تعوّدتُ أن أقدم فى نهاية كل موسم سينمائى حصاداً تفصيلياً عن الأفلام
والظواهر، وفى كل عام تدهشنى السينما المصرية بقدرتها على الإستمرار، وسط
ظروف أقل ما يقال عنها أنها سيئة وربما كارثية، وخصوصاً فى عام 2012 الذى
انتهى بإعلانات غير دستورية أقرب الى الإنقلاب السياسى الشامل على الثورة،
مما انعكس على المجتمع فى صورة احتقان وتخبط وفوضى سياسية وقانونية
واقتصادية.
ولكن السينما المصرية أثبتت أيضاً فى هذا الموسم العصيب قدرتها على
الصمود حتى إشعار آخر، المستقبل بالقطع شديد الغموض بالنظر الى تصاعد
الصراع بين المتأسلمين والقوى المدنية، ربما كانت النقطة المضيئة هى أن
الأفلام أصبحت إحدى وسائل الجمهور للهروب من اليأس الذى أفرزه وصول رئيس
إخوانى الى السلطة، وإدارته الكارثية والعجيبة للأمور، مما جعل الناس أمام
عرض يومى يكاد ينافس عروض الأفلام الكوميدية والتراجيدية معاً.
قد يدهشك وسط هذه الظروف غير المستقرة، أن تعرف أن دور العرض، استقبلت
فى عام 2102 عدداً معقولاً من الأفلام المصرية المتنوعة، تحديداً حوالى 29
فيلما، وهو رقم يزيد بمعدل فيلمين عن الأفلام المصرية التى عرضت فى عام
2011.
هذه هى القائمة الكاملة للأفلام المعروضة فى الموسم كله، نسجلها ثم
ننطلق الى تحليل المؤشرات الفنية فى كل الإتجاهات، ثم ننتهى باختيار قائمة
الأفضل، مثلما تعودنا، لكى يكون التقرير شاملاً للكم والكيف معاً ، هذه هى
الأفلام التى عرضت فى عام 2012:
(1)واحد صحيح (2) عمر وسلمى _ الجزء الثالث (3) جدو جبيبى (4) بنات
العم (5) ريكلام (6) على واحدة ونصّ (7) حظ سعيد ( 8) رد فعل (9) بنطلون
جولييت (10) المصلحة (11) حصل خير (12) حلم عزيز (13) جيم أوفر (14) غش
الزوجية (15) الألمانى (16) تيتة رهيبة (17) بابا (18) مستر آند مسز
عويس (19) البار (20) بعد الموقعة (21) ساعة ونصّ ( 22) برتيتا (23)
الآنسة مامى (24) عبده موتة (25) مهمة فى فيلم قديم (26) جوّة اللعبة
(27) 30 فبراير (28) مصوّر قتيل (29) لمح البصر.
شملت الأفلام ألواناً من الموضوعات والأنواع، تراجعت أفلام الثورة
الى فيلم واحد فقط هو "حظ سعيد" من بطولة أحمد عيد، كانت هناك نسبة كبيرة
من الأعمال الكوميدية، كوميديا الموقف كما فى "تيتة رهيبة"، وكوميديا جنسية
كما فى "بابا" و"بنات العم"، وكوميديا رومانسية كما فى "جدو حبيبى"،
وكوميديا فارص كما فى "جيم أوفر"، وكوميديا غنائية كما فى فيلم "مستر آند
مسز عويس"، وفانتازيا كوميدية كما فى "حلم عزيز"، بل إن لدينا ما يمكن أن
نسميه كوميديا الهلْس كما فى فيلم "مهمة فى فيلم قديم".
اتسعت الساحة أيضاً لتقديم الميلودراما كما فى "ريكلام" و"عبده موتة"،
والتشويق كما فى "بارتيتا" و"مصوّر قتيل"، وأفلام الحركة كما فى "المصلحة"
من بطولة الثنائى أحمد السقا وأحمد عز.
كل الأجيال
قام بالمشاركة فى هذه الأفلام فنانون من كل الأجيال، وبينهم عدد كبير
من الدماء الجديدة فى كل فروع الفيلم تقريباً، لدينا مثلاً 6 مخرجين جدد
هم: (1) هادى الباجورى "واحد صحيح" (2) محمد سامى "عمر وسلمى _ الجزء
الثانى" (3) جمعة بدارن "على واحدة ونصّ" (4) طارق الإبيارى "بنطلون
جولييت (5) الألمانى "علاء الشريف" (6) لمح البصر "يوسف هشام".
ظهرت على العناوين أسماء لمؤلفين جدد كثيرين بصرف النظر عن مستواهم
الفنى، لدينا مثلا صلاح الجهينى "30 فبراير"، وسما المصرى وعادل نجيب "على
واحدة ونصّ"، و وائل ابو السعود "رد فعل"، وطارق الإبيارى "بنطلون جولييت"،
كما اكتظت بعض الأفلام بالوجوه الجديدة مثل ماهى صلاح الدين ومنى ممدوح
وعلى الطيب فى فيلم "البار"، وريم الكاديكى فى فيلم "30 فبراير"، وطارق
الإبيارى فى فيلم "بنطلون جولييت"، وياسمين رئيس فى فيلم "واحد صحيح"،
وميريت، ابنة الممثلة شيرين، فى فيلم "حلم عزيز"، ومدحت شاكر فى فيلم "مهمة
فى فيلم قديم".
مُنحت البطولة المطلقة لأول مرة لوجوه صاعدة شابة بصرف النظر أيضاً عن
مستواها، محمد رمضان قام ببطولة فيلمين هما "ألألمانى"و " عبده موتة"، كما
اشترك فى فيلمين آخرين هما "ساعة ونص"و " حصل خير"، كانت أيضاً أول بطولة
لمحمد أحمد ماهر فى فيلم "البار"، ولإياد نصار فى فيلم "مصور قتيل"، ولسامح
حسين فى فيلم "30 فبراير"، وطبعا طارق الإبيارى الذى صنع فيلماً من بابه
كمؤلف وممثل ومخرج هو "بنطلون جولييت"، وقدم محمود عبد المغنى بطولته
الثانية فى فيلم "رد فعل"، وقام عمرو يوسف بالمشاركة فى أفلام مثل بارتيتا
وواحد صحيح ورد فعل، يضاف الى هؤلاء الأبطال الرجال، السورية كندة علّوش
التى قامت بأول بطولة لها فى فيلم"بارتيتا"، كما اشتركت فى بطولة فيلمى
"واحد صحيح" و"المصلحة".
