حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

في الحياة الخاصة تفضل أن تكون ضعيفة وتتحاشى المجابهات

آمي أدامز: لا أتصرف كما لو كنت رجلا.. وأنا مدمنة عمل

محمد رُضا

 

* في ثلاث عشرة سنة ظهرت الممثلة آمي أدامز (38 سنة) في 30 فيلما. كانت واحدة من بنات فيلم نسائي البطولة عنوانه «أسقط ميتا أيها الجميل» Drop Dead Gorgeous سنة 1999 تولت أدواره الأولى كيرستين دانست وإيلين باركن وكريستي آلي بجانب برتني مورفي وأليسون جاني، والآن هي البطلة النسائية لفيلم «المشكلة مع المنحنى» الذي يظلله وجود كلينت إيستوود، فهذا فيلمه الأول ممثلا منذ أن لعب بطولة «غرام تورينو» (2009) وأول فيلم يمثله من دون أن يخرجه أيضا منذ أن أدى بطولة «في خط النار» (وولفغانغ بيترسون – 1993). فيه تؤدي آمي دور امرأة تكتشف في إصرار أبيها، كما يؤدي كلينت إيستوود الدور، باعثا لها على الفوز في مضمار مختلف من الحياة. الفيلم ليس «مليون دولار بايبي» مع استبدال الملاكمة بلعبة البايسبول مطلقا، بل هو موضوع جديد حول الرجل المسن (إيستوود) الذي يريد البرهنة عن قدراته في اكتشاف المواهب، وهي المحامية التي تكتشف أشياء جديدة بمجرد معايشتها أزمة ذلك الرجل مع نفسه والعالم المحيط.

وهذا ليس فيلمها الجديد الوحيد. هذا العام نراها في فيلم النوستالجيا «على الطريق» (لوولتر سايلس) الذي تقع أحداثه في الستينات و«السيد» (لبول توماس أندرسن) الذي تقع أحداثه في أواخر الأربعينات. الفيلم الذي لفت الأنظار إليها كما لم يفعل فيلم لها من قبل هو «جولي وجوليا» (نورا إفرون – 2009) الذي لعبته أمام ميريل ستريب..

·     إلى الآن يزداد عدد الممثلين المشهورين الذين تقفين معهم، إيستوود، ستريب، فيليب سايمور مور.. ما موقفك إزاء ذلك؟

- هذه متعة خالصة في الواقع. في مسيرة الممثل مراحل كثيرة، وإذا كان مثابرا، يأتي اليوم الذي سيقف فيه أمام ممثل آخر هو أو هي معجب به، وهذا ما حصل معي. كل واحد من هؤلاء الذين ذكرتهم هو قمة وخبرة تجعلني أتواضع كثيرا أمامها.

·        كيف تصفين إيستوود ممثلا؟

- محترف خالص، وفي الوقت ذاته سهل في توظيف تقنياته. هناك ممثلون جيدون كثيرون يعيشون الشخصية التي يؤدونها على الشاشة ولا يريدون تركها، بل يعيشون فيها طوال مدة التصوير. وأعتقد هناك من يأخذها معه إلى البيت بعد التصوير. أنا لم أجرب ذلك بعد، لكن ما أدهشني هو أن كلينت يدخل ويخرج من الشخصية بسهولة. هو من يلعب الدور أمام الكاميرا بكل تلقائية ومن يتخلص منها حين يعود إلى مقعده بانتظار بدء المشهد التالي.

·        بالمقارنة، كيف تجدين الممثل فيليب سايمور هوفمان الذي مثلت أمامه «السيد»؟

- هذا ثاني مرة أمثل فيها أمام فيليب (المرة الأولى كانت في «شك» قبل أربع سنوات) لذلك أستطيع أن أقول إنني أعرفه إلى حد بعيد. إنه ممثل يعامل الدور بجدية مطلقة. تصور ممثلا لا يزال يقرأ بعناية فائقة كل مشهد على حدة ويضع ملاحظاته على هامش كل صفحة كما لو أنه يمثل الدور على الورق أولا. وحين ينتقل إلى الشاشة ينتقل جاهزا لكل احتمال. بل أنت الذي تجد نفسك مندهشا أمام قدرته الفائقة على التمثيل.

·        هناك مباراة في التمثيل بينه وبين واكين فينكس.. كيف تعاملت مع هذا الشأن؟

- «السيد» هو فيلمهما قبل أن يكون فيلم أي طرف آخر. نعم هناك دور كبير لي، لكن الفيلم ليس عني بل عنهما. مشاهدتهما يمثلان تساعدك بصفتك فنانا على أن تنمو. يدفعك لكي ترفع مستوى أدائك درجات كثيرة. لا تستطيع أن تكون غائبا عما يدور أو غير مشترك فيه.

·     في «المشكلة مع المنحنى» نراك قوية الجانب خصوصا في المشهد الذي يدور بين زملاء لك من المحامين. تحسنين الدفاع والصد.. هل أنت كذلك في الحياة العامة؟

- قبل أن أقول لك نعم أو لا، في الفيلم أقوم بدور امرأة في داخلها شخصية صلبة، لذلك أقف في مواجهة ما يحدث في محيطي بصفتي محامية. لكني في الحياة الخاصة أستطيع أن أؤكد أنني لست كذلك على الإطلاق. أنا في الحياة الخاصة بين أن أمثل أنني صلبة وقوية أو أن أكون من أنا. في الحالة الأولى سيشتمني الناس ويعتبرونني صعبة المراس. في الحالة الثانية سيعتبرونني امرأة ضعيفة. بين الحالتين قد أفضل أن أكون ضعيفة وأتحاشى المجابهات.

