حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

قيس الزبيدي:

يصعب صناعة فيلم ناجح عن فلسطين لا يُصوّر داخلها!

حاوره وحيد تاجا

 

وحيد تاجا التقى السينمائي العربي قيس الزبيدي في بيروت وحاوه في الكثير من القضايا التي تتعلق بالوضع الراهن للسينما العربية كما ناقشه فيما أنتجه وأخرجه وعمل فيه كومنتير من أفلام فلسطينية في الماضي. الحوار نشر في جريدة "المستقبل" اللبنانية بتاريخ 21 يناير...

قدم وحيد تاجا للحوار الذي أجراه مع الزبيدي على النحو التالي:

مرت السينما الفلسطينية بتجربة طويلة أنتجت خلالها كماً كبيراً من الأفلام. ولكن هل استطاعت أن تخلق شخصيتها المتميزة على مستوى المضمون والقيمة الجمالية.

حول هذا الموضوع التقينا المخرج السينمائي قيس الزبيدي. والمعروف أن المخرج الزبيدي هو عراقي الجنسية، كما يحب هو أن يقدم نفسه، أنجز الكثير من الأفلام عن القضية الفلسطينية منها: "بعيداً عن الوطن" (1969) ثم (صوت من القدس) 1977، و(وطن الأسلاك الشائكة) 1980، و(حصار مضاد) 1978، و(فلسطين.. سجل شعب) 1984، و(مواجهة) 1983، و(ملف مجزرة) 1984.. كما كتب واخرج الفيلم الروائي الطويل "اليازرلي". فضلا عن إصداره موسوعة عن (فلسطين في السينما) والذي اشتغل على مدى خمس سنوات لتجميع مادتها وإعدادها. وحصلت أفلامه على العديد من الجوائز العربية والعالمية.

وإلى الحوار نفسه:

·     ** مرت السينما الفلسطينية بتجربة طويلة أنتجت خلالها كماً من الأفلام..هل استطاعت برأيك أن تخلق شخصيتها المتميزة على مستوى المضمون والقيمة الجمالية؟

ـ واقع الحال يقول إن السينما الفلسطينية لم تمر بحالة من الاستقرار كي تؤسس لصناعة سينمائية حقيقية، بالتالي فان كل مرحلة من المراحل التي مرت بها السينما ارتبطت بشكل أساسي بمراحل الثورة الفلسطينية. فقد بدأت السينما كإنتاج فلسطيني مع الثورة الفلسطينية ومع منظمة التحرير وفصائل المقاومة كانت البداية في الأردن ومن ثم في لبنان حتى 1982.. كانت الظروف حينذاك مختلفة تماما، لم يكن مطروحا في تلك الفترة ان تكون السينما الفلسطينية هي مساهمة فنية وجمالية بقدر ما كانت مجسمة في بوستر يضم كاميرا وبندقية في آن معا. بمعنى محاولة تحويل الكاميرا للعب دور الفدائي اكثر مما تبحث عن أشكال فنية وجمالية، ولم يكن بين هذه الأفلام التي أنتجت في تلك المرحلة فيلم واحد يحكي عن حياة الناس الفلسطينيين ويوميات عيشهم الصعبة... كانت السينما الفلسطينية - سينما المقاومة - فالمصور كان يذهب مع المجاهدين ويستشهد معهم، ومن هؤلاء اذكر المصور والمخرج السينمائي "هاني جوهرية" الذي استشهد اثناء تصوير معركة الجبل اللبناني في عينطورة، وهو واحد من ثلاثة أسسوا وحدة السينما والتصوير الفلسطينية.. وأول من رافق الثوار في العمليات الأولى داخل الأرض المحتلة..كما استشهد عبد الحفيظ اسمر وإبراهيم مصطفى في بنت جبيل أثناء تصوير العدوان الإسرائيلي علي جنوب لبنان، والان بعد مضي تاريخ طويل لابد من الاعتراف ان هذه السينما كانت مهمة جدا في حينها لأنها وثقت لمرحلة من مراحل الثورة الفلسطينية.

جمالية

·     **ولكن كان هناك أيضاً محاولات جادة من بعض المخرجين لتأسيس سينما ذات جمالية وسوية فنية عالية بشكل ما؟

ـ هذا صحيح، داخل الإطار العام وداخل هذه البنية كان هناك محاولات جادة لعمل سينما تسجيلية ذات مضمون وطني وجمالي بشكل ما في ان معا، ولم يكن هذا مقتصرا فقط على السينما خارج فلسطين في الشتات، وإنما أيضاً داخل فلسطين المحتلة، ومن هذه المحاولات فيلم (يوم الأرض) للمخرج غالب شعث والذي اشتغلت فيه أيضا، وتكمن أهمية هذا الفيلم في أنه كان من أوائل الأفلام العربية عامة والأفلام الفلسطينية خاصة والتي صورت مادته الرئيسية داخل أراضي وقرى فلسطين المحتلة عام 1948، وهو لم يعتمد فقط على أرشيف وكالات الأنباء العالمية التي صورت تلك الأحداث، بل كان هناك فريق تصوير سينمائي ذهب خصيصاً لتصوير الاحتفالات والمسيرات التي أقيمت في الذكرى الأولى ليوم الأرض.. فقد كنا في تلك الفترة غير قادرين ان نصور في فلسطين ولكننا كنا نلجأ أو نستعين بمجموعات أوروبية متضامنة مع الفلسطينيين تذهب وتصور هناك.. إضافة الى وجود اشخاص في فلسطين يوجهونهم ويعرفونهم.. وقد عرض هذا الفيلم في حينها بمهرجان لايبزغ وحاز الجائزة الذهبية، ليس فقط لانه كان يتعرض لنضال الشعب الفلسطيني، وإنما لان السوية الفنية للفيلم كانت عالية جدا. فقد كان يمكن منحه جائزة عادية كونه فيلماً يتحدث عن نضال الشعب الفلسطيني ولكن ان يمنح جائزة ذهبية، وليس هناك في تاريخ السينما العربية أي فيلم حاز على مثل هذه الجائزة العليا، فهذا يؤكد على قيمته الجمالية أساسا قبل قيمته السياسية...

·        **اذكرأيضاً ان فيلمك (وطن الأسلاك الشائكة) كان هذا الإطار وقد نال العديد من الجوائز؟ 

ـ فيلم (وطن الأسلاك الشائكة) انتج عام 1980، وصورته أيضاً في الأراضي المحتلة، وقد عرض أيضاً في مهرجان لايبزغ وحصل على جائزة من اتحاد النقاد وعرض في مهرجان دمشق وحاز على الجائزة الذهبية. واذكر عندما تم عرض الفيلم في بيروت شكل حالة خاصة ولاسيما انه كان يظهر الكثير من الأماكن والمشاهد والناس من داخل فلسطين والتي لا يعرفها الجيل الجديد الا من خلال الأحاديث، وكنت حريصا على أن يشاهد الفلسطينيون في الخارج وطنهم الجميل (وقتها لم يكن هناك فضائيات). 

والمفارقة انني انتقدت من قبل بعض النقاد الفلسطينيين لأنني أظهرت الأطفال في المستعمرات الصهيونية في منتهى الترف والتحضّر، بينما أظهرت الأطفال الفلسطينيين بمظاهر عُدّت سيئة وحولهم الوحول والذباب. أليس هذا الواقع؟ قلت للمنتقدين، إن الصراع هنا صراع وجود لا صراع مظاهر. 

ايضا هناك فيلم ثالث انتجه المخرج اللبناني جان شمعون مع مخرج ايطالي عن تل الزعتر كان فيلما جيدا أيضا، وقد نال فيلم "تل الزعتر" الجائزة الفضية في مهرجان بغداد الدولي حول السينما الفلسطينية، وعرض في التلفزيون الايطالي، وانتج بمشاركة ايطالية من خلال مؤسسة "يونتيل فيلم" الايطالي ".

