واقعية الصورة والفيلم
يبدأ الفيلم بلقطات تحطم الطائرة وتناثرها إلى أجزء وقيام الشرطة
بالبحث عن الحطام وانتشالها جثة ماتيه، ثم ينطلق الفيلم من هذه الحادثة
المريبة التي وقعت في ظروف غريبة، إلى التحقيق في مقتل ماتيه من خلال قاضي
التحقيق الذي يبحث في الجوانب التالية: من هم الشهود على الحادث وماذا
يقولون، ما هي الملابسات التي وقع فيها الحادث، من كان معه على متن
الطائرة، من شاهده للمرة الأخيرة، ماذا تقول زوجته..إلخ وخلال ذلك التحقيق،
ننتقل طوال الوقت، إلى شخصية ماتيه ومواقفه وأهم الأحداث التي مرت في
حياته، من خلال أسلوب يمزج بين التسجيلي، والروائي، في تداخل بل وتناغم
تام، وطاقة هائلة تمتلكها تلك اللقطات التي تتدفق في تتابع وتتداخل معا،
وتنتقل من الماضي إلى الحاضر ثم ترتد مرة أخرى وهكا ولكن دون أن نفقد أبدا
القدرة على المتابعة السلسة، من خلال مونتاج يكثف، ويضيف، ويراكم، ويحلل،
ويتوقف أمام لحظات خاصة ويكشف عن إيقاع متدفق لاهث.
إنها الواقعية في أكمل صورها وأكثرها تأثيرا، باستخدام العناصر
الأساسية للسينما: الكاميرا، المونتاج، التكوين، الحركة المستمرة، حركة
الممثل الذي يقتبس تلك الحيوية الشديدة التي كان يتمتع بها ماتيه، أو لعلها
تلك الحيوية الخاصة التي تظهر في الأداء الفذ للممثل جيان ماريا فولونتي.
إنه كعادته، ممثل كبير في فيلم كبير، يؤدي بوجهه وعينيه وتظهر عضلات الوجه
كل تقبض أو انفراجة، يستخدم يديه للتعبير، ونبرات صوته للتأثير في سامعيه،
يبدو وكأنه يعيش في عالمه الخاص به وحده، في تلك اليوتوبيا التي لم يقدر
لها أن تكتمل.
هناك ذلك المشهد الذي يتناول فيه ماتيه الغذاء على مائدة بمطعم دعاه
إليه أحد وكلاء الشركات الأمريكية، وخلال ذلك يحاول الوكيل الأمريكي
التعامل بفظاظة مع ماتيه، بل ويلوح له بما يمكن أن يلحق بشركته من خسائر
إذا ما ابتعدت عن المجال المسموح لها وبدأت تقلق المصالح الأمريكية (وكان
ينظر إلى إتفاقات ماتيه مع بعض الدول العربية مثل ليبيا التي نراه يطير فوق
صحرائها في مشهد آخر)، على أنها تمثل تهديدا للمصالح الأمريكية.
المشهد يدور من خلال مترجم، فماتيه يصر على الحديث بالإيطالية تأكيدا
على ارتباطه بثقافته، لكنه لا يقبل التهديدات أو الإهانات بل يرد يمنتهى
القوة وينهي المقابلة بعد أن يلقن الأمريكي درسا لا ينساه، ويقول له بوضوح
إنهم- أي الأمريكيين- لن يمكنهم تطويعه، ثم ينتفض واقفا ويغادر الاجتماع
بعد أن يلقي بورقة نقدية لدفع الحساب!
إنه يذكرنا بذلك الموقف الذي اتخذه جمال عبد الناصر عندما رفض
التهديدات البريطانية وأنهى محادثاته مع رئيس وزراء استراليا إبان أزمة
السويس عام 1956 قبل اندلاع الحرب.
موت معلن
هذا المشهد يكاد يكون ذروة الفيلم. وقبيل النهاية نصل إلى تلك الزيارة
التي يقوم بها ماتيه إلى باليرمو، عاصمة صقلية حيث يٌستقبل هناك استقبال
الأبطال من جانب العمال وفقراء المدينة، ويلقي خطابا من شرفة مرتفعة يتعهد
خلاله للعمال بتوفير عمل كريم لهم وحياة كريمة بعد افتتاح فرع الشركة هناك
التي توسعت وأصبحت تقيم العديد من المشروعات في أرجاء إيطاليا. وهو يصافح
كبار مسؤولي المدينة ويتوقف أمامهم، منهم من يدعوه للبقاء معهم الليلة لكنه
يعتذر بالقول إن لديه موعدا مهما في ميلانو يجب أن يلبيه، ويلتفت هو
ويدعوهم واحدا واحدا إلى اصطحابه في الطائرة إلى ميلانو، إلا أنهم يعتذرون
لأسباب مختلفة.
هذا التوقف المقصود أمام تلك التفصيلة من جانب روزي، يقصد من وراءه
دون شك، إثارة الشكوك في احتمال أن يكون من بين هؤلاء من كان على علم مسبق
بما سيقع بعد قليل. أي أن الفيلم يوحي بأن موت ماتيه كان موتا معلنا-
باستخدام تعبير جارثيا ماركيز في روايته الشهيرة "وقائع موت معلن" التي
سيعود إليها روزي فيما بعد عام 1984 لكي يخرج عنها فيلما بالعنوان نفسه،
وكأن روزي لا يكف عن البحث في ذلك "الموت المعلن" أو المعروف مسبقا، أو
الذي كان محتما أن يقع لأن كل الظروف الموضوعية كانت تؤدي إلى وقوعه، فهل
من الممكن أن يهزم الإنسان – البطل- الفرد، نظاما بأسره، خصوصا وأن لهذا
النظام أضلعا مختلفة في العالم كله!
البطل يهزم في الفيلم كما هزم في الواقع، فلم يكن من الممكن سوى أن
يهزم بحكم الكثير من العوامل الموضوعية. والحل؟ في العمل الجماعي، أو في
التغيير الاجتماعي الذي يكفل الاستقلالية. وهذه هي رسالة الفيلم وغيره من
أفلام السينما السياسية الإيطالية. لكن المفارضة أن هذه السينما "الرافضة
التحريضية على نحو أو آخر" كانت تنتج وتعرض في مجتمع "رأسمالي" تهيمن علة
مقدراته قوى اليمين المتحالف مع الولايات المتحدة!
