ما الذي يمكن أن تتوقعه عندما تشاهد الملصق الدعائي لفيلم كوميدي
لتجده يحمل صورة دب يركب دراجة كالبشر؟
أعترف بأن الملصق خدعني وأنا مقدم على مشاهدة الفيلم الروماني "الدب"
الذي عرض في المسابقة الرسمية لمهرجان الأقصر للسينما المصرية والأوروبية.
وبالرغم من المحاولات الدائمة التي يبذلها كل ناقد لمنع نفسه من إصدار
الأحكام والتصنيفات على الأفلام قبل أن يشاهدها، إلا أن بعض الشواهد تدفعك
أحيانا لتكوين توقع مسبق، خاصة وأن كل ما يتعلق بالفيلم من مواد دعائية كان
يؤكد أنك بصدد مشهد عمل كوميدي خفيف عن لاعبي سيرك يحاولون إنقاذ دب السيرك
من المدير الراغب في بيعه.
بمجرد بدء الفيلم ومع مشاهده الأولى تدرك أن الأمر مختلف تماما عن كل
تصوراتك، وتفهم أن حكاية إنقاذ الدب هي مجرد مدخل لطرح قضايا سياسية
واجتماعية شائكة يقوم المخرج دان تشيسو بطرحها في قالب كوميدي يحقق
المعادلة الصعبة الجامعة بين القيمة والإمتاع.
ما هو الدب؟
تبدأ الحكاية داخل سيرك العاصمة الرومانية بوخارست في العام التالي
للثورة الرومانية وسقوط النظام الشيوعي للديكتاتور تشاوتشيسكو.
السيرك يعاني من نقص واضح في الموارد جعل مرتبات العاملين تنقطع لعدة
شهور، والمدير الجديد الذي كان أحد الثوار يبدو عاجزا عن تدبير المال
الكافي حتى لدفع فواتير الكهرباء التي صارت تنقطع بصورة دورية ـ ألا يذكرك
الأمر بمكان ما، والعاملون يتحسرون على المدير السابق الذي أزيح عن موقعه
فقط لأنه كان عضوا في الحزب الحاكم!
يجمع المدير لاعبي السيرك ليبشرهم بعثوره على حل للأزمة المادية
فيستبشرون خيرا، ولكنه يفاجئهم بأن هذا الحل هو بيع الدب الذي يحبه الجميع
لسائح ألماني يتمنى امتلاك دب، محاولا إقناعهم بأن الدب عجوز ومريض ونهايته
القريبة هي الموت مالم يقرروا الاستفادة من بيعه. ومجددا ستجد نفسك تلقائيا
تفكر في تخبط السلطة الآتية بعد ثورة في البحث عن مصادر دخل لسد حاجات
رعاياها الأولية، حتى ولو كان ثمن تحقيق ذلك هو تقديم تنازلات والسماح لقوة
من خارج المجتمع المحلي بالسيطرة على أصوله.. مجددا ألا يذكرك هذا بأحداث
قريبة؟
وبينما ينشغل اللاعبون بخلافات داخلية يحاول المدير جاهدا إيجاد وسيلة
شرعية للحصول على موافقتهم على بيع الدب، تارة بعمل تصويت يصر فيه على
مشاركة الموظفين الإداريين مع اللاعبين بالرغم من أن الموظفين امتنعوا عن
ممارسة أعمالهم بمجرد توقف الأجور، وتارة أخرى بالتلاعب بصياغة السؤال الذي
يصوت العاملون عليه أملا في تشتيتهم في جدل شكلاني حول السؤال نفسه بدلا من
الاهتمام بمضمونه، وأخيرا عندما يفشل في كل هذا يقوم بالتصرف المنطقي لأي
قائد فاشل ويأتي ليلا ليسرق قفص الدب ويرحل به سرا. وفي الصباح يكتشف
الجميع ما حدث فينطلقون في رحلة البحث عن الدب المسروق.
رحلة بروح كوستوريسية
إيقاع الفيلم السريع يأخذ في التزايد مع بدء رحلة لاعبي السيرك،
ليتحول لمطاردة لاهثة شديدة القرب من عوالم المخرج الصربي الكبير أمير
كوستوريتشا، وهو التشابه الذي دعمه الموسيقى التصويرية التي وضعها
الموسيقار جوران بريجوفيتش بنفس روح موسيقاه النحاسية التي اشتهرت في أفلام
كوستوريتشا، خاصة وأن المطاردة تنتقل إلى عالم الغجر الذي تخصص فيه المخرج
البوسني.