سجل شعب

·        **وماذا عن فيلمك "فلسطين.. سجل شعب"؟

ـ فيلم "فلسطين.. سجل شعب" أنتج عام 1984، هو أول فيلم تاريخي يتحدث بالوثيقة عن تاريخ الشعب الفلسطيني ونضاله كقيمة توثيقية، وقد نال جائزة لجنة التحكيم الخاصة في مهرجان فالانسيا عام 1986، وجائزة لجنة التحكيم الخاصة في مهرجان دمشق السينمائي الرابع عام 1985... وهو يحتوي على قدر كبير من الوثائق السينمائية والفوتوغرافية عن تاريخ فلسطين، مأخوذة من المتحف العسكري البريطاني بلندن، والمركز الألماني للوثائق والأرشيف ببرلين، ومن التلفزيون الإيطالي، ومن أرشيفات واشنطن وبودابست وبولندا ووارسو، إضافة إلى قسم الوثائق في بيروت، كما يتضمن مقابلات مع زعماء فلسطينيين مثل "أكرم زعيتر" والشيخ "عبد الحميد السائح" وغيرهما.

·        ** وكيف استطعت تأمين هذا الكم الكبير من الوثائق؟

ـ بدأت منذ عام 1980 الاستقصاء والبحث عن الوثائق في العديد من العواصم والمراكز المتخصصة بالموضوع الفلسطيني، وذلك بالتعاون مع خبيرين تاريخيين، الأول فلسطيني من عرب 48 هو "إميل توما" والآخر يعتبر من المؤرخين الجادين في ألمانيا وهو "مارتن روبا"، وقد استغرقت معرفة أماكن تواجد الوثائق ثلاث سنوات متواصلة، وكنا كلما حصلنا على وثيقة جديدة نضيفها إلى الفيلم، ومنها على سبيل المثال خمسون صورة عن لقاء الملك "فيصل" في مؤتمر سان ريمو، وبدايات تكوين عصابات الهاغاناه الصهيونية في فلسطين والصفة العسكرية لهم.

·        **الملفت ان معظم الأفلام الفلسطينية تعرض في المهرجانات فقط؟

ـ مشكلة السينما الفلسطينية، وخاصة التسجيلية منها، أنها كانت تعرض دائما في مهرجانات أو تظاهرات ثقافية، كما لم تكن التلفزيونات العربية تهتم كثيرا بعرض الأفلام الفلسطينية.. قد يكون الأمر تغير حاليا مع الأفلام الروائية الطويلة. 

·     ** كأنك حصرت مفهوم الفيلم الفلسطيني بالأفلام التي صورت داخل الأراضي المحتلة.. فماذا عن الأفلام التي قدمها مخرجون أوروبيون؟

ـ هذا لأني أتحدث عن تلك الفترة التي أسميناها فترة الثورة الفلسطينية والتي عملها بالدرجة الأولى فلسطينيون وعرب، ولكن في ذات الوقت وفي فترة السبعينات بشكل ظهر موازٍ مجموعة من السينمائيين الأوروبيين من الدانمارك وألمانيا وهولندا والسويد عملوا مجموعة أفلام، وبطبيعة الحال كانت أفلامهم تختلف كثيرا على الصعيد الفني والجمالي عن أفلام الثورة الفلسطينية أو ما يسمى أفلام المنظمات الفلسطينية لانه في أوروبا تراث سينمائي كبير وتقنيات عالية، وكان عرض هذه الأفلام في بعض التلفزيونات الغربية يسبب حالة مواجهة مع "إسرائيل"، كما حصل مع فيلم "معركة من اجل القدس للمخرج السويدي بيوهولم كوست، حيث احتجت السفارة الإسرائيلية وقتها على عرض الفيلم في التلفزيون السويدي وحصلت مشكلة، وكذلك عندما تم عرض فيلم (فرويد في غزة) للمخرج نفسه، وقد سبق ان أخرج فيلماً عن تحويل غزة إلى سجن كبير بعنوان (غيتو غزة) والذي نال عدة جوائز، كذلك هناك مخرج ألماني عريق عمل فيلم عن الأطفال في ألمانيا وتعرض لأطفال الانتفاضة وقد حصلت مشكلة مع السفارة الإسرائيلية أيضاً ومنعت فيلمه وأقامت عليه دعوى قضائية بتهمة معاداة السامية. عرض لمرة واحدة ومن ثم منع الفيلم في ألمانيا، كما ان هناك مخرجين كنديين عملوا سبعة افلام عن القضية الفلسطينية، وعندما عملت كتابي (فلسطين في السينما) أحصيت حوالي 800 فيلم حتى نهاية 2005 عملت في العالم قاطبة، منها 204 أفلام قدمها مخرجون أوروبيون عن القضية الفلسطينية.

أفلام حديثة

·     **وماذا عن الأفلام الفلسطينية الحديثة التي يعملها مخرجون فلسطينيون من داخل الأرض المحتلة؟ 

ـ اختلفت هنا سوية الأفلام فنيا وتقنيا، وهي أفلام روائية في الغالب بعكس الفترة الماضية التي غلب عليها تصوير الأفلام التسجيلية والوثائقية، ومعظم هؤلاء المخرجين هم من عرب 1948 وهم يحملون الجنسية الإسرائيلية بغض النظر عن المعاملة التي يتعاملون فيها هناك، ولكن اغلبهم يقيم في أوروبا ولكنهم يصورون أفلامهم في فلسطين، وهذه ميزة مهمة بحد ذاتها، مثل المخرج ميشيل خليفي الذي لفت الانتباه في فيلمه (الذاكرة الخصبة) والذي صور في فلسطين كما هي حال أفلامه الأخرى، أيضاًهناك رشيد مشهراوي والمخرج المهم ايليا سليمان، وكذلك هاني أبو اسعد، وهناك أيضاً علي نصار وهو أيضاً من الناصرة عمل عدة أفلام.. وبطبيعة الحال عندما تصور فيلما سواء كان روائيا أو تسجيليا داخل فلسطين فهي فرصة مهمة لم تتح لنا عندما بدأنا العمل في السينما الفلسطينية الا في المثالين اللذين ذكرتهما وهذا يعطي الفيلم قيمة خاصة.. 

·        ** يلاحظ عدم اهتمام العرب بشكل عام بالسينما التسجيلية رغم اهميتها؟

ـ ربما كان من احد أسوأ أمراض السينما العربية هو عدم امتلاكها تجربة غنية وقوية وعميقة في السينما التسجيلية، وربما يعود هذا الى ان معظم الأفلام العربية تصور داخل الاستديوهات وتعتمد على قصص أدبية مكتوبة بحيث أنها شكلت جمهورا سينمائيا عريضا لا يحب الأفلام التسجيلية الوثائقية، لأنه لم يختبر أساسا تجربة استقبالها والتواصل معها. الان وبعد نشوء الفضائيات أصبح الجمهور يعرف الفيلم التسجيلي إضافة للأحداث والأخبار فالناس شاهدوا ما حصل في غزة عبر التسجيل.. ولكن على صعيد الاستقبال لا يوجد حتى الان عندنا جمهور يتابع الأفلام التسجيلية والوثائقية مثلما هو الحال في أوروبا، حيث يوجد مهرجانات مهمة جدا للأفلام التسجيلية مثل مهرجان لايبزغ حيث اعتاد الجمهور ان يتمتع بمشاهدة الأفلام التسجيلية، والتي يجب ان تتمتع أيضاً بجمالية وفنية ذات مستوى عال، كما يتمتع برؤية الأفلام الروائية. وعلى الصعيد الفلسطيني فان العودة الى حقيقة الماضي وتجاربه ومآسيه والنضال أيضاً للشعب الفلسطيني له علاقة بالسينما التسجيلية الوثائقية. فلسطين الماضي لا يستطيع احد تذكرها في تعاقب الأجيال الا من خلال التوثيق بكل وسائله... والسينما التسجيلية الوثائقية تلعب دورها في هذا... قضية فلسطين ليست إعلامية فقط وانما هي في السينما، هي تأكيد على هوية الشعب الفلسطيني وحياته اليومية في الماضي والحاضر. 

