حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

باسم سمرة‏:‏

بعد الموقعة تجربة سينمائية مهمة وثرية

أميرة العادلي

 

رغم عرضه في أكثر من مهرجان دولي فمازال فيلم بعد الموقعة يثير الكثير من الجدل حوله ويفتح مجالات طويلة للمناقشة‏...

‏الأهرام المسائي يناقش أحداث الفيلم مع أحد أضلاع مثلث أبطاله الفنان‏..‏باسم سمرة الذي يضع إجابات لكل هذه التساولات‏.‏

·        لماذا يثير الفيلم كل هذه الضجة منذ عرضه؟

‏**‏ لأنه واقعي‏,‏ ويقدم وجهة نظر مختلفة‏,‏ ويقف علي الحياد من جميع الأطراف‏,‏ وقدم شخصيات من لحم ودم‏.‏

·        يمزج الفيلم بين الروائي والتسجيلي واختلفت ردود الفعل حوله فما رأيك؟

‏**‏ هو تجربة مهمة جدا للسينما‏,‏ وانا شخصيا استمتعت بالعمل مع يسري خاصة بعد فيلم المدينة الذي حصدت عنه العديد من الجوائز‏,‏وتعلمت أشياء جديدة‏,‏ وحقيقي الفيلم تم تصويره في ظروف صعبة فنحن بدأنا التصوير بعد‏5‏ شهور من الثورة‏,‏ وكانت هناك احداث متلاحقة خلال التصوير‏,‏ اما عن ردود الفعل فلايمكن أن يجمع الناس علي فيلم فهناك من أعجب به ووصلت له المشاعر وشعر بمعاناة الشخصيات وتفهم وجهة النظر التي طرحناها‏,‏ وهناك من هاجم الفيلم لمجرد طرحه للحقيقة واعتبر أنه ضد الثورة وهذا هو المضحك ان يتم إتهام يسري نصر الله بانه ضد ثورة يناير‏.‏

·     الكثير من النقاد والسينمائيين يرون أنه من الصعب أن تقدم فيلما حقيقيا عن الثورة بعدها مباشرة ويجب أن تأخذ وقتا حتي تتكشف الحقائق ألاتري ان الفيلم كان خطوة مبكرة منكم؟‏

**‏ بالعكس فهل سنقدم فيلما بعد أن نموت‏,‏ومن حقي ان أطرح وجهة نظري في الأحداث وقتما زشاء ومن يرد الانتظار فلينتظر‏,‏ وأعتقد اننا قدمنا فيلما حقيقيا برؤية ووجهة نظر منطقية‏.‏

·        كيف تعاملت مع الشخصية رغم عدم وجود سيناريو‏,‏ والحوار يعتمد علي الإرتجال؟

‏**‏ا لإرتجال مفهوم غلط عند الجميع فليس معناه أنني أجعل الشخصية تتحدث كما تشاء‏,‏ ويسري‏,‏ وعمر شامة كانا يقومان بعمل ورشة عمل‏,‏ وبروفات مستمرة‏,‏ ويطرحان أفكارا متجددة تتطور مع تصاعد الأحداث‏,‏ والكثير يظن أن الفيلم أتعمل في أسبوع وهناك مجهود كبير بذل قبل‏,‏ وأثناء التصوير‏,‏ خاصة اننا طول الوقت لانستطيع ان نتوقع الحدث القادم‏.‏

·     الفيلم يتحدث عن موقعة الجمل ورغم ذلك تعرض لأحداث ماسبيروا فلماذا لم يتم التركيز علي حدث واحد؟

لأننا أعتبرنا ان الواقعتين هما اهم وقائع الثورة وقد حدثت احداث ماسبيرو اثناء التصوير حاصة ان ماسبيرو حدثت أثناء تصويرنا في الفيلم‏,‏ وكان لايمكن تجاهلها‏,‏ وأيضا لايمكن سرد كل وقائعها لذلك ركزنا علي موقعة الجمل وجاءت احداث ماسبيرو في النهاية واعتقد أن التسلسل جاء منطقيا لان بطل الموقعة لم يكن يعرف شيئا عن الثورة‏,‏وبعد ماقلته لـ ريم الناشطة السياسية التي قدمتها منة شلبي أن يشارك في ماسبيرو ويصاب بطلق ناري‏.‏

·        كيف تعايشت مع شخصية محمود الخيال؟

‏**‏أنا عشت معظم حياتي في الهرم‏,‏ ولي أصدقاء في المنطقة لكن شخصية محمود مركبة فهو إنسان بسيط لايشغله سوي لقمة العيش‏,‏ وتربية أولاده‏,‏ ويدفع به لينزل الي ميدان التحرير‏,‏ وبعد سقوطه من الحصان في الوقعة يتعرض للأضطهاد من الجميع‏,‏ وأشتغلت كثيرا علي الشخصية مع يسري‏,‏ وحرصت علي أن تظهر تلقائية‏,‏ وقام بتدريبي علي التحكم في الحصان والرقص به خيال من النزلة‏,‏ والذين قاموا بدور اولادي في الفيلم هم أولاد الخيال‏,‏ واخذوا مني مجهودا كبيرا لنصل لشكل العلاقة الأسرية علي الشاشة فأصعب تمثيل بالنسبة لي يكون مع الحيوانات‏,‏ والأطفال‏.‏

·        هل تغيرت وجهة نظرك في موقعة الجمل بعد معايشتك لأهالي نزلة السمان علي مدار‏5‏ شهور؟

‏**‏ لايوجد شخص طيب او شرير معظم الوقت‏,‏ وأهالي النزلة في البداية كانوا متخوفين من ان نقدمهم علي أنهم بلطجية‏,‏ خاصة أنهم تعرضوا لهجمة شرسة‏,‏ والحقيقة انهم ناس لايعرفون ولايهتمون بالسياسة‏,‏ وأحلامهم بسيطة هي العيش بكرامة ليس أكثر‏,‏ ومعظمهم لم يكن يعرف لماذا نزلوا إلي الميدان‏,‏ والشخصية التي قدمها صلاح عبد الله يحقيقية ففي هذه المناطق دائما مايوجد كبير يحترمه الجميع وينفذ أوامره‏,‏ وبعد مناقشات كثيرة معهم‏.‏

تفهموا ماذا نفعل‏,‏ واننا نقدم قصة حقيقية بحيادية‏,‏ فرحبوا بنا‏,‏ وساعدونا‏,‏ واشتركوا معنا في التمثيل‏,‏ ومنهم من قرر بعد ذلك ان يصبح ممثلا وبالفعل أحدهم اشترك في ورشة تمثيل مع المخرج خالد جلال‏.‏

·        ما الرسالة التي أردت توصيلها من مشهد السور الذي ربطته بالميدان والثورة؟

‏**‏ السور هو جزء من ازمة اهالي نزلة السمان لأنه قطع عنهم الرزق‏,‏ فقبله كانت النزلة مفتوحة علي الهرم‏,‏ وأهالي النزلة يبيعون للسائحين منتجاتهم‏,‏ ولكن بناؤه أغلق لهم باب رزق‏,‏ ولا أعلم لماذا تم بناء هذا السور في منطقة أثرية وسياحية‏,‏ وكأنهم احاطوا أهل النزلة بسياج‏,‏ وعزلوهم عن الهرم‏.‏

·        وماذا عن مشهد النهاية بصعود محمود علي قمة الهرم؟

‏**‏ هو تجسيد لواقع المواطن البسيط الذي يحلم بحياة أفضل‏,‏ خاصة بعد ثورة‏25‏ يناير‏,‏ فهو محاولة واصرار للحصول علي الحرية‏.‏

·        حدثنا عن تجربتك في تيتة رهيبة مع محمد هنيدي وعرض فيلمين لك في نفس التوقيت؟

توقيت العرض لم يشغلني لأن الفيلمين مختلفان تماما‏,‏ والتجربة مع هنيدي‏,‏ وسامح عبدالعزيز كانت مختلفة‏,‏ فانا نادرا ما أقدم دورا كوميديا‏,‏ وسعيدا جدا به وأتمني ان أقدم كل الأدوار وليست المركبه فقط‏.‏

·        ما هي محطاتك الفنية القادمة وكيف تحسب خطواتك الفنية؟

‏**‏ سنعود لمواصلة تصوير مسلسل ذات في منتصف الشهر الجاري‏,‏ بالإضافة لمسلسل مولد وصاحبه غايب اما عن الخطوات القادمة فحقيقي أتمني ان انتهي من هذين العملين لأننا أصبحنا لا نعلم هل سنكمل تمثيل أم ماذا سيحدث؟

·        هل مازلت تشعر بالقلق رغم ما يحدث من تطمينات للفنانين؟

‏**‏ انا لست قلقا أنا متأكد‏,‏ فدائما يخرج شخص يشتم ثم آخر يحتوي المسألة ويطبطب‏,‏ والهجوم أصبح شرسا وغير مبرر‏,‏ وانا لست ضد الثورة كما يقول البعض‏,‏ لكني ضد ما يحدث من قمع للحريات‏,‏ فما يحدث الأن عكس ما نادت به ثورة يناير‏.‏

