حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

تأملات وتداعيات من وحي مهرجان روتردام السينمائي

دورة جديدة وتطلعات كبيرة

بقلم: أمير العمري

 

يعتبر مهرجان روتردام السينمائي من أكبر المهرجانات السينمائية وأكثرها شعبية، فهو يحظى بواحدة من أعلى نسب تردد الجمهور على العروض بين مهرجانات العالم (ربما بعد برلين وتورنتو ومونتريال) فقد بلغ عدد بطاقات الدخول لمشاهدة العروض في الدورة الماضية (2012) 274 ألف تذكرة دخول. وشارك في فعاليات المهرجان التي تستمر لمدة إثني عشر يوما 2700 ضيف، ما بين سينمائيين ورجال الصحافة والإعلام.

الدورة الجديدة لعام 2013 ستقام في الفترة من 23 يناير إلى 3 فبراير، ويعتبر المهرجان أول المهرجانات الكبرى التي تقام في القارة الأوروبية في العام، في حين أن بالم سبرنج وصندانس هما أولى مهرجانات أمريكا الشمالية.

ورغم اقامة المهرجان في ذروة موسم الشتاء وسط هطول الثلوج إلا أن تدفق الجمهور على عروضه هو دائما أمر يثير الدهشة.

كنت أتردد على هذا المهرجان المتميز منذ دورة 2002 وبانتظام إلى أن انقطعت منذ سنتين فقط فلم أحضر دورتي 2011 2012، الغياب الأول بسبب ذهابي إلى القاهرة إبان الثورة المصرية التي أطاحت بحكم الرئيس حسني مبارك لكنها لم تسقط النظام السياسي العتيق بعد بل أتت نتيجة لعوامل عديدة، بقوى رجعية شديدة التخلف، إلى السلطة. والثانية بسبب ذهابي إلى مهرجان برلين الذي يقام بعد أيام من ختام مهرجان روتردام.

هذا العام قررت قبول دعوة مهرجان روتردام ومهرجان برلين على أن أنتهي من الأول فألحق بافتتاح الثاني وسوف أحرص على الكتابة اليومية من كلا المهرجانين، سواء لهذا الموقع أو لغيره أو لتدوين يومياتي في مدونتي (حياة في السينما) التي أعتز بها كثيرا. 

أعلم أن المنافسة تكون عادة شديدة الصعوبة بين مهرجاني روتردام وبرلين اللذين يقاما في فترة زمنية متقاربة كثيرا، لكن ما يميز روتردام أنه يركز في مسابقته الرئيسية للأفلام الروائية الطويلة على الأفلام الأولى والثانية لمخرجيها، أي أنه لا يعرض في المسابقة أفلاما لكبار السينمائيين على غرار ما يفعل مهرجان برلين مثلا رغم حرصه أيضا على تقديم اكتشافات جديدة متميزة بقدر الإمكان. 

تفاصيل وأرقام

في شفافية كاملة أعلن مهرجان برلين تفاصيل رقمية تتعلق بدورته الجديدة الثانية والأربعين ربما تكون مفيدة بالنسبة لنا حتى نعرف أين نقف من مهرجانات السينما العالمية، ونحدد مستوانا بالضبط ومستوى القائمين على أمور الثقافة في بلادنا الذين لا يولون اهتماما حقيقيا بالسينما أو بالمهرجان السينمائي تحديدا كونه أحد أهم أسس الثقافة السينمائية، فوزراء الثقافة العرب هم عادة من كبار الموظفين البيروقراطيين الذين يميلون فكريا، إلى اليمين الرجعي المتخلف، ولا أقول المحافظ، وهم بالتالي يعادون السينما وينظرون إليها في احتقار، باعتبار أنها مجرد ألاعيب مصورة للرقص والغناء (الذي يعتبره البعض حاليا من الآثام والخطايا).. ومن يدري ما يحدث غدا!

المهم أن مهرجان روتردام أعلن أنه سيعرض هذا العام 589 فيلما، منها 255 فيلما روائيا وتسجيليا طويلا، و334 فيلما قصيرا. 

من بين هذه الأفلام، 44 فيلما تعرض للمرة الأولى عالميا، و34 فيلما تعرض للمرة الأولى خارج بلد المنشأ، و30 فيلما تعرض للمرة الأولى في أوروبا. 

أما عدد الضيوف في هذه الدورة فيبلغ تحديدا 2000 ضيف مقسمة بين 500 ضيف من هولندا، و1500 من بلدان العالم المختلفة.  

مهرجانات العرب للعرب!

أرجو أن يعذرني القاريء على اختيار هذا العنوان الفرعي فهو مستمد من الشعار الذي رفعه حزب البعث العربي "الاشتراكي" (أرجو أن ننسى تماما هذه الكلمة، أي "إشتراكي" لأنها كانت مجرد ديكور لكل أحزاب ذلك الزمان!). وما أقصده أننا حقا نقيم مهرجانات نعتبرها "دولية" في حين ان البعض في بلادنا يعتبر وجود السينمائيين والنقاد الأجانب فيها "مبالغة" لا لزوم لها! 

يسيطر على مهرجاناتنا الجميلة بشكل عام، الجهلاء والأدعياء وفرق المرتزقة المنتفعون، والباحثون عن النهب الذين يوزعون المغانم على بعضهم البعض، وبعض الصحفيين سيئي السمعة الذين يترممون على السينما (وبعضهم طرد من مهرجانات دولية بعد اكتشاف قيامهم بسرقة بعض محتويات غرف الفنادق التي اقاموا بها في وقائع ثابتة مخزية!!)، هذه المهرجانات سيئة السمعة، عندما تستضيف 100 أو 120 ضيفا، يرقص أصحابها طربا، ويقف رئيس المهرجان (وهو منصب عادة يتوارى في الظل في مهرجانات العالم المحترمة ليفسح المجال للمدير الفني المحترف، وعادة أيضا ما لا تكون له أدىنى علاقة بفن السينما أو بعالم الثقافة وهي سمة عامة لا نستثني منها أي مهرجان عربي) يقف هذا الشخص فوق خشبة المسرح في حفل الختام لكي يتباهى بأنه دعا مائة ضيف أو يزيد، وكأنه فتح الأندلس! 

كان وزير ثقافة سابق معروف بـ"وزير الحظيرة" يعلن ويتباهى، هو ونقاده المهللون له، بأنه سيجعل ميزانية مهرجانه "الكبير جدا" مليون يورو، ولكن ها هو مهرجان روتردام (الذي لا يعد من مهرجانات الدرجة الأولى مثل كان وبرلين وفينيسيا وتورنتو) يعلن بكل وضوح وشفافية أيضا أن ميزانيته هذا العام تقلصت لتصبح سبعة ملايين و300 ألف يورو، أي ما يقرب من عشرة ملايين دولار. والغريب أن مهرجانات العالم العربي "الغنية جدا بالمال" لا تعلن قط، في مطبوعاتها الرسمية، عن أرقام ميزانياتها، ولا كيف تنفق الأموال التي تنهال عليها من كل حدب وصوب، بل عندما تطلب من النقاد تقديم خدماتهم لها مثل المشاركة بورقة بحث مثلا في مؤتمر ما، فإنها تتظاهر بالفقر وضيق ذات اليد، بل ولا يدفع معظمها مقابلا ماديا لأعضاء لجان التحكيم، في حين أنها تطلب أن يكرس الناقد من وقته وجهده، أسبوعين كاملين لمشاهدة وتحكيم الأفلام ضمن لجنة تحكيم دولية على أن يكون العمل تطوعيا، في حين أن ملايين الدولارات تنفق يمينا ويسارا على الحفلات والاستعراضات واستضافة الكثيرين ممن لا ناقة لهم ولا جمل في السينما، بل يكتفى عادة باستضافة الأصدقاء والأعوان الذين لا يوجهون نقدا، بل يمتدحون المدير والمسؤول ويقبلون الأيدي ويشكرون!