فيلم "قضية ماتيه" لم يكن فقط مجرد فيلم، بل دعوة إلى إعادة فتح
التحقيق في الموت الغامض لذلك الرجل الأسطوري الذي
نجح- تماما كما نجح محمد مصدق في إيران- في تحقيق الاستقلال عن نفوذ
الاحتكارات الأمريكية في مجال استغلال الطاقة في عصر عرف بنزعة الشعوب إلى
التحرر والاستقلال، في افريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، لكن كان يتعين على
كل منهما أن يدفعا الثمن. ولعل السينما شهدت طفرة حقيقية في تلك الحقبة
الملهمة تحديدا. وهي طفرة كبيرة لم تشهدها من قبل ولا من بعد حتى يومنا هذا.
قضية ماورو
استعان روزي أثناء بحثه في قضية مقتل ماتيه، بصحفي إيطالي شهير، متخصص
في هذا النوع من الأبحاث في القضايا الصعبة المعقدة وسبق له نشر سلسلة
مقالات مهمة عن دور المافيا في المجتمع الإيطالي، وكان يواصل وقتها البحث
في الدور السياسي للمافيا.
ولكن سرعان ما أصبحت قصة هذا الصحفي، ويدعى ماورو دي ماورو Mauro de Mauro،
مادة مثيرة لقصة تتصف بالغموض والإثارة. وكان هذا الرجل المولود عام 1921
قد انحاز قبيل نهاية الحرب العالمية الثانية إلى الفاشية، وظل حتى النهاية
يقاتل ضد قوات المقاومة حتى بعد انهيار النظام عمليا وسقوط روما ودخول قوات
ألمانية احتلت الشمال الإيطالي حيث أقام الفاشيست، ومعهم صاحبنا دي ماورو،
جمهورية خاصة منفصلة ظلت تقاوم السقوط، هي تلك التي يصورها بازوليني بكل
ممارسات القائمين عليها من عنف سادي مجنون في فيلمه الأخير "سالو أو 120
يوما في حياة سادوم" (1976).
أدين دي مارور بقتل عدد من رجال المقاومة وسجن لثلاث سنوات بعد نهاية
الحرب، وبعد خروجه من السجن، ذهب إلى صقلية واتخذ لنفسه أسماء عديدة
مستعارة ظل يعمل تحتها في الصحافة كمخبر متخصص في صحافة الاستقصاء، ومنها
انتقل فيما بعد للعمل باسمه الحقيقي في صحيفة "لورh" l’Ora
اليسارية المرتبطة بالحزب الشيوعي، أي أنه انتقل من أقصى اليمين، إلى
اليسار وسط دهشة الكثير من زملائه الصحفيين.
أما سر استعانة روزي به فهو كونه من المتخصصن في متابعة أسرار
المافيا. وكانت إحدى النظريات التي تفسر "اغتيال" ماتيه المحتمل، أن تكون
المافيا وراء غتياله، وأنها قامت بتنفيذ العملية بالوكالة عن المافيا
الأمريكية التي قدمت قتل ماتيه كهدية لطرف صاحب مصلحة سياسية واقتصادية
داخل الإدارة الأمريكية قد يكون المخابرات الأمريكية نفسها.
في العديد من مشاهد الفيلم يتلقى ماتيه تهديدات هاتفية أثناء نزوله في
إحدى الاستراحات أو الفنادق المملوكة لشركة "إيني"، كما تتلقى زوجته
تهديدات مماثلة. ولكن البحث الخاص بالفيلم، المتعلق بدور المافيا المحتمل
في تصفية ماتيه، يختفى ماورو دي ماورو تماما، ولا يتم العثور عليه قط رغم
الحملات الأمنية التي شنتها الشرطة وأجهزة الأمن الإيطالية لكشف غموض هذا
الحادث، بل ولم يمكن أبدا العثور على جثته حتى يومنا هذا. وقيل إنه اختطف
من حجرته في فندق بمدينة باليرمو، وقيل أيضا إنه أسر لزملاء قبيل اختفائه
مباشرة، بأنه سيكشف قريبا عن معلومات مدوية تهز الدولة الإيطالية. وتردد
أنه كان يعرف أسرار انقلاب كان الأمير بورجيزي يعتزم القيام به لوقف اتجاه
إيطاليا إلى اليسار ومقاومة اتساع تأثير الحزب الشيوعي الذي كان يمكن أن
يفوز في الانتخابات النيابية ويحكم في أي وقت في السبعينيات (كشفت بعض
الوثائق فيما بعد عن ضلوع المخابرات الأمريكية في تمويل الحملات الانتخابية
لأعضاء الحزب الديمقراطي المسيحي لمقاومة نجاح الحزب الشيوعي).
اختفى ماورو دي ماورو في 16 سبتمبر 1970 أثناء بحثه في قضية ماتيه
لحساب روزي، وهو ما دفع الأخير إلى الظهور بنفسه كمخرج تليفزيوني يجري
تحقيقا مصورا داخل الفيلم حول اختفاء ماورو دي ماورو، ويستجوب شخصيات
حقيقية قابلت الرجل في باليرمو!
والغريب أن أحد رجال المافيا شهد في مارس 2011 في قضية محاكمة زعيم
المافيا الصقلية سلفاتوري رينا، بأن ماورو دي ماورو قتل بأمر من رينا بعد
أن توصل إلى معلومات دامغة تدين عدد من كبار زعماء المافيا. إلا أن السلطات
أطلقت سراح رينا في يونيو 2011 "لعدم كفاية الأدلة".. على غرار نهايات عدد
كبير من الأفلام السياسية الإيطالية التي تنتهي باطلاق سراح زعيم المافيا،
حيث يتم نقل قاضي التحقيق أو اعفاؤه من مهمته أو حتى اغتياله.
ويظل السؤال قائما بعد 40 عاما من ظهور فيلم "قضية ماتيه": من الذي
قتل إنريكو ماتيه؟
الجزيرة الوثائقية في
19/12/2012
الوطن والمنفى..
ما الوطن؟ ذكريات حقيقية أم أحلام؟
ندى الأزهري - باريس
غادرت وطنها صغيرة وتنقلت بين عدة "أوطان"، شكلت في خيالها صورة لوطنها
الأول، فكيف هي هذه الصورة؟ مبنية على ذكريات حقيقية أم على أحلام؟
جيهان شعيب "اللبنانية" التي ولدت في بيروت وتركتها قبل بدء الحرب
الأهلية بقليل متنقلة مع عائلتها بين المكسيك وفرنسا، اختارت السينما بعد
دراستها للفلسفة والمسرح وبدات مع الافلام القصيرة والمتوسطة وكان "تحت
سريري" قد شد الانتباه عند عرضه في مهرجان كان في تظاهرة اسبوع النقاد. في
فيلمها الوثائقي الأول" الوطن الحلم" ،الذي عرض في دور العرض الفرنسية
مؤخرا، تحاول البحث عن صورة الوطن في أذهان منفيين من خلال سيرة أربعة
لبنانينن من جيل الحرب تركوا لبنان صغارا وتربوا خارجه، بعضهم كان يعود
إليه من حين لآخر والبعض عاد بعد أن كبر. تحاول معهم اكتشاف وطن الحلم الذي
استقر في الخيال.