ولكن الملاحظة أيضاً أن الساحة اتسعت لعودة الكثير من الوجوه القديمة،
وفى بطولات أو أدوار قصيرة، عادت لبنى عبد العزيز بعد سنوات طويلة من
الغياب، ومنذ عصر الأبيض والأسود، بمشاركتها فى فيلم "جدو حبيبى" مع محمود
ياسين، وعاد حسين فهمى ببطولة فيلم "لمح البصر"، وعادت سميحة أيوب وعبد
الرحمن أبو زهرة فى فيلم "تيتة رهيبة"، وعادت يسرا مع مى عز الدين فى بطولة
فيلم "جيم أوفر"، شاهدنا محمد وفيق فى فيلم "بابا"، ونادية فهمى فى فيلم
بارتيتا"، ومظهر أبو النجا فى فيلم "30 فبراير".
على صعيد بورصة النجوم والنجمات نستطيع أن نتحدث عن استمرار النجاح
الجماهيرى لكل من أحمد السقا وأحمد عز، نجحت تجربتهما المشتركة فى فيلم
"المصلحة"، النجاح هنا تجارى رغم الملاحظات الفنية، كما أن فيلم السقا
المتواضع وعنوانه "بابا"، حقق أيضاً إيرادات جيدة، وحقق فيلم عز المرتبك
وعنوانه "حلم عزيز" أيضاً بعض النجاح، فى كل الأحوال، هما أكثر نجوم جيلهما
اجتهاداً، وربما يفتح نجاح تجربتهما المشتركة الباب أمام تجارب أخرى مشتركة
مع نجوم آخرين.
فى مقابل ذلك النجاح، تراجعت البطلات مثل مى عز الدين رغم مشاركتها فى
الجزء الثالث من عمر وسلمى، وفيلم جيم أوفر، بطولات مشتركة عادية، وغابت
عبلة كامل، ولم تبق فى الساحة سوى ياسمين عبد العزيز التى حقق فيلمها
"الآنسة مامى" نجاحاً كبيراً، رغم مشاكل الفيلم الفنية الواضحة، ورغم صعوبة
السيطرة على أداء وتعبيرات ياسمين مع التسليم فى نفس الوقت بموهبتها
الكبيرة، وحيويتها التى لا شك فيها.
ربما كان النجم القادم هو محمد رمضان، فشل فيلمه "الألمانى"، ونجحت
بطولته الثانية فى فيلم "عبده موتة"، رغم أن الفيلمين متقاربان فى الحديث
عن ظاهرة البلطجة، ولكن يظل هناك ما لايمكن الخلاف عليه، وهو أننا أمام
ممثل موهوب، ويستطيع أن يقدم الكثير بشرط ألا يكرر نفسه أو أدواره.
مازال السبكية يسيطرون على سوق الإنتاج، أفلامهم شديدة التباين
والتفاوت، بعضها يقدم الخلطة العشوائية من الغناء والرقص والتهريج مثل
"مهمة فى فيلم قديم" وحصل خير"، وبعضها يحاول أن يقدم كوميديا أكثر
اتقاناً، أقول "يحاول" لا أكثر، ومن أمثلة ذلك فيلم "الآنسة مامى" و
فيلم"عمر وسلمى _3"، وهناك نوع ثالث أكثر إتقاناً واختلافاً يقدمه السبكية
كل فترة وأخرى، من أمثلته الواضحة فيلم "ساعة ونص" و"واحد صحيح"، إذا كان
السبكية قد أصبحوا من حقائق السينما المصرية ، نتمنى فقط أن يزيد إنتاج
النوع الثالث، وأن يتراجع إنتاجهم من النوع الأول.
كل الأجيال من المؤلفين ظهرت فى عناوين الأفلام من يوسف معاطى "تيتة
رهيبة" الى عمر شامة "بعد الموقعة"، ومن تامر حبيب "واحد صحيح" الى خالد
جلال "بارتيتا" و" الآنسة مامى"، ومن زينب عزيز "جدو حبيبى" و"بابا" الى
الثلاثى أحمد فهمى وشيكو وهشام ماجد "بنات العم".
أجيال متنوعة من المخرجين ظهرت فى القائمة، من يسرى نصر الله "بعد
الموقعة" الى أحمد البدرى " جيم أوفر" و "مهمة فى فيلم قديم"و"غش الزوجية"،
ومن كريم العدل فى "مصوّر قتيل" الى وائل إحسان مخرج فيلمى "ساعة ونص"
و"الآنسة مامى"، ومن ساندرا نشأت "المصلحة" الى عمرو عرفة "حلم عزيز"، ومن
طارق عبد المعطى "حظ سعيد" الى إسماعيل فاروق "عبده موتة"، ومن مازن الجبلى
"البار" الى شريف مندور "بارتيتا"، يضاف الى ذلك المخرجون الجدد الذين سبق
ذكرهم، الملاحظ أيضاً استمرار إعطاء الفرصة لمخرجين جاءوا من عالم الفيديو
كليب مثل هادى الباجورى " واحد صحيح"، ومحمد سامى " عمر وسلمى _3".
قوائم الأفضل
لم يكن المستوى الفنى العام رديئاً، تقريباً نحن فى حدود الجيد والردئ
كل عام، المشاكل الكبرى المعتادة مازالت فى السيناريوهات، ومازال الممثلون
أقوى عناصر الفيلم المصرى، يكفى ان تشاهد فيلماً مثل "ساعة ونص" لتتأكد من
ذلك، ربما يستحق أبطاله جائزة جماعية على التشخيص.
فيما يلى اختياراتى للأفضل فى موسم 2012 السينمائى :
أفضل فيلم: "ساعة ونصّ".. لتعبيره القوى الإنسانى والمؤثرعن كارثة
قطار بوصفها مرثية للوطن.
أفضل سيناريو: أحمد عبد الله عن "ساعة ونص" .. لنجاحة فى رسم نماذج
بشرية لا تنسى، وتقديم حكاية كل واحد منها فى بناء محكم ومتماسك.
أفضل إخراج: وائل إحسان عن "ساعة ونص" .. لنجاحه فى توظيف أدواته فى
التعبير عن معاناة المصريين بصورة نبيلة ومتعاطفة، ولبراعته فى اختيار
وقيادة فريق الممثلين فى فيلمه الهام.
أفضل ممثل دور أول (رجال): باسم سمرة عن دوره فى "بعد الموقعه" .. إنه
أفضل أدوار الممثل المجتهد حتى الآن، قدم الشخصية بكل تفاصيلها رغم صعوبة
الإرتجال فى معظم المشاهد.
أفضل ممثل دور أول (نساء): غادة عبد الرازق عن فيلم "ريكلام" .. نجحت
باجتهادها فى تحويل شخصية محددة قدمت فى أفلام سابقة الى نموذج للإنسحاق
الإنسانى.
أفضل ممثل دور ثانى (رجال): ماجد الكدوانى عن دوره فى فيلم "ساعة
ونص".. لمسات هذا الممثل الرائع تلغى ببراعة الحدود الفاصلة بين الضحك
والشجن.
