حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

سمية الخشاب:

ساعة ونصف يرصد معاناة المواطن المصري

كتب: القاهرة – هند موسى

 

بعد غياب عن شاشات السينما لأكثر من أربع سنوات، تعود الفنانة سمية الخشاب مجدداً مع فيلم «ساعة ونص»، الذي تشارك في بطولته مع نخبة كبيرة من النجوم.

عن دورها في الفيلم ورفضها البطولة المطلقة وموافقتها على البطولة الجماعية وأعمالها الفنية كان معها اللقاء التالي.

·        كيف تقيمين تجربتك في «ساعة ونصف»؟

سعيدة بنوعية الفيلم وبتوليفة النجوم الذين شاركوا فيه. أتمنى أن يكون هذا العمل فاتحة خير على العاملين فيه، لأنه وخلال رحلة القطار التي تستغرق ساعة ونصف الساعة يسرد حياة ومشاكل كل راكب من ركاب القطار الذي يمثّل الحياة، ذلك كله في إطار شيق وأحداث مثيرة نعرف منها كيف تحول ظروف المجتمع الجميع إلى ضحايا. أتمنى أن يتابعه الجميع بشغف، لأنه يستحق المتابعة ليس لأنني أشارك فيه بل لأن قصته وموضوعه بالفعل رائعان.

·        هل أنت ضمن ركاب هذا القطار؟

لا أنا خارجه، لكني أقوم بأفعال ومصائب تؤثر في ما يجري داخل القطار.

·        من هي سمية الخشاب داخل «ساعة ونصف»؟

فلاحة بسيطة مغلوبة على أمرها، تواجه مشكلات اجتماعية واقتصادية كثيرة منتشرة في مجتمعاتنا العربية مثل الجهل والفقر. أجسد من خلال دوري معاناة فتاة شابة متزوجة من رجل أكبر منها في العمر، وهذا أحد أشكال المعاناة التي تواجهها وتعانيها كثيرات، فيجبرها أهلها على الزواج منه لمجرد أن تصبح زوجة دون النظر إلى احتياجاتها ورغباتها كأنثى ما زالت في عز شبابها، وتكون النتيجة الطبيعية لذلك بحثها عما تفتقده في زوجها مع رجل آخر، الأمر الذي يوقعها في مشاكل كثيرة، إلى أن تصل إلى مرحلة لم تعد تتحمل حالتها أكثر من ذلك.

·        لاحظ البعض أن الشخصية التي جسدتها أكبر من فئتك العمرية رغم أنها شابة، فما رأيك؟

صحيح لأنني عندما قدمت هذه الفلاحة كان وزني زائداً بسبب مادة الكورتيزون التي اضطررت إلى تناولها كعلاج لمرضي الشديد، وقد يكون هذا الوزن الزائد أعطاني عمراً أكبر من عمري الحقيقي، لكنه في النهاية أفاد الشخصية. بصراحة للمرة الأولى أكون سعيدة بالكورتيزون لأنه أفادني في الدور.

·        ألم تقلقي من تأثير هذا الوزن على الدور؟

كنت خائفة جداً، لذا اجتمعت بالمؤلف أحمد عبد الله والمخرج وائل إحسان وأخبرتهما أنني ما زلت مريضة وسمينة بفعل الكورتيزون، فكيف يمكنني العودة وتقديم هذا الدور مع انفعالاته الكثيرة، لكنهما طمأناني وأقنعاني بأنني أستطيع تقديمه على أكمل وجه. حتى إنهما أكدا لي أنهما كانا سيطلبان مني زيادة وزني في حال كان طبيعياً، فمعروف عن الفلاحات وزنهن الزائد لاهتمامهن بطهو الطعام بالسمن البلدي. الحمد لله، كان شكلي ووزني ملائمين للدور من دون الحاجة إلى زيادته أو نقصانه، وردود الأفعال الأولية التي وصلتني عنه حتى الآن كلها إيجابية وخالية من الذم أو النقد السلبي، خصوصاً من الجمهور.

·        كيف وجدت العمل مع الفنان أحمد بدير؟

بحكم الدور زوجي هو الفنان أحمد بدير غفير السكة الحديد، وبالطبع يتم التأكيد على الفرق الكبير في العمر بيننا، وإن كان هذا لا يمنع سعادتي بالعمل مجدداً معه بعدما قدمنا الجزء الأول من مسلسل «كيد النسا» مع النجمة الجميلة فيفي عبده، وأعتقد أننا سنحقق النجاح مرة أخرى في «ساعة ونصف» لأننا عرضنا حالة إنسانية يعيشها كثر، وهو أيضاً تألق في دوره.

·        ما الذي حمسك على المشاركة في فيلم يضمّ حوالى 25 ممثلاً؟

لأنني لا أشترط أن أكون البطلة الأولى لأي عمل أدخله، لذا قد أقدم دوراً صغيراً أو أظهر بشكل شرفي ضمن الأحداث وتكون هذه الخطوة أفضل من البطولة المطلقة. المهم أن يأخذ كل ممثل حقه ومساحته في عرض مشكلاته داخل هذا الموضوع المهم، وهذا هو المقياس الذي يجعلني أوافق أو أرفض المشاركة في أي عمل بعيداً عن حجم الدور.

·        هل تعنين أنك تفضلين البطولة الجماعية على المطلقة؟

فعلاً، فقد عُرضت عليّ طوال سنوات غيابي عن السينما منذ «الريس عمر حرب» بطولات منفردة، مع ذلك رفضتها ووافقت على «ساعة ونصف» مع علمي بأن مشاهدي داخله قليلة ولا تتعدى الستة مشاهد، ولكل ممثل ثماني دقائق فقط. رغم ذلك وافقت لأنني أعجبت بالنص وأدركت أنه قد يكون إضافة إلى مسيرتي. فضلاً عن ذلك، أخرج الفيلم بطريقة لا تُشعر المشاهد بهذا التقسيم بين النجوم؛ فالأحداث والشخصيات متوالية ومترابطة بعضها بالبعض.

·        ما أصعب مشاهدك في الفيلم؟

كلن مشهد سيري على قضيب القطار أثناء مجيئه سريعاً صعبا للغاية، لكن وائل إحسان طمأنني. عموماً، النجوم كلهم قدموا مشاهد صعبة، تحديداً محمد عادل إمام وأحمد فاروق فلوكس، إضافة إلى أنني تعودت على تقديم هذه النوعية من المشاهد في أعمالي السابقة.