ما هي صورة "الوطن الحلم"؟ وهل صورة لبنان التي بنيت في الخيال موجودة
حقا؟ جيهان شعيب تجوب لبنان باحثة مع شخصياتها عن هذه الصورة، عن أماكن
ساهمت بتشكيل هوياتهم، أرضهم الداخلية الحميمية منطلقة من " المكان كوسيلة
لانطلاق كل منهم نحو خيالاته"، للبحث عن لبنان كما كان في الماضي ولبنان
المخترع في المنفى، ولبنان الحاضر... في عملية توليف موفقة ساهمت في
التعبير عن علاقة كل منهم بالأرض وبالوطن.
الفيلم هو وجهة نظرها مقابل وجهات نظر أفراد من جيلها تقاسموا
التجربة نفسها فقد اشتركوا في المنفى وتشكلوا خارج لبنان. وقفت خلف
الكاميرا تحاورهم تعلق بكلمات شاعرية على مشاعرهم اكتشافاتهم... وفي الحين
ذاته تكشف عن دواخلها وعلاقتها الذاتية مع الأمكنة مع الوطن. سعت إلى معرفة
صورة البلد المتخيل في أذهانهم علاقتهم مع لبنان، هذا الوطن الأولي موطن
الطفولة الذي ظل في خيالهم صورا يستعيدونها. فمن أين جاءت وكيف تشكلت؟؟
انطلقت شعيب من تجاربهم الشخصية في كتابتها لسيناريو الفيلم محاولة عبرها
تلمس الإجابة عن الهوية وعن الوطن وعما يبقى في ذاكرة من يغادره، أهو
أشياء ملموسة أم صور في الخيال؟ وما هو لبنان المتخيل العالق في الذاكرة؟
وما "الشيء" اللبناني الذي يعلَم شخصياتهم؟
المكان كان بطلا بامتياز في هذا الشريط. المخرجة وكاتبة السيناريو،
صورتهم جمعيهم في أمكنتهم في لبنان، باستثناء الكاتب المسرحي وجدي معوض
المقيم في كندا والذي تُمثَل مسرحياته في شتى أنحاء العالم. معوَض الذي
"أعطى صوتا وكلماتا وجسدا لكل هذا الجيل التائه، الرحالة والصامت، لكل
منفيي الحرب اللبنانية"، فضل البقاء في المطار. حاورته شعيب بين رحيلين،
بين أرضين. هل يخشى اكتشاف حقيقة لبنانه هذا الذي شكل طفولته والذي بات
منبعا لابداعاته الأدبية؟ لقد سعى لفهم كل التلقينات و كل ما حاولوا اقناعه
به طفلا عن الخشية من الآخر وكرهه ليتحرر منها من هذه الروابط التي تثقله.
فيما تسعى الصحفية والمخرجة كاتيا جرجورة التي ولدت في كندا سنة بدء الحرب،
إلى التجذر في لبنانها. كاتيا تغطي أخطر الصراعات منذ بدايات الشباب من
الحرب في العراق إلى أفغانستان وفلسطين وكأنها" تريد عيش صدى الفظاعات التي
نجت منها" وكأنها تكفر عن عدم معايشتها لحرب لبنان، وقد وهبتها حرب تموز
2006 هويتها اللبنانية و رسختها في لبنان "بفضل" رصاصة عبرتها وأعطتها "اخيرا"
الحق في الانتماء إلى لبنان. لكل طريقته في البحث عما يربطه بالبلد. باتريك
شيحا المخرج الذي كان لبنان بالنسبة له " عالما بعيدا واسطوريا منسوجا من
الأوهام" ومن حكايات جدته لأمه الهنغارية التي أحبت أميرا لبنانيا في بيروت
الخمسينات، يريد لبنانه، الحاضر وليس الماضي الذي عاشه الاهل.
أما شقيقة المخرجة ندى فاختارت الرقص التعبيري وسيلة للتواصل مع
وطنها، لم تكن تشعر بلبنانيتها في الضواحي الباريسية حيث نشات وكان التعبير
بالجسد طريقها لاكتشاف جذورها، حين غادرت لبنان غيرت اسمها وأضاعت لغتها
ورفضت الكلام وها هي تعود إلى أماكن ذكرياتها الاولى لتتساءل في الفيلم عن
الروابط التي تربطها ببلدها الأول. يفتتح الفيلم بها وهي عائدة في المطار،
ويكون جواز السفر هو الاشكال الأول" لبنانية فرنسية". لكن ندى التي تتعلم
العربية تحاول من جديد اكتشاف الجذور، وقد باتت تشعر بلبنانيتها من خلال
اشياء معاشة أو ملموسة كالمطار، فنجان القهوة، غرفتها...
تلتقط الكاميرا المخفي في تركيزها على اللقطات المقربة وعبر تعابير
الوجه ولحظات الصمت(ندى) او على العكس عبر الحيوية والحركة( كاتيا)... و
تنجح في التعبير عن اللا محكي. ويعالج السيناريو قصصا ذاتية عن الهوية، عن
المنفى والعودة والحرب وعن مشاعر لمسها كل منا حين غادر طفولته، موطنه
الأول. ويطرح تساؤلات وبحث عن إجابات تنطلق من الفردي لتصل إلى الجماعي،
ليكتشف كل منا شيئا من ذاته في بحثهم وتساؤلاتهم، فهل يحق لنا الاحتفال
والعيش بطبيعية فيما هم يعانون هناك؟ وما الذي ينقله الآباء لأبنائهم
وماسينقله هؤلاء بدورهم لأولادهم؟...