ويمكن القول أن الفيلم الروائي نشأ داخل الحركة التسجيلية، كما هو الحال في السينما الكوبية مثلا، وهي حركة تقترب من الواقع المباشر، فالفيلم التسجيلي يصور مباشرة الناس والأحداث والشخصيات، كما ان الفيلم الروائي لا يستطيع ان يكون بعيدا عن الواقع لان التجربة التسجيلية تظهر وتبرز الواقع مباشرة.

المعالجة والواقع

·     **وكيف ترى معالجة الأفلام الفلسطينية الجديدة للواقع الفلسطيني اجتماعيا وسياسيا..أي كيف نقيمها من الخارج؟

ـ هذا موضوع شائك وهناك اكثر من وجهة نظر حوله وهذا مرتبط أساسا بمصدر التمويل، فإذا كان التمويل غير فلسطيني، وليس هناك طبعا تمويل فلسطيني كما هو معروف، لن يستطيع صانع الفيلم ان يعبر تماما عما يريد لان هناك شروطاً تتعلق بالمفهوم السياسي للممول والخطوط الحمراء، وتتعرض أيضاً لموضوع الجمهور وما يرغب بمشاهدته، واذكر أنني كنت في برلين عندما عرض فيلم "الجنة الان" للمخرج هاني أبو اسعد وهو إنتاج فرنسي - ألماني مشترك، وكان هناك حضور كثيف جداً لان الفيلم يتناول موضوع العمليات الاستشهادية، ولكنه عندما عرض في فلسطين قوبل بكثير من الانتقادات لانه لم يعرض الأشياء كما هي إنما قدمها من وجهة نظر مراوغة لانه يقدمها هنا لجمهور مختلف.. وبطبيعة الحال اذا عملت "حماس" أو تلفزيون "المنار" مثلا فيلما عن العمليات الاستشهادية فلا بد ان تختلف الصيغة كثيرا.

ولكن يجب ان نعترف ان هذه الأفلام استطاعت ان تكون فلسطينية وان تتجاوز الكثير من الصعوبات، والمشكلة الكبرى انه ليس هناك استقرار سياسي في فلسطين وليس هناك جهات تدعم الفيلم الفلسطيني الا فيما ندر. وعربيا ليس هناك أي محاولة لدعم السينما الفلسطينية رغم كل الادعاءات التي تقال.

الإنتاج العربي

·     **لماذا تراجع الفيلم الفلسطيني في الإنتاج العربي.. سوريا مثلا قدمت في السابق أفلاما مهمة جدا عن القضية الفلسطينية؟

ـ المسألة هي صعوبة ان تعمل حاليا فيلما عن فلسطين من خارجها بينما كان هذا ممكنا في السابق.. اذا اخذنا فيلم "المخدوعون" نرى ان أحداثه لم تصور داخل فلسطين وإنما استخدم الصورة، وقد ذهب المخرج توفيق صالح إلى مدينة البصرى وصور هناك بين البصرى والكويت، وكذلك حال فيلم "كفر قاسم" للمخرج برهان علوية فقد صور في ضيعة سورية في اللاذقية، هناك صعوبة ان تتحدث عن فلسطين.. وعن بيئة فلسطينية وأحداث فلسطينية وأناس وشخصيات ولا تصور في فلسطين، ولهذا نرى ان الأفلام المصرية التي تحدثت عن فلسطين لم تكن لها قيمة كبيرة مثل "المخدوعون" أو فيلم اللبناني برهان علوية "كفر قاسم"(!) لأنها غالبا ما كانت تصور داخل الاستديوهات ولكنها من منطلق دعم القضية فكل يدعم القضية حسب إمكانياته، ولكننا هنا نتحدث عن نتائج ولا تكفي الرغبات الطيبة والنبيلة، وكهذا نرى أن الأفلام الفلسطينية الحديثة أكثر مصداقية وبالتالي جماهيرية في الوقت نفسه لأنها تصور داخل الأراضي الفلسطينية رغم كل الصعوبات فالناس تريد أن ترى وتشاهد فلسطين وأراضي فلسطينية حقيقية.

عين على السينما في

22/01/2013

عطيات الأبنودي..‏

والسينمات الثلاث والفيلم التسجيلي! 

نشرت الصحفية آمال عويضة في "الأهرام" تحقيقا حول عطيات الأبنودي، المخرجة المصرية التي تخصصت في الأفلام التسجيلية، والتي أصدرت أخيرا كتابا ضخما حول مفهوم السينما الثالثة...

عطيات‏..‏ هذا ما يكفينا منها وهذا ما نعرفه مقربون وأقل قربا صغارا أو كبارا‏,‏ متجاوزين عن لقب عائلتها أو اسم شهرتها الذي لم تتخل عنه علي الرغم من انفصالها عن صاحبه منذ عقدين ويزيد‏.

هنا نص التحقيق المنشور:

الشابة التي تجاوزت السبعين تأبي أن يمر العام دون أن تهدينا كتابها السينما الثالثة الذي انتهت منه قبيل يناير2011 مباشرة وتسارعت الأحداث فلم يخرج إلي النور إلا بعد طول انتظار عن المجلس الأعلي للثقافة.

الكتاب

يقع الكتاب في 4 فصول من أربعمائة وتسعة وستين صفحة كتب مقدمته الناقد وزميل عمر الكاتبة كمال رمزيالذي أشاد بجهدها في التأريخ للسينما بموجاتها الفكرية وتطوراتها الصناعية وعلاقتها بالقضايا المرتبطة بالواقع حيث تصنف عطيات السينما في كتابها إلي سينمات ثلاث وتخصيص الفصلين الأول والثاني للحديث عن: السينما الأولي وهي سينما هوليوود ضخمة التكاليف واسعة الانتشار والتي لم تمنع رغم سطوتها ظهور السينما الثانية عقب الحرب العالمية الثانية, حيث انتشرت أفكار تنتقد السائد والمألوف كما في أفلام الواقعية الإيطالية والموجة الفرنسية وأفلام عكست تحركات شباب السينمائيين في أوروبا وأمريكا نفسها ممثلة في مدرسة نيويورك وظهرت في أفلام ساتاجيت راي الهندي وبينويل البولندي وكيروساوا الياباني وسيمبان السنغالي.

ويدور الفصل الثالث من الكتاب حول السينما والمشهد السياسي العالمي واختراع التليفزيون وحرب فيتنام والعنصرية في أمريكا وحركة التحرر الوطني في إفريقيا ثم جيل الستينيات وانتفاضة الطلبة وما أعقب ذلك من إصدار البيان الشهير للمخرجين فيرناندو سولاناس واوكتافيو خيتينو بعنوان نحو سينما ثالثة والذي ترجمته الكاتبة كاملا بينما خصصت الفصل الرابع لعلاقة السينما بدول العالم الثالث وخاصة في أمريكا اللاتينية فضلا عن تناول الخاتمة للسينما في عصر الديجيتال التي منحت صناع الفيلم آمالا وآفاقا جديدة لانتعاش كل الاتجاهات المعروفة وما يستجد.

مشوار

لا يمكن النظر للكتاب الصادر في معزل عن مسيرة صاحبته التي بدأت في الستينيات ووهبت معظمها للفيلم التسجيلي الذي انحازت فيه للبسطاء في واقعية فنية مسئولة وشاعرية منذ عرضت في جمعية الفيلم في القاهرة في 1971 فيلمها الأول حصان الطين ومدته 12 دقيقة بالأبيض والأسود عن معاناة الفقراء العاملين في صناعة الطوب لتتوالي بعده الجوائز والأفلام التسجيلية التي يتجاوز عددها 25 عملا عن الإنسان وهو ما يفسر انحيازها في الكتاب للسينما في علاقتها بالإنسان وهو أيضا ما يجعل منه إطارا إنسانيا/ عالميا لمشروع عطيات في وصف مصر ليصبح كتابها عن السينما وعلاقتها بالواقع مدخلا للسينما والواقع في مصر.

