حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

الحكومة ودعم المجتمع المدنى

بقلم سمير فريد

٢٦/ ٩/ ٢٠١٢

 

بعد عقود من «السيطرة الحكومية» على الإنتاج والتوزيع والعرض فى مجالات الفنون: «الموسيقى والسينما والمسرح والفنون التشكيلية وفنون الأدب»، يصبح من العسير على المسؤولين الحكوميين فى وزارة الثقافة تقبل فكرة أن تقوم الوزارة بدعم جمعيات ومؤسسات المجتمع المدنى.

وعندما أنشأ فاروق حسنى صندوق التنمية الثقافية أثناء توليه وزارة الثقافة- واسم الصندوق بالإنجليزية «دعم»- كان المقصود واضحاً تماماً أن الصندوق يدعم ولا ينتج ولا يوزع ولا يعرض، ولكن القائمين عليه لم يستوعبوا معنى الدعم، أو كما قال لى أحدهم «نحن لسنا مجرد «شوال» فلوس نعطى الآخرين ولا نفعل شيئاً».

والحقيقة أن أى صندوق للدعم فى أى دولة فى العالم يفعل الكثير، فليست المسألة أن «يعطى» المجتمع المدنى، وكأنه يمنح صدقه أو هبة، فالذى يعطى هنا هو المجتمع المدنى من خلال مشروعاته، والعطاء هنا للمجتمع، أى لمصلحة البشر الذين يعيشون على هذه الأرض أو تلك، والكثير الذى يفعله أى صندوق وكل صندوق هو الشروط التى يضعها لدعم مشروع ما أو عدم دعمه، وهذه الشروط ووضعها وتطبيقها هى وظيفة الصندوق، وهى ليست بالأمر البسيط، وإنما تحتاج إلى «خبراء» على أعلى مستويات الكفاءة المهنية.

وعندما كان الدكتور خالد عبدالجليل، رئيساً للمركز القومى للسينما، بعد ثورة يناير، شكل مجلس إدارة للمركز، وكان من بين أعضاء المجلس السينمائيين مجدى أحمد على ويسرى نصر الله وماريان فوزى وكاملة أبوذكرى وأحمد عبدالله وكاتب هذه السطور، وكان من أهم ما أنجزه المجلس التوصية بعدم إقامة مهرجانات دولية للسينما بواسطة وزارة الثقافة، وأن تكتفى الوزارة بدعم من يطلب الدعم من هذه المهرجانات، وبناء على شروط محددة وضعها المجلس.

ورغم صدور قرار من وزير الثقافة الأسبق الدكتور عماد أبوغازى بالتوصية المذكورة، ورغم تشكيل مؤسسات مدنية لتنظيم مهرجانات الوزارة بناء على ذلك القرار، عادت الوزارة إلى إقامة المهرجانات الدولية بعد تغيير الوزير، وتمت إقامة مهرجان القاهرة لأفلام الأطفال ومهرجان الإسماعيلية للأفلام التسجيلية والقصيرة، والآن مهرجان القاهرة السينمائى الدولى الذى يبدأ نهاية نوفمبر. وهذا يؤكد أن الفهم المغلوط للدعم لايزال مستمراً، وأن الحكومة لا تزال تفضل تنظيم مهرجانات السينما ولا تتركها للسينمائيين.

 

مهرجان السينما وإنتاج الأفلام

بقلم سمير فريد

٢٥/ ٩/ ٢٠١٢

عندما تولى ديتر كوسليك إدارة مهرجان برلين عام ٢٠٠٢، منذ عشر سنوات تماماً، كان اسماً جديداً من خارج الأسماء المعروفة التى تتداول «السلطة» فى مهرجانات السينما فى أوروبا، وقال البعض: من هذا؟ وماذا سوف يفعل فى «برلين» بعد أن جعله مورتيز دى هادلن منافساً لمهرجان «كان» ومهرجان «فنيسيا».

كان مهرجان برلين منذ بدايته عام ١٩٥١، فى زمن الحرب الباردة، أول مهرجان يقام فى عاصمة، أو بالأحرى فى نصفها الغربى، عندما كانت مقسمة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية عام ١٩٤٥، وكان ساحة من ساحات الحرب الباردة، ولم يبدأ فى التخلص من هذا الطابع إلا مع تولى دى هادلن إدارته.

كانت مهمة «كوسليك» فى ألمانيا الموحدة من جديد بعد سقوط جدار برلين عام ١٩٨٩ - أن يحافظ على ما حققه «دى هادلن»، ويتجاوزه إلى الأفضل.

وبعد أحداث ١١ سبتمبر ٢٠٠١ أصبحت المهمة أكثر صعوبة فى عالم ما بعد ١١ سبتمبر، الذى بدأ تاريخ القرن الميلادى الجديد، وبخبرته السياسية إلى جانب خبراته فى العمل الثقافى روج شعار «التنوع الثقافى» منذ الدورة الأولى التى تولى فيها إدارة المهرجان بعد شهور معدودة من الأحداث فى فبراير ٢٠٠٢. ولم يحافظ «كوسليك» على ما حققه «دى هادلن» فقط، وإنما ابتكر ما اتبعته مهرجانات أخرى عديدة بعد ذلك.