·        ومن وجهة نظرك كيف ستقفون أمام هذه الهجمة؟

‏**‏ سنظل نقدم افلاما ومسلسلات‏,‏ وأثناء الثورة قدمت فيلم‏18‏ يوم الذي لم يعرض‏,‏ وسأظل ابحث عن أعمال جيدة ترضيني كممثل لاقدامها للجمهور‏.‏

الأهرام المسائي في

13/10/2012

 

حسني صالح يدشن فيلمه الأول هنا مفيش

ناهد خيري 

يحتفل المخرج حسني صالح اليوم باستوديوهات الجابري‏,‏ ببداية تصوير أولي تجاربه الإخراجية في السينما‏,‏ التي يدخلها بفيلم هنا مفيش بطولة رانيا يوسف‏,‏ وحسن الرداد‏.‏

وقال صالح الفيلم يناقش عددا من القضايا الاجتماعية من خلال قصة حب رومانسية تجمع بين شاب وابنة عمه في قالب كوميدي‏,‏ مؤكدا أن السينما بدأت تستعيد مرة أخري نشاطها‏,‏ وأنه سعيد جدا ومتفائل بهذا النشاط السينمائي الذي بدأ يطفو علي السطح‏,‏ وقال‏:‏ إنه يستعد أيضا لدخول فيلم لبن العصفور من تأليف ناصر عبدالرحمن بعد الانتهاء من تصوير فيلم هنا مفيش‏.‏

وعن خوضه مجال السينما بعد أن قدم أعمالا تليفزيونية مثل مسلسل الرحايا و شيخ العرب همام ووادي الملوك قال صالح‏:‏ بدايتي كانت سينما‏,‏ وأعتقد أن لدي الكثير الذي أستطيع أن أقدمه لها‏,‏ لأنها في حاجة إلي دم جديد من مخرجين‏,‏ وكتاب‏,‏ وممثلين‏,‏ وأرجو أن تعود لسابق عهدها‏,‏ لأن المواهب كبيرة‏,‏ والمنافسة أصبحت قوية‏.‏

وعن اختياره لرانيا يوسف لدور البطولة قال صالح‏:‏ رانيا ممثلة موهوبة‏,‏ وأعتقد أنه مازال في جعبتها الكثير الذي لم يخرج إلي الآن‏,‏ وتستطيع بموهبتها فرض نفسها كنجمة صف أول‏,‏ خاصة بعد أن ظلت الساحة مقفولة علي عدد من النجمات بعينهن‏,‏ الآن السينما تحتاج دم جديد من الممثلات‏,‏ فلا يصح أن تغلق الساحة علي أربع أو خمس نجمات وحسب‏.‏

كما أكد صالح أن حسن الرداد نجم مبشر‏,‏ ويحمل بداخله ممثلا من العيار الثقيل‏.‏ وتطرق صالح في حديثه إلي حال الدراما التليفزيونية وقال‏:‏ إن الثراء الذي شهده رمضان الماضي من دراما تليفزيونية حالة فريدة لا يمكن تكرارها‏,‏ مؤكدا أن الدراما التركية تركت أثرا ليس جيدا علي الدراما المصرية‏,‏ وأوقعتها في المحظور‏,‏ وقال‏:‏ كاذب من يؤكد أن الدراما التركية رخيصة الثمن‏,‏ لهذا يتجه إليها أصحاب القنوات الخاصة‏,‏ دبي تشتري المسلسل التركي بستة ملايين دولار‏,‏ ثم تبيعه للفضائيات المصرية التي تساعد بعرضها هذه الأعمال علي طمي الهوية والثقافة واللغة المصرية‏,‏ كما تعمل أيضا علي إدخال عادات وتقاليد غريبة علي أبنائنا‏.‏

وأكد صالح أن اتجاهه للسينما لن ينسيه عشقه للدراما التليفزيونية‏,‏ مؤكدا أنه بصدد التحضير لمسلسل كبير من بطولة نجم كبير لن يعلن عنه الآن‏.‏

الأهرام المسائي في

13/10/2012

 

«وجدة» تسحر الجمهور البريطاني وتسجل نجاح أول فيلم سعودي طويل

المخرجة السعودية هيفاء المنصور في لقاء مع «الشرق الأوسط» : أتعايش مع لقب أول مخرجة سعودية بسعادة

لندن: عبير مشخص

منذ أول لقطة في فيلم «وجدة» للمخرجة السعودية هيفاء المنصور، الذي عرض في مهرجان «لندن السينمائي» أول من أمس، ندخل في عالم الطفلة وجدة ذات العشر سنوات. في اللقطات الأولى نرى قدمي الفتاة اللتين لا تكفان عن الحركة، ونرى أقدام زميلاتها حولها، كلهن ينتعلن الحذاء المدرسي الأسود إلا وجدة التي تتميز بينهن بارتداء حذاء رياضي برباط أزرق إمعانا في تحدي العرف المدرسي. العالم الذي يحيط بوجدة داخل المدرسة وخارجها هو عالم يريدها أن تذعن لأوامر وتقاليد كثيرة لكنها المتمردة أبدا، تبتعد بنفسها عن ذلك العالم، في غرفتها تثبت استقلال شخصيتها عبر صنع سوارات من الشرائط الملونة بألوان أندية كرة القدم السعودية لتبيعها لزميلاتها، وتسجل أغنيات تسمعها عبر راديو قديم على أشرطة كاسيت تحملها معها في حقيبة المدرسة. اللحظة التي ترى فيها وجدة دراجة محمولة على سطح سيارة في أحد شوارع الرياض في أجمل مشاهد الفيلم، هي اللحظة التي يتحول كل همها وحلمها في الحياة للحصول على الدراجة وركوبها في الشارع لتتسابق عليها مع جارها الطفل عبد الله. خلال الفيلم نرى وجدة تعمل جاهدة على ادخار مبلغ 800 ريال لشراء الدراجة، تصطدم مع ناظرة مدرستها أكثر من مرة ولكنها تصر على حلمها. وعبر قصص فرعية كثيرة نرى عالم وجدة، الطفلة الوحيدة لوالديها، نرى اعتزازها بنفسها لدى وقوفها أمام رسم لشجرة عائلة والدها يحمل فقط أسماء الذكور، تكتب اسمها على ورقة بيضاء وتلصقه إلى جانب اسم والدها لتصاب بخيبة أمل عندما تجد الورقة مكورة وملقاة جانبا. تصر على الحصول على الدراجة وتذهب لصاحب المحل لإقناعه بألا يبيعها لغيرها، تعطيه شريطا مسجلا عربونا للصداقة ولكن الرجل فعلا يلتزم بالصداقة البريئة بينهما ويحتفظ بالدراجة انتظارا لها، وللوصول لهدفها تندرج في مسابقة لحفظ القرآن في مدرستها أملا في الحصول على الجائزة المالية، وعند فوزها تسألها مدرستها عما تنوي أن تفعله بالنقود فترد وجدة بكل الشقاوة والسعادة في عينيها: «أريد أن أشتري سيكل»، لدهشة وامتعاض مدرستها التي تقرعها على فسادها وتقرر التبرع بمبلغ الجائزة لصالح قضية فلسطين نيابة عن وجدة. لكن الفيلم لا ينتهي بتحطيم أمل الصغيرة.

الفيلم الذي صور بالكامل في شوارع مدينة الرياض يعد نافذة لجمهور غربي لرؤية جانب من المجتمع السعودي، وخلال فترة العرض ظل الجمهور متابعا ليختتم العرض بالتصفيق طويلا للفيلم ومخرجته التي حضرت العرض وأجابت على أسئلة الجمهور.

و كان لـ«الشرق الأوسط» لقاء مع هيفاء المنصور تحدثت خلاله حول مراحل العمل في الفيلم، وما يمثله لها كونها أول مخرجة سعودية وأيضا عناء البحث عن ممثلات سعوديات.

تقول المنصور إن عملية إيجاد طاقم التمثيل كانت صعبة خاصة بالنسبة للممثلات «أعتقد أن عملية البحث عن ممثلات سعوديات يمثل تحديا صعبا، وليس الأمر كذلك بالنسبة للممثلين الرجال الذين يبعثون لي برسائل على (تويتر) مع صور لهم، لكن الأمر يختلف بالنسبة للممثلات». تشير المنصور إلى أن الممثلة ريم عبد الله التي قامت بدور والدة وجدة من الممثلات المعروفات في السعودية، ولها أعمال على شاشة التلفزيون وبالتالي فإن الأمر كان سهلا بالنسبة لها، أما اختيار الطفلة وعد محمد، التي تقوم بدور وجدة فقد كان صعبا بعض الشيء وتشير إلى أن عملية البحث كانت مستمرة حتى الأسبوع الأخير قبل التصوير، حيث تقدمت وعد لتمثيل الدور وعرفت على الفور أنها وجدت ضالتها، فوعد «كانت مدهشة» على حد تعبيرها.

