حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

حاليا نراها في «المستحيل».. وقريبا في دور الأميرة ديانا

ناوومي ووتس: مثلت حالة واقعية عرضتني للغرق

محمد رُضا

 

* ناوومي ووتس هي قصّة نجاح أخرى لممثلة عاشت، خلال طفولتها وفترة صباها، حياة ذات ظروف صعبة. كانت الممثلة المولودة سنة 1968 في شورهام، بريطانيا، في السابعة حين توفي والدها ووجدت نفسها تنتقل من مدينة إلى مدينة مع أمها وشقيقها إلى أن هاجر الثلاثة إلى استراليا وهي في الرابعة عشرة من العمر. لا أسباب معروفة وراء هذه الهجرة، لكن ناوومي قررت في تلك السن المبكرة أنها تريد أن تصبح ممثلة. وبعد أن أقنعت والدتها المتمنّعة عن قبول الفكرة ظهرت في أفلام دعائية لأربع سنوات ثم - وفي سن الثامنة عشرة - وجدت لنفسها دورا صغيرا في فيلم استرالي بعنوان «لأجل الحب وحده».

ناوومي لم تمض الكثير من الوقت في رحاب السينما الأسترالية وفي عام 1993 انتقلت إلى هوليوود حيث سجّلت حضورها بفيلم صغير للمخرج جو دانتي. وهي بقيت تلعب أدوارا صغيرة في أفلام صغيرة وأحيانا أدوارا كبيرة في أفلام صغيرة حتى اختارها المخرج ديفيد لينش كواحدة من بطلتي فيلمه البوليسي «مولهولاند درايف».

اليوم وبعد إحدى عشرة سنة من ذلك الفيلم، ناوومي ما زالت نجمة بسبب ذلك الفيلم. شوهدت في سلسلة من الأفلام الجيدة من بينها «وعود شرقية» لديفيد كروننبيرغ و«كينغ كونغ» لبيتر جاكسون و«لعبة عادلة» لدوغ ليمان و«ج. إدغار» لكلينت إيستوود وحاليا نراها في «المستحيل» للإسباني خوان أنطونيو بانويا عدا عن تلك التي ستعرض لها تباعا. «المستحيل» فيلم رائع مع تميّز: ليس الميلودراما السهلة التي يمكن أن ينجرف تحتها فيلم عن كارثة حقيقية، بل عمل روائي معيش بأزماته التي لا بد أن الشخصيات الحقيقية (تلك التي نجت من كارثة التسونامي سنة 2004) عايشتها.

·     أعلم أنك قابلت ماريا بيلون، المرأة الإسبانية التي تعرّضت لمأساة تسونامي والتي تقومين بدورها.. ما كان سبب المقابلة؟

- كان ضروريا مقابلتها لأنني كممثلة كان عندي الخيال المطلوب لكي أتصوّر وضعي النفسي وسط تلك الكارثة، لكن ما أردت معرفته منها هو كيف يمكن لشخص أن يمر بما مرّت به وهو لا يدري وسط العاصفة الكبيرة ما الذي حدث لباقي أفراد العائلة. أي مشاعر كانت تنتابها وهي تتساءل عما إذا كانت تستطيع البقاء على قيد الحياة وفي الوقت ذاته تتساءل عما حل بأسرتها. ماريا قادتني في دروب هذا الدور والغريب أن مشاعرها حول ما مرّت به ما زالت حاضرة. لا تتحدّث عما عانته في شكل ذكريات بل تعبّر عنه كما لو أنها تعايشه فعلا.

·        أتصوّر أنك لم تواجهي كارثة من هذا النوع في حياتك.

- كنت في لوس أنجليس حين وقع زلزال 1994 لكن طبعا لم أختبر أي كارثة بهذا الحجم. إنها الأكبر على ما أعتقد.

·        ما مصادرك الخاصة حول ذلك التسونامي الذي ضرب شبه القارة الآسيوية في ذلك الحين؟

- كنت أمثل فيلما مع جورج كلوني سنة 2004 عندما وقعت هذه الكارثة وتابعتها كما سواي متسمّرة أمام شاشة التلفزيون. لكن حينما وافقت على بطولة الفيلم عدت إلى ما هو متوفّر من أفلام تسجيلية وهي كثيرة وعايشتها. لقد صوّرنا معظم الفيلم في إسبانيا لكن كان لا بد من مشاهد في تايلاند وصاحبنا سوء حظ إذ إن الجو كان ملبّدا والعواصف كانت تهب تباعا. المخرج خوان أنطونيو بايونا استفاد منها لكن تصوير المشاهد تعرقل بسببها أيضا.

·        مشاهد الطوفان تمّ تصويرها في إسبانيا؟

- نعم، والحقيقة أنها كانت مخيفة. سألتني إذا ما واجهت كارثة من هذا النوع، وقلت لا. لكن بالتأكيد التصوير في الماء يجعلك تشعر بالرهبة.. كممثل لم يكن لدي أي اختيار فيما سأقوم به من حركات. أمثل حالة واقعية في المياه الجارفة قد تعرّضني للغرق وكل ما أستطيع القيام به هو أن أتبع التعليمات الصادرة لي حتى لا أتعرض لسوء. نفس الحالة لكن مع ضمانات أمنية بالطبع.. إنما مع مخاطر.

·        هل حدث ما يمكن أن يهدد حياتك فعليا خلال التصوير؟

- كل شيء كان محسوبا وتقنيا كل شيء سار على ما يرام. كانت البيئة الفعلية للتصوير آمنة لكن على الرغم من ذلك كان تمثيل الدور في حوض كبير من الماء المتدفق من أصعب ما قمت به في حياتي كممثلة. في إحدى المرّات كنت وباقي الممثلين نبتلع الماء المتدفق علينا. هذا حقيقي. على الشاشة بالطبع حين شاهدت الفيلم تعجّبت من أنني قمت بكل ذلك.

·     من هذا الفيلم إلى فيلم جديد آخر منتظر هو «دايانا»، عن الأميرة التي هز موتها المبكر وجدان كثيرين. هل تستطيعين الحديث عنه ولو قليلا؟

- أتذكر أنني كنت في حفلة عشاء في مدينة فانكوفر (كندا) حين سمعت بالحادثة وتابعناها لاحقا على شاشة التلفزيون. أعتقد أن حكاية الأميرة ديانا تستحق أن تشاهد في فيلم روائي، لكني أعتذر إذا لم أكن أرغب في الحديث طويلا عن الفيلم لأنه سيكون موضوعا ساخنا حين يأتي وقت عرضه.

·     لديك بضعة أفلام انتهى تصويرها منها مثلا «أمهات» و«سنلايت جونيور». هل هي فترة نشطة في حياتك الفنية؟

- بالتأكيد. لدي أيضا «فيلم 43» الذي سيعرض قريبا. إنه أمر جيد بالنسبة لي العمل على نحو متواصل. لا أدري ماذا أفعل بأوقات فراغي وفي الوقت ذاته اختياراتي صعبة. لا أقبل بمعظم ما يعرض علي أو أسمع به.

