حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

مؤلف فيلم «على جثتي» تامر إبراهيم:

أحمد حلمي مغامر

كتب الخبرفايزة هنداوي

 

رغم الإيرادات الكبيرة التي حققها فيلم «على جثتي» لأحمد حلمي، إلا أنه لم ينل قبولاً نقدياً كبيراً وتفاوتت حوله الآراء.

الفيلم هو أولى تجارب السيناريست الشاب تامر إبراهيم الذي التقيناه للحديث حول التجربة.

·        لماذا اخترت هذه فكرة فيلم «على جثتي» الصعبة لتبدأ بها مشوارك السينمائي؟

كنت أكتب روايات، وعندما فكرت في الاتجاه إلى كتابة الدراما، كان لا بد من أن أبدأ بفكرة جديدة، لذا فكرت بهذه الثيمة الفلسفية التي لم تعالج في السينما العربية سابقاً.

·        لكن الفكرة عولجت سابقاً في فيلم «بابا أمين» للمخرج يوسف شاهين.

للأسف، لم أشاهد هذا الفيلم، وإن كان هذا لا ينتقص من الفكرة، لأن توارد الأفكار وارد، والثيمات أيضاً.

كذلك يتناول فيلم ريز ويزرسبون  Just Like Heaven الفكرة نفسها، فتدور الأحداث حول فتاة في غيبوبة وروحها معلقة تطوف حول حبيبها.

تتناول الأحداث الثيمة نفسها، لكن الفكرة مختلفة لأن الفتاة في فيلم «إنها الجنة» تنتظر من خطيبها أن ينقذها، أما «على جثتي» فقصته مختلفة تماماً. وكما قلت، توارد الأفكار أمر عادي ومسموح به تماماً في الدراما.

·        أشاد بعض النقاد بتجاربك التلفزيونية باعتبارها أفضل كثيراً من الفيلم؟

ربما يعود ذلك إلى فارق الخبرة، ذلك أن  فيلم «على جثتي» مكتوب منذ عام 2009 ولكن نظراً إلى انشغال حلمي بأفلام أخرى تم تأجيله حتى هذا العام، فبدأت بالمشاركة في كتابة مسلسل «لحظات حرجة»، وغيره من مسلسلات، وبالـتأكيد اكتسبت خبرة أكثر.

·     ظهرت شخصية رؤوف في الفيلم كشخصية كلاسيكية في الملبس والتعامل مع الآخرين، إلا أن البيت الذي كان يعيش فيه كان حديثاً جداً، ما أوقع المشاهد في حيرة، لماذا هذا التناقض؟

يعود هذا التناقض إلى اختيارات المخرج، فأنا لم أكتب في السيناريو أن المنزل حديث، وكنت أتمنى أن يكون كلاسيكياً ليتماشى مع طبيعة الشخص، لكن لا يمكن أن أتدخل في اختصاصات المخرج.

·        هل كانت صورة الفيلم النهائية لتكون أفضل في رأيك؟

بذلنا جهدنا كله لتقديم فيلم متميز، وأعتقد أننا نجحنا في ذلك بشهادة الجمهور الذي أقبل على الفيلم. لكن بالتأكيد كان يمكن أن يكون أفضل من ذلك، لكن ثمة عوامل كانت خارجة عن إرادتنا من بينها التوقيت والظروف الصعبة التي تمر بها مصر.

·        إلى أي مدى جاء الإخراج معبراً عن رؤيتك؟

جاء الإخراج معبراً عن رؤيتي بدرجة كبيرة تصل إلى 80%، ذلك أننا كنا نتناقش في الأمور كافة.

·        لكن رأى البعض أنه أسوأ أفلام أحمد حلمي على الإطلاق  وأنه بداية نهاية نجوميته؟

أعتقد أنه رأي قاس جداً. من حق أي ناقد أن يقول رأيه ولكن ليس من حقه أن يتنبأ بنهاية فنان.

·        هل أنت راض عن إيرادات الفيلم؟

بالتأكيد. اقترب الفيلم من المليون الثالث وهو رقم كبير وكان ليحقق أكثر من ذلك بكثير لولا مشكلة القرصنة، التي ستقضي على صناعة السينما نهائياً في حال عدم التصدي لها بشكل جاد، فكلنا نعرف أن موقع «ماي ايجي» يسرق الأفلام، ومع ذلك لم  يتخذ المسؤولون أي إجراء قانوني ضده.

·        تفاجأ جمهور حلمي بان الفيلم ليس كوميدياً، فهل وافق على ذلك بسهولة؟

حلمي مغامر وقد أقدم على هذا الفيلم وهو يعلم أنه يخاطر بذلك، لأن الأفكار الفلسفية غير الكوميدية قد لا تجد إقبالاً كبيراً. لكن حلمي فنان ذكي، لذا قرر التركيز على الفكرة ليقدم فيلماً مختلفاً وراهن على ذكاء المشاهد المصري الذي لم يخذله وأقبل على الفيلم بكثافة.

·        لم يوضح الفيلم إذا كانت الأحداث مجرد حلم، أو أنها روح البطل التي تحلق فوق عالمه؟

قصدنا ذلك، لنترك للمشاهد حرية  التفسير الذي يراه، فالمهم هو وصول الرسالة.

·        وما هي الفكرة الفلسفية التي أردت توصيلها من الفيلم؟

يتناول الفيلم فكرتين أساسيتين، الأولى هي تقييم الذات بموضوعية، والثانية  فكرة الدكتاتورية التي قد تدمر كل شيء.

في الجزء الأول من الفيلم، كان البطل في حالة من فقدان الذاكرة ونسيان كل شيء، وفجأة وجدناه يتذكر من دون تفسير!

بعد الحادث تعرض البطل لصدمة أفقدته الذاكرة موقتاً، ثم عادت له ذاكرته بالتدريج.

·        ظهرت الشخصية مريضة بالشك من دون أي توضيح للخلفيات، فلماذا؟

لا يمكن أن نوضح الخلفيات كافة في فيلم مدته أقل من ساعتين، وقد ضحينا بأمور مهمة لأجل اختصار الوقت وإلا كان سيصل إلى ثلاث ساعات هو أمر ممل لن يتحمله الجمهور.

·        هل تدخل حلمي في السيناريو؟

كنا نتناقش في الأمور كافة، وكان يقول رأيه ويترك لي القرار النهائي لأنه ذكي ويعرف قيمة التخصص.

·     كسيناريست شاب، هل تشارك الكثيرين القلق على مستقبل الفن في ظل تولي»الإخوان المسلمين» السلطة في مصر؟

كمصري يساورني القلق على كل شيء في مصر، لأنهم حتى الآن لم يوضحوا خطة للارتقاء بهذا البلد. أما في ما يتعلق بالفن، فأنا لا أقدم سوء النية، ذلك أنهم حتى الآن لم يحاولوا منع أي عمل فني، لذا علينا أن نقدم أعمالنا.

فجر يوم جديد: «دليل» محمد رضا

كتب الخبر مجدي الطيب 

محمد رضا ناقد سينمائي لبناني ولد في بيروت في 11 يوليو عام 1952، يُقيم في الطائرات متنقلاً بين المهرجانات زائراً وناقداً وعضواً في لجان التحكيم، أكثر مما يُقيم في لوس أنجليس في الولايات المتحدة التي اختارها محلاً له، بعد أن هجر لبنان عام 1976 في أعقاب الحرب اللبنانية، وأخذ على عاتقه منذ عام 1993 مهمة إصدار{كتاب السينما»، الذي يُعد دليلاً سنوياً مصوراً للسينما العربية والعالمية. ورغم الظروف الاقتصادية التي تواجهه وتحول دون انتظام الإصدار، نتيجة أن الناشرين لا يضعون الكتاب عموماً والسينمائي خصوصاً، على رأس أولوياتهم، وتراجع القوة الشرائية، فضلاً عن التغيرات التي طرأت على ثقافة الكلمة، تحت سطوة التطور التكنولوجي الهائل، وجعلت القراءة تأتي في ذيل اهتمامات البشر، إلا أنه ظل متشبثاً بمشروعه الثقافي، وليس السينمائي فحسب، وحرص كثيراً على بقائه صامداً في وجه الأعاصير والأنواء.

