حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

جمـــــال أميــــن:

الغــــربة حوّلتني شخصيـــة مستبدة تبحث عن ذاتها

قحطان جاسم جواد

 

من الفنانين العراقيين الذين قدموا نتاجا سينمائيا متميزا في الدانمارك ولندن الفنان المخرج جمال أمين الذي استطاع خلال عشرين عاما عاشها مقيما في الدانمارك أن ينجز أكثر من عشرة أفلام مابين الإخراج والتمثيل ،منها أفلام اللقالق والعتمة الأبدية وفيلم عن هاملت وغيرها .

يزور العراق لأداء بطولة فيلم العربانة سيناريو وإخراج هادي الماهود وكذلك مكلف بإخراج فيلم لمناسبة اختيار بغداد عاصمة للثقافة العربية عام 2013 بعنوان المجهول . في بغداد التقينا بجمال أمين ودار معه هذا الحوار :

·        حدثنا عن فيلم العربانة ؟

- فيلم العربانة بطولة طه المشهداني ونجم عذوف . سيناريو وإخراج هادي الماهود تم التصوير في ريف السماوة . فيلم عراقي يمثل إضافة للسينما العراقية رغم أني أعتقد انه ليس هناك سينما عراقية بل هناك أفلام عراقية و اجتهادات لصناعة جيدة إنتاج مشترك مع السينما والمسرح .

·        ماذا عن دورك في الفيلم ؟

- دوري فيه بطولة رئيسية .. قائد العربانة الذي نسميه العربنجي بمثابة حكواتي أو راوية للأحداث والمواقف التي تحصل ، لاسيما الاحداث الأخيرة التي مر بها العراق بعد احتلاله في عام 2003 وحتى قبل ذلك أيام الحرب العراقية الإيرانية وحرب الكويت وكذلك الإرهاب . العربنجي هنا يتناول ويتحدث عن جميع تلك الاحداث .. وهو بمثابة مجنون ويجلس خلف العربانة جندي مهزوم ومعه تابوت يمثل مشروع التضحية والشهيد والموت الذي لا يبارح العراقيين منذ زمن طويل .

·        ماذا أردتم أن تقولوا للناس من خلال الفيلم؟

- العراق بلد لم يستكين للهدوء والبناء . ومازالت الحروب تعيش فيه وتأكل أبناءه .. العربانة تمشي حتى في أحداث كربلاء ومع القوات الأمريكية ومع الإرهاب والقتلى .

·        هل يشارك في مهرجان هذا الفيلم وهل يعرض داخل العراق ؟

- اتفقنا أنا والأستاذ المخرج الماهود على أن يقام عرض خاص للفيلم هنا في بغداد لم يشارك في مهرجان الخليج بدبي في نيسان القادم .. الفيلم اكتمل مونتاجه وهو في المراحل الأخيرة له . وقد صاغ له الموسيقى الفنان سامي نسيم رئيس فرقة منير بشير للعود وأتمنى أن ينال الفيلم إعجاب المشاهدين والنقاد .

·        نشاطاتكم في الخارج ؟

- مهاجر في التسعينات وعملت في العراق قبل سفري في مسلسل مع كاظم الساهر وبرنامج ساعة في الأسبوع ومسلسل خيوط من الماضي ثم سافرت إلى الدانمارك وعدت في بداية الثمانينات وغادرت مرة أخرى في التسعينات ثانية وعدت اليوم في عام 2012 . في الدانمارك شاركت في 11 فيلما ، منها فيلمان مع المخرج محمد توفيق كذلك شاركت في أفلام مهرجانات عديدة ، منها فيلمان في مهرجان بغداد السينمائي الأول وهو فيلم اللقالق وفيلم العتمة الأبدية وهما من إخراجي كذلك فيلم فايروس وفيلم جبار وفيلم إنهم يصنعون الحياة . ومثلت في فيلم هاملت في الدانمارك الذي أحيل إلى الأفلام القصيرة والمكثفة ذات الإيقاع السريع .

·        جديدك ؟

- هناك محاولة لتقديم بعض أفلامي التي أخرجتها والتي مثلت فيها في ندوة في دائرة السينما والمسرح ، أتمنى أن تحصل قريبا .

·        ما الذي تركته الغربة في منجزك السينمائي ؟

- الغربة تعلمك الاستفزاز لإثبات نفسك وإرادتك وفنك . تدفعك للعمل الدؤوب ،لأنه إذا لم تعمل لا تحصل على راتب أو مورد توفير العيش ولتنفيذ الأفكار الفنية أو غيرها .. فالغربة حولتني لشخصية مستبدة في البحث عن الذات وإثبات تلك الذات من خلال مشاريع فنية .

·        ما الذي تحتاجه السينما العراقية بعد تجربتك السينمائية في أوروبا والعراق؟

- المشكلة في السينما العراقية أن هناك كليات ومعاهد تخرج مصورا ومخرجا فقط ،في حين أنها تمثيل وإنتاج ومونتاج وصوت . هناك مشكلة كبيرة في الصوت حتى الماكير لا تخصص لدينا فيه . ليس هناك تنوع في الاختصاصات . كذلك في الإنتاج ليس هناك دعم من البنوك أو الحكومة أو وزارة الثقافة حتى التجار لا يساهمون في إنتاج أفلام كما الغرب . حتى دور العرض السينمائية غير موجودة في العراق . والممثلون 90% منهم أبناء المسرح صوتهم عال وتعبيرهم عنيف وحركة اليد، كلها أمور مسرحية بعيدة عن السينما . الممثل العراقي كثير التعبير وقليل الإحساس وكلاسيكي في تعامله مع السينما وحتى التليفزيون لأنه مسرحي بالأصل .أتمنى من مؤسسات الدولة أن تدعم السينما . هناك فيلم المجهول لمناسبة بغداد عاصمة الثقافة العربية عام 2013 ومازلت أراجع وزارة الثقافة ولم أحصل على شيء لحد الآن ، والميزانية لم تصدر بعد .