·     ما تقولينه مثير للاهتمام لأنك قبل نحو عشر سنوات كنت ما زلت ممثلة غير معروفة.. ثم جاء «مولهولاند درايف» لديفيد لينش… كيف أثر ذلك الفيلم إيجابا على مهنتك؟

- أثر كثيرا. لقد قدّمني وجعلني أطفو على سطح السينما. أشعر بأنني كنت محظوظة عندما اختُرت للعب هذا الدور لأنه بعد أكثر من عشر سنوات ما زال أكثر الأفلام التي مثلتها مثار تعليقات المشاهدين. بعض الأفلام تنجز هذا النجاح لممثلين وحينها ترفعهم من مستوى مغمور إلى مستوى مشهور. طبعا هناك ممثلون كثيرون يعبرون المهنة التي يقومون بها دون أن ترتفع بهم وكثيرون منهم ممثلون جيّدون لكن من دون أفلام كبيرة. أتذكر أنني حتى أقوم بتمثيل مشهد اختبار قدّت سيارتي من أقصى المدينة (لوس أنجليس) إلى أقصاها لأن الفاكس عندي لم يكن يعمل وكان لا بد من توقيع أوراق قبل فوات الأوان.

·        إنه مؤسف ألا نرى أفلاما أخرى من ديفيد لينش.

- فعلا. وضعت يدك على موضع الألم. أعتقد أنه مخرج رائع تفتقده هوليوود هذه الأيام. لكني سمعت أنه عائد بمشروع جديد.

·        ما رأيك إذن في أن المخرجين الجيدين هم أقل نجاحا من سواهم؟

- هذه وجهة نظر أخالفها لأن هناك عددا كبيرا من المخرجين الجيّدين الذين يعملون حاليا. لكن ما أوافق عليه أن مخرجين لديهم أسلوب ذاتي وينتمون إلى سينما المؤلف هم الذين لا يعملون كثيرا.

·        هذا ما قصدته. المهم أنك لا تتوقفين عن العمل. بل في الواقع لم تتوقفي منذ ذلك الحين..

- أعتقد أنه إلى جانب أن الحظ خدمني في إيجاد بعض الأفلام التي منحتني فرصة التقدّم والنجاح هناك جانب شخصي هو النظام. أقصد أنني أحب التخطيط ووضع القوائم. هذا لا يعني أنني لا أمر بحالات فوضوية. هناك مراحل من الفوضى لا بد منها فنحن في النهاية ممثلون نتعرّض لمختلف ما تتعرّض إليه مهنة السينمائي من صعود وهبوط وما ينتج عن ذلك هو فجوات في مسيرة الواحد منا وأنا كان لدي نصيب من هذه الفجوات قبل «موهولاند درايف» على الأخص. لكن بعد ذلك أصبح جدولي مكتظا ولو حسن التنظيم لفقدت السيطرة على حياتي في وقت علي أن أتماسك فيه لكي أنجح.

جولة بين الأفلام الجديدة

* انطلاق مهرجان «بالم سبرينغ»

* على الطريق من لوس أنجليس إلى بالم سبرينغز، أول مهرجانات السنة، ترتفع حرارتان: حرارة الجو البارد الذي تعيشه مدينة لوس أنجليس إذ يتبدّل نحو السخونة المعتدلة المناسبة لجو صحراوي في هذه الفترة، وحرارة التشوّق للعودة إلى مهرجان المدينة الذي كان هذا الناقد تابعه بضع مرّات من قبل لكنه انقطع عنه في الأعوام الثلاث الأخيرة. «بالم سبرينغز فيلم فستفال»، قد لا يكون اسمه على شفة ولسان كل مشتغل بالسينما أو هاو لها، لكن مع حضور يتوقّع له أن يزيد عن 135 ألفا، كما تقول صحيفة «ذا لوس أنجليس تايمز» صباح يوم الخميس لا بد أن يعيد المرء النظر بمسلّماته ويقصد ذلك المهرجان الذي يعقد دورته الرابعة والعشرين من الثالث حتى الرابع عشر من هذا الشهر.

* تتوعدنا رسالة الدعوة: «حضّر نفسك لتسونامي سينمائي: 180 فيلما من 68 بلدا من بينها 63 فيلما طويلا لمخرجين جدد ومن بينها أيضا 61 فيلما تشهد عرضها العالمي الأول». موقع المهرجان كان ذكر أنه من بين الأفلام الواحد والسبعين التي تم تقديمها لأوسكار أفضل فيلم أجنبي حصل المهرجان على 42 منها (تمثّل 41 دولة).. حسنا، في قاموسي هذا وحده كاف للاحتفاء بالمهرجان على الرغم من أنه لا يتقدّم بعد مهرجانات العالم الأساسية وفي طليعتها «برلين» و«كان» و«فينيسيا». وربما لن يستطيع لأنه يختلف عن هذه بمواصفات تجعله إعلاميا أقل سطوعا. حتى مع وجود نجوم بينهم هذا العام هيو جاكمن ورتشارد غير وهيلين ميرين، هذا نوع من المهرجانات لا يزال يعمل بوقود تقليدي اسمه: حب السينما أولا.

* لقد سبق وشاهدت فيلم الافتتاح وعرضناه هنا على صفحات «الشرق الأوسط». إنه الفيلم الإسباني الرائع «سنو وايت» لبابلو برجر، ذاك الفيلم المصنوع، كما «الفنان» من قبل، بأسلوب السينما الصامتة فعليا والذي يتجاوز ما حققه الفرنسي ميشيل أزانافيشيوس في هذا الإطار من حيث جدّية تناوله الحكاية. وفي عام وردت فيه ثلاث نسخ من حكاية «سنو وايت والأقزام السبعة» هي «مرآة مرآة» و«سنو وايت والصياد» فإن هذا الفيلم الإسباني المرشّح للأوسكار في قسم أفضل فيلم أجنبي، ليس فقط أفضلها بل من أفضل ما تم إنتاجه في العام الماضي من أفلام.

* «سنو وايت» شغل إسبانيا الصامت (عن اختيار حديث وإنتاج زمن أصوات الدجيتال الهادرة) ليس الفيلم الصامت الوحيد في هذا اللقاء، ولو أن الفيلم الآخر هو من إنتاج أعوام لم يكن الصوت التحق بعد بصناعة الأفلام. إنه «فراشات سادورني»، أبيض - أسود أرجنتيني حول قزم يلعب في السيرك ثم يدخل السجن وحين خروجه يحاول شق طريق مختلف.