الحديث يتطرق إلى عملية التصوير التي تمت في شوارع الرياض ومدى صعوبتها بالنسبة لها كمخرجة. تعلق هيفاء على أنها حصلت على إذن رسمي بالتصوير في الشوارع ولكن الأمر أحاطته بعض الصعوبات فيما يتعلق برد الفعل في الشارع، فكانت تعتمد على أن يفهم منها الممثلون ما تريد منهم أن يقوموا به، حيث لم تستطع أن تكون معهم دائما في مكان التصوير: «كان من الصعب علي ألا أكون مع الممثلين وقت التصوير لأرى أداءهم وأعلق عليه وأوجههم، ولكن الحل كان في تكوين صلة قوية معهم حتى يعرفوا ما الذي أريده منهم، خاصة الطفلة وعد فقد كان بيننا تفاهم قوي بحيث كانت تعرف ما أريده منها، كانت تفهمني حين أقول لها: لقد بالغتي في هذا المشهد أو كان عليك إضافة بعض الحركة هنا، لقد فهمتني دون الحاجة إلى أن أقول لها كثيرا وأعتقد أن هذه العلاقة بين الممثل والمخرج مهمة جدا». ولكن التصوير في الشارع أيضا لم يكن سهلا من جوانب أخرى؛ إذ كان على فريق العمل التعامل مع التقلبات الجوية التي طاردتهم «كنا نتوقع طقسا مشمسا وفجأة تهب عاصفة رملية أو تنهال الأمطار بشكل مفاجئ، الأمر كان أصعب على الفنيين الألمان الذين كانوا يعملون معنا».

كونها أول مخرجة سعودية تعده لقبا «مميزا» تحمله بسعادة وتشير إلى أنها لم تضطر لتغيير السيناريو الذي كتبته، وأن الرقابة لم تغير به شيئا «أنا نشأت في السعودية وأريد أن أعمل من داخل البلد، لا أريد أن أكون مخرجة تعمل من الخارج ولا أن تكون آرائي خارجة عن المنظومة الداخلية. ولهذا فقد كنت أريد أن أظهر صوتا معتدلا خلال كتابتي للسيناريو. أردت أن أقول إنه في الوقت الذي يمكن للكل فهم ومناقشة ثقافتنا الاجتماعية، إلا أننا أيضا يجب أن نفخر بها ونتعامل معها، أردت أن يشعر من يشاهد الفيلم بأنه يعبر عنه».

السينما لدى المنصور لها دور هام في التقريب بين الشعوب: «كثيرون لا يعرفون السعودية، ويصدقون الصورة النمطية الشائعة، فهم لا يعرفون حياتنا اليومية ولا كيف يعيش الناس ولهذا ففيلم (وجدة) يقدم لهم شريحة من الحياة اليومية. أردت أن يكون فيلمي عن الناس وليس عن القضايا. أعتقد أن للسينما دورا هاما في التقريب بين الناس، وأتمنى أن تتطور السينما في السعودية فبلادنا لها مكانة على المستوى السياسي والاقتصادي وأتمنى أن تكون الفنون على نفس المكانة».

رغم أن فيلم «وجدة» يدور حول النساء بشكل عام، يطرح كثيرا من القضايا التي تمسهن من الزواج إلى التعليم، فإن المنصور تقول إنها تريد أن تعبر بفنها عن أكثر من ذلك ومع ذلك فالتعبير عن النساء هو أمر تشعر به قريبا إلى قلبها حسب ما تقول «لا أريد أن تكون أعمالي عن النساء فقط ولكني أفهم لماذا أعبر عنهن بكثرة، فقد نشأت هنا في مدينة صغيرة وهذا هو عالمي وإذا أردت التعبير عن شيء فسيكون عن الوضع الذي أعرفه وأفهمه».

الفيلم الذي أنتجته «روتانا» سيعرض العام المقبل على شاشة التلفزيون وبالتالي سيتمكن الجمهور السعودي من مشاهدته بشكل واسع، «سيكون بمقدور كثيرين مشاهدة الفيلم لدى عرضه في دور السينما في الخليج ومن لم يستطع سيتمكن من متابعته على التلفزيون». تواجه المنصور دائما السؤال حول عدم وجود دور سينما في السعودية ولكنها تفضل رؤية الجانب الإيجابي لتجربتها السينمائية: «لا بد من القول بأن هناك تغييرا ملموسا، فقد صورت فيلمي في السعودية بشكل رسمي وأتوقع أن نرى دور السينما هناك قريبا».

لقب أول مخرجة سعودية يبدو لقبا «جيدا» كما تقول بابتسامة «لا أمانع أن أكون كذلك ولكن الأهم لي هو أن أستطيع أن أصنع أفلاما جيدة وأن أقدم قصصا يتفاعل معها الناس بشكل جيد».

تبقى نصيحتها للأجيال الجديدة، فردا على سؤال لفتاة من أصول سعودية تدرس السينما حضرت عرض الفيلم تطلب منها النصيحة المهنية قالت: «كوني صادقة وقدمي مواضيع وقصصا تمسك أنت في المقام الأول وخذي الجمهور معك في رحلة عبر تلك القصص».

فيلم «وجدة» تم إنتاجه من قبل شركة «روتانا» ومجموعة «ريزور فيلمز» ومجموعة «هاي لوك»، وهو من تأليف وإخراج هيفاء المنصور.

الشرق الأوسط في

13/10/2012

 

أليخاندرو أمينابار:

عبقرية سينمائية استثنائية

ممدوح شلبى 

كانت ملاحظتى الاولية بعد ان شاهدت فيلم اجورا للمخرج الاسبانى اليخاندرو امينابار، اننا بصدد عبقرية سينمائية استثنائية قلما يجود بها عالم السينما ، لقد اعجبنى الفيلم كثيرا ولم اندهش عندما قرأت ان بعض النقاد يعتبرون ان بعض افلام امينابار هى من اروع افلام السينما العالمية ، انهم يقصدون فيلم ( داخل البحر ) وفيلم ( اجورا ) تحديدا ، لان باقى افلامه تفتقد شيئا ما يمنع تصنيفها كتحف سينمائية .

لقد تتبعت اثر هذا المخرج المدهش وشاهدت له فيلم ( الآخرون ) ايضا لكننى لاحظت ان الثلاثة افلام التى شاهدتها تختلف عن بعضها بعضا، وان كل منها يحتوى على نوع من التجريب، وبشكل عام فان اليخاندرو امينابار يتميز بنوعية من السينما الغنية التى يلعب فيها السيناريو اهم الادوار ، كما تختلط فى افلامه عناصر الابهار بالرؤية الفلسفية ، ان هذا لا يمنع ايضا تذمرى الشديد من فيلم الاخرون رغم اللغة السينمائية الغنية لفيلم تدور احداثه جميعا داخل مكان واحد مغلق ، لقد تمنيت ان يكون ثمة تأثر بانجمار برجمان ، لكنه كان يصنع فيلما تجاريا واعتقد انه اهان عبقريته كثيرا بهذا الفيلم او انه كان يتنازل من اجل ان يغزو الشاشات الامريكية ، فهذا الفيلم كتبه امينابار وارسله الى توم كروز بعد ان اشترى توم كروز حقوق اعادة انتاج فيلمه السابق ( افتح عيونك) الذى حملت نسخته الامريكية اسم فانيلا سكاى .

ان بداية اليخاندرو فى السينما الروائية الطويلة بفيلم الاطروحة لا يمكن باى حالى ان تُرهص بفيلم أجورا، ففى فيلم الاطروحة فانه يحشد كل اسباب النجاح الجماهيرى لفيلمه ويتخذ أسلوب الاثارة وجريمة قتل، هذه العناصر لا تنتمى الى السينما الفنية بل الى ميراث هوليود فى السينما الجماهيرية التى لا تصل الى مهرجانات السينما ولا تحظى بالترحيب من النقاد ، ولن نستغرب هذه البداية فقد عبر اليخاندرو عن اعجابه بالمخرج الامريكى ستيفن سبيلبيرج الذى يُعد اسطين السينما الامريكية التجارية .

لكن اليخاندرو امينابار ومنذ فيلم ( داخل البحر) ومن بعده (أجورا) فيبدو انه صحح مساره الفنى ولم يعد يهتم بافلام الاثارة ولذلك فقد اقترب من السينما الفنية التى تحظى باعجاب النقاد وتجد لها مكانا فى المسابقات الرسمية للمهرجانات الكبرى ، وتحصل ايضا على جوائز كبرى .

وُلد اليخاندرو امينابار فى شيلى عام 1972 ، لاب شيلى وام اسبانية ، وعندما كان عمره سنه واحدة رحلت عائلته الى اسبانيا ، وكان هذا قبل خمسين يوما فقط من الانقلاب السياسى الذى قاده الديكتاتور بينوشيه فى شيلى .

ويقول امينابار (اننى مازلت اتذكر غناء امى على جيتارها ، لكنها عندما وصلت اسبانيا فانها توقفت عن العزف ، ان ذاكرتى تستدعى ايضا اغنية قديمة لجيمينى كريكت ، وعندما كنت فى السادسة عشر من العمر ، فاننى اشتريت جهاز تسجيل – ولم يكن لدينا فى منزلنا فى مدريد جهاز تسجيل حتى ذلك الوقت – ووقتها وجدت نفس الاغنية).

ويستذكر ايضا ( اخبرانى والداى اننى كنت معتادا ان اقول بابا وماما قبل ان نصل الى اسبانيا ، لكننى فى اسبانيا صمت تماما عن الكلام حتى انهما اخذانى الى طبيب.