·        كيف تجابهين المواقف الحادة؟

- أجابهها بقدر كبير من الأنوثة. أنا امرأة أحب أن أكون كذلك. أحب الرجل. لا أريد أن أكون رجلا ولا يهمني أن أتبدل ولا أعتبر أن علي أن أتصرف كما لو كنت رجلا لكي أحل مشكلاتي. هذا التصرف ليس في شخصيتي. وعندما فكرت في أن علي أن أتصرف كما لو كنت قوية بالفعل، وجدت أنني لا أستطيع لأنني إنسانة منطقية، لذلك أعالج المسائل من منطلق أنوثتي حتى ولو حاول البعض استغلال ذلك.

·        بدأت السينما نسبيا متأخرة..

- نعم. كنت في الثامنة والعشرين.. نعم نسبيا متأخرة.

·        هل وجدت أن ذلك حرمك من فرص أفضل؟ كيف أثر ذلك على مهنتك؟

- نعم بدأت نسبيا متأخرة، هذا صحيح. لكني لا أعتقد أنه حرمني من أدوار سابقة لعبتها ممثلات أخريات إذا كان هذا هو القصد من السؤال. ما أعتقد أنه حدث بالفعل أن بدايتي المتأخرة جعلتني أقبل على العمل بلا توقف. تستطيع أن تقول عني إنني مدمنة عمل رهيبة. في بعض الأحيان يبدو أنه من الأسهل عليك أن تعمل على أن تتوقف عن العمل. هل يحدث هذا معك؟

·        دائما.

- بالنسبة لي أعلم أن هذا ربما وهم.. أعني أن يكون سهلا العمل عن عدم العمل. لكني أعتقد أنني حين أعمل أشعر بأنني أستطيع أن أتحكم في عملي، في حين أنني حين لا أعمل قد تفلت الأمور مني تماما فلا أستطيع التحكم بها.

·     هل تدفعك بعض الأفلام التي تمثلينها لكي تتجاوزي معضلات الحياة أو لتحقيق نفسك على نحو جديد؟

- الحقيقة نعم. الفيلم الجيد هو ميدان مبتكر للأفكار والممثل يصبح طرفا فيها. مثلا في «السيد» كان همي أن أتفاعل مع الموضوع وأن لا أبقى خارجه. أعتقد أنك شاهدت الفيلم وتعرف أنني أمثل دور زوجة ذلك الرجل ذي الأطوار الغربية (فيليب سايمور هوفمان)، إن لم أتجاوب ذاتيا، سأكون حاضرة فقط. هذا حدث كبير. أيضا العديد من الأفلام التي تشاهدها قد تحثك على تكوين جانب جديد من حياتك أو على أن تفعل شيئا مهما أو أن تقوم برحلة لم تقم بها من قبل.

جولة بين الأفلام الجديدة سباق الجوائز

* ترتفع نسبة الأفلام النوعية بين عروض الأفلام هذا الأسبوع، وذلك لأن المنافسة على الأوسكار و«غولدن غلوبس» وأي جائزة ذات قيمة فنية وإعلامية بدأت بالفعل. العروض الحالية من الأفلام التي تتوجه ظاهريا إلى بائعي التذاكر وكليا إلى سباق الجوائز تشمل «المشكلة مع المنحنى» (وورنر) و«السيد» (واينستين كومباني) والفيلم التسجيلي «حكايات الليل» الذي يدور حول مستوى العناية بالمرضى في المستشفيات العامة. وكان «هوب سبرينغز» قد بوشر عرضه قبل ثلاثة أسابيع، لكنه أضعف من يلج المباراة رغم حسن تأدية ميريل ستريب لدورها. وفي الشهر المقبل، سنجد المزيد من الأفلام النوعية؛ من بينها الفيلم التسجيلي «الغرفة 237» ثم «ثلاثة أيام من هاملت» و«كلاود أطلس» و«آرغو» و«وحوش البرية الجنوبية» و«حياة باي» و«الأرض الموعودة».

* والدعوات لمشاهدة العروض الجديدة في حفلات خاصة بأعضاء «جمعية مراسلي هوليوود الأجانب» المانحة لجوائز «غولدن غلوب»، التي يمثل هذا الناقد فيها صحيفة «الشرق الأوسط»، تهطل كالمطر منذ انتهاء مهرجان تورونتو في السادس عشر من سبتمبر (أيلول) الحالي. وهي تشمل أفلاما أميركية وعالمية من بينها فيلمي الأنيميشين «بيتلويني» لتيم بيرتون و«فندق ترانسلفانيا» لجندي تارتاكوفسكي و«محلق» Looper الذي يستحق على الأقل لقب أفضل خيال علمي لهذا العام، و«هنا يأتي الانفجار» لفرانك كوراسي مع سلمى حايك وهنري وينكلر و«موازنة» للمخرج نيكولاس جاريكي الذي شوهد في مهرجان تورونتو وسيفتتح مهرجان أبوظبي في الحادي عشر من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. وكذلك «الصحبة التي تحتفظ بها» لروبرت ردفورد الذي شوهد في مهرجان فينيسيا. ومن لم يستطع اللحاق بواحد من هذه العروض الخاصة، فإن مكاتب الإعلام لكل فيلم أو شركة سوف ترسل لك راضية الفيلم على أسطوانات تشاهدها في راحة ببيتك.