* وراء الحاضرين تكمن الأفلام الجديدة متوالية. هذا الأسبوع خمسة أفلام تشهد توزيعها الواسع (وثلاثة في حدود ضيّقة) تبدأ بفيلم غس فان سانت «أرض موعودة» وتمر بفيلم رعب مستقى من سلسلة «مذبحة تكساس» وبالأبعاد الثلاثة هذه المرّة. لكن «ذا هوبيت» و«دجانغو طليقا» يحاصران كل جديد مقبل ليستمرّا على قمة الإيرادات كما تدل الأرقام ذاتها.

شباك التذاكر

* «دجانغو طليقا»، الفيلم الجديد لكونتين تارانتينو، انطلق قويا لكن «ذا هوبيت» بقي مسيطرا على القمة هذا الأسبوع. باقي الأفلام الجديدة اضطرت لاحتلال مراكز متأخرة وفي مقدّمتها «البائسون» في المركز الثالث.

1 (1) The Hobbit: An Unexpected Journey: $32,820,222 (3*) 2 (-) Django Unchained: $30,698,195 (3*) 3 (-) Les Miserables: $28,027,982 (3*) 4 (-) Parental Guidance: $14,887,404 (1*) 5 (2) Jack Reacher: $14,010,452 (4*) 6 (3) This is 40: $13,186,866 (1*) 7 (5) Lincoln: $7,508,756 (3*) 8 (6) The Guilt Trip: $6, 707,233 (2*) 9 (7) Monsters, Inc.: $6,636,083 (3*) 10 (4) Rise of the Guardians: $$4,900,384 (2*)

بين الأفلام

حياة لينكولن لسبيلبرغ.. ثم ماذا؟

«لينكولن» إخراج: ستيفن سبيلبرغ.

أدوار أولى: دانيال داي - لويس، سالي فيلد، تومي لي جونز.

تقييم الناقد: (3*) (من خمسة).

عروض: دولية هناك فترات انتظار طويلة في هذا الفيلم الجديد للمخرج ستيفن سبيلبرغ الذي، عدا استقبال نقدي إيجابي كبير بين صحف الولايات المتحدة، فاز بجائزة نقاد تورونتو قبل أيام. الفترات تتواصل لأن سيناريو توني كوشنر قائم عليها فهو يدور حول الأيام العصيبة التي قضاها الرئيس الأميركي بانتظار اتخاذ الكونغرس الأميركي القرار الذي سيميز حكمه كله: تحرير الملوّنين من العبودية.

ككتابة سينمائية وجد توني كوشنر أن على ذلك القرار أن يأتي في نهايات الفيلم لأنه ذروته الدرامية، وهو ليس قرارا خاطئا بالطبع.. المشكلة هي أن ما يسبق قيام الكونغرس بعقد اجتماعه لدراسة القرار والتصويت له أو عليه، لا ذروات درامية فيه، بل ولا شحنة تشويقية تمهّد وتهيئ ومن ثم تدفع المشاهد لأن يكترث لما يعرف - بحكم التاريخ - أنه تم بالفعل وهو التصويت إيجابا على المشروع ما مكن لينكولن من تحقيق نصره السياسي الأبرز خلال فترة صعبة كانت حرب الولايات الشمالية والجنوبية مستعرة بسبب هذا الموضوع أساسا.

الفيلم ليس سيرة ذاتية عبر أحقاب بل هي تبدأ بالرئيس الأميركي السادس عشر قبل بضعة أسابيع من التئام الكونغرس، بحزبيه التقليديين الجمهوري والديمقراطي، لمناقشة رغبة الرئيس في إصدار تشريع يمنح الحريّة للأفرو - أميركيين. يعايش تباين وجهات النظر والتحذيرات من أن صدور القرار قد يؤدي إلى استمرار الحرب الأهلية غير البعيدة عن واشنطن دي سي. كما يعايش الحرب من خلال زيارته لمواقع القتال ويلمّ بآلامها. في الواقع، معظم الفيلم يتم داخل جدران ما يعتبر بيته، لكن القليل منه خارجي، بما في ذلك مطلع الفيلم حين يجلس الرئيس أمام جنود سود شاركوا في موقعة ويتحدّثون عن جهودهم في الحرب وتطلّعهم إلى يوم تسود فيه العدالة وتختفي العبودية والعنصرية. قبل ذلك بدقيقة واحدة يقوم مدير تصوير سبيلبرغ المفضل يانوش كامينسكي بتصوير تلاحم المقاتلين على الجانبين في تلك الموقعة. يصوّرها بوحشيّة مماثلة بتلك التي صوّر فيها وحشية القتال في «إنقاذ المجنّد رايان» مع اختلاف بيّن: في الفيلم السابق تستمر الموقعة نحو ثلث ساعة. في هذا الفيلم لا تتعدّى الدقيقة. فقط من باب منحنا، من حق المرء أن يعتقد، طعما للحرب وتمهيدا عينيا لما شهده لينكولن منها.

إذ يختار السيناريو والإخراج وبالتالي الفيلم بأسره الانتقال إلى مشاهد التحضير للقرار التي تقع إما في بيت الرئيس أو في مقر الكونغرس آنذاك، تتوالى المشاهد بصيغة تقريرية مثيرة للضجر. هذا الفيلم، أراد أو لم يرد، يتحوّل إلى درس في التاريخ من حيث لا تريده أن يكون. وإذا ما أضفت إلى هذا الدرس حقيقة أن أستاذه (سبيلبرغ) يستند إلى سيناريو لا يوفّر ما هو جديد أو مثير فإن الناتج هو كل ذلك الترقّب والانتظار. وحين يقع تتساءل «ثم ماذا؟». هناك محطات معهودة للمخرج فهو يصوّر لينكولن كما يصوّر سبيلبرغ كل شخصية أب في أفلامه متدفقة الحنان. لكن حسنات الفيلم الفعلية هي محض فنيّة من تصوير ذي إضاءة واقعية وحركة محدودة تدفع للتأمل، وموسيقى لـ«جون وليامز» تتخلى عن اللحن الهادر والمضج صوب ترانيم بسيطة.

سنوات السينما 1930

أوسكار العام

* خمسة أفلام تم ترشيحها لأوسكار أفضل فيلم في دورته الثانية (الأولى عقدت قبل سنة وفاز بها «أجنحة» من إنتاج 1927. هذه المرّة كان الصوت غزا هوليوود وكل الأفلام التي ترشّحت للأوسكار كانت ناطقة. لكن قبل الغوص فيها لا بد من إشارة إلى أن حفلتي أوسكار أقيمتا ذلك العام وليس واحدة. الأولى في ربيع السنة (الثالث من أبريل /نيسان) وفاز بالأوسكار فيلم من إنتاج العام السابق هو «لحن برودواي»، والثانية في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) وحصرت بأفلام السنة الحالية.

في هذه الدورة الثانية (والأهم حقيقة) خرج «كل شيء هادئ على الجبهة الغربية» المعادي للحرب بأوسكار أفضل فيلم. أما الأفلام المرشّحة الأخرى كانت موسيقية («استعراض الحب») ودرامية («الطلاق») وسيرة حياة («ديزرللي») ثم أكشن كبير بعنوان «البيت الكبير» الذي قام ببطولته روبرت مونتغمري والذي نوجزه في الحلقة المقبلة.