من هنا، لم أخف فرحتي وسعادتي عندما التقيت الناقد المرموق في مهرجان «دبي»، وفوجئت به يهديني «دليل السينما العربية والعالمية»، وكأنه يبرهن لي أن المغامرة صارت جزءاً من شخصيته، والمخاطرة تجري في جسده مجرى الدم في العروق؛ إذ لم يستسلم لمن «نصحوه» بالتفكير مرتين وثلاث قبل المُضي في الاستمرار في التجربة، بحجة أن العالم اختلف وقراء الكتاب انحسروا وعلى المرء أن يجاري عصره، ورفض أن يتخلى عن حلمه، كونه صاحب مشروع ثقافي، وليس تاجراً أريباً، وكافأه الله بأن قاده إلى شاب إماراتي (عبد الله الشاعر) يعشق السينما، ولم يتردد في مشاركته المغامرة، متحملاً نفقات نشر الدليل الذي اعتبره فرصة ليسدد ديونه حيال الفن السابع الذي أحبه!

اللافت أن رضا لم يكتف بمخاطبة أولئك الذين أدمنوا «الكتاب» وافتقدوا غيابه، وإنما توجه إلى الجيل الجديد من الهواة والمحترفين، وأتاح لهم الفرصة ليتعرفوا إلى «الدليل» الذي يسعى إلى الوصول إليهم ويسهم بشكل كبير في تكريس الثقافة السينمائية، ونشر الوعي بأهمية رسالة السينما في خضم ما تواجهه من حروب ضارية ودعاوى رجعية!

يبدأ الفصل الأول من «دليل السينما العربية والعالمية» باستهلالة موجزة سجلت اتجاهات وتقارير عن السينما العربية في عام بعنوان «وقائع سينما مُهددة»، والسينما العالمية بعنوان «العودة إلى الينابيع»، وأعقبها الناقد الدؤوب بتقرير مختصر عن المهرجانات العربية التي انعقدت عام 2012، وآخر عن المهرجانات العربية حول العالم ومدى نجاحها في تحقيق طموحاتها، وقائمة بالمهرجانات الدولية، وجوائز 15 منها، وموعد دوراتها في عام 2013، وجوائز المسابقات الإعلامية، كالأوسكار و{الغولدن غلوب» و{سيزار» و{بافتا»، التي أطلق عليها الناقد «أعياد السينما». والطريف أن الناقد منح جوائز أيضاً لأفضل الأفلام العربية والأميركية والعالمية من وجهة نظره؛ حيث اختار ترنس مالك كأفضل مخرج في العام و{هاري بوتر» كأفضل سلسلة فيلمية، ولم ينس الاحتفال بمرور 50 عاماً على جيمس بوند، وقدم قائمة بأفلام السلسلة وتكلفتها وإيراداتها. أما الفصل الثاني فاختص بالسينما العربية ذات التمويل الكامل أو الجزئي أو الأجنبي، كذلك الأفلام التسجيلية والروائية القصيرة، بينما اشتمل الفصل الثالث على الأفلام العالمية، وتكرر عنوان الفصل الثالث مجدداً عند الحديث عن الأفلام التسجيلية، التي تم التنويه إليها سابقاً وأفلام التحريك. وفي فصل بعنوان «المفكرة» أو «شاشات الأمس»، عرض الناقد لأفضل 11 فيلماً من بين مئات الأفلام التي أنجزتها السينما العالمية طوال 11 عقداً، واختتم «الدليل» بقائمة لأفلام الـ D.VD وأخرى للراحلين العرب والأجانب الذين ودعونا في عامي 2011 و2012.

هنا يُلاحظ أن «الدليل» افتقد المنهجية، وغابت عنه القواعد العلمية، واعتمد على الأفلام التي أتاحت الظروف للناقد مشاهدتها، من دون مراعاة سنة الإنتاج أو حصرها وتصنيفها بشكل دقيق، فضلاً عن طغيان الأفلام الأجنبية (أميركية وعالمية) على نظيرتها العربية (47 صفحة للسينما العربية في كتاب يضم بين دفتيه 303 صفحات)، ويبدو أن رقعة المساحة الواسعة للأفلام الأجنبية التي يشاهدها رضا مُقارنة بالعربية المُتاحة له في المهرجانات فقط أثرت سلباً على «الدليل»، الذي يعاني خللاً في الفصل المُسمى «شاشات الأمس»، لأنه يعكس ذوق الناقد وقناعاته فحسب، فضلاً عن أن القائمة التي وصفها بأنها منتخبة ومتميزة، وضمت أفلام: «الهاوية» (1910)، «مولد أمة» (1915)، «مغامرات الأمير أحمد» (1926)، «ألكسندر نيفسكي»(1938)، «هذا المسدس للإيجار» (1942)، «الأم الهند» (1957)، «لورانس العرب» (1962)، «القطة»(1971)، «سواق الأتوبيس» (1982)، «جيرونيمو: أسطورة أميركية» (1993)، «القلوب المحترقة» (2007)، تفتقر إلى المعايير التي ترشح بعضها دون غيرها لأن يكون الأفضل والأكثر تميزاً.

في الأحوال كافة، يُحسب للناقد محمد رضا اجتهاده وجهده ومثابرته وإصراره على أن يجعل السينما وجبة رئيسة على المائدة الثقافية، وإضافة كبيرة إلى المكتبة العربية.

تحديات المخرجين الشباب...

بين التمويل والخبرة وسيطرة الأفلام التجارية

كتب الخبرهند موسى 

ما أبرز التحديات التي تواجه المخرجين الشباب؟ وما تأثير ظروف السوق والبلاد على طموحاتهم الفنية؟ وهل يخشون على صناعة السينما إثر صعود التيارات الإسلامية إلى سدة الحكم وهجومها على الفن، وما رؤيتهم للمستقبل الفني في ظل التطورات السياسية التي تشهدها مصر؟

يوضح مخرج فيلم «عيون الحرية... شارع الموت» أحمد سوني أن المخرجين الشباب يواجهون المشاكل نفسها التي يعانيها السوق السينمائي، يتعلق بعضها بمشاكل إنتاجية، وبعضها الآخر بطغيان الأفلام التجارية وسيطرتها على الوضع العام، ما يؤدي إلى اقتصار الأفلام الحقيقية على واحد أو اثنين في الموسم.

يضيف أن الأفلام التجارية مثل أفلام السبكي تُصوّر في أربعة أسابيع ويكلف إنتاجها مليوني جنيه وتحقق أرباحًا هائلة، مع العلم أن تصوير فيلم يستغرق في أقل تقدير من ثمانية إلى 12 أسبوعًا، موضحًا أن منتجي الأفلام التجارية يتبعون قاعدة «اصرف القليل تكسب الكثير»، لا سيما أنها تعتمد على الطبقات المهمشة والشعبية من دون التركيز على الرسالة فيها.

يشير سوني إلى منتجين يعانون «عقدة الخواجة» ويشجعون المخرجين الذين درسوا في الخارج ويعتمدون عليهم، في حين يخافون استثمار أموالهم مع مخرجين مبتدئين رغم أن كثرًا منهم عرضت أعمالهم في مهرجانات ضخمة مثل مهرجان «كان»، ونالت جوائز عربية وعالمية.

يتفاءل سوني بمستقبل السينما في حال فكرت شركات الإنتاج بجذب  المخرجين الشباب ومنحهم فرصة التمويل، شرط ألا تتعامل مع هؤلاء كأن لا قيمة لهم أو مكانة، وتفرض عليهم متطلبات معينة وتتدخل في تفاصيل العمل، وتلقي مسؤولية فشل الفيلم مثلاً على المخرج الحديث العهد.

انقسام السوق

أكبر مشكلة يواجهها المخرج الشاب بهاء الجمل، الذي نال جائزة الدعم في «المركز القومي للسينما»، هي افتقاده إلى جهات تموّل الأفلام التي يخرجها، ولو وجدها فإن فيلمه لا يُعرض.

يضيف: «ينقسم السوق بين سينما مستقلة وهذه منفردة لا علاقة لها بالأفلام المطروحة، وأفلام العيد ونحن بعيدون عن هذه النوعية، بالتالي لا مكان لنا في هذين القسمين، ولا نستطيع المحاربة للدخول بينهما».