·        هل أثرت الظروف الأمنية على التصوير؟

للأسف نعم. حتى إن مشاهد عدة في دوري ألغيت، أمر أزعجني في البداية ولكن وائل إحسان طمأنني بأنه سيحل هذه المشكلة في المونتاج، وفعلاً عندما انتهى طلب مني الحضور لأتابع مشاهدي كافة ولم أشعر بأي نقصان في الدور.

·        كيف وجدت العمل مع المنتج أحمد السبكي؟

أرى أنه منتج ذكي جداً لأنه يقدم دائماً توليفة كبيرة من النجوم، ويبذل كل ما لديه من مجهود وأموال لأجل إنجاح العمل، لذا فجميع أفلامه حازت إعجاب الجمهور، لا سيما «كباريه» و{الفرح».

·     لماذا قبلت «ساعة ونصف» ورفضت «شارع الهرم» العام الماضي رغم أن كلاً منهما من إنتاج أحمد السبكي؟

لأن قصة الأول متميزة، كما أن السبكي عندما عرضه عليّ خاف أن أرفضه مثلما حدث سابقاً، لكنني بعدما قرأت الورق ووجدت الشخصية تلمس مشاعري شعرت بأنها ستعلق مع الجمهور الذي سيتعايش معها ويفهم احتياجاتها.

·        ما جديدك الفترة المقبلة؟

أعيش حالة من النشاط الفني، لديَّ سيناريو فيلم جديد أقرأه، وأيضا مسلسل مع النجم محمود حميدة بعنوان «ميراث الريح»، تأليف مصطفى محرم وإخراج يوسف شرف الدين، ويشارك فيه باقة من النجوم كذلك أحضر لكليب مصري وآخر خليجي، وقريبا سيصدر ألبومي الجديد.

الجريدة الكويتية في

22/10/2012

 

بين الكوميديا والدراما…

أيهما أكثر تأثيراً في المشاهد؟

كتب: بيروت - ربيع عواد  

ثمة ممثلون تميّزوا بأدوار كوميدية خلال مسيرتهم الفنية حفرت في الذاكرة والوجدان نظراً إلى عفويتهم في اقتحام القلوب، وثمة آخرون تميّزوا بأدوار درامية مركبة ومن الواقع الاجتماعي. السؤال الذي يطرح: أي من الدورين يترك بصمة أكثر لدى المشاهد: الدرامي أم الكوميدي؟

تؤكّد الممثلة ألين لحود أن كلا الدورين الدرامي والكوميدي يتركان بصمة لدى الجمهور، إلا أنها تعتبر أن الكوميديا أصعب، إذ من السهل إبكاء الجمهور العربي فهو عاطفي بطبيعته ودمعته سخية، فيما تتطلب الكوميديا مجهودًا أكبر لانتزاع الضحكة منه، تقول: {لا أقصد هنا كوميديا المهزلة والنكات، إنما الضحكة التي يخرجها الممثل من صميم المشاهد وتحمل رسالة معينة في إطار مهضوم وخفيف. في لبنان كوميديون حقيقيون لا يحتاجون إلى حركات بهلوانية وحديث مبتذل لإضحاك الجمهور، لكنهم للأسف قلة».

لحود التي أدت أدواراً درامية وبعض الأدوار الكوميدية تؤكد أن الجمهور أحبها في كليهما وتضيف: «قدمت مثلا مسلسل «عندما يبكي التراب» (عرض على شاشة المؤسسة اللبنانية للإرسال) من كتابة طوني شمعون، إخراج إيلي معلوف وإنتاجه، وأديت فيه دورًا جديدًا، تمحور حول ابنة رجل غني تفكيره تقليدي ويريد أن تكمل ابنته مسيرته في الحياة، فيما تسعى هي إلى شقّ طريقها بنفسها وتطوير موهبتها في تصميم الأزياء والانطلاق فيها، فتقرر مغادرة المنزل ما يؤدي إلى مواجهات وأحداث. حاز هذا الدور على إعجاب الناس بقدر الأدوار الكوميدية التي قدمتها، ومن هنا أرى أن حرفية الممثل تحتلّ المرتبة الأولى في التأثير بالناس».

قدرات تمثيلية

«المشاهد يتأثر عندما تكون للممثل ثقة بقدراته التمثيلية التي تخوله منح الشخصية التي يجسّدها أبعاداً جديدة وترجمة تناقضات مشاعرها، درامية كانت أم كوميدية»، يوضح الممثل اللبناني جورج خبّاز الذي يؤكّد أن الدور الدرامي يحتاج إلى الجهد نفسه الذي يستنفده الدور الكوميدي، يقول: {يبقى الممثل ممثلا حيثما حلّ، فلا تكمن الأهمية في طبيعة الدور (كوميدي، تراجيدي، رومنسي)، بل في الموقف الذي يجب أن أؤديه بطريقة صحيحة، لذلك قدم ممثلون كبار أمثال شارلي شابلن وعادل إمام ودريد لحام الكوميديا والتراجيديا على حد سواء. بالنسبة إليّ، أسعى إلى الإضافة إلى رصيدي الفني وإظهار نوعية أخرى من التمثيل في لبنان».

يرى أن للدراما خصوصية معينة وهي صعبة على صعيد ترجمة الأحاسيس، لكنها ليست أصعب من الكوميديا الهادفة والراقية التي يقدمها الممثل وتتطلب مسؤولية وحنكة حسب رأيه.

يضيف: «لا شك في أن الناس أحبوني في الكوميديا وحققت انتشاراً من خلالها، ومع أن الممثل الكوميدي ليس مضطراً إلى أداء أدوار مركبة مفاجئة لجمهوره، إلا أنني أحرص شخصياً على أداء هذه الأدوار وأسعى إلى إبراز قدرات معينة أملكها، وهذا ما حصل في مسلسل «القناع».

يفتخر خباز بالأعمال غير الكوميدية التي قدمها، وقد أضاف اختياره الأدوار بعناية الكثير إلى رصيده التمثيلي، منذ مسلسل «العاصفة تهب مرتين» مروراً بـ «طالبين القرب» وصولاً إلى «إلى يارا» الذي نال عنه جائزة «موركس دور» (2010). كذلك يفتخر بدوريه في الفيلمين التلفزيونيين «مروان» و{يومًا ما».