* قبل أيام تناهى إلى المسامع أن المسؤولين عن السينما الجزائرية اجتمعوا لاتخاذ قرار حول أي فيلم يمكن إرساله إلى ترشيحات أفضل فيلم أجنبي.. على الإخوة هناك السرعة في اتخاذ هذا القرار لأن باب الانتساب سيغلق مع نهاية هذا الأسبوع. الدول التي سارعت لإرسال أفلامها كثيرة خصوصا خلال الأسبوعين الماضيين. السينما الإيطالية بعثت بتحفة الأخوين تافياني الصغيرة «قيصر عليه أن يموت» للأخوين باولو وفيتوريو تافياني. ومن الهند «BARF» وهو دراما خفيفة حول ثلاثة شبان يتعلمون أن الحب، حسب تعبير صانعي الفيلم، لا يمكن تحديد ماهيته! والفلبين لديها دراما عن لوطي عجوز يعيش حالة قلق من مصيره بعدما تقدم به العمر وبات وحيدا. وفي حين تقدم رومانيا فيلمها الذي عرضته في «كان»، «ما وراء الهضبة»، اختارت إستونيا فيلما كان عرض في مهرجاني كارلوفي فاري وتورونتو هو «صنع الفطر» لتوماس هوشر. أما إسرائيل، فبعثت بفيلمها «املأ الفراغ» الذي سبق له أن شوهد في «كان».

شباك التذاكر

* أفلام كثيرة جديدة هبطت السوق هذا الأسبوع بينها فيلم كلينت إيستوود «المشكلة مع المنحنى» الذي حط ثالثا، ولو أنه خلال أيام الأسبوع ذاته تقدم إلى المركز الأول. فيلم «السيد»، جاء سابعا

* 1 (-) End of Watch: $13,835,660 (3*) 2 (-) House at the End of the Street: $13,404,090 (2*) 3 (-) Trouble with the Curve: $12,720,215 (3*) 4 (2) Finding Nemo: $9,446,606 (3*) 5 (1) Resident Evil: Retribution: $6,710,204 (2*) 6 (-) Dredd 3D: $6,300,572 (2*) 7 (-) The Master: $5,724,022 (4*) 8 (3) The Possession: $2,366,003 (2*) 9 (4) Lawless: $2,321,512 (3*) 10 (5) ParaNorman: $2,292,641 (2*)

بين الأفلام

* القاضي والجلاد Dread إخراج: بيت ترايفيز أدوار أولى: كارل أوروبن، أوليفيا ثيرلبي، لينا هيدي.

النوع: أكشن/ الولايات المتحدة (2012).

تقييم: (2*)(من خمسة) كل العناصر التي تستخدم اليوم لتقديم فيلم علمي - خيالي يحمل منحى من التفكير في شؤون المستقبل، موجودة على نحو طبيعي في هذا العمل الذي ابتكر شخصيته جون واغنر ورسمه كارلوس إزغويرا على صفحات مجلة «كوميكس» «IPC» البريطانية سنة 1977. ما هو غير موجود تحقيق الفيلم الصحيح والجيد عن الموضوع عوض خلق حالة من المؤثرات الدائمة والخدع البصرية اللاهية وبالأبعاد الثلاثة حتى يتضاعف قدر الأذى.

القاضي درد هو أحد قضاة عصر لاحق معين من قبل السلطات لكي يمثل القانون في عالم مستقبلي يقع في ضواحي المدن المكتظة. إنه ليس قاضيا يجلس على كرسي العدالة ويستمع لمحامي الدفاع ووكيل النيابة وهما يترافعان بخصوص هذا المتهم أو ذاك، بل رجل قانون يمارس المقاضاة ويحكم على الفور وليس من شأنه اقتياد المحكوم عليه إلى السجن إذا وجده مذنبا بل يستطيع أن ينفذ فيه حكم الإعدام إذا ما وجد أنه يستحق ذلك.

هناك ما يكفي من دلائل في المجتمعات الغربية للشعور بأن المستقبل بعد بضع سنوات قد يكون على صورة لا تخلو من هذا التعسف. السلطات تحاول درء الإرهاب بمختلف أنواعه عن طريق اتخاذ إجراءات لم تكن واردة في حسبان المجتمعات المذكورة قبل عشرين أو خمس وعشرين سنة. الآن تتكاثر الأفلام التي تتحدث عن قبضة السلطات القوية على شؤون الحياة والأفراد وبعضها، مثل «أرث بورن»، يضعها في الزمن الحالي. لكن هذه الطروحات، محتملة الحدوث أم لا، يمكن لها أن تفيد الأفلام التي تتعامل معها من حيث منحها العمق الدرامي الذي تستحقه. أما هنا، فإن هذا العمق محدود جدا، إنه مشار إليه في أفق ما (كما الحال في النسخة الجديدة من «توتال ريكول») أكثر مما هو معمول به. العالم الذي يصوره هو عالم ما بعد وقوع كارثة نووية حيث الحياة تصبح، عمليا، مستحيلة وربما يصبح من المتعذر التحكم بالجريمة من دون قوة ضاربة تقتل أولا (وهناك كثير من العنف في هذا الفيلم) وتسأل ثانيا.. أو لا تسأل بالمرة.