ومن أهم ابتكارات «كوسليك»: «معسكرات الشباب» التى تجمع مئات السينمائيين الجدد من كل دول العالم، وصندوق دعم مشروعات الأفلام من كل دول العالم أيضاً، ومن ناحية أخرى اهتم بالعروض المفتوحة للجمهور بتذاكر مخفضة، تكاد تكون رمزية فى مهرجان «كان» ومهرجان «فينيسيا»، ووصل بأعداد التذاكر المبيعة إلى ربع مليون تذكرة ويزيد، وهو العدد الأكبر فى مهرجانات أوروبا، وربما فى العالم كله.

وبعد صندوق برلين لدعم المشروعات أصبحت المهرجانات تتنافس فى إنشاء صناديق الدعم بأشكال ومسميات مختلفة بما فى ذلك مهرجان «كان» الأكبر الذى أنشأ «أتيليه كان»، وامتدت الفكرة إلى المهرجانات العربية، خاصة مهرجانات الخليج الثلاثة فى دبى وأبوظبى والدوحة، وساهمت هذه الصناديق فى دعم الكثير من مشروعات الأفلام العربية المتميزة، ولولاها لما كان من الممكن أن يتم إنتاج أغرب هذه المشروعات فى ظل مقاييس السوق العربية البليدة، وعدم رؤية الكثرة من المنتجين لما هو أبعد من مواقع أقدامهم.. والتحية إلى «كوسليك» بمناسبة مرور عشر سنوات على توليه إدارة مهرجان برلين.

 

السينما المصرية تفقد نادية حمزة

بقلم سمير فريد

٢٤/ ٩/ ٢٠١٢

توفيت يوم الثلاثاء الماضى المخرجة السينمائية المصرية نادية حمزة، وأغلق القوسان (١٩٣٩-٢٠١٢) بعد ٢٠ سنة من عرض آخر أفلامها.

كان للنساء الفنانات دور كبير فى بداية السينما المصرية فى فترة الأفلام الصامتة، ومع بداية الأفلام الناطقة فى السنوات العشر الأولى من إنتاج الأفلام الروائية الطويلة من ١٩٢٧ إلى ١٩٣٧. ولم يقتصر دور الفنانات على التمثيل والإنتاج، وإنما قمن بالإخراج أيضاً، وبلغ عدد المخرجات أربعاً فى زمن لم يتجاوز فيه عدد المخرجات فى العالم كله عشرات قليلة، وهن عزيزة أمير (١٩٠١-١٩٥٢) وفاطمة رشدى (١٩٠١-١٩٩٦) وبهيجة حافظ (١٩٠٨-١٩٨٣) وأمينة محمد (١٩٠٨-١٩٨٥).

وما إن أصبحت السينما فى مصر «صناعة» كبيرة وراسخة مع افتتاح استديو مصر عام ١٩٣٦ حتى اختفت المخرجات تماماً حتى أخرجت نادية حمزة فيلمها الأول «بحر الأوهام» عام ١٩٨٤. وذلك باستثناء الفيلم الوحيد الذى أخرجته الفنانة الكبيرة ماجدة بعنوان «من أحب» عام ١٩٦٦.

وفى الفترة من بداية نادية حمزة حتى الآن، وحديثى عن الأفلام الروائية الطويلة التى عرضت فى دور السينما، ظهرت عشر مخرجات هن إيناس الدغيدى ونادية سالم وأسماء البكرى ونعمات رشدى وساندرا نشأت وهالة خليل وكاملة أبوذكرى ومنال الصيفى وألفت عثمان ومريم أبوعوف، أى عشر مخرجات فى ٣٠ سنة من بين ١٦ مخرجة فى ٨٥ سنة.

تخرجت نادية حمزة فى قسم صحافة بكلية الآداب فى جامعة القاهرة عام ١٩٦٤، درست السيناريو فى قسم الدراسات الحرة بمعهد السينما وتخرجت عام ١٩٦٥، وعملت مساعدة للإخراج فى عشرات الأفلام، خاصة مع نيازى مصطفى (١٩١١-١٩٨٦)، وكمال الشيخ (١٩١٨-٢٠٠٤) قبل أن تخرج أول أفلامها، وفى خلال أقل من عشر سنوات أخرجت نادية حمزة عشرة أفلام، وهو العدد الأكبر من الأفلام لمخرجة بعد إيناس الدغيدى. ولا أحد يدرى لماذا توقفت تماماً لمدة عشرين سنة بعد هذا الإنتاج الغزير.

أفلام المخرجة الراحلة التسعة الأخرى هى «النساء» ١٩٨٥، «نساء خلف القضبان» ١٩٨٦، «حقد امرأة» ١٩٨٧، «المرأة والقانون» ١٩٨٨، «امرأة للأسف» ١٩٨٨، «معركة النقيب نادية» ١٩٩٠، «نساء صعاليك» ١٩٩١، «نساء ضد القانون» ١٩٩١، ثم «همس الجوارى» ١٩٩٢. وتعبر هذه الأفلام فى مجموعها عن موقف واضح فى الدفاع عن النساء، يصل إلى درجة عالية من الحدة، حتى إن أحد أفلامها لا يظهر فيه وجه رجل واحد! إنها صانعة سينما «نسائية» بكل معنى الكلمة، وتحتاج إلى «إعادة اكتشاف».