نكتشف أن المشتري الذي اتفق معه مدير السيرك لا يرغب حقيقة في اقتناء
الدب، ولكنه يريد أن يقتله ليمارس متعة الصيد، فمحاولات الغرب للسيطرة على
الممتلكات العامة للمحتاجين ماديا لا تهدف لمجرد السيطرة ولكن للقضاء عليها
كليا ـ هل ذكرك هذا بمحاولات إلغاء الدعم من أجل الاقتراض؟!
وبانتقال المطاردة إلى مدن الغجر الصاخبة البعيدة عن كل القوانين التي
سيطرت على المجتمع الشمولي يبدأ عنصر جديد في دخول اللعبة، فبعدما كان
السباق بين جانب عاش مؤمنا بالملكية العامة وقيمتها المتمثلة هنا في الدب
المملوك للسيرك، وبين جانب يؤمن فقط بسطوة المال القادر على شراء كل شيء،
فإن جانبا جديد يظهر هو الجانب الغجري الذي يرفض النظامين برمتهما ويعلي من
قيم الفردية والبحث عن السعادة اللحظية بغض النظر عن كل الحسابات، وهو بحث
سريعا ما ينجرف الجميع له لنجد جانبي المطاردة وقد كونا سريعا علاقات مع
مجتمع الغجر، والذي يظهر فيه دب آخر يختلف تماما عن دب السيرك الذي تربى
على طاعة الأوامر والعمل في نظام محدد، لنجد الدب الغجري مثل مالكيه يفعل
ما يحلو له وتصعب السيطرة عليه بأي طريقة.
نهاية مفتوحة
عجلة الأحداث الصاخبة تزداد في التسارع ويخرج الصياد الألماني المخمور
بعدما شرب الكثير مع أصدقائه الغجر ليبحث عن الدب ليصطاده، ويخرج لاعبو
السيرك هم الآخرون لينقذوا دبهم من باب الشفقة على تاريخهم الطويل معه
بالرغم من يقينهم بأنه أصبح بلا قيمة مادية لكبر سنه. حتى تأتي لحظة
التنوير غير المعتادة والتي يفاجئ الدب الجميع فيها بركوب إحدى الدراجات
ليقودها بمهارة ويسير في دائرة كما اعتاد أن يفعل قديما في السيرك.
في هذه اللحظة يقف الجميع مبهورين بما يشاهدونه من نجاح يخالف كل
توقعاتهم، فما اعتبروه في حكم الميت لا يزال في الحقيقة قادرا على أداء
وظيفته بمهارة فقط لو توافرت الفرصة والرغبة، وكل محاولات القوى الخارجية
المسلحة بالمال والقوى الداخلية الناظرة تحت قدميها للخلاص من هذا العبء
القديم وجدت نفسها تصطدم بحقيقة الكفاءة الباقية.
الانبهار اللحظي منع الصياد بالطبع من التعرض للدب، ولكن وبعد احتفال
غجري بما حدث نشاهد فوهة بندقية الصياد وهي موجهة من جديد نحو هدفها، ولكن
الهدف هذه المرة قد أصبح هدفين بعدما اجتمع الدبان: المدرب والغجري وخرجا
سويا للغابة، فبالرغم من الانبهار بكفاءة النظام القديم لم يعد من الممكن
إعادة كل شيء كما كان، والدب الذي خرج للبرية وعرف أمورا لم يشاهدها منذ
مولده في السيرك لن يوافق على العودة للقفص من جديد، ليلتقي بالنموذج
المعاكس الذي عاش رافضا للنظام، ويخرج الاثنان سويا باحثين عن حياتهم
الجديدة التي تهددها فوهات بنادق الصيد، تماما كأي مجتمع خرج من القمع
ضعيفا ليحاول خوض رحلة محفوفة بالمخاطر نحو الحرية ونحو الحياة.