وقد كان لنا تجربة شخصية العام الماضي، في الاعتذار عن الالتحاق بعضوية لجنة التحكيم في أحد المهرجانات الدولية التي تقام في منطقة الخليج بسبب منطق "السخرة" الذي يطبق هناك. 

مهرجان روتردام الذي انقطعت عنه قبل عامين، ليس من المهرجانات التي يتصور العرب أنها لا تعرف ولا تدري ولا تقرأ ما يكتب أو ما ينشر حولها من نقد بمختلف اللغات، بل تحرص هذه المهرجانات عادة على ترجمة ما يبعث به النقاد العرب وغير العرب، من كتابات قد تحمل أحيانا، انتقادات شديدة. وكان مهرجان كان قد أرسل قبل عدة سنوات استطلاعا إلى النقاد الذين يحضرون دوراته طالبهم فيها بالاجابة على عدد من الأسئلة، وكتبت شخصيا انتقادات كثيرة لأسلوب وطريقة العمل في أكثر من جانب من جوانب المهرجان، لكن هذه الملاحظات وغيرهاـ تقابل عادة بكل احترام وتقدير ولا يترتب عليها سوى مزيد من الاهتمام بالصحافة النقد. 

ولعل ما حدث أخيرا هو أقرب مثال على ذلك. فبعد ان انقطعت عن التردد على المهرجان لدورتين، تم الاتصال بي (وبغيري) وسؤالهم عن سبب هذا الانقطاع، وهل هناك شيء أغضبنا وكيف يمكن إصلاح الخطأ.. إلخ 

هذا نموذج على الفرق بين مهرجانات المحترفين الذين يسعون لجذب المثقفين إلى مهرجاناتهم وبين مهرجانات الست انشراح والسيد أبو الزلمكات!  

أقسام المهرجان

يفتتح المهرجان هذا العام بالفيلم الهولندي "عودة وغد إلى الحياة" The Resurrection of a Bastard  للمخرج جويدو فان دريل، وهي المرة الأولى التي يفتتح المهرجان بفيلم هولندي منذ عام 1998. أما فيلم الختام فهو فيلم "الفران"Stoker  للمخرج الكوري بارك شان ووك وهو أول أفلامه الناطقة باللغة الإنجليزية، وتقوم بدور البطولة فيه نيكول كيدمان. وهو من أفلام الرعب الحديثة الطابع.

ينظم المهرجان مسابقتين: الأولى مسابقة "النمر" للأفلام الروائية الطويلة (الأولى والثانية) للمخرجين الشباب التي تضم هذا العام 16 فيلما وتتسابق على الجوائز الثلاث: الذهبية والفضية والبرونزية (تعرف بجوائز النمر وهو رمز مدينة روتردام تماما كما الأسد رمز مدينة فينيسيا- البندقية. 

والمسابقة الثانية للأفلام القصيرة وتشمل 23 فيلما. ويحدد منظمو هذا المهرجان زمن الفيلم القصير بما لا يزيد عن 60 دقيقة على العكس من مهرجانات أخرى تعتبر المدة الزمنية للفيلم الذي يوصف بالقصير لا تزيد عن 40 دقيقة. 

بعد المسابقتين هناك ثلاثة أقسام رئيسية هي "المستقبل المشرق" Bright Future  الذي يعرض الأفلام الأولى والثانية للمواهب السينمائية الجديدة في العالم وهي أفلام لم تضم للمسابقة. 

والقسم الثاني (خارج المسابقة) وهو بعنوان "طيف" Spectrum  ويعرض مجموعة من الأفلام الحديثة التي اخرجها كبار السينمائيين المرموقين في العالم ومنها ما قد يكون قد عرض في مهرجانات أخرى، وهي مفيدة لتعويض ما فات على الناقد مشاهدته في زحام المهرجانات السابقة خلال العام الماضي أو اكتشاف الأعمال الجديدة. وتشمل هذه الأعمال الأفلام الطويلة والقصيرة (يبلغ عدد الأفلام القصيرة في هذا القسم 186 فيلما). 

القسم الثالث خارج المسابقة بعنوان "علامات" Signals  ويشمل برامج مختلفة للاحتفاء بأعمال مخرج معين، أوتسليط الضوء على سينما محددة أو اتجاه سينمائي معين. هذا العام مثلا سيتم تسليط الاضواء على أعمال المخرجة الروسية كيرا موراتوفا، وأفلام المخرجة الألمانية دومنيك جراف، كما سيتم الاحتفاء بتجارب مهمة جديدة في السينما الإيرانية سواء من تلك الأفلام التي تصور سرا في إيران، أو خارج إيران. وجدير بالذكر أن المهرجان دعا وفدا كبيرا من السينمائيين الإيرانيين يبلغ عدد أفراده 14 ضيفا في صحبة 20 فيلما.

هناك أيضا اهتمام خاص باعادة اكتشاف الكثير من الأفلام السينمائية "المجهولة" التي يتم العثور  عليها من جانب خبراء الأرشيف السينمائي في هولندا وغيرها من البلدان الأوروبية (سيعرض الكثير منها هذا العام)، وموسيقى الأفلام المتميزة. 

ومن أهم ملامح مهرجان روتردام السوق السينمائية الكبرى التي تقام في صلب (وليس على هامش) المهرجان، وتقدم خلالها منح الانتاج المعروف لمؤسسة "هيوبرت بالس" التي تحمل إسم مؤسس المهرجان، وتدعم الكثير من مشاريع الأفلام القادمة من أوروبا والعالم الثالث. 

أفلام العرب

تشارك المخرجة مها مأمون من مصر بفيلمها القصير "2026" (9 دقائق)، ويشارك المخرج المصري الشاب محمود خالد بفيلمه التجريبي "الرفقة" (11 دقيقة)، والفيلمان بعيدان تماما عن الثورة والأحداث السياسية، وهناك فيلم مصري – ألماني مشترك قصير بعنوان "حصاد" Crop(52 دقيقة) للمخرج مروان عمارة والألمانية جوانا دمك، وهو فيلم تسجيلي تجريبي يتناول بطريقة ساخرة تسلسل القادة السياسيين على حكم مصر وكيف ينظر إليهم صانعا الفيلم خصوصا في استخدامهم لوسائل الإعلام. 

المخرجة الشابة مها مأمون تقدم ايضا تجربة أخرى لفيلم تسجيلي قصير (8 دقائق) عن اقتحام المتظاهرين والثوار المصريين لمقرات شرطة امن الدولة والفيلم بعنوان "زائر الليل: ليلة إحصاء السنين". 

وهناك فيلم تجريبي قصير بعنوان "الزمن يسخر منك كسفينة غارقة" لمخرج شاب هو باسم مجدي من مصر الذي حصل على دعم من سويسرا لعمل هذا الفيلم الذي يتناول مفهوم الزمن مع مزج بموسيقى من تأليف مجدي. 

ومن إخراج محمد زيان وإسلام زين العابدين يعرض الفيلم التجريبي القصير "80 مليون" عن استعادة المصريين للسلطة. 

وفي إطار الفيلم التسجيلي التجريبي تعرض اللبنانية مروة مارسينوس فيلما قصيرا بعنوان "سمعت قصصا: الجزء الأول" عن قصص غامضة تعيد البحث فيها حدثت في فندق أصبح مهجورا في الوقت الحالي، وتتعلق بالعلاقات المثلية. 

ويعرض اللبناني روي ديب فيلما بعنوان قصيرا بعنوان "تحت قوس قزح" (17 دقيقة) يتخيل فيه أن والديه قتلا اثناء الحرب الأهلية اللبنانية ويعود إلى لقطات أرشيفية من تلك الحرب. 