الشرق الأوسط في

04/01/2013

 

نقيب المهن التمثيلية لـ «الشرق الأوسط» : الصناعة الفنية أصبحت متهالكة ومتآكلة

أشرف عبد الغفور: الهجوم على الفنانين من جانب التيارات الإسلامية تصرفات فردية وليس ظاهرة

سها الشرقاوي

أكد نقيب المهن التمثيلية في مصر الفنان أشرف عبد الغفور أن ما يحدث لبعض الفنانين من هجوم ونقد من جانب التيارات الإسلامية يعد تصرفات فردية فقط، ولا يعتبر ظاهرة، مشددا على أن أي واقعة تحدث ضد أي فنان يتم التعامل معها بالملاحقة القانونية لمن أضر بالفنان، مثلما حدث مؤخرا في واقعة الفنانة إلهام شاهين، رافضا مبدأ تبادل الشتائم والسباب أمام الرأي العام.

وقال عبد الغفور في حواره مع «الشرق الأوسط» إنه لا أحد يستطيع السيطرة على الفن، ولن يجرؤ أحد على ذلك، وفي الوقت ذاته نفى أن تُوجه النقابة لكي تقيد فكر أي فنان أو الحجر على رأيه.

وحول منصبه كنقيب للفنانين، اعتبر أنه تولى منصبه في فترة شائكة جدا، وأنه يحاول العمل على خدمة الفنانين رغم سقوط قانون النقابة، مناشدا في الوقت ذاته الفنانين المصريين بالانتماء إلى نقابتهم وعدم التعامل معها فقط عند وقوعهم في أزمة.

وبعيدا عن الفن، يتطرق عبد الغفور إلى عضويته في اللجنة التأسيسية لكتابة الدستور المصري، التي انسحب منها قبل أن تنتهي من عملها، مؤكدا أن انسحابه منها جاء في الوقت المناسب. وهذا نص الحوار.

·        ما رأيك في حال الفن في مصر خلال الفترة الماضية؟

- الفن هو مرآة عاكسة للواقع، والفن يجب أن ينقل كل ما يحدث في الشارع، لكن حال الفن في انحدار، والخط البياني له يهوي منذ سنوات طويلة، حتى قبل اندلاع ثورة 25 يناير (كانون الثاني). ومن ضمن الأسباب التي أدت إلى ذلك نظرية النجم الأوحد التي قامت بعمل شرخ في بناء العمل الفني، فدائما ما كنا نعرفه عن الفن أن كل العاملين في العمل في خدمة السيناريو الجيد، لكن الأمر الآن أصبح معكوسا، فالجميع في خدمة النجم الأول، كما أن الصناعة أصبحت متهالكة ومتآكلة وأصبحت تجارة.

·        ماذا تقول في الهجمة التي يشنها بعض المنتمين للتيارات الإسلامية تجاهكم كفنانين؟

- لا أعتبر ما يحدث الآن من البعض ظاهرة يمكن رصدها، لكنها تصرفات فردية، ونتيجة لهذه التصرفات قلق بعض الفنانين، على الرغم أنها لا تمثل إلا مجرد تصريحات على القنوات الفضائية والبرامج، والواقعة الأكثر شيوعا كانت ضد الفنانة إلهام شاهين، وتم التعامل معها وأخذنا حقها بالقانون. وأرى أنه لا أحد يستطيع السيطرة على الفن، ولن يجرؤ أحد على ذلك، بدليل أن آخر عمل عرض في السينما هو فيلم «عبده موتة» للراقصة «دينا».

·        لكن هناك من اتهمك في واقعة الفنانة إلهام شاهين بأنك خذلتهم ولم تقم بواجبك كنقيب؟

- ماذا كنت أفعل؟.. هل أقوم بالرد بنفس الأسلوب والطريقة؟.. أنا أرفض مبدأ تبادل الشتائم والسباب أمام الرأي العام، فهذا لا يليق بأهل الدين ولا أهل الفن، فنحن في دولة قانون وثبت ذلك بعد أن عاد الحق إلى الفنانة بالقانون.

·     بعض الفنانين لم يقتنعوا بوجهة نظرك هذه، وطالبوك بالوقوف في المؤتمرات للتنديد، كما اتهمت بالخوف من تحول الهجوم عليك، ما قولك؟

- أعتبر خوفي من أن يتم الهجوم علي أمرا مضحكا جدا، وهذه شائعات يطلقها علي البعض من الناس الذين يقفون ضد وجودي وعملي في النقابة، نظرا لعدم استفادتهم من هذا الموقع، فالعمل النقابي يوجد فيه شقان، شق يمكن أن يدير فيه الشخص بعيدا عن المصالح، وشق يستفيد فيه الشخص تماما، فيوجد البعض، من دون ذكر أسماء، يخططون لإقصائي من مكاني وقلب نظام النقابة والاستفادة منها، لكن حيلهم تنتهي بالفشل. ومنذ أن توليت النقابة تعهدت بأنني لن أقوم بالرد على أي هجوم وأن آخذ حقي بالقانون، فلدينا طرق عديدة لرد الحق إلى أصحابه، غير الحديث في كل وسائل الإعلام، خاصة أننا نعيش في ظروف صعبة وشائكة.

·        يتردد كثيرا أنك منذ توليك منصب النقيب لم تقدم أي شيء للنقابة، ما ردك؟

- توليت منصبي في فترة شائكة جدا، فمع دخولي سقط قانون النقابة، وتحول العمل في النقابة إلى تسيير أعمال، وكأنه لا يوجد نقابة ولا يوجد قانون، وتعامل البعض مع هذا بشكل سيئ وقاموا بكثير من التجاوزات، ورغم كل ذلك حاولت إكمال المشاريع التي تتبناها النقابة لخدمة الفنانين، كاستكمال مشروع الإسكان، كما قمت أيضا بإنجاز المشروع العلاجي، مع العمل أيضا على مشروع دار المسنين الذي اعترض عليه بعض الفنانين الشباب، إلى جانب حل كثير من المشاكل اليومية التي أعيشها داخل النقابة. وما أود الاعتراف به أنني مقصر في علاقتي بوسائل الإعلام ولا أتواصل معها بالشكل الكافي، وهو أسلوب خاطئ أجني آثاره الآن.

·        ماذا تريد أن يفعله الفنانون تجاه النقابة؟

- أناشدهم الانتماء إلى النقابة وعدم التعامل معها فقط عند وقوعهم في أزمة، وأن يعرف دوره تجاه النقابة كما تعرف النقابة دورها تجاهه، فمنذ فترة زمنية قمت بمبادرة بعمل قائمة بمائة فنان لإعلامهم بوجود صندوق للخير في النقابة ولم يستجب لهذه الدعوة إلا اثنان فقط، لكن لديّ أمل أن يستجيب كثيرون في الفترة المقبلة عندما تستقر الحياة داخل مصر.

