍ إلى آخر، إذاً، أيّ فيلم هو الأفضل من عموم الإنتاج العربي؟

بينما، المُفترض أيضاً (ويتحتمّ علينا) بأن نتحلى بالتواضع السينمائي، ونفهم بأنّ هذه الجوائز تخصّ مهرجاناً محدداً.

هي جائزة أفضل فيلم عربيّ في مسابقة المهرجان، وهذا لا يعني بأنه أفضل الأفلام العربية المُنتجة في تلك السنة.

هذا التمويه يطال الكتابات السينمائية التي يشوبها نوعٌ من التعالي، الغرور، والنرجسية التي تستخدم الحديث عن الفيلم، وتحشو في طياته مديح الذات النقدية، كأن يستهلّ أحدنا مقالته بالجملة التالية

ـ من أفضل/أجمل الأفلام المعروضة حالياً في ..

ـ من أفضل/أجمل الأفلام التي شاهدتها....  

طيب، حسناً، طالما أنه الفيلم الأفضل/الأجمل، سوف نكتفي بهذه الجملة، ونتوقف عن القراءة.

هذا الناقد، مقالةً بعد أخرى، سوف يفقد مصداقيته، ويتحول إلى آلة كتابة عن الأفلام، فهو أولاً لم يشاهد كلّ الأفلام المعروضة في المكان الذي يعيش فيه، وثانياً، لأنه لخصّ رأيه في الجملة الأولى، وأفقدنا متعة القراءة، والاكتشاف.

يعكس هذا المنهج التبسيطيّ بعض الأساليب الكتابية التي تُميز ناقداً عن آخر.

بالنسبة لي، الناقد الأفضل هو الذي لا يرتكز على حدوتة الفيلم، ويلفّ، ويدور حولها، ولا يأخذ سرد الحكاية في مقالته أكثر من بعض السطور، و"هوفيك حبشيان" يتجاوز بمهارة هذه المسالك المُهلكة.

هناك نشرةٌ سينمائية فرنسية اسمها "بطاقات السينما"، يساهم في تحريرها مجموعة من النقاد المُتطوعين أعرف جيداً بأنهم يمنحون تقييماتهم الآنية، والسنوية بناءً على مشاهدة كلّ الأفلام التي تُعرض في الصالات التجارية، بينما لن نجد ناقداً عربياً واحداً يشاهد كلّ الأفلام العربية، ومع ذلك، عندما يأتي موعد الاختبارات السنوية، يُدلي برأيه انطلاقاً من دزينةٍ شاهدها خلال 2012 .

الفرق بيننا، وبينهم، بأنّ نقاد "بطاقات السينما" على سبيل المثال، أو أيّ مجلة فرنسية أخرى، يرشحون أفضل الأفلام التي عُرضت في فرنسا، وليس أفضل أفلام عام 2012 بالمُطلق، وهي خطوة أكثر جدية، ولكن، يجب الاعتراف بأنّ مشاهدة الأفلام متاحة لهم حتى قبل عرضها في الصالات التجارية

وكما أشرتُ أعلاه، هذه القراءة ليست أكثر من تساؤلات، وهي لا تعني إطلاقاً بأنّ أحداً ما على خطأ، حيث أنه، وبشكلٍ عام، توجيه الجمهور نحو السينما هو بحدّ ذاته إيجابيّ.

ومن جهةٍ أخرى، أو نفس الجهة، ليس من الضروري أن يكون هناك مؤسّسات استفتاء سينمائية (ولن تُوجد) كي تكون نتائج الحصاد دقيقة، ولكن، الأكثر بساطة، أن يحظى الناقد العربي على كمّ كبير من المُشاهدة كي تمتلك ترشيحاته المصداقية التي تستحقها، لأنّ هذا النوع من الاستفتاء يختطف انتباه القارئ/المتفرج، ويجعله يسير في اتجاه الذوق العام السائد، والحصيلة النهائية سوف توّجهه نحو أفلام بعينها، ورُبما تُبعده عن أخرى تستحق المُشاهدة.

وما يحدث في أوروبا/النموذج لا يأتي عن طريق مؤسّسات، ولكن مبادرات من مجلات متخصصة، ونقاد يتابعون كلّ صغيرة، وكبيرة في بلادهم، وهي في محصلتها تعكس المزاج العام (كما يقول الناقد السوري "إبراهيم حاج عبدي"). 

واحدةٌ من البديهيات، بأنّ البلدان العربية لا تُوفر السينما لمواطنيها، فكيف توفرها لنقادها، ويصبح الحصول على الثقافة السينمائية مبادرة من كلّ واحد منهم حسب الموقع الجغرافي الذي يعيش فيه، ومصادره الخاصة، وهي عادة أفلاماً مقرصنة، وما هو متاحٌ في المهرجانات، وكلّ واحد وُفق قدراته، ونشاطه، وكلما زادت مشاهداته أصبح أكثر حرفة، ومهارة، وهو حال "هوفيك حبشيان".

هامش : عنوان هذه القراءة مُستوحى من الكلمات التي يستخدمها "هوفيك حبشيان" في كتاباته.

•  تعليق من "هوفيك حبشيان" : 

ـ قرأتُ ما كتبته، شكراً جزيلاً، جميل،... أنت حرّ أن تكتب ما تشاء، مع أنني أفضلّ بأن لا تذكر بأنني من أصلٍ أرمنيّ، أكره هذا الشيء، ولكن لا أسمح لنفسي بأن أتدخل في ما كتبته.