موهبة وعفوية

تؤكد الممثلة ليليان نمري أن التأثير بالمشاهد قد يكون من خلال الدورين الدرامي والكوميدي على حدّ سواء، في حال كان الممثل يتمتع فعلا بموهبة وعفوية بعيداً عن التصنع والتفلسف، ولطالما تساءلت عن السبب الأساسي لحبّ الجمهور لها ولقدرتها على إضحاكه من خلال الأدوار التي أدتها خلال مسيرتها المهنية، وتقول في حديث لها: «ينعم الله على كل شخص بجاذبية وموهبة عليه أن يستخدمهما في المكان المناسب، ونجاحي واستمراريتي هما نعمة من الله».

تضيف: «لا يستطيع الممثل تحقيق أهدافه إذا لم يتمتع بالموهبة التي ينعم عليه بها ربه، في المقابل ثمة ممثلون يبذلون مجهوداً لإضحاك الجمهور بينما أنا أملك موهبة بالفطرة ولا أبالغ في تقديم الشخصية كما يفعل بعض الفنانين لدرجة الهبل».

الجريدة الكويتية في

22/10/2012

 

السينما ترصد الواقع وتؤرخه… أم تزيفه؟

كتب: جمال عبد القادر  

متى يحق للسينما أن تتعامل مع أحداث الواقع؟ وهل يفضل مرور فترة زمنية لتأمل الحدث قبل رصده سينمائياً؟ أم يمكن التعامل معه في حينه، كما حدث في فيلم «بعد الموقعة» للمخرج يسري نصر الله الذي عرض أخيراً ويرصد المرحلة الانتقالية التي تعيشها مصر بعد ثورة 25 يناير.

يرى المخرج محمد راضي أن من حقّ المبدع أن يقيّم الأحداث التاريخية وأي عهد أو أي فترة من التاريخ ويحللها ويضيف شخصيات أو تفاصيل لإبراز الدراما التي يريدها من دون المساس بالتاريخ الأصلي وتلفيق أحداث، إلا أن ثمة مبدعين تأثروا بزعيم أو أحبوا عهداً أو فترة زمنية معينة فجملوا الواقع فيما عمد آخرون إلى تشويهه.

وجهة نظر

تؤكد الناقدة ماجدة خير الله أن الفن في الأساس وجهة نظر ويعبّر العمل الدرامي عن وجهة نظر أصحابه وعلى المتلقي ألا يكون سلبياً ويأخذ ما يشاهده على أنه الصدق من دون تحري الدقة.

تضيف أن «الحدث قد يكون واحداً ويراه كل منا من وجهة نظره وبصورة مختلفة، وعندما تقدّم السينما التاريخ والأحداث تفعل ذلك من وجهة نظر معينة ولا ترصدها، لأن ما يرصد التاريخ هو الأعمال الوثائقية وليست الدراما».

يفضل الكاتب محسن الجلاد ألا تتعرض الدراما للتاريخ، ويقول: «قدمت السينما منذ انطلاقتها أعمالاً تناولت فترات مهمة من تاريخنا، من ثم ظهرت أعمال أخرى كذبتها، فوقع المشاهد بحيرة، لذا لا بد من تحري الصدق قبل تناول أي موضوع».

أما المؤلف محمد صفاء عامر فيعتبر أن السينما لا يمكن أن تكون مصدراً أو مستنداً للتاريخ، ومن يريد الاطلاع على التاريخ لا يشاهد فيلماً سينمائياً لأن التاريخ في المراجع والكتب، فيما العمل الدرامي سواء كان فيلماً أو مسلسلاً يعبر عن وجهة نظر صانعيه ولا يعدّ هذا تزييفاً للواقع.

يضيف صفاء عامر أن وجهة نظر المؤلف والمخرج تكون في تفاصيل الدراما وليس في صلب الأحداث، «ليس منطقياً أن يضيف حدثاً أو يلغي حدثاً لأنه بذلك يزيّف التاريخ، أما التفاصيل والحوار أثناء عرض الأحداث فتكون من خيال المؤلف ومن حقه تغييرها كما يشاء».

منفعة وتشويه

يشير الناقد محمود قاسم إلى أن السينما في الأساس قائمة على التزييف والتلفيق، وثمة علاقة منفعة بين صناع الفن والحكام، ما يفسر التشويه الذي يواجهه كل عهد مع بداية عهد آخر، أو تجميله بوجود زعيمه، وهو ما يطلق عليه الفن الموجه الذي يهدف إلى تغييب الشعب أو تشويه مرحلة من التاريخ أو من شخصية معينة.

يضيف: «لا يوجد عمل تاريخي يتناول واقعة أو حدثاً مهماً إلا وحُرّف وتغيرت معالمه، فيقع المشاهد البسيط عديم الثقافة ضحية هذا التزييف لأنه يعتمد على السينما كمصدر للتاريخ، رغم أن كذب هذا المصدر وفساده يظهران بعد فترة».

يشير إلى أن هذا التزييف موجود في العالم وضرب مثالاً على ذلك الأفلام الأميركية التي تناولت الحرب العالمية الثانية وقدمت من وجهة نظر أميركية بحتة وما نتج عنها من قلب للحقائق. كذلك فيلم «الناصر صلاح الدين» ليوسف شاهين الذي أظهر ريتشارد في مظهر الفارس النبيل وهو ليس كذلك، وأظهر والي عكا أنه خائن وهو من دافع عن المدينة حتى وقع في الأسر… «هذه أحداث مهمة وليست تفاصيل فرعية ولكن صناع الفيلم غيروا في الشخصيات والأحداث باعتبار ألا عقاب على تزييف التاريخ» على حد تعبيره.

أخيراً يوضح المخرج علي عبد الخالق أن تناول التاريخ أو التعرض لحدث واقعي له احترامه ولا يجب التغيير فيه حتى في أدق التفاصيل، وعندما قدم فيلم «يوم الكرامة» صوّره كما هو في الحقيقة، مستشهداً بوثائق في تاريخنا العسكري وفي مذكرات القادة الإسرائيليين ولم يضف أو يحذف أي شيء.

الجريدة الكويتية في

22/10/2012

 

فجر يوم جديد:

جائزة سيئة السمعة!

مجدي الطيب 

كنت شاهداً على الدورة الأولى لمهرجان «الشرق الأوسط السينمائي الدولي» عام 2007، الذي تنظمه هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، قبل أن يتحول اسمه إلى مهرجان «أبو ظبي السينمائي»، عندما منحت مجلة «فاريتي» السينمائية الأميركية «جائزة أفضل مخرج في الشرق الأوسط» إلى المخرجة اللبنانية نادين لبكي عن عام 2007!