عين على السينما في
25/09/2012
صيد السلمون في اليمن.. افتتاح مشوش لمهرجان وليد
أحمد شوقي
انطلقت الدورة الأولى من مهرجان الأقصر الأول للسينما المصرية
والأوروبية، وهو واحد من المهرجانات الوليدة التى تحاول أن تنال نجاحا يكفل
لها الاستمرار لدورة تالية في ظل حالة التخبط المسيطرة على علاقة وزارة
الثقافة المصرية مع المهرجانات السينمائية سواء على صعيد التمويل أو حتى
على صعيد القواعد الحاكمة للتنظيم، خاصة وأن مهرجان الأقصر نفسه قد عانى في
الأسابيع الثلاثة السابقة لانطلاقه من مشكلات جمة تتعلق بمصادر التمويل بعد
رفض الوزارة سداد المبالغ التي المتفق عليها.
والمشكلات المتعلقة بالمهرجانات المصرية لا تنتهي، وتكاد تسيطر على
الأحاديث في كل مكان يقصده السينمائيون، بصورة تفوق بكثير الحديث عن
السينما نفسها.
الأمر مع الوقت أصبح ضاغطا على أعصاب كل محب للأفلام يؤمن بأن
المهرجانات قد صُنعت بالأساس لمشاهدة الأفلام والنقاش حولها، لا لكي تتحول
المهرجانات نفسها لمحل جدل لا ينتهي.
الشعور السابق دفعني أن أتخذ قرارا مع وصولي للأقصر بأن أتجاهل تماما
كل مالا يتعلق بالسينما، وأن أتعامل مع أيام المهرجان باعتبارها فرصة
لمشاهدة الأفلام والكتابة عنها؛ لأن الحديث والكتابة عن أي أمر آخر لن يكون
إلا إهدارا للوقت والجهد وإهانة لصناع أفلام ليس ذنبهم أن المهرجانات تقام
في ظروف كظروفنا.
فيلم الافتتاح ومعايير اختيار مقبولة
إدارة المهرجان اختارت فيلما بريطانيا هو "صيد السلمون في اليمن"
للمخرج لاس هالستروم ليكون فيلم الافتتاح، والاختيار هنا بلا شك يقوم على
أسباب إعلامية تتعلق بكون أحد أبطال الفيلم هو الممثل المصري عمرو واكد،
وكون المنتج هو بول وبستر أحد المكرمين في المهرجان، وهي أمور جاذبة
للإعلام تساعد على إطلاق الدورة مصطحبة بالتغطية والاهتمام الكافيين.
شخصيا أجد هذه المعايير مقبولة جدا على الأقل بعد ما لمسته من سعادة
الحاضرين من أهالي الأقصر بوجود ممثل مصري يلعب دورا كبيرا ومؤثرا في فيلم
أجنبي. وحضور هؤلاء الأهالي واستمرار تواجدهم بعد الحفل لمشاهدة الفيلم
والتفاعل معه هو أمر يدعم الاختيار. ولكن قبولنا لهذه المعايير لا يجعلنا
نتغاضى عن مستوى الفيلم الذي يقل كثيرا عن توقعاتك لما يمكن مشاهدته في
افتتاح لمهرجان سينمائي.
عن الفيلم ورسائله
الحكاية المأخوذة عن رواية ناجحة بنفس الإسم للكاتب بول تورداي بطلها
خبير في الأسماك هو الدكتور ألفريد جونز (إيوان ماكجريجور) يعاني من حياة
فاقدة للحميمية مع زوجته المرأة العملية، ويجد نفسه مضطرا لخوض تجربة يراها
خيالية، يقوم فيها شيخ يمني شديد الثراء (عمرو واكد) بتحويل منطقة جدباء في
بلاده إلى ممر مائي تعيش فيه أسماك السلمون وتمارَس فيه رياضة صيدها. وخلال
هذه التجربة يتحول موقف جونز من التهكم والسخرية إلى التعاطف الكامل، ومن
قناعة باستحالة نجاح الأمر طبقا للمعايير العلمية إلى إيمان بإمكانية
النجاح، ومن حياته المملة مع زوجة لم يعد يحبها إلى حياة سعيدة مع مستشارة
الشيخ الحسناء هاريت (إيملي بلانت).