·        ماذا لو تدخلت أي جهة لإجبارك على وقف فنان عن العمل نتيجة مواقفه السياسية؟

- لن يجرؤ أحد على أن يتحدث معي في هذا الأمر، ولن يستطيع أحد أن يجبرني على فعل ذلك، فالفنان حر يقول ما يشاء، ونحن في النقابة يجب ألا نسيطر على فكر أي فنان، فلدينا 3000 فنان أعضاء في النقابة لكل منهم فكره الخاص ورأيه وشخصيته المستقلة.

·        لماذا أنت مقل في تقديم الأعمال الفنية الخاصة بك؟

- أنا أسعى إلى تقديم عمل فني مميز يرثه عني أولادي وأحفادي، ففي بدايتي قدمت أعمالا لم أرض عنها، لكني الآن أدرس كل خطوة أقوم بها، كما أنني لم أستغل منصبي كنقيب كما يردد البعض في القيام بأعمال فنية كثيرة، فكلها شائعات يرددها أناس مغرضون. ورغم ذلك فأنا لا أخفي اشتياقي إلى الوقوف أمام الكاميرا، وحاليا أقوم بالعمل في المسرح، وقد قدمت مسرحية «في بيتنا شبح» طوال العام الماضي، بجانب عملي في الإذاعة.

·        برأيك، لماذا لم يلق عملك الدرامي «الإمام الغزالي» الذي قدمته مؤخرا النجاح المنتظر؟

- نحن لسنا في مناخ تقييم الآن، فنحن نعيش في مناخ صعب ولن أستطيع أن أعرف لماذا لم يحقق النجاح المطلوب، فنحن الآن غارقون في الكثير من المشاكل والمتغيرات السياسية التي تعصف وتؤثر على أي شيء أو أي عمل نقوم به.

·     كنت عضوا في الجمعية التأسيسية لكتابة الدستور المصري، لكنك انسحبت قبل إتمام عملها مثل كثير من السياسيين، فهل كان انسحابك في الوقت المناسب؟

- أرى أنني انسحبت في الوقت مناسب جدا، فقد جاء انسحابي قبل إعلان الرئيس للإعلان الدستوري الذي سبب أزمة في البلاد بثلاث ساعات فقط، ووجودي كل هذه الفترة داخل التأسيسية كان لمحاربة عدم وجود مادة في الدستور تحمي الملكية الفكرية وحق الأداء العلني، وحاولت بكل جهدي تحقيق ذلك، والحفاظ على هذه الكلمة بجانب حرية الإبداع، وما زلت لا أخاف على الإبداع والحرية في الدستور الجديد، فكل مواطن من حقه أن يعبر كيفما يشاء، ولا يوجد ما ينص في الدستور على التقليل من هذه الحريات.

·        ماذا عن أمنياتك في عام 2013؟

- أتمنى عودة مصر إلى الريادة التي تفتقدها الآن، وأن يتقي الجميع الله ويعملوا لصالح هذا الوطن، خاصة أننا ما زلنا نسير كالعامين الماضيين، حيث ما زالت الرؤية غير واضحة وضبابية.

الشرق الأوسط في

04/01/2013

 

عمر الشريف:

كنت الممثل الوحيد في "لورنس العرب" الذي أحبه المخرج! 

نشرت صحيفة الجارديان البريطانية مقابلة قصيرة صحفية أجراها ستيوارت هيريتاج مع النجم المصري عمر الشريف الموجود حاليا في لندن للمشاركة في الاحتفال بذكرى مرور خمسين عاما على عرض فيلم "لورنس العرب" للمخرج ديفيد لين، أحد أهم الأفلام في تاريخ السينما.

·        أهلا.. أين أنت حاليا؟

أنا لا أفعل أي شيء. لم أمثل في أي فيلم منذ عامين الآن. أنا فقط رجل عجوز لكني على ما يرام. شكرا لك.

·        هل تعتقد ن من الممكن اقناعك بالخروج من تقاعدك؟

- نعم أود ان أشارك في فيلم ولكن على أن يكون فيلما جيدا. لا يشترط أن أكون بطل الفيلم لكن الدور يجب أن يكون جيدا. هذا كل ما في الأمر. يجب أن يكون السيناريو جيدا حتى لو كان الدور صغيرا لا يهم. عمل لمدة أسبوع أو نحو ذلك.. سيكون هذا جيدا جدا..

·     لماذا تعتقد أن فيلم "لورنس العرب" الذي سيطرح للبيع في أسطوانات البلو راي، حقق كل هذا النجاح.

- لا أعرف.. إنه أمر غريب. لا توجد فتيات في الفيلم ولا ممثلون مشهورون في البطولة ولا كثير من امشاهد الحركة.. والقتال والمشاجرات.. رجال فقط بدون حركة. لكن الفيلم نجح لأنه كان هناك مخرج عظيم جدا. هذه هي الحقيقة فديفيد لين مخرج عظيم.. عظيم.. رجل عظيم..

·        ما الذي يميزه في رأيك عن غيره من المخرجين الذين عملت معهم

-  لقد كان يكره الممثلين. أؤكد لك هذا كان ما يهمه هو الفيلم فقط، كان عمله عن اخراج الفيلم. كان اختياره للممثلين بعيدا عن مدى حبه لهم أو تقديره لهم، بل كان يقول لنفسه: هذا الممثل سيعرف كيف يقوم بالدور. وعندما اختارني من مصر لم يكن يعرفني. لقد قال فقط: أريد شخصا عربيا للقيام بالدور في فيلم لورنس العرب. أريد عربيا حقيقيا يتحدث الانجليزية. وقد اتصل بي لأنني كنت قد تعلمت في مدرسة انجليزية (كلية فيكتوريا) في مصر، وذهبت إلى الصحراء وقد أحبني. الحقيقة انه أعجب بي كثيرا جدا. كنت أحد الممثلين القلائل الذين أحبهم طيلة حياته. لقد كان يكرههم

·        لماذا ذهبت إلى مدرسة إنجليزية.. علمت أن السبب كان أنك كنت سمينا؟

- نعم.. نعم.. كنت ولد سمينا عندما كنت في العاشرة من عمري. وفكرت أمي التي لم تكن تتحدث الإنجليزية، أن الشيء الوحيد الذي يمكنه أن يقومني هو الذهاب إلى مدرسة إنجليزية لأن الطعام فيها كان بشعا وبالتالي ينقص وزني. وهكذا أصبحت ممثلا. كان هناك أيضا مسرح في تلك المدرسة. وقد فقدت وزنا وأصبحت نحيفا وتعلمت أن أصبح ممثلا وتعلمت اللغة الإنجليزية جيدا. وكل هذا لأن أمي لم تكن راضية عن منظري كولد سمين!