وثمة ذكرى اخرى اتذكرها من طفولتى ، وهى اننى لم اكن ألعب مع الاطفال الاخرين فى الشارع ، اننى لا اعرف السبب ، والآن فاننى اعتقد ان سبب ذلك ان هؤلاء الاطفال لم يكونوا مألوفين لى ).

(كنت غالبا لا اشاهد السينما ، لكننى احببت افلام مثل ( اى تى) وانديانا جونز، واوضح لى اخى ان الفيلمين من اخراج ستيفن سبيلبيرج ).

بدأ اليخاندرو امينابار دراسة السينما فى عام 1990، وكانت الدراسة تركز على تقنييات الصورة والصوت ، كان هذا فى جامعة (كومبلوتنس) فى مدريد، ولسوء الحظ فان هذه الدراسة كانت تفتقر الى التدريبات العملية، ولذلك فقد ترك الدراسة بعد ان رسب عدة مرات بشكل تعسفى، ثم بدأ فى اخراج الافلام القصيرة منذئذ ولقد انفتحت الدنيا امام هذا السينمائى الصغير.

الافلام القصيرة والبدايات

فى عام 1991 وكان عمره 19 عاما ، فانه عرض اول افلامه القصيرة ( الرأس ) الذى نال جائزة جمعية صناع السينما الهواه المستقلين ، كما كان هذا الفيلم هو بداية زمالته مع ماتيو جيل - كاتب السيناريو والمخرج الاسبانى – والذى يعتبر شريكا فنيا لامينابار فى مشواره الفنى .

ثم جاء فيلمه القصير الثانى فى عام 1992 ، وكان بعنوان ( الاجنحة الغشائية ) ولقد فاز بجائزة احسن فيلم فى مهرجانين هما ( أليكانتى ) ومدريد.

(لقد اردت من البداية ان اكون مخرجا ، بالرغم من اننى لم اكن اعى متطلبات الاخراج ، لكننى فى عامى المهنى الاول كمخرج ادركت المعنى الحقيقى للاخراج ، لقد كنت انا وصديقى ماتيو جيل نعمل اول افلامنا).

وفى عام 1994 كتب امينابار واخرج ثالث افلامه القصيرة، انه فيلم (القمر) الذى فاز بجائزة لويس جارسيا بيرلانجا كاحسن سيناريو وجائزةاخرى كاحسن شريط صوت عن نفس الفيلم .

لقد اشتهر اليخاندرو امينابار بتعدد وظائفه فى الفيلم الواحد ، فهم يخرج ويكتب السيناريو ويمنتج ويمثل ويؤلف الموسيقى.

كما عمل ايضا كمصورا ومونتيرا ومؤلفا موسيقيا لاول افلام صديقه ماتيو جيل وكان يحمل عنوان ( قبل القُبلة كنت احلم اننى قتلتك).

بعد هذه الافلام القصيرة الناجحة ، قرأ المخرج جوزيه لويس كويردة سيناريو من تأليف امينابار وماتيو جيل، لقد كان فيلما طويلا بعنوان (الاطروحة) .

فيلم الأطروحة

ان حبكة الفيلم تعتمد على الاثارة والدم وتدور فى نفس الجامعة التى لم يكمل امينابار الدراسة بها ، لقد تم عرض الفيلم فى عام 1996 ، ولقد ادهش النقاد منذ عرضه الاول فى مهرجان برلين السينمائى، لقد حصل هذا الفيلم على سبع جوائز ( جويا ) – انها جوائز اسبانية تعادل الاوسكار الامريكى - ومن ضمن هذه الجوائز جائزة احسن فيلم واحسن سيناريو مكتوب خصيصا للسينما واحسن مخرج .

(كنت اقرأ عن افلام القتل، وكان الشئ الوحيد الذى كنت على ثقة فيه، هو اننى اريد ان احكى قصة عن كلية تزدحم باناس تافهون مغرمون بالسينما وحيث الاساتذة اناس اشرار).

والفيلم يحكى عن انجيلا التى تدرس فى اكاديمية السينما ، انها تعمل فى اطروحة عن العنف فى الافلام ، وكعون لها فى عملها فان معلمها ( فيجيورو ) يعدها بان يبحث فى المكتبة الفلمية عن اكثر الافلام عنفا ، وفى نفس الوقت فان زميل دراستها ( شيما ) يدعوها لمشاهدة العديد من افلام العنف والجنس فى منزله .

وفى المكتبة الفلمية يكتشف ( فيجيورو ) عن طريق الصدفة تجاويف فى قاعات تحت الارض مملوءة بمئات من افلام الفيديو ، انه يختار واحدا من هذه الافلام ثم يخرج ، وفى الصباح التالى فان انجيلا تكتشف موته فى غرفة العرض السينمائى ، وتقوم انجيلا بسرقة شريط الفيديو الذى شاهده الاستاذ ثم تأخذه معها الى بيتها ، ونظرا لحالة الخوف الشديد الذى انتابت انجيلا تجاه هذا الفيديو فانها تقرر ان تستمع الى الصوت فقط ، الذى يتكون من صرخات امرأة .

ويكتشف (شيما) وجود شريط الفيديو ويقرر مع انجيلا ان يُشاهداه، ان الشريط عبارة عن فيلم من افلام القتل ويقوم القاتل بتصوير الفيلم ، ان انجيلا ترى فى الفيلم عملية تقطيع اجزاء جسم القتيلة، ويقوم (شيما) بتحليل الصورة ويكتشف نوع الكاميرا التى اُستخدمها القاتل فى تصوير الفيلم.

وبعد عدة ايام تتقابل انجيلا فى المعهد مع شاب يُسمى ( باسكو ) انه يحمل نفس نوع الكاميرا ، وتكتشف انجيلا ان هذا الشاب صديق حميم لـ (فانيسا)، انها الفتاة المقتولة فى الفيلم .

وبعد ذلك تكتشف انجيلا ان العديد من نفس نوع الكاميرا تم شراءها بواسطة المعهد منذ عدة اعوام ، وتتقابل انجيلا مع البروفيسير (كاسترو) فى مكتبه ، انه الاستاذ الذى يعمل بالتناوب مع الاستاذ السابق رؤيته (فيجيورو) وذلك لمناقشة عملها البحثى.

وبعد محادثة متوترة بينهما ، يكشف لها (كاسترو) شريط فيديو ، فترى انجيلا نفسها فى هذا الشريط وهى تقوم بسرقة شريط فيلم القتل من غرفة العرض السينمائى .

ان ( كاسترو ) يطلب منها تسليمه شريط القتل ولكنها تهرب ، وتُدرك انجيلا انها دخلت عالم محفوف بالمخاطر وانها ربما تكون الضحية القادمة التى ستظهر فى فيلم القتل التالى ، لكنها تقرر ان تنأى بنفسها عن هذا الخطر .

ان اليخاندرو امينابار لم يكمل تعليمه الجامعى فقد رسب فى مادة ( التاليف السينمائى )، ان الاستاذ الذى تسبب فى رسوب اليخاندرو فى هذه المادة كان اسمه كاسترو، وهو نفس اسم الاستاذ الذى يظهر فى فيلم الاطروحة (1996).

ومن المفارقات ان امينابار والذى رسب فى مادة التأليف السينمائى اصبح واحدا من افضل سينمائى العالم بفضل كتابته لسيناريوهات افلامه بنفسه وبمشاركة احيانا مع ماثيو جيل .

ويقول امينابار عن فيلم الاطروحة ، انه فيلم ممتع ومهم انطلاقا من حقيقة انه من اوائل افلام الجريمة فى السينما الاسبانية .

افتح عيونك

ثم جاء فيلمه الطويل الثانى ( افتح عيونك ) الذى يمثل عودة الى الاثارة السيكولوجية مُضافا اليها عناصر من الخيال العلمى ، لقد كان هذا الفيلم مثل ( ثيسس ) فقد استحدث اساليب جديدة غير معروفة فى السينما الاسبانية .

وبعد نجاح هذا الفيلم فى مهرجانات برلين وصاندانس وطوكيو ، فان فيلم ( افتح عيونك ) كان نقطة البداية لشهرة امينابار العالمية .

فى ظلمة زنزانة سجن تخص الامراض النفسية نرى ( سيزار ) وهو شاب فى الخامسة والعشرين من العمر ، انه يبدأ فى قص اسباب مجيئه هنا الى الطبيب النفسى ( انتونيو ) ، ان هذا الشاب يتمتع بوسامة وله اسلوبه الخاص فى استمالة النساء ، وبالاضافة الى كل هذا فانه ورث ثروة كبيرة ، ان ( سيزار ) هو من الناس الذين منحهم القدر الكثير فى حياتهم لكى يكونوا اسعد الناس .

وفى احدى الليالى فانه يتعرف على ( صوفيا ) ، ان صديقه ( بيلايا ) هو الذى عرفه الى صوفيا ، ويشعر سيزار بانه يحب صوفيا من اول نظرة ، ولا يجد غضاضة فى اخذها من صديقه بيلايا ، انه يفعل ذلك ببساطة والاكثر من ذلك ان علاقتهما تبدو رائعة .