ويعرض محمود خالد من لبنان أيضا فيلما تجريبيا بعنوان "في الخامسة بعد الظهر" (6 دقائق). 

ومن الإنتاج المشترك بين فرنسا والجزائر، يشارك فيلم المخرج رشيد جيداني "تراجع" Rengaine  الذي عرض في اسبوعي المخرجين بمهرجان كان الأخير وحصل على جائزة النقاد التي تمنح لأفضل فيلم في هذا القسم، وسيعرض في قسم "المستقبل المشرق"، وهو فيلم روائي طويل (75 دقيقة) يدور في باريس حول علاقة الحب التي تربط  بين جزائرية وشاب أسود من اصل أفريقي ومعارضة أشقاء الفتاة بشدة لزواجهما. 

ويعرض في قسم الأفلام القصيرة فيلم قصر (أيضا من الإنتاج المشترك بين الجزائر وفرنسا) مدته 3 دقائق باسم "بدون عنوان" للمخرجة كاتيا كميلي، وهو فيلم تجريبي. 

ويعرض في قسم "طيف" فيلم "ياخيل الله" للمخرج المغربي نبيل عيوش وهو من الإنتاج المشترك مع فرنسا وبلجيكا. وسبق عرضه في مهرجان كان السينمائي. 

والملاحظ أن عدد الأفلام المشاركة من العالم العربي قل بشكل ملحوظ بل يلاحظ غياب الأفلام الروائية الطويلة للمخرجين العرب ومن الإنتاج العربي بالكامل غيابا تاما، ولعل مرجع ذلك إلى غياب مبرمج متخصص مثل انتشال التميمي، الذي كان يلعب دورا بارزا في اختيار وترشيح الأفلام العربية لإدارة المهرجان. وقد اضطر انتشال لترك العمل مع مهرجان روتردام بعد ارتباطه بمهرجان أبو ظبي السينمائي.

عموما في جعبة المهرجان الكثير من الكنوز التي سنكتشفها ونكشف عنها تباعا إذا استطعنا بالطبع!

الذين عملوا مذيعين فجأة من الوقوع في جريمة انتهاك الحريات.. ومنذ أيام قضت محكمة القضاء الإداري بوقف بث برنامج "في الميزان" تقديم عاطف عبدالرشيد - خريج الإعلام للأسف - في بلاغ يتهمه بانتهاك الدولة المدنية وحقوق المواطنين والإرهاب الفكري للمعارضين.. كما رفضت المحكمة وقف برنامج باسم يوسف وإغلاق قناة "cbc" وهي ضربة قاسية لهذه الفضائيات.. وهنا أكشف سر هجومهم الفظيع ضد خيري رمضان وهو أنه يستضيف علماء شبابا مثل أسامة أزهري ورمضان عبدالمعز اللذين كشفا ادعاءات معظم ضيوف الفضائيات الدينية.. ويا ريت الرسالة تكون وصلت بأن القضاء لا يهاب شيئا إلا الله ثم ضمائرهم.. وفي النهاية أقول "إنا لله وإنا إليه راجعون".. اسمعوا كلامنا تكسبوا.. ولا شماتة..!! 

عين على السينما في

18/01/2013

 

دراما الثورة نجحت في الإفلات من مصير أفلام حرب أكتوبر

»ثورة 25 يناير « علي الشاشتين .. بين الاستغلال والإبداع

ماجدة موريس: التليفزيون والسينما قدما أهم عملية توثيق للثورة

تحقيق يكتبه : محمد قناوى 

السينما هي أكثر الوسائل توثيقا للأحداث المهمة في حياة الشعوب.. وقد حرصت السينما المصرية علي توثيق ثورة يوليو من خلال العديد من الافلام سواء كانت الثورة هي البطل الرئيسي أو كخلفية للأحداث وتكرر الامر مع حرب أكتوبر ولكن لم تصل الي حد التوثيق الكامل.. ولكن في عام 2011 انطلقت الثورة المصرية يوم 25 يناير لتنطلق معها أكبر عملية توثيق في التاريخ لثورة شارك فيها كل فئات المجتمع. حيث جري توثيق الثورة في كل ربوع مصر لحظة بلحظة لتهرب الثورة من مصير توثيق حرب اكتوبر.. ولكن ماذا قدمت السينما والدراما التليفزيونية عن توثيق الثورة علي الشاشتين؟ وهل نجحت في عملية التوثيق؟ والي اي مدي تم استغلال الثورة لتحقيق مكاسب. تساؤلات عديدة نجيب عنها في السطور القادمة.

وقبل استطلاع آراء المبدعين في السينما والتليفزيون كان لابد من اجراء عملية رصد لأبرز الأعمال التي تناولت ثورة 25 يناير سينمائيا ودراميا.. وكان اول الافلام التي تم عرضها بعد الثورة مباشرة فيلم »صرخة نملة« الذي بدأ تصويره قبل انطلاق الثورة وجري استكماله مع أيام الثورة الأولي وهو بطولة عمرو عبد الجليل واحمد وفيق واخراج سامح عبد العزيز وهناك »بعد الموقعة« بطولة منة شلبي وباسم سمرة واخراج يسري نصر الله الذي يوثق »موقعة الجمل« وهناك فيلم »18 يوم« بطولة أحمد حلمي، هند صبري، مني زكي، آسر ياسين ومجموعة من النجوم، وهناك فيلم »الشتا اللي فات« بطولة عمرو واكد واخراج ابراهيم البطوط.. ومن ابرز المخرجين الذين نزلوا ميدان التحرير، طوال فترة الاعتصامات التي شهدها ميدان »التحرير« بوسط القاهرة، والتي استمرت 18 يوما، يحمل كاميرات السينما لتصوير مشاهد حية للمظاهرات، للاستفادة منها في فيلمه الجديد، »الميدان« المخرج مجدي أحمد علي حرص طوال فترة تواجده بالميدان علي التقاط الصور الفوتوغرافية، وتسجيل بعض الفيديوهات، للاستفادة منها في الفيلم وهناك أفلام وثائقية انتجت عن الثورة المصرية، مثل فيلم »عيون الحرية... شارع الموت« ويتناول المعركة بين الشرطة والثوار في شارع محمد محمود علي مدي خمسة أيام.. اما في الدراما التيفزيونية فليست كل المسلسلات التي أرادت أن تصفق للثورة نجحت أو أقنعت المشاهد بأنها صادقة فهناك من لبس قناع الثورة لجذب المشاهدين وإرضائهم، وهناك من ركب قطارالثورة، أما الفئة التي نجحت بحق في التواصل مع الناس والشارع فهي تلك التي جاء مضمونها بروح الثورة بلا تصنع أو إقحام: مثل »الهروب« و»زي الورد« و»طرف ثالث« وكيف يري المخرجين والكتاب والنقاد ما تم تقديمه عن ثورة 25 يناير طوال العامين؟

البداية عند المخرج سامح عبد العزيز الذي بادرنا قائلا: اخشي ان يئول مصير ثورة 25 يناير إلي نفس المصير الذي الذي آلت اليه حرب اكتوبر ٣٧ من زاوية توثيقها سينمائيا ودراميا ونصل الي مرحلة عدم القدرة علي تقديم عمل سينمائي أو درامي يوثق لأحداث الثورة المجيدة وقد وقعنا جميعا في خطأ عدم تقديم أعمال سينمائية اثناء أحداث الثورة لننقل الحدث بانفعالاته والاحساس به كما نصور أحداثا حقيقية دون تدخل درامي وبالتالي يكون التوثيق من الواقع.

وأضاف سامح عبد العزيز: كنت أرغب انا وعدد من السينمائيين أن نوثق الثورة في الميدان وفي ظل اشتعالها بكاميرات السينما وايضا الديجتال والتي اصبح يمتلكها العديد من الشباب وكانوا موجودين في الميدان وفوجئنا بالكبار يقولون لنا لا يمكن تقديم عمل سينمائي عن الثورة إلا بعد مرور 5 سنوات علي الاقل ليتم الكشف عن الحقائق وانا بداخلي ارفض هذا الرأي.