يومها أثارت الجائزة جدلاً ولغطاً شديدين، لأن أحداً لم يعرف القواعد التي تحكم الجائزة، التي تحمل اسماً كبيراً «أفضل مخرج في الشرق الأوسط» أو المعايير التي مُنحت لبكي الجائزة على أساسها، وهي التي عُرفت كمخرجة للأغنيات المصورة بطريقة «الفيديو كليب»، وفيلمها «سكر بنات» الذي أهداها الجائزة الكبيرة في عنوانها هو أول أفلامها، بينما تجاهلت الجائزة مخرجين كُثر في الشرق الأوسط أفضل منها موهبة وحرفية وأكثر خبرة!

استمر الجدل ما بعد انتهاء المهرجان، لكن أحداً لم يتساءل عن السر وراء تبني مهرجان «الشرق الأوسط» للجائزة الغامضة ظناً من الجميع أنها جائزة «عشوائية»، وستختفي بعد الدورة الأولى، لأنها تفتقر إلى المقومات الموضوعية التي تجعل منها جائزة سنوية بل تبدو «إعلانية» أو «دعائية» أكثر منها «نقدية» أو «أكاديمية»!

لكن الجائزة انتظمت بصورة عجيبة، في الدورات المتعاقبة للمهرجان، وذهبت،لأسباب وحيثيات غير مُعلنة إلى الأردني أمين مطالقة،والفلسطيني إيليا سليمان والعراقي محمد الدراجي والإيراني أصغر فرهادي، حتى استقرت في الدورة السادسة عند المخرج المصري يسري نصر الله، ولحظتها بدأت الهمسات تخرج إلى العلن، وتجددت التساؤلات عما إذا كانت هناك لائحة تحكم الجائزة أم تخضع للمزاج الشخصي، وللتوجهات السياسية المجهولة!

المفارقة المُدهشة أن الجائزة ذهبت إلى المخرج الفلسطيني إيليا سليمان صاحب أفلام «سجل اختفاء»( 1996)، «يد إلهية» (2002) و{الزمن الباقي» (2009)، الذي قدم من خلاله سيرته الذاتية، والمخرج المصري يسري نصر الله، الذي أنجز أفلام: «سرقات صيفية»(1988)، «مرسيدس» (1993)، «المدينة» (1999)، «باب الشمس» (2004)، «حديقة الأسماك»(2008)»، {احكي ياشهر زاد»(2009) و{بعد الموقعة» (2012)، والإيراني أصغر فرهاردي صاحب أفلام: «الرقص في الغبار»(2003)، «المدينة الجميلة» (2004)، «الأربعاء الأخير»(2006)، «عن إلى» (2009) و{انفصال نادر عن سيمين»(2011)، الذي فاز بأوسكار أفضل فيلم ناطق بلغة أجنبية، ومن قبلها بجوائز: «الدب الذهبي» من مهرجان برلين، و{الغولدن غلوب» الأميركية و{بافتا» البريطانية و{سيزار» الفرنسية، بالقدر نفسه الذي ذهبت فيه إلى مخرجين يخوضون تجربة إخراج الأفلام الروائية الطويلة للمرة الأولى، كما حدث مع الأردني أمين مطالقة صاحب «كابتن أبو رائد» (2007) والعراقي محمد الدراجي صاحب «ابن بابل»(2009)، وهو ما يعكس بشكل قاطع وجازم غياب المعايير، وانعدام الشفافية والمصداقية معاً!

ما الذي يجمع بين سليمان ونصر الله وفرهاردي من جهة ومطالقة والدراجي من جهة أخرى؟

لا شيء سوى أنهم جميعاً يمارسون مهنة الإخراج، وأنهم ينتمون إلى منطقة الشرق الأوسط، ومن ثم فإن حصولهم على جائزة واحدة فيه ظلم لهم جميعاً، وهو ما كان يفرض على مخرجين كبار مثل سليمان ونصر الله وفرهاردي الاعتذار عنها من دون تردد، بدلاً من الموافقة التي تسيء إليهم، كونها تعني تهافتهم على أية جائزة مهما كان عائدها المعنوي ضعيفاً؛ إذ إن أحداً لا يعرف إن كانت الجائزة مدعومة بعائد مادي مغر إلى هذا الحد أم لا!

«جائزة أفضل مخرج في الشرق الأوسط» عنوان كبير لجائزة صغيرة ومتواضعة، كان ينبغي أن يُطلق عليها «جائزة أفضل مخرج شاب» على أكثر تقدير، ووقتها كان يمكن أن تحظى بتشجيع ودعم الأوساط السينمائية والنقدية، وامتنان أكبر لمجلة «فارايتي» الأميركية، التي يعود إصدارها إلى 107 سنوات مضت، وتُعد مرجعاً لصناعة الأفلام في العالم، وبيعت أخيراً إلى شركة «بينسكي ميديا كوب» المتخصصة في المواقع الفنية على شبكة الإنترنت مقابل مبلغ قيل إنه يُقدر بـ25 مليون دولار، بعدما انخفضت أرباحها، وتراجعت عائداتها، خلال السنوات الأخيرة، من 33 مليون دولار أرباح عام 2006 من إجمالي عائدات بلغت 92 مليون دولار إلى 6 ملايين دولار أرباح من إجمالي عائدات بلغت 45 مليون دولار!

الأمر المؤكد إذاً أن «جائزة أفضل مخرج في الشرق الأوسط» لا تستحق الضجة التي تُثار حول الفائز بها، لكنها تستحق تدخلاً سريعاً من إدارة مهرجان «أبو ظبي السينمائي»، بحيث تراجع لائحتها، إن تواجدت لائحة، وتراجع القواعد والمعايير التي تُمنح على أساسها، ثم تضع الضوابط التي تُضفي عليها مصدقية، ومن دون الشروع في هذه الخطوات فإن حجبها أفضل للحفاظ على سمعة المهرجان، ومجلة «فارايتي»… وسمعة الذين يفوزون بها!

magditayeb@yahoo.com

الجريدة الكويتية في

22/10/2012

 

بن أفليك يخرج من عباءة لوبيز ويثبت براعته في الإخراج

كم هو غريب أن يبدأ كل شيء بعلاقة بن أفليك وجينيفر لوبيز!

كتب: آن هورناداي  

مثل جميع الممثلين تقريباً، لطالما أراد أفليك خوض تجربة الإخراج. لكن في عام 2003، حين كان أفليك مرتبطاً بعلاقة عاطفية مع جينيفر لوبيز، قرر خوض مغامرة مغايرة. حصد الفيلم الذي مثّل فيه أفليك ولوبيز معاً (Gigli) انتقادات لاذعة وكان محط سخرية عارمة. في الوقت نفسه، كان اهتمام مصوّري الفضائح بعلاقة هذا الثنائي هوسياً ومفرطاً ومستمراً.