ويتوقع الجمل أن تتوقف السينما بعد تعليق بيع الأفلام للقنوات وإفلاس بعض المنتجين، ما سيؤدي في النهاية إلى انهيار أمبراطوريات منتجين أمثال السبكي، «هنا يظهر دور المبدعين الجدد الذين سيتعاونون لإعادة بناء فن السينما بعد تدميره بأفكار وأفلام دون المستوى».

من جهته، يؤكد مخرج فيلم «سكان المدينة» أدهم الشريف، الحائز جوائز عدة، أن العقبة الكبرى التي تواجه المبدعين الشباب هي سيطرة الأفلام التجارية على السوق السينمائي، ومن يريد تقديم سينما جديدة عليه بذل مجهود كبير، فما من منتج مستعدّ للمجازفة بأمواله في فيلم لمخرج شاب، في ظل اعتياد المشاهد على أفلام معينة يشاهدها وينأى عن غيرها.

يضيف الشريف أن الاحتكار الذي يمارسه بعض المنتجين يشكل إحدى أبرز الظواهر السيئة، «المنتج هو الموزع وصاحب دور عرض، بالتالي إذا لم نتعاون مع منتج قوي لن نجد دار عرض  تعرض فيلمنا. وحتى السينما المستقلة ورغم كلفتها القليلة إلا أنها تواجه المشكلة نفسها».

يتوقع حدوث مرحلة تحول في السينما لا يعرف ملامحها، لكنها ستقلب الموازين، ويقترح حلولاً للمشكلات أهمها: أن تملك الدولة دور العرض مثلما كان يحدث منذ سنوات، فتُتاح الفرصة لعرض الأفلام بحيادية ويحصل الجميع على حق العرض من دون استثناء، وأن تعرض الأفلام القصيرة قبل الطويلة لتكسب جماهيرية تسمح بعرضها منفردة.

مسار طويل

يوضح مخرج فيلم «القط ذو القبعة الحمراء» حسان نعمة، الحائز جائزة أحسن فيلم في مهرجان «كام» للأفلام القصيرة، أن إجبار المخرج الشاب على بدء طريقه بأفلام روائية قصيرة ثم تسجيلية وصولاً بعد سنوات إلى أفلام طويلة إحدى أثقل التحديات التي تواجهه، ورغم عدم اقتناعه بهذا الواقع، لكنه اكتشف أنه لن يستطيع الاستمرار ما لم يمر بهذه المراحل.

يضيف أن الأفلام المستقلّة أصبحت «عصابات»، إذ انغلقت على نفسها ولا تقبل عناصر دخيلة عليها وتطبق مبدأ الشللية، وشركات إنتاج هذه الأفلام «مُسيّسة» بمعنى أنها تفرض أفكارًا على المخرجين لمناقشتها في أعمالهم بهدف حصول الفيلم على جوائز في مهرجانات مثل دبي وأبو ظبي والدوحة التي تعطي منحًا كبيرة، لذا يرفض نعمة العمل في السينما المستقلة لأنه لا يريد أن يفرض عليه المنتج رؤية معينة.

نعمة ليس متفائلاً بمستقبل السينما نظرًا إلى سيطرة المحسوبية على السوق السينمائي، والدليل، في رأيه، سحب فيلم «المسافر» من دور العرض بعد مرور عشرة أيام على طرحه، لأنه كان بعيدًا عن حسابات السوق، ويؤكد: «ما دمنا نعرض للجمهور ثقافة تافهة فمن الطبيعي أن ينفر من الموضوعات الجادة التي تشكل وجه السينما الآخر».

يشير نعمة إلى أنه حصل على دعم من وزارة الثقافة المصرية لفيلمه الجديد «رمادي» الذي يصوره راهنًا، بعدما مرّ بمرحلتين: عرض الفيلم على لجنة قراءة السيناريوهات برئاسة الناقد د. محمد كامل القليوبي، ثم على لجنة الإنتاج بقيادة المنتج محمد العدل التي تشترط ألا يزيد الإنتاج على 100 ألف جنيه، لافتًا إلى أن هذا الدعم يشجع المبدع في بداية طريقه، رغم وجود تباطؤ في إجراءات الحصول عليه، كتقديم السيرة الذاتية وإثبات أن المخرج من خريجي معهد السينما وتقديم نماذج من أعمال سابقة له، لكنه يتحمل ذلك كله مقابل ألا يقع في يد منتج دكتاتور يفرض رؤيته على السيناريو والممثلين.

كذلك يوضح أن هذا المبلغ يكفي حاجته للتصوير ودفع أجور الممثلين المشاركين فيه، وإن كان لم يحصل عليه بعد لأن من شروطه أن يبحث المخرج عن شركة تمول فيلمه بنسبة 25 % في مقابل 75 % من الوزارة، ومن حسن حظه أن زميله محمد سمير، خريج المعهد، أسس شركة «داي دريم» للإنتاج التي تبنت مشروعه وستساهم في المونتاج.

الجريدة الكويتية في

28/01/2013

 

"الحفلة".. التسلية الفارغة والغموض الساذج!

محمود عبد الشكور 

بعض الأفلام التى تتحفنا بها السينما المصرية تُقدّم نوعاً من التسلية الفارغة، شئ يقترب من أكياس البوب كورن التى تتناولها بطريقة آلية، ثم تنساها، فلا أنت تناولت شيئاً، ولا أسنانك توقفت، مع ذلك، عن الأكل، مجرد حاجة تتحرك والسلام.

وبعض الأفلام تمارس لعبة الغموض الى درجة مضحكة، تجعلها تُلامس سقف السذاجة، إنها تبدو هنا مثل لاعب الورق الذى يُسرف فى إخفاء أوراقه، يحميها بيديه فى قلق، بيما تنعكس أوراقه كاملة أمام منافسيه على مرآه تقع خلفه، هو وحده الذى يعتقد أن أحداً لم يكشف أوراقه، حالة بائسة من التذاكى المثير للرثاء.

فيلم "الحفلة" الذى كتبه وائل عبد الله، وأخرجه أحمد علاء الديب، فى تجربته الثانية بعد فيلم" بدل فاقد"، مزيج فريد لهذين النوعين من الأفلام، جهد كبير وصورة جيدة وأشخاص تروح وتجئ على الستار الأبيض، وعودة الى الماضى والمضارع والمستقبل، ورغى ومعلومات وتفاصيل، لنكتشف فى النهاية أننا فى قلب لعبة ساذجة خالية من المضمون أو المعنى، واحد فاضى قرر أن يلعب على البوليس، ولأن البوليس ساذج، فقد شرب المقلب.

وائل عبد الله الذى أطلق موجة العودة الى أفلام التشويق والجريمة والغموض بفيلم "ملاكى اسكندرية"، بعد غياب رائد النوع ومبدعه الكبير كمال الشيخ، يبدو فى فيلم "الحفلة" وكأنه يقدم التسلية للتسلية، حتى طريقة رسم الشخصيات التى كانت تجد نوعاً من العناية فى أفلام سابقة مثل "الشبح" أو "المصلحة"، تتحول هنا الى ما يقترب من قطع الشطرنج المرصوصة.

مشكلات بالجملة

تتكدس مشكلات السيناريو لتصنع لعبة بلا أساس، أولى هذه المشكلات هى أن وائل عبد الله خرق أهم مبادئ الإستمتاع بأفلام التشويق: أن يمتزج اللعب "مع" المتفرج فى سبيكة واحدة مع اللعب "على" المتفرج، بمعنى أنك يجب أن تقدم بذور اللغز كاملة، دون أن تستبقى معلومة الى النهاية، وإلا ستبدو كما لو أنك صنعت فيلماً جديداً بعيداً عن الفيلم الأصلى.

تظل المشكلة الثانية الخطيرة فى أن شخصية ضابط البوليس التى لعبها ببراعة وبحضور فائق ومفاجئ الممثل محمد رجب، ليست فى الواقع سوى مندوب المتفرج داخل الفيلم، هزيمة هذه الشخصية، رغم مهارتها وخفة ظلها، ورغم أنها أفضل الشخصيات درامياً، لا تعنى الضحك على البوليس، ولكنها تعنى بالأساس هزيمة المتفرج، كأنك بالضبط أخرجت الملك من لعبة الشطرنج، أى انك قضيت على اللعبة نفسها، بينما تريد أن تجعلها أكثر إثارة.