أفضل ممثل دور ثانى (نساء): ناهد السباعى عن فيلم "بعد الموقعة" ..
خطفت الأنظار بامتزاجها مع شخصية فاطمة، قدمتها بوعى وحضور، من أفضل
النماذج النسائية التى ظهرت فى الأفلام المصرية.
أفضل تصوير: سمير بهزان عن فيلم "بعد الموقعة" مع تنويهات بالجهد
المبذول فى الصورة فى أفلام كثيرة أخرى مثل: واحد صحيح "أحمد المرسى"، و
جدو حبيبى "أحمد عبد العزيز"، وسامح سليم "ساعة ونصّ".
أفضل ديكور: فراس أسعيد عن فيلم "واحد صحيح".
أفضل مونتاج: شريف عابدين عن "ساعة ونصّ".
أفضل ملابس: داليا يوسف عن "ساعة ونصّ".
أفضل وجه صاعد (رجال): عمرو يوسف عن دوره فى فيلم "بارتيتا".
أفضل وجه صاعد (نساء): ياسمين رئيس عن فيلم "واحد صحيح".
أفضل فيلم كوميدى: "تيتة رهيبة".
أفضل ممثل كوميدى: محمد هنيدى عن "تيتة رهيبة".. وتنويه خاص باجتهاد
سامح حسين فى فيلمه "30 فبراير".
أفضل مخرج (عمل أول): هادى الباجورى عن فيلم "واحد صحيح".
تنويه خاص بالإداء المتفوق والمؤثر للكبيرة كريمة مختار فى فيلم "ساعة
ونص"، والأداء المميز لسميحة أيوب فى "تيتة رهيبة".
أفضل أفيش: فيلم بعد الموقعة.
أفضل تريلر لفيلم "ساعة ونص".
أسوأ أفلام العام: "على واحدة ونص" بطولة ورقص سما المصرى وإخراج جمعة
بدران، و"مهمة فى فيلم قديم" بطولة إدوارد وفيفى عبده وإخراج أحمد البدرى.
أفضل أخبار العام السينمائية: المشاركة المصرية فى مسابقة مهرجان كان
بعد غياب طويل بفيلم "بعد الموقعة"، والمشاركة فى قسم "آفاق" فى مهرجان
فينسيا بفيلم "الشتا اللى فات"، والإصرار على عقد دورة مهرجان الإسماعيلية
للأفلام الوثائقية رغم مواكبته لإعلان الإنتخابات الرئاسية العصيبة، وعقد
مهرجان القاهرة السينمائى رغم مواكبته لفوضى الإعلانات غير الدستورية التى
جعلت البلد على شفا حرب أهلية، وفوز فيلم "الخروج للنهار" للمخرجة هالة
لطفى بأكثر من جائزة فى مهرجانات عربية مثل قرطاج وابو ظبى، وفوز عمرو واكد
بجائزة أحسن ممثل فى مهرجان دبى عن دوره فى فيلم "الشتا اللى فات"، وفوز
فيلم "هرج ومرج" بجائزة لجنة التحكيم الخاصة فى نفس المهرجان، وافتتاح 27
شاشة عرض مرة واحدة فى مدينة السادس من أكتوبر من بينها شاشة ايماكس، مما
يفتح الباب أمام المزيد من الإستثمار فى صناعة الترفيه السينمائى.
كل عام والسينما المصرية باقية على قيد الحياة، رغم الظروف غير
المواتية، ورغم المستقبل الغامض، ورغم تربّص طيور الظلام.
عين على السينما في
23/12/2012
لوددت أن اكون..
قراءة في الوثائقي المصري دعاء..عزيز
رامي عبد الرازق - دبي
خمسة عشر فيلما تنافسوا على جوائز المهر العربي
للأفلام الوثائقية وذلك ضمن فعاليات الدورة التاسعة لمهرجان
دبي السينمائي(9-16
ديسمبر), والملاحظة الأساسية على مجموعة الأفلام المختارة هذا العام هي أن
كثيرا
منها يتحدث عن واقع المرأة في العالم العربي أو تشكل النساء جانبا هاما من
السرد
والرؤية البصرية والفكرية داخل التجربة الوثائقية.
من اليمن يأتي فيلم
المخرجة اليمنية خديجة السلامي "الصرخة" حيث توثق مساهمة النساء اليمنيات
في الثورة
اليمنية، وكيف خرجن من بيوتهن صارخات بمعاناتهن رغم أن صوتهن يُعتبرعورة،
وتعود في
القسم الثاني من الفيلم لتعاين إن كن نجحن في تحقيق مطالبهن بالحرية
والمساواة, ومن
المرأة اليمنية إلى المرأة التونسية في فيلم هند بوجمعة "يا من
عاش" ويقدم من خلال
شخصية عايدة التي تعيش وأبنائها بلا مأوى، حقيقة أن لا شيء
تغير في تونس ما بعد زين
العابدين بن علي .
أما المخرج السوري نضال حسن فيحوّل فيلمه "حكايات حقيقية عن
الحب والحياة والموت وأحياناً الثورة" من فيلم يسعى لأن يروي مصائر نساء
سوريات
أعلنّ الثورة والتمرد من أجل حريتهن، إلى نساء أخريات يصنعن ثورتهن الآن.
ومن
مصر يأتي المخرج سعد هنداوي بفيلمه"دعاء..عزيزة" ليروي لنا كيف تخطط عزيزة
للهجرة
خارج مصر، عكس دعاء التي تنوي مغادرة فرنسا والعودة للعيش في مصر وهي درما
توثيقية
في قسمين أيضا ما بين قرار الهجرة وماذا حدث بعدها!
ووفق أسلوب سرد يمزج الروائي
بالتسجيلي يقدم المخرج المغربي محمد العبودي في فيلمه"نساء
بدون هوية" مأساة فتاة
مغربية تتعرّض للاغتصاب وهي لم تتجاوز الخامسة عشرة من عمرها،
ومن ثم تتبرأ عائلتها
منها، فتُحرم من أوراقها الثبوتية، لكنها وعلى رغم قسوة ما تنوء تحته، ترفض
الاستسلام لواقعها، وتواصل السعي لتحقيق أحلامها بالأمومة والعيش الكريم,
بينما
تقدم اللبنانية فرح قاسم في فيلمها "أبي يشبه عبد الناصر"
فيلماً حميمياً عن
علاقتها بأبيها.