على عكس شخصيات كوميكس أخرى (أيرون مان، باتمان، سبايدر مان.. إلخ) لا يحمل القاضي «درد» وجهين: واحد إنساني يكشفه الفيلم لنا بمجرد خلع القناع، وآخر تحت ذلك القناع حين ينبري لمجابهة الأشرار. درد الحالي دائما تحت القناع لا تستطيع أن تتجاوب معه أو ضده، وتفاعلك بالتالي يبحث منذ البداية عن بديل وتعويض. والممثل الذي يؤديه (كارل أوروبن) لا يحمل اسما مشهورا ولا يستطيع أن يخلع القناع لكي يبرهن على أن لديه قدرة على التمثيل أو على الأقل عكس ذلك الشعور بأنه قاس على النحو الذي يقترحه عليك لباسه وحركاته.

المخرج بيت ترايفيز يعتقد أنه يستطيع الاستغناء عن كل مقومات العمل الجيد بمجرد أن عليه التوجه لجمهور واسع. ولعله أراد أن يقدم عملا لا يعترف بما تحاوله أفلام «سوبر هيرو» أخرى وهو الإقدام على «خلطة فوزية»، حيث قليل من الأكشن هنا وقليل من المواقف الدرامية هناك وقليل ثالث من الكوميديا، وكلها مقادير ممتزجة، قد تنجح بدورها أو قد لا تنجح.

الشخصية ذاتها كانت انتقلت إلى الشاشة سنة 1995 عندما لعب سيلفستر ستالون الدور. لم يكن فيلما جيدا لكنه كان أفضل قليلا من هذا العمل و.. شاهدنا وجه ستالون بالفعل.

سنوات السينما

1927 | بين حربين

* العالم السينمائي كان على موعد مع فيلمين أميركيين دخلا التاريخ. واحد لفنه العظيم والثاني لكونه أول فيلم يفوز بالأوسكار الذي أقيم في العام التالي. الأول هو «الجنرال» للكوميدي الفذ باستر كيتون الذي روى فيه حكاية رجل في الحب خلال الحرب الأهلية الأميركية ينقذ حبيبته ويخبر الجيش الجنوبي عما يدبره له الجيش الشمالي من هجوم مباغت. لا مجال هنا للحديث عن تصاميم المخرجين كيتون وكلايد بروكمان وتنفيذهما لعمل ملحمي وكوميدي في الوقت ذاته.

الفيلم الثاني هو «أجنحة» لويليام أ. ولمان وهو عن حرب أخرى، تلك العالمية الأولى وبطلها صديقان يحبان امرأة واحدة (في حين تحب أحدهما فتاة أخرى هو لا يشعر بها) ويدخلان الحرب معا (طيارين). المفاجأة الدرامية هي أن أحدهما يطلق النار خطأ على الآخر فيقتله. ليس فيلما خاليا من العيوب، لكن مشاهده الجوية بالغة الإجادة بلغة زمنها وحتى اليوم.

الشرق الأوسط في

28/09/2012

 

خيال خارق مع واقع متوحش

«سليمان كين» فيلم يذكرنا بعوالم «سيد الخواتم»

عبدالستار ناجي  

هنالك نوعية من الاعمال السينمائية، لا تتحمل انصاف الحلول، فاما القفز في فضاء بعيد، لبلوغ اقصى درجات التميز والتكامل، او الذهاب الى النسيان، وحينما شاهدت منذ ايام فيلم «سليمان كين» شعرت باجواء فيلم «سيد الخواتم» حيث الخيال الخارق.. والمجنح.. والبعيد المنال، والمنفذ بتقنيات عالية المستوى.. معتمداً على نص روائي هو الدهشة.. والخيال.. والمغامرة.. المشبعة بالطقوس الدينية.

فيلم «سليمان كين» - من توقيع المخرج مايكل جي باسيت الذي عرفناه عبر عدد من الاعمال السينمائية والتلفزيونية، ومنها «الوادي الصامت: الثورة و«امنية الموت» وهو يمزج والاخراج بالكتابة، وهنا يعتمد على نص روائي للرسام وبرت اي ادوارد «1906 -1936» وعلى مدى «30» عاماً، استطاع ان يحقق مجموعة من الاعمال الروائية الخيالية و«الرسوم الكارتونية» لعل ابرزها شخصية «كونان البربري» بل انه حول شخصية «كانون - او كانون- قدم العديد من الاعمال الروائية الثرية بالخيال.. والبطولة.. والمغامرة.

ونذهب الى الحكاية، حيث يعود قاتل اعتقد الجميع انه انتهى وذهب الى النسيان، بعد ان تم تشويهه.. بكثير من الوحشية ويتسم بكم من الوشم ذي الملامح الدينية، من اجل القضاء عليه.. في تقاليد من الظلام والشعوذة.

وفجأة يستقظ ذلك الفارس، انه سليمان كين القادم من زمن الاسطورة والخيال، من اجل ان يحارب الخرافات.. وهيمنة التطرف.. في القرن السادس عشر حيث الظلام والتطرف يجتاح اوروبا..