الجدار الإسرائيلي.. معرض فلسطيني دائم

قيس قاسم 

يأخذنا البرنامج التلفزيوني الفرنسي «رسوم الشوارع» مع الفنان التشكيلي جولين مالاند في جولة حول العالم، تبدأ من الصين وتنتهي في فلسطين، مسلطة الضوء على نماذج من أشهر أعمال رسامي الشوارع، بأسلوب شيق، فيه مقدار كبير من المتعة والعفوية إلى درجة كان الرسام الفرنسي يشارك بنفسه في رسم لوحات بعضهم. ولأنه ليس بصحافي متخصص غلبت على أسئلته الموجهة للفنانين الذين التقاهم في برنامجه البساطة و«الانحياز» الواضح لهذا الاتجاه الشعبي من الفن، المُعبِر جوهره عن مواقف سياسية وإنسانية تجعل منه فناً متعارضاً مع مفهوم الثقافة السلطوية السائدة، مُعلناً عن مواقف سياسية احتجاجية تظهر خصوصاً في فن «الغرافيتي» أو ما يسمى بالرسم على الجدران العامة.

في إسرائيل وجد هذا الفهم مكانه عند مجموعات من رسامي الشوارع يعملون في شكل شبه سري، وهم عرضة لملاحقة الشرطة ومع هذا لا يترددون في تنفيذ رسوماتهم على جدران المدينة. وخلال زيارته مدينة حيفا، التقى مالاند جماعة «بروكين فينغاز» المشهورة بأعمالها الجريئة التي أكسبتها كراهية السلطات الرسمية. ولم يفت البرنامج تسجيل أحد فصول هذه الكراهية حين حاولت سيارة لرجال الشرطة تحذيرهم باحتمال تدخلها لإنهاء حفلة كانوا يُنظمونها، ما اضطرهم إلى قطع الموسيقى والتزام الصمت لحين مغادرة الشرطة.

وخلال مرافقة مالاند للجماعة أثناء شروعهم بالرسم على جدران بناية قديمة، مهدمة، اتضح له حدة الصراع في هذا البلد بين أصحابه وبين من يريد إلغاء وجودهم. فالحي الذي كانوا يرسمون فيه، سكنه الفلسطينيون حتى 1948. وفي 1959 شهد الحي أعمال عنف بين اليهود العرب الوافدين من شمال أفريقيا وبقية سكانه الأوروبيين. وبهدف فك النزاع استُدعيت الشرطة وتدخلت بقوة فقتلت عدداً من المحتجين على سياسة التمييز بين اليهود أنفسهم.

صعوبة تحديد مفهوم الوطن بين مواطنيه، اشتغل عليها الفنان «نو» عبر شخصيته التشكيلية المعروفة وسط فناني الشوارع بـ «ليمبو» النحيف. ذهب «نو» بصحبة الفنان الفرنسي وطلب مساعدته لإقامة عرض سريع له في شارع عام ووسط كومة من النفايات كتب فوقها كلمة: «وطني» للدلالة على نفوره من مفهوم ملتبس، كما يقول: «وطننا، كلمة ملتبسة. تعبير مجرد تحول مع الوقت إلى وعد زائف كل واحد منا يفسره وفق هواه. أما أنا فأفسره بكتلة الزبالة هذه».

إلى الجهة الثانية من الجدار العازل حيث يقيم الفلسطينيون وَصَل جولين، وفي مخيم الدهيشة التقى الفنان يزن واطلع على الكثير من رسوماته المنفذة على جدران مخيمات بيت لحم وأكبرها حجماً كانت «الجدارية المعلقة»: بورتريه غير مكتمل للقائد ياسر عرفات، خوفاً من المصادمات المحتملة بين الجيش الإسرائيلي وأهله. فقوات الجيش كما قال «قد تجبره بالقوة على ترك عمله إذا شاهدوه يرسم صورة لأبي عمار، وكرد فعل متوقع قد يتدخل أهالي المعسكر لمنعهم من هذا، بالتالي قد تنشب معارك لا يتردد الطرف الإسرائيلي من استخدام السلاح فيها». بسرية أكثر من أمثاله رسامي الشوارع في الطرف الثاني من البلاد يرسم يزن لوحاته وكلها تعبر عن معاناة أهله وصراعهم الطويل. يرسم بعض تخطيطاته بأعواد الثقاب والحبر الأسود، وهو أمر وجده الفرنسي مستحيلاً وسوريالياً. وحين زار محل الخطاط والرسام الفطري أبا أسامة وسمع منه مغامرته في الرسم أثناء منع التجول خلال حرب الخليج تعمق عنده الإحساس بسوريالية الوضع. فالرجل كان يفتح محله سراً ويبدأ الرسم والخط فيه صامتاً طوال ساعات النهار من دون أن يُسمع له صوت. وفي حلقات تعليم الرسم التي ينظمها «مركز الفينيق» لتعليم الأطفال فن الرسم فَهَم جولين ماذا تعني «رسومات الشوارع» عند شعب محروم من أرضه ومعزول بجدار إسمنتي.

منذ مجيء رسام الغرافيتي العالمي بانسكي ورسمه لوحات رائعة فوق الجدار العازل الذي بناه الإسرائيليون بحجة حماية أنفسهم من هجمات الانتحاريين، تحول المكان إلى مزار لكل رسامي الشوارع في العالم. يجيئون إلى هنا يرسمون فوقه ثم يمسحون ما رسموه ليتركوا فراغاً لغيرهم من الرسامين، وهذا ما فعله جولين نفسه حين ذهب ورسم لوحة لامرأة فلسطينية تحمل بيدها مفتاحاً، ثم عاد ومسحه متيحاً لآخرين فرصة التعبير عما يجول في خاطرهم وهم يرون جداراً يفصل شعباً عن أرضه.

آرغو Argo :المزحة الهزلية والإثارة

ترجمة: نجاح الجبيلي

بعد فيلمين هما "Gone Baby Gone" و"المدينة The Town" أسكت "بن أفليك" ناقديه ملتحقاً بركب الممثلين من الدرجة الأولى الذين أصبحوا مخرجين مشرّفين مثل كلينت إيستوود وجورج كلوني. و"أفليك" غير راغب في الاستناد على أمجاده غير أن فيلمه الثالث "آرغو" يظهره وهو يخطو خارج منطقة الراحة. فهو يتخلى عن إطاره المعتاد لمدينته المحبوبة "بوستن" من أجل خلفية أحداث عالمية في فيلم "آرغو" الذي ينبني على جهوده المبكرة في الهدف (وهو يرتحل بسرعة بين واشنطن وهوليوود وطهران) والطموح: في دراما مبنية على قصة حقيقية تعالج فترة محددة من تاريخ العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران.