واو العطف
"دعاء..عزيزة"هو الفيلم المصري الوحيد ضمن مجموعة الأفلام
الوثائقية التي شاركت في مسابقة المهر العربي للأفلام الوثائقية في دورة
هذا العام,
وهو أحدث التجارب الوثائقية للمخرج المصري سعد هنداوي بعد أفلام مثل"الضمة"
و"القاهرة سحر الأمكنة" و"صعيد الغضب" بالإضافة إلى ثلاثة أفلام روائية
بدأها"بحالة
حب"عام 2004 وكان آخرها "السفاح"2009.
أطلق هنداوي على فيلمه
"دعاء..عزيزة" وليس دعاء وعزيزة, مسقطا واو العطف ومجردا العنوان إلى
حد كبير رغم
كونه يحتوي على أسماء أعلام, هذا التجريد من شأنه أن يدلنا على رغبة المخرج
في
التوازي الكامل بين الشخصيتين وهو تواز سردي وبنائي بل وبصري في بعض
الأحيان- في
أحد المشاهد يقوم بتقسيم الشاشة فعليا إلى قسمين- ويبدأ
التوازي من عنوان
الفيلم.
إنه عنوان أشبه بفكرة وجهي العملة الواحدة واللذان يشكلان سويا العملة
رغم اختلافهما الشكلي, كذلك فإن واو العطف كانت ستحد من خيال المتلقي فيما
يخص
الشخصيات أما دعاء..عزيزة فيشعرك أنه من الممكن أن يكونا أي دعاء وأي
عزيزة, وليسا
فقط دعاء وعزيزة شخصيات الفيلم.
يعتمد الفيلم في تيمته الفكرية على تناقض
الخطوط الحياتية ما بين الشخصيتين الاساسيتين, فدعاء التي تربت
في فرنسا قررت
الذهاب للإقامة والعمل بالقاهرة وعزيزة التي تربت في القاهرة تقرر ان تهاجر
إلى
فرنسا.
يبدأ الفيلم بعد اتخاذ الشخصيات قراراتها بالسفر وهي بداية درامية
أكثر
منها بداية وثائقية وتذكرنا بالقاعدة الدرامية الشهيرة التي تقول إن أحداث
الفيلم
لا يجب أن تبدأ قبل أن تكون إحدى الشخصيات الرئيسية قد اتخذت قرارا مهما
يؤثر في
انطلاق الأحداث.
بداية الفيلم عقب اتخاذ القرار معناه ان هناك سؤالين أساسين
يريد المخرج طرحهما, الأول هو: لماذا هذا القرار؟ لتبدأ رحلة الأجابة بأثر
رجعي عبر
مشاهد حكي طويلة من قبل الشخصيات, والثاني هو: ماذا سيحدث لكل منهن بعد هذا
القرار؟
سؤال في الوطن
يفرد المخرج لكل
شخصية مساحة زمنية طويلة للبوح المستفيض أمام الكاميرا للإجابة عن السؤال
الاول
الذي يمثل القسم الأول من الفيلم, وتتضمن الاجابة على هذا السؤال محاولة
الاجابة عن
أسئلة ضمنية كثيرة منها معنى الوطن كمكان وظرف وجداني وحالة
بيئية وإنسانية, وعلاقة
الوطن بالذاكرة وعلاقته بتحقيق الذات والأحلام.
عبر تلك الاجابات الضمنية يستدرج
المخرج شخصياته للحديث عن أدق التفاصيل الوجدانية وربما
الأسرار, مستغلا أن كل
شخصية أصبحت منفصلة بشكل أو بآخر عن ماضيها القريب وصار لها حاضر مغاير
أحدهم في
القاهرة والآخر في باريس.
عند الابتعاد عن المكان يصبح الحديث عنه أسهل وأكثر
حميمية, تتحدث كلا الفتاتين عن تجاربهم العاطفية والمهنية في مشاهد مفتوحة
زمنيا لا
تحدها توقيتات اللقاءات المصورة التقليدية, حيث يعتمد المخرج على سلاسة
البوح وقدرة
الشخصيات على صياغة أفكارها كلاميا عبر مونولوجات طويلة تقطعها
أحيانا أسئلة المخرج
من خارج الكادر.
ولا يغفل هنداوي عنصر الأهل كجزء من الاجابة عن سؤال القرار
والوطن, والأهل هم أكثر العناصر المؤثرة في قرارات الشخصيات وشعورها
بالغربة سواء
في القاهرة أو باريس.
يقوم المخرج برسم أبعاد شخصيات الفتاتين بشكل درامي يحسب
له, فالبعد الشكلي تتكفل به الكاميرا, والبعد النفسي يتكفل به البوح
أمامها, والبعد
الأجتماعي تتكفل به اللقاءات التي يقوم بها مع أهل دعاء في
باريس وأهل عزيزة في
القاهرة.
يبدو الأهل جزء هام من أجزاء الأجابة على السؤال, فالقرار بالسفر ليس
وليد خاطر عابر بل هو نتاج تراكمات كثيرة لعب الأهل دور هام فيها, ويكفي
تلك الجملة
التي يقولها والد عزيزة
عندما يدلل على ايمانه بقرار ابنته(لو لم أكن مصريا لوددت
أن أكون سويديا او سويسريا) أنها
جملة لا تعكس تهكما على مقولة مصطفى كامل الخالدة
بقدر ما تعكس فكرة مناقشة الثوابت في زمن متغير وواقع أصبح
قاسيا شكلا ومضمونا خاصة
على المستوى المعنوي والنفسي والحضاري.
من الثابت أن من يعيشون خارج مصر مثل
دعاء لا تراودهم فكرة العودة إلى القاهرة لتحقيق ذواتهم خاصة
لو كانوا يعيشون في
مدن مثل باريس, ويضرب الفيلم مثالا جيدا وهو أخو دعاء الذي ولد مثلها هناك
وأقصى ما
تمثله له مصر هي شهور الإجازة الصيفية.
وفي المقابل هناك عائلة عزيزة القبطية
المعتزة بجذورها, والتي لم يرد عائلها (والد عزيزة) أن يعيش
خارج مصر بل أحضر زوجته
المجرية معه وقام بتعليمها العربية, ويبدو من خلال التصوير داخل منزل
الأسرة أن
عزيزة كانت تعيش في مستوى مادي جيد, إذن لم يكن السفر من أجل المال, ولكن
من أجل
تحقيق الذات على المستوى المعنوي وليس المادي.
ولا شك أن المخرج نجح في إرساء
الأبعاد الثلاث لكلا الشخصيتين بشكل ناضج, مما يجعلنا في مرحلة
معينة من الفيلم
نجزم بأنه أقرب لمشروع درامي منه لتجربة وثائقية, خاصة مع التواضع الشكلي
والبصري
الكبير في بناء الفيلم إخراجيا.