وفى نفس الليلة يذهب سيزار الى نوريا ، انها شابة مغرمة به الى حد الهوس ، ويحاول سيزار ان يتخلص منها لكن اصرارها على البقاء معه يدفعه الى الذهاب معها فى السيارة ويتركان المنزل ، ان الغيرة تملأ قلب نوريا ، وتصطدم بالسيارة فتموت نوريا فى الحادث ويتشوه سيزار الى حد اختفاء ملامحه كلها .

وبعد عدة اشهر ، فان الجراحين يعجزون عن استعاده ملامح سيزار بالرغم من ان سيزار وعدهم بدفع اى مال يطلبونه ، وفى احد الايام يرى صوفيا التى لم يرها منذ الحادث ، انها تغيرت ، فقد اصبحت باردة وغير قادرة حتى على رؤية وجهه .

ويدرك سيزار مقدار التغير الكبير فى ملامحه ، وكيف ان حياته انقلبت رأسا على عقب ، انه يشعر باليأس الشديد ويلجأ الى الخمر ويصل الى حد انه ينام فى الشارع ، لكنه فى الصباح التالى يجد شيئا يغيره تماما ، فانه يرى صوفيا تعود اليه ، انها تقول له انها تحبه ، وبعد عدة ايام يُخبره الاطباء انهم يستطيعون استعاده ملامحه بعملية جراحية .

ويعود الحظ مرة اخرى اليه ، لكن صوفيا تختفى فى احدى الليالى ، وتحدث مفاجأة لسيزار ، فالفتاه نوريا التى سبق وعرفنا انها قٌتلت فى حادث السيارة ، نراها فى منزل سيزار وتدعى انها صوفيا ، ويتحول الموقف الى كابوس لان سيزار لا يستطيع اخبار البوليس ان نوريا – المتوفاه من وجهة نظرهم – مازالت على قيد الحياه .

ان نوريا معها اوراق رسمية تُثبت ادعاءها بانها صوفيا ، ان بيلايا ايضا يقف بجوارها ويؤكد ادعاءها ، ان سيزار ييأس تماما ويذهب لطبيب نفسى يلتمس العون ، انه يتخيل ان ثمة عملية احتيال كبيرة تُحاك ضده ، انه يتمنى ان يكون كل ما حدث عبارة عن حلم وليس حقيقة .

ويعلق امينابار عن فيلم اقتح عيونك قائلا ( تخيل نفسك انك صحوت ذات صباح وخرجت الى الشارع واكتشفت انه لا يوجد اى انسان ، انك تذهب الى الميدان الرئيسى فى مدريد على سبيل المثال ، وتجده خاليا تماما ، وتكتشف انك وحيدا فى هذا العالم ، هذا ما سوف تشعر به فى فيلم افتح عيونك ) .

ويقول امينابار عن هذا الفيلم ( ان فيلم افتح عيونك يتحدث عن العزلة ، العزلة بكل اشكالها ، ما الذى نعرفه عما يحيط بنا ؟ وكم عدد الاشكال التى يتشكل بها الواقع من حولنا ؟ وانطلاقا من هذا المعنى فاننى اعتبر ان فيلم افتح عيونك هو اكبر تحدى لى وقت اخراجه ، مع الاخذ فى الاعتبار وضع الكاميرا وكيف استطيع ان اعبر عى وجهة نظرى كمخرج ، ان هذا الفيلم يعبر عن قدرتى على الملاحظة فى اجلى صورة ) .

( ان هذا الفيلم يتحدث كثيرا عن الظهور ، عما نعتقد انه موجود او غير موجود ، ان كل شئ يحدث فى الفيلم هو نتاج الشخصية التى مثلها ادواردو ، انها الشخصية التى لا يمكن لنا ان ننساها ، ان حاله ينتهى به الى معهد للعلاج العقلى ، ولكن من هم الشخصيات الاخرى؟ ان قصتنا تحتوى على الكثير من الاسئلة ولا نجد اجاباتها الا فى نهاية الفيلم).

( ان سيزار شخصية لها وجوة عديدة ، انه ممزق فى مثلث يمثله ويمثل نويرا وصوفيا ، ان نويرا تمثل الرغبة والشبق والمغامرة ، بينما صوفيا تمثل النقيض فهى معادلا للاسقرار والحنان والشفافية).

(اننا قد نقول ببعض الثقة ان شخصية سيزار التى مثلها ادواردو نوريجا فى فيلم افتح عيونك ، انها تمثل نوعا من العقاب الذى يُصيب الشاب الثرى ، او كما قال جوزيه لويس كويردا، انها الشخصية التى تجد نفسها مدفوعة الى نقطة تهديد بسبب شخصه وخصوصيته) .

( ان الشخصية يمكن النظر اليها على انها كوميدية نوعا ما ثم تتحول لكى تكون فى اسوأ كابوس ، ان فيلم افتح عيونك فيلما من افلام الاثارة مع العديد من العناصر مثل الحب والتشويق والرعب والخيال العلمى ).

ويتحدث اليخاندرو امينابار عن بداية تعرفه بالممثل ادواردو نوريجا بطل الفيلم فيقول ( ماتيو وانا كان لنا صديقا يسمى كارلوس مونتيرو ، وقد كان هو ايضا يريد ان يكون مخرجا ، لقد وضع اعلانا فى الكلية يطلب ممثلين ، ولقد كان من المرشحين ممثلا يسمى ادواردو نوريجا من المعهد العالى للفنون المسرحية ، لقد وجدت ان اداءه غير مشوق ، لكنه بعدئذ مثل مثل افلام وودى ألن فكان طبيعيا ، لقد مثل بروعة).

فقد اعاد توم كروز انتاج نفس الفيلم من بطولته مع بنيلوب كروز وكان من اخراج كاميرون كرو، وحمل الفيلم الامريكى اسم ( فانيلا سكاى ) .

وبعد هذه التجربة ، قدم امينابار لتوم كروز سيناريو فيلم ( الآخرون )، انه ثالث افلام امينابار الطويلة، ولقد قرر توم كروز ان ينتج الفيلم للسينما الامريكية من بطولة نيكول كيدمان، ان فيلم الاخرون هو اكثر افلام امينابار التى تلخص منهجه السينمائى الخاص بافلام الرعب الكلاسيكية ، لقد انتقده النقاد كثيرا لكنه حقق نجاحا جماهيريا كبيرا .

الآخرون

يحكى الفيلم عن امرأة تدعى جريس تعتزل الحياه مع طفليها فى قصر ، ان احداث الفيلم تدور فى نهاية الحرب العالمية الثانية ، وتعيش جريس فى انتظار زوجها الذى يحارب على الجبهة ، ان ابنتها وابنها يعانيان من مرض غريب ، فهما لا يمكن لهما ان يريا ضوء الشمس والا تعرضا لتداعيات مرضية خطيرة .

ان جريس تعيش منعزلة عن العالم وتسيطر عليها مفاهيم دينية غريبة وظالمة ، الى ان تحتاج الى تشغيل مجموعة من الخدام لرعاية اطفالها ، ان حضور الخدم الى القصر يؤدى الى مواجهة بينهم وبين جريس حول مفاهيمها الدينية ، لكن هذا يقود الى تداعيات غير متوقعة.
ويبرر اليخاندرو امينابار اقدامه على فيلم ( الاخرون ) قائلا.

(بينما كنت اخرج فيلم (افتح عيونك) متنقلا بين تلك الامكنة الكثيرة المتنوعة ومتنقلا بين الازمنة ، فكرت اننى لابد لى ان أقدم موضوعا راديكاليا مختلفا ، لقد اردت ان اضع الممثلين فى بيت ثم اغلق عليهم والقى بالمفتاح ، اردت ان اخلق تشويقا بعناصر قليلة ، لقد فكرت ايضا ان هذا الفيلم لابد ان يكون فيلم رعب جيد لاننى احب هذه الافلام وافتقد المخرجين الذين كانوا يخرجون هذه الافلام بجدية ).

لقد عُرض فيلم ( الآخرون) فى مهرجان فينسيا السينمائى وكان هذا الفيلم هو الاكثر نجاحا فى اسبانيا فى ذلك العام ، لقد حصد ثمان جوائز ( جويا ) من بينها احسن فيلم واحسن مخرج واحسن سيناريو مكتوب خصيصا للسينما ، كما ترشح هذا الفيلم كاحسن فيلم فى الاكاديمية الاوروبية.

وفى عام 2004 ادهش امينابار العالم مرة اخرى عندما عرض فيلمه ( داخل البحر) .

فيلم داخل البحر

لقد حصل فيلم داخل البحر على الجائزة الكبرى فى مهرجان فينيسيا السينمائى فى عام 2004 ، وحصل ايضا على اوسكار احسن فيلم اجنبى فى عام 2005 ، كما حصل نفس الفيلم على ثمان جوائز ( جويا ) من بينها احسن مخرج واحسن سيناريو مُعد خصيصا للسينما واحسن موسيقى .

يدور فيلم داخل البحر عن الظرف المرضى العصيب الذى يعيشه رامون سامبدرو (خافيير باردم) فهو عاجز تماما عن الحركة ولا يتحرك من سريره ويتعين ان يحصل على المساعدة من الاخرين ، ان الممثل خافيير باردن كان يتستعد للدور كل يوم تصوير لمدة خمس ساعات وهو الوقت الذى كان يقتضية الماكياج الخاص به.