·        قمت بالتمثيل بلغات عدة.. ما اللغة التي تفضل التمثيل بها؟

- أفضل الانجليزية.. اللغات الأخرى أتكلمها لكني لا أستطيع التمثيل بها كما أمثل بالإنجليزية. أحب الحديث بالإنجليزية في المسرح. لقد مثلت في أفلام فرنسية وغيرها ومثلت في الكثير من الأفلام العربية لكني أحب الإنجليزية لنفسي.. شكرا لك.

·        لدي سؤالان أخيران إذا سمحت لي؟

-  سؤال واحد فقط لا يمكنني البقاء هنا أكثر من ذلك.

·        حسن إذن.. ما هي الأهداف التي لم تحققها في حياتك؟

ماذا؟ لا أعرف. كل شيء حدث لي في ذلكط الوقت كان مختلفا. كنت شابا صغيرا أولا، ثم أصبحت رجلا متوسط العمر، ثم أصبحت كهلا. الأمر معقد جدا. لا أعرف. لا يمكنني أن أقول لك أي شيء بهذا الصدد. ما حدث قد حدث. لا أعرف. لم أفعل أي شيء عن قصد.

عين على السينما في

04/01/2013

 

آخر أفلام خيري بشارة... عرض في «دبي السينمائي»

«موندوغ»... عودة المتمرد بعد طول غياب إلى الشاشة الكبيرة

الوسط - منصورة عبدالأمير  

بعد سنوات طويلة تصل قرابة العقد، يعود المخرج المصري المتميز والمختلف دائماً خيري بشارة إلى الإخراج السينمائي بفيلم روائي طويل أطلق عليه اسم «موندوغ» Moondog.

عودته المرتقبة تلك، والتوقعات الكبيرة، التي وضعها محبوه لفيلمه الجديد، قد تكون خيبت آمال بعض من تفرجوا على فيلمه الذي أقيم عرضه العالمي الأول خلال الدورة التاسعة من مهرجان دبي السينمائي الدولي، التي أقيمت في الفترة (9-16 ديسمبر/كانون الأول 2012)، وكان واحداً من الأفلام التي تنافست على جوائز مسابقة المهر العربي للأفلام الروائية الطويلة التي يقدمها المهرجان.

كثيرون تساءلوا عما يريد بشارة أن يقوله عبر فيلمه، الذي بدا كسيرة ذاتية يسرد فيه جزءاً من حياته عبر قصة أكثر ما يمكن أن يُقال عنها إنها مختلفة تماماً عما يألفه المشاهد العادي من أعمال سينمائية، وقليلاً عن أعمال بشارة نفسه.

قد يغفر لبشارة كونه متمرداً دائماً على النسق المعتاد، متميز دوماً في اختياراته، سلباً وإيجاباً، وهو هنا في «موندوغ» يأخذنا بشكل مغاير عن كل ما ألفناه في رحلة داخلية في أعماق نفسه متنقلاً عبر فيلمه، الذي يطول لأكثر من ساعتين ضمن مستويات نفسية وروحية وفكرية وأخرى سياسية ومادية وفلسفية.

في واقع الأمر، إن التدرج والتنقل بين تلك المستويات الذي حققه الفيلم ليس غريباً على مخرج مثل بشارة، وهو الذي يقول إن بداياته مع السينما، ويقصد بدايات حبه لها، جاءت حين لم يتمكن من أن يفصل بين السينما وبين حياته، فهو لسنوات طوال ظل، كما أشار في حديث صحافي، فاقداً للخيط الرفيع الذي يفصل بين السينما والحياة.

استيقظ، كما أشار خلال الحديث نفسه، يوماً، لكنه حينها انتقل إلى السوق، وأصبح خيري السوق والمسلسلات والأعمال التجارية مختلفاً قليلاً عن خيري السينما، الذي قدم روائع مثل «الطوق والأسورة»، و»يوم حلو يوم مر» و»ا ذلك ليس جديداً أو غريباً على مخرج مثل بشارة نشأ في جو متمرد كسر كل الثوابت، كيف لا وهو الذي تعلم أول دروسه السينمائية على أيدي أكبر المتمردين في السينما العربية، يوسف شاهين. كيف لا وهو الذي عاصر الرئيس جمال عبدالناصر وعاش نكسة 1976 في بدايات شبابه ليشهد انكسار الأحلام وتبدل القيم والتشكيك في كل ثوابت الثورة وقيمها.

هو الذي أعلن تمرده من خلال أول أفلامه التسجيلية التي لم يصورها ليتغنى بمآثر قيادات البلد بل ليناقش أوضاع الجنود البسطاء المهمشين الذين لا تتوقف كاميرا الأفلام التسجيلية عندهم.

في الفيلم يخرج بشارة من منزله يوماً ولا يعود. تحاول الأسرة عبثاً أن تعثر عليه دون فائدة، لكن ابنه روبرت، الذي مثل نفسه في الفيلم، يكتشف أن والده تحول إلى كلب.

يجعل بشارة الكلب راوي فيلمه، فهو من ينظر للأمور بشكل مختلف وهو من يحللها ويفلسفها وهو من يتنقل بنا بين عالمين، الأول واقعي ويتعلق بواقع أسرة بشارة، والثاني خيالي وهو العالم الخاص بالكلب. الكلب في فيلم بشارة يحاكم الجميع.

لماذا يجسد بشارة شخصيته في صورة كلب؟

عبر قصة الفيلم، عبر المكان الذي تدور فيه الأحداث، الاسم الذي يحمله، الكاميرا التي يستخدمها، الخيال الذي يلجئ إليه حين يجعل كلباً يجسد شخصيته، عبر كل ذلك ينقل بشارة إحباطاته النفسية كمخرج وفنان لم يلقَ حظه من التقدير، كما يصور الإحباطات التي تعيشها أسرته في أميركا بدءاً من قريبه الذي يعاني من صعوبات تأقلمه مع الثقافة الأميركية بل ومن قدرته على التكيف مع غربته عن ابنه الذي نشأ هناك، وصولاً لكل الطبقات المهمشة التي تأتي لتحقق أحلامها لكنها تخسر كل شيء وصولاً لحياتها.

استغرق تصوير فيلم بشارة هذا 11 عاماً، إذ بدأ تصويره العام 2000، وهو يقول، خلال حديث له أثناء المهرجان، إنه لم يكن يعرف متى سينتهي من ذلك الفيلم، وكم سيستغرق العمل عليه، لأن «أحداثه تسير في مسارين، شخصي وذاتي يناقش وضع عائلتي في المهجر بأميركا، والمسار الثاني له علاقة بالخيال والغوص في ملامح فلسفية تفرز قصصاً عدة».

فترة طويلة نسبياً لمخرج بتمكن بشارة، ربما يغفر له ناحية كونه فيلم، كما وصفه كتيب مهرجان دبي «فيلم النظرة الأخيرة من ناحية جمالية، وربما أنثروبولجية وثقافية، بما يمنح السرد ملمح الخلود».