ولكن يبقى السؤال هل من حاجة حقا لمعرفة ماهية الوطن أم يفضل تركه كما
شُكَل في الخيال؟
الجزيرة الوثائقية في
19/12/2012
مهرجان وهران و الدورات الاستثنائية
ضـاويـة خـلـيـفـة – وهــران
عشية افتتاح الدورة الخامسة من مهرجان وهران للفيلم العربي العام
المنصرم افتتحت مقالي بعبارة "بعد مد و جزر و بعد كل ما قيل و ما تردد عن
إمكانية إلغاء المهرجان تنفست وهران الصعداء بإعلان وزيرة الثقافة خليدة
تومي عن موعد انطلاق الدورة الجديدة" و لم أكن أدري و غيري حينها أن تهاون
المنظمين لهذه الفعالية سيتواصل و تتبخر وعودهم بالإعداد مسبقا لإنجاح
المهرجان تنظيما و نوعية، و بناءا على بعض المعطيات التي سبقت هذه الدورة -
الارتجالية - سأبدأ مقالي في الدورة السادسة على النحو التالي:
توالت الدورات الاستثنائية لمهرجان وهران للفيلم العربي في وقت كنا
نعتقد أنها مرحلة مؤقتة يمر بها هذا الموعد السينمائي الذي يحتفي بالسينما
العربية من أقصى المحيط إلى أقصى الخليج، وما ساهم في جملة الاضطرابات
بالدرجة الأولى هو تداول أكثر من مسؤول على هذه التظاهرة التي عاشت عصرها
الذهبي في فترة المحافظ الأسبق "حمراوي حبيب شوقي" فصارت فوفا كالسفينة
التي يتداول عليها أكثر من ربان، مما جعل الكثير من الإعلاميين و
السينمائيين و المتابعين للمهرجان من بعيد أو قريب يتوقعون أن تكون هذه
الدورة الأسوأ من ناحية التنظيم وهو ما تأكد فعلا خلال حفل الافتتاح الذي
اختلط فيه الحابل بالنابل، فماذا يمكن أن ينتظر من مهرجان ينظم في "الوقت
بدل الضائع" عوض أن يتطور من طبعة لأخرى، هذا وقد سبق انطلاق فوفا لهذا
العام حديث في الكواليس عن مقاطعة بعض الصحفيين و السينمائيين لهذه الدورة
نظرا للتنظيم الضعيف المستوى و عدم تقديم دعوات أو الرد على الطلبات إلا في
الساعات الأخيرة قبيل الافتتاح و أحاديث أخرى عن انطلاق الفريق الجديد في
تصفية حساباته مع الطاقم الذي سبقه للتنظيم و هو ما اتضح من خلال إلغاء
أسماء المشاركين خاصة الإعلاميين العرب الذين سبق و أن حضروا لتغطية
المهرجان مع الإدارة السابقة، فهذه التفاصيل ليست سوى تأكيد على افتقار
الجزائر لسياسة الحكم الراشد في التسيير الجيد لمختلف التظاهرات
والمهرجانات الفنية و الثقافية.
ومن النقاط الأخرى التي تحسب على محافظة المهرجان الإعلان المسبق عن
برنامج الدورة عبر مواقع التواصل الاجتماعي و بالتالي غاب التشويق و حضر
التسريب، فضلا عن قبول لجنة انتقاء الأعمال لأفلام أنتجت قبل سنتين كالفيلم
المصري "شوق" للمخرج خالد حجر، فليس غريبا عنهم أيضا اختيار و برمجة فيلم
"الجزيرة" للمخرج الجزائري الشاب "أمين سيدي بومدين" دون إعلامه بذلك ليعرف
هذا الأخير بمشاركة فيلمه من مقال إحدى الصحفيات، و إن كانت هذه الثغرات قد
جاءت معظمها قبل انطلاق المهرجان و أخرى ليلته فماذا تخبأ باقي الأيام يا
ترى ؟ هذا و تتوالى تناقضات اللجنة التنظيمية التي تؤكد أقلمتها برنامج
المهرجان و الاحتفالات المخلدة لخمسينية الاستقلال لتفتتح الدورة -الخاصة
والاستثنائية- بفيلم "فقط كامرأة" للمخرج الجزائري المغترب رشيد بوشارب
الذي يتحدث عن أحلام امرأتين هوايتهما الرقص الشرقي و بالتالي الفيلم لا
يتلاءم و طبيعة المناسبة...
وبعيدا عن الهفوات المسجلة على أكثر من مستوى وفي مهرجان يعيش عامه
السادس بدل أن يتقدم تجده يتأخر تسجل الدورة الجديدة للمهرجان مشاركة 14
دولة عربية ب 14 فيلم طويل، 13 فيلم قصير، 10 أفلام وثائقية، وقد أكدت
"ربيعة موساوي" محافظة المهرجان للسنة الثانية على التوالي في لقاء صحفي
عقدته ساعات قبل انطلاق المهرجان أن لجنة الانتقاء اختارت هذه الأفلام من
مجموع 117 فيلم، و يتخلل البرنامج أيضا تنظيم يوم دراسي بعنوان: ''التاريخ
و السينما و حرب التحرير الوطنية''، و ندوة مستديرة ''55 سنة من السينما
الجزائرية''، كما تم برمجة خمس ورشات لفائدة طلبة المعاهد و هواة الفن
السابع :"ورشة الفيديو، ورشة الترقيم، فيلم الدقيقة الواحدة، فيلم المائة
ثانية، و تقنيات أخذ الصورة"، أما بالنسبة للجنة تحكيم الأفلام الطويلة
فسيشرف عليها الباحث و الأكاديمي الحاج ملياني من الجزائر في حين أوكلت
للمخرج الجزائري "مؤنس خمار" مهام رئاسة لجنة تحكيم الأفلام القصيرة، بينما
سيكون الجمهور الحكم في مسابقة الوثائقي، و هنا نفتح قوس صغير لنشير إلى
بعض التغييرات في أعضاء اللجنتين ف"ديما قندلفت" التي كانت عضو بلجنة تحكيم
الأفلام القصيرة تحولت بقدرة قادر إلى لجنة الأفلام الطويلة و دخلت أسماء
أخرى على اللجنتين...
هذا و تتنافس 10 دول على الوهر الذهبي ب 14 فيلما و ستكون السينما
الجزائرية ممثلة بفيلمي "عطور الجزائر" لرشيد بن حاج، و "يما" لجميلة
صحراوي، أما السينما المصرية فستشارك بفيلمي "الشوق" لخالد حجر و "الخروج
من النهار" لهالة لطفي، و بنفس العدد ستشارك لبنان "تنورة ماكسي" لجو بوعيد
و "33 يوما" لحمال شورجي، و سوريا بفيلمي "الشراع و العاصفة" لغسان شميط و
"صديقي الأخير" لجود سعيد، "لما شفتك" لآن ماري جاسر من فلسطين، "الأستاذ"
لمحمد بن محمود من تونس، "الجمعة الأخيرة" ليحي العبد الله من الأردن،
"الوتر الخامس" لسلمى برقاش من المغرب، "تور بورا" لوليد العوضي من الكويت
و "وجدة" لهيفاء المنصور من المملكة العربية السعودية.