فيلم رغم اعتماده على الاصول الروائية الكارتونية الا انه يحمل رؤية بصرية مدهشة.. خلابة.. تذكرنا كما اسلفت بعوالم وخيالات سيد الخواتم والذي بات المقياس في هذا المجال في افلام المغامرات والخيال.

رحلة بطل، متعطش للدماء.. وللثأر.. وايضاً تحرير فتاة شاهدها خلال رحلته، وراحت تستنجد به.. عبر رحلة مدهشة.. تذهب بنا من عالم.. الى عوالم اخرى.. وشخصيات كتبت ونفذت بحرفيات سينمائية تحبس الانفاس.. وتجعلنا نلهث وراء المشاهدة.. وتلك المغامرة. المكتوبة بعناية.. والمنفذة باحتراف.. عبر نجوم كبار.

مزج بين الطقوس الدينية السائدة في تلك الحقبة الزمنية، حيث المواجهات بين اطياف الدين المسيحي، وسقوط الكثير من الضحايا والابرياء، وسط اجواء من الشعوذة.. والسحر.. والرغبة في السيطرة والهيمنة.

فارس من طراز نادر، عبارة عن خلية انسانية متعطشة للقتل.. والتحدي.. ومواجهة الاشرار الذين راحوا يسيطرون على العالم. رؤية ملحمية ثلاثية الابعاد خارقة الخيال عناصرها تنصهر بثقة مع واقع متوحش قاس.. من خلال رحلة كل لحظاتها تجعلنا نندهش للمستوى الذي بلغته التقنيات السينمائية.. والمؤثرات.. والحرفيات.

مع بدور الفارس سليمان كين، يتألق النجم البريطاني جيمس بورفوي الذي شاهدناه في العديد من الاعمال السينمائية، ومنها جون كارتر، وقصة «فارس» و«نزل الشيطان».

وهو يتقمص الشخصية، والمتغيرات التي تحيط بها، ويقدم وجوها متعددة.. للعودة.. والثأر.. والمواجهة.. والبطولة.. والفروسية.

معه في الفيلم النجم السويدي القدير ماك فون سيدو والصبية الجميلة راشيل هيرد وود.

هذا وقد صورت مشاهد الفيلم في العديد من الدول ومنها انكلترا وفرنسا والتشيك.. وبالمناسبة في الفيلم بعض الحوارات بالعربية التي تأتي لاشارات ايجابية.

هذا وقد بلغت كلفة الانتاج «45» مليون دولار..

ويبقى ان نقول.

فيلم «سليمان كين» رغم ان انتاجه يعود لسنوات ماضية.. الا انه يداهم صالات العرض العالمية في هذه الايام.

anaji_kuwait@hotmail.com

النهار الكويتية في

28/09/2012

 

 

«بعد الموقعة»:

يسرى نصرالله مش فلول يا بلد

حنان شومان 

يوم 3 فبراير عام 2011 كنت متجهة من منطقة الدقى إلى ميدان التحرير سيراً على الأقدام، لعدم وجود مواصلات وللخوف من السير بسيارتى، وعلى كوبرى أكتوبر عند مطلع الزمالك التقيت بيسرى نصرالله وأخته، مصممة الملابس ناهد، والممثل الشاب آسر ياسين، وبعض أصدقاء آخرين فى طريقهم أيضاً لميدان التحرير، وكنا كلما نتقدم ينضم إلينا آخرون، بعضهم نعرفه والبعض الآخر لا نعرفه، فبدا المشهد كأننا جماعات تلتقى فى طريقها لتحج إلى ميدان التحرير، بحثاً عن عيش وحرية وكرامة إنسانية، وقبل ذلك بسنوات وعلى مدى سنوات كان يسرى نصرالله، أحببت أفلامه أم لم تحببها، بالتأكيد اسم لمخرج متميز، يحترم عمله والسينما التى يقدمها، ويكفيه أنه صاحب فيلم «باب الشمس» بجزأيه، والذى لم يضاهيه فيلم عربى فى عرضه للقضية الفلسطينية، إذن حين يتحدث أحد، أى أحد، عن عمل ما لنصرالله، فلا يمكن بأى صيغة أن يوصمه بأنه من فلول نظام سقط، كرهناه جميعاً، أو أنه فى يوم ما استغل فنه فى الترويج لأى خطأ أو خطيئة، سياسية كانت أم اجتماعية.

لم تكن تلك مقدمة للدفاع عن يسرى نصرالله المخرج الكبير بقدر ما كانت قول حق قبل أن أتطرق إلى فيلمه الأحدث «بعد الموقعة» الذى مثّل مصر فى المسابقة الرسمية فى مهرجان «كان»، كما أنه مثّل مصر، البلد المضيف، فى مهرجان الأقصر السينمائى مؤخراً.. ورغم أنه لم يفز بجائزة فى أى من المهرجانين، فإنه فيلم بالتأكيد هام جداً، خاصة فى هذا الوقت من تاريخ أمتنا التى تعانى من حالة استقطاب مرضية ليست سياسية فحسب، ولكن الأهم أنها صارت تخص المجتمع بأكمله، وهذا هو ما يحاربه نصرالله وعمر شامة، الشاب الذى شاركه كتابة السيناريو لفيلم «بعد الموقعة».