توك
شو
القسم الأول من الفيلم يدور في عام 2005 بعد اتخاذ الشخصيتين
قرارهما بالسفر كل إلى بلد الأخرى, دعاء المصرية الأصل التي هاجر أبوها إلى
فرنسا
قبل عقود وعزيزة القبطية المصرية التي تربت في كنف أم أجنبية
تعشق مصر, لكنها لم
ترث عنها جينات هذا العشق فقررت استبدال القاهرة بباريس.
يبني المخرج فيلمه بشكل
بسيط جدا على المستوى البصري, متمحورا حول الشخصيات في زاويا
كاميرا محدودة وأحجام
ثابتة, تستمر اللقطات لدقائق طويلة على الشخصية التي تحكي وتتحدث, وتتقاطع
مشاهد
الحكي مع مشاهد عامة لشوارع القاهرة وباريس, أو لشخصيات تنتقل من مكان لآخر
داخل كل
مدينة, باستثناء ذلك لا يوجد أي معادل بصري خلال القسم الأول يمكن أن يصلح
كمادة
بصرية للحكي إلى جانب المادة الحوارية الضخمة ولا معادل لها.
تستطيع أن تستمع
إلى القسم الأول من الفيلم بالكامل دون أن تكون في حاجة إلى مشاهدة الصورة,
فلا شئ
من تاريخ الشخصيات المحكي أو واقعهم المروي تم تقديمه بصريا سواء من خلال
التصوير
الحي أو حتى الأرشيف الفوتغرافي.
ولكن اعتمد المخرج كليا وجزئيا على حالة
الفضفضة المطولة للشخصيات, وهي رغم حميميتها إلا أنها في
النهاية بدت أقرب لبرامج
التوك شو أو التقارير التسجيلية المنفذة على عجالة كفواصل للبرامج
الأجتماعية.
ولم تفلح مشاهد الشوارع في التعبير عن إجابة كل شخصية على سؤال
القرار, لأن حديثهم في درجة ما صار أعمق بكثير من مجرد التصوير الخارجي وهم
يسيرون
في الشارع أو يجلسون على ضفة السين او في خان الخليلي, وهي
لقطات أقرب للنظرة
السياحية الخارجية منها للنظرة العميقة إلى جوف المجتمعات التي يناقش
الفيلم فكرة
السفر منها وإليها.
استثناءات بصرية قليلة هي التي تحفظ ماء وجه القسم الأول
إخراجيا مثل مشاهد لقاء الفتاتين في القاهرة وفي باريس, فكليهما لديه نفس
الهم ولكن
في اتجاهين مختلفين, وهو ما يعبر عنه مشهد محطة مترو الأنفاق
حيث تقف كل فتاة في
الاتجاه المعاكس لصديقتها وكل منهما
تنتظر قطارا في عكس إتجاه الآخرى.
لقد
استطاع المخرج أن يطور فيلمه دراميا بشكل جيد ونقصد بالدراميا هو تتبع
عملية نمو
الشخصيات وبحثها عن إجابة سؤال القرار الأول وصولا إلى القسم الثاني وهو
ماذا حدث
لهما, ولكنه لم يتمكن بصريا من تحقيق نفس القوة الدرامية.
ماذا حدث؟
ينقطع المخرج عن
شخصياته لمدة ستة سنوات أو يزيد ويعود ليجيب للمتلقى على السؤال الثاني من
التجربة
وهو ماذا حدث للشخصيات؟
يبدأ القسم الثاني من الفيلم بداية بصرية شديدة الحيوية
حيث نطالع حجم التغير الشكلي الذي طرأ على كل من دعاء وعزيزة, عزيزة التي
كانت تكبر
دعاء بأربع سنوات صارت مذيعة مرموقة في إحدى القنوات الفرنسية, قصت شعرها
وبدت أصغر
سنا, بينما دعاء التي كانت في السادسة والعشرين من عمرها عندما
ذهبت إلى مصر تبدو
أكبر سنا بعشر سنوات, بل أكبر من عزيزة نفسها!
تبدو مشاهد القاهرة ولقطات منزل
دعاء كابية, قاتمة, ووجه دعاء نفسه يبدو جافا حزينا, بينما
تبدو مشاهد منزل عزيزة
في باريس أكثر إشراقا وضوءا وحيوية, إحداهما اذداد بياض بشرتها-عزيزة-
بينما اذادت
الأخرى سمرة-دعاء.
يعكس هذا الفرق الضوئي واللوني بين البيئتين الفرنسية
والمصرية جزء من ضمنية الأجابة على السؤال الثاني, وهي إجابة تبدو مختبئة
بين
السطور, لكنها جلية من خلال تعبير المخرج عنها بذلك الفرق
الواضح في إضاءة
البيئتين, وهو تعبير درامي بحت.
اما على المستوى الوثائقي او الاخيالي فإن
الفارق الشكلي والعمري بين كلا الفتاتين يدعم فكرة الأجابة
الضمنية, وهي أن حياة
عزيزة التي تركت مصر قبل سنوات تبدو أكثر إيجابية وقوة وأنفتاحا ونجاحا من
حياة
دعاء التي تركت أهلها وعادت إلى مصر قبل سنوات وأصابتها الشيخوخة المبكرة.
يضيف
المخرج لقطات تعادل عملية التطور الدرامي بصريا, يستخدم مادة أرشيفية لكلا
الفتاتين
في عملهن كمذيعات, ويصور عزيزة في مقر عملها الجديد وسط زملائها, ويضيف
مشاهد قام
بتصويرها للشخص الفرنسي الذي أثر في حياة عزيزة وشجعها حتى
وصلت إلى ما وصلت إليه,
كل هذه المادة الطازجة تجعلنا نشعر بمدى الفرق بين قسمي الفيلم رغم أهمية
القسم
الأول لكنه يبدو من خلال القسم الثاني وكأنه كان مجرد فكرة للمشروع الذي
أكتمل بعد
سنوات وبشكل أنضج.
الهلال
والصليب
هل كانت قوة الفكرة داخل التجربة سوف تتأثر لو أن كلتا
الشخصيتين من ديانة واحدة!
تبدو الأجابة على سؤال(ما الوطن)أكبر من مسألة الدين
على مستويات كثيرة, فلم تكن لدى أي من الفتاتين مشاكل دينية في مجتمعها,
ولا أهداف
دينية من وراء هجرتها إلى بلد الآخرى, ولكن بقدر ما كانت
القضية بعيدة عن العنصر
الديني بقدر ما أثرى أختلاف الديانة بين دعاء وعزيزة من قوة الفكرة, لأنه
ساوى في
النهاية ما بين الديانات, وأكد على أن مسألة الوطن خاصة في الحالة
المصرية-ونقصد
بالحالة المصرية أن كلتا الفتاتين مصريتين- ليس لها علاقة مباشرة بالدين,
ولكنها
مسألة اجتماعية وسياسية بالأساس تخص اللحظة الحضارية التي
نعيشها.