 

تعريب مهرجانات الخليج

بقلم سمير فريد

١٩/ ٩/ ٢٠١٢

فى عام ٢٠٠٧ اتصلت بى مذيعة التليفزيون المعروفة نشوى الروينى وطلبت منى التعاون لإقامة مهرجان أبوظبى السينمائى الدولى وتركت لى حرية اختيار صيغة التعاون، أو المنصب، فقلت لها على الفور إننى أفضل صيغة المستشار الفنى.

وفى أول لقاء مع محمد خلف المزروعى الذى كان مديراً لهيئة أبوظبى للثقافة والتراث التى تنظم المهرجان سألنى لماذا مستشار، فقلت لأننى أرى أن مهمتى هى نقل خبرتى فى هذا المجال إلى مجموعة من شباب الإمارات ليكون من بينهم مدير المهرجان وكل مديرى الأقسام المختلفة فى المستقبل القريب.

وأوضحت للرجل الذى كان وراء مشروعات كبيرة تستهدف أن تصبح أبوظبى من العواصم الثقافية على الصعيدين العربى والدولى - أن إدارة المهرجانات مهنة بكل معنى الكلمة، أو هكذا أصبحت بعد أن تكاثر عدد المهرجانات فى العالم، ولست أرغب فى تغيير مهنتى كصحفى وناقد وباحث فى تاريخ السينما.

وقد كان أهم ما يتميز به مهرجان دبى ويمتاز، وهو أعرق مهرجانات الخليج الثلاثة قبل أبوظبى وقبل الدوحة، أن المسؤولين عنه اختاروا مواطنين من مثقفى الإمارات المختصين فى السينما لمنصبى الرئيس «عبدالحميد جمعة» والمدير «مسعود أمر الله» بدلاً من المدير الأجنبى الذى عمل فى الدورات الأولى.

وفى الأسابيع الماضية وصل التعريب إلى مهرجان أبوظبى حيث عين على الجابرى مديراً للمهرجان بدلاً من بيتر سكارلين، وإلى مهرجان الدوحة حيث عين عيسى المهندس بدلاً من أماندا بالمر، وهو تطور فى الاتجاه الصحيح، وليس المقصود بالطبع رفض الاستعانة بالخبرات الأجنبية، فهى ضرورية فى كل مجال حيث تعز الخبرات الوطنية، ولكن دور الخبير الأجنبى يجب أن يكون المساهمة فى إعداد «كوادر» من أهل البلد لأن من حقهم قيادة مؤسساته، ومن واجبهم خدمة وطنهم.

وكل مهرجانات السينما الدولية، بما فى ذلك المهرجانات الكبرى فى برلين وكان وفينسيا، تستعين بخبرات أجنبية، خاصة فى ترشيح الأفلام الأجنبية، أو المبرمجين، ولكن ليس فى المواقع القيادية، وقد عرفت على الجابرى عن قرب بحكم عملى فى الدورتين الأولى والثانية لمهرجان أبوظبى، وأعتقد أن اختياره كان صائباً لأنه من السينمائيين الإماراتيين الشباب الذين يتمتعون بالصدق والإخلاص والرغبة الدائمة فى المعرفة، واكتسب خبرة من عمله مديراً لمسابقة أفلام من الإمارات التى أصبحت ضمن برامج أبوظبى منذ ٢٠٠٧.

 

«روتانا» وأول فيلم سعودى

بقلم سمير فريد

١٨/ ٩/ ٢٠١٢

كنت ولا أزال من الذين يعتقدون أن تحديث دول الخليج والسعودية ينعكس إيجاباً على مصر وكل الدول العربية والإسلامية «أى ذات الأغلبية من المسلمين»، كما ينعكس إيجاباً على نظرة العالم إلى الدين الإسلامى، خاصة فيما يتعلق بالسعودية التى شهدت مولد الإسلام وبها الكعبة التى يتوجه إليها كل المسلمين فى صلواتهم.

وربما يتساءل بعض القراء هل هناك من يختلف على ذلك؟، والإجابة نعم، هناك من يرون أن كل مظاهر التحديث فى السعودية والخليج شكلية، وهى تجميل لنظم متخلفة آيلة للسقوط، وكان هذا على سبيل المثال ما كتبه أحد كبار المثقفين المصريين، تعليقاً على مقال أشدت فيه بتأسيس الشيخ محمد بن راشد، حاكم دبى، مؤسسته الثقافية برأسمال عشرة مليارات دولار أمريكى.

وتعتبر السينما من أهم مظاهر الحداثة إن لم تكن الأهم، كما يعتبر الأمير الوليد بن طلال من رواد الحداثة فى السعودية، ولا غرابة فى ذلك، وهو ابن الأمير طلال بن عبدالعزيز الذى كان ولايزال على يسار الحكم فى السعودية. ومن أهم مشروعات الأمير الوليد شبكة «روتانا» التليفزيونية، والتى تملك الآن أكثر من نصف تراث مصر من الأفلام.