الأمر يسير كما هو واضح في مسارين متوازيين، الأول يتعلق بفكرة امتلاك
حلم كبير والإصرار على تحقيقه رغم كل المعوقات، والثاني بعد إيماني مرتبط
بالثقة في ترتيبات القدر التي تتحدى حتى الحسابات المنطقية. والفكرتان
بالطبع شديدتا العمومية تم معالجتهما في عشرات الأعمال السابقة، لتبقى
طريقة المعالجة وتفاصيلها هي معيار الحكم الأنسب. وهذا المعيار يجبرنا على
أن نصل لتلك الحالة من التشوش والسطحية التي انطلق منها الفيلم وانتهى
عليها.
فإذا نظرنا لفكرة الحلم المتمثل في شق الممر المائي وجعله صالحا
لمعيشة أسماك السلمون، وبالرغم من محاولات الفيلم أن يدفعك دفعا نحو
التعاطف معها باعتبارها المشروع العظيم الذي يسعى الشيخ المتحضر لتحقيقه،
فإن القليل من التفكير يجعلك تدرك تفاهة هذا المشروع، بل وكونه صورة مثالية
للسفه والتبذير. وإتقان الشيخ للإنجليزية وحديثه المتفلسف لا يغيران حقيقه
منحه خمسين مليون جنيه استرليني للخبير بدون أي مراجعات أو ميزانيات لمجرد
إثبات قدرته على فعل أي شيء من أجل تحقيق نزوته الصيدية التي يظهر بوضوح أن
بلاده تحتاج لما هو أهم منها.
وإذا حاولنا ربط الممر المائي بالسد الضخم باعتبار الأخير هو المشروع
العظيم الحقيقي الذي قدمه الشيخ لوطنه، فسيأتي الرد من دراما الفيلم ذاتها
والتي يذكر فيها صراحة أن السد قد انتهى بناؤه بالفعل قبل عامين، وهي
معلومة ترد في إطار كوميدي من أجل إثبات تذليل كل العقبات التي يمكن أن
تخطر على بال الخبير الراغب في رفض المشروع، فإذا كان صناع الفيلم يتعاملون
مع إنشاء سد ضخم يمد بلادا صحراوية بالمياة باعتباره أمرا مفروغا منه في
سبيل صيد سمك السلمون، فينبغي عليهم أن يراجعوا مفهومهم عن الصفة الإصلاحية
والتحضرية التي يحاولون إضفاءها على شخصية الشيخ اليمني.
أما على صعيد المسار الآخر المتعلق بالإيمان فقد حاول صناع الفيلم
بقدر الإمكان تفادي الوقوع في فخ الترويج للخرافة ومعاداة العلم، وذلك
بالتأكيد أكثر من مرة على أن تحقيق المشروع "وارد نظريا"، فهو مشروع لا
يعادي العلوم الطبيعية بالرغم من شطط فكرته وبالتالي فالإيمان هنا ينبع من
الثقة في تحقيق الجائز وليس المستحيل، وهي رسالة إيجابية بالطبع، ولكنها
ستقودنا مجددا لفكرة الأولويات ومدى قيمة المشروع واحتياج البلاد الفقيرة
له. فإذا كان العلم لا يقول صراحة أنه من المستحيل أن تعيش أسماك السلمون
في اليمن " وإن كنت أشك في هذا الأمر"، فالعلم أيضا يقول أن منح الرعاة
المساكين فرصة في ممارسة رياضة صيد الأسماك ليست هي الوسيلة الأمثل لجلب
الحضارة إليهم.
الدراما والقالب الأمريكي
بعيدا عن الجانب الفكري للحكاية وإذا حاولنا دراسة البناء الدرامي
للفيلم فسنجد أنه يتمسك بالقالب الأمريكي التقليدي ذي الثلاثة فصول، وهو
تمسك أدى لأن تكون معظم أحداث الفيلم متوقعة بسهولة لأي مشاهد معتاد على
هذه النوعية من الأفلام الكوميدية الخفيفة التي تبثها الفضائيات بشكل شبه
يومي، فلن يفاجئك الفيلم بمسار درامي مغاير أو يحبط توقعاتك بما سيحدث على
الإطلاق، وهي رتابة أصبح صناع الأفلام الأمريكية يحاولون التخلص منها بقدر
المستطاع بينما لا يزال متبعوهم على الجانب الآخر من الأطلسي متمسكين بها،
بالرغم من وجود نماذج مغايرة في الكوميديا البريطانية تؤكد أنها بلاد تملك
صناع أفلام قادرين على صياغة كوميديا حداثية مختلفة لو أرادوا ذلك.