ونستطيع أن
نقارن بين أسباب دعاء وعزيزة لهجرة بلد المنشأ بالأسباب التي دعت شخصية
الفتاة
المسيحية في الوثائقي المعروف"مكان أسمه الوطن" للمخرج تامر عزت, حين قررت
الهجرة
إلى استراليا بعد فشل قصة حبها لشاب مسلم, هذه المقارنة من شأنها أن تجعلنا
نقف على
قناعة بأن الدين لم يكن أحد أسباب الهجرة العكسية(من وإلى مصر)في
دعاء..عزيزة, ولكن
أختلاف الدين بينهم جعل المسألة اكثر تجريدية تماما مثل إسقاط
واو العطف التي
تحدثنا عنها في البداية( فهما أي دعاء مسلمة وأي عزيزة مسيحية).
قوة هذه التجربة
تكمن في تتبع مسار الشخصيات عبر عملية تحول حياتية بناء على قرار مصيري
وذاتي في
نفس الوقت, ولولا بساطة الفيلم وركاكته البصرية في بعض الأحيان لاصبح واحدا
من
التجارب الهامة في مجال طرح قضية الوطن والأنتماء وحق تقرير
المصير دون أعتبارات
شكلية أو ثوابت جامدة, لقد ودت كل من دعاء وعزيزة أن تكون منتمية لمجتمع
أخر غير
الذي نشأت فيه وكان لهما ما أرادا ولكن كيف؟ وبأي ثمن؟ هذا ما حاول الفيلم
أن يجيب
عنه.
الجزيرة الوثائقية في
23/12/2012
سنوات الجمر والرماد..
وثائقي عراقي عن حركة الأنصار
علي البزاز - المغرب
يركّز فيلم" سنوات الجمر والرماد"، على التأريخ
والأرشفة، معتمداً مقتنيات شخصية: صور فوتوغرافية وشهادات. ويذهب البعض إلى
أن
ثقافة الأرشفة وتدوين الحوادث ضعيفة لدى المواطن العربي ،
مقارنة بالمواطن الغربي،
الذي يحفظ تاريخه بنفسه بشكل سلس وتراتبي. التاريخ عند العراقي هو الذاكرة،
يعتز
بها من منطلق إيديولوجي، وأحياناً نضالي، ما يجعلها عقائدية،
يطغى فيها النضال
والفخر على وجدانية الأحداث وإنسانية القصص. تظهر هذه الذاكرة العقائدية في
بعض
شهادات الفيلم مثلاً: "العدو الطبقي" و" هكذا، يتصرف الشيوعي الحقيقي".
وتكمن
الخسارة العظيمة للثقافة العراقية، في
سيطرة السياسة على الثقافة، وليس العكس.
تبعية خسارة، لا تزال تصنع الرموز والزعامات الأدبية والنضالية من باب
الانتماء
الحزبي بعيداً من الكدح الثقافي الحقيقي.
يستعرض الفيلم تاريخ حركة
الأنصار المسلحة في العراق ، ضد نظام البعث، حيث اتّخذت من
كردستان موقعاً لها،
مرتبطة بالحزب الشيوعي العراقي، رغم احتضانها لمقاتلين إسلاميين ومستقلين
من العرب
والكرد، وهنا تكمن رمزيتها التاريخية. لكن التفكير الحزبي الضيق، وعوض أن
يستفيد من
تلك الرمزية، أفقر تنوعها، عندما جيّرها لجهة الحزب الشيوعي العراقي فقط.
قامت حركة
الأنصار كما يشير الفيلم قبل صدور قرار حزبي معلناً الكفاح المسلح. بمعنى،
كما لو
أن الحزب اُجبر على تبنيها، وهي سابقة عليه في الاحتكام إلى
خيار السلاح. أو وجد
فيها سبباً لإعادة ترتيب مركزه المهتز أصلاً، بفعل هجمة البعث عليه، بعدما
تحالف
معه في جبهة وطنية لسنوات عدةّ، أعطتْ ليس شرعية يسارية إلى نظام البعث
فحسب، بل
تزكية إلى صدام كقائد يساري ومنقذ، ينبغي التعاون معه. هذا يعتبره الكثيرون
خطأ
الحزب الشيوعي الاستراتيجي. ويبدو أنه خطأ، لم يُعترف بفداحته
لغاية الآن،
سوف
يشارك بما جرى في العراق لاحقاً. يبدو من الفيلم وكأن قدر العراق يتأرجح
بين ثنائية
الانهيار الشامل أو النهوض الشامل، وهي حالة تطرفية عراقية
بامتياز، ماضياً
وحاضراً.
أدرك المخرج علي رفيق مأزق مادته الفيلمية، التي هي عبارة عن
شهادات
شخصية لمقاتلين، لا بّد لها من معالجة سينمائية، والاّ، فسوف تتخذ شكل كتاب
فوتوغرافي سردي. لذلك، التجأ إلى أسلوب التقطيع منقذاً الفيلم
من الرتابة: الطبيعة،
الطبابة، العائلة، التموين، المعارك، الأنفال والانتفاضة، وأخيراً أفكار
وآراء.
غياب الوثيقة التاريخية، دفع بالمخرج إلى
الدراما رغم توّفر الصور الفوتوغرافية
وبعض مشاهد المعارك وتفاصيل الحياة اليومية للأنصار، اشتغل
عليها المخرج، ما جعلها
تبدو كوثيقة. للراوي جاذبية تؤدي إلى كتاب، لا إلى السينما، سيما غاية
الفيلم تبدو
تعريفية، تؤرخ قضية الأنصار التي تتعرّض إلى النسيان والظلم وسوء الفهم. من
هنا لم
يخض الفيلم عميقاً في السياسية مغلّباً الجانب الإنساني. شهد العراق في
العام 1967
حركة الكفاح المسلح في الأهوار الجنوبية من طرف القيادة
المركزية، الجناح المنشق من
الحزب الشيوعي العراقي، وفيها مثقفون مثل الشهيد خالد محمود زكي مستشار
المفكر
برتراند راسل حينذاك، محاكاة للثورة في غابات بوليفيا. قمعت الحركة من قبل
السلطات
العراقية، ولم توّثق جلياً للأسف لا أدباً ولا تاريخاً سياسياً.
يتحاشى الفيلم
الاهمال الحزبي والشخصي، وصولاً إلى أرشفة ومناقشة مرحلة مهمة من النضال
الوطني
العراقي عامة، والشيوعي خاصة.