واشار سامح عبد العزيز: قدمت فيلمي »صرخة نملة« وهو من أول الافلام التي تناولت الثورة المصرية وقمت بالفعل بتصوير عدد من المشاهد في الميدان وشارك فيها الفنان احمد وفيق في محاولة مني لتوثيق الحدث بشكل حقيقي ولكن للاسف تم اتهامنا بأننا قمنا باستغلال الثورة، وانا اعتبر ان مكسبي في هذا الفيلم توثيق مشاهد الثورة في فيلم سينمائي

الكاميرا الرقمية

وقال المخرج أحمد رشوان الذي قدم فيلما عن أحداث الثورة بعنوان »مولود في 25 يناير«: لعبت الثورة التكنولوجيا دورا مهما في توثيق الثورات العربية بصفة عامة وفي مصر لعبت الكاميرات الرقمية دورا كبيرا سواء كاميرات المحترفين أو كاميرات صغيرة وكاميرات الموبايل حتي المواطن العادي كان يسجل ويرفع علي الانترنيت ادوارا كثيرة كانت مهمتها التوثيق وكان دور الكاميرات في البداية توثيقيا بالجانب الاخباري وبعد ذلك جاء دور الافلام التسجيلية والافلام الوثائقية اخذت وقتا اطول وهناك افلام تكلمت عن 18 يوما فقط وافلام لمخرجين مصريين فقط وافلام مهمه لمخرجين اجانب ولم يعرض جزء كبير حتي هذه اللحظة والافلام متنوعة في عرض المراحل وفيلمي عن 25 يناير حتي27 مايو اول اربع شهور من عمر الثورة وهناك من اشتغل علي عملي بعد ما انتهيت وهكذا.. اما السينما الروائية فلا أستطيع أن اجزم انني رأيت حتي الان شيئا أثارني أو عبر بشكل كبير عن الثورة أعتقد ان في السنوات المقبلة سوف نري افلاما حقيقية دون ذكر أسماء للأسف لم أري فيلما عميقا سواء روائيا قصيرا أو روائيا طويلا.

ونفي احمد رشوان ان يكون مصير ثورة 25 يناير ما حدث في حرب اكتوبر ٣٧ التي لم يتم توثيقها وقال: المادة موجودة لان التكنولوجيا قامت بدورها ورأيت بعيني كاميرات 35 ملي لمخرجين في الميدان مثل المصور أحمد المرسي والمخرج مجدي احمد علي واخرين وغير اليوتيوب والتحميلات الموجودة هناك توثيق يساعد في المعلومات الاخبارية والصورة ان شاء الله سوف هنعثر علي مادة متوافرة ولن يكن مصيرها مصير حرب 6 أكتوبر.

شهادة للتاريخ

ويري المخرج خالد الحجر أن تقديم افلام توثق لثورة 25 يناير هو امر ضروري ليكون شريط السينما شاهدا علي هذا الحدث للاجيال القادمة والسينما مهمتها توثيق الأحداث المهمة في حياة الشعوب وقال: الشئ المهم الذي يجب ان نركز عليه ماذا يقول الشريط السينمائي وكيف يتم التناول لأحداث الثورة.

وأشار خالد الحجر أن هناك مشروعا بينه وبين كاتب السيناريو أسامة حبشي لسيناريو فيلم سينمائي جديد بعنوان »شوارع الجنة« يحكي عن قصص إنسانية لعدد من الشباب المصريين الذين شاركوا في »ثورة 25 يناير«.

ويري المخرج الكبير داود عبد السيد ان تقديم افلام عن ثورة 25 يناير في مراحلها الاولي كنوع من توثيق لها أو حتي دعمها يمكن اعتباره نوعا من السينما الدعائية وهذا سوف يحول السينما في المرحلة القادمة إلي سينما تشبه أفلام ثورة يوليو.

وقال إن أفضل شكل لتوثيق ثورة 25 يناير لابد أن يكون من خلال السينما التسجيلية وليس الروائية المباشرة لأن هذه الأفلام أغلبها سيكون سيئًا لأنها مباشرة ومفتعلة لأن البعض سوف يستغل الأحداث الماضية بشكل غير ملائم.

إقحام للثورة

وقال السيناريست مجدي صابر: لا أتفق مع من يقولون أن مصير توثيق ثورة 25 يناير سيكون نفس مصير توثيق حرب اكتوبر ٣٧ لاختلاف الحدثين عن بعضهما تماما فحرب اكتوبر وقتها كان من الصعوبة تصوير وتوثيق أحداثها لحظة بلحظة لاسباب عديدة اهمها عنصر السرية للحرب في حد ذاتها كما ان القوات المسلحة لم تسمح بالتصوير وقتها وبعد انتهاء الحرب كان من الصعب التوثيق لارتفاع التكلفة وكان ذلك يتطلب تعاون القوات المسلحة وتقديم الأسلحة والمعدات وهذا مكلف جدا وإذا أراد اي مخرج الان تقديم توثيق لحرب اكتوبر فإنه سيجد صعوبة انتاجية وفنية بسبب خروج المعدات والأسلحة المستخدمة في الحرب من الخدمة وتغيير الطبيعة الجغرافية لمواقع الأحداث أما في حالة ثورة 25 يناير فمن السهل جدا وبميزانيات قليلة يمكن التوثيق وتقديم الثورة سواء سينمائيا أو تليفزيونيا لان المظاهرات والاعتصامات من السهل تصويرها؛ كما ان أحداث الثورة تم تصويرها كاملة بكاميرات ديجيتال وكاميرات سينما لدرجة انه تم تصوير أحداث الثورة لحظة بلحظة في كل ميادين مصر .

واشار مجدي صابر الي ان الأعمال الدرامية والسينمائية التي تم تقديمها حتي الآن عن الثورة لا يمكن اعتبارها بمثابة توثيق للثورة لان أغلب الأعمال التي تم تقديمها تم اقحام الثورة في أحداثها سواء كخلفية أو ختام العمل الدرامي بمشهد الثورة والعمل الوحيد الذي يمكن ان نطلق عليه وثيقة للثورة عملي الدرامي الذي يجري تصويره حاليا بعنوان »ويأتي النهار« اخراج محمد فاضل فقد رصدت من خلاله مقدمات الثورة بداية من أحداث 6 ابريل 2008 بالمحلة والتي اعتبرها الشرارة الاولي للثورة وحتي يوم تنحي مبارك.

توثيق هواة ومحترفين

وقالت الناقدة ماجدة موريس: ما حدث في ثوررة25 يناير يمكن اعتباره أهم عملية توثيق حدثت في التليفزيون والفضائيات وفي السينما وهذا ليس بفضل أن المصريين أصبحوا »سوبر« في عملية التوثيق ولكن الظروف العامة والدولية والتطور الكبير في الشبكة الالكترونية والعنقودية وأجهزة المحمول المتطورة جعل هناك جيشا من الموثقين الاعلاميين وأيضا الهواة الذين فتحوا كاميراتهم لتسجيل الثورة وتوثيقها دقيقة بدقيقة لذلك نجد أن ثورة 25 يناير تم توثيقها بآلاف الساعات.

وتضيف ماجدة موريس:هذه المساحة الواسعة من التصوير والتوثيق أدت الي تنوع في المادة وقضيت علي مسالة المواجهات الأمنية التي كان يتعرض لها السينمائيين عندما كان يصورون هذه الأحداث.