تقع أحداث الفيلم أثناء أزمة الرهائن عام 1979 حين يقبض ثوريون إيرانيون على السفير الأمريكي في طهران ويحكي الفيلم قصة ستة أمريكيين ينجحون في الهرب. وبعد أن يلجأوا إلى بيت السفير الكندي يكون أملهم الوحيد في الخروج هو عميل في السي آي أي هو "توني مندز" ( بن أفليك). خطته أن يطير إلى إيران بهوية مزيفة ويقنع السلطات الجديدة بأن الأميركان الست هم طاقم فيلم كندي يستكشفون مواقع لأوبرا فضائية مستمدة من "حرب النجوم" والتحدي الحقيقي يكمن في خلق غطاء لا لبس فيه بنسخ "تنسلتاون" نفسه مع دعوة للأدوار وإطلاق الحفلات وإعلانات في مجلة "فاريتي".

إن تجربة أفلك الكبرى والناجحة هنا هو صهر عدة خطوط للقصة كل منها بجو مختلف، ففي واشنطن العاصمة يطلق أفلك ما يشبه عصر فيلم "كل رجال الرئيس" لباكولا: تظليل المواقع وتحطيم التكبير والتصغير والتجاذبات السياسية. في هوليود يصبح "آرغو" فيلماً هجائياً لصناعة محتالة، موهبة "جون غودمان" في المؤثرات البصرية الملتوية ومنتج صارم هو ألان أركن (" إذا ما أردت أن أصنع فيلماً مزيفاً فإنه سيحصل على نجاح مزيف!".

أما في طهران فهي مجزعة حازمة و مليئة بالمشاهد الاستثنائية (مطاردة مشحونة في بازار مزدحم وتحقيقات بارانوية بشكل صريح في المطار) تكشف عن ميل المخرج إلى الإثارة الشديدة.

يتراوح بين المزحة الهزلية والإثارة السياسية فإن هذا الهجين المهروس بالنوع هو وحش غريب. ومع ذلك فقد جعله ناجحاً إلى حد ما، أحداث ثابتة مع أداء محبب. بالتأكيد هناك عدد من التذبذبات – حبكة ثانوية تتضمن ابن أفلك الذي يهوى الخيال العلمي وهو يضيف موسيقى عاطفية غير ضرورية بينما موظفو السفارة الستة يطبخون على نار هادئة- لكن فيلم "آرغو" يظهر المخرج معززا بالثقة موسعاً لمجاله. إنه طعنة الانتصار للحاطين من قدره.

فقأوا البصر.. لكنهم لم يفقأوا البصيرة

لندن / عدنان حسين أحمد  

لم ينبثق عنوان هذا الفيلم من فراغ، فلقد سبق للمخرجة السويسرية عايدة شليفر (من أب عراقي وأم لبنانية) أن درست في المعهد العالي للسينما في مصر عام 2003، وتخصصت في الإخراج السينمائي تحديداً بعد أن درست في زيورخ الفن وتصميم وسائل الإعلام. من هنا فإن مضمون فيلم "أنا اسمي مواطن مصري" قد جاء نتيجة لتجربة حياتية معيشة عرفتها من كثب. وكدأب عايدة دائماً فقد اختارت لهذا الفيلم ثيمة محددة وهي (فقء الأعين)، ويا لها من ثيمة مُفجعة وقاسية تكشف عن لؤم مرتكبيها، ودناءة ضمائرهم البشرية، إن كانت لهم ضمائر! خصوصاً وأنهم، أي الشرطة المصرية في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، قد اختاروا الاصطفاف إلى جانب الجلاد ضد الضحية. هؤلاء الشرطة لم يكونوا حتى شرطة عاديين، وإنما هم شرطة قنّاصة يصطادون ضحاياهم مع سبق الترصد والتعمّد والإصرار، فطلقة القناص لم تكن، ولن تكون عفوية أو طائشة، وإنما هي تتقصد الضحية، وتتعمد فقء عينه بهدف حرمانه من البصر، ونعمة النظر التي قد لا توازيها نعمة أخرى في الحياة خاصة لأولئك الذين يفقدونها بعد تمتعهم بها لسنوات طويلة. ربما يكون الشرطي العادي الذي يطلق ناراً "معذوراً بقدر أو بآخر" بحجة الدفاع عن نفسه أو عن أمن "الدولة" المزعوم، ولكن القنّاص متلبّس بالجرم المشهود والمتعمد الذي يبغي إعاقة ضحيته وتعويقها مدى الحياة، وهذا ما حصل في فيلم "أنا اسمي مواطن مصري" حيث انتقت المخرجة عايدة بضعة ضحايا أصيبوا في عيونهم ، نذكر منهم عماد صالح مُساعد، ومحمد مجدي محمد عبد التواب وعدداً آخر من الضحايا الذين يطلّون علينا بين أوانٍ وآخر ليسردوا مِحنهم التي تتمثل بفقدان إحدى العينين أو إصابة الاثنتين في آنٍ معاً، هذا ناهيك عن الإصابات الأخرى التي يتعرض لها الضحايا في أجزاء مختلفة من أجسادهم، فالخراطيش المخصصة لفقء الأعين فيها عدد غير قليل من الرصاصات السريعة الاختراق التي يمكنها أن تشوّه مساحة كبيرة من الوجه أو أية منطقة أخرى مُستهدَفة. كما دأبت عايدة أن تستضيف طبيباً متخصصاً في الحالة تعالجها أو تتعاطى معها بشكل فني، وهي طريقة علمية ومستحبة في الفيلم الوثائقي القائم على الحوار أو ثنائية السؤال والجواب حتى وإن كان السائل مُغيّباً، وقد لعب طبيب العيون وائل أحمد عويس دوراً مهماً في تسليط الضوء على محنة العيون المفقوءة.

تابعت المخرجة عايدة شليفر حالة فقء العيون المتعمدة خلال الأسابيع الثلاثة التي أسقطَ فيها الشعب نظام مبارك وسلطته الأمنية المستبدة. وقد أحاطنا أحد الضحايا علماً بأن عدد المصابين في عيونهم قد بلغ "9000 " مواطن وهو رقم كبير بكل المقاييس سواء أكانت الإصابة في عيونهم أم في أي جزء آخر من أجسادهم.