ويأتي كتاب السينما الثالثة في نهاية قائمة كتب متنوعة بقلم عطيات الأبنودي أولها أيام الديمقراطية في 1996 لتوثيق مكمل للفيلم التسجيلي عن تجربة المرشحات المصريات في انتخابات مجلس الشعب الذي خرج في طبعتين عربية وإنجليزية عبر منح كانت سببا فيما قبل لهجوم البعض بدعوي أنها تتلقي تمويلا أجنبيا ثم تلته في 1999 بشبه سيرة ذاتية عنوانها أيام لم تكن معه قبل أن تقدم في 2006 كتاب أيام السفر.

الكاتبة

تعترف عطيات أنها ليست كاتبة وإنما مخرجة باحثة تستخدم القلم أحيانا للتوثيق وإن ازداد الأمر صعوبة منذ إبريل الماضي بعد جلطة تركت آثارها علي البدن واللسان ولكنها لم تخدش الروح المقاومة. وهو ما دفعني لتهنئتها قبل أسابيع بعيد ميلادها لأحظي بإفطار معها ودعوة لاصطحابي إلي غرفة مكتبها ومشاهدة الفيلم التسجيلي الذي صنعه تحية لها مجموعة من الشباب المجتهدين لتعرضه الجزيرة الوثائقية.

تتابعه معي بينما تدخن سجائرها الكليوباترا وتسألني عن تفاصيل عني لم تنسها. عطيات امرأة التفاصيل المجتهدة التي اختارت أن تكون نفسها وكل ما حولها يؤكد ذلك: تفاصيل بيتها الذي لم يختلف كثيرا ما بين المقطم ومدينة نصر وملابسها ذات التصميم الريفي وحليها التي حملت دوما بصمة صديقة العمر الفنانة عزة فهمي.

وفي تلك التفاصيل تكمن إنسانية عطيات وهو ما يلخصه سؤالها الأول لكل من يدخل بيتها: إنت أكلت؟ وهكذا أيضا لخص الروائي عبده جبير ملامح عطيات الأم التي اكتفت بأمومتها المسئولة للأستاذة الجامعية الشابةأسماء يحي الطاهر عبد الله التي احتضنتها عطيات وتولت رعايتها بعد وفاة والدتها.

وقد اختارت عطيات بوعي أن تهدي كتابها إلي أستاذها المخرج الانجليزي بول وارين والمخرج المصري شادي عبد السلام وحفيدتها من أسماء دليلة التي تعكس إيمانا وأملا في أجيال تواصل حمل راية الفن والإنسانية في مصر.

تعليق من موقع "عين على السينما":

نود فقط الإشارة إلى أن الناقد أمير العمري كان قد خصص فصلا في كتابه "حياة في السينما" (الذي أهدى منه نسخة إلى عطيات الأبنودي في ربع 2010) للحديث عن "السينما الثالثة" متناولا ما يعرف بـ"السينما الأولى" ثم "السينما الثانية" قبل ان يتطرق إلى مفهوم السينما الثالثة ويستعرض تجربته الشخصية في مجال تأسيس جمعية تحمل هذا الإسم في مصر، كما أشار إلى أنه ربما تكون الأفلام التسجيلية التي تخرجها عطيات الأبنودي، هي الأقرب إلى روح السينما الثالثة. وذكر العمري في كتابه ان "بيان السينما الثالثة" الذي أصدره كل من أوكتافيو جيتينيو وفرناندو سولاناس في أمريكا اللاتينية في الستينيات، ترجم ونشر بالكامل في كتاب "أفلام ومناهج" الصدار عن المجلس الأعلى للثقافة عام 2008.

عين على السينما في

22/01/2013

 

بـ"منشار تكساس" و"ماما" و"الدمية القاتلة"..

عودة أفلام الرعب للسيطرة على شباك التذاكر

كتبت - حنان أبوالضياء: 

عاشقو أفلام الرعب يعيشون فى الآونة الأخيرة أكثر الأوقات إثارة خاصة أن الأفلام أصبحت تستخدم أكثر التقنيات لتصل بك إلى مرحلة كتم الأنفاس وآخرها فيلم الرعب والإثارة «منشار تكساس ثلاثي الأبعاد Texas Chainsaw 3D» المتصدر قائمة إيرادات شباك التذاكر في الولايات المتحدة وكندا.

واستطاع الفيلم الذي أخرجه جون لويسنهوب ويشارك في بطولته كل من الكسندرا داداري وسكوت إيستوود وتانيا ريموند، جمع إيرادات بلغت 23 مليون دولار في أول ثلاثة أيام من عرضه بأمريكا رغم أن الفيلم إعادة صياغة لفيلم رعب أنتج عام 1974 وهو يحكى قصة مجموعة من المراهقين تعطلت بهم سيارتهم في أحد الطرق, فقرروا اللجوء إلى أحد المنازل القريبة ليحصلوا على الدفء والأمان وعلى هاتف يعمل, لكنهم وعوضًا عن هذا كله عاشوا أبشع ساعات في حياتهم وهم يقتلون ويمزقون واحدًا تلو الآخر من قبل عائلة مجنونة, ورجل ضخم يرتدي قناعًا من جلد آدمي ويحمل في يده منشارا كهربيا يصلح لتمزيق العظام!

واستكمالا لموجة الرعب السينمائية يقدم المخرج أندريس موسشيتى فيلمه الجديد «ماما» (Mama)، ويلعب بطولة الفيلم الممثلة جيسيكا تشاستين، نيكولاج كوستير والدو، والطفلة ميجان شاربنتييه، وجين موفات، ودانيال كاش، وهو من تأليف نيل كروس، والفيلم سبق تقديمه فى إسبانيا وتم تحويله الى نسخة أمريكية ويتحدث عن كل من أنابيلا ولوكاس اللذين يحاولان تربية بنت أخيه التى تُرِكَت في الغابة لمدة 5 سنوات ويقال إن الفيلم مقتبس من قصة حقيقية حيث وجد في غابة إسبانية فتاة صغيره كانت تعيش لوحدها دون أي شخص يرعاها ثم وجدها زوجان وتبنياها.

الطريف أن السينما الكويتية وبرئاسة المخرج الفيلكاوي ستنتج فيلما كويتيا مرعبا  وسيتم تصويره بمصر، ويعتبر نوعا جديدا من الافلام العربية على الساحة وبعنوان «ضحى» تدور قصته حول عدة جرائم قتل مجهولة تحدث في مناطق ريفية وضحى هي فتاة تبحث عن القاتل.

ومن المعروف أنه فى الفترة الاخيرة تربع العديد من أفلام الرعب على عرش الايرادات مثل فيلم the cabin in the woods وهو قصة مجموعة من الأصدقاء يقررون الذهاب للغابة في عطلة الإجازة وهناك يجدون كوخا خشبيا يقيمون فيه ومن هنا تبدأ متاعبهم، وبعد أن يبدأ الطلاب الذين يقطنون في الكوخ بالموت واحدًا تلو الآخر، يكتسب الذين بقوا على قيد الحياة إدراكًا للعبة المميتة التي أصبحوا طرفًا فيها، ويحاولون الهروب من هذا الكابوس والتحرّر ممن يحرّكهم كالدمى. والفيلم من إخراج درو جودار فى تجربته الإخراجية الأولى. وهناك فيلم prometheus يحكي قصة فريق بحث علمي يكتشف أن أصل البشرية يعود لأحد الكواكب وعند السفر إلى ذلك الكوكب يتصادمون مع الكائنات التي خلقت البشر لحماية الجنس البشري. ويجمع الفيلم بين الخيال العلمي والحركة والمغامرات، ويستمد عنوانه من أحد الآلهة في الأساطير الإغريقية القديمة. إذ تُطلق كلمة «بروميثيوس» فيه، على المركبة الفضائية التي يستقلها فريق من العلماء إلى أعماق الفضاء الخارجي بحثاً عن أصول البشرية.

وتبدأ أحداث «بروميثيوس» في المستقبل عام 2089 - حين يكتشف عالم الآثار رسوما جدارية قديمة داخل كهف من العصور الغابرة في أسكتلندا تشتمل على خريطة للنجوم، ويستنتجان أن هذا بمثابة دعوة من الزعماء الأوائل للبشرية لاستكشاف أصول البشرية في الفضاء الخارجي. بحثا عن أصول البشرية واعتقادا أنها ربما كانت قد نشأت في موقع محدد في الفضاء الخارجي بعيدا عن الكرة الأرضية.