اننا اذا نظرنا داخل شخصية رامون ، فاننا يمكن ان نرى انه هادئ وشجاع وقادر على مواجهة المتاعب دون ان يفقد ابتسامته ، ان هذا الشخص المريض اعتاد ان يقول ( عندما لا تجد لنفسك طريقا للهروب ، فانك تتعلم ان تصرخ وانت مبتسم ).

ان رامون يرقد فى الفراش منذ ثلاثين عاما ، وتقوم عائلته برعايته ، بينما نافذته الوحيدة التى تطل على العالم هى نافذة غرفته، انها تكشف البحر، وقد سبق لرامون ان سبح فيه عندما كان سليما ، انه نفس البحر الذى اصابه بالعجز من جراء حادث.

ومنذ هذا الحادث الاليم الذى مضى عليه ثلاثين عاما ، فان رغبة رامون الوحيدة هى ان ينهى حياته لان كرامته لا تسمح له بالعيش عاجزا عن الحركة.

ان عالم رامون الخاص ينهار مع وصول امرأتين، الاولى هى جوليا، وهى محامية تريد ان تساعده حتى يُنهى حياته ، والمرأة الثانية هى روزا، انها جارته، وهى تحاول ان تشجعه لكى يعيش ويواصل حياته.

ان موقف رامون الحكيم يُسعد المرأتين ، انه يستخلص منهما افضل المواقف الاخلاقية ، ان رامون يعرف ان المرأة التى ستساعده حتى اخر لحظة فى حياته ستكون هى التى تحبه اكثر .

فيلم "أجورا"

ان فيلم اجورا تحفة سينمائية قلما تتكرر ، لقد سبق لى ان كتبت عن هذا الفيلم اكثر من مرة ، ويمكن قراءة ما كتبته فى موقع عين على السينما تحت عنوان ( اجورا : وقائع موت معلن ) ، لكننى ايضا وبسبب اعجابى الشديد بالفيلم لا ارى صعوبة فى الكتابة عنه مرات اخرى ومن زوايا متعددة .

ان الفيلم يتحدث عن زمن استثنائى صادف نهاية الصراع بين الوثنية والدين المسيحى فى نهاية القرن الرابع وبداية القرن الخامس الميلادى ، ان هذا التاريخ تحديدا يُشار اليه على انه بداية التاريخ الحديث فى العالم فلقد انتهت الوثنية تماما بعد انهيار اكبر وآخر حصونها وهى مدينة الاسكندرية ومكتبتها الشهيرة .

لقد اشتهرت فى هذه الاثناء شخصية حبيشة السكندرية، انها فيلسوفة ورياضية وعالمة فلك ومخترعة لجهاز الاسطرلاب الذى يسمح بمعرفة مواضع الاجسام السماوية، ان الفيلم يتمحور حول شخصية حبيشة واعتمادا على منقول سيرتها، ومن خلالها نرى الاسكندرية فى زمنين ، احدهما قبل تخريب المكتبة عندما كانت الوثنية هى الدين والثقافة السائدة فى الاسكندرية، ثم الزمن التالى وتدور احداثه بعد عشرين عاما ، انه الوقت الذى انتصرت فى المسيحية بشكل نهائى على الوثنية ومن ثم بدأ تاريخ العالم الحديث .

ان الفيلم يتكون من جزئين ، فى الجزء الاول نلاحظ البناء التقليدى للسيناريو ، اما الجزء الثانى فيميل الى الشكل الملحمى المتأثر بالتراجيديا الاغريقية وخصوصا مسرحية انتيجون .

ان هذا الفيلم يتميز بالابهار سواء على مستوى الديكور او الملابس او المجاميع، كما ان بلاغة السيناريو تسمح لنا باعتباره فيلما ملحميا بينما هو فى نفس الوقت فيلما دراميا عن شخصية حبيشة التى لا تتنازل عن ثقافتها الوثنية وتجد نفسها فى مواجهة مع المجتمع كله وينتهى الصراع بمقتلها .

ان زمن الفيلم يتشابه مع الزمن الحديث ، ومن المصادفات ان عرض فيلم اجورا جاء قبل شهور قليلة من اندلاع اول الثورات الاجتماعية المعاصرة ، كان هذا فى اليونان ، ثم اتت الثورة التونسية ومن بعدها الثورة المصرية ، ان هذه الثورات جميعها تشترك فى كونها ثورات اجتماعية احتجاجا على الاحتكار الراسمالى للثروات ، ان جميع هذه الثورات قد فشلت فى تحقيق اهدافها حتى الآن ، فلقد انتهت الثورة اليونانية الى عودة اليمين مرة اخرى الى سدة الحكم ، كم انتهت ثورتى تونس ومصر بتصدر التيارات الدينية ذات الميول اليمينية سدة الحكم ، ولعلنا ننتظر بعض الوقت ، فالثورات لا تتم فى يوم واحد او عام واحد ، لقد استغرق التحول فى زمن فيلم اجورا عشرين عاما ، اننا فى زمننا الحديث لن ننتظر طويلا هكذا فلابد ان تنتصر الثورات فى النهاية – مع ملاحظة ان الصراع بين الوثنية والدين المسيحى فى الفيلم ، يقابله الآن الصراع بين الرأمسمالية والعدالة الاجتماعية.

عين على السينما في

13/10/2012

 

لوبر: مخفوق الترمينتر مع الرعب الجنوبي

هند هيثم 

محاولة ترجمة عنوان فيلمLooper (2012) تمرينٌ طريف يُذكرني بتمارين الترجمة أيام دراسة الأدب الإنكليزي. لترجمة العنوان، ينبغي الإجابة عن عدة أسئلة: ما مقاصد صاحب النص الأصلي؟ ما نوع الخطاب المُستخدم؟ من الجمهور الأصلي المُستهدف؟ ثُم، في الترجمة، من الجمهور المُستهدف بالترجمة؟ وما الوسيط؟

عنوان الفيلم اسم الفاعل من كلمةloop بمعنى أُنشوطة أو حلقة. أي أن ترجمة العنوان قد تكون “الحلقي”، أو “الأنشوطي”. غير أن هذه ترجمة لا تصلح للفيلم، لأنها توحي بشيء آخر لا علاقة للفيلم به. هكذا، استقر عزمي على الابقاء على كلمة “لوبر” كما هي، والاكتفاء بكتابتها بالحروف العربية.

قد فعلت هذا من قبل مع “تنكر تايلر سولجر سباي” (2011) المأخوذ من أغنية لا تصلح ترجمتها لاعتمادها على المشابهات اللفظية. كما أن أفلام “ترمينتر” The Terminator ستبقى دوماً كذلك بالنسبة لي، إذ أن ترجمات “المُبيد”، و”المُبير”، و”المُدمر” لا تُعطي الإيحاء المطلوب.

ذِكر “ترمنيتر” مقصود، ففيلم “لوبر” يصلح مُعالجة جديدة لفيلم “ترمينتر” (1984). هذه المرة، بدلاً عن آلة مُدمرة يؤدي أرنولد شوارتزنيغر دورها تعود إلى الماضي لتقتل أم صبي لم يولد بعد، يعود بروس ويليس - الإنسان - ليقتل صبياً في المهد.

قبل أن يصلَ فيلم “لوبر” إلى مرحلة “ترمينتر”، فإنّه يبدأ بداية مُثيرة للاهتمام. في البرمجة، فإن دالةloop تستمر بتنفيذ نفسها إلى ما لا نهاية، حتى يتحقق شرط - أو استثناء - يكسر الحلقة، وبالتالي يصير مُمكناً الخروج من الحلقة المستمرة. مفهوم الحلقة التي تُعيد نفسها حتى يتحقق استثناء يكسرها يُسيّر الفيلم، ويجعل فكرته جيدة وأصيلة.

الزمان والمكان وشروط القصة

يدور الفيلم في مُستقبل قريب، حيث يُفتتح في 2044 وتستمر أحداثه حتى 2074 أو تتداخل. في المُستقبل - المُستقبل من 2044 - ستُخترع وسيلة للسفر عبر الزمن، وستُمنَع فوراً بحُكم القانون. هكذا، لن يستخدم السفر عبر الزمن إلا المُجرمين. في المُستقبل - كذلك - سيصير من الصعب التخلص من الجُثث، لذلك ستقوم تجارة سفلية غريبة: سيُرسِل مُجرمو المُستقبل ضحاياهم إلى مُجرمي 2044 الذين سيُعدمونهم وسيتخلصون من الجُثث. الجريمة - نظرياً - حدثت في المُستقبل، بينما حدثت - عملياً - في الماضي. لا توجد جُثث، ولا أسئلة، ولا شهود.

القاتل المُتعامل مع ممرٍ زمني بعينه يُسمى اللوبر - وغالباً ما سيكون هذا اللقب الذي يُطلق على هذا النوع من القتلة في العالم العربي المُستقبلي. مُهمة أي لوبر بسيطة: ينتظر في وقتٍ مُحدد مُسبقاً في المكان الذي يقع فيه ممره، تظهر الضحية مُقيدة ومُغطاة الوجه، يُعدمها فوراً، يأخذ أجرته المربوطة إلى الضحية، ويُحرِق الجثة. بشكلٍ ما، فإن اللوبر أقرب إلى العشماوي منه إلى القاتل المأجور المعهود في أفلام الجريمة.