الفيلم يحكى كما يبدو عنوانه عن أحداث تلت ما أطلق عليها «موقعة الجمل»، وحكاية أحد المشاركين فيها من خيّالة نزلة السمان، وما الذى حدث له فى حياته بعد الموقعة، وعلاقة بعض ثوار التحرير به، وكيف كانوا ينظرون له، ثم كيف استطاعت واحدة منهم أن تغير حياته وأفكاره حين عرفت حقيقته، وكيف أنه ككل الشعب مجنى عليه لا جان، فالفقر والجهل والبحث عن لقمة عيش كانت هى من حركته ضد الثوار، ولكن حين احتوته وأفهمته صار منهم، يهتف من أجل العيش والحرية والكرامة الإنسانية مع الجميع فى عزف عام، وليس نشازا كما فعل من قبل.

«بعد الموقعة» يرسم صورة إنسانية لبعض من هؤلاء الذين قالوا عنهم أعداء الثورة، ويطلب من المشاهد أن يرى الجانب الآخر من موقعة بدأ الهجوم فيها من مجموعة خيّالة وعاملين بالنزلة، وانتهت بضربهم وسحلهم، وهى حقيقة مرصودة بالصورة، ولكن لا أحد يتحدث عن «موقعة الجمل» إلا من زاوية واحدة، أهل التحرير والثورة.

وعود على بدء فيسرى نصرالله مش فلول يا بلد، لهذا فحين يطلب من المشاهد أن ينظر للآخر حتى لو اختلف معه، فلا يصح أن يقال عن فيلمه إنه دفاع عن فلول، أو ثورة مضادة. يسرى نصرالله فى هذا الفيلم هو المعادل الموضوعى لمعنى الفن الذى يرى ويتحدث حين يخاف أو يجبن آخرون عن الحديث.

قام بدور الخيال باسم السمرة، وكعادته كان متشرباً بالشخصية، فأجاد تقديمها، وقامت منة شلبى بدور الثائرة، فى إضافة لها ولأدائها الجيد، ناهد السباعى فى دور زوجة الخيّال، علامة لشابة مازال أمامها الكثير، صلاح عبدالله، فيدرا أو فرح، سلوى محمد على، تميم عبده، كلهم ممثلون أجادوا أدوارهم.

سمير بهزان المصور، ومنى ربيع المونتيرة، بالتأكيد كان لهما دور مضاف لقيمة الفيلم، خاصة منى التى استطاعت هذه المرة أن تتجاوز أكبر مشكلة لدى يسرى نصرالله عموماً كمخرج، وهى بطء الإيقاع، ولكن للحق فى «بعد الموقعة» استطاع يسرى ومنى أن يتخلصا من هذه المشكلة.

بالتأكيد هناك بعض النقائص فى هذا الفيلم، ولكن الأهم والأقيم والأوجب بالاهتمام فيه هو أنه يضع المشاهد أمام حقائق وصورة لها جانب آخر لم يرصدها إعلام أو قلم، ربماً جهلاً أو خوفاً من أن يتهم كما يتهم البعض فيلم نصرالله بأنه دفاع عن فلول، وهى نظرة مقصورة كاذبة.

منذ عقود كتب إحسان عبدالقدوس رواية جرحى الثورة عن ابنة أحد البشوات، وكيف ضاعت وخاصمت مصر، وكيف حاول رجل من أهل الثورة أن يستعيدها، ولكن عبدالقدوس كتبها بعد سنوات من ثورة يوليو، أما نصر الله فقدمها والثورة لم تنته بعد، لأنه فنان يبحث عن ثورة بلا جرحى فكفى بنا جراحاً وقتلاً وكراهية قبل وبعد الثورة.

اليوم السابع المصرية في

28/09/2012

 

تجريد استشرافي لسينما مصر في عصر الإخوان

هاني درويش* 

في خضم السجال السياسي الحادث لإعادة تشكيل نظام جديد، تلعب فيه القوى الاسلامية المنتصرة دور الموجه والراعي المنفرد لضبط وصياغة علاقة الفرد بالمجتمع، يبدو حال البنية الفوقية المتمثلة في الفن والادب، وكأنها الصيد الاسهل والمغنم المباشر الذي تستطيع تلك القوي استهدافه من ألفه إلي يائه.

السينما تحديداً بوصفها صناعة رأسمالية باذخة ارتبطت في نموها الكبير، على الأقل منذ منتصف التسعينيات بتوجهات الانفتاح السياسي والاقتصادي في موجته المباركية الثانية، أي في اللحظة التالية مباشرة لحرب الخليج الاولى، عندما خرجت ذائقة بمجملها هي سينما الثمانينيات من عالم السوق الجديد، العالم الذي جرى تلخيصه بزمن «المضحكون الجدد» وجمهورهم الذي أدخل التعبير «المليوني» في الإيرادات حيز الحساب، من هذه اللحظة مرت سينما الزمن المباركي بعديد من المنعرجات التكيفية مع اذواق مستهلكيها، ودخلت ازمات في العقد الاخير مثلها مثل باقي الصناعات زمن مبارك، حيث سيطرت اللاشفافية المحاسبية، وشبهة غسيل الاموال منطق ترابحها، أي ان وصول القوى الاسلامية للحكم يأتي في لحظة تعيد فيها الصناعة نفسها حساباتها عن نفسها والعالم، وهنا يتداخل الصراع المفترض حولها مع قوانين بقائها الجديدة، والتي هي ابنة لحظة أزمة لا لحظة قوة.