أما المشكلة الثالثة فتبدو فى الثغرات الساذجة التى تمتلى بها تفاصيل الأحداث، هذه النوعية من الدراما قائمة على أدق التفاصيل، وأى هفوة صغيرة تجعل الحدوتة ساذجة، فإذا كان الهدف أصلاً هو اللعب بلا أى مضمون أو معنى، فإن الفيلم يبقى فى هذه الحالة فى مأزق حقيقى لا يمكن الخروج منه.

تعاون وائل عبد الله مع أحمد عز بطل فيلم "الحفلة" فى أكثر من فيلم كاتباً ومنتجاً، تقريباً هو الذى دفع عز الى الصفوف الأولى، ولكن "أفلام اللعبة" السابقة كانت لا تخلو من المعنى، فى "ملاكى اسكندرية" مثلاً كانت الشخصيات قوية ومرسومة بعناية، وكان المعنى فى أن الصعود قد يكون بداية السقوط، وفى "الشبح" كان المعنى أجمل، وهو فكرة فقدان الذاكرة التى يمكن أن تكون بمثابة الميلاد الجديد للإنسان، حتى فيلم "المصلحة"، الذى جمع بين عز وأحمد السقا فى الموسم الماضى، كان يفتح ملفات عالم المخدرات، ويحلّل الصراع الداخلى بين الرغبة فى الإنتقام، والحرص على أداء الواجب.

لكن "الحفلة" لا يقول أى شئ سوى أن شاباً اسمه شريف ( أحمد عز) قرر أن يقتل زوجته الثرية سارة (روبى)، لأنها خانته، وحملت من وراء ظهره، دون أن تعرف، ودون أن نعرف أيضاً، أن المسكين لا يستطيع الإنجاب، لم يكتف المدعو شريف بذلك، بل إنه تفرّغ، وهو الذى يعمل فى شركة لتشغيل الأسهم فى البورصة، لكى يخترع حكاية خطف زوجته التى قتلها، ثم يلصق التهمة بخطيبها السابق حسام (تامر هجرس)، الذى لا نعرف بالضبط موقفه من الجنين الذى بدأ التحرك فى أحشاء سارة هانم.

هذه هو موجز الفيلم الذى تصل إليه بعد صداع من المواقف والتفاصيل والشخصيات التى لا هدف لها سوى بذر الشك فى الجميع: الأم نهاد ( مها أبو عوف)، وزوجها مراد (تميم عبده) رجل الأعمال الثرى، وسكرتيرته الحسناء نرمين، وجارة الزوجين نانسى (جومانة مراد)، والجار ممدوح (محمد ممدوح)، وزوجته غادة (دينا الشربينى)، والحمد لله أن دائرة الشك لم تتسع أكثر من ذلك، كانت بالضبط على مقاس كيس البوب كورن!

شوف العصفورة

من ألعاب الطفولة المعروفة، أن تقول فجأة لرفيقك:" شوف العصفورة؟!"، وما أن يتجه ببصره الى حيث تشير، حتى تخطف منه شيئاً، وتقول بلهجة ظافرة:" هيييه.. وضحكت عليك"، شئ مثل ذلك تقوم به أفلام الجريمة والغموض، ولكن شرط اللعبة وجمالها، أن تمرّر اللغز وسط المعلومات، وإذا لم تستطع أن تقدم المعلومة، فلابد أن توحى بها، وليس فى مقدمات الفيلم أى سيرة أو إيحاء بحكاية مشكلة شريف مع عدم الإنجاب التى هى عمود البناء كله، والتى لا تُذكر إلا فى نهاية الفيلم، أى أن أهم معلومات الفيلم هى أصلاً خارج اللعبة، وعندما نعرفها فى النهاية، سيشعر المتفرج أنه أمام فيلم جديد لم يشارك فيه.

يدمر وائل عبد الله أيضاً قواعد اللعبة عندما يقدم صورة الضابط الذكى والظريف فاروق (محمد رجب) فى ثلاثة أرباع الفيلم، يجعله مندوباً بارعاً للمتفرج فى البحث وجمع المعلومات، ثم ينتهى به الى شخص غبى فاتت عليه ثغرات مضحكة، انشغل بتفاصيل يحكيها كل واحد، دون أن يتحقق منها، كل شخصية تحكى له ما حدث فى حفلة أقامتها نانسى قبل اختفاء الزوجة بيوم، من الغريب أن البعض يحكى عن أمور قد لايكون عرفها، كما أنه من الصعب أن تصدق أن تمتد الأمور الى حكايات شخصية حساسة، وإيحاءات بعلاقات مريبة جنسية ومالية!

من العجيب أن المحقق الذكى الذى نراه أكثر من مرة وهو يشاهد كاميرات المراقبة فى السوبر ماركت مكان الإختطاف، فات عليه التحقيق فى حكاية تردد الزوج على المكان من قبل، وفات عليه تفاصيل علاقته بزوجته، وفات عليه حكاية وجود خطيب سابق للزوجة يتشاجر مع الزوج، ثغرات عجيبة لا يمكن أن تمر أمام عين ضابط حاذق كما رسمه السيناريو.

المدهش أيضاً أن الحفلة التى يحمل الفيلم اسمها لا تقدم شيئاً مهماً فى حل لغز الفيلم، ولكنها ربما زادته تعقيداً، والمعلومات التى تتبادلها الشخصيات فى الحفلة أقرب ما تكون الى جلسات النميمة، يضاف الى الثغرات الواضحة كذلك أننا لا ولن نعرف مبرراً لخيانة سارة للأستاذ شريف، الذى يبدو فى كامل لياقته البدنية، والذى نفهم أنه لا يمانع فى تصدير قدراته مع الجنس الآخر للجميلة نانسى، كل ما فى الأمر أنه لا يستطيع الإنجاب، وهذه لعمرى قضية أخرى.

ثم ما الذى يجبر سيدة مجتمع شابة وثرية على أن تنسب طفلاً لزوج تستطيع أن تنفصل عنه؟ ما الذى جعلها تنفصل أصلاً عن خطيب فى لياقة وعنفوان تامر هجرس إذا كانت تريد حباً وحناناً؟ وما الذى يجعل شخص مثل شريف يتآمر على قتل زوجته مع سكرتيرة لا يعرفها مثل نرمين حتى لو كانت مثله تكره العائلة الملعونة؟ وكيف فاتت بسهولة العلاقة الواضحة بين نرمين وشريف على الضابط فاروق رجلنا فى الفيلم الساذج؟

لن تجد إجابة عن هذه التساؤلات المحورية، لأن هدف السيناريو هو اللعب، واللعب فقط، الهدف أن تنشغل بالعصفورة، أو العصافير دون أن تكون موجودة من الأساس، نسى المؤلف أن متعة اللعبة فى معرفة المتفرج بقانونها، لا توجد لعبة بدون شروط وقوانين، وإلا أصبحنا أمام عرض عشوائى غير ممتع.

حتى عالم البيزنس وانحرافاته يظل هنا سطحياُ ومصنوعاً، نانسى التى تريد أن تستخدم شريف فى تلاعبات البورصة، وهو يرفض دون نعرف لماذا، وممدوح الذى يتلاعب بأرصدة عملاء البنك دون أن تعرف لماذا يحتاج الى هذه الحيلة الساذجة، وغادة زوجته التى لن تعرف لماذا تشك فيه، وسارة التى لن تفهم هل تشك فى إخلاص زوجها أم أن الأمر لا يعنيها، ومراد رجل الأعمال الذى لا تعرف بالضبط ما الذى يعمله، مجرد شخوص مثل قطع الشطرنج تدور حول نفسها، ولولا مناوشات الضابط فاروق، والحيوية التى قدّم بها محمد رجب الشخصية، لكان البناء بأكمله أقرب الى الثرثرة الدرامية.

فجأة سيتم العثور على جثة سارة، وفجأة سيُتهم خطيبها السابق باختطافها وقتلها بمنتهى السهولة، سيتأكد بذلك أن المتفرج قد أصبح خارج اللعبة، وأن المؤلف قرر أن يلعب بمفرده، فى ملاكى اسكندرية يحدث إنقلاب درامى كامل، ولكن تفسير الحكاية كلها سيكون بناء على ما رأيناه فى البداية، أما حكاية عدم قدرة شريف على الإنجاب، فهى فيلم آخر بأكمله، لدرجة أن ربط حل اللغز بما رأيناه أصبح مفتعلاً ومصنوعاً وساذجاً ومثيراً للرثاء، ولك أن تتخيل مثلاً أن الحل سيأتى بعد ثلاثة شهور من اكتشاف الجريمة.