خلال مهرجان تورونتو السينمائي الدولي، تذكر أفليك في الشهر الماضي تلك المرحلة قائلاً: «فكرتُ بأن تلك الفترة مشينة جداً، وظننتُ أنها ستدمّر مهنتي وروحي وكل شيء في حياتي. أردتُ الهروب من ذلك كله. بما أنني أردتُ إخراج الأفلام منذ فترة طويلة، فكرتُ بأن اللحظة المناسبة لأخذ استراحة مدتها سنتين من التمثيل وتصوير فيلم وإصداره قد حلّت أخيراً».

بعد بضع سنوات، أصدر أفليك فيلم Gone Baby Gone، وهو عمل مقتبس من رواية دينيس ليهان وقد صدم النقاد ورواد السينما على حد سواء بفضل طبيعة الجو العام ودقة الإيقاع والشخصيات. بعد تلك البداية الواعدة، أعدّ أفليك فيلم التشويق والجريمة The Town وكانت القصة تدور، مثل فيلم Gone Baby Gone، في بوسطن بالقرب من المكان الذي نشأ فيه. فقرر أفليك هناك تطوير سجله في عالم الإخراج من خلال طرح قصة متشعّبة ومشاهد حركة حيوية. عمله الثالث بعنوان Argo، فيلم تشويق سياسي حقق نجاحاً فورياً حين عُرض في تلوريد وفي مهرجان تورونتو السينمائي في وقت سابق من هذه السنة.

فيلم Argo مقتبس من قصة حقيقية تتمحور حول مهمة إنقاذ ستة دبلوماسيين أميركيين من طهران في ذروة أزمة الرهائن مع إيران في عام 1980. لم يحصد العمل إشادة واسعة لأنه يعرض القصة بطريقة ذكية وراقية ومثيرة للاهتمام كما تحبذ هوليوود في السنوات الأخيرة فحسب، بل لأن العمل يُعتبر تقدماً لافتاً في مسيرة أفليك. فقد أثبت هذا الأخير أنه يبرع في المواضيع الجيوسياسية بقدر ما يبرع في عرض الحالات الاجتماعية المؤثرة وقصص الجرائم، كذلك يجيد عرض التحولات العاطفية الشائكة والغوص في مواصفات الناس داخل المجتمعات القبلية في بلدته الأم. من الواضح أن Argo متطور من ناحيتي الإيقاع والتقنية أكثر من أي عمل أخرجه سابقاً وقد بدأ الحديث منذ الآن عن ترشيح العمل لجوائز الأوسكار، ولا يقتصر الأمر على فئة أفضل تصوير بل يتحدث البعض عن ترشيح أفليك عن فئة أفضل مخرج.

مقطع ساخر

يصعب أن نصدق أن محبي الأفلام يدينون بالشكر لوسائل الإعلام التي تلاحق حياة المشاهير بشكل هوسي لأنها كانت السبب في تسليط الضوء على مخرج يتمتع بذوق وشكل غريب ويعتمد مقاربة بصرية بسيطة تشبه الأفلام الواقعية العظيمة خلال السبعينيات.

تحدث أفليك عن الفترة الممتدة بين عامَي 2004 و2006، حين كان يحضّر ويخرج فيلمGone Baby Gone، فقال: «أدت تلك الفترة إلى إنقاذ مهاراتي الإبداعية. فقد ساهمت في الحفاظ على اهتمامي بهذا المجال الذي كان ليقودني في اتجاه مغاير. لكن تجدد النشاط فيّ وكانت تلك الفترة مصدر إلهام بالنسبة إلي». (خلال تلك المرحلة أيضاً، تزوج أفليك (40 عاماً اليوم) من الممثلة جينيفر غارنر وأنجبا ثلاثة أولاد).

خاض أفليك تجربة الإخراج في السابق، تحديداً في عام 1993، فأخرج مقطعاً ساخراً مدته 16 دقيقة (بعنوانI Killed My Lesbian Wife, Hung Her on a Meat Hook, and Now I Have a Three-Picture Deal at Disney). لكنه يعترف: «لم أكن مخرجاً جيداً حينها». بل كان أفليك يميل إلى التركيز على التمثيل. كان قد نشأ في مدينة كامبريدج، ماساتشوستس، وقد ارتاد المدرسة نفسها مع طفل اسمه مات ديمون، فبدأ ينمّي مهاراته التمثيلية منذ الطفولة في إعلانات ومسلسلات تُعرَض على خدمة البث العام (PBS).

خلال التسعينيات، انضم إلى منتجي أفلام مستقلة مثل ريتشارد لينكلاتر وكيفن سميث. ثم في عام 1997، كتب مع ديمون فيلم Good Will Hunting ومثّلا فيه، وقد حصد فريق العمل جائزة أوسكار عن أفضل سيناريو. (أرادا أن يخرجا العمل أيضاً في البداية، لكنهما تراجعا عن ذلك حين وافق غاس فان سانت على تولي الإخراج). بعد فترة قصيرة، استعرض أفليك وسامته وأسلوبه المصطنع أحياناً في أفلام حظيت بشعبية لافتة مثل Shakespeare in Love و Changing Lanesأو في أعمال فاشلة مثل Daredevil وGigli.

لكن سواء كانت الأعمال ناجحة أو فاشلة، لطالما كان أفليك يراقب ويتعلم ويطرح الأسئلة. يتذكر ما كان يفعله قائلاً: «أذكى ما فعلته في مسيرتي المهنية، منذ مرحلة مبكرة، كان تحويل كل تجربة أخوضها في موقع التصوير إلى مناسبة تفيدني في عالم الأفلام. اكتشفتُ في مرحلة مبكرة أن الناس يحبون مشاركة تجاربهم إذا أبدى الفرد اهتماماً صادقاً بمعرفة تفاصيل عملهم… هكذا استفدتُ من تلك النصائح المجانية من مهندسي الكهرباء والخبراء التقنيين ومديري التصوير والمخرجين والسينمائيين».