ورداً على الفقرة الأولى من تعليقك حول ما إذا كان ممكناً لناقدٍ أن يشاهد القليل، ويعطي رأيه:

أنتَ محقّ في ما تقوله، ولكن، هذا شيء لا يمكن تفاديه، وفي كلّ المجلات التي تقوم بهذا النوع من التقويم في نهاية عام، يكون التقويم بناءً على ما شاهده الناقد، وكلما كانت مشاهداته أكثر كلما جاء خياره أكثر دقة، وقيمة، ولكن المشكلة مع نقاد منطقتنا هي أنهم يعيشون في بلدانٍ لا يُعرض فيها الكثير من الأفلام غير الأميركية ولا يُتاح لجميعهم المشاركة في المهرجانات، لكن، في المقابل، أرى أنهم يستعينون بالأفلام المقرصنة، الخ... 

في النهاية، الفرق في ما تقوله هو كالفرق بين أيّ شيء، وآخر.

الجزيرة الوثائقية في

29/01/2013

 

عرض "خمس كاميرات مكسورة" المرشح للأوسكار في رام الله

عماد برناط  

اختار المصور الفلسطيني عماد برناط ان يعرض فيلمه الوثائقي الطويل "خمس كاميرات مكسورة" المرشح لجائزة اوسكار للأفلام الوثائقية امام الجمهور الفلسطيني.

وقال برناط لرويترز بعد عرض فيلمه الذي يشاركه في انتاجه ناشط السلام الاسرائيلي جاي ديفيدي مساء أمس الاثنين على خشبة مسرح قصر رام الله الثقافي "لدي امل كبير ان افوز بجائزة الاوسكار بعد كل تلك الجوائز التي حصلت عليها بعد سنة ونصف من عرض الفيلم في العديد من المهرجانات الدولية."

ويقدم الفيلم على مدار ساعة ونصف الساعة حصيلة سبع سنوات من التصوير لنضال سكان قرية بلعين شمال غرب مدينة رام الله ضد الجدار الذي اقامته اسرائيل على اراضيهم من خلال قصة المصور الشخصية.

وقال برناط "هذا الفيلم يمثل وجهة نظري الخاصة وشهادتي على احداث قريتي في نضالها ضد الجدار. عائلتي حاضرة في الفيلم لانها تمثل حياة الفلسطينيين واطفال ولدوا وكبروا على اصوات الرصاص ومداهمة جيش الاحتلال لمنازلهم."

ويوثق الفيلم الصراع الدائر بين الفلسطينيين والمستوطنين اليهود على الارض واساليب نضال سلمية متعددة بمشاركة متضامنين اجانب واسرائيليين يجري اتباعها لحماية الارض.

ويظهر الفيلم اصرار الفلسطينيين على التمسك بارضهم وعدم قبولهم بالامر الواقع حتى بعد اقامة سياج حديدي يصادر الاف الدونمات من ارضهم الذي نجحوا في الحصول على قرار من محكمة اسرائيلية لتغيير مساره.

ويقدم الفيلم العديد من الحوارات بين الناشطين في مواجهة الجدار وبين افراد من الجيش الاسرائيلي والمستوطنين التي تتحول في كثير من الاحيان الى عنف قتل فيه عدد من الفلسطينيين على مدار السنوات السبع التي صورها.

ويجسد الطفل جبريل الابن الرابع لبرناط الذي ولد مع بداية انطلاقة المقاومة الشعبية لمواجهة الجدار في عام 2005 حياة اطفال يكبرون قبل اوانهم على صوت الرصاص وقنابل الغاز واعتقال ذويهم امامهم.

ويبرز الفيلم مشاهد متعددة للاطفال ودورهم في هذه المقاومة الشعبية منها قيامهم بمسيرة باتجاه الجدار حيث يتمركز الجنود مرددين شعار "نريد ان ننام".

وفي مشهد اخر يظهر الفيلم جنودا اسرائيليين وهم يقتحمون القرية لاعتقال اطفال من منازلهم لم تنفع صرخات امهاتهم بمنع اعتقالهم.

ويعرض الفيلم مسيرة عدد من شباب القرية الذين دفعوا حياتهم ثمنا لمشاركتهم في التصدي للجدار والتوسع الاستيطاني مستخدمين القابا عرفوا فيها في القرية منها الفيل والضبع ولكل له من اسمه نصيب.

ويروي برناط حكاية عنوان الفيلم التي تمثل الكاميرات الخمس التي تكسرت اثناء تصويره لمواجهات كانت تشهدها القرية. ويحتفظ برناط بكاميرا من تلك الخمس كان لها الفضل في انقاذ حياته حيث استقرت فيها رصاصتان.

وقال "انا مؤمن بان الموت قدر ولكن في احد المرات قام جندي باطلاق النار علي من على بعد ثلاثين مترا.. لكن الرصاصات اصابت الكاميرا بينما كنت اصور فيها مواجهات تجري بين الشبان وجنود الاحتلال."

واضاف برناط الذي تعرض للاعتقال والاصابة خلال هذه السنوات السبع "كنت دائما اشعر ان الكاميرا تحميني وما زال لدي كاميرا ترافقني دائما فهي سلاحي."

ودافع برناط عن اشراك اسرائيلي معه في انتاج الفيلم وقال امام الجمهور بعد انتهاء العرض ردا على سؤال حول ذلك "توجهت الى العديد من المؤسسات الفلسطينية ولم اجد احدا يساعدني لانتاج الفيلم."

واضاف "هذا ليس تطبيعا مساعدي (جاي ديفيدي) في انتاج الفيلم هو متضامن كان ياتي الى القرية ليتضامن معنا. عرضت عليه الفكرة ووافق. هذا شيء وليس تعاونا فلسطينيا اسرائيليا لانتاج هذا الفيلم."

البداية المصرية في

29/01/2013

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)