كُل لوبر يقبض أجره سبائك فضة مع كُل ضحية يتخلص منها. حتى يأتي اليوم المشهود، ويجد بدل الفضة ذهباً، حينها يعرف أنهم أرسلوا له نفسه المُستقبلية، وبذلك حان وقت تقاعده، وحدث الاستثناء الذي أغلق حلقته. بطل الفيلم لوبر جادٌ حيال مهنته، بارد وعديم القلب اسمه جو (جوزِف غوردن-لوفت)، يحاول تَعلُم الفرنسية ليتقاعد في فرنسا. هو أيضاً مُدمن مُخدرات، يستخدم عقاراً جديداً وشهيراً يوضع في العيون - كقطرة عين - يميل إلى راقصةِ تعرٍ.

يُفتَتَح الفيلم في ولاية كنساس الأمريكية - واختيار هذه الولاية بالذات مُهِمٌ، كما سيتضح لاحقاً. يعرف الجمهور من رحلة جو في المدينة أن العالم - أمريكا، على الأقل - تحت نظام حُكمٍ شمولي دكتاتوري مُتعسف، وأن الأحوال سيئة. وستصير أكثر سوءاً بكثير في المُستقبل. (الذين سيُعمرون الستين سنة القادمة، بإذن الله، سيرون بأنفسهم.

يظهر كذلك أنّه قد اكتُشِفت موهبة التحريك عن بُعد عِند عُشر السُكان، وقد ظن الجميع - أول الأمر - أن هذا فجرٌ جديد للأبطال الخارقين، لكن التحريك عن بعد لم ينتج عنه سوى خدعٍ رخيصة لتحريك العملات، ولجذب اهتمام النساء في الحانات. (يظهر أن موهبة التحريك عن بُعد تظهر في الرجال أكثر من النساء، مع أن المُهتمين بالخوارِق يقولون أن النساء أكثر ميلاً لإظهار هذه القوى الميتافيزيقية من الرجال، كما أنهن أكثر قابلية للمس - وهوليوود أعرف العارفين بقصص الفتيات الممسوسات.

بقي الحديث عن الأسلحة والعصابات: لقد تغيرت الأسلحة. لا تزال أسلحة نارية تُطلق رصاصات، لكنها صارت عبارة عن قصبات طويلة، لا تُخطئ أي شيء في مدى قصير جداً، لكنها لا تصلح أبداً للتصويب على أي شيء يبعد أكثر من عشرين ياردة. (الأمرُ الذي يُخالِف توجهات تصنيع السلاح الحالية التي تجعل الأسلحة غاية في الدقة في مدى التصويب البعيد). هذا يجعل العُنف في الفيلم قريباً جداً - مما قد يؤثر على أعصاب البعض.

جميع الحلقات يُديرها رجلٌ من المُستقبل يؤدي دوره جِف دانييلز، اسمه إيب، أرسلته العصابات ليُدير شؤونها في الماضي. وبذلك قاعدوه مما كان يفعله مُستقبلاً، من دون أن يقتلوه، وجعلوه يُرتِب لهم شؤونهم. إيب يملك المدينة كُلها في جيبه، الشرطة والعصابات معاً، وهو رب عمل جو.

الحدث

يتعرف الجمهور على طبيعة جو مع ما أصاب صديقه سِث، حيث يتلقى سِث ضحية، لكن الضحية تُغني - من تحت القناع - أغنية من طفولته، فيتعرف فيها على نفسه. يتردد، ولا يستطيع قتل نفسه المُستقبلية، فتهرب. ويهرب هو لاجئاً إلى صديقه الوحيد جو الذي يُخفيه في خزانة الفضة. يُرسِل إيب رجاله ليأتوا بجو، ويُطالبه بتسليم صديقه، وإلا استولوا على الفضة التي يُخبئها لتقاعده. ينصحه إيب كذلك بأن يتخلى عن فكرة التقاعد في فرنسا، قائلاً إنّه قادم من المستقبل، وإن المُستقبل للصين. (عندها قهقه الجمهور قهقهاتٍ قلقة جداً. قبل الفيلم، كان ثمة إعلان عن فيلم آخر يصور غزواً صينياً لأمريكا). هكذا، يرى جو إنّه من الأفضل أن يُسلِم صديقه. بعدها، تبدأ عملية تعذيب مروعة ومُرهقة لسِث الحالي، من أجل تدمير سِث المُستقبلي.

هذا لا يوضح شخصية جو فحسب، وإنما يُقدم واحداً من الألغاز التي لا يحلها الفيلم. لماذا عُذِب سِث الحالي إذا كان قتله سيُخفي سِث المُستقبلي؟ وكيف مات سِث الحالي تحت التعذيب قبل - أو في نفس اللحظة - مع سِث المُستقبلي؟

جو نفسه يتعرض لمُشكلة كبيرة حين يظهر بروس ويليس في الأحداث - أخيراً. يبدأ اليوم بداية عادية، جو يذهب إلى الكافتيريا التي يأكل فيها عادة، ومن ثم يذهب إلى حقل القصب حيث مكان حلقته، وينتظر الضحية القادمة. تتأخر الضحية في الوصول، ثم يظهر بروس ويليس غير مُقيد، ويأخذ جوزِف غوردِن-لفِت على حين غِرة. (كِلاهما يؤدي الشخصية نفسها). يلكم ويليس غوردن-لفِت فيُغمى عليه حتى تغرب الشمس. ينهض بعدها ويعود إلى شقته التي نهبها رجال إيب، وأخذوا فضته الملطخة بالدم (حرفياً، فالمخرج راين جونسُن لا يثق في أن الجمهور سيفهم أن الفضة التي قايضها جو بحياة صديقه ثمن دم، وأنّه مثل يهوذا، لذلك فإنّه يجعل الفضة مُلطخة بالدماء بعد أخذ سِث من شقة جو، ويجعل يد جو تتلوث بالدم حرفياً، ويُظهر الأصابع المُلطخة بالدم على الشاشة بوضوح. ليُفهِم بالعصا كُل من لَمْ يَفهَم بالإشارة). ينتهي هذا التتابع بسقوط غوردن-لفِت على ظهره. المشهد التالي لغوردن-لفِت في الكافيتيريا البائسة التي يأكل فيها، يذهب إلى حقل القصب. تظهر الضحية مُقيدة، يقتلها، ويكتشف الذهب. هذه إشارة التقاعد. يذهب إلى الصين، وبسبب نمط حياته فإنّه يتلف ماله وصحته، وتدريجياً يتحول إلى بروس ويليس. ثم يتعرف بروس ويليس على امرأة صينية جميلة، تصير زوجته، وتتحسن حياته. حتى يظهر أفراد العصابات بعد ثلاثين سنة بالضبط، ويجرونه من فراشه، ويرسلونه عبر آلة الزمن إلى ذاته القديمة لتقتله. يُقاتل أفراد العصابات، ويرمي بنفسه في آلة الزمن، ويأخذ غوردن-لفِت على غِرة، ويختفي.

وينتهي الفيلم الجيد.

الترمينتر والرعب الجنوبي

فيلم “لوبر” فيلمان، فيلم جيد في النصف الأول: فكرة خيال علمي مُثيرة للاهتمام. تصوير عالمٍ دكتاتوري وبشع في المُستقبل القريب بشكلٍ جيد. لا توجد مُبالغة، ولا يوجد شيء أقل مما ينبغي. كُل شيء مضبوط، بما في ذلك التصوير. (بغض النظر عن “ميتافور” يهوذا الذي يُصر عليه المُخرج بكُل وسيلة مُمكنة). حتى تعذيب سِث ونفسه المُستقبلية لا يكون مُشكلة وقتها، ولا يصير مُشكلة إلا مع الفيلم الثاني الذي يبدأ باختفاء بروس ويليس.

الفيلم يدور في كنساس، وهذا مُهِم. كنساس ليست ولاية مُهمة وصناعية وغنية مثل نيويورك أو كاليفورنيا أو إلينوي أو بنسلفانيا. كنساس ولاية زراعية تنتشر فيها حقول القصب. (تبدو لي حقول قصب ذرة، لكن الجمهور يُصِر على أنها قصب سُكر). كنساس زراعية، فيها حقول قصب أطول من البشر تمتد على مساحاتٍ كبيرة، لكنها ليست ولاية من ولايات الجنوب العميق أو الحزام الإنجيلي. مما يجعلها المكان المُناسب لعمل فيلم رُعبٍ جنوبي* من دون الاقتراب من الدين أو تاريخ العبودية والعنصرية أو المخابيل. لقد كان اختيار المكان موفقاً جداً من المخرج راين جونسُن - صاحب السيناريو، كذلك - ومناسباً لقصة القسم الثاني، لكن القصة نفسها لم تكُن مُناسبة.