أما مسابقة الأفلام القصيرة فستكون ممثلة ب 14 فيلما من 9 دول، من
الجزائر "الجزيرة" لأمين سيدي بومدين، "حياة بائسة" لأكرم زغبة، "النافذة"
لأنيس جعاد، "اليد اليسرى" لادريس شويكة (المغرب)، "عندما ينامون" لمريم
توزاني (المغرب)، البلح المر لجهاد الشرقاوي (فلسطين)، "عيال المطمورة"
للطيب مهدي (السودان)، "أنا هويت" لمحمد أسامة السلماوي (مصر)، "برد يناير"
روماني سعد (مصر)، "خمسة وخميسة" لهشام حداد (مصر)، "أبي لا يزال شيوعيا"
لأحمد غضبن (لبنان)، "بصيرة" لأحمد زين ( الإمارات العربية المتحدة)،
"وجوه" لسعيد نجمي (الأردن)، "الطريق" لرسلان شميط (سوريا).
وبعدما أدرجت مسابقة الفيلم الوثائقي العام الماضي و خصصت للعروض
المنتجة في إطار تظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية سيحضر هذا الصنف من
الأعمال ب 10 عروض وثائقية من أربع دول وهي الجزائر، تونس، المغرب و
فلسطين، و هي كالآتي: من الجزائر"صباح الخير القاهرة" لسهيلة باتو، "فدائي"
لداميان أونوري، "لغة زهرة" لفاطمة سيساني، "ابن خلدون" لشرقي خروبي،
"الوشاح المحروق" لفيفان كاندا، ومن تونس "ثورة ما قبل التاريخ" لحمدي بن
أحمد، "حديث ثورة" لكريم اليعقوبي، "المعارض" لأنيس لسود، ومن المغرب
"الراقصة" لعبد الاله الجوهري، ومن فلسطين " إلى أبي" لعبد السلام شحاده.
وسيواكب مهرجان وهران هذا العام الاحتفالات المخلدة للذكرى الخمسين
للاستقلال و استرجاع السيادة الوطنية بعرض مجموعة من الأفلام الثورية و
التاريخية كفيلم "بن بولعيد" لأحمد راشدي، "ملحمة الشيخ بوعمامة" لبختي بن
عمارة، "وقائع سنين الجمر" لمحمد لخضر حمينة، "لقد التحقوا بالجبهة" لجان
اسيلميار، "معركة الجزائر" لجيلو بونتيكورفو، "الوشاح المحروق" لفيفان
كاندا، "العفيون والعصا" لأحمد راشدي،"دورية نحو الشرق" لعمار العسكري،
"منطقة محرمة" لأحمد علام.
تكريم للأموات و تخلف للأحياء و غياب لنجوم السينما العربية
ومن تقاليد المهرجان تكريم كوكبة من النجوم و الشخصيات، فالدور هذه
المرة أتى على الأخوين محمد والحاج بن صالح، الفنانة الراحلة "كلثوم" و
الفنانة القديرة "نورية" التي تعذر عليها الحضور بسبب المرض و تقدمها في
السن، و غابت كل من المجاهدة "زهرة ظريف بطاطا" و الدكتور "بوعلام بسايح"،
بينما استلمت عائلة كل من المخرج الايطالي "جيلو بونتيكورفو" و
الفرنسي"روني فوتييه"، الجزائريان "سيراط بومدين" و "رشيد فارس" التكريم و
حضر طيف هؤلاء العمالقة الذين أعطوا للفن الجزائري الكثير من الأعمال و
الانجازات، كما سجل المهرجان في دورته السادسة غياب أبرز نجوم الشاشة
العربية عكس الدورات السابقة.
بوشارب و حوار الحضارات
وقد تميز حفل الافتتاح بحضور الفنانة القديرة "شافية بودراع" التي لا
تزال ترافق بوشارب نجاحاته السينمائية، فبطلة الخارجون عن القانون تظهر في
" فقط كامرأة" بشخصية أخرى، والدة مراد "تمثيل رشدي زام" الذي يمتلك متجرا
بشيكاغو و يديره رفقتها و زوجته منى "تمثيل غولشيفت فرحاني" التي تتعرض
للإهانة و المضايقة في كل مرة من قبل حماتها بسبب عدم إنجابها، و بالمقابل
تنتقل كاميرا بوشارب لمتابعة قصة مارلين "تمثيل سيينا ميلر" التي تتعرض
للخيانة من قبل زوجها، فتقرر حينها الهروب بعيدا و ببيت منى شريكتها في
الحلم "الرقص الشرقي" تتأزم الأمور بعد وفاة والدة زوجها تقرر هي الأخرى
الفرار خوفا من اتهامها بقتل حماتها، فإذا بالهروب و الحلم الموعود
يوحدهما بعد حين وتشاء الصدف أن تلتقي كل من منى و مارلين فتأخذ الثانية
الأولى لتحقيق الأحلام و استنشاق نسيم الحرية، وتبدأ بذا رحلة الفتاتين
معا في عالم الرقص الشرقي و هنا يظهر المخرج أهمية حوار الثقافات والحضارات
العربية و الغربية، كما أبرز بوشارب إشكالية الغرب و الإسلام من خلال قصص
ثانوية لم يركز عليها عكس قصة منى و مارلين التي شغلت الحيز الأكبر في
الفيلم.
الجزيرة الوثائقية في
19/12/2012
أيتن عامــر:
كنت أتمني أن أمثل أمام رشدي أباظة
إلهام الحجر
أيتن عامر فنانة شابة ظهرت في وقت قصير لكنها استطاعت أن تنتشر بسرعة
وشاركت في العديد من الأفلام أمام نجوم كبار مما أضاف إليها وأظهر طاقات
جيدة في موهبتها حتي جاءتها ساعة الحظ وشاركت في بطولة فيلمين خلال موسم
العيد مع مجموعة من النجوم الشباب.
وساعدتها ملامحها التي تجمع من الملامح الرومانسية والملامح
التراجيدية أن تنوع في ادوارها فهي ابنة المعهد العالي
للفنون المسرحية وكانت من العشرة الاوائل.
وحول وجودها الملحوظ في الأعمال السينمائية الأخيرة كان لنا معها هذا
الحوار:
·
يعرض لك حاليا فيلمان30 فبراير
وساعة ونصف فما هو دورك فيهما؟
..
في فيلم30 فبراير أقوم بعمل مذيعة في قناة اخبارية منحوسة في
حياتها, ومقتنعة أن الذي يحدث لها ماهو إلا قدر وأنه ليس هناك شيء اسمه
الحظ وهذا الدور يعتبر بطولة مطلقة وظهرت من خلاله بشكل جديد وهو كوميدي
·
وهل وجدت نفسك في الكوميديا؟
>
أنا لا أفتعل الكوميديا لأن الفنان إذا قصد أن يضحك الجمهور
فلا يصدر منه كوميديا فالجمهور لايضحك إلا بالمواقف الكوميدية العفوية وغير
المقصودة والفيلم كوميدي المواقف ولكن دوري في فيلم ساعة ونصف مختلف وأحب
أن أكرره لأنني امثل وسط نجوم كثيرة وكبيرة وأمثل فيه ابنة الفنانة سوسن
بدر وهو دور صعب ومركب, وقد أظهر موهبتي في التمثيل واخرج مني طاقة جديدة
حيث انني من خلال هذه الاحداث أحاول أن أوصل للجمهور مضمون شخصية في ستة
مشاهد من خلال العلاقات الإنسانية بينها وبين أمها.