بدأ المصابون بالتوافد على المستشفيات الخاصة والعامة منذ يوم 25 يناير، لكن الأطباء كانوا يترددون في معالجتهم لأكثر من سبب، فالعناصر الأمنية والمخابراتية التابعة للنظام مبثوثة في المراكز الطبية والمستشفيات الخاصة والعامة، كما أن المصابين أنفسهم قد يتعرضو ن للاعتقال في أية لحظة، وإذا أقدم الأطباء على معالجة المصابين فمن المحتمل أن يُقبَض عليهم من قبل هذه العناصر الأمنية المبثوثة في معظم المستشفيات الحكومية العامة، لذلك فإن معاناة الضحايا كانت كبيرة تتوزع بين الخشية من السجن والخوف من فقدان البصر.

ذكرَ بعض المصابين أن الأطباء الشباب كانوا الأكثر جرأة من الأطباء الاختصاص والأكبر سناً، وقد شاهدنا أحد هؤلاء الأطباء الشباب وهو يشرح على شاشة الكومبيوتر طبيعة إصابة بعض العيون التي اخترقتها رصاصات القناصين.

لم يجد غالبية هؤلاء الضحايا العناية المطلوبة، فلا يكفي أن يغلق الطبيب الجروح التي فُتحت في العين اليمنى أو اليسرى، وإنما كان يجب أن تُجرى للضحايا تداخلات جراحية لاستخراج هذه الرصاصات الصغيرة التي يقول عنها الأطباء أنها مستقرة خلف العين مباشرة، كما لا يكفي سحب الدماء التي نزفت داخل تجاويف العين، وإنما إجراء عمليات طبية كاملة يمكن أن تعيد لبعض هؤلاء الضحايا بصرهم الذي فقدوه بسبب دفاعهم المستميت عن الوطن. أما قضية العيون الصناعية التي تُعتبر حلاً جمالياً لا غير، فهي مثل الكي آخر العلاج، ولابد للدولة من تزويدهم بهذه العيون، وتعويضهم مادياً عن مجمل الأضرار التي لحقت بهم لأن معظم هؤلاء قد أصبحوا من ذوي الاحتياجات الخاصة وعلى الدولة أن تؤمن لهم كل حقوقهم القانونية المتعلقة بالسكن والعيش والعلاج المجاني.

كان بعض المصابين متذمراً من الأوضاع العامة في مصر، بل كان فيهم منْ يفكر بالرحيل الأبدي عن مصر، وقد سمعنا أحدهم يقول بما معناه: "إذا وضعت قدمي على أرض المطار فلن أعود ثانية". كان هذا الكلام قبل الثورة، ولكن صار للحياة طعماً آخر بعد أن سقط الدكتاتور وعادت مصر المُختطَفة من قبل عصابات مبارك إلى أبنائها الحقيقيين الذين يتوجب عليهم أن يضعوا قاطرة مصر على سكة الحياة من جديد لتأخذهم صوب التطور والتقدم والحداثة.

لقد نجحت عايدة شليفر في معالجتها الفنية لهذه الفكرة الدقيقة التي تمحورت حول فقء عيون الثوار المتظاهرين، وأوصلت لنا بذكاء ملحوظ أن السلطة الغاشمة في أي مكان من هذا العالم يمكن أن تفقأ عيون المتظاهرين والمحتجين والثائرين، لكنها لن تستطيع أبداً أن تفقأ بصيرتهم، فالشاب الذي كان متذمراً، وينوي الهروب من مصر كلها، قال بما معناه :إنني كنت سأعود بعد الثورة إلى مصر حتى وإن كانت هذه العودة في تابوت.

بقي أن نقول إن عايدة من مواليد بغداد، درست الألمانية لمدة سبع سنوات، كما درست الإخراج السينمائي وتخصصت فيه، إضافة إلى دراستها للفن والإعلام في زيورخ. تزاول عايدة الرسم أيضاً، وقد أقامت عدداً من المعارض الشخصية في زيورخ وبيروت والقاهرة. أما غالبية أفلامها فقد عرضت في عدد غير قليل من المهرجانات السينمائية العالمية ونال بعضها جوائز مهمة.

المدى العراقية في

16/01/2013

 

مخرج فرنسي يرأس لجنة تحكيم المهرجان الوطني للفيلم المغربي 

كتب ـ محمود موسي‏

تنطلق في الأول من فبراير المقبل لمدة‏8‏ أيام فعاليات الدورة الرابعة عشرة المهرجان الوطني للفيلم المغربي بمشاركة‏21‏ فيلما روائيا طويلا و14 فيلما قصيرا .

يقام المهرجان السنوي في مدينة طنجة شمال المغرب, ويضم كل الإنتاج السينمائي علي مدي عام.

ويرأس المخرج والمنتج الفرنسي جاك دور فمان لجنة تحكيم الأفلام الطويلة, الذي يعد واحدا من كبار المنتجين الفرنسيين, حيث أنتج ما يناهز الثلاثين فيلما من بينها حرب النار(1981) الذي حصل علي عدة جوائز بفرنسا وبمهرجانات دولية, وهو الفيلم الذي نال سيزار أحسن فيلم وأحسن إخراج.. تقلد جاك دور فمان عدة مناصب من بينها رئيس مؤسسة اينيفرانس للفيلم الدولي و الجمعية الفرنسية لمنتجي الأفلام, كما حصل علي وسام الاستحقاق الفرنسي في الفن والأدب, ووسام الاستحقاق الوطني من درجة فارس. أما لجنة تحكيم الأفلام القصيرة فيرأسها الوزير السابق أحمد أخشيشن, وهو خبير مغربي في ميدان الاتصال, وتقلد منصب وزير التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي(2007 ـ2012), ومدير عام سابق للهيئة العليا للاتصال السمعي البصري.

حياة بي‏:‏ مغامرة ساحرة بين أحضان الطبيعة 

هناء نجيب 

عد الفيلم الأمريكي حياة بي مغامرة ساحرة ودراما خيالية‏,‏ حيث يحملك في رحلة طويلة مليئة بالمناظر الطبيعية الخلابة ولكنها محفوفة بالمخاطر وفي نفس الوقت بالأمل والقوة.

تم تصوير الفيلم في جنوب الهند, لذا تم اختيار الأبطال من الهند وهم: سوراج شارما الشاب الصغير بي إرفان خان دور بي في سن متقدمة من عمره ـ تابو الأم الفيلم مأخوذ من رواية لمؤلفها بان مارتيل, أما المخرج فهو انج لي, وقام بكتابة السيناريو ديفيد ماجي.