يقوم فريق من المستكشفين برحلة على متن «بروميثيوس».

تهبط «بروميثيوس» في موقع اصطناعي ضخم و يعكف أعضاء الفريق على اكتشافه. وتتحكم في برنامج الرحلة (الممثلة تشارليز ثيرون). وأما فيلم sinister فيدور حول قصه رجل يعيش مع عائلته بسعادة وحتى اكتشافه لشريط فيديو في منزله الجديد ليقع في مواجهة قوى خارقة للطبيعة نتيجة اكتشافه لسبب وفاة العائلة التي ملكت المنزل سابقا.

وأما النجم الأمريكي «إيثان هوك» يلعب دور كاتب روايات جريمة شهير يبحث عن قصة جديدة تصلح لروايته القادمة؛ ينتقل مع عائلته إلى منزل جديد جرت بين جدرانه منذ عدة سنوات جريمة قتل بشعة لسكانه، وعندما يعثر على صندوق يحوي تسجيلات فيديو لعدد آخر من الجرائم ارتكبت داخل المنزل يدرك أن هناك قوى خارقة شريرة تسيطر على المكان وأن عائلته قد تكون الهدف القادم لها.

أما فيلم The Possession فهو فيلم رعب باراسيكولوجي متأثر بقصص الديانة اليهودية فيما تتعلق بـ(ديبوك) dybbuk هي الروح الشريرة تتقمص جسد الإنسان باعتباره مضيفا لها, وتغادره بمجرد تحقيق الغرض وأحيانا بمساعدة شخص مع رجل الدين في طرد الروح الشريرة. وأثناء ذلك يصبح سلوكه عدوانيا إلى درجة كبيرة والفيلم يبدأ بامرأة عجوز تملك صندوق ديبوك المصنوع من الخشب على شكل مربع منقوشة بالكلمات العبرية, ثم يركز الفيلم على علاقة الصندوق مع أناس آخرين. ويتوقع ظهور جزء سادس في 2013 من سلسلة تشاكي» أو الدمية القاتلة هو عنوان أحد أشهر أفلام الرعب. ظهر الفيلم لأول مرة سنة 1988 ثم توالت أجزاء منه، كان آخرها سنة 2004 حيث ستصبح للدمية تشاكي أسرة.

نبيل الهجرسى.. فنان بدرجة شاعر!

كتب - نادر ناشد: 

هو فنان بدرجة شاعر، نبيل الهجرسي بدأ حياته هاويًا للشعر وكان مثله الأعلى صلاح جاهين الذي كان يري أنه يحتوي بقصائده كل هموم مصر والمصريين.

كان الهجرسي يتخيل أن قصائده يمكن أن تحل مشاكل مصر هكذا كتب في رسالته إلى يحيى حقي والتي نشرها في مجلة «المجلة» معقبًا بنفسه أن هذا الشاب ورث الحلم الواسع من أجداده المبدعين مثل بديع خيري.. ولكن نبيل الهجرسي بعد أن حصل علي البكالوريوس في كلية الفنون التطبيقية وجد نفسه في المسرح والإذاعة ممثلاً كوميديًا سرعان ما كان له أسلوب مميز وأداء خاص به، وحينما اختطفته السينما أحس أنه سيحقق نجومية كبيرة وإن كان هو نفسه لم يكن يسعى إلى النجومية.. كان يريد أن يجسد أدوارًا مميزة فقط تليق به وتترك علامة فحين جسد دور الفنان البوهيمي المتشرد في إحدي مسرحياته أمام محمد رضا كان علامة تذكرنا بتجسيده شخصية اليهودي بثقة وبمفردات غير التي نعرفها بتقليدية الأداء المعتادة، الهجرسي اختزن موهبته الأدبية في عمله الفني وإن كنت أرى أن المخرجين لم يفهموا موهبته جيدًا، لكنه في النهاية ترك لنا أعمالاً تبقى. وإلى جانب ذلك ترك لنا ديوانين من شعر العامية المصرية ننتظر طبعها قريبًا.

"على جثتى"..حين يصلح الموت بين الشك واليقين!

كتب - نادر ناشد:

يجيء فيلم «علي جثتي» للفنان أحمد حلمي وسط سيل من الانهيارات الاجتماعية والحياتية وتخبط واضح في القرارات السياسية وكأنه يلقي الضوء علي أشكال من اللامنطق تستبد بكل ما نملك - أو تحاول - ولأن الواقع له ألف وجه فإن الشك أيضا له مئات الوجوه - تدهمنا كل مرة علي نحو جديد.

فإذا كان الإنسان مأخوذا بهذا الواقع ولن يستطيع أن يري إلا ما يدهمه منه رؤية الاضطراب أو التشتيت فإن السوي منه يسخر حياته للتحكم ولو ببعضه.. فالواقع هو في النهاية ما يفلح الإنسان في بلورته في مصغر رمزي تشع منه المعاني، وهذا المصغر لدي القاص أو الروائي إنما هو تكثيف للتفاصيل التي ينتقيها الكاتب انتقاء حذرا بارعا أشبه بانتقاء الشاعر للألفاظ والصور، وإذ نكون في بحر متلاطم من التجارب في بحر من الحياة يأخذنا الكاتب الي ما لا نراه، في جو من الفانتازيا ليدمج بين الحياة والموت، في فيلم «علي جثتي» يأخذنا الكاتب تامر إبراهيم الي أبعد من ذلك ليرصد افتراضا حذرا نحو رؤية الآخرين، في غيبوبة هائلة قد تكون الموت نفسه إذ نستشف أفكار ونيات هؤلاء وكأنهم كائنات شفافة غير أن الأمر الذي لا شك فيه هو أن الكاتب استحال عليه هجر اليقين الذي كان كلما يبدو جليا يذوب كالشموع وسط نيران الشك.. كاشفا عن خواء حقيقي تعيشه مصر التي كانت.

«علي جثتي» أتخيل أنه ثلاثية جاءت مصادفة مع أحمد حلمي.. هو ثالث أفلام تنحو نحو تفجير الرؤي ما بين الحقيقة والوهم والذي قد يأخذ أحيانا شكل الغيبوبة المرضية أو المرض النفسي.

قدم حلمي من قبله فيلمي «ألف مبرك» و«آسف علي الإزعاج»،والثالث يؤرخ لإنسان يرث صراعا مع كل ما حوله مع تقاليد أساسية ومع زملاء عمله ومع رفاقه في الحياة ومع زوجته ومع ابنه.. صراع يتصاعد حتي يكون بلا صدي وربما يعود حاملا معه رؤية نحو اللاعودة.. المخرج محمد بكير لم أر له من قبل أعمالا فنية وإن كنت أري أنه انطلق في هذا الفيلم الي محاور تؤهله أن يكون مخرجا مهما ذا صمة، أحمد حلمي دائما يقودنا الي طرق جديدة وكأنه ينقب عن ألغام.

«علي جثتي» حديث الروح واللاروح.. حين تصير الرؤية غائمة والشك طاغيا علي اليقين.

"على جثتى" يحقق أربعة ملايين جنيه فى أسبوع

أ.ش.أ: حقق فيلم "على جثتي" للفنان أحمد حلمي إيرادات بلغت نحو 4 ملايين جنيه منذ طرحه يوم الأربعاء الماضي بدور العرض السينمائية، وحقق الفيلم في أول يوم عرض مليون جنيه قبل أن يحقق الملايين الثلاثة الأخرى خلال الأيام التالية، رغم تسريب نسخة الفيلم.

وقال مسئول بالشركة المنتجة للفيلم إن الفيلم حقق نجاحا لافتا في دور العرض كما هي عادة أفلام النجم أحمد حلمي، وتوقع تضاعف الإيرادات خلال الأسبوع المقبل مع بدء إجازة منتصف العام الدراسي خاصة أن استمرار الامتحانات ببعض الجامعات حال دون تردد الشباب على دور العرض.