ولعل ما يزيد غرابة فيلم بشارة الأخير هذا، أو ما لا يتناسب مع توقعات متفرجيه العاديين، هو استخدامه في هذا الفيلم لأنواع مختلفة من الكاميرات لتصويره، وصلت لاستخدام كاميرا الفيديو اليدوية العادية. وهو يرى أن التصوير بأنواع مختلفة من كاميرات الفيديو هو ما أعطى فيلمه سحره الخاص وناحية جمالية يصعب تكرارها.

المتمرد المحبط

لبشارة كثير من الحق في أن يعلن عن إحباطاته تلك، وهو الذي قدم فيلماً بروعة «الطوق والأسورة»، لكنه لم يقبل من المتفرج في بلده. نعم تمرد كما يقول على السينما السائدة وقدم شيئاً جديداً، لكن الناس لم تقبل فيلمه، فقط أقروا بغرابته، في حين إنه لقي من التقدير الكثير في فرنسا حين احتفى به المخرجون العرب هناك.

إحباطات بشارة لم تنتهِ عند ذلك الفيلم، بل إنه وبعد أن قدم روائع أخرى، كما يقول خلال اللقاء الصحافي ذاته، مثل «يوم حلو ويوم مر» و»أحلام هند وكاميليا»، لم يواجه بأي قبول من المتفرج العربي، بل زاده عدم فهم هذا المتفرج لأفلامه إحباطاً.

ولعل ذلك ما يبرر النقلة المفاجئة في أفلامه حين قدم أفلام مثل «كابوريا» و»أيس كريم في جليم» وغيرها.

يقول بشارة: «بعد أفلامي الأربعة الأولى شعرتُ أني تحدثتُ بوفرة عن كل ما أريد أن أقوله لذا توقفتُ قليلاً. وبدءاً من كابوريا بدأتُ أفكر لماذا لا أجعل الناس تغني؟».

حتى ذلك الغناء الذي وجده البعض لا يرقى لمستوى أفلام خيري، كان مختلفاً ومميزاً ومتمرداً، رغم ذاك لم يقبله المتفرج في بلاده القبول الذي يريده بشارة.

مهرجان دبي... مساحة للمتمردين

لم يخيب فيلم «موندوغ» آمال الجميع. البعض وجده مميزاً كما صانعه، وكما أفلامه المميزة السابقة. أحد هؤلاء كان المدير الفني لمهرجان دبي السينمائي الدولي، مسعود أمرالله علي، الذي وجد أن الفيلم يعد بمثابة «محاكمة خيري بشارة لكل من حوله ولنفسه أيضاً».

وكما يرى أمرالله علي فإن بشارة «يجدد في الفيلم علاقته مع عائلته ويحاول أن يجيب على السؤال، هل تطغي السينما على الحياة أم العكس، وهو هنا يصور نفسه بهذا الشكل، فهل هو ذلك الكلب الذي لا ينظر إليه كمشروع فنان حقيقي، وهل هذا ما يختلج في شعور المجتمع حقاً؟».

ثم يقول: «بشارة يرجع إلى عائلته في هذا الفيلم ويحاكم المجتمع المصري بقسوة. الفيلم محاكمة طويلة للذات ومحاولة لإعادة اعتبار السينما إليه. كما إن بشارة يجرب أدوات جديدة من المهم أن تكون موجودة في السينما العربية».

وهو هنا يعلق على من لم يجد في الفيلم أية إضافة تذكر لبشارة «إنه مكسب كبير لمهرجان دبي لأن يعطي مساحة للمبدعين أن يكسروا النمط التقليدي ليحاكموا أنفسهم ومجتمعاتهم وسينماهم. قد لا يحب الكثيرون هذه الأفلام وقد يجدون فيها عبثاً كثير، لكننا في المهرجان نعطي فرصة للمبدع لأن يقدم رؤاه بالشكل الذي يراه». «صحيح إنه فيلم غريب، وصحيح إنني توقعت أن لا يستوعب الجمهور الفيلم، لكن الرهان هو أن المهرجان مكان لهذا التجريب. نحب الفيلم أو لا نحبه، نتواصل معه أو لا، هذا أمر متروك للجمهور والنقاد لكن كمهرجان واجبنا ألا نعطي صورة واحدة عن السينما العربية».

ويقول مسعود: «قبل اختيار الفيلم لدخول مسابقة، سألني خيري عن رأيي، فأجبته بأنك أمام حالة واحدة، إما أن يحب المشاهد فيلمك أو يكرهه لا توجد حالة وسطية. إذن صانع الفيلم يعلم أنه لم يأت المهرجان لكي ينافس بل ليقدم تجربة مغايرة؛ ولذا أعتقد أننا يجب أن نكون معه في هذا الاتجاه. في النهاية أعتقد إذا نظرنا للسينما من زاوية واحدة فإننا نحاكمها بقسوة، كأن نريد السينما التي نفهمها ونرفض السينما التي يصنعها الآخر. نحن مع خيري في أن يصنع السينما التي يريدها والتي يفهمها».

ذلك تماماً هو ما يؤمن به بشارة، الذي يؤكد على الدوام بأنه ليس هناك أفلام نخب، وأن كل أنواع السينما يجب أن تتوفر للمتفرج العادي، التجارية وكذلك المستقلة، وليترك الاختيار له.

خيري بشارة

ولد خيري بشارة العام 1947، نشأ في حي شبرا، وتخرج بالمعهد العالي للسينما بالقاهرة العام 1967.

عمل كمساعد للمخرج، وفي العام 1968 توجه إلى بولندا لدراسة الزمالة لمدة سنة واحدة. وعندما عاد إلى مصر وواصل العمل في منصب مدير مساعد، بالإضافة إلى أنه قام بتدريس التمثيل والكتابة.

وفي العام 1972 عمل مع الفيلم البولندي الشهير «في الصحراء والبراري» خلال عملية إطلاق النار في مصر.

وفي الفترة من 1974 إلى 1986 قدم أكثر من 12 فيلماً من الأفلام الوثائقية والقصيرة بمجموعة متنوعة من المواضيع. كان أول فيلم روائي «الأقدار الدامية» في الإنتاج المشترك مع الجزائر، حيث بدأ تصويره في العام 1976 ، وانتهى 1980، وعرض في 1982.

كما قام بإخراج أكثر من 11 فيلماً من أفلام الدراما الاجتماعية، والتي تلامس قلوب الناس، وحصل عليها على العديد من الجوائز المحلية والعالمية.

من أهم الأفلام التي أخرجها «الأقدار الدامية»، «العوامة رقم 70»، «الطوق والأسورة»، «يوم مر ويوم حلو»، «كابوريا»، «رغبة متوحشة»، «أيس كريم في جليم»، «أميركا شيكا بيكا»، «إشارة مرور»، «قشر البندق»، «حرب الفراولة».

ومن المسلسلات التي أخرجها: «مسألة مبدأ»، «ملح الأرض»، «الفريسة والصياد»، «ريش نعام»، «ليلة القمر»، «الرقص مع المجهول»، «الهروب من الغرب»، «قلب حبيبة».