بدأ الفيلم بعرض نشأة بي في مدينة بونديشيري الهندية خلال السبعينيات.. بيسين المعروف باسم بي كان يقضي معظم أوقاته مع الحيوانات المختلفة نظرا لامتلاك والده حديقة حيوان, أدت العلاقة بينه وبين هذه الحيوانات إلي تطوير معتقداته وايمانه والتعرف علي طبيعة النفس البشرية والحيوانية, كان يحاول دائما إقامة صداقة مع النمر البنغالي الذي يحمل اسم ريتشارد باركر, يتعلم الصبي من والده درسا قاسيا بأنه لايمكن إقامة علاقة صداقة مع حيوان مفترس.. عندما يبلغ بي السابعة عشرة من عمره يقرر الوالدان هجرة الأسرة إلي مكان أفضل فاختارا كندا للانتقال إليها ويتركان حديقة الحيوان مع أخذ بعض حيواناتها وهم مسافرون علي متن سفينة شحن يابانية ولسوء الأحوال الجوية في أثناء الرحلة تتعرض السفينة للغرق, ينجو بي وحده ومعه فقط النمر البنغالي ريتشارد باركر ومن هنا تبدأ المغامرة في أثناء الرحلة الطويلة لهما.

استطاع كاتب السيناريو ديفيد ماجي تحويل هذه الرواية الرائعة إلي نص سينمائي مشوق وقد وقع الاختيار علي المخرج المتميز أنج لي لأنه معروف بإظهار التفاصيل الصغيرة بجانب الإبهار المذهل, فله تجارب فيلمية عديدة من هذه النوعية مثل فيلم العاصفة, فبرغم هول المغامرة لم ينس المشاعر الإنسانية بين البطل واسرته والبطل وحبيبته الشابة التي تركها في الهند لينتقل إلي كندا, فكانت هذه الشحنات العاطفية الكبيرة في الفيلم تتطلب شخصية غير عادية لأداء شخصية بي..

أما الشخصية الثانية المهمة بالفيلم فكانت للنمر البنغالي ريتشارد باركر الذي قدمه بيل ميستنهوفر من خلال مؤثرات بصرية عالية التكنولوجيا, فقد استطاع أن يبتكر مخلوقا واعيا يشعر معه المتفرج أنه بالفعل أمام نمر حقيقي لديه كل الحركات والأداء الجسدي, وهذا بالطبع أخذ وقتا طويلا لتدريب نمر علي يد مدربي حيوانات أكفاء.. أما الموسيقي التصويرية ـ المأخوذة من البيئة الهندية فقد أضفت مصداقية ومناخا حقيقيا للمغامرة.. علي الرغم من أن الفيلم يدور حول شخصيتين هما بي وباركر فإن المتفرج لم يشعر بالملل وذلك لتنوع ظهور الحيوانات والاسماك والطيور المتعددة الأشكال, فحتي العواصف الرعدية التي تصحبها الأمطار بل السيول أضفت جوا ساحرا علي الفيلم خاصة أن المتفرج يستخدم خاصية التقنية الثلاثية الأبعاد التي تجعلك تعيش داخل المغامرة نفسها.. الفيلم تضمن بعض العبر مثل سماع نصائح الأهل: فعندما نصح أب بي بعدم إقامة علاقة مع الحيوانات المفترسة.. كان يقصد الإيمان بالله, فرغم وجود مصاعب فإنها احيانا تكون لصالح الشخص مثل العواصف التي رمت بي لشط النجاة.. اختيار الأبطال الهنود الأكفاء أمثال إرفان خان الذي شارك في الفيلم الهندي المليونير الصعلوك الحائز علي جائزة اوسكار لأفضل موسيقي, وكذلك النجمة الهندية تابو وهي التي أدت دور الأم بجدارة.

نجوم السينما يتنافسون علي إيرادات موسم منتصف العام  

عدد من شركات إنتاج وتوزيع الافلام المصرية قررت عرض مجموعة من أفلامها في موسم منتصف العام الدراسي ليتنافس نجومها علي إيراداته‏ .

ومن بين هذه الافلام, والذي عرض أمس فيلم( علي جثتي) بطولة أحمد حلمي وغادة عادل وأيتن عامر وحسن حسني وتأليف تامر ابراهيم وإخراج محمد بكير, ومن المقرر ان يكون عدد نسخ الفيلم علي الشاشات المصرية051 نسخة بالتزامن مع عرضه في امريكا واستراليا والكويت والامارات والاردن وفلسطين والمغرب ولبنان.. وتدور أحداث الفيلم في إطار فانتازي حول( رءوف) مهندس الديكور الذي يموت وتبقي روحه عالقة بين السماء والارض, حيث يريد ان يعرف رأي أصدقائه وأسرته فيه بعد مماته ليصطدم بمواقف العديد منهم ويكتشف أخطاءه بعد فوات الأوان.

ويعرض الاربعاء المقبل فيلم الحفلة بطولة أحمد عز وجومانا مراد وأحمد السعدني ومحمد رجب ودينا الشربيني.. ومن إخراج أحمد علاء وتأليف وائل عبدالله.. ويدور الفيلم في اطار دراما بوليسية مثيرة حول قصة شاب يبحث عن زوجته التي اختفت فجأة وتبدأ الشرطة في التحقيق في ملابسات الحادث وتكتشف ان الزوجين كانا قد حضرا حفلا في الليلة السابقة علي اختفائها بفيلا إحدي صديقاتهما, وإن كلا من وجد فيها يحكي قصة مختلفة عن الآخر.

وفي نفس اليوم أيضا سيعرض فيلم فبراير الأسود بعدد05 نسخة وهو من بطولة خالد صالح وطارق عبدالعزيز وسليمان عيد وميار الغيطي وأدوارد وأحمد زاهر وانعام سالوسة.. الفيلم تأليف وإخراج محمد أمين وتدور أحداثه بشكل كوميدي حول دور وقيمة العلم والعلماء وتجاهل الوطن لهم.

الأهرام اليومي في

16/01/2013

 

اخشيشن ودورفمان يرأسان لجنتي تحكيم المهرجان الوطني للفيلم بطنجة

خالد لمنوري | المغربية  

أعلن منظمو المهرجان الوطني للفيلم، أمس الثلاثاء، عن لجنتي تحكيم الدورة الرابعة عشرة للمهرجان، الذي ستحتضنه مدينة طنجة من فاتح فبراير المقبل إلى التاسع منه.