"على جثتي" بطولة أحمد حلمى، غادة عادل، خالد أبو النجا، حسن حسني، أحمد السقا، وهو من وإخراج محمد بكير.

وتدور أحداثه في إطار اجتماعي كوميدي، ويجسد أحمد حلمي فيه شخصية صاحب محل أثاث يصاب في حادث ليعاني غيبوبة طوال أحداث الفيلم ويكتشف حقيقة نفوس من حوله دون أن يدري أحد به من خلال الأحداث.

الوفد المصرية في

22/01/2013

 

النسخة الخامسة من «داي هارد»

«يوم جيد للموت الصعب» هوليوود تفرد عضلاتها؟!

عبدالستار ناجي 

منذ أكثر من سبعة أعوام تشرفت بلقاء النجم الأميركي بروس ويليس هنا في الكويت، وبالذات، في معسكر عريفجان، أثناء زيارته الخاصة للجنود الأميركان، حيث اتيحت لي الفرصة، وكنت يومها الصحافي الوحيد،بالإضافة لعدد من المصورين بينهم الزملاء «رائد قطينة» و«ياسر الزيات» ويومها سألت النجم بروس ويليس ضمن ما سألت عن امكانية تحقيق جزء جديد من سلسلة «الموت الصعب» فكان رده يومها: «أجل.. نحن في طور وضع الأفكار.. والكتابة..».

ويمر الزمن، وبعد هذه الفترة الزمنية يأتي هذا الجزء، حيث تفرد هوليوود عضلاتها.. وكأنها تذهب الى مرحلة عالية المستوى من أفلام المغامرات، لا يمكن لها أن تتحقق الا بحضور نجم بمكانة بروس ويليس، له المقدرة على استعادة تلك الميزانية الضخمة من عوائد شباك الدخل، حيث تؤكد المعلومات أن الميزانية تجاوزت المئة مليون دولار.. وهذا يعني ان استعادتها تتطلب كثيرا من الجهد، وحتى يبدأ الفيلم بالربح، عليه أن يتجاوز حاجز المئة والخمسين مليون دولار، بعد حساب قيمة النسخ وايضا حصص اصحاب صالات العرض وغيرها من الاتفاقيات الخاصة بالانتاج والتوزيع.

تتمحور سلسلة أفلام «الموت الصعب» (داي هارد) حول شخصية الضابط جون ماكلين النزق.. الذي لا يتردد عن استخدام السلاح.. وسقوط الضحايا، حتى أننا نشاهده في أحد مشاهد الفيلم وابنته ترجوه ألا يتهور.. من جديد.

أما المحور الأساسي للفيلم في جزئه الجديد، وهو الجزء الخامس الذي حمل عنوان «يوم جيد للموت الصعب» فإنه يتمحور حول مهمة يقوم بها جون ماكلين (بروس ويليس) حيث الذهاب الى روسيا من أجل مساعدة ابنه الضال، والذي يسير على نهج أبيه، حيث يكتشف الأب ان ابنه عميل وكالة الاستخبارات الاميركية في مهمة لمنع سرقة الأسلحة النووية من قبل احدى المنظمات الارهابية، وهناك يشكل الأب والابن فريق واحد ضد عالم الجريمة والارهاب النووي الذي يهدد العالم.

هذا هو المحور الأساسي الذي كتبه السيناريست رودريك ثروب، الروائي الذي عرف من خلال روايته «المخبر» عام 1966، ثم رؤية «لا شيء يفقد الى الأبد» عام 1979، التي تحولت لاحقا الى فيلم «الموت الصعب» وهو مبتكر شخصية الضابط النزق جون ماكلين.

هذا وقد ساعده في الكتابة السيناريست سكيب وودز الذي كتب الكثير من أفلام المغامرات، ومنها (إكس من) «والفريق اي» و«سورد فيش» وغيرهما من الاعمال التي تصدى لها كمنتج وسيناريست.

اما الاخراج فهو من توقيع الايرلندي جون مور، الذي لايزال ينتقل من عمل الى اخر، بلياقة عالية، من ابرز من قدم نشير الى افلام، رحلة فنيس» و«اليغويزه» وماكس بايون» و«خلف خطوط العدو «2001» الذي بشر بميلاد مخرج فمكن من ادواته حرفته السينمائية.

وهو هنا يذهب الى السلسلة مع التأكيد على بصمته، وايضاً الاحتفاء بالنجم القدير بروس ويليس، الذي يمثل نموذج النجم الهوليودي، الذي لا يشيخ.. ولا يكبر.. ولا يتردد عن استخدام السلاح.. شأنه شأن سلفتر ستالوني. وارنولد شوا زنجر.. ومن قبلهم اسماء كثيرة.. ترفض ان تشيج.. ويرفض الجمهور «عشاق هذه النوعية من الافلام» لان تذهب هذه الاسماء وانماط فنية مختلفة.

مع بروس ويليس في الفيلم النجم الاسترالي «جاي كورتني بدور الابن، وكنا قد شاهدنا هذا النجم الموهوب في افلام مثل «سبارتاكوس»، وجاك «يشير «معتوم كروز».

ومعهم ايضاً الصبية الجميلة ماري اليزابيث وكم اخر من الوجوه.

رحلة مشبعة في المغامرات ولا نستغرب حينما يسقط في الفيلم ضحايا يتجاوز ما سقطوا في كثير من الحروب، بل يعلن نشاهد شارع بكامله بسياراته وشخوصه يلقون حتفهم الواحد تلو الاخر بايقاع متسارع.. وبحرفيات سينمائية في تنفيذ مشاهد المغامرات والعنف.. مع استخدام اكبر عدد من البدلاء لتقمص شخصية، بروس ويليس في العديد من المشاهد الخطرة والتي تتطلب لياقة جسدية عالية.

مشهديات، وكأنها تؤكد لنا هوليوود تفتح ذراعيها في تحد متجدد.. مرسخة حضورها كسينما مهيمنة في هذا المجال على وجه الخصوص.

وقد اختارات الشركة الموزعة يوم عيد الحب «14» فبراير موعداً لاطلاق الفيلم ليكون الحصاد ومضاعفا.. خصوصاً حينما تختار شركات التوزيع الاميركية مواعيد ذهبية لاطلاق هكذا نوعية من افلام المغامرات.

في يوم جيد للموت الصعب - يبدو وكأن النجم بروس ويليس لم يكبد.. ولم يشخ.. فلا يزال يتمتع بلياقته وحيويته.. وأيضاً مقدرته على ان يكون نجما للشباك.

anaji_kuwait@hotmail.com

النهار الكويتية في

23/01/2013

 

 

تشارك بخمسة أفلام ضمنها 'يا خيل الله' و'أندرومان'

السينما المغربية تتطلع إلى المهر الذهبي لـ'الفيسباكو'

خالد لمنوري | المغربية 

بعد تألقها في العديد من المهرجانات الدولية، تتطلع 5 أفلام مغربية للصعود إلى منصة التتويج في الدورة 23 للمهرجان الإفريقي للسينما والتلفزيون لواغادوغو (فيسباكو).

ويتعلق الأمر بثلاثة أفلام طويلة هي "يا خيل الله" لنبيل عيوش، و"أندرومان" لعز العرب العلوي المحارزي، و"جناح الهوى" لعبد الحي العراقي، وفيلمين قصيرين هما "اليد اليسرى" لفاضل اشويكة، و"عندما ينامون" لمريم توزاني.

وتطمح السينما المغربية، التي سبق لها الفوز ثلاث مرات بالجائزة الكبرى للمهرجان، المقرر تنظيمه بالعاصمة البوركينابية من 23 فبراير إلى 2 مارس المقبلين، بمشاركة أزيد من 100 فيلم إفريقي، إلى الفوز بلقب رابع من خلال مخرج "يا خيل الله" نبيل عيوش، الذي سبق له الفوز بالمهر الذهبي للمهرجان في دورة 2001، بفيلمه الشهير "علي زاوا".