وربما يكون عنصر التخفيف الوحيد لنمطية الحكاية هو الخط الفرعي الطريف
المتمثل في شخصية المستشارة الإعلامية لرئيس الوزراء البريطاني ـ والتي
تلعب دورها الممثلة الكبيرة كريستين سكوت توماس ـ ومحاولاتها المستمرة
تحسين صورة رئيس الحكومة وإخراجه من المآزق السياسية التي يقع فيها. وهو خط
يحمل قدرا من الطزاجة جعلته يتفوق كثيرا على الخط الرئيسي للفيلم.
في النهاية يبقى فيلم "صيد السلمون في اليمن" عملا متوسط القيمة
الفنية والفكرية، تتمثل أهميته الوحيدة في المشاركة المميزة للممثل عمرو
واكد فيه، وهي المشاركة التي منحته صكا بافتتاح الدورة الأولى لمهرجان
الأقصر، والذي نتمنى أن تكون اختيارات مسابقته الرسمية أكثر قيمة من فيلم
افتتاحه.
عين على السينما في
25/09/2012
رؤية ناقدة يمنية لفيلم "صيد السلمون في اليمن"!
الاستعمار وأذنابه
بقلم: هند هيثم
شاهدتُ فيلم “صيد السلمُن في اليمن” (2011) مُنذ عدة أشهر، ولم أشعر
برغبةٍ في الكتابة عنه في حينها. في الواقع، شاهدتُ الفيلم، وشاهدتُ بعده
بفترة بسيطة فيلم "فندق ماريغولد بِست إكزوتِك" (2011)، فنتج عن ذلك عزوفٌ
طويل عن ارتياد قاعة السينما ومُشاهدة الأفلام، حتى شاهدتُ فيلم “شُجاعة”
(2012).
ليست المُشكلة أن الفيليمن سيئان، بل أنهما ما يُطلق عليه بالإنكليزية
mediocre،
أي في البين بين، لا سيء فيُذَم، ولا جيد فيُحمَد. ثم اجتمع وعدٌ لبعض
الأصدقاء بالكتابة عن الفيلم، مع واقعة اختياره مؤخراً لافتتاح أحد
المهرجانات في مِصر، ولعله مهرجانٌ مُخصص للسينما الأوروبية. أسبابُ
اختيارِ الفيلم بسيطة ومفهومة: عمرو واكد، ممثلٌ مصري، يؤدي دوراً في
الفيلم. مع أن دور واكِد في الفيلم يقع في البين بين أيضاً، لا رئيسي ولا
هامشي، لا جيد ولا سيء، غير أنّه أفضل بكثير من الأدوار على شاكلة أدوار
"إرهابي رقم 4" التي تُعطى للمُمثلين العرب في السينما العالمية.
الفيلم والرواية
انتظرتُ هذا الفيلم بفارغ الصبر ما إن سمعتُ أنهم شرعوا في صُنعه،
لأسبابٍ واضحة - بطبيعة الحال. كُنتُ، كذلك، قد قرأتُ الرواية الأصلية التي
كتبها بول توردي وتحمل الاسم نفسه بترجمة المترجم اليمني عبد الوهاب
المقالح، وفاجأني اختيار سيمون بوفوي تحويل الفيلم إلى كوميديا، بينما
الرواية الأصلية هجاء سياسي مُر ومأساوي.
بوفوي سينارِست بارع في التعامل مع الروايات المُعقدة، يستطيع تحويلها
إلى حكايات سينمائية مفهومة وبسيطة - من دون أن تكون ساذجة - كما فعل في
"المليونير المتشرد" (2008)، المأخوذ عن رواية لفيكاس سوارب عنوانها "أسئلة
وأجوبة"، ولم تكُن لتصلح أبداً للعرض السينمائي، لولا قرارات بوفوي الجريئة
بخصوص الشخصيات والأحداث. في "صيد السلمُن في اليمن"، يتخذ بوفوي قراراتٍ
جريئة في السيناريو، رغم أن الفيلم الناتج فيلم ضئيل مبنى ومعنى.