وأفاد المنظمون، في بلاغ توصلت "المغربية" بنسخة منه، أن لجنة تحكيم الفيلم الطويل سيترأسها السيناريست والمخرج والمنتج الفرنسي جاك دورفمان، وستضم كلا من المخرج عبد القادر لقطع، والكاتبة والفنانة غيثة الخياط، والباحث الجامعي رشيد ابن الزين من المغرب، والمخرج ناصر القطاري من تونس، والصحافية والناقدة السينمائية لالي هوفمان من الدانمرك، ومسؤولة اقتناء البرامج بمجموعة "فرانس تلفزيون" تانيا خالي من فرنسا.

وتضم لجنة تحكيم الفيلم القصير، التي سيرأسها الخبير المغربي في ميدان الاتصال ووزير التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي سابقا، أحمد اخشيشن، كلا من المخرجة السينمائية مريم التوزاني، والممثلة لطيفة أحرار، والباحث الجامعي خالد السلمي من المغرب، والمؤرخة والناقدة السينمائية سالي شافتو من الولايات المتحدة الأمريكية. وسيتميز المهرجان، الذي ينظمه المركز السينمائي المغربي، بتعاون مع المنظمات المهنية في القطاع السينمائي حسب المنظمين، بتنظيم مسابقتين رسميتين، واحدة خاصة بالفيلم الطويل، وأخرى خاصة بالفيلم القصير، إضافة إلى تنظيم ندوات صحفية، والعديد من الأنشطة الموازية.

وأوضح البلاغ ذاته أن برنامج الدورة 14 سيختتم بتقديم الحصيلة السينمائية لسنة 2012، وحفل توزيع جوائز المهرجان البالغ عددها 15 جائزة، بقيمة 540 ألف درهم.

وستتنافس الأفلام الروائية الطويلة على 12 جائزة بقيمة 440 ألف درهم، ويتعلق الأمر بالجائزة الكبرى (100 ألف درهم)، والجائزة الخاصة للجنة التحكيم (70 ألف درهم)، وجائزة أول عمل (50 ألف درهم)، وجائزة السيناريو (40 ألف درهم)، وجائزة أول دور نسائي (30 ألف درهم)، وجائزة أول دور رجالي (30 ألف درهم)، وجائزة ثاني دور نسائي (20 ألف درهم)، وجائزة ثاني دور رجالي (20 ألف درهم)، وجائزة التصوير (20 ألف درهم)، وجائزة الصوت (20 ألف درهم)، وجائزة المونطاج (20 ألف درهم)، وجائزة الموسيقى الأصلية (20 ألف درهم).

أما الأفلام القصيرة، التي اختارتها لجنة انتقاء ترأستها المخرجة المغربية نرجس النجار، فستتنافس على ثلاث جوائز تبلغ قيمتها 100 ألف درهم، سيخصص نصفها للجائزة الكبرى وقيمتها 50 ألف درهم، فيما سيحصل الفيلم الفائز بالجائزة الخاصة بلجنة التحكيم على 30 ألف درهم، والفيلم الفائز بجائزة السيناريو على 20 ألف درهم.

وإذا كانت لجنة انتقاء الأفلام القصيرة اختارت 14 فيلما قصيرا من أصل 45 للتنافس على جوائز المسابقة الرسمية، فإن الأفلام الطويلة لم تخضع لأي انتقاء، بسبب عددها الذي لا يتجاوز 25 فيلما في الوقت الراهن.

ومن المنتظر أن تتضمن قائمة الأفلام المشاركة في المسابقة الرسمية للفيلم الروائي الطويل كل الأعمال السينمائية التي عرضت في المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، ويتعلق الأمر بشريط "ياخيل الله لنبيل عيوش، و"زيرو" لنور الدين لخماري، و"ملاك" لعبد السلام الكلاعي، و"فيه الملح والسكر ومعمرها ما غد تموت" لعماد وسهيل نوري، و"البايرة" لمحمد عبد الرحمان التازي، إضافة إلى "القمر الأحمر" لحسن بن جلون، و"محاولة فاشلة لتعريف الحب" لحكيم بلعباس، و"خويا" لكمال الماحوطي، إلى جانب أفلام أخرى ستكشف عنه اللجنة المنظمة لاحقا.

الصحراء المغربية في

16/01/2013

 

«الصبي» لشابلن:

السينما تصرخ غاضبة رغم صمتها

إبراهيم العريس 

إذا كان كان قد جاء تحت عنوان الافتتاح لفيلم «الصبي» الذي كان أول فيلم طويل حققه تشارلي شابلن: «فيلم فيه ابتسامات، وربما فيه دموع أيضاً»، فإن أول النقاد الذين تحدثوا عن هذا الفيلم يوم عرضه، وافقوا تماماً على تلك العبارة، لكنهم استطردوا يقولون: «يجب على أية حال محو كلمة «ربما» من هذا العنوان». فالحقيقة ان الدموع ماثلة في الفيلم من دون أي التباس توحي به كلمة «ربما»، الى جانب الابتسامات التي تصل أحياناً الى حدود القهقهة. ولا بد من الاشارة هنا منذ الآن الى أن واحدة من السمات الأساسية لهذا الفيلم، الذي أسّس في طريقه لنوع سينمائي لم يتوقف الفن السابع عن محاكاته على مدى تاريخه، تكمن في أن شابلن قد عرف كيف يمّحي فيه جزئياً أمام «بطل» آخر في الفيلم، هو الصبي نفسه الذي يتحدث عنه العنوان. والحقيقة ان هذا الصبي أثار كل أنواع التعاطف والعواطف، بخاصة ان الطفل الذي لعب دوره، جاكي كوغان، كان من البراعة والشيطنة في الأداء، الى درجة انه سرعان ما صارت له شهرة شابلن نفسه... وهنا نفتح هلالين لنذكر ان تلك الشهرة لم تعد بالخير على الطفل، لاحقاً، اذ انه سرعان ما غرق في المآسي ثم في الفشل بعد الآخر، اذ اعتقد ان في امكانه ان يحلّق بجناحيه بعد النجاح الذي أمّنه له شابلن، فاختفى كحاضر ليظل حياً كماضٍ... وهكذا، حتى وإن ظل يمثل حتى آخر أيام حياته، فإن أحداً لم يعد للتنبه اليه... وحتى حين لعب دور العجوز الشرير، انكل فستر في «عائلة آدامز»... (ولربما يمكننا هنا ان نتذكر للمناسبة ان الفشل كان دائماً من نصيب نجوم هوليوود الأطفال حين كانوا يكبرون ويريدون إكمال مسارهم السينمائي).