تنبعث من الصالة الضحكات عندما يتساءل شريف المسكين وهو يقتل سارة: "ليه عايزة تلبسينى طفل"؟!، لاتجد سارة أى إجابة، ربما كانت تريد أن تقول له:" والله ما انا عارفة، اسأل المؤلف؟"، المهم أن اللعبة السخيفة لا تتوقف، حيث يظهر شريف فى المشهد الأخير مع نرمين، السكرتيرة المتآمرة معه، تخبره هى أيضاً انها تنتظر طفلاً منه ، يبدو أنها خدعته أيضاً دون أن تعرف أنه لا ينجب، الحقيقة أن المشكلة عند شريف وليس أى شخص آخر، كان عليه أن يعلق لافتة تحذر من خيانته، وتؤكد أنه لا ينجب، وتلفت نظر أى سيدة ألا تخونه لأن المؤمن لا يلدغ من واحدة مرتين!

لم يتميز من الممثلين سوى محمد رجب، موهوب حقاً هذا الممثل، قدّم الشخصية بذكاء وبساطة وخفة ظل وثقة، ملاحظة أخرى غريبة وهى امتلاء بعض الممثلين مما أثّر على قدراتهم التعبيرية بالوجه، أتحدث تحديداً عن جمانة مراد وأحمد عز، أصبحاً فى كثير من اللقطات القريبة التى يمتلئ بها الفيلم أكبر سناً، بل إن تقاسيم الوجه المألوفة تغيّرت، ورغم مشاكل السيناريو التى ذكرتها تفصيلاً، فإن الفيلم يتمتع بصورة رائعة (مدير التصوير أحمد مرسى)، وديكورات مميزة (باسل حسام)، وموسيقى تصويرية مناسبة ولافتة ( عمرو اسماعيل)، ومونتاج منح المشاهد تدفقاُ واضحاً (أحمد حافظ) مع ملاحظة أن تكرار نفس اللقطات/ القصاصات السريعة، فى كل مرة عند العودة الى الحفلة، كان أمراً زائداً ومبالغاً فيه، المخرج الشاب أحمد علاء الديب موهبة واعدة حقاً، من الواضح أنه يمتلك أدواته جيداً، كما أنه يحب أفلام التشويق، ويجيد صنعها كما لاحظنا فى تجربته الأولى الأفضل فى فيلم "بدل فاقد"، يبقى فقط أن يكتشف أن الصنعة تبدأ من السيناريوالمتماسك ، وليس من أى شئ آخر.

فى الحفلة التى تشغل مساحة واسعة من الفيلم، ترقص نانسى على نغمة أغنية تقول "جو تو هيل .. جو توهيل"، ألم يفكر صناع هذا الفيلم أن مشاهداً اصابه الصداع، أو اكتشف سخافة اللعبة، يمكن أن يغنى لهم أيضاً نفس الأغنية أثناء خروجه من قاعة العرض؟!

عين على السينما في

29/01/2013

 

 

طلعت زكريا: أنا حارس الرئيس!!

كتبت: ماجى حامد

فى أول حوار له بعد غياب طويل، بعيدا عن الساحة الفنية ووسائل الإعلام، وبعد اختيار المخرج الكبير جلال الشرقاوى له لبطولة عرضه المسرحى «الكوتش» الذى أضاء به أنوار مسرح الفن من جديد.. وبعد كم الهجوم والانتقادات التى وجهت لكلا الطرفين حول هذا الاختيار، جلس إلينا الفنان طلعت زكريا ليعود بالذاكرة أكثر من عامين وأهم الأحداث التى شهدتها تلك الفترة من صعود وهبوط إلى أن جاءت لحظة العودة.

·        مسرحية الكوتش واختيارك لبطولة العرض.. احكِ لنا تجربتك مع المخرج الكبير جلال الشرقاوى؟

- «الكوتش» بكل عناصرها وموعد عرضها إلى موافقتى على تقديم العرض بناء على رغبة جلال الشرقاوى «مغامرة» الطرف الرئيسى بها هو المخرج الكبير جلال الشرقاوى.. لكونه مخرجا ومنتجا، أما الطرف الثانى فهو أنا وموافقتى على تقديم عمل مهم مثل الكوتش من نوعية الكباريه السياسى ولكن فى إطار كوميدى بحت.. وهنا يعود الفضل إلى مؤلف ومنتج العمل جلال الشرقاوى الذى أصر على أن أكون بطلا لهذا العرض، نأتى إلى فكرة الهجوم على للمشاركة فى تقديم عرض مسرحى سياسى وإن كنت من وجهة نظر الآخرين أحد رموز الفلول والتزامى الصمت دون الرد هذا بناء على رغبة جلال الشرقاوى، الذى أصر على أن يكون الرد من خلاله حول هذا الموضوع «لماذا طلعت زكريا؟!» وكان جوابه كالآتى: طلعت زكريا ليس ضد الثورة المصرية وإن كان يدين بالولاء للرئيس السابق محمد حسنى مبارك للدور الذى لعبه هذا الرجل فى حياة طلعت زكريا وأنه بالفعل سبق وجاء على لسان طلعت أنه شاهد بعض الممارسات السيئة داخل ميدان التحرير، وأنه لم يقصد بذلك الإهانة لكل الثوار وإنما يقصد من ذلك ما شاهده بالفعل من أشخاص على أطراف الميدان.

·        هذا بالنسبة لجواب المخرج جلال الشرقاوى.. ماذا عن ردك أنت كبطل للعرض؟

- لماذا طلعت زكريا؟! بالمناسبة هذا كان السؤال الأول الذى حرصت على توجيهه لجلال الشرقاوى من خلال أول لقاء جمع بيننا عندما قام باستدعائى لمناقشة العمل معا، ففى البداية سألته أنا محسوب على الفلول وأنت من الثوار لماذا أنا؟! فأجاب: لا تسمح حتى لنفسك أن تردد هذا الكلام وأجاب فى جملتين، الأولى معنى أنك من الفلول أنك لا تحب مصر وأنت عاشق لمصر.. والثانية أنت تدين بالفضل لمبارك وهذا ما يبرر موقفك أثناء الثورة ففى حال قيامك بإهانة هذا الرجل كنت ستصبح ناكرا للجميل وأنت لست كذلك.. لهذا لا مبرر لما تقول، بالإضافة إلى كونك الأفضل لهذا الدور فنان كوميديان وملامحك وهيئتك تشبهان كثيرا شخصية بطل العرض- ذلك المدرب- الغلبان التى سبق وقدمتها من خلال أحد أعمالى السينمائية، لهذا لم أجد مفرا من تقديم العرض والتحمس من أجله والثقة فى رغبة جلال الشرقاوى المعروف عنه اختياره للفنان المناسب فى المكان المناسب بغض النظر عن أى انتماءات سياسية أو دينية حتى يكون كالبداية الجديدة مع جمهورى، بعيدا عن أى انتماءات أو أفكار سياسية.. لأن من وجهة نظرى الجمهور قرفان من السياسة.

·     احتمالات الفشل واردة بالنسبة لأى عمل فنى، فما بالك إذا كان هذا العمل ينتمى للكباريه السياسى من خلال طرح لأهم سلبيات المجتمع المصرى.. بالإضافة إلى أن بطله هو الفنان طلعت زكريا الذى لا تزال حملات الهجوم عليه تطارده حتى الآن؟!