أوضح أفليك: «أثناء تصوير فيلم Changing Lanes، تعلمتُ من المخرج روجر ميشيل ضرورة اختيار الممثلين الثانويين بعناية توازي اختيار الأبطال. علمني غاس فان سانت أن عدم توجيه الملاحظات إلى الممثل قد يكون مفيداً بقدر توجيه الملاحظات. أنهيتُ العمل لتوي مع تيرينس ماليك وتعلمتُ منه أهمية تحريك الكاميرا وفق محور معين واستعمال الإضاءة الخلفية. تعلمتُ من كيفن سميث أن العمل يمكن أن يكون تجربة جماعية حقيقية وأن الناس يمكن أن يصبحوا أصدقاء. بالتالي، لا داعي لأن يكون الجو مشحوناً أو متوتراً، بل إن الاسترخاء يفيد الجميع».

استرخاء

يقول أفليك إنه فضّل خيار الاسترخاء عند تصوير فيلم Argo منذ البداية، أي منذ أن قدّم له أحدهم ذلك السيناريو الرائع، فاتصل بالمنتجَين جورج كلوني وغرانت هيسلوف كي يدعماه في تجربته الإخراجية، وهكذا بدأ كل شيء. يُعتبر هذا الفيلم خليطاً من أنواع عدة: بعد إعادة تجسيد مشهد الثوار الإيرانيين وهم يقتحمون السفارة الأميركية في طهران وعرض مشهد مشوّق أثناء هرب الدبلوماسيين الأميركيين الستة من تلك المعمعة، تتحول القصة إلى واشنطن حيث يُكلَّف الخبير توني منديز (أفليك) في وكالة الاستخبارات المركزية بإخراجهم من مقر السفارة الكندية حيث يختبئون.

كما حصل في الحياة الواقعية، يعدّ منديز فيلماً مزيفاً، ما يسمح له بدخول إيران بصفته مفتشاً قبل أن يغادر مع الأميركيين وفق خطة مدروسة. يعرض Argo جانباً ساخراً قبل أن يتحول إلى عمل سياسي مشوّق.

يقول أفليك الآن: «لم أكن واثقاً من نجاح ذلك التحول الجذري في الإيقاع من التشويق إلى الكوميديا أو العكس. إذا بدأنا نتجاهل واقعية الأحداث في الفيلم لمجرد إطلاق الدعابات، يعني ذلك أننا نُضعف مصداقية العمل… ظننتُ أن الأمر يطرح تحدياً حقيقياً في مجال الإخراج، لكن سرعان ما تبين أن الصعوبة الفعلية تكمن في اختيار الممثلين». في نهاية المطاف، استعان أفليك بالأشخاص الذين اختارهم منذ البداية، منهم ألان أركين وجون غودمان: «هما ممثلان كوميديان، في بعض الأفلام على الأقل، وهما يبرعان في تقديم أداء مضحك لكن صادق دوماً».

يقدم أفليك نفسه أداءً صادقاً وبسيطاً في فيلم Argo حيث يصعب التعرف إليه نظراً إلى لحيته وشعره الأشعث الذي يشبه أسلوب السبعينات. سنشاهده في السنة المقبلة في الفيلم الكوميدي To the Wonder من إخراج ماليك، وفي فيلم الجريمة الدرامي Runner, Runner. لكنه لا يعرف بعد العمل الذي سيخرجه في المرحلة المقبلة مع أنه يتمنى أن يُصدر عملاً يجمعه مع ديمون عن رئيس العصابة وايتي بولغر من بوسطن. بغض النظر عن طبيعة المشروع المقبل، سيكون عمل أفليك وراء الكاميرا (لا أمامها) المشروع الواعد في مسيرته المهنية اللافتة على نحوٍ غريب.

تيم بورتون يبث الحياة في Frankenweenie

كتب: نيويورك - رافر غوزمان  

يبدأ Frankenweenie، فيلم رسوم جديد بتقنية stop-motion من صنع «والت ديزني» وإخراج تيم بورتون، مع ولد صغير يُدعى فيكتور يشاهد فيلماً أعدّ في المنزل. نجم هذا الفيلم كلبه سباركي، الذي يُنقذ سكان بلدة صغار الحجم من وحش شبيه بغودزيلا. ويُشكّل هذا الفيلم لمحة عما سنراه لاحقاً في Frankenweenie.

فيكتور ولد وحيد مخيلته واسعة يمضي وقته في علية مليئة بأجهزة تصوير الأفلام. ويبدو أن قواسم مشتركة كثيرة تجمعه ببورتون. لكن هذا ليس صحيحاً تماماً. فعند التحدث عن أفلام الوحوش وأفلام الرعب، التي تربى عليها بورتون الصغير، يتضح أن هذا المخرج يتعاطف مع الوحوش.

ذكر بورتون خلال حديث معه عبر الهاتف في أحد فنادق «عالم ديزني»: «أعتبر الوحش الشخصية الأكثر حساسية. يعود ذلك إلى المشاعر التي تنتاب الأولاد، مشاعر أنهم مختلفون وأن المجتمع يسيء فهمهم والتعامل معهم. فتعطي هذه الأفلام صورة للمشاعر التي تتملكهم. ولا شك في أن الأفلام الطريقة الأكثر أماناً لسبر غور هذه المشاعر».

تُظهر مسألة تماهي بورتون مع هذه الوحوش الأسباب التي منحت هذا المخرج (54 سنة) طوال ثلاثة عقود القدرة على ترجمة رؤاه الغريبة وحس فكاهته المريع من خلال وسائل تسلية مختلفة وأفلام لكل أفراد العائلة حققت نجاحات كبيرة.

ساهمت أفلامه الباكرة، مثل Beetlejuice (من بطولة الشابة وينونا رايدر المزاجية) وEdward Scissorhands (من بطولة جون ديب المشوه)، في إدخال جمال الروك القوطي إلى ثقافتنا، وجعل الدخلاء البشعين يبدون ألطف وأقرب إلى الأولاد الصغار. كان بورتون أول مخرج يتناول الوجه القاتم للأبطال الخارقين مع فيلم Batman عام 1989. وما زال فيلم الرسوم The Nightmare Before Christmas، الذي كتب قصته، يُعتبر المعيار الأهم للأحلام الغريبة.

خصائص مميزة

لا شك في أن Frankenweenie، الفيلم السادس عشر الذي يخرجه بورتون، يجمع كل الخصائص المميزة لفن هذا المخرج. ففي هذا الفيلم، يعيد فيكتور فرانكنشتاين (صوت تشارلي تاهان) كلبه إلى الحياة خلال عاصفة رعدية هوجاء. يؤدي مارتن لاندو دور أستاذ العلوم الغريب إنما المبدع في مدرسة فيكتور، وتؤدي رايدر صوت جارته الصغيرة، إلسا فان هلسينغ). رغم التصوير القاتم بالأبيض والأسود وزوايا الكاميرا الغريبة، يحافظ Frankenweenie على مزايا أفلام ديزني التقليدية، التي ينتصر فيها الحب واللطف في النهاية، وتضفي على العلوم شيئاً من السحر.