حركة الإنصار متنوعة الاهتمامات والانتماءات، فيها
المثقف والطبيب، الكردي والعربي، الإسلامي والعلماني والمستقل، المسيحي
والصابئي
والمسلم. ينشغل النصير المقاتل في إصدار جرائد ومعارض فنية ومسرحيات، إضافة
إلى
انشاء إذاعة" صوت الشعب العراقي"، تشرف على هذا كلّه لجنة فنية
مختصة تهتم بالفكر
والفن. يستعرض فيلم" القيامة الآن" لفرانسيس كوبولا، واقع القوات الأمريكية
في
فيتنام، إذ تُجلب لهم فرقُ غنائية ترفيهية، بينما تعتني حركة الأنصار في
العراق،
ومن دون مساعدة خارجية، بالثقافة والفن. ثمة إشارة، إلى
النصيرات المقاتلات، في
واقع اجتماعي منغلق، ومحيط ريفي كردي متحفظ، لم ير امرأة سافرة فكيف بمشهد
مقاتلة
تحمل السلاح. في مشهد مؤثر، تروي نصيرة مقاتِلة حيرتها، عندما ينفجر لغم،
فيبتر
أصابع رفيقها "كان عليّ أن أقرّر بسرعة، كيف سأتصرف بأصابعه المبتورة؟...
قررتُ
وضعها في الجدول كي يحملها إلى العراق".
نصيرة أخرى تستعير فستان زفافها من
قرية كردية. يبدأ الفيلم بمشهد وثائقي لحالات تعذيب، ثم
السجن.. ثم يصبح جهاز اللا
سلكي والهاتف، من وسائل الذاكرة التي يتمركز حولها الفيلم: قصص، صور، نشرات
جدارية،
سكيتشات فنية... لم يبنِ الفيلم درامته على القصة المتحفية، إنمّا على
شهادات حيّة
لمقاتلين، هم راهناً قد تغيروا شكلياً وفكرياً: تتخلله بعض
المقابلات في هولندا،
الدنمارك وألمانيا.
ثمة فرق كبير بين صورة النصير المقاتل وقتذاك، وبين
صورته الراهنة، ما بين الثلج في كردستان العراق وصورة القنوات المائية في
مدينة
لايدن. الأهم، الفرق الفكري بين مفاهيم الفترة تلك، والتكوين
الراهن، فيبدو البعض
غاضباً، الآخر فخوراً،
وناقِداً يقول" لم تعطِ تلك الفترة نتائج طيبة، ولم يستفد
منها الدارسون". يمكن الاختلاف مع الآخر سياسياً وعقائدياً،
لكن، ثمة اتفاق صريح
ومعلن من الجميع على قيمة المشاعر الإنسانية. وهذا باعتقادي، ما يريد
الفيلم قوله:
الاتفاق على الإنسان. يقول فوكو":
إن ما يدهشني أن الفن غدا شيئاً لا علاقة
له إلاّ بالأشياء، وليس بالأفراد أو الحياة ... ولكن، ألا يمكن أن تغدو
حياة كل فرد
تحفة فنية؟ لماذا يكون المصباح أو المنزل موضوعين للفن وليس حياتنا
كذلك".
يقوم الفيلم بتغطية
جيدة لتاريخ حركة الانصار( 80 شهادة)، شهادات منسجمة باتجاه واحد تقريباً،
لكنها
ليست الشهادات كلهّا. تنال واقعة" بشتاشان" حصة قليلة، دقيقة ونصف تقريباً
من 68
دقيقة مدة الفيلم. وهي مفصلية
في تاريخ الحركة، رغم توصيف الفيلم لها "بالهجوم
الغادر"، إضافة إلى شهادة كريم أحمد القيادي في الحزب الشيوعي" هجوم
من حزب قومي
شوفيني" ، أدّى إلى تمزيق الحركة
وسقوط أزيد من 120 شهيداً.
يتعامل الفيلم
بإنتقائية مهنية مع الشهادات، منها المختلف، (المخرج هو واحد من مقاتلي
الحركة).
يقول عزيز محمد سكرتير الحزب الشيوعي العراقي وقتذاك" لم يكن لدينا وهم
اسقاط
السلطة"، ويتابع آخر"
للحركة خبرة بالسياقات العسكرية والهجومية... وهي تعرف عدوها
الطبقي"
وبحسب القيادي كريم أحمد " إنّها حركة عفوية، ليس لديها خبرة
بالاستراتيجيات القتالية" وكأنه يلوم نفسه وحزبه: لماذا، إذاً،
لم يعالج الحزب
عفوية وطوباوية الحركة، ولماذا اُهدرت دماء المقاتلين، ولماذا، تستمر هذه
الغفلية
الحزبية حتى الساعة، فيصير الحزب الشيوعي العراقي
ثانوياً بعدما كان جماهيرياً
وقائداً.
اختار الفيلم الوثائقي" سنوات الجمر والرماد" من 1979- 1991 المعالجة
الدرامية عن وعي، مستعملاً التعليق،
كان جلّه شاعرياً وعاطفياً، السؤال: ألا تكفي
المأساة الحاضرة بقوة، أن تعلن عن نفسها بنفسها من دون معاونة الكلمات؟
سيما،
التعليق لم يعطِ معلومة تاريخية أو اجتماعية. بينما تشي الموسيقى التصويرية
بتعاضد
حميمي مع الدراما، يؤدي مقام النذير تارة، وطوراً علامات المأساة.
بالمقابل، هل
يبوح الرماد في عنوان الفيلم بما آلت اليه الحركة؟ أو بمصير الحزب الراهن؟
غير أن
التعليق يقول: الأنصار هم أول من دخلوا أربيل في وقت الانتفاضة 1991 قبل
الأحزاب
الكردية الأخرى"، فيرتفع علم الحزب الشيوعي العراقي في نهاية مفتوحة على
احتمالات
كثيرة.
اللافت، أسماء المشاركين والمساهمين في الفيلم، هي حركية
مستعارة.
الجزيرة الوثائقية في
23/12/2012
الخيال والأكشن يتفوقان على
الرومانسية بقائمة أفضل 100 فيلم تحقيقا
للإيرادات فى 2012
كتب - محمود التركى
* Marvel's The Avengers
و The Dark Knight RisesوSkyfall
على القمة.. وملحمة تايتانيك الـ3d
تنقذ قصص الحب
إيرادات ضخمة حققها العديد من الأفلام السينمائية الأمريكية فى شباك
التذاكر بمختلف دول العالم، تخطى بعضها حاجز المليار دولار، وفق ما تم
تسجيله ونشرته الـbox
office
ضمن قائمة أفضل 100 فيلم تحقيقا للإيرادات على مستوى العالم، حيث
يلاحظ من تلك القائمة أن أفلام الخيال والأكشن والرعب والجريمة تتفوق بدرجة
كبيرة على الأفلام الرومانسية.