ورغم أن هذه الأفلام بين أيد أمينة، إلا إننى من الذين كانوا يفضلون أن تبقى الملكية فى حوزة شركات مصرية، واللوم هنا ليس على من اشترى، وإنما على من باع.

وقد كان «الحدث» فى مهرجان فينسيا هذا العام فيلم «وجدة» إخراج السعودية هيفاء المنصور، الذى عرض فى مسابقة «آفاق»، وفاز بثلاث جوائز من جوائز المؤسسات الثقافية التى تعلن فى الوقت نفسه مع جوائز المهرجان الرسمية. ويحمل الفيلم الجنسية الألمانية من حيث الهوية القانونية للإنتاج، ولكنه هويته الثقافية سعودية، ليس فقط لأنه أول فيلم روائى طويل صور على أرض السعودية، وإنما أساساً لتعبيره عن ثقافة المجتمع السعودى، فالهوية لا تكون بمجرد مكان التصوير.

وتذكر عناوين الفيلم مشاركة «روتانا» فى إنتاجه، بل تذكر أن المنتج المنفذ المذيعة التليفزيونية المصرية المعروفة هالة سرحان، ومن المؤكد أنه لولا الأمير الوليد لما حصلت هيفاء المنصور على الترخيص بتصوير فيلمها على أرض السعودية. ولست أدرى ما الذى حال دون أن يكون الفيلم من إنتاج «روتانا» وحدها كشركة سعودية، وكان من شأن ذلك أن يصبح سعودياً من حيث هوية الإنتاج والهوية الثقافية معاً.

 

وزارة الثقافة ومهرجان القاهرة

بقلم سمير فريد

١٧/ ٩/ ٢٠١٢

تابعت بكل التقدير الجهود التى بذلها الدكتور صابر عرب عندما كان رئيساً لدار الكتب، وخاصة عندما أصدر الكتابات الكاملة لرائد الوطنية المصرية ورائد الديمقراطية والتنوير ومؤسس جامعة القاهرة أحمد لطفى السيد «١٨٧٢- ١٩٦٣» بمناسبة الاحتفال بمئوية الجامعة عام ٢٠٠٨. وكانت المقدمة التى كتبها الدكتور عرب لهذا السفر الثمين تعبيراً عن موقف سياسى واضح ينحاز إلى الحرية. ولذلك سعدت عندما اختاره الدكتور كمال الجنزورى، وزيراً للثقافة فى حكومته، وعندما استمر وزيراً للثقافة فى الحكومة الحالية.

فى إحدى مؤتمرات مؤسسة الفكر العربى فى بيروت عام ٢٠٠٩ جرى بينى وبين الدكتور عرب حوار شخصى أشار فيه إلى واقعة معينة، لست فى حل من ذكرها، ولكن رد فعله إزاءها جعله يكبر فى نظرى كإنسان يرفض نفاق السلطة. وقد تذكرت هذه الواقعة يوم الأحد الماضى عندما قرأت حواره فى الملحق الثقافى الجديد لجريدة «الأهرام»، وقوله إنه لم ينتخب محمد مرسى، ولكنه يحترم رأى الأغلبية، التى اختارته رئيساً للجمهورية- إنه تصريح يليق بحفيد من الأحفاد الروحيين لأحمد لطفى السيد حقاً، فليس هناك بالطبع ما يجبر أى إنسان على أن يقول لمن أعطى صوته، وكم من الذين صوتوا ضد مرسى يقولون الآن إنهم صوتوا له.

قبل سفرى إلى مهرجان فينسيا نهاية أغسطس الماضى، وفى حوار عبر التليفون، سألنى الدكتور عرب أليس دعم الوزارة لأى مهرجان يعنى أن له موارد أخرى يستكمل بها ميزانيته؟، قلت له نعم، قال وإذا لم تكن هناك موارد أخرى، وكل الميزانية من الوزارة ألا يحق لها فى هذه الحالة أن تنظم المهرجان؟، قلت نعم، قال هذا هو الأمر الواقع مع مهرجان القاهرة السينمائى الدولى، وقد قررت أن تنظمه الوزارة هذا العام على الأقل، فقلت القرار منطقى، ولكن لابد أن تكلف الوزارة كل الفريق الذى أيد المهرجان طوال الشهور الماضية، أى استبدال الجهة المنظمة فقط من مؤسسة مهرجان القاهرة إلى وزارة الثقافة.

وبعد عودتى من مهرجان فينسيا فوجئت بأن الوزارة تنظم المهرجان بواسطة الفريق الذى كان يعمل به قبل أن يتحول إلى مؤسسة مدنية. وهذا يعنى من الناحية المهنية إهدار الجهود التى بذلت بالفعل، وصعوبة النجاح عند البدء من جديد قبل أسابيع معدودة من موعد انعقاد المهرجان. وهذا فضلاً عن أن المؤسسة المدنية تكونت بناء على قرار وزير الثقافة الأسبق عدم تنظيم أى مهرجانات دولية للفنون بواسطة الوزارة، وأن المؤسسة قدمت إلى الاتحاد الدولى تنازل الوزارة رسمياً عن إقامة المهرجان!