> المهم في الأمر هنا، ان تشارلي شابلن، بعدما رجحت كفة الطفل عليه في «الصبي»، عاد لاحقاً وعدّل الأمور متجنباً خوض تجربة جديدة تجعل لأي فيلم من أفلامه بطلاً مستقلاً ينافسه... باستثناء النساء اللواتي ارتبط حضورهن لديه، بوجوده في الفيلم، وصار ذلك الوجود محور وجودهن واهتمامهن. في «الصبي» اذاً، كانت الأمور على غير ذلك: سخّر شابلن فيلمه وطاقته، وكل نشاطه وإبداعه لخدمة الموضوع. والموضوع كان، وفي كل بساطة، أن ذلك المتشرد الذي كان صاره بل تلبّسه حتى، انطلاقاً من عشرات الأفلام الصغيرة والقصيرة التي كان قد حقّقها وكتبها ومثّل فيها خلال العقد السابق من السنين، على تحقيقه «الصبي» يجد نفسه فجأة، ومن دون ارادته، مسؤولاً عن طفل وجده مرمياً في الطريق. في بداية الأمر، لم يشعر الصعلوك بأية رغبة في حمل تلك المسؤولية لذلك يحاول التخلص من الطفل... لكن ذلك يبدو مستحيلاً، على رغم كل الحيل التي يقوم بها. وتكون النتيجة ان الطفل يلتصق به، الى درجة انه هو نفسه خلال المرحلة التالية، لا يعود قادراً على ولا راغباً في الافتراق عن الصبي... ولا سيما حين يبدأ المجتمع، متمثلاً بالسلطة وبالأهل، محاولات مستميتة لانتزاع الصبي من بين يدي المتشرد.

> والحال ان جزءاً كبيراً من زمن الفيلم، يتمحور حول المحاولات التي تهدف الى انتزاع الصبي، ومحاولات المتشرد، ثم الطفل معه للافلات من تلك المحاولات. وفي الطريق الى ذلك يعيش المتشرد والطفل حياتهما، التي هي في الأصل حياة المتشرد، ويتشاركان في اكتساب الرزق بأغرب الطرق وأكثرها مدعاة للدهشة. يصبحان شخصاً واحداً في جسدين... ويبدو واضحاً في كل لحظة انه بمقدار ما كان شابلن، ككاتب ومخرج، يبدع في رسم شخصية الطفل مضفياً عليها أبعادها، كان الطفل يمثّل، حقاً، بتلقائية وبراعة مجتذباً أفئدة المتفرجين... ما شكل خطراً حقيقياً كما أشرنا، على شابلن نفسه.

> غير ان قيمة الفيلم الأساسية والتي جعلته حياً حتى اليوم، بل، ربما جعلت منه واحداً من أجمل أفلام تشارلي شابلن وأقواها، بعيداً من حكاية التمثيل والمنافسة على احتلال المكانة الأولى في الفيلم بين شابلن وبطله الصغير، تكمن في «الصبي» نفسه كعمل فني انساني رفيع، وتحديداً في ذلك الإجماع المبكر حول فكرة ان الفيلم عرف كيف يزاوج بين الضحك والبكاء... ما يعني، بكل بساطة، أنه عرف كيف يتعاطى مع العواطف، وكيف يخلق، بين الصالات العتمة، والشاشة، علاقات لم تكن السينما قد عرفت كيف تقيمها قبل ذلك... ولم يكن هذا، كل الفيلم على أية حال، ذلك ان شابلن عرف كيف يزرع في هذا العمل، كل أفكاره وآرائه في المجتمع والفن والصداقة، والانقسامات الطبقية... عرف كيف يشرح ويفسّر ويدين، الى درجة ان أي باحث في التراتبية الطبقية، معكوسة حتماً في التصرفات والمسالك الأخلاقية، يمكنه أن يستعين بما في هذا الفيلم لدعم نظرياته، ولا سيما في مجال فكرة السلطة، ومن يقبض على هذه السلطة. وفي هذا الإطار، عرف شابلن كيف يرسم صورة ذكية وواضحة، حتى لأساليب مقاومة ممكنة في وجه ظلم المجتمع للمسحوقين فيه، كما للنفاق الاجتماعي. ولم يكن هذا جديداً على شابلن، اذ نعرف ان مثل تلك الأفكار كان عبّر عنها في الكثير من شرائطه القصيرة، ولا سيما مثلاً في «حياة كلب» الذي يمكن اعتباره ارهاصاً بـ «الصبي»... اذ انه في هذا الأخير، ابدل كلب الفيلم السابق بالصبي، جاعلاً منه في شكل ما، نوعاً من الترميز يشابه ما كان للكلب نفسه في الفيلم السابق باعتباره ثروته الوحيدة، وسلاحه في مقاومة المجتمع... وشابلن هنا، يصوّر لنا متشرده شارلو، وهو ينتفض أساساً ضد ذلك المجتمع، وتحديداً كأن المجتمع أفاق فجأة، ليحاول ان ينتزع منه الثروة الوحيدة والسلاح الوحيد، اللذين يساعدانه على تحمل العيش ومقاومة تراتبية اجتماعية لا تكتفي بأن تدفعه دائماً الى القاع، بائساً اعزل من كل سلاح، بل تريده ألا يقاوم. ومن هنا، فإن الفيلم يصبح فيلماً عن المقاومة: مقاومة المتشرد لرجال الشرطة، لقبضايات الحيّ، لموظفي الانعاش الاجتماعي، الذين على تفاوت أساليبهم و «وظيفتهم» في المجتمع، يتطلعون دائماً الى تبرير وجودهم من طريق إبقاء الضعيف ضعيفاً والقوي الذي يمثلونه في شكل أو في آخر، قوياً. ومن هنا يصبح واضحاً لدى المتفرجين كيف ان «النضال الملحمي»، - وهذه الصفة يسبغها على الفيلم الناقد الفرنسي جان ميتري -، الذي يخوضه تشارلي شابلن، عبر متشرده وبمشاركة حاسمة من الصبي، ضد المجتمع، بمكوّناته الكثيرة، لا يعود نضالاً مضحكاً مثيراً للشفقة يطلب من المتفرجين التماهي مع خائضيه، بل بالعكس يصبح نضالاً اجتماعياً حقيقياً يخوضه البائسان، الكبير والصغير، باسم قطاعات عريضة من المتفرجين. ومن الواضح ان شابلن حدّد في هذا الفيلم طريقه، التي ستصبح أكثر وضوحاً، فيلماً بعد فيلم، حتى وإن كانت تلك الطريق ظلت معبّدة بالكوميديا و «القفشات» والمواقف الهزلية وما شابه. وكان من الواضح ان هذه الطريق، هي التي ستثير في وجه شابلن نقمة حراس المجتمع القويم، اذ تتدخّل في عمق الأعراف وفي عمق ما هو سائد. ومن هنا انتفاض أولئك الحراس، «الصائبين سياسياً» وفق تعبير سيسود لاحقاً طبعاً، ومضايقتهم لشابلن، متذرعين بما هو أقل خطورة مما في «الصبي»: بالمكشوف والمزعوم من مواقف سياسية هدامة، برزت مثلاً في «الأزمنة الحديثة».