لا تخلو التطورات المحيطة بهذا الفيلم من مفارقة واضحة. في ثمانينيات القرن الماضية عمل بورتون رساماً مبتدئاً في شركة Walt Disney Productions. إلا أنه سرعان ما سئم من قصص مثل «الثعلب والأرنب» (1981)، وبدأ العمل على مشاريع جانبية خاصة به، من بينها فيلم قصير دعاه Frankenweenie عام 1984. (من بين مَن شاركوا فيه شيلي دوفال، دانيال ستورن، وصوفيا كوبولا الصغيرة). صحيح أن قليلين شاهدوا هذا الفيلم، إلا أنه كان سبب رحيل بورتون عن ديزني. (من بين محبي هذا الفيلم بول روبنز، الذي منح بورتون أول فرصة له في عالم الإخراج مع Pee-Wee’s Big Adventure، الذي عُرض السنة التالية).

عاد بورتون للتعاون مع ديزني مرات عدة خلال السنوات الماضية، إلا أن هذا التعاون لم يخلُ من الحذر. فقد أُطلق فيلم The Nightmare Before Christmas تحت اسم Touchstone، شعار ديزني لأفلام البالغين، مع أن ملصقات فيلمJames and the Giant Peach عام 1996 حملت أخيراً علامة رضا ديزني التي تمثلت بتوقيع والت ديزني الذهبي الملتف. كان هذان الفيلمان من إنتاج بورتون لا إخراجه. كذلك تولت ديزني توزيع فيلم بورتون Alice in Wonderland، الذي حقق نجاحاً ساحقاً عام 2010.

يأتي Frankenweenie في أعقاب مجموعة من أفلام الرعب المخصصة للأولاد التي لم تحقق نجاحاً كبيراً على شباك التذاكر، من بينها Coraline) 2009) و(ParaNorman 2012)، وقد صورا كلاهما بتقنية stop-motion. تذكر منتجة Frankenweenie، أليسون أبيت، التي تذهب إلى حد تشبيه بورتون بوالت ديزني نفسه: «أشعر أن Frankenweenie مختلف بعض الشيء عن هذه الأفلام، فهو يرتكز على المشاعر والأحاسيس. أعتقد أن بورتون وديزني متشابهان. تأملوا في ما حققه والت ديزني. تضمن فيلم «بيضاء الثلج»، مثلاً، الكثير من التفاصيل المخيفة والشخصيات السلبية. ولكن بما أن القصة تحمل عبرة مهمة وتحمل مشاعر فائضة، لاقت استحساناً واسعاً».

وعند سؤال بورتون عما إذا كانت التفاصيل المخيفة في Frankenweenie أقوى من أن يتحملها الأطفال، بدا مستاء وأجاب: «عملت في هذا المجال طوال حياتي. ما زلت أذكر أن الناس قالوا مع صدور النسخة القصيرة: يا إلهي! هذا غريب جداً. لكنهم عرضوا بعد ذلك فيلم بينوكيو، فخرج الأولاد من صالات السينما وهم يصيحون خوفاً. فتبادر إلى ذهني أن هذه الشركة تقوم على أفلام خفيفة وقاتمة في آن، وهذا ما يجعلها قوية. لهذا السبب تصبح أفلامها جزءاً منك».

الجريدة الكويتية في

22/10/2012

الصورة: المكونات والتأويل… في البحث عن المعنى

كتب: عبدالله أحمد  

صدر حديثاً عن «المركز الثقافي العربي» (بيروت- الدار البيضاء) كتاب «الصورة: المكونات والتأويل» للباحث غي غوتيي، ترجمة المغربي سعيد بنكراد وتقديمه. يتوقف الكتاب عند قضايا تبدو تقنية في الظاهر، لكنها تحيل في العمق إلى التصورات التي صاغتها الثقافة حول الفضاء والزمان والأشكال والألوان والخطوط.

يشير المترجم في مقدمة «الصورة: المكونات والتأويل» إلى أن الصورة هي في المقام الأول أداة تعبيرية، ولا تختلف في ذلك عن باقي أدوات التمثيل الرمزي التي يتوافر عليها الإنسان، لكنها لا يمكن أن تنفصل أيضاً عن العمليات كافة التي تقود إلى استنساخ واقع أو إعادة إنتاجه أو التمويه عليه من خلال المضاف التقني، بما فيها صناعة المشهد والوضعة وزاوية الرؤية، بل قد يصل بها الوهم إلى التصريح بإمكان استعادة هذا الواقع كما هو، استناداً إلى رؤية «وفية»، كما ألحت على ذلك التيارات كافة «الواقعية» التي جاهدت كي تجعل الصورة أداة للتعبير عن واقع، كما تراه، وترويضه وتوجيهه وفق غايات أيديولوجية مسبقة…

ويعتبر بنكراد أن عمل الصورة يتوقف على قدرتها على استيعاب مجمل الأحكام والتصنيفات الاجتماعية واستعادتها كما هي مودعة في الأشياء والكائنات. بعبارة أخرى، يتوقف «الغنى الدلالي» داخلها على قدرتها على الاستعانة بالخبرة الانسانية في أبعادها الرمزية كافة. فالمعنى ليس معطى سابقاً لما يتم تمثيله في الصورة، إنه وليد ما خلفته الممارسة الإنسانية في محيطها بأشيائه وكائناته ومظاهره. والمعنى في الصورة، وفي الأدوات التعبيرية البصرية كافة يستند إلى معرفة سابقة، هي الدلالات التي منحتها الثقافة للأشياء وهيئات الإنسان وكذا عوالم التشكيل. يتعلق الأمر بدلالات مكتسبة تجاهد الصورة انتشالها، من خلال التمثيل التشخيصي، من بنيتها الأصلية وإدراجها ضمن بنية أخرى تمنحها خصوصية وتغني من أبعادها.