- بالتأكيد كانت هناك مخاوف من فشل العرض ولكن عندما اتفقت أنا وجلال الشرقاوى على تقديم هذا العرض كان الاتفاق على إنارة المسرح من جديد.. وهذا يعنى مخاطرة كبيرة خاصة فى ظل الظروف القلقة التى نمر بها الآن.. التى قد تتسبب فى احتمالات عدم وجود جمهور للمسرح.. ولكن حول هدف واحد تضامن جميع أبطال العرض متجاهلين لأى مخاوف من أجل أن يعود المسرح من جديد لجمهوره وعشاقه وقد كان بالفعل، وسوف تندهشين عندما أقول لك إننا بالفعل شهدنا ثلاثة أيام كان الحضور نادرا من أجل العرض.. إلا أننا فوجئنا بسيل من عاشقى المسرح فى اليوم الرابع إلى الآن حرصوا جميعا على أن تعود الروح من جديد إلى مسرح الفن، أخيرا وفيما يخص الهجوم الملاحق بى منذ ثورة يناير فمن خلال أول لقاء لى بالمخرج جلال الشرقاوى تعهدنا أن نعيدا النور إلى مسرح الفن بغض النظر عن أى مخاوف أو مكسب مادى قد لا يتحقق.. أو جمهور ربما يخشى الحضور فى ظل هذا الاضطراب الأمنى وكذلك أى انتقادات أو هجوم بشأن اختيارى لهذا العمل.. وقد كان بالتضامن مع باقى أبطال العمل والحمد لله إلى الآن الآراء بشكل عام إيجابية حول العرض وفكرته التى لا علاقة لها بأى أفكار أو انتماءات سياسية.. فهذا العرض كوميدى بحت ولكن الجديد من خلاله أن يقوم بطرح معلومة سياسية من خلال إطار كوميدى.

·     وماذا عن الجديد والرسالة التى ترسل بها إلى جمهورك من خلال دورك فى العرض المسرحى الكوتش؟

- شخصية الكوتش مدرب كرة القدم ليست المرة الأولى التى أقوم بتقديمها.. فقد سبق وقدمتها ولكن المساحة هنا أكبر بكثير مما سيسمح لى بتقديمه بشكل أوضح مع الكثير من التفاصيل، فمن خلال مسرحية الكوتش نشاهد ذلك المدرب الغلبان الذى يقوم بتدريب بعض الشباب تحت الكوبرى إلى أن يصعد بهم إلى نهائيات كأس مصر.. إلا أنه يقع على عاتقه ظلم يضطره إلى الاعتصام داخل الملعب إلى أن يأخذ حقه ممن ظلموه.. كل ذلك فى إطار من الكوميدية ولكن انتماء العمل لنوعية الكباريه السياسى زاد من حماسى تجاه العرض لأننى لم يسبق لى تقديم هذه النوعية من الأعمال.. وما بالك اذا كانت بقيادة مخرج كبير بحجم جلال الشرقاوى.

·     لا يزال شبح الهجوم يطارد طلعت زكريا فقد كانت البداية من خلال فيلم «الفيل فى المنديل» الذى أكد منتجه أن السبب فى فشل الفيلم هو موقف بطله من ثورة يناير.. تعليقك؟!

- فيلم الفيل فى المنديل لم يفشل على الإطلاق، ففى البداية الفيلم تم طرحه بدور العرض فى 15 يونيه 2011 أى بعد ثورة يناير بأربعة أشهر وهذا لا يجوز فى ظل التوتر الذى كان يسود على الشعب المصرى فى ذلك الوقت، بالإضافة إلى تصريحاتى التى لم يتقبلها الكثير.. تم عمل حملة من أجل مقاطعة الفيلم ولكن طبقا للبيانات الصادرة عن غرفة السينما الفيلم تم طرحه 15 - 6 - 2011 ورفع من دور العرض 15 - 7 -2011 أى شهر واحد حقق من خلاله الفيلم ثلاثة ملايين جنيه مصرى ثم بعد ذلك تم عرضه بدور العرض الكويتية ليحقق ما يعادل أربعة ملايين جنيه مصرى، ثم شهرًا فى الإمارات حقق من خلاله ثلاثة ملايين جنيه ليكون الإجمالى عشرة ملايين جنيه فى حين أن تكلفة الفيلم لم تتجاوز الاثنين مليون جنيه مصرى فأين هى الخسارة، التى تحجج بها منتج الفيلم، فالخاسر الوحيد فى هذا العمل هو أنا بطل الفيلم، فقد كنت أتمنى لو تم طرح الفيلم خلال هذه الأيام إلا أنه لم يحدث لأنه ليس من سلطتى أن أقول متى يتم طرح العمل فهذا من شأن منتجه فقط.

·        صرحت أن هناك مؤامرة ضدك الهدف منها جلوس طلعت زكريا بمنزله إلى الأبد..؟!

- فعلا، فهناك عدد من المنتجين بمصر كان من أهم أهدافهم هو جلوسى بالمنزل حتى يتناسى الجمهور طلعت زكريا إلى الأبد، ومنتج «الفيل فى المنديل» أحد هؤلاء المنتجين فقد صرح أكثر من مرة أننى بدونه لن أستمر وأن النهاية قد حانت.. ولكننى صرحت أكثر من مرة ردا على تصريحاته أن هذا من رابع المستحيلات، فسوف استمر ولن أسمح له أو لغيره بأن يرى طلعت زكريا فى الصورة التى يحلمون بها مهزوما، يتناساه الآخرون واحدا تلو الآخر، وبالفعل وعقب ثورة يناير فقد فتحت أمامى أبواب الرزق بدولة الكويت التى مكثت بها أكثر من ثلاثة أشهر قدمت خلالها عرضًا مسرحيا بعنوان «وبعدين»، وأيضا برنامج بعنوان «طبخة وضحكة» ثم عدت إلى مصر لأجد مجموعة العروض الفنية المهمة كانت بدايتها مع الكوتش ومن المنتظر تقديم عمل أمام الزعيم عادل إمام وأيضا هناك عمل درامى من بطولتى.. فلك أن تتخيلى كم يستشيط غضبا الآن من النجاح الذى حققته على عكس كل توقعاته، وهنا لابد أن أتوقف معك عند نقطة مهمة جدا وهى إذا كنت بهذا السوء كما أكد الكثيرون، فهل كان الله سيرزقنى بهذا الشكل.. فقد عدت من الكويت بعد أن حققت النجاح والمال أكثر مما توقعت ووصلت إلى مصر لأجد من هم يرحبون بى من جديد.

·     وما حقيقة تلقيك مكالمة تليفونية من مدير قناة الحافظ لدعوتك للمشاركة فى إحدى حلقات المصالحة بين رموز الدين السلفيين والفنانين؟

- بالفعل فقد فوجئت باتصال من مدير قناة الحافظ يطلب منى أن أكون ضيفًا بإحدى حلقات التصالح التى أعدتها قناة الحافظ الهدف منها التصالح بين رموز الدين وفنانى مصر.. وقد رحبت بالفكرة لأن التصالح أصبح دور كل مصرى على مستوى جميع المجالات وبين جميع الأفراد وليس فقط بين رجال الدين والفنانين خلال هذه الفترة حتى ننهض بمصر من جديد بلا منازعات، فالتصالح من أعظم القيم التى تحفز على نهوض أى أمة.

·     ولكن ربما يتسبب هذا فى هجوم جديد على الفنان طلعت زكريا خاصة من فنانى وفنانات مصر الذين تعرضوا للإهانة على يد بعض رموز الدين وقد يراها البعض أيضا محاولة لركوب الموجة باعتبار التيار الدينى هو التيار الحاكم الآن؟

- لماذا الهجوم؟! فأنا فى الأساس ذاهب من أجل المصالحة فهل هذا من المفترض أن يكون جزاء موقفى.. فأنا لست مع طرف ضد طرف ولكن الفن بذرة فى تكوين المجتمع المصرى وهؤلاء الرجال لم يبادروا بهذه المصالحة إلا بعد أن أدركوا تلك الحقيقة وهى أنه من المستحيل أن يتم الاستغناء عن الفن وأهله، ولكن بالنسبة لنجماتنا.. ونجومنا ممن تعرضوا للإهانة فلهم كامل الحرية بالرفض أو القبول ولكن نحن كممثلين من حقنا أيضا البحث عن الاستقرار خاصة أن الطرف الثانى صاحب المبادرة وإن كان أخطأ.. فإنه أيضا اعترف بهذا الخطأ وهو الآن يعمل من أجل تصحيحه لهذا لابد من الترحيب بهم وبهدفهم من أجل حياة مستقرة فنحن جميعا إخوة- مسلمون ومسيحين- إلى الأبد، فنانين أو صحفيين، مهندسين، أطباء كلنا إخوة على أرض واحدة، لهذا دعونا نهدأ بعض الشىء لنرى ماذا لديهم من أجل مصر.