·
ماهو شعورك تجاه عرض الفيلمين في
وقت واحد ؟
>
كنت مطمئنة لأن الدورين مختلفان تماما... ففيلم ساعة ونصف
تراجيدي وفيلم30 فبراير كوميدي
وعرض الفيلمين في وقت واحد يعطي فرصة لي أمام الجمهور أنني قادرة علي تمثيل
أدوار متنوعة.
·
أي نوع من النقد تحبين ؟
>
انا أحب وأرحب بالنقد الجيد البناء واستفيد منه, وأكيد أن الذي
ينتقدني يريد أن أكون في مستوي افضل مما كنت عليه, والناقد إذا لم يكتب عن
فنان فمعني هذا أن الفنان لم يوثر فيه.
·
هل انت التي تختارين أدوارك
بنفسك ؟
>
نعم أختار ادواري بمشاركة أختي وفاء وبعض الأصدقاء.
·
قمت بالعمل مع مجموعة من
المخرجين فمن منهم تفضلين العمل معه؟
>
أحب العمل مع المخرج نادر جلال لأنه مخرج هاديء ليس عنده مشاكل
ويوجد بينه وبين الممثل تفاهم كبير وينتهي من تصوير الفيلم في أقل من الوقت
المحدد له.
·
وأي نوع من الأفلام تتمنين أن
تمثليه ولم يحالفك الحظ ؟
>
أتمني أن أقوم بعمل أدوار رومانسية وشريرة.
·
ومن من النجوم التي تتمنين أن
تمثلي أمامهم ؟
>
أي نجم يستطيع أن يخرج مني إمكانات وطاقات فنية جيدة وكنت
أتمني أن أمثل أمام الفنان العملاق رشدي أباظة
·
وأنت من جيل الشباب... فماذا
تقولين لهم ؟
>
أقول لهم عندما نكون مؤمنين بشيء ونحبه فلابد أن نسعي ونجتهد
حتي نصل اليه
·
هل تعتمدي علي جمالك وملامحك
الحلوة في اختيار أدوارك؟
>
لا اعتمد إلا علي موهبتي في التمثيل فالجمال ماهو إلا قبول علي
الشاشة بيني وبين الجمهور ولكن الموهبة هي التي تؤثر وتترك بصمة وتستمر.
·
افضل دور تعتزي به وكان له الفضل
في ظهور موهبتك؟
>
دوري في مسلسل حضرة المتهم أبي ودوري في فيلم ساعة ونصف
·
ما معني اسم آيتن.. وهل لك اسم
آخر؟
>
ايتن يعني وجه القمر باللغة التركية واسمي الحقيقي سمر
·
ماذا تصورين الآن ؟
>
أقوم بتصوير فيلمين الأول بعنوان ضغط عالي مع نضال الشافعي
وإخراج عبدالعزيز حشاد... والثاني فيلم علي جثتي بطولة أحمد حلمي وغادة
عادل.
في مهرجان وهران السينمائي:
27 فيلما تتنافس علي جوائز الوهر الذهبي
السبت الماضي افتتح مهرجان وهران للفيلم العربي دورته السادسة والتي
تقام في الفترة من15 إلي22 الشهر الحالي بالجزائر وتتزامن مع
الاحتفالات بمرور خمسين سنة علي استقلال الجزائر.
وشهدت مراسم الافتتاح توافد نجوم السينما المصرية علي السجادة الحمراء
وهم رانيا فريد شوقي وسامح الصريطي ووفاء الحكيم والشابة دعاء طعيمه بينما
غاب كل المكرمين من السينمائيين الجزائريين وحتي نجوم الافلام المشاركة
بالمهرجان بمسابقاته المختلفة..يشارك بالمهرجان اكثر من20 بلدا عربيا
وأوروبيا يتنافسون من خلال27 فيلما علي جوائز الوهر الذهبي منها امرأة
للمخرج الجزائري رشيد بوشارب وينافس من مصر في مسابقة الافلام الروائية
الطويلة فيلمين هماالشوق لخالد الحجر والخروج إلي النهار لهالة لطفي
بالاضافة الي11 فيلما آخر من الوطن العربي من بينها الفيلم السعودي
وجدةللمخرجة هيفاء المنصور والكويتي تورا بورا لوليد العوضي.. ويشارك في
مسابقة الافلام القصيرة من مصر افلام خمسة وخميسة لهشام حداد وانا هويت
لمحمد اسامة وبرد يناير لروماني سعيد.
وسوف يعرض فيلم القاهرة صباح الخير وهو اول فيلم جزائري عن ثورة25
يناير للمخرجة الجزائرية سهيلة باتو المقيمة.. بالاضافة إلي افلام من
الإمارات والمغرب والسودان وسوريا وفلسطين ولبنان. ويرأس لجنة التحكيم
للافلام الروائية ملياني حاج بينما يرأس لجنة الفيلم القصير المخرج الشاب
مؤنس خمار.
مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية
عاطف أباظة
لجنة المشاهدة بمهرجان الأقصر للسينما الإفريقية تقوم حاليا باختيار
الأفلام المرشحة للعرض في الدورة الثانية من المهرجان والذي يرأسه سيد
فؤاد. وقد بلغ عدد الأفلام التي وصلت لمقر المهرجان215 فيلم.
المعروف أن باب القبول للأفلام مفتوح حتي نهاية الشهر الحالي للمشاركة
في الأقسام المختلفة( تسجيلي ـ روائي ـ طويل ـ قصير) بالاضافة الي بانوراما
أفلام الرسوم المتحركة وأفلام الرايا سبورا.. ومن المنتظر أن تبدأ فعاليات
الدورة الثانية من المهرجان في الخامس عشر من شهر مارس المقبل وتستمر لمدة
عشرة أيام.
رئيس غرفة صناعة السينما:
تأجيل النظر في عرض 12 نسخة للفيلم الأجنبي
علي الرغم من حرصنا الشديد علي استمرارية دور العرض في تقديم رسالتها
من خلال عرض الأفلام المصرية ومشروعية طلبهم فإن الغرفة قررت تأجيل البت في
هذا الموضوع لحين دراسة الأمر من كل الوجوه والجوانب, مراعية في ذلك أهمية
عرض الفيلم المصري وتشجيع المستثمرين في إنشاء المزيد من دور العرض.