وتكمل ماجدة موريس:أجمل ما في الامر أن توثيق الثورة من خلال القنوات المختلفة سواء خاصة أو دولية كشف الحقائق الكثيرة التي لا يستطيع أحد أنكارها مثلما حدث في ثورة ( 18. 19 يناير 1977) التي وصفها السادات بأنها ثورة الحرامية ولم يستطع أحد أن يكذبه في ذلك لأن الذي قام بتصوير هذه الثورة التليفزيون المصري بمفرده وقتها ولكن مع ثورة 25 يناير صورتها قنوات محلية وفضائية مصرية وعربية وأجنبية.

وعن أبرز الأعمال التليفزيونية والسينمائية التي تناولت الثورة دراميا قالت ماجدة موريس هناك أعمال قليلة جدا يمكن أن نعتبرها وثيقة للثورة أبرزها مسلسل »الهروب« تأليف بلال فضل وإخراج محمد علي وبطولة كريم عبد العزيز وفي السينما »بعد الموقعة« و»الشتا اللي فات« فقط.

وأشارت موريس إلي أن هناك العديد من الأعمال التي أدخلت مشاهد عن الثورة ضمن أحداثها لتعبر عن الحدث ولكن لا أعتبر هذه الأعمال استغلت الثورة وقالت: في كل الأزمة السينمائيون يحبون أن يتناولوا الأحداث المهمة في أعمالهم حتي ولو بالاشارة فمثلا هناك أفلام اجتماعية تم تقديمها خلال منتصف الخمسينيات وكان مخرجوها ينهون الفيلم بشعار »الاتحاد النظام والعمل« وهذا الشعار الذي رفعته ثورة 1952 رغم أن الفيلم لا يتحدث عن الثورة من قريب أو بعيد.

أخبار اليوم المصرية في

18/01/2013

 

رامي المتولي يكتب:

وحوش الغابات الجنوبيه وخيال السينما الواقعى  

فى الحياه الكثير من الأحداث المفرحه، لا يفرق كثيراً ما تقدمه لك المدنية والحياه الحديثه، ولا يهم أيضا ما تقدمه لك الأموال والنفوذ، يبقى دائما أسلوب وطريقة حياتك التى ترغب فى أن تعيشها كما يحلو لك، "ونيك" قرر أن يكون هذا الشخص وينسج عالمة الخاص حوله، ومع مرضة والكارثه الطبيعيه التى تهدد "باث تاب" قريته الصغيره الأشبة بالمدينة او العالم المتكامل كما يراه، فذوبان الجبال الجليديه يهدد القرية بالغرق تحت اطنان من المياه المالحه، "وينك" يقاوم كل محاولات المدنية إختراق حياته ويحاول أن يقاوم وينقل موروثه الثقافى وطريقة معيشته لبطلة فيلم “Beasts Of Southern Wilde” كويفنزانى واليس، والتى تقوم بدور أبنة "وينك" فى الفيلم "هاش بوبى"، وهو الدور الذى يقدمه دوايت هنرى.

لا يمكن الحديث عن الفيلم دون التحدث عن مخرجه بينيه زيتلين، ولو تحدثنا عن بينيه يجب التحدث عن تفصيلتين فى غاية الأهمية يمثلان معا مفتاح فهم الفيلم، اولهم "سينما المؤلف" والثانية "مدرسة مخرجين نيويورك" المحلقين خارج منظومه هوليود، بينيه الذى ينتمى لكليهما، الأولى التى تقدم رؤيه شبة متكاملة ومحكمة لما يريده المخرج بالشكل الذى يسمح له منذ البداية التحكم فيما يقدمه من أفكار بالأضافة إلى معرفته الكاملة عند الكتابة بما يمكنه تنفيذه، لانه مؤلف العمل أو كاتب السيناريو الخاص به فى حاله الإقتباس من عمل أدبى، والأخيرة هى الحالة التى تنطبق على الفيلم المستوحى من مسرحية لوسى ألبير والتى تحمل عنوان “Juicy And Delicious”، والثانيه هى الثوره على اله هوليود السينمائية وثوابتها من خلال مدرسة المخرجين النيويوركيين الذى ياتى فى مقدمتهم ستانلى كوبريك، وودى آلن، وفرانسيس فورد كوبولا، ومارتن سكورسيزى، فبينيه ينتمى لهذه المدرسه الساخره المحبة لأمريكا، بكل ما تحمله من شطط وتفرد فى السردية سواء فى الكتابه او الترجمه البصرية عن كل ما تقدمه عاصمة صناعه السينما على الجانب الغربى ومتحديه لها بشكل واضح.

بينيه نيويوركى يحمل مفراداته وسرديته سواء فى الكتابة أو معالجته للنص أو فى طريقه إخراج الفيلم والتحضير له بدء من إختياراته للممثلين وأغلبهم وجوه جديده مرورا بإختيار بطله لفيلمه تبلغ من العمر 6 سنوات حملها مسئوليه طرح ما يريد أن يناقشه، بالاضافة إلى دعم عدد من المؤسسات المستقله إنتاج الفيلم على رأسها مؤسسه "صاندانس" والتى يترأسها روبرت ريدفورد والتى تهدف لدعم الأفلام المستقلة إنتاجيا وفكريا، ونهايةً برؤيته الرافضة لما تبيعه هوليود خاصة والمجتمع "المتحضر" كما يراه بينيه من قيم وأسلوب حياه، بطلة الفيلم أختيار يستحق التوقف أمامه كثيرا مخاطرة المخرج فى أن يمحور الفيلم باكملة على تعبيرات وجه طفله صغيره ومخاطرته أن يصدر فيلمه الروائى الأول بطفله قد لا يتحكم فى أدائها، ولم يقف عند هذا الحد فقط بل لجأ لحيله أكثر عمقا لطرح افكاره التى لن تجد لها الكثير من المشجعين فى الوسط السينمائى الأمريكى الذى تحكمة قواعد ثابته منذ نشاة هوليود عانى منها المئات من صناع السينما هناك، وهى إستبدال حوار البطلة الأساسيه بقالب يشبة مذاكرات ممنهجه لشخص ناضج لكنها تصل لإذن المشاهد بصوت الطفلة تظهر ما بين المشاهد تحمل كيفية تفسيرها لما يحدث حولها من أحداث كبيره قد لا تستطيع سنواتها الست إستيعابها، أداء شخصية "وينك" والد البطلة "هاش بابى" مسرحيا بحركات يديه وصوته العالى وهو ما يعد عيبا فى أداء اى ممثل فى فيلم سينمائى، أو حتى على خشبة المسرح حسب النظريات الحديثه فى فن التمثيل المسرحى، لكنها فى فيلم بينيه تم توضيفها بشكل جيد وظهر الأداء كانعكاس مباشر لخوف الشخصية على أبنته الصغيرة والتى بسبب ظروف مرضه وتاكده التام انه سيموت قريبا تاركا ابنته لحياه قاسيه محملا اياها تراثه واراءه.

المونتاج أحد ابطال الفيلم الرئيسين والذى لا يمكن الاستغناء عن حيله التى ساهمت فى ظهور الفيلم بالشكل الذى يبرز فكرة المخرج، فالفيلم لا يتطرق لسرد الأحداث من خلال المشاهد المتتابعة، او حوار ابطالة، بل يعتمد بشكل مباشر على مذاكرات طفله وكيف تفسر الأشياء، فمثلا ترجمت "هاش بابى" حديث والداها عن والداتها ووصفه إياها "بالساخنه" أو “She Is Hot” فى دلاله على جمالها، بان ترسمها "هاش بابى" فى مخيلتها بالمراه التى تغلى المياه داخل القدور عندما تمر بجانبها، او أنها قادره على طهى الطعام دون إشعال فرن، المونتاج دعم هذه الرؤيه من خلال القطعات السريعه للمشاهد والتى تبدو كان المشاهد يعيش حلما، أو يرى العالم من خلال عيون هذه الطفله.