 

الأزمة القادمة مع تجسيد الرسول فى فيلم إيرانى لأول مرة فى التاريخ

بقلم سمير فريد

 ١٦/ ٩/ ٢٠١٢

فى ذروة الغضب الذى اجتاح العالم الإسلامى ضد الفيلم الأمريكى المسىء للرسول محمد «صلى الله عليه وسلم»، أبرقت وكالة أنباء «فارس» الإيرانية، حسب جريدة «الشرق الأوسط» العربية، التى تصدر فى لندن عدد أمس الأول، أن المخرج الإيرانى مجيد مجيدى انتهى من وضع اللمسات الأخيرة فى فيلمه الإيرانى المعنون «محمد صلى الله عليه وسلم»، الذى يشهد أول تشخيص للنبى فى تاريخ السينما.

وكما جاء فى تقرير الزميلة هبة القدسى من واشنطن فإن تشخيص النبى يشير إلى «احتمالات نشوب احتجاجات جديدة مع إجماع علماء الإسلام على تحريم ظهور الأنبياء والصحابة والخلفاء الراشدين فى المسلسلات التليفزيونية أو الأفلام السينمائية».

وذكرت وكالة «فارس» فى تقريرها أن تصوير الفيلم بدأ فى جنوب إيران فى أكتوبر الماضى، ومن المتوقع أن يبدأ عرضه مع بداية ديسمبر، وأنه أكبر إنتاج فى تاريخ السينما الإيرانية، حيث تجاوزت ميزانيته ٣٠ مليون دولار أمريكى. وقال مجيد مجيدى إن الفيلم فى ثلاثة أجزاء عن طفولة النبى، ثم شبابه قبل الوحى، ثم مرحلة الوحى وحتى وفاته، وأضاف: «سيتم تجسيد النبى فى الفيلم باعتباره رمزاً للأخلاق والقيم الروحية الحميدة».

وجاءت فى تقرير «الشرق الأوسط» تصريحات رئيس مجمع فقهاء الشريعة فى الولايات المتحدة، الدكتور حسين حامد حسان، التى قال فيها: «هذه ليست المرة الأولى التى ينتج فيها الإيرانيون أفلاماً عن الرسل، وهم بذلك يخالفون إجماع علماء الأمة، الذين يرون تحريم تجسيد الأنبياء وزوجات الرسول والخلفاء الراشدين والعشرة المبشرين». وأضاف: «لا يوجد شخص يليق به تمثيل دور النبى محمد (صلى الله عليه وسلم)، ولا يجوز شرعاً إظهار الرسول سواء بشكل حسن أو خلاف ذلك، لأن فكرة التجسيد مرفوضة على الإطلاق، ونحن ننكر على إيران إخراج مثل هذه الأفلام غير اللائقة التى تحط من قدر الرسول (صلى الله عليه وسلم).

وفى الوقت الذى نؤيد فيه عدم تجسيد شخصية الرسول، احتراماً لإجماع علماء المسلمين، لا نرى أن من حق الدكتور حسان أن يعتبر الفيلم الإيرانى «يحط» من قدر الرسول من دون أن يشاهد الفيلم، وقد سبق أن تناولنا قضية هذا الفيلم الإيرانى فى «صوت وصورة»- أعداد ١٥ إبريل و٢٩ إبريل و٦ مايو هذا العام- وناشدنا آيات الله فى إيران عدم تجسيد الرسول فى الفيلم حتى لا يثير فتنة جديدة، خاصة أنه سيعبر بالضرورة عن وجهة نظر شيعية، ولكن من دون جدوى.

 

ولكن لا تقولوا «فيلم» ولا تقتلوا النفس البريئة التى حرم الله قتلها

بقلم سمير فريد

١٥/ ٩/ ٢٠١٢

لو كنت فى شبابى لاشتركت فى المظاهرات ضد الفيلم الذى يسىء إلى الإسلام ورسوله، ولكن أن تتحول هذه المظاهرات من تنديد سلمى إلى العنف والهجوم على السفارات وحرق الأعلام ثم تصل فى ليبيا إلى القتل، فهذه جريمة لا تقل عن جريمة الفيلم، وإنما تفوقها لأنها تقتل النفس البريئة التى حرم الله قتلها، واعتبرها أكبر الكبائر.

والتنديد بهذه الجريمة بالهجوم على السفارات الأمريكية وقتل السفير الأمريكى فى ليبيا وثلاثة من مساعديه، لأن الجريمة ارتكبت على أرض أمريكا خطأ فادح وجهل مروع يفسد الهدف النبيل من المظاهرات، فليس فى أمريكا رقابة مسبقة أو لاحقة على الأفلام، ولا تقوم الحكومة الأمريكية بإنتاج أو توزيع أو عرض الأفلام.

الدستور الأمريكى والقوانين الأمريكية وكل الدساتير والقوانين فى أوروبا والدول الديمقراطية فى العالم من اليابان إلى جنوب أفريقيا تحمى الإسلام وكل الأديان والمعتقدات فى إطار حماية الحريات وبفضل العالمانية «من العالم وليس من العلم» فى القرن العشرين الميلادى تضاعف عدد المسلمين فى الدنيا، فقد كانوا نصف مليار بعد ألف وثلاثمائة سنة من الدعوة، وأصبحوا أكثر من مليار فى المائة سنة الماضية.