·     دعنا ننتقل إلى مشروعاتك الفنية القادمة ونبدأ من الشاويش عطية وتجسيد السيرة الذاتية للفنان رياض القصبجى، ما الذى جذبك لهذه التجربة خاصة أنك صرحت كثيرا أنك لا تميل إلى أعمال السير الذاتية؟

- هذه الشخصية بالذات شخصية ثرية جدا إنسانيا وفنيا، فدائما ما نجد فى أعمال السيرة الذاتية قيامها إما على معلومات معروفة ومتاحة عن الشخصية موضوع العمل أو أنها خالية تماما من أى جديد وفى كلتا الحالتين لا تحقق نسبة المشاهدة المنتظرة.. ولكن رياض القصبجى تلك الشخصية الغامضة للكثيرين وربما بالنسبة للجميع.. فصلة التعارف الوحيدة بينه وبين الجمهور هى أعماله فقط ولكونه نجم الدور الثانى وبعيدا عن السياسة اعتمادا منا على حياته الشخصية لا غير وافقت من حيث المبدأ لثقتى فى الجمهور الذى سيظل لديه من التشويق لمعرفة هذا الفنان بل الإنسان عن قرب، هذا إلى جانب وجه الشبه بينه وبين والدى وقد بدأ الكاتب طارق بدوى ونجل الفنان رياض القصبجى «فتحى القصبجى» الذى يشارك فى وضع الملامح الخاصة بوالده وهو شخصية متعاونة جدا وصورة طبق الأصل من والده وقد انتهى من كتابة ثلاثين حلقة، وبعد العديد من المشاكل والمعوقات الإنتاجية العمل الآن بين يدى قطاع الإنتاج لبحث الميزانية الخاصة بالعمل التى تقدر مبدئيا بعشرين مليون جنيه، وإلى أن تنتهى المشاورات أنا فى انتظار بدء التصوير للحاق بموسم رمضان المقبل.

·     «المزرعة» واحد من الأعمال الدرامية التى تعرضت إلى الرفض من قبل الرقابة لتناوله رموز النظام السابق، ما هو مصيره إلى الآن؟

- سوف يتم استكماله خلال الشهر الجارى للحاق بموسم رمضان المقبل وهو بالفعل يتناول رموز النظام السابق وبعيد تماما عن الشخصيات المدانة بالمسلسل فأنا أجسد شخصية مأمور سجن المزرعة الذى أصبح وزيرا للداخلية الآن والذى مبدأه فى الحياة ارحموا عزيز قوم ذل، صورنا يوما واحد وبعد ذلك جاء قرار الرقابة التى رفضت استكمال التصوير إلى أن يتم الانتهاء من التحقيقات ولكن منذ أيام جاء إلى محسن الجلاد بعد موافقة الرقابة وأبلغنى أن التصوير سوف يتم استكماله هذا الشهر.

·        «العراب» وأحدث لقاء يجمع بينك وبين الزعيم عادل إمام، ماذا عن هذه التجربة؟

- مجرد ترشيح جاء من قبل كاتب العمل الذى أكن له كل التقدير والاحترام الكاتب يوسف معاطى.. فقد فوجئت به يحدثنى عن هذا العمل وأنه يرشحنى لدور مهم ضمن سياق الأحداث وإلى الآن لم يكتمل العمل ولم تتم موافقة الزعيم بعد وأيضا المخرج رامى إمام، ولكن لمجرد الترشيح فأنا سعيد به وأتمنى أن يتم بنجاح.

·        وماذا عن فيلم حارس الريس للكاتب يوسف معاطى؟

- الفيلم فى مرحلة الكتابة الآن وسوف أجسد من خلاله دور حارس الرئيس ولا نقصد رئيسًا بعينه بل هو حارس لرئيس جمهورية هذا الوطن سواء مبارك أو محمد مرسى الذى يكون بمثابة نبض الشارع عند الرئيس من خلال نقله لأهم هموم ومشاكل المجتمع والشعب إلى الرئيس، وإلى الآن من المتوقع أن يقوم الفنان حسن يوسف بدور الرئيس، وأنا سعيد جدا بهذه الفكرة فقد.. أخذت أنا ويوسف معاطى وعدًا على أنفسنا منذ تقديم طباخ الريس أننا سوف نقدم عملا عن كل رئيس يحكم مصر نقدم من خلاله سلبيات وإيجابيات هذا الرئيس.

صباح الخير المصرية في

29/01/2013

 

خيوط العنكبوت والتراب أبطال المشهد الآن!

كتبت: ايمان القصاص وتصوير شريف الليثى  

استكمالا لتحقيق سابق بعنوان سينمات الأحياء الشعبية خرابات الآن.. نواصل رصد مزيد من دور العرض التى تحولت إلى أماكن للأشباح.. حكايات من دم ولحم تراءت لنا عند بحثنا عن ماض مزدهر لسينمات الأحياء القاهرية ورغبة صادقة من أصحاب العشرة فيها وحولها من أن تعود أمجادها ويعم خيرها المادى والثقافى والاجتماعى على الجميع.. شاركونى الرحلة لنرى مصير سينمات من زمن حاضر وفات .

كوزموس الأصلية

عماد الدين، الشارع الشهير الذى كان يشع منه الفن وكانت توجد فيه أهم المسارح والملاهى الليلية والسينمات، أثناء تجولنا فيه تخيلت أننى أخطأت فى هذا الشارع العريق من كثرة الهدوء والظلام الذى يجتاح شارع السهر والترفيه والفن تحول بعد كثرة المحال والسينمات المنارة طوال الوقت إلى أماكن مغلقة.. من أماكن تشع منها البهجة والفرح إلى أخرى حزينة.

بداية مشوارنا كانت بالسينما كوزموس الأصلية فى منتصف الشارع الذى تحول «بقدرة قادر» إلى عقار سكنى أول ثلاثة طوابق منه لشركة أوراق مالية، ولا يوجد أى ملامح لوجود سينما عريقة فى هذا المكان.. وأمام المرحومة سينما كوزموس يوجد محال لبيع العصير وكان شاهدا على هذه السينما أثناء تواجدها الحاج حسين خليفة محمد 75 سنة قال: أقطن من السبعينيات فى هذا المكان وأتذكر هذه المنطقة، حيث كان من الصعب أن يسير بها شخص بسيارته من كثرة الزحام على السينمات والمسارح، وأضاف خليفة: سينما كوزموس حدثت لها حالة من الركود منذ 51عاما عندما قرر أصحابها بيعها وفى أقل من عام تم بناء هذا البرج السكنى على الرغم من أن شارع عماد الدين كانت توجد به سينمات الدرجة الأولى، لكن الآن الوضع سيئ للغاية وتحضر فى هذه السينمات الطبقات الفقيرة والأقل من المتوسطة وانتهت تماما منذ أواخر الثمانينيات ظاهرة حضور الأسر إلى السينما بسبب تدنى مستوى السينمات وتدهورها.

سينما الريحانى

أمام سينما كوزموس أيضا يوجد مبنى يبدو عليه الإهمال الشديد ولايوجد عليه أى نوع من الإضاءة وبعد اقترابنا منه وجدنا لافتة فوق المبنى تحمل «سينما ومسرح الريحانى» لا أحد يصدق أن هذا المبنى الذى تحتوى جدرانه على أهم ذكريات النجوم.. والمسرح الذى حضر فيه الأمراء المصريون والعرب وأهم الشخصيات أن يصل به الحال إلى ذلك.. حاولنا الدخول إلى المسرح وجدنا العديد من العمال والحرس لهذا الصرح الكبير ولكن جميعهم رفضوا الحديث معنا عن أى شىء، وقالوا «لو عايزين تسألوا عن حاجة كلموا أحمد الإبيارى مدير المسرح حاليا».

بعد خروجنا منه محبطين لرفضهم الحديث معنا وجدنا فى الخارج مصمم الرقصات فى مسرح وسينما الريحانى أحمد يونس الذى قال لنا:

عرضت فى هذه السينما فيلماً واحد فقط ولم يتكرر هذا بعد ذلك وعملت مسرحا لعرض المسرحيات فقط، وكان آخرها مسرحية سكر هانم من بطولة الراحل عمر الحريرى ولبنى عبدالعزيز وأحمد رزق.. أتمنى المسرح يعود مرة أخرى، فالفن هو منارة المجتمع فيجب أن نقف جميعا يدا واحدة لكى يعود الفن إلى مكانته مرة أخرى.