ويأتي ترشيح "ياخيل الله"، الذي ستشرع القاعات الوطنية في عرضه تجاريا، ابتداء من 6 فبراير المقبل، للفوز بالجائزة الكبرى للمهرجان لراهنية موضوعه وأهميته، إذ تدور أحداثه حول الإرهاب، ولتألقه في العديد من المهرجانات الأوروبية الشهيرة، خصوصا الدورة السابقة لمهرجان "كان" التي منحته جائزة فرانسوا شالي.

بالإضافة إلى "يا خيل الله"، الذي سيمثل المغرب، أيضا، في مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية في مارس المقبل، يتطلع المخرج المغربي عز العرب العلوي المحارزي إلى فوز فيلمه الأول "أندرومان" بإحدى جوائز المهرجان، خصوصا بعد تتويجه بالإسكندرية، وسلا، ومسقط، بالإضافة إلى أهمية موضوع الفيلم، الذي يتطرق إلى هيمنة المجتمع الذكوري في المناطق البعيدة عن المد الحضري. 

وسيخوض المغرب المنافسة في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة للمهرجان، الذي يعد أقدم وأهم تظاهرة سينمائية إفريقية، أيضا، من خلال فيلم "جناح الهوى" لعبد الحي العراقي، الذي سبق له الفوز بجائزة يوسف شاهين من مهرجان الرباط لسينما المؤلف.

وستتنافس، إلى جانب الأفلام المغربية الثلاثة، أفلام من 14 بلدا، من أبرزها "التائب" لمرزاق علواش و"يما" لجميلة صحراوي من الجزائر، و"ديما براندو" لرضا الباهي من تونس، والفيلمان السينغاليان الناجحان "القارب" لموسى توري و"اليوم" لألان غوميس.

وفي مسابقة الأفلام القصيرة، التي تضم 20 فيلما من 17 بلدا، سيكون المغرب ممثلا بـ"عندما ينامون" لمريم توزاني، و"اليد اليسرى" لفاضل اشويكة، وستشارك الجزائر بشريط "لي بيي سورتيغ" لمحمد الأمين حطو، الممثل الوحيد للجزائر، في حين ستشارك تونس بفيلم "سباط العيد" لأنيس الأسود.

يذكر أن السينما المغربية فازت بالجائزة الكبرى للمهرجان، الذي سيجري الإعلان عن دورته 23 من طنجة، ثلاث مرات، الأولى سنة 1973 بفيلم "ألف يد ويد" لسهيل بنبركة، والثانية سنة 2001 بفيلم "علي زاوا" لنبيل عيوش، والثالثة سنة 2011، بفيلم "البراق" لمحمد مفتكر.

الصحراء المغربية في

23/01/2013

 

مدكور ثابت "قلب في المكان الصحيح"

محمد بدر الدين

مدكور ثابت السينمائي المبدع المجدد، المثقف الرفيع المجتهد، الإنسان النبيل، المولود بسوهاج في 30 سبتمبر 1945، المغادرة روحه الطاهرة حياتنا إلى بارئها السبت 5 يناير 2013.

بدا: كمن مات كمداً.          

كان يهاتفني قبيل هذا الموعد مع الارتحال ـ بنحو عشرة أيام ـ بصوت واهن، بل ومحبط، وقال لي: أنا حزين جداً، ولا أتحدث منذ فترة مع أحد، في الحقيقة أفرض على نفسي عزلة ويعتصرني الألم.. استطرد إلى أن ذلك: بسبب ما آلت إليه أوضاع مصر وثورتها، وما نراه بوضوح من "مخطط إخواني" يجري على قدم وساق، ليس لسرقة ثورة الشعب والشباب فحسب، وإنما لسرقة الوطن نفسه لحساب جماعة لها مشروعها الضيق، وطمس معالمه لحساب نمطها الرجعي الوهابي، المضاد لكل ما هو طبيعي وإنساني، فطري وحقيقي..!.

حاولت تهوين الأمر عليه بعض الشئ، ببعض ما أنا مؤمن به بالفعل، قائلاً: صحيح أن ما يحدث بعد ثورة يناير ليس ما أملنا كلنا، لكن به شئ إيجابي هو أن يكتشف الشعب بنفسه، وبتجربة مؤلمة لكن ضرورية، حقيقة نوعية وإدعاءات تيار "الإخوان" وما خرج من جلبابه!.. أضفت مستلهماً مفردات السينما: لعل ما يحدث هو "السيناريو" النموذجي الذي يهبه الله لهذا الشعب، لكي يلفظ بعدها من جوفه خرافة الاتجاهات اليمينية المتخلفة المتطرفة التي تتحدث باسم الدين وتسئ إليه.. بعدها سيفيق من الناس من كان ينطلي عليهم ذلك، ويعرف جميع الشعب طريقه ويتجه إلى ما يحقق وما يليق!.

عقب هنا مدكور ثابت:

ـ إنني أفهمك  وأعرف ما تقول.. وأثق به.. وأقول ما يشبه ذلك حقاً لنفسي ولغيري.. لكنني حزين لصدمة الوطن.. لمصر بعد أن طارت فرحاً وشوقاً ولامست السماء والنجوم في 11 فبراير 2011، صدمة ما حدث وما يحدث لهذا الشعب والوطن بعد ثورة كبرى رائعة الجمال والعنفوان.. فهو نكوص وانتكاس حقيقي...

هذا هو مدكور ثابت المؤرق دوماً بهذا الشعب والوطن، والذي قدم له عمره وعمله: أفلاماً مجددة طليعية أخاذة، وكتباً نادرة المثال في الثقافة السينمائية المتعمقة، وكان آخر عطاياه ومنجزاته الإبداعية الوطنية فيلمه "سحر ما فات في كنوز المرئيات"، الفيلم التسجيلي الطويل البليغ، الفياض بالجماليات والمفاجآت الوثائقية، وروح السيرة الذاتية المتداخلة مع الخوض عميقاً في القضايا الكبيرة، فهو فيلم عن قضايا مصر وهموم أمتها، على الأخص الهم الفلسطيني على مدار مائة عام (القرن العشرين).

فهو من المشاريع السينمائية الضخمة، المتفردة التي أثارت اهتماماً واسعاً خاصة حين عرضه التليفزيون (على فضائية دريم ولها دورها الأساسي الجدير بالتنويه في إنتاجه).

وفي هذا الفيلم، الوثيقة الإبداعية الوطنية، الذي يجب أن يتكرر عرضه على المشاهدين والأجيال، كان يتراوح السيناريو والسرد السينمائي باستمرار، بين الشواغل المصرية والعروبية خاصة الشاغل الأكبر والأقسى (الفلسطيني)، وكان مدكور يظهر بنفسه عبر بعض اللقطات واللحظات في هذا السرد، كفنان يعبر ويصور من أجل بلاده، وأيضاً كمجند كان يقاتل في جيش بلاده يدافع عن شرفها وأرضها، في مواجهة عدوان الأيام الستة الغاشم عام 1967 والإصرار على تحرير التراب الوطني في حرب الأعوام الستة المجيدة (حرب الاستنزاف ـ حرب رمضان).

ويستخدم مدكور برهافة وشجن آسر ـ عند النهاية ـ الخلفية الموسيقية الغنائية، لأنشودة: (وطني وصبايا وأحلامي).

نعم هو وطنه وصباه وأحلامه.. واليوم وصوله إلى المرفأ. لكنها ليست النهاية.

كان حزن مدكور ثابت إحساساً بواقع ينبغي أن يزول ولم يكن يأساً، وكان ألمه أملاً!.

وكان طول الوقت يأمل كثيراً في (حمدين صباحي) وينتظره قائداً جديداً لمصر.. على طريق القائد الثوري التاريخي جمال عبد الناصر، البطل الذي أحبه مدكور من قلبه وقدم له لقطات وثائقية نادرة، بعضها في خضم حرب فلسطين 1948، اكتشفها مخرجنا الدؤوب نفسه أثناء بحثه وعمله في الفيلم. مستعرضاً عصره، كما فعل مع مراحل الحقبة الملكية والاحتلال البريطاني والمقاومة الشعبية الباسلة له عبر أكثر من سبعة عقود، مختتماً الفيلم بزمن الخروج باطراد عن الخط الوطني والاجتماعي للعصر الناصري الزاخر.