أما الأفلام التسجلية التي قدمها فهي: «حديث القرية»، «حديث الحجر»، «تنوير»، «طائر النورس»، «صائد الدبابات»، «يوميات نائب في الأرياف».

الجوائز التي حصل عليها هي: جائزة الفكرة عن «صائد الدبابات» في مهرجان الأفلام التسجيلية والقصيرة سنة 1975.

جائزة السيناريو والإخراج عن العديد من الأفلام في 1976 و 1977. وجائزة الدولة التشجيعية في الفنون من المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية سنة 1978.

صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3773 - السبت 05 يناير 2013م الموافق 22 صفر 1434هـ

الوسط البحرينية في

05/01/2013

 

 

فعلها المصريون بأفلام المقاولات والأجانب بميل جيبسون

وداعًا للسينما ويا أهلًا بالمنازل

كتبت - حنان أبوالضياء: 

فى الثمانينيات انتشرت أفلام المقاولات التي كان الهدف منها ملاحقة الطلب في محلات بيع شرائط الفيديو ثم اختفت مع اختفاء جهاز الفيديو.

ويبدو أن هذا الأسلوب سينتشر الآن في العالم حتى في الأفلام ذات المستوى الفني المرتفع، وأحدث أفلام ميل جيبسون «اقبض على الأمريكي» لم يعرض في صالات السينما، بل ذهب مباشرة إلى البيوت وإذا نجحت التجربة ستوجه أفلام أخرى مباشرة إلى البيوت. بعد الاتفاق بين ستديو فوكس الشهير وبين شركة آيكون انترتاينمنت البريطانية لإنتاج الفيلم. وبثه مباشرة للفضائيات بواسطة محطات متخصصة بمشتركين يدفعون لقاء العرض. وفي نفس الوقت يعرض الفيلم في الصالات البريطانية والاسترالية. وفيلم «اقبض على الأمريكي» من إخراج أدريان كرونبيرج المساعد الأول للمخرج أوليفر ستون في فيلم «وول ستريت: المال لا ينام» ويشارك جيبسون بيتر ستورمار ودين نوريس. وتدور الأحداث عن أمريكى ألقت السلطات المكسيكية القبض عليه وأدانته وسجنته، وكيف ينجح في الهرب من سجنه بعد أن ساعده صبى مكسيكي في التاسعة من عمره.

أفلام أخرى انتجت للعرض في البيوت فقط وتم شراؤها من قبل شركات الإنتاج ومنها فيلم من بطولة بروس ويليس وربيكا هول وكاثرين زيتا جونز عنوانه Lay the Favorite.

وفيلم «موازنة» بطولة ريتشارد جير وسوزان ساراندون. والفيلم عرض في الدورة الستين لمهرجان سان سيباستيان. وبدأ المخرج نيكولاس جاريكى كتابة السيناريو له في العام 2008-2009 عند الانهيار الداخلى للاقتصاد الوطني الأمريكي، ويقال إن الشخصية التي يؤديها ريتشارد جير مستوحاة من جون بولسون الذي جمع ثروته الطائلة بفضل الرهون العقارية. ومع ذلك ركز الفيلم على العلاقات الإنسانية أكثر من المالية المؤثرة في الأزمة المالية الأمريكية سنة 2008. ريتشارد جير يوجعك ويمتعك في ذات الوقت بشخصية روبرت ميلر الساحرة وما بين التترات والنهاية طرح المخرج بعدًا إنسانيًا لشخصية ميلر من خلال لقاء تليفزيونى معه في ليلة عيد ميلاده أعطى المشاهد سببًا للتعاطف معه فهو ابن بحار يعمل في اللحام وأمه عملت بجمعية قدامى الحرب وعاشوا فترة الكساد الاقتصادي. رجل يؤمن بأن المنافسة في عالم البيزنس هي القدر المحدد من الدولارات على عكس رأى زوجته التي ترى أن الثقة تساوى عقدًا، وهذه الشخصية هي نموذج للمراوغات السيكولوجية لأنه صاحب صندوق استثمار يخفى الخسائر المسجلة لاستثمارات سيئة، في محاولة لبيع شركته.

ويخون زوجته في علاقة سرية مع شابة فرنسية، ومع هذا هو إنسان عطوف ومحب لأحفاده والمحيطين، يبذل مجهودًا فوق الطاقة لإرضاء الجميع، لذلك نحن لسنا أمام دور الشرير تمامًا، ولكنه الإنسان بكل ما فيه من تناقضات، محاولًا النجاة من السقوط وإنقاذ مؤسسته، ولكن يظهر بعد آخر يضاف إلى مشاكله، ففى إحدي الليالى يقود روبرت سيارته وبجانبه عشيقته، وينام من الإرهاق لثوان فتنقلب السيارة وتموت العشيقة، وهناك أفلام مازالت حائرة بين الاتجاه مباشرة للبيوت أو البث في الفضائيات، فبعض المنتجين يفضل بثها مباشرة عبر المحطات المتخصصة لقاء تذكرة إلكترونية تتراوح بين عشر وخمسة عشر دولارًا، وآخرين يعتبرون أن في ذلك مخاطرة تجارية غير محمودة العواقب. من بين الأفلام الحائرة تلك «لا أحد يمشى» وهى دراما عائلية مع ديلان مكدورمنت و«فنون ليبرالية» مع إليزابث أوسن وريتشارد جنكنز.

ولعل ما حدث لفيلم «نداء هامشى»، يلقى ظلالًا على أن التوجه إلى شاشات المنازل مباشرة يبدو فكرة مثيرة للاهتمام، لكنها ليست ضمانًا رابحًا، فذلك الفيلم الجيد عُرض تجاريًا ثم عرض عبر البث المباشر بعد ذلك بنحو شهر. الإقبال عليه سينمائيًا لم يكن مؤثرًا لكنه كان أفضل من الإقبال عليه عبر البث المباشر، فهو أنجز أكثر من خمسة ملايين دولار عبر صالات السينما الأمريكية ونحو ستة ملايين دولار عبر الصالات العالمية "ميزانيته لم تزد على أربعة ملايين"، لكنه حقق أقل من أربعة ملايين دولار في بثه المباشر.

إنما من ناحية أخرى لا يجب أخذ «نداء هامشى».. على الجانب الآخر هناك أفلام حققت عبر البث المباشر أكثر مما حققته في الصالات، ومنها الفيلم اليابانى «ثلاثة عشر قاتلًا» إذ أنجز أربعة ملايين عبر الشاشات الصغيرة وأقل من مليون دولار من صالات السينما. رغم ذلك فإن أصحاب الصالات يقولون إن هذا الفيلم اليابانى ليس بدوره مثالًا كونه أنجز أضعاف ذلك في بلاده وعبر صالات السينما وحدها.

الوفد المصرية في

05/01/2013

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)