وبالله عليكم لا تقولوا فيلماً ومخرجاً يدعى كذا، وكأننا أمام فيلم بحق ومخرج بحق.. إنه مقاول بناء لا علاقة له بالسينما من قريب أو بعيد، وفيلمه ليس من إنتاج شركة كبيرة أو صغيرة، وإنما عملية نصب احتال فيها هذا المقاول على عدد من الموتورين اليهود والمسيحيين وجمع منهم خمسة ملايين دولار أمريكى، وعرضه فى قاعة للإيجار يوم ١١ سبتمبر فى لوس أنجلوس، وكان جمهوره لا يتجاوز عدد أصابع اليدين، وقد استنكر أغلب من اشتركوا معه ما جاء فى الفيلم، وقالوا إنه خدعهم، وأضاف وحذف بحيث اختلف مضمون العمل عما عرضه عليهم قبل التصوير.

والمؤكد، ومن دون مشاهدة الفيلم، أنه عمل ردىء ومجموعة من المشاهد المضطربة نتاج مجموعة من الجهلاء الذين لا يعرفون الإسلام ولم يقرأوا القرآن الكريم، الذى يضع نبى اليهودية سيدنا موسى فى مكانته العالية، وسيدنا عيسى المسيح نبى المسيحية، الذى يسلم عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حياً، ويقر بميلاده العذراوى، وبأن أمه مريم المطهرة فى العالمين: عالمنا والعالم الآخر.

samirmfarid@hotmail.com

المصري اليوم في

15/09/2012

 

 

 

السينما والثورات

محمد خان

September 26th, 2012 9:40 am

أتذكر فى أثناء التمهيد لفيلم «أيام السادات» وبمناسبة عيد ثورة يوليو الـ٤٧، تكاثرت المقالات والتصريحات والانطباعات المسبقة وتبادل الاتهامات والمواجهات والتبريرات وتحليلات متنوعة لدور الضباط الأحرار سواء فى قيامها أو تقييمها عبر السنين. وجدت نفسى فى مواجهة مع المعارف والزملاء والأصدقاء عقب إعلانى عزمى على إخراج الفيلم، أمام خليط من العتاب تارة والاستحسان تارة أخرى، فإذا كانت حياة أنور السادات مليئة بالأحداث فحياته بعد وفاته ظلت محورا للتساؤلات والأحكام المسبقة وظهرت مشاعر حادة ومتناقضة نحوه إما عن حب وتقدير مطلق وإما عن كراهية دفينة. ومهما كانت أسباب قبولى مهمة إخراج الفيلم، سواء رغبتى فى تحقيق حلم أحمد زكى لتقمص دور السادات على الشاشة أو عزمى على تقديم رؤية محايدة بقدر المستطاع، رغم أنه سيناريو متعصب أحيانا نحو سياسة الرجل. أكثر شىء أثارنى فى خوضى التجربة كان دراما الطفل الفلاح الفقير الذى أصبح فى يوم ما رئيسا للدولة، وشعرت أن واجبا على أن أُسرد بأكبر قدر متاح من الأمانة حياته التى كانت دون شك مثيرة للغاية، كما لا يعرف تفاصيلها الكثيرون حتى النهاية المصيرية التى أودت بحياته.

اليوم وبعد ثورة ٢٥ يناير لا تزال ثورة يوليو فى كل احتفال بها تثير الجدال والتساؤل هل هى امتداد لها أم لا؟ وعادت حوارات تقييمها مرة أخرى وعتاب بعض الضمائر الرافضة لأهميتها مقابل الثناء لمؤيديها. وأتاح غياب أبطال الثورة الجديدة، التى لم تكتمل بعد، أن نلجأ إلى ثوار الأمس كرموز لأحلامنا التى نادينا بها فى ميدان التحرير «حرية وكرامة وعدالة اجتماعية». ربما السينما فى غياب ثورة لم تحقق هذا الحلم تكتفى فى بعض أفلامها الحديثة مجرد أن تعكس ردود أفعال محدودة، فالسينما دائما فى حاجة إلى أبطال يعبرون عن أحلام تحققت، وأن لا تكتفى بالإحباطات التى نعانى جميعا منها اليوم.

أتذكر أيضا قبل فيلم «أيام السادات» كيف تجاهل برنامج تليفزيونى هزيمة حرب ٦٧ فى سرده تاريخ الثورة، واكتفى بنصر أكتوبر ٧٣، وحتى فى نهاية فيلم «كوكب الشرق» عن حياة أم كلثوم، اختار صُنَّاعه تجاهل اسم السادات حين تناولوا حرب أكتوبر. وربما هذا اللعب بالتاريخ كان سببا رئيسيا فى إصرارى مثلا على وضع مشهد القبض على محمد نجيب فى الفيلم بينما تجاهل السيناريو الحدث وغيره من الحقائق التى بذلت جهدا فى جمعها. يظل السؤال: هل فى المستقبل ستسرد السينما وقائع ثورة يناير وما بعدها بصدق أم لا؟

 