قال لي مدكور ثابت في اللحظات المبكرة لانتخابات رئاسة الجمهورية في مصر بعد ثورة 25 يناير:

ـ كنت أعد نفسي لمشاهدة ومتابعة اللقاءات مع جميع المرشحين للرئاسة بكل اهتمام.. حتى أختار بتجرد ومن دون مواقف مسبقة.. ولكن حدث لي شئ غريب جداًُ.. في أول مرة أستمع إلى حمدين صباحي باعتباره الآن مرشحاً للرئاسة وليس في حدود معرفتي له من قبل ومتابعتي عن بعد.. فإذ بي بعد وقت قليل جداً، بعد لحظات، أجد نفسي أنسى تماماً أنه مرشح.. إنما أحسست أنني بالفعل أمام "رئيس الجمهورية المنشود نفسه"!!.. وقلت: "هذا هو رئيسي.. ولن  أبحث عن أحد غيره".

وقد يذكرنا ذلك بآخرين، لم تضطرب رؤيتهم أو تشوش أثناء انتخابات الرئاسة.. ووجدوا في "حمدين" بوضوح وجلاء الرئيس الذي يمكن للوطن معه استكمال الثورة وانتصارها.. (كان منهم على سبيل المثال منصور حسن الذي فاجأ الكافة بإعلانه تأييد حمدين رئيساً، وهو سياسي مخضرم حظى بالاحترام دائماً، رحمه الله سبحانه وتعالى وقد وافته المنية قبل ثابت بقليل).

وقد قلت لنفسي في الحالين، وفي الحالات المماثلة، عن رجال حسموا أمرهم هكذا، بهذا الوضوح في الرؤية وصفاء الوجدان والحس (منهم على سبيل المثال المفكر اليساري الكبير سمير أمين وأعلام آخرون كثيرون من كل التوجهات):

ـ هذا إنسان.. "قلبه في المكان الصحيح".

وقد نقلت بعدها إلى "حمدين"، موقف مدكور ثابت وكلماته، فوجدته ممتناً بل متأثراً جداً.

أجل وصل مدكور ثابت إلى المرفأ.

لكنها ليست النهاية.

وكان ألمه أملاً.

البديل المصرية في

22/01/2013

تعليقات حول السينما المصرية في 2012 

محمد بدر الدين

في فيلم "ساعة ونص":

ضحايا نظام.. في "ساعة ونص".

بهذا الفيلم يتم المؤلف أحمد عبد الله ثلاثيته، وهذه الثلاثية السينمائية إلى جانب الدراما التليفزيونية "الحارة" أهم وأنضج ما كتب من سيناريوهات.

وفي فيلم "ساعة ونص"، من  خلال رحلة  قطار، ووجوه ووجود بشري مكثف، في ظل "النظام الذي لم يسقط بعد"، نرى الجميع ضحايا النظام، الذي لن يتغير ما لم يغيروا  ما بأنفسهم. أما الخط الدرامي لـ (كريمة مختار ـ إياد نصار) فقد هز مشاعرنا وأبكانا. الفيلم من أهم أفلام سينما 2012 في مصر إن لم يكن أهمها.

وإلى حد كبير وفق المخرج وائل إحسان، في أن يجئ فيلم "ساعة ونص" متماسكاً فنياً وحرفياً، مستكملاً ما أنجزه بتمكن ملحوظ وروح خاصة المخرج سامح عبد العزيز في أول عملين من الثلاثية فيلم "كباريه" وفيلم "الفرح"، وفي مسلسل "الحارة".

في فيلم  "عبده  موته":

"عبده موته".. فيلم المرحلة الانتقالية العشوائية بامتياز!.

لذلك فلعل نجاحه التجاري الجماهيري، يرجع لمدى اتساقه مع المرحلة، إنه نبت شرعي لها، بعنفه، بنزقه، ببطله البلطجي، بشظاياه وفوضاه وعشوائيته الدرامية، حتى  بتدنيه في كل أشخاصه وأحداثه، في دماه المسفوكة بغزارة طول الوقت، حتى في رقصه وغنائه وموسيقاه!. في مستواه، في كل شئ!.

فكيف لا ينجح إذن.. في هذه المرحلة؟، التي هي كل هذه المواصفات. بالضبط.

ثم نتوقف قليلاً أمام سؤال مهم.

فيلم "عبده موته": صورة من الواقع.. أم متاجرة بالواقع؟.

بين الأمرين فارق واضح عادة، لكن ذلك، في "عبده موته"، قد يختلط على البعض، ونرجو ألا ينطلي على البعض، فيظنه  صورة من الواقع، بسبب شئ من العناية الحرفية  في مناطق من الفيلم. إن معظم الأفلام التجارية ـ الاستهلاكية  ـ في كل العالم بات من البديهي فيها مثل تلك العناية الحرفية، وبدرجات أنضج بكثير مما شاهدنا في "عبده موته".

لكن لابد أن نشير في نفس الوقت إلى أن تلك العناية الحرفية في هذا الفيلم ساعدت على الجذب إلى الفيلم، وتحمله رغم الكثير جداً من الفظاظة والفجاجة والدم المراق طول الوقت، بل فلنقل أنه لولاها ما لقى الفيلم حتى هذا الإقبال والنجاح التجاري، وإذا راجعنا كل الأفلام المصرية التجارية، التي حققت أعلى الإيرادات في مراحل مختلفة من السينما المصرية، لوجدنا أنه تسنى لها حد أدنى معين فنياً أو حرفياً لم تهبط دونه.

في فيلم "بعد الموقعة":

خاطر مقارنة:

إذا كانت الأفلام الفنية قليلة نادرة في سينما 2012 في مصر، فإن "عبده موته" فيها هو الأول تجارياً، أما فيلم "بعد الموقعة" فله مكانة خاصة، استثنائية، في هذا الموسم، إذ هو أول فيلم روائي طويل مهم أو حقيقي حول ثورة 25 يناير 2011.

خطر لي بعد مشاهدة فيلم "بعد الموقعة" إخراج يسري نصر الله خاطراً مفاجئاً غريباً: أن أقارن، باعتباره أول فيلم روائي طويل له أهميته عن ثورة 25 يناير، بينه وفيلم "رد قلبي"  إخراج عز الدين ذو الفقار، باعتباره من أشهر الأفلام عن ثورة 23 يوليو، وقلت لنفسي: أياً كانت الملاحظات بشأن "رد قلبي"، فإن هذا الفيلم الذي يوصف عادة بالعاطفية المفرطة أو المسحة الميلودرامية، وعرض الأحوال السياسية والاجتماعية من دون تحليل متعمق كاف، هو رغم ذلك شاهدته أجيال، وتأثر به كثيرون، وانفعل به جمهور إثر  جمهور، ولا يزال قادراً على جذب مشاهدين لمعاودة  المشاهدة، ولم يشعروا رغم أي شئ بالسذاجة في أنفسهم وهم يتعاطفون مع بشر وأبطال وعلاقات، فهل يكون كذلك حال ومآل  "بعد الموقعة"..  خاصة بالنسبة لنوع المعالجة به، وقدر النجاح  في التجسيد الدرامي للفكرة، ومدى التعاطف مع الأبطال والعلاقات فيه؟.. (فهذه في رأينا هي بالضبط مواطن الضعف، وجوانب الإخفاق في "بعد الموقعة"!).

الإجابة مع الأسف التي بدت واضحة:أنه رغم ثقافة ومهارة صانع "بعد الموقعة"، ومقدرته المؤكدة على تكنيك وتقنية وجماليات سينمائية أخاذة أكثر تطوراً، فإن "بعد الموقعة" لن يحظ بشئ مما حظى به "رد قلبي" في يوم من الأيام أبداً!.

أما لماذا؟ فهذا مما يستلزم تحليلاً وتناولاً نقدياً كاملاً يشرح ويفسر. كتبناه مرة على موقع البديل، ويمكن أن نعود فنفصل هنا مرة أخرى إذا تسنت فرصة.

البديل المصرية في

31/12/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)