وقال انه سيتم مراعاة دور العرض التي تعرض الأفلام بنظام( الإيماكس)حيث
انها تخرج عن إطار هذه الدراسة حتي لاتتوقف لعدم وجود هذا النظام في
الأفلام المصرية حاليا.. وأن الغرفة دائما عندما تتخذ قرارا في مثل هذا
الشأن فإنها تضع في اعتبارها مسئولياتها في تشجيع استمرار انتاج الأفلام
المصرية, وإنشاء دور عرض جديدة لتغطية المساحة الجغرافية في مصر لتتواكب
هذه الدور مع عدد السكان في مصر بما يحقق نشر الثقافة السينمائية علي مستوي
الجمهورية.
وعن توقعاته للمرحلة المقبلة قال: ستظل الأمور السينمائية متوقفة عند
هذا الحد لحين تحسين الأوضاع والاستقرار في البلاد.. لأن السينما صناعة من
ضمن صناعات الدولة.. وتتأثر هذه الصناعة دائما بالأوضاع السياسية علي خلاف
بعض الصناعات الأخري لأنها دائما مرتبطة بالأحداث اليومية.. وحاليا هناك
تخوف من الظروف الأمنية والابتعاد عن الحفلات المتأخرة ليلا.. وقد كانت
الحفلات المسائية تحقق الإيرادات العالية خاصة حفلات منتصف الليل وهي
متوقفة حاليا.. وهذه الظروف قاهرة لحين استقرار الأمور والأوضاع ودورة عجلة
إنتاج الأفلام.. إلي جانب ذلك ابتعاد الجمهور عن السينما لانشغاله بشكل عام
بأوضاع البلاد الحالية ومشاهدة المشهد الحالي للأزمة السياسية الموجودة
حاليا...
ويؤكد منيب شافعي أن الممثلين ليسوا متضررين من الأحداث الحالية مثل
تضرر المنتجين لأن الممثل له أعمال فنية أخري مثل المسلسلات داخل وخارج مصر
بدليل ظهور أكثر من07 عملا خلال شهر رمضان الماضي إلي جانب تقديم الممثلين
لبرامج في القنوات الفضائية..
وأخيرا ليس هناك أدني شك في أن الأفلام المصرية تعطي ربحا أكثر لدور
العرض نظرا لأن ضريبة الملاهي للفيلم تقل عن ضريبة الملاهي للفيلم الأجنبي
فضلا عن أن الأسرة المصرية عموما تفضل مشاهدة الفيلم المصري لارتباطها
بالنجوم.
وبالرغم من مساوئ هذه الفترة فإنها أفرزت وجوها جديدة للتغلب علي
زيادة التكاليف وارتفاع أسعار النجوم وإخراج المشاهد من حالة تكرار مشاهدة
النجوم لتغيير دماء السينما خصوصا أن أجورهم منخفضة.
الأهرام اليومي في
19/12/2012
«محطة
القطار في الغابة» لديلفو:
أسئلة الغرابة الليلية
إبراهيم العريس
«لم يكن غريباً أن يصبح ابنه سينمائياً، لا رساماً». هذه العبارة كتبها
ذات يوم ناقد سينمائي بلجيكي في معرض إشارته إلى واحد من أبرز المخرجين
السينمائيين في بلده، الراحل اندريه ديلفو. وكان الناقد يتحدث، تحديداً عن
الرسام بول ديلفو والد اندريه، الذي يعتبر من مؤسسي التيار السوريالي في
الرسم في بلجيكا، حتى وإن كان خلال فترة من حياته استبعد تماماً، ليس فقط
من حلقات السورياليين، بل كذلك من تاريخهم. ولئن رأى كثر في هذا الاستبعاد
اجحافاً في حق بول ديلفو، فإن آخرين رأوا فيه عدالة... طالما أن فن ديلفو،
حتى وان كان يمت الى السوريالية بصلات حميمة، فإنه دائماً كان فناً
خاصاً... على حدة، حيث ان لوحاته كانت تبدو، بالأحرى، مشاهد سينمائية،
باستعراضيتها وألوانها، وأجوائها الغريبة وحتى في موضوعاتها. وفي هذا
الاطار، اذا كان الناقد الذي ذكرنا أعلاه، قد تحدث عن أندريه ديلفو (صاحب
فيلم «قطار ذات مساء» السوريالي الخالص، بين أعمال أخرى تراوحت بين
الواقعية والحلم والغرابة المقلقة) على اعتبار حتمية نزوعه الى امتهان
الاخراج السينمائي، فإن منطقاً معيّناً يكاد يقول لنا ان بول ديلفو يبدو في
معظم لوحاته وكأنه يعبّر، حقاً، عن عجز عن استخدام الفن السينمائي، دفعه
الى اللجوء الى الرسم.
>
ومع هذا، فإن لوحات بول ديلفو تنتمي مباشرة الى عالم الأحلام،
الذي كان عزيزاً على فؤاد السورياليين. ومن هنا مسارعة بول ايلوار واندريه
بريتون الى تبني بول ديلفو وفنه، ما أن أطلا على الحياة الفنية في باريس
وفي بروكسيل... غير ان المعضلة التي برزت لاحقاً، والتي أبعدت ديلفو،
تدريجاً، عن السورياليين، كمنت في أن لوحاته لم تعبق أبداً لا بالتلقائية
ولا بالاوتوماتيكية، بل أتت مدروسة تماماً، مشغولة بدقة، انطلاقاً من فكرة
معدة سلفاً، ومن ديكور رسم باتقان شديد، بل يكاد في أجزائه المختلفة يكون
واقعياً، بحيث ان السوريالية، لا تظهر إلا من خلال المزاوجة بين تلك
الأجزاء - وهو أسلوب كان أيضاً من انجازات ماغريت، مواطن ديلفو، ولكن في
اتجاهات أخرى -. ولعل اللوحة التي نحن في صددها هنا وعنوانها «محطة القطار
في الغابة» تشي بكل هذا. فللوهلة الأولى تبدو اللوحة لمن ينظر اليها وكأنها
مأخوذة من فيلم سينمائي، ألواناً ومبنى وشخصيات. بل تكاد تبدو مشهداً
يتراوح بين نمط معين من الواقعية، وبين رومانسية يفرضها المناخ الليلي.