لا جديد في عداء الاسلاميين المبدئي لهذا النشاط الترفيهي، خاصة مع تعليبه في قيمة اللهو، وهو ما تقدمه السينما التجارية، السائدة اصلاً، جاهزاً وقابلاً للاستهداف، لكن جزءا من الخصومة يقع ضمنياً فيما ضمر لدى تلك القوى من دور كانت فيه السينما مرآة ملهوية ساخرة منهم، إما عن طريق تقديم شخصية الاسلامي بمنتهى التسطح والدعوية الديماغوجية زمن خطابها الداعم لبطش مبارك الامني لهم، أو حتى عبر أفلام نادرة اجتماعية عالجت ازمات التدين الشكلي وصراعه مع القيم الجديدة للمجتمع، وفي الحالين لم يعرف في السينما منتج او عامل او ممثل اسلامي، أو استثمر فيها جانب من اموال القوى الاسلامية حتى عن طرق التفافية، بل تمركزت السيولة المالية في النشاط السينمائي غالبا في يد مستثمرين قريبي الصلة بالعائلة المباركية وفقا لمنطق دولة المحاسيب التي اسسوها، والتي تحتكر فيه النجومية الاقتصادية شلة ضيقة من الاقربين بالمعروف.

لكن ليس من السهل اعتبار عدم تأثر السينما بالمناخ المحافظ الجمعي قيمة مطلقة، فمع عودة الفيلم الاجتماعي للنجاح، ولنأخذ لحظة ظهور فيلم «سهر الليالي» مفتتحا، سيظهر خطاب محافظ بل ورجعي احيانا داخل هذه الشريحة من الافلام، وتحت حمى الموضوعية الاجتماعية ستظهر بطلات بالحجاب وسيدور الحديث الفني عن سينما نظيفة، إلى باقي الموجة التحتية للوعي المحافظ الذي سيطر على الاقل على قطاع واسع من نجوم ونجمات سينما المضحكين الجدد، وتزامن ذلك مع نسخة مكجولة من تدين الطبقة الوسطى، فبات تجاور نجوم الكوميديا مع الدعاة الجدد في صفحات الفن الاجتماعية ملمحاً اصيلا.

الشيزوفرينيا

بمعنى آخر، سيطرة الشيزوفرينيا النفسية المجتمعية على منتجي الخطاب السينمائي ذاته، جامعاً بين الترفيه وقشرة اخلاقية رقيعة وتلفيقية على ما يقدمه هؤلاء المنتجون والفنانون، توازي وتعكس صورة جمهور من الشباب الكاجوال والفتيات المحجبات في الصالات، جمهور المتعة المختلسة في الظلام، والاستعداد بعد لحظات لطقس التحرش الجنسي على باب السينما.

لذا لا يبدو غريباً ان يكون رذاذ البصاق التهجمي على السينما ملتصقاً فقط على نجوم من نوعية عادل أمام أو إلهام شاهين، فهذا الجيل عملياً كان ابن النسخة القديمة الفنية والتجارية لموضوعات السينما بمواصفات ما قبل ممثلي «المحافظون الجدد»، عادل إمام ملك اللهو المنفلت ذو المشروع التحريضي ضد الاسلاميين بالمنطق الدعوي المواجهاتي كما دشنته افلامه مع وحيد حامد ولينين الرملي، وإلهام شاهين ذات صدفة دعم محمد شفيق المتزامنة مع موقفها الاحترافي الاخلاقي من موضوعات القبل السينمائية، اختيارهما سوياً هو عزل لفترة تاريخية عن فترة وجيل آخر أقل، يعتقد كاتب المقال أن هذا الجيل الحديث لا أزمة معه في سيادة أخلاق أكثر محافظة على الشاشة، بل والقدرة التكيفية مع متطلبات حكم انفرادي للإسلاميين.

السينما التجارية الخفيفة لن يستهدفها هجوم الاخوان، أفلام الترفيه الضخمة في مناسبات كالأعياد ومواسم الاستهلاك السريع لن تكون محل اصطيادهم، ستترك هذه الماكينة تعمل وفقاً لقصورها الذاتي، فهشاشة الوضع السياسي والدور الذي تلعبه تلك السينما في ترفيه ضروري لقطاعات جمهور الاخوان الاصيل مهم، ستكون تلك الافلام مظلة تكيفية مهمة مع انسداد التغيير المفترض بعد الثورة.

المتوقع أكثر أن تستجيب ميليشيا من أنصاف المواهب والكولاج الاخلاقي علي السينما الاجتماعية الخفيفة، مخرجين كعمرو سلامة وكتاب ورش السيناريو من هواة الصحافيين سيكونون الاكثر تكيفا مع العصر الجديد ومنتجي وعيه الجديد، خاصة ان الاسلاميين يسعون إلى الحكم أولا في هذه اللحظة، أكثر من السيطرة الاستبدادية لقطاع غالباً ما لا يفهمون طبائع أو ميكانيزمات تدويره.