الفيلم إجمالا إضافه لمسيره فن السينما فى العالم وأكاد أجزم أنه لو أعيد اختيار افضل 100 فيلم فى السينما العالمية سيحتل هذا الفيلم دون شك أحد المركز المتقدمه فى القائمة، هذا بالطبع إلى انه تاكيد جديد لنجاح "سينما المؤلف" ونجاح عدد من المخرجين حملوا على عاتقهم تحرير فن السينما من قوالب ثابته تقضى عليه، خاصه مع تاثير العولمه على الفن وهيمنه الولايات المتحده بصبغتها التجاريه المبتذله فى كثير من الأحيان والإعتماد على التكنولوجيا والإبهار فى أحيان اخرى، لتكن أذن سينما الحلم وإطلاق عنان الخيال للافق.

البداية المصرية في

19/01/2013

 

الحب... الثورة... وقتلة الأحلام... وأكثر في «البؤساء»

الوسط - منصورة عبدالأمير  

ما الذي يمكن أن يحوِّل الأحلام إلى عارٍ، ومن يمكنه أن يفعل ذلك لأحلامنا، وكيف؟

تساؤلات كهذه قد تهاجمك حال مشاهدتك رائعة المخرج البريطاني، توم هوبر «البؤساء» التي أكتب عنها للمرة الثانية في هذا الملحق.

لا لشيء إلا لأنني لم أجد في السنوات الأخيرة فيلماً فعل ما فعله هذا الفيلم الذي يمكنه أن يروي ظمأ المشاهد لسيناريو قوي، ونص كتب بلغة رصينة، لإخراج متمكن يجمع بين أدوات سينمائية وأخرى مسرحية يشفع له كون الفيلم موسيقي، أداء رائع يجمع بين عمالقة هوليوود وعلى رأسهم، هيو جاكمان وراسل كرو، مخرج متمكن من تقديم رسالة سينمائية وإنسانية قبل ذلك.

هذا الفيلم الذي ينعش حواس وأحاسيس وعقل وروح المتفرج، ربما بسبب الجرعة العالية والمفرطة من المشاعر الإنسانية الراقية التي يتحفنا بها هوبر، وربما بسبب التأملات الفلسفية الكثيرة التي تملئ الفيلم، وربما بسبب مواقف الفيلم الراقية من كل القضايا الإنسانية. هذا الفيلم الذي يناقش الثورة على الظلم، الحب في زمن الثورة، وبعدها، الظلم، القسوة، المعاناة، النبل الإنساني، هذا وكل ذلك، لا يجد له صدى لدى المتفرج البحريني، لا أعرف السبب، لكن في كل مرة أشاهد فيها الفيلم تكون صالات العرض خالية، أسأل من شاهدوه مثلي فيكون جوابهم مشابهاً، الصالات تكاد تكون خالية، أتعجب لذلك.

للمشاهد البحريني أفلامه المفضلة على أية حال، لكن الأسئلة التي يطرحها الفيلم بكل عمقها وبكل تشعباتها في كل القضايا الإنسانية والمجتمعية والثقافية والدينية والسياسية قبل كل شيء تستحق من رواد السينما مشاهدة هذا الفيلم. لذلك فليعذرني القارئ لأنني أكتب له للأسبوع الثاني على التوالي حول الفيلم نفسه.

في هذه المرة سأتوقف عند أغنيات الفيلم، وهي إحدى أقوى أدواته، تحديداً عند الأغنية التي تتضمن العبارة أعلاه حول تحويل الأحلام إلى عارٍ، وهي التي جاءت على لسان «فانتين» إحدى شخصيات الفيلم المبني على اقتباس مذهل وذكي لرواية فيكتور هوجو الشهيرة «البؤساء».

آن هاثواي تقوم بدور «فانتين» في أداء يمثل أفضل ما قدمته منذ بداياتها، رشحها لجوائز عديدة، و»فانتين» هي امرأة فقيرة تعمل في مصنع يملكه «جان فالجان» بعد أن يصبح رجلاً غنياً وعمدة للمدينة. جمالها الفائق يجعل رئيس العمال يطمع في التقرب منها وإغوائها لكنها ترفض كل إغراءاته، ينتهز الفرصة يوماً ويطردها شر طردة حين يكتشف أنها أم لابنة أنجبتها دون زواج.

لا تجد «فانتين» سوى جسدها لتبيعه على عمال الموانئ، تبدأ بشعرها وأسنانها ثم تنتهي بجسدها بأكمله. ترثي «فانتين» نفسها وتتحدث عن أحلامها التي ضاعت في المشهد الذي قدمت فيه أغنية «حلمت حلماً» I dreamed a dream.

وهي هنا تعني الحبيب الغادر الذي هرب في الخريف بعد أن أمطر أذنها بكلمات الحب في الصيف. قتل حلمها في الحياة الجميلة وفي تكوين أسرة صغيرة معه ومع ابنتهما «كوزيت». قاتل الحلم أو محوله إلى عار إذن قد يكون الحبيب الغادر لدى «فانتين»، وقد يكون رب العمل الذي طردها حين اكتشف أنها أم لابنة، انتقاماً منها وهي التي رفضت التجاوب مع تحرشاته بها، وربما كان قتلة الحلم هم عمال الميناء وقاطنوه ممن استباحوا جسدها حين ألقت بها الحاجة لبيع كل شيء فقط من أجل تأمين نفقات ابنتها.

لكن الفيلم يشير في مشاهد أخرى إلى أن «فانتين» لم تكن الوحيدة التي ماتت أحلامها وقتلت وحولت إلى عار، فهناك الطلبة الثائرون الذين خذلهم الباريسيون حين تركوهم في مواجهة دموية مع جيش لم يرحم شبابهم وواجهم وهم ثلة قليلة من شباب لم يملكوا سوى قطع الأخشاب والأثاث القديمة ليحتموا خلفها وبنادق صغيرة لمواجهة جيش من الرجال حين أخفقت بنادقه في دحرهم استخدم المدافع لقصفهم في معركة وحشية راح ضحيتها الأطفال قبل الشباب وأغرقت أزقة باريس بدمائهم.

جافير، الذي يقدم دور شرطي قاس، يبدو وكأن أداءه مهمته والتزامه بقانون مجحف أهم لديه بكثير من إنسانيته التي شاهدنا موتها في مشاهد كثيرة من الفيلم، بل وأهم من أرواح الآخرين ومصائرهم جميعاً وصولاً للطفل «غافروش» الذي مزقت رصاصات الجنود جسده فيما واجههم بشجاعة وهو يقف بين صفوف الطلبة الثوار. «غافروش» كان طفلاً صغيراً حلم بحياة أفضل وقتل في معركة غير متكافئة مع الجيش.

جافير الذي يرمز للسلطة في الفيلم، قتل حلم الشباب في يوم جديد أفضل، وقبل ذلك اتهمهم بالخيانة وهم الذين ضحوا بحياتهم من أجل حياة أفضل لأهالي باريس، حياة تتقلص فيها سلطات المتنفذين وتسود فيها العدالة والمساواة في حق الحياة للجميع.

«فانتين» غنت لحلمها المغتصب، وقالت «حلمت حلماً في وقت مضى، حين كانت آمالي كبيرة، وحين كانت الحياة تستحق العيش، حلمت أن الحب لن يموت، وأن الله سيكون غفوراً».

توقفت لتتحدث عن خياراتها وكيف يصبح الإنسان مجبراً في وقت ما على اتخاذ خيارٍ ما كان ليتخذه. لكن أهم ما رثته «فانتين» كان الحب، وهو الثيمة الأهم التي تناولها الفيلم، وهي التي جعلها المخرج حلاً سحرياً لكل شيء، فالحب هو أساس إنسانيتنا، وهو الدافع لنا لكي نتسامح، ونغفر ونشعر بآلام بعضنا. الحب هو الحل لكل شيء وهو الذي يمكن أن يخلصنا جميعاً من الألم، يخلص الظالم كما المظلوم، الضحية والجاني.