للوهلة الأولى لدينا اذاً مشهد يكاد يبدو عادياً ومألوفاً. ولكن في شكل
تدرجي يبدأ شيء من الغرابة المقلقة، بالتصاعد من داخل التوليفة التي ربط
بها ديلفو أجزاء لوحته ببعضها البعض... حيث أن الألفة الاعتيادية التي تلوح
للوهلة الأولى بين المحطة وقطاراتها، سرعان ما تخبو تاركة المكان لأسئلة
حائرة، ربما تثيرها أضواء القطار المنيرة داخله، أو الضوء الأحمر المنبعث
من مقدمة قطار آخر. أو المصابيح، المتنوعة الأصناف والمواقع التي تبدو، هي،
عاجزة عن منافسة ضوء الغسق الآتي من البعيد مضفياً على المحطة كلها مناخاً
غرائبياً... ان هذه العناصر كلها تتضافر هنا لخلق مناخ الحلم، في وقت قد
يتساءل فيه مشاهد اللوحة، عن المصدر الغامض للنور الذي يشعّ جدران مبنى
المحطة نفسه باللون الأبيض. ومن الجليّ ان هذا كله يجعل المشهد يبدو كما
أسلفنا، وكأن كل جزء منه يعيش حياته الخاصة وزمنه الخاص.
>
غير ان ذلك كله يظل عند حدود الغرابة... أما القلق، الذي لا بد
من جمعه هنا بالغرابة، استجابة للشعور الناتج عما يسميه فرويد في عنوان
واحد من كتبه «الغرابة المقلقة»، فإنه مرتبط بعنصر آخر من عناصر اللوحة، هو
الفتاتان الواقفتان تنظران - ربما بحيادية تامة - الى المشهد ككل. ان وقفة
الفتاتين وهما مديرتان ظهريهما الى المتفرج، في انتظار أو فضول أو حتى في
تلق عادي للمشهد ككل، هي في الحقيقة، ما يبدّل من معطيات المشهد كله...
انهما هنا بديلتان لنا، نحن المشاهدين، تخلقان تلك المسافة بيننا وبين
المشهد... لكنهما عبر خلق هذه المسافة، لا تبدوان أبداً مخفّفتين من قلقنا
ازاء ما نشهد (وهواة السينما قد يذكرهما مشهد هاتين الفتاتين، بالصبيتين
العائدتين من عالم الموتى في فيلم «إشراق» للمخرج الراحل ستانلي كوبريك،
الذي لا شك في انه كان على اطلاع تام على هذه اللوحة هو الذي عرف بإدخاله
تيارات تشكيلية عدة في أفلامه، كجزء من عوالمها ومشاهدها).
>
وهنا لا بد من أن نضيف أهمية المنظور الذي جعله ديلفو للوحته،
اذ حيث موضع وجهة النظر مرتفعة بعض الشيء ما مكّنه من استيعاب المشهد كله
في «لقطة» واحدة، عثر لنفسه على حل تقني بامتياز... بيد أن المسألة هنا
ليست فقط تقنية، لأن ارتفاع وجهة النظر، أضفى على المكان كله مسحة من غرابة
اضافية اذ نراه يثبّت اللحظة التي كانت تبدو أول الأمر متحركة، بمعنى
اعطائها مجالاً لتوقّع الما-قبل، والما-بعد في المشهد ككل، بشكل يؤمّنه
ثبات صورة الحلم الملحّ في ذاكرة مرتبكة.
>
ومن الواضح هنا أن هذا التأثير هو ما أراد بول ديلفو أن يصل
اليه، هو الذي سعى دائماً وفي معظم لوحاته الى تحقيقه، حتى وإن كان ذلك في
لوحات بدت لديه أشبه بتحية الى أساتذة سابقين له أو مجايلين، كما، مثلاً في
لوحة «القاء التحية» التي رسمها في العام 1938، وتبدو مرتبطة مباشرة بعوالم
الايطالي جورجيو دي كيريكو، وعلى الأقل من ناحية استخدام الهندسة المعمارية
المدينية في تفاصيلها، كجزء، ليس من الديكور، بل من الموضوع، والالحاح على
حضور الزمن - ثم ثباته - من خلال الظل الذي يشكل بدوره جزءاً أساسياً من
المشهد وبالتالي من الموضوع.
>
بكلمات أخرى، لا بد من الاشارة هنا الى ان بول ديلفو، مثل دي
كيريكو، ولكن أيضاً مثل رينيه ماغريت يلجأ في أعماله عموماً، وفي اللوحة
التي نحن في صددها خصوصاً، الى المبالغة حتى في رسم التفاصيل الغنية،
ومراده أن يصل في نهاية الأمر، الى خلق «الديكور» الذي تجرى ضمنه لقاءات
شديدة الغرابة... لقاءات تنتمي الى عالم الحلم. واذا كان احتشاد بعض
لوحاته/ مشاهده، بالكائنات البشرية - كأبطال أو ككومبارس - شكّل دائماً
لازمة أساسية في لوحاته، ولا سيما منها النساء العاريات، فإن لوحة «محطة
القطار في الغابة» تبدو راسمة المفعول نفسه، من خلال الفراغ البشري... بل
ان خلو المحطة من البشر، عدا عن الفتاتين اللتين قد تبدوان، من وجهة نظر
معينة، دخيلتين على المكان، بل تبدوان وقد حلتا محلنا نحن المتفرجين، هذا
الخلو هو الموضوع هنا.
>
ويعتبر بول ديلفو (1897 - 1994) من أشهر الرسامين البلجيكيين
في القرن العشرين، الى جانب ماغريت وجيمس آنسور. وهو بدأ حياته بدراسة
الهندسة المعمارية، قبل أن ينتقل الى دراسة الرسم في أكاديمية بروكسيل، وقد
عرف عن لوحاته الأولى تأثّرها بالتعبيرية البلجيكية كما تجلت عند آنسور
الذي كان من أشد المعجبين به. غير ان الانعطافة الأساسية لديه حدثت في
العام 1932 حين زار متحفاً للشمع واكتشف ذلك الجمود الأبدي لشخصيات تبدو مع
ذلك حية... ولسوف يظل ذلك التأثير ماثلاً لديه حتى لوحاته الأخيرة، هو الذي
ظل يرسم وينتج اللوحات حتى آخر سنواته، مصرّاً دائماً على أن يكون على حدة،
حتى وان حسب حيناً على السورياليين، وأحياناً على ما - بعد - السورياليين،
أي أصحاب تيار ما سمي لوهلة بالسوريالية ذات البعد المرتبط بالحقيقة. ولقد
تجلت في لوحات ديلفو دائماً تأثيرات فنون عصر النهضة الايطالية، اضافة الى
تأثره بالفن السينمائي، وقبل ذلك بالمشاهد المسرحية. والحقيقة ان ذلك كله
خلق المزيج الذي كانه فن بول ديلفو، هذا الفن الذي تبدو لوحة «محطة القطار
في الغابة» خير ممثل له.
alariss@alhayat.com
الحياة اللندنية في
18/12/2012 |