المخرج المحترف

محمد خان

September 19th, 2012 10:00 am

فى منتصف الخمسينيات هلَّ علينا جيمس دين متمردا عبر ثلاثة أفلام قبل أن يقتل فى حادث سيارة بسبب تهوره ويصبح أسطورة، فى نفس المرحلة هلَّ على السينما الأمريكية مجموعة من التليفزيون متمردين بلغة سينمائية طموحة، ربما بتطورات اليوم تعتبر عادية، إلا أنها حينذاك لعبت دورًا فعالًا فى تطور لغة السرد السينمائى. هذا التمرد على المعتاد كان سمة فترة لاحقة بموجة السينما الجديدة فى أوروبا وأنحاء العالم من بعدها. من ضمن مجموعة مخرجى التليفزيون الذين فتحوا لأنفسهم أبوابًا بالسينما بدءًا من نيويورك ثم هوليوود، جون فرانكينهيمر الذى لم يتوقف عن الإخراج حتى وفاته عام ٢٠٠٢ تاركا وراءه ٣٥ فيلمًا روائيًّا وعشرات المسرحيات والأفلام التليفزيونية، اكتشفت أننى شاهدت ٢٧ منها، وهو عدد لا بأس به ويؤهلنى للكتابة عنه، وبالمثل عن زميله سيدنى لوميت الذى توفى عام ٢٠١١ تاركا وراءه ٤٣ فيلمًا وتابعت تقريبا ٩٠٪ من أعماله.

مما ميز الاثنان أنهما كانا مخرجين محترفين بمعنى الكلمة ولكن يحملان فى طياتهما رؤية خاصة بهما.. اجتماعية أحيانا وسياسية أحيانا أخرى. فتجاربهما فى التليفزيون المباشر الحى فى الخمسينيات وغزارة أعمالهما أسهما فى ديناميكية أفلامهما السينمائية بعد ذلك، فى كتاب عن أعمال فرانكينهيمر يفسر المخرج فى مقدمته وجهة نظره أن الفرق بين المخرج الهاوى والمحترف كالتالى: المخرج الهاوى يقدم فقط ما يريده هو، بينما المحترف يقدم أحيانا ما لا يريد أن يقدمه، بالرغم من اختلافى مع هذا التفسير الذى يراد من ورائه أن يفصل بين حرية اختيار المادة وحرفية التعامل معها، فإن مجموعة الأفلام التى قدمها المخرجان من أول فيلم إلى آخر فيلم، تؤكد خصوصية اختياراتهما وشبابية مستمرة فى تعامل كل منهما مع اللغة السينمائية فنجد دائما كاميرا حية تتفاعل مع الأمكنة بتفاصيلها وتعكس وجهة نظر خاصة تنبض بالحياة، مما يميزهما أيضا أن بجانب تقديمهما أساليب تعبير جديدة على السينما فى حينها مثل المزج المتتالى للصور أو تقسيم الشاشة، فأفلامهما التزمت البساطة كأرضية متساوية مع المشاهد دون أى نظرة فوقية قد تشتته. وقد حالفنى الحظ بحضور محاضرة لفرانكينهيمر فى لندن تبع إحدى الجمعيات السينمائية التى اشتركت بها، فكان قد تكرم بحضوره من باريس فى أثناء عطلة نهاية الأسبوع وفى منتصف تصويره فيلم «القطار» ١٩٦٤. اليوم عكس ما حدث فى الستينيات نجد فى مصر اتجاهًا ملحوظًا لمخرجى السينما إلى التليفزيون، وما نتمناه منهم أن لا يكتفوا بالحرفة أو يتنازلوا عن رؤية تبنوها على الشاشة الكبيرة بل عليهم أن يطوروها من أجل الملايين الذين سيستقبلونهم على الشاشة الصغيرة ومتعشمين أن يجدوا أمامهم رؤية صادقة وأمانى ممكنة

 

وداعا نادية

محمد خان

September 12th, 2012 9:44 am

التقينا أول مرة فى لندن، وأنا أمر بمرحلة يأس بعد أن اعتقدتْ أن السينما ابتعدت عنى أو أنا ابتعدتُ عنها، كان هذا فى منتصف السبعينيات، ولولاها ربما لاختفت السينما من حياتى، فهى التى شجعتنى على العودة وأعطتنى أمل أن السينما فى حاجة إلى أمثالى من عشاقها.. وقد كان.. بعد سنوات قليلة كنت أصور أول أفلامى «ضربة شمس» وكانت نادية شكرى «هى مونتيرة الفيلم، ورفيقة مشوار ١٩ فيلمًا بعد ذلك، مرض الروماتويد اللعين هو الذى فى النهاية أقعدها وأبعدها عن السينما إلى أن غادرتنا الشهر الماضى، ذكرياتنا تشمل لقطات على ترابيزة المونتاج وهى تنسج معى فيلما بعد الآخر، وبعد حوارات وانفعالات نصل معا بعدها إلى عمل متكامل، نفخر به ثم نتنازل عن ملكيته ليصبح ملكا للجميع، جملتى الشهيرة لها كلما اختلفت وجهات نظرنا هى (سينما نوفو يا مدام) أى سينما جديدة أدَّعى أننى أقدمها، وبصداها تعاملت نادية بتفاهم، بل أضافت الجديد دائما. وكانت نادية تشعرنى وأصدقاء من جيلى من المخرجين، أنها من جيلنا بالرغم من فارق السن، وثراء تجاربها السينمائية».