مجتمع الوعي الاخلاقي الفردي المهندس من أعلى كما يخطط له الاسلاميون ستكون مهامه الاساسية هي وضع القاعدة وترك القوى الاجتماعية للصراع على تفسيره، وما معركة الدستور الدائرة بعنف الان إلا مشهد من نوعية الصراع على اعادة تعريف هوية جامعة للمجتمع الجديد، محاولة للظفر بالتأسيس الاولي السريع لقيم الاسلاميين المعلبة والجاهزة، وما الهجوم على حريات التعبير ووضع صيغ فاشية لتعريف أخلاق المجتمع ومواصفاته المتخيلة إلا هندسة فراغية لأزمة «أولوية الحكم علي السيطرة»، وفي هذه الاولوية يقبل الحكم اقامة توازنات مؤقتة، تأجيل السيطرة الشاملة ، السينما لن تكون أداة حكم مباشرة، سيتركون لصانعيها باب المبادرات على ما فعل عبد الناصر في سنواته الاولى، قد نرى اسماعيل ياسين آخر في المسجد بدلا من الجيش، قد يتبرع منتج أو أكثر لعمل فيلم دعوي كبير عن حسن البنا، لكن التلفزيون هو ما سيكون المدخل للسيطرة فعليا، فمجتمع يتمنى الاخوان أن يعود سكانه إلى صوفاتهم المنزلية الاثيرة، ليتلقم الوعي السلبي غير المنتج سيكون هو الجمهور الحقيقي للاخوان.

هل نستطيع أذا اعتبار ان توجه منتجي السينما هذا العام للدخول بكل الرساميل المختزنة في انتاج المسلسلات هو اشارة التكيف الاولي للصناعة مع متطلبات العصر الجديد؟ نحو مليار جنيه مصري معظمها لمنتجي ونجوم السينما ذهبت إلى سوق شهر رمضان الدرامي، وهو ما يعني تفضيل الربح المالي المضمون مردوده اعلانيا على سوق سينمائي كاسد اقتصاديا، فميل الارباح الرأسمالية للتدني في السينما، والتكلفة العالية للمخاطرة بالصدام في لحظة انفراد الاخوان جعلتهم يذهبون الى البيوت بما لا ترفضه البيوت، مسلسلات وصلت بتحللها من القيم المحافظة الافتراضية مبلغا جديدا، مسلسلات انتجتها المخابرات وبقايا النظام القديم لغسل السمعة، مسلسلات على المازورة الاخلاقية الملتبسة لجمهور ضجر من برامج التوك شو السياسي واستعذب العودة لغياب الحياة الواقعية، يبدو أن هذا الجمهور سيكون هدفا مشتركا لجرعة زائدة مثلا من المسلسلات الدينية جنبا إلى جنب مع مسلسلات الشراشف المنزلية وقمصان النوم الذكورية، مضافاً إليها تابل مسلسلات اعادة اكتشاف العشوائيات. يحتاج الاسلاميون عن حق هذه الشاشة المنوعة لتمثلات المجتمع عن ذاته لقلب التوازن وتمرير الصيغة الاخلاقية البطيئة للسيطرة، هنا قد يكون دخول الاخوان او بعض المتبرعين بترجمة اشاراتهم الملتبسة على خط ادامة جلوس المشاهد وتربيته تربية اخلاقية جديدة، ازاحة ناعمة وهادئة وتغييبية.

ستبقى أزمة الاخوان في السينما المستقلة، السينما التي ارقت مبارك ونظامه، السينما التي جمهورها الاساسي هو الثوار وتشبيكاتهم النخبوية الجديدة، السينما التي لا تأخذ موافقة من رقيب وتعمل بكاميرات صغيرة وتجول في الشوارع، السينما التي تعرض في ساحات خارج سيطرة وحكم الاخوان الفعلية، هذه السينما التي تسرد الان سردا مختلفا لتوثيق الثورة أو النقاش حول دلالتها، هذه تحديدا هي الهدف الذي يجب تدميره، تجفيف منابعه والسيطرة على فضائه وساحاته، وما تحويل حفل لموسيقى الروك إلى قضية عبادة شيطان إلا تلويح رمزي بقدرة استهداف الاماكن والخرائط المستقلة، بقدرة الجماعة ومريديها ومحاميها ونوابها على بلورة أعداء جدد للأمة كما يسكبون تعريفها.

يعتمل الوعي السلطوي الاخواني الآن بسياسات شغل الفراغ، اعادة تسكين وتشبيك قبيلتهم داخل بنية دولة سيطرت طويلا على عمليات انتاج الثقافة، قد يحمي السينما وجود صناعتها خارج القبضة المباشرة لهذه السيطرة، قد يحميها ضمورها اللحظي كصناعة، وقد يقلل استهدافها أولويات أخرى للاستهداف، ومراوغتها كصناعة تعرف كيف تخدم أي تغير سياسي، لكن المؤكد أن الاخوان ورثة شرعيون للاستبداد المباركي، ومن أجل ادامة وتعميد هذا الاستبداد سيكون لهم ضحايا منتقون، فهامش السينما المستقلة هو المجال الحيوي الميكروسكوبي للخلية العضوية النافرة، التي لا تقبل اللحمة مع جسد المجتمع /الامة/ المعاد اختراعها، ولا تستسلم لقدر الجفاف والنبذ.

*(كاتب مصري)

السفير اللبنانية في

28/09/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)