بجوار مسرح وسينما الريحانى وجدنا عاملاً فى أحد المحال يدعى حسين على 47 سنة، وقال: نحن تأثرنا كثيرا بغلق السينمات والمسارح فبعد ما كان هذا الشارع العريق يعمل طوال الليل والنهار أصبحنا نغلق المحال من الساعة التاسعة مساء لعدم وجود مارة فى الشارع ولسبب آخر هو عدم إحساسنا بالأمان فى هذه الأيام، وأضاف حسين: أتمنى عودة السينمات مرة أخرى لهذه المنطقة كى لا «تخرب بيوتنا أكثر من ذلك» وخصوصا سينما كوزموس وسينما ومسرح الريحانى أو ريتس لأنها قريبة من مكان عملى فأنا أتذكر أن سينما ومسرح الريحانى كان يحضر فيه أهم شخصيات فى المجتمع والوطن العربى كله لكن الآن الوضع فى غاية السوء.

سينما كريم

وبعد تجولنا فى الشارع الشهير الذى ضم أكبر عدد للسينمات فى القاهرة كلها وجدنا مبنى كبيراً توجد أمامه قمامة وحجارة وطوب وشباك تذاكره تدهور به الحال وتم تكسيره نتحدث عن «سينما كريم» 1و2 التى طالها الاهمال من الخارج بشكل كبير، اقتربنا أكثر من باب السينما وبالصدفة وجدنا حارسا داخلها استأذنته أن يسمح لنا بالدخول إلى السينما وتصويرها من الداخل كنت أتوقع أن يد الإهمال طالتها من الخارج فقط ولكن للأسف الشديد وجدتها من الداخل أسوأ بكثير فمعظم كراسى القاعة لا تصلح للجلوس عليها، العنكبوت يتواجد فى كل مكان فيها.. لا ترى لونا للمقاعد من كثرة التراب المتواجد عليها، وبسؤال حارس السينما قال: كل الذى أعرفه عنها أنها توقفت منذ 4 سنوات وكان آخر فيلم هو «الدادة دودى» من بطولة ياسمين عبدالعزيز، وبعد نزول الإعلان عنه لم يعرض وأغلقت السينما من وقتها ولا أعرف ما مصيرها ولكن كل الذى يتردد أنها ستفتح قريبا والذى فى يده القرار فى ذلك نقابة المهن التمثيلية.

سينما ومسرح قصر النيل

المسرح اللى وقفت عليه أم كلثوم وشهد حفلات أضواء المدينة والحضور الدائم لملك الترسو فريد شوقى الآن مغلق!!

السينما والمسرح على الرغم من تجديدهما العام الماضى وتجهيزهما للعمل مرة أخرى وجدنا داخلهما عم كمال الحارس الخاص بهما والذى صرح لنا لا أعرف متى ستفتح سينما ومسرح قصر النيل وقد جهزت للعمل العام المقبل وتم عرض مسرحية « باركسا» عليها ولكن عندما جاءت الثورة تم إلغاؤها لأن المسرح قريب من ميدان التحرير وكان آخر فنان عرض عليها أعماله هو محمد صبحى وكان فى هذه الفترة مستأجر المسرح والسينما من المنتج محمد فوزى صاحبها الحالى ومن قبله سمير غانم.

بجوار السينما يوجد أكثر من معرض لبيع المصنوعات الجلدية توقفنا عند أحدها وتحدثنا مع صاحبه الحاج «إسماعيل التميمى» الذى قال لنا: هناك ذكريات كثيرة جمعتنى بهذه السينما فقد كان هناك عرض للملك فريد شوقى وأثناء دخوله السينما وجد المعرض الخاص بى واشترى حذاء وبعدها عاد إلى العرض وغيره من الفنانين مثل شيرين وحمدى أحمد وماجدة زكى والعزبى وأمينة رزق وكمال أبورية.

بجوار معرض عم إسماعيل يوجد معرض آخر للمصنوعات الجلدية أيضا الذى قال لنا صاحبه: كل اعتمادنا فى دخلنا على هذه السينما والمسرح وبعد إغلاقها تأثرنا كثيرا وأتمنى عودتها بفارغ الصبر لكى تعيد الحيوية لهذا الشارع مرة أخرى.

سينما راديو

سينما راديو أشهر سينمات وسط البلد والتى تقع بالقرب من ميدان طلعت حرب وتعتبر من أقدم دور العرض بالقاهرة وشهدت أولى عروض الأفلام بها وكان يحضر فيها عدد هائل من أهم النجوم، الآن لا يوجد ملامح لهذا الصرح العريق غير الأفيشات الخاصة بإعلانات برنامج «البرنامج» لباسم يوسف الذى يصور على مسرح راديو كل يوم أربعاء من الأسبوع واللوجو الذى كان يظهر على العمارة الخاصة بالسينما أصبح الآن لا أحد يشاهده من كثرة التراب وتكسير بعد الحروف من عليها قبل الدخول إلى الممر المؤدى إلى السينما يوجد كرم السيد حسن الملقب «بالنقيب» الذى يمتلك أحد المحلات وصرح قائلا: أتواجد فى هذه المنطقة منذ 18 سنة وقد أغلقت سينما راديو منذ حوالى 12 عاما إلى أن جاء باسم يوسف وأجر المسرح ثلاث سنوات مقابل 10 ملايين جنيه.

وأضاف النقيب: لا أستوعب إلى الآن كيف حدث ذلك لهذه السينما العريقة فكانت تعمل بشكل جيد لدرجة أنه كان هناك أشخاص يعملون بالسوق السوداء بجوار السينما من كثره الإقبال عليها وكانوا يشترون التذاكر ويبيعونها للجمهور وكنا نعمل طوال الليل والنهار ودائما يتواجد جمهور فى هذه المنطقة.

بداخل السينما وجدنا مدير المسرح الذى قال لنا: هذا المكان يتكون من طابقين الأول هو المسرح الذى يعرض فيه باسم يوسف حاليا برنامجه والدور الثانى هو السينما وهذا العقار تملكه شركة الإسماعيلية للعقارات وهى تشترى العقارات القديمة فى وسط البلد وهى لديها مشروع وهو المحافظة عن التراث وعودة وسط المدينة كما كانت من قبل.

وأضاف قائلا: محمد صبحى آخر فنان قدم أعمالا على هذا المسرح منذ فترة طويلة وكل معلوماتى عن ذلك أن هذه السينما أصحابها هما «إخوان جعفر» واستأجرها منهم واصف فايز لمدة عشرين عاما وبعد انتهاء هذه المدة ظهرت شركة الإسماعيلية للعقارات منذ ثمانى سنوات واشترت العقار بأكمله بما فيها السينما والمسرح.

سينما الفانتازيو

فى ميدان الجيزة تقع سينما الفانتازيو وهما واحدة صيفية والأخرى شتوية، الغريب عن المنطقة لا يستطيع أن يعرف أن هذا المكان كان يوجد به سينما شهيرة من شكل المكان المتهالك وواضح عليه أنه مغلق منذ عدة سنوات طويلة ويوجد عليه أفيشات لأفلام قديمة وجدنا بجوار السينما شابا يدعى أحمد محمد 92 سنه قال لنا: السينما مغلقة منذ فترة طويلة وقبل إغلاقها بفترة شباب المنطقة كانوا يبحثون عن سينما أخرى يشاهدون فيها الأفلام بسبب سوء سمعة سينما الفانتازيو الصيفية والشتوية!

اشترك معه فى نفس الرأى إبراهيم عبدالرازق قائلا: هذه السينما أغلقت من حوالى عشر سنين تقريبا بسبب خلافات حادة حدثت بين الشركاء فاضطروا إلى غلقها.

لم تنته الرحلة ، ولم تنته الحكايات، ولم ينته مسلسل الإغلاق والإهمال.. والسؤال الذى نوجهمه لمن يهمه الأمر.. هل من أمل فى عودة هذه السينما للعمل مرة أخرى؟

حيث لم يبق منها سوى الذكريات.

صباح الخير المصرية في

29/01/2013

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)