الحب والغفران هما ما وجدهما بطل الفيلم «جان فالجان»، هيو جاكمان، لدى القس حين عفى عنه بعد سرقته لفضياته، وهو ما جعله يطلق سراح الشرطي جافير حين تسنَّى له ذلك وحين سلمه إياه الثوار ليقضي عليه بعد اكتشاف خيانته.

الحب والغفران هما ما يجعلنا جميعاً نتعايش معاً، وهو ما يجعل جافير، الشرطي القاسي المتجرد من إنسانيته، يقتل نفسه حين يجد أنه لا مفر من الإنسانية ومن الحب، وحين يصل إلى قناعة مفادها أن أولئك الذين لا يجدون الحب في قلوبهم لا يمكنهم المواصلة، وأن الحياة لا يمكنها أن تستقيم بوجودهم مع أصحاب القلوب التي تمتلئ إنسانية وحباً، الحياة كما وجدها جافير لا تستقيم بهما معاً، فإما جافير أو جان فالجان.

الفيلم الذي يمتلئ بكثير من المعاني، يستحق الكتابة مرات عديدة، لست واثقة من إنني لن أفعل ذلك في الأسبوع المقبل. إذ لا يزال في الفيلم أغانٍ كثيرة ولا تزال كلمات أغنية «فانتين» لم تنتهِ، لا يزال هناك حديث لم يكمل عن النمور التي تهاجم في الظلام بأصوات كالرعد، هؤلاء الذين يمزقون الآحلام تمزيقاً، ويحولون الأحلام إلى عار.

الوسط البحرينية في

19/01/2013

 

غزّة 36 ملم: يكرّس الصور النمطيّة عن القطاع

حسام غوشة/ القدس المحتلّة  

يحاول فيلم «غزة 36 ملم» (وثائقي، 48 دقيقة) الذي عرض أخيراً في «المركز الثقافي الفرنسي» في القدس المحتلة عرض تاريخ السينما في غزة، لكنه يقع في خطابية عاطفية منذ جملته الأولى. يسرد مخرج الفيلم خليل المزين معاناته مع السينما، وكيف كان يجمع الخردة حتى يشتري بثمنها تذكرة لدخول السينما، وتهديد والده بطلاق أمه إذا ذهب إلى السينما مرة أخرى، وغيرها من الحكايات التي تكرس الصور النمطية عن تأخر المجتمع العربي.

يتناول «غزة 36 ملم» المحطات الرئيسية التي مرت بها دور العرض في غزة منذ أن حوت 12 صالة قبل النكبة وأُغلقت جميعها، ثم يأتي «المُخلص» المتمثل في «وكالة الغوث» لتقدم الأفلام المصرية على شاشات عرض في مخيمات اللاجئين. يتشجع بعض سكان غزة بعدها ويعاودون فتح صالات العرض التي تزدهر في السبعينيات والثمانينيات حتى تُشل في الانتفاضة الأولى، ثم يصبح هناك «حالة من النهضة» مع قدوم السلطة الفلسطينية عام 1994 بحسب تعبير المخرج خليل المزين. الظلام الإسلامي وتحريض الجوامع كانا محور هذه المحطات من دون إشارة إلى عوامل أخرى أسهمت في الحال التي آلت إليها الصالات في مختلف المدن في فلسطين المحتلة، خصوصاً وأنت تحضر هذا الفيلم في إحدى الغرف الضيّقة للمركز الثقافي الفرنسي «شاتوبريان». وعلى بعد 300 متر منك، تقبع السينما الأضخم في القدس «سينما الحمراء» وقد حوّلها رجل أعمال فلسطيني إلى مطعم وقاعة أعراس. وهي حال عدد كبير من دور العرض في العالم العربي وليس فلسطين فحسب.

لم يكن الفيلم موفقاً في جانبه الفني أيضاً؛ جاءت مشاهده سريعة ومقطعة شتتت انتباه المشاهد.

الجمهور الذي حضر العرض أبدى استياءه من المهاجمة الفجة للحركات الإسلامية، والبعض الآخر وجدها فرصة للشماتة في «حكومة غزة». حتى الجمهور الأجنبي لم يخف خيبة أمله من الجانب الفني للفيلم. انطباعات من شاهدوا الفيلم في القدس تنفي بشدة تبريرات القائمين على العمل التي نخشى أن تصبح لازمة لكل عمل فلسطيني؛ كعدم توافر ميزانية كافية أو مقومات للعمل السينمائي. ومن التصريحات النمطية للقائمين على الشريط (التوأم أحمد ومحمد أبو ناصر اللذان شاركا المخرج في التصوير والمونتاج) أنّ «10% من أهل غزة ينادون بالثقافة والسينما، والباقي يبحثون عن لقمة العيش، اليوم هناك أولويات في غزة أهم من السينما». لا شك في أنّ السينما في غزة مصابة بشلل كحال العديد من القطاعات الثقافية والفنية، وأن جزءاً كبيراً من المسؤولية تتحمله حكومة «حماس» في تضييقها المستمر على الحريات الفردية، إلّا أن ما سبق لا يعني أن نقبل إنتاجات ضعيفة تتجاوب مع التنميطات الغربية وتركب موج غزة إلى مهرجانات عربية أو عالمية!

الأخبار اللبنانية في

19/01/2013

 

استوديوهات «موسفيلم» الروسية تعود إلى الحياة

كتب الخبرسيرغي ل. لوكو 

مرّ طلاب المدارس الفضوليون في شوارع مهجورة تعود إلى الربع الأخير من القرن التاسع عشر في وسط المدينة، فتوقفوا فجأةً للتحديق بدبابة نازية مخيفة تقبع في زاوية الشارع وكأنها كمين للمارّة. ثم تعرفوا خلال جولتهم إلى استوديوهات «موسفيلم» التاريخية.

يستطيع الزوار اليوم التجول في المنطقة التي كانت المصنع الحلم في حقبة الاتحاد السوفياتي، على عكس أمهاتهم وآبائهم وأجدادهم الذين لم يحلموا يوماً بلحظة مماثلة: هذه الشركة هي نتاج تلك الحقبة في عالم السينما وقد اعتبرها مؤسس الإمبراطورية الزائلة فلاديمير لينين أهم إنجاز فني على الإطلاق نظراً إلى قدراتها الترويجية الهائلة.

خلال جولة في استوديوهات «موسفيلم» التاريخية، شرح المرشد للأطفال أن الدبابة التي يتسلقون عليها الآن بكل سهولة هي محور الفيلم الذي أصدرته روسيا هذه السنة والذي ترشّح لجائزة الأوسكار عن فئة الأفلام الأجنبية: White Tiger.

على بُعد ميل واحد، في أجنحة الاستوديو المستحدثة، تأثر المخرج كارين شخنازاروف (صوّر معظم أفلامه الخمسة عشر في استوديوهات «موسفيلم»، بما فيها White Tiger) حين تذكر الفترة التي عُيّن فيها مديراً للشركة المنهارة وشبه الميتة في عام 1998، علماً أن تلك الشركة تأسست في عام 1923 وهي تُعتبر الأكبر في روسيا.

يقول شخنازاروف وهو يجلس في إحدى وحدات التسجيل المستحدثة: «صنعتُ جميع أفلامي هنا، لكني لم أتوقع حجم الكارثة حين نظرتُ إلى الاستوديوهات للمرة الأولى بصفتي المدير. كانت الأسطح في معظم المباني تالفة، وكان الأسفلت في الخارج مليئاً بالحفر العميقة، وكانت أحدث كاميرا لتصوير الأفلام تعود إلى عام 1980، أي فترة الألعاب الأولمبية في موسكو».