ويشير مترجم الكتاب إلى أن المؤلف توقف مطولاً عند عنصرين يعدّان، في مجال التعبير البصري، دعامتين يمكن من خلالهما قراءة الصورة وتحديد طبيعة الفضاءات الممثلة داخلها، ويمكن أيضاً من خلالهما تحديد تاريخ الصورة والتأثيرات التي كانت مصادرها الدين والثقافة والأيديولوجيا، العمق والمنظور. ولم يتوقف المؤلف عندهما كي يحلل أبعادهما في التشخيص وإنتاج المعنى فقط، بل فعل ذلك كي يبرر الاختلافات الحضارية بين نمطين من التعاطي مع التعبير الأيقوني: تصور الشرق (الصين واليابان أساس) الذي لا يكترث للمنظور ويتعامل مع العمق استناداً إلى تصنيفات اجتماعية تثمن الشخص المصور وفق انتمائه الاجتماعي لا استناداً إلى موقعه في الصورة، وتصور الحضارة الغربية التي تبنت المنظور وصاغت وفقه تصورها للفضاء والكائنات، واعتبرته معطى موضوعياً من طبيعة كونية. بذلك كانت تنتقل من المحلي إلى الكوني استناداً إلى هوس داخلها يميل إلى تعميم القوانين كافة التي أفرزتها سياقاتها التاريخية والثقافية تلبية لحاجات محلية وفرضها بجميع الوسائل على الآخرين باعتبارها تنتمي إلى الحقل الكوني كما يقول المؤلف.

إجابة وافية

يقدم كتاب غي غوتيي دراسات غنية لبعض الصور، كما يمكن أن تحيل إلى معانيها وكما يمكن أن تدرك في علاقتها بصور أخرى تنتمي إلى الثيمة ذاتها، لذلك يمكن القول إن الكتاب هو، بشكل من الأشكال، إجابة وافية عن السؤال الذي طرحة الناقد الفرنسي رولان بارث في الستينيات في القرن الماضي، كيف يأتي المعنى إلى الصورة؟ لقد كانت الإجابة آنذاك ناقصة، ومحدودية الجواب الذي قدمه تعكس محدودية التصور الذي انطلق منه في تلك المرحلة. إذ لم يعد ممكناً أن يقف التحليل عند رصد دلالة الأشياء والكائنات وممكنات التأليف بينها، كما لم يعد اسقاط الحلول اللسانية كافياً للدفع بالصورة إلى تسليم كل مفاتيح قراءتها. أصبح للمستوى التشكيلي دور مهم يهدي، بطريقته ووفق قوانينه، إلى تلمس الدلالات المتنوعة في الصورة. أنه إحالة على كل ما يشير إلى الآثار التي تركتها الممارسة الإنسانية في المظاهر التي تحضر من خلالها الأشياء في العين والنظرة.

لم يفت الكتاب الالتفاف إلى القضايا الخاصة بالدور الدعائي الاشهاري الذي تقوم به الصورة. في هذا السياق، تناول المؤلف خصوصيات صورة الموضة: خصوصية المشهد وخصوصية الديكور وخصوصية الوضعية. وهي عناصر تبدو في الظاهر تقنية لا تخص سوى وضع الصورة، في حين أن الأمر يتجاوز ذلك إلى ما هو أعمق، إنه يحيل على وضع المرأة في المجتمع والسيرورات العسيرة التي قادت إلى تحررها وانعتاقها من المسبقات الاجتماعية. ففي الفصل الثاني عشر يقول: «كما كان مطلوباً من موديل 1911 الدلالة على الثبات والتحفظ الذي يميز بعض صور المرأة في بداية القرن، أصبح مطلوباً من موديل 1981 الدلالة على الحرية وانطلاق امرأة نهاية القرن».

يشير المؤلف إلى نمط بناء الصورة الإشهارية وطرق حضورها في العين. فالنموذج الممثل وكذا الإطار الطبيعي المحيط به لا يمكن فصلهما عن الغايات التجارية. لذلك، فإن الصورة الإشهارية، على عكس اللوحة أو الصورة الفوتوغرافية أو حتى بعض حالات الصورة الصحافية، لا تقدم نموذجاً يجب التوقف عنده، فالنموذج عندها يجب أن يظل مجهولاً، إنها لا تقول لك: تأمل جمال هذه المرأة، بل تقول لك: «تعال عندنا». ومن هنا يستنتج المترجم أنه «ليس غريباً أن تكون الصورة، استناداً إلى التحديدات السابقة كافة، أداة للتحكم والتضليل والتوجيه. فكما يمكن أن تكون نافذة تطل من خلالها الذات على عوالمها الأكثر ايغالا في القدم، يمكن أن تكون أداة لكل أشكال «الإقناع القسري» الذي يحدد للذات أشكال ردود أفعالها».

في مستهل الكتاب يقول المؤلف تحتل الصورة المسماة «ثابتة» مجالاً أقل تحديداً من الصورة المتحركة رغم قدمها، والتسمية المعطاة لها مستمدة أساساً من تعارضها مع نظيرتها المتحركة، وهذا يعني الشيء الكثير: لا يصبح الثبوت سمة مميزة إلا إذا كانت هناك في المقابل حركة. وهكذا فالصورة عبرت قروناً، حوالى الثلاثين، دون أن تُدرك باعتبارها مجموعة موحدة؛ وكان من الضروري انتظار اختراع السينما لتحصل، ظاهرياً على الأقل، على وحدة. والصورة الثابتة هي الصورة الفوتوغرافية والإعلان (المكتوب أو الفوتوغرافي) والرسم الصحفي وربما النحت الخشبي والأشرطة المصورة (متوالية من الصور الثابتة) ولماما ما تكون، والأمر يتعلق هنا بجنوح عاطفي، لوحة لسيزان أوماتيس. وإذا قبلنا بهذا التصنيف التبسيطي فإننا نجد أن الصورة الثابتة بالمعنى الشائع دائماً تتحدد تارة انطلاقاً من مادة الدال وطوراً من خلال مادتها، مرة بالتقنية المستعملة في إنتاجها ومرة أخرى باعتبارها مادة سردية. والحقيقة أنها ليست سوى غشاء عملي يسمح، خصوصاً بالحديث عن أي شيء كان باستثناء الصورة.

ويشير المؤلف أيضاً بأنه لا يدعي علم غير موجود، ولا يعلن عن ميلاد علم جديد. إنه يقترح مساراً يأخذ في الاعتبار السياق الثقافي (هيمنة أيديولوجيا خاصة للإدراك)، والسجل المزدوج للدلالة التي تفرضها ضرورة الموضوعات والأشكال. وكل فصل من هذا الكتاب يأتي انطلاقا من كون المؤلف يهتم بالصورة والمعنى لا بالجماليات.

الجريدة الكويتية في

22/10/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)