وإذن، بروس ويليس قد هرب لمُهِمةٍ ما، وترك جوزِف غوردِن لفِت يواجه سُعار عصابات إيب ورجال الشُرطة الذين يتبعونهم. غوردن لفِت مُصِرٌ على القبض على ذاته المُستقبلية وقتلها، لأجل تأمين حياته هو ومُستقبله. بروس ويليس، جو العجوز، عدوه اللدود. هذا المفهوم مُثيرٌ للاهتمام: ذات الإنسان المُستقبلية التي تُدمر ذاته الحالية.

يؤذي غوردِن لفِت نفسه ليُرسل رسالة إلى بروس ويليس - الجمهور يعرف الآن أن بعض الضرر الذي يقع على الجسد الحالي يظهر في المُستقبل. يلتقي الاثنان، ويُطالِب غوردِن لفِت بروس ويليس بأن يموت ويتركه يعيش، لأنّه عجوز وقد عاش حياته كُلها كما أراد. (هل يبدو هذا مألوفاً؟) بينما يقول بروس ويليس إن غوردِن لفِت ليس إلا مُدمِن مُخدرات عديم القيمة، وليس لحياته أي معنى. (أجل، يبدو مألوفاً). لدى بروس ويليس مُهمة. لديه ثلاث محطات، يبحث فيها عن طفلٍ سيصير في المُستقبل “صانع المطر”. صانع المطر حاكم المُستقبل الذي استولى على خمس مُدنٍ بنفسه في مدة قياسية، وسَخَر العصابات، وجعل مهمة حياته البحث عن الحلقات وإغلاقها، وقتل كُل اللوبرين السابقين، بما فيهم بروس ويليس. رجال صانع المطر قتلوا زوجة بروس ويليس، لذلك فإنّه يعود إلى المُستقبل، مُزوداً برقمٍ ما، وعن طريق هذا الرقم فإنّه يتتبع صانع المطر. جمهور السينما العزيز، إليكم فيلم “ترمينتر”!

يستولي جوزِف غوردِن لفِت على أحد العناوين ويذهب إليه: بيت مزرعة تُحيط به حقول القصب من كُل جانب، تسكنه امرأة وحيدة - إميلي بلنت - مع طفلها المضطرب ذي السنوات الخمس، الذي يتكلم بطريقة غريبة ومخيفة، ويبدي ذكاء وحِساً تنبؤياً يفوق سنه. جمهور السينما العزيز، إليكم فيلم رُعبٍ جنوبياً من دون قساوسة ولا عبيد سابقين ولا مهووس بمنشار! (في الواقع، لا أعرِف لِمَ التذمر. لقد حصلتُ على ثلاثة أفلام بتذكرة فيلم واحد!

ليس في القول إن الطفل هو صانع المطر المُستقبلي أي إفساد للفيلم، إذ أن هذا واضح مُنذ حلول غوردن-لفِت في المزرعة التي يبقى فيها هرباً من مُطارديه، وانتظاراً لبروس ويليس، حيث أنّه يأمل في قتله، واكتساب ثقة إيب من جديد. بينما تتطور علاقة غوردن لفِت بصاحبة المزرعة - الأمرُ الذي يجعل ذكرى زوجة بروس ويليس تهتز، فيحاول تذكرها والتمسك بها بشدة، مقاوماً صورة المرأة الجديدة - فإن ويليس يذبح الأطفال، هيرودس ستايل. الأمرُ الذي يخلق فجوة عاطفية كبيرة بين المُتلقي وبين الشخصيتين: جوزِف غوردن-لفِت يهوذا، وبروس ويليس هيرودس. (لكنّه تنويع جيد، فقد كَثُرَت الأفلام العبرانية، حتى صار فيلمٌ يعتمد على الإنجيل بدلاً عن التوراة بمثابة مُتنفَس). معهما المجدلية، إميلي بلنت، التي تحاول حماية الطفل، صانِع المطر، الذي سيُري يهوذا وهيرودس الرُعب في قبضة غبار. (من السهل التنبؤ بهذا الجزء من الفيلم، لكن الحديث عمّا يفعله الطفل سيحرقه بالكامل.

بعد الكثير من الآكشن، يقبضون على بروس ويليس فيُبيد أفراد العصابات ومعهم إيب - ترمينتر ستايل، وينطلق إلى المزرعة. مزيدٌ من الآكشن، حيث أن الفيلم يستعيد شخصية بدا أن أفلام الآكشن قد نسيتها: رجل العصابات الذي كان يُظَنُ بِه الضعف، ثم يتضح أنّه أشرس الجميع. معركة بين بروس ويليس وجوزِف غوردِن لفِت، ثم المواجهة النهائية، على شكل سلسلة من الحركات التي يحسبها جوزِف غوردن لفِت. إنها حلقة مُستمرة، بروس ويليس سيؤدي إلى ظهور صانع المطر، الذي سيُغلِق الحلقات ويقتل اللوبر السابقين، مما سيُعيد بروس ويليس من جديد، وهكذا. ويُقرر أن يكسر الحلقة، ويُضحي التضحية الكُبرى، ويصنع من نفسه بطلاً، ويفتدي البشرية من خطاياها.

الصنعة

الفيلم قِسمان - كما قيل من قبل: قِسمٌ جيد ومُثير للاهتمام، يستكشف أفكاراً جديدة، وأسلوبه البصري ممتاز. والقسم الثاني مزيج من فيلم ترمينتر وفيلم رعب جنوبي، مع كليشيهات بصرية، ومشاهد مُكررة يبدو للمرء أنّه رآها من قبل. التمثيل في الفيلم جيد - الفيلم فيلم آكشن، أولاً وأخيراً - ويحمله جوزِف غوردن لفِت على ظهره.

مجهود غوردن- لفِت في الفيلم يستحق الإشادة - هو أيضاً مُنتج مُنفِذ له - فقد حول نفسه جسدياً، وحاول بحركاته أن يُقلِد بروس ويليس ليُعطي الانطباع بأنهما الشخص نفسه، من دون أن يصير بروس ويليس، فيُدمر فرضية الفيلم الأصلية: أنهما شخصان مُختلفان، وعدوان لدودان. بروس ويليس - بطل أفلام الآكشن الوحيد الذي يروق لي - يبدو لائقاً في الدور. هو لا يزال ذاته التعيسة، فلا هو آلة قتل مثل الترمينتر، ولا هو كاره للجريمة وجد نفسه رغماً عنها في هذا المكان.

إميلي بلنت تُعطي الانطباع بأنها (وايت تراش) سابقة - وهي كذلك فعلاً، في الفيلم - تحولت إلى مُزارِعةٍ ريفية عديمة الذوق. (وايت تراش مُصطلح يعني الفتيات البيضاوات اللائي يُدمنَ المُخدرات، ويعشن نمط حياة مُنحلاً، ويمتزن بذوقٍ رديء جداً في الثياب ورخيص). غير ذلك، من الصعب القول إنها أدت أداء جيداً.

الطفل، بيرس غانون، كان غاضباً وكئيباً ومُخيفاً بما يكفي لدوره. اللقطة له في عربة البضائع في القطار تحمل كماً من التعبير عن المُستقبل والحلقة التي لا تنكسر أكثر من تأملات جوزِف غوردن-لفِت، وأكثر من كُل ما يفعله زملاؤه البالغون في الفيلم.

ليس في الموسيقى أي شيء جديد جديرٍ بالانتباه. لقد كان شريط صوت الفيلم لائقاً، مثل التصوير والإخراج الفني. المثير للاهتمام - هنا - أن الفيلم لم يدخل في أي استعراضٍ بصري مُستقبلي، ومع ذلك فإنّه قد نجح في إيصال الشعور بالاختلاف للجمهور. (الأمر الذي يُذكِر بفشل فيلم “ألعاب الجوع” (2011) البصري الذريع في تكوين بانِم بصرياً بشكلٍ لائق. لم يكن لدى “ألعاب الجوع” أي عذر في ذلك.

في المُجمل، فإن راين جونسُن قد جاء بفكرةٍ جديدة ومثيرة للاهتمام لتجديد نوعين من الأفلام لم يعد أحدٌ يأتي بجديدٍ فيهما: أفلام الآكشن والخيال العلمي. حواره كان جيداً ومميزاً، بلا تعقيد، وبلا مُبالغة في التبسيط، وبلا استعراض. أسلوبه البصري واقعي وبليغ. لكنّه يفعل هذا لنصف فيلمٍ فحسب. ثم، يُغير رأيه. إمّا بتدخل من دائرة الإنتاج في الفيلم، أو نصيحة رديئة من دائرة الفن، أو باء على قراره هو بأن الجمهور لا يتوقع - وربما لا يستحق - إلا فيلماً مُلفقاً من أفلامٍ أخرى، فيعدل عن كل ما فعله في القِسم الأول، ويُلفِق فيلماً في القِسم الثاني.

* الرعب الجنوبي مُصطلح فضفاض يُشير - في الغالب، وفي هذه المُراجعة - إلى الجرائم غير المُفسَرة التي تحدث في المزارع الشاسعة، وجو الرعب الذي تخلقه حقول الزرع التي يختفي فيها الخطر، وإلى أجواء الكو كلكس كلان، والشنق من دون مُحاكمة. مُعالجة هوليوود المُفضلة لهذا النوع من الرعب تأتي على هيئة مجزرة يقوم بها مُختل بلا سبب - مثل “مذبحة منشار تكساس” (1974).

عين على السينما في

13/10/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)