احتاج شخنازاروف إلى عشر سنوات وأكثر من 50 مليون دولار لإعادة إحياء الاستوديو الذي لا يزال ملكاً للدولة والذي شهد تصوير روائع سينمائية مثل The Cranes Are Flying وAndrei Rublev وWar and Peace. لم يقدم له الكرملين فلساً واحداً.

نسخة سوفياتية عن هوليوود

عمد مئات الموظفين الماهرين إلى الاستقالة واستُعملت الغرف المتعددة التي كانت تشعّ بالحياة للتخزين الصناعي. فضلاً عن ذلك، تفوح رائحة نتنة في المكان بحسب قول المؤرخ السينمائي سيرغي لافرينتييف.

يوضح لافرينتييف: «لم تتمكن تلك النسخة السوفياتية الباهرة عن هوليوود من استعادة رونقها بعدما كانت تنتج عشرات الأفلام سنوياً. ربما ضحى شخنازاروف بجزء من موهبته في الإخراج خلال تلك الفترة، لكن ستندرج جهوده السخية لإنقاذ «موسفيلم» في التاريخ حتماً».

بالنسبة إلى المخرج الحائز جائزة أوسكار نيكيتا ميخالكوف (من أعماله Burnt by the Sun)، يُعتبر استوديو «موسفيلم» بمثابة منزله العائلي. يقول ميخالكوف: «شممتُ أول نفحة من رائحة تبرّج الممثلين في هذا المكان، وصوّرتُ أولى مشاهدي كممثل هنا، وتعلمتُ أصول هذا الفن هنا. سنشعر دوماً بالامتنان تجاه كارين (شخنازاروف) لأنه أنقذ استوديوهات «موسفيلم» من هلاك وشيك وضمن استمراريتها».

في نهاية القرن الماضي، بالكاد كانت استوديوهات «موسفيلم» تستطيع إنتاج فيلم واحد سنوياً. أطلق شخنازاروف خطة تقضي بتأجير مجموعة تضم أكثر من 2500 فيلم قديم إلى القنوات التلفزيونية الروسية والأجنبية لرفع حجم الرأسمال».

يتذكر شخنازاروف (60 عاماً) تلك الفترة قائلاً: «كانت تلك المرحلة شاقة جداً وشملت خيارات صعبة، فقد حضر البعض ليهددوني ويطالبوني بخصخصة الشركة وبيع حصص كبيرة من أرضنا في وسط موسكو لبناء كازينو أو ناد أو مبنى سكني. كدتُ أستسلم، لكني أدركت أن الشركة ستنهار إذا رضختُ للضغوط وقد ينتهي بي الأمر مقتولاً في أحد الأيام».

رضخت الشركة المنافِسة القديمة لاستوديوهات «موسفيلم» (مصنع لنسخ الأفلام في الشارع المقابل) لضغوط مماثلة وسرعان ما خرجت من هذا القطاع ونشأت مكانها ناطحة سحاب هائلة وبشعة تطل على جدران شركة «موسفيلم».

توظف شركة «موسفيلم» المستحدثة أكثر من 600 شخص ولا تزال تنتج فيلماً أو فيلمين سنوياً، لكنها تكسب المداخيل من خلال تأجير المكان وتوفير الخدمات لمئات البرامج والمسلسلات التلفزيونية سنوياً. لتسجيل معزوفة لأوركسترا سمفونية خاصة ببرنامج الكرملين خلال رأس السنة لعام 2012، حضرت السلطات الثقافية إلى هذا المكان الذي أصبح يضم الآن أفضل معدات تسجيل في العالم بحسب رأي شخنازاروف. حتى إن بعض الملحنين من هوليوود يسجل مؤلفاته الموسيقية هنا عبر الإنترنت لتوفير المال.

مثل استوديوهات كثيرة في هوليوود، فتحت شركة «موسفيلم» أبوابها حديثاً أمام الجولات اليومية. يمكن أن يشاهد الزوار نسخة متجددة عن أول فيلم رعب سوفياتي (Viy) نظراً إلى وجود سيارة ليموزين من مرأب ليونيد بريجنيف، وسيارة «بويك» تعود إلى الأربعينات ويُقال إن آخر إمبراطور صيني، هنري بو يي، كان يملكها.

تعاون وصمود

على عكس عدد من زملائه، لا يشتكي مدير استوديوهات «موسفيلم» من توسّع قطاع الأفلام الأميركية في سوق السينما التي تشهد نمواً سريعاً في روسيا والتي تحصد أكثر من مليار دولار سنوياً. تكسب هوليوود حوالى ثلاثة أرباع الإيرادات على شباك التذاكر الروسية بينما تقتصر نسبة الأفلام الروسية على %15.

يوضح شخنازاروف: «عملياً، صمدت «موسفيلم» جزئياً بفضل هوليوود لأننا نطبع نسخاً عن أفلامهم لعرضها في دور السينما المحلية وندبلجها أيضاً للجمهور الروسي، وينجم 40% من عائداتنا عن هذا التعاون».

وفق شخنازاروف، تكمن المشاكل الحقيقية بالنسبة إلى المخرجين الروس في غياب البطاقات الإلكترونية وهجوم الإنترنت وقرصنة الفيديوهات، ولم تبذل الدولة الكثير لمكافحة هذه المشاكل: «نجهل الأرقام الحقيقية لإيرادات شباك التذاكر لأن أصحاب دور السينما يعطّلون عملية استعمال البطاقات الإلكترونية. كيف يمكن أن نتكلم عن مستوى الربحية في قطاع صناعة الأفلام في روسيا إذا كان الفيلم يظهر على الإنترنت فور انتهاء إنتاجه؟».

ثم أضاف قائلاً: «اليوم، لا يهتم الحزب أو الحكومة بصناعتنا. صحيح أننا لا نخضع للرقابة والضغوط من المراتب العليا، لكن بدأ القطاع ينهار بسبب عوامل مثل القرصنة على الإنترنت، وهذه اللعنة أسوأ بكثير من الرقابة».

عموماً، بما أن تكاليف الإنتاج هنا هي أقل بكثير من هوليوود، ينجح المخرجون الروس حتى الآن في إنتاج أعمال محترمة بكلفة متدنية نسبياً.

White Tiger

لتجسيد قصة التوسع الكارثي لحضارة الآلة في فيلم White Tiger (المقتبس من رواية The Tankman للكاتب إيليا بوياشوف)، استعمل شخنازاروف 40 دبابة حقيقية في مشاهد المعارك التي لم تعتمد على أي رسومات محوسبة. لكن كلّف الإنتاج حوالى 6 ملايين دولار بحسب قول المخرج، وقد جمع أكثر من 10 ملايين دولار في روسيا. هو يتوق إلى دعوة الأميركيين للتصوير هنا لأجل تخفيض التكاليف بشكل جذري.

قارن شخنازاروف عقدة الفيلم الذي لم يجد بعد شركة توزيع أميركية بقصة Moby Dick نظراً إلى استخدام كم هائل من المدرعات ودبابة نازية تعود إلى الحرب العالمية الثانية واستعمال رمزية الشر العالمي. يحترق روسي حتى الموت في دبابة يتم تدميرها في فيلم White Tiger، لكنه يعود إلى الحياة بطريقة غامضة من دون أن يتذكر حياته السابقة باستثناء مهارته في تشغيل الدبابات ورغبته في تدمير عدوه اللدود وعدو البشرية.

يتسم شخنازاروف، الذي يوشك على بلوغ المرحلة النهائية من ترشيحات جوائز الأوسكار للمرة الرابعة، بنزعة فلسفية: «نظراً إلى حدة المنافسة القائمة الآن في روسيا، يجب أن أشعر بالسعادة لأن الفيلم ترشح أصلاً لجائزة الأوسكار».

الجريدة الكويتية في

19/01/2013

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)