الجدير بالذكر أن أول أفلامها كمونتيرة كانت مع فاروق عجرمة فى أول أفلامه كمخرج «العنب المر» ١٩٦٥، وعملت بعد ذلك مع حلمى حليم وحسن رضا وتوفيق صالح وهنرى بركات ونور الدمرداش وحسام الدين مصطفى وحلمى رفلة ولها ٩ أفلام مع حسن الإمام، أشهرها «خللى بالك من زوزو»، قبل أن تدخل نادية حياتى وحياة عاطف الطيب قامت بـ٩ أفلام من ضمنها «سواق الأوتوبيس» و«البرىء»، وفيلمين مع خيرى بشارة وهما «رغبة متوحشة» و«حرب الفراولة»، وفيلم «الصعاليك» لداوود عبد السيد، وأصبحت نادية جزءًا لا يتجزأ من تيار السينما الجديدة، وحين أحيلت ترابيزة المونتاج (المافيولا) إلى المعاش لتحتل مكانها تكنولوجيا الديجيتال التى لم تعد نادية على دراية كافية بتشغيلها فإننى لم أستطع الاستغناء عن عين نادية شكرى حين أشرفت على مونتاج كل من «أيام السادات» و«كليفتى»، فكان بوسعها أن تلتقط بمجرد المتابعة عجزًا ما أو الحاجة إلى حذف كادرات قد تصل أحيانا إلى كادر واحد إنقاذًا لرتم المشهد أو اللقطة، وكان -كما توقعت- لها دور تدعمه خبرة ثلاثين عاما لا يستهان به، نادية شكرى لن تغيب عن الذاكرة وبصمتها ستظل حية فى تاريخ السينما.

 

غزو ميلودرامى

محمد خان

September 5th, 2012 9:35 am

ما حدث على شاشة التليفزيون فى شهر رمضان الماضى دون أدنى شك غزو ميلودرامى من العيار الثقيل.. تسونامى مسلسلات من كل نوع يا بطسطا تتبارى عشان سواد عيونا وحفنة من الإعلانات تتبارى للحصول على تبرعاتنا. مثل قمر الدين المغشوش الذى غزا أسواقنا (كثير من السكر والنشا، قليل من المشمش)، غلب على المسلسلات كثير من العنف وقليل من العاطفة. وكلما اقتربنا من مصداقية أى مسلسل منها تبخرت سريعًا أمام تكرار الوجوه فى أكثر من شخصية بأكثر من مسلسل فى آن واحد لا نفرق بينها إلا بالريموت للتنقل من قناة فضائية إلى الأخرى. لم تكتف المسلسلات بنجوم التليفزيون المعتادة، بل فتحت أبوابها على مصراعيها لنجوم السينما اعتقادًا أن كل طرف فى حاجة إلى الطرف الآخر. وإذا كانت الهجرة من السينما إلى التليفزيون مرتبطة بركود الإنتاج السينمائى فى جهة وانتعاش الإنتاج التليفزيونى فى الجهة الأخرى، فالنتائج فى نهاية الأمر كانت متقلبة أحيانا ومحبطة أحيانا أخرى، وتاهت التحليلات بين هل السبب سلق بيض الورق أم فزلكة الإخراج. أغلبية مخرجى السينما فى بدايات تجاربهم التليفزيونية يتغاضون الفصل بين متطلبات الشاشة الكبيرة والشاشة الصغيرة، فيضربون بعرض الحائط بعض القواعد الأولية مثل تجنب لقطات المسافات البعيدة، فلا يستطيع المتفرج التمييز بعينه المجردة بين رد فعل شخصية تجاه الأخرى أو حتى من يعلق على من، أما مديرو التصوير الجدد ومساهمتهم، فضبابية خلفيات الصورة كأسلوب قد يبهر البعض على شاشة السينما، إلا أنه مصطنع للغاية على شاشة التليفزيون، وفى كثير من الأحيان لا يلائم الجو العام للمسلسل، ثم هناك ثرثرة دون توقف لتستفز المشاهد ومونولوجات تعرقل تدفق الأحداث، ترافقها موسيقى تقتحم الأذن ومتواصلة من الألف إلى الياء تكاد تغطى على الحوار.

أعترف أن مستوى أداء الوجوه الجديدة بالذات داعٍ إلى التفاؤل ومشجع للغاية إلا أن أعزاءنا المخضرمين استندوا إلى ضخامة الإنتاج، واكتفوا بنرجسيتهم فى الصدارة بما يقرِّب ألوان مان شو، لولا دواعى الحدوتة وحتمية ظهور شخصيات أخرى. لم يخلُ تليفزيون رمضان الكريم من التوك شو الملغم إما بأسئلة قد تحرج الضيف أو مقلب قد يفقده توازنه. فى النهاية رمضان الذى تعودنا عليه أصبح دون الفوازير مثل موائد الرحمن دون الخشاف

التحرير المصرية في

05/09/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)