> حقق تشارلي شابلن «الصبي» في العام 1921، فيلماً صامتاً، بالطبع، لكنه أتى فيلماً صاخباً، صارخاً... وكان شابلن في ذلك الحين وصل الى ذروة مكانته كواحد من كبار مبدعي فن الهزل في السينما، بل فن السينما عموماً، ونعرف ان مسار شابلن (1889 - 1977) السينمائي قد تواصل أكثر من خمسين عاماً بعد ذلك، ووسمته أفلام/ علامات، كان «الصبي» واحداً منها... ولكن أيضاً كان هناك: «اضواء المسرح» و «أضواء المدينة» و «مسيو فردو» و «الديكتاتور» و «الهجمة على الذهب» و «السيرك» و «ملك في نيويورك» وغيرها من روائع من الصعب تصور كيف كان لفن السينما أن يكون من دونها.

alariss@alhayat.com

الحياة اللندنية في

16/01/2013

 

دعوة أفلام خليجية وعالمية للمنافسة بالدورة السادسة لمهرجان الخليج

علا الشافعى 

أعلن "مهرجان الخليج السينمائى 2013" الذى يُعقد تحت رعاية الشيخ ماجد بن محمد بن راشد آل مكتوم، رئيس هيئة دبى للثقافة والفنون (دبى للثقافة)، عن فتح باب المشاركة لكافة المخرجين الخليجيين فى منافسات المهرجان، الذى يُعتبر البيت الأوّل لعرض أعمالهم السينمائية، وللأفلام القصيرة من العالم، والذى يعقد دورته السادسة فى الفترة من 11 إلى 17 إبريل 2013.

ووجّه "مهرجان الخليج السينمائى" دعوته للمخرجين من الطلبة والمحترفين للمنافسة على مسابقاته الثلاث، وهى "المسابقة الرسمية الخليجية" و"مسابقة الطلبة للأفلام القصيرة" و"المسابقة الدولية للأفلام القصيرة"، والتى يصل مجموع جوائزها إلى مليون درهم، حيث ستكون المسابقة الرسمية الخليجية مُتاحة للمخرجين من منطقة الخليج، أو من جنسيات أخرى، شريطة أن يتناول الفيلم موضوعاً تدور حبكته حول منطقة الخليج، وتتنافس فى إطارها الأفلام الطويلة (الروائية والوثائقية) والأفلام القصيرة، أما مسابقة الطلبة للأفلام القصيرة فهى مُتاحة للطلبة فى منطقة الخليج، وتشمل الأفلام الروائية والوثائقية القصيرة، بينما تُتاح المسابقة الدولية للأفلام القصيرة للمخرجين من جميع أنحاء العالم، وتشمل الأفلام الروائية والوثائقية القصيرة، على أن يتمّ تقديم جميع طلبات المُشاركة عبر موقع المهرجان على الإنترنت، قبل 25 فبراير. كما يقوم المهرجان أيضا بتنظيم عدد من الأنشطة خارج المنافسة، تتضمّن برامج "فى الضوء" و"تقاطعات" و"سينما الأطفال"؛ بالإضافة إلى المحاضرات وحلقات النقاش والأنشطة المُتخصصة أخرى

فى هذه المناسبة، قال مسعود أمرالله آل على مدير مهرجان الخليج السينمائى: "باعتباره موطناً للسينما الخليجية المعاصرة، فإن المفتاح الرئيسى لنجاح مهرجان الخليج السينمائى يكمن فى تنوّعه وجودة الأفلام المشاركة والمعروضة الآتية من المنطقة، حيث يفتح المهرجان نافذة على المجتمع الخليجى وقضاياه عبر قصص مُلهمة، وليس لدى أدنى شك فى أن المسابقات هذا العام ستشهد منافسات قوية، ترتقى بالمعايير ليس فقط بالنسبة للمخرجين الخليجيين عبر المنطقة، وإنما على مستوى العالم أيضاً". 

وفى إطار دعمه لصناعة الأفلام فى المنطقة، سيقوم مهرجان الخليج السينمائى باستضافة "سوق سيناريو الأفلام الخليجية" فى دورته الثانية، والتى تهدف إلى دعم الكتّاب لتطوير السيناريو، وعقد شراكات مع المنتجين والمخرجين. وسوف يُتاح للمشاركين فرصة تبادل الأفكار والرؤى، بالإضافة إلى التعرّف على خبراء متخصصين بهدف الاطلاع على أحدث آليات الإنتاج الخاصة بالأفلام القصيرة، والدخول فى علاقات عمل على المدى الطويل. وقد شهدت النسخة الأولى من سوق سيناريو الأفلام الخليجية عام 2012 مشاركة 100 عمل، تمّ اختيار بعضها للتنفيذ، وهى الآن قيد الانتاج. وعلى من يرغب فى المشاركة فى سوق سيناريو الأفلام الخليجية، أن يقوم بتقديم طلب المشاركة عبر الموقع الإلكترونى للمهرجان، قبل 15 مارس.

اليوم السابع المصرية في

16/01/2013

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)