جاء الفيلم الخيالى الأكشن Marvel>s The Avengers
فى مقدمة هذه الأفلام حيث حقق مليارا ونصف مليار دولار على مستوى
العالم، ويعد الفيلم الثالث فى تاريخ السينما الأمريكية الذى يصل لهذه
الإيرادات.
ويبدو أن أفلام الخيال والأكشن مازالت لها نصيب الأسد فى الاستحواذ
على اهتمام الجمهور حيث حقق فيلم
The Dark Knight Rises
أكثر من مليار دولار ليعد أفضل رقم وصلت
إليه إيرادات أجزاء سلسلة أفلام باتمان الشهيرة، ويعد دليلا قويا على نجاح
الفيلم الذى يقوم ببطولته كريستيان بيل، ومورجان فريمان وآن هاثاواى، وتوم
هاردى، ماريون كوتيلارد، ومايكل كين.
كما تخطى أيضا الجزء الجديد من سلسلة أفلام جيمس بوند والذى يحمل
عنوان
Skyfall
حاجز المليار دولار منذ أيام، ليلحق بركب الأفلام
التى حققت إيرادات خيالية فى عام 2012، ومازالت أمامه فرصة أيضا لكى يحقق
إيرادات أعلى فى شباك التذاكر لأنه لم يمر على عرضه سوى شهرين وما تزال
أمامه عدة أسابيع أخرى.
وكسر فيلم الرسوم المتحركة Ice Age: Continental Drift
أو «العصر الجليدى: الانجراف القارى» سطوة أفلام الأكشن على صدارة
قائمة أكثر 100 فيلم فى العالم، حيث جاء فى المركز الرابع بإيرادات 875
مليون دولار أمريكى، ليثبت أن أفلام الـ
animation
قادرة بقوة على المنافسة، بل تتفوق على منافسيها
لأنها لا تقتصر على جمهور الصغار فقط بل لمختلف فئات الجمهور.
وتدور أحداث الفيلم حينما يعود آنى، وسيد.
واللافت للنظر أن أجزاء الأفلام سيطرت بشكل كبير على المراكز الأولى
حيث احتفل المركز الخامس فيلم الخيال والرعبThe
Twilight Saga: Breaking Dawn Part 2
أو «الفجر المشرق2» محققا 780 مليون دولار.
ويستمر تفوق أفلام الأكشن حتى المركز العاشر فى القائمة بفضل أفلام The Amazing Spider-Man
أو «الرجل العنكبوت» وMIB 3
مع مناوشات من أفلام الرسوم المتحركة ومنها «مدغشقر 3» أو
Madagascar 3: Europe>s Most Wanted
و«تيد» وغيرها.
ويبدو أن عودة الفيلم الرومانسى الشهير titanic
بطولة ليوناردو دى كابريو وكيت وينسلت إلى شاشة السينما مرة أخرى بتقنية
الـ3d
أنقذت ماء وجه الأفلام العاطفية حيث جاء فى المركز الـ17 محققا 345 مليون
دولار أمريكى، بينما جاء فى المركز رقم 100 فيلم النجم العالمى كلينت
إيستود Trouble with the Curve
محققا 35 مليون دولار، وهو من نوعية أفلام الدراما.
اليوم السابع المصرية في
23/12/2012
"الخروج
إلى النهار" يحصد جائزة مهرجان وهران للفيلم العربي
كتب:
رانيا يوسف
حصد فيلم المخرجة هالة لطفي "الخروج للنهار"مساء أمس الجائزة الذهبية
لمسابقة الفيلم الطويل ضمن فاعليات الدورة السادسة لمهرجان وهران للفيلم
العربي والتي أقيمت فعالياته في الفترة من السادس عشر وحتى الثاني والعشرين
من ديسمبر.
شارك فى المهرجان 12 فيلمًا طويلاً، ورأس لجنة التحكيم الباحث
الجزائري ملياني الحاج، فيما تولت لجنة تحكيم، برئاسة الفنان الجزائري مؤنس
خمار، تقييم الأفلام القصيرة التي شهدت مشاركة 14 فيلمًا.
وكانت المخرجة هالة لطفي قد حصدت منذ أيام قليلة أيضًا جائزة خاصة ضمن
فاعليات مهرجان دبي السينمائي عن نفس الفيلم، ومن قبلها جائزة في مهرجان
الدوحة السينمائي.
الفيلم بطولة دنيا ماهر، سلمى النجار، أحمد لطفي، وتدور أحداثه حول
أسرة فقيرة فى أحد أحياء القاهرة الشعبية، حيث تعمل الأم كممرضة للزوج
القعيد، بينما تواجه الابنة الوحيدة مشاكل في التعبير عن مشاعرها وأحلامها،
رغم وصولها إلى الثلاثين من عمرها، ولا تجد أمامها سوى رعاية والدها الغائب
عن العالم.
البديل المصرية في
23/12/2012
اختتام الدورة السادسة لمهرجان وهران للفيلم العربي بمشاركة مصرية
اختتمت مساء اليوم الخميس بمدنية وهران الواقعة غرب الجزائر منافسة
فئة الأفلام القصيرة للدورة السادسة لمهرجان وهران للفيلم العربي بمشاركة
14 فيلمًا قصيرًا من بينهم فيلمان مصريان.
ويتناول الفيلم المصري "برد يناير" للمخرج المصري روماني سعد قصة أم
فقيرة تعيش برفقة أطفالها في حجرة بلاأثاث أوباب بعد أن باع الأب كل شىء
فتضطر إلى العمل كبائعة أعلام أثناء ثورة 25 يناير حتى تتمكن من شراء باب
يحمي عائلتها من برد الشتاء.
وقال سعد - فى مؤتمر صحفي عقده عقب اختتام الفيلم -: إن هذه الأسرة
نموذج لكثير من الأسر المصرية البسيطة التي لم تستوعب بعد فائدة وقيمة
الثورة والتغيير الذي تشهده مصر مما جعله يركز على هذه الشريحة من المجتمع
المهتمة بالبحث عن مصدر رزقها.
أما المخرج المصري هشام حداد فعالج في فيلم "خمسة خميسة" قصة امرأة
تخاف من الحسد فتحاول اقناع زوجها باجتناب جارتها الحسودة بقدر الامكان
رغبة منها في الحفاظ على أسرتها وعلاقتها مع زوجها غير أنها كان الأجدر بها
أن تعمل على حمايته من "الحشيش" الذي استعمل في آخر المطاف ك "بخور" لطرد
العين الحاسدة.
ينافس في مسابقات المهرجان للأفلام الطويلة الفيلم المصري "الشوق"
للمخرج خالد الحجر بالإضافة إلى 11 فيلمًا آخر من الوطن العربي من بينها
الفيلم السعودي 'وجدة' للمخرجة السعودية هيفاء المنصور.
البديل المصرية في
20/12/2012 |