أول قراراته كان تحويل الفيلم إلى كوميديا، رغم الأصل الجاد والهجائي
للرواية. وثاني هذه القرارات كان تحويل شخصية باترِك مكسويل، المسؤول
الإعلامي لرئيس الوزراء البريطاني، وشرير الرواية - نوعاً ما - إلى
باتريشيا مكسويل (كريستين سكُت توماس، أحسن ما في الفيلم). تلا ذلك عددٌ
هائل من التصرفات، ومن ذلك تغيير علاقة البطلة “هارييت” (إميلي بلنت)
بصديقها، وتغيير النهاية، وتغيير العلاقات بين الشيخ اليمني (عمرو واكِد)
وأعدائه مِن بني جلدته، مِن صراعٍ على السُلطة، إلى صراعٍ بين الحداثة
والمدنية والتنوير (الشيخ) والقاعدة (مناوؤوه).
عجائز الخمارة
لم أشاهِد الفيلم في سينما ريف المُعتادة، وإنما في سينما أخرى بُنيت
بوصفها جزءاً من مُجمع ثقافي يقع في المقبرة الصناعية على ضفة نهر ليهاي،
حيث أنقاض مصانع الصلب والفولاذ التي أعطت بيت لحم سُمعتها التاريخية،
ووضعتها على الخريطة، إلى أن حولت العولمة مصانع الصلب والفولاذ إلى خلفية
للحفلات الموسيقية التي يعقدها هذا المُجمَع الثقافي، تجوس فيها أرواح
العُمال الذين قضوا بأبشع الطُرق مُحدقة بدهشة في متأنقي المدينة الذين
يحتفلون في المقبرة الصناعية.
دار السينما تُسمى “سينما خمارة فرانك بانكو”، لأنها بُنيَت في مكان
الخمارة التاريخية، وتعرض في مُعظم الأحيان أفلاماً لا تعرضها سينما ريف -
التي لا تعرض إلا الأفلام المضمون ربحها، لكنها - في مُناسبات نادرة - تعرض
أفلاماً بالتوازي مع سينما ريف، كما حدث مع “تِنكر، تايلر، سولجر، سباي”
(2011)، وكما يحدث مع “المعلم” (2012).
وادي ليهاي واحدٌ من آخر معاقل (حُمران الرقاب)
rednecksالشماليين
في الولايات المُتحدة الأمريكية. (حُمران الرقاب جنوبيون عادة، غير أن
المُصطلح يعني - في العموم - البيض المُرتبطين بأعمال الفلاحة والتصنيع، من
الطبقة الوسطى - غالباً - الذين يعتبرون أنفسهم المُمثلين الحقيقيين
الوحيدين للقيم الأمريكية، وللسيد المسيح). (حُمران الرقاب) جمهور سينما
ريف المُعتاد، و(حُمران الرقاب المثقفون)* جمهور سينما خمارة فرانك بانكو،
ومُشاهدة الأفلام معهم عذاب، رغم أن صالتي سينما خمارة فرانك بانكو أنيقتان
جداً، وشاشتاهما نقيتان، وفيهما شاهدتُ اثنين من أجمل الأفلام: “تنكر،
تايلر، سولجر، سباي” (2011)، و”ينبغي أن نتحدث عن كيفن” (2011).
كُنت الشخص الوحيد في صالة العرض الواسعة يوم عرض "تِنكر، تايلُر،
سولجر، سباي"، وكان معي ثمانية آخرون فحسب يوم عرض "ينبغي أن نتحدّث عن
كيفن"، أمّا يوم عرض "منهج خطير" (2011)، فقد امتلأت القاعة بالجمهور الذي
كان يقهقه من فرط السعادة طوال الفيلم، حتى أنني أعتقد أن ديفيد كروننبرغ
كان ليُصاب باكتئاب حادٍ لو شاهد الفيلم مع حُمران الرِقاب المثقفين الذين
يُشاهدون فيلماً عن الصراع الفرويدي-اليونغي ليضحكوا على الرزايا التي
تُصيب الأطباء النفسيين اليهود.
كذلك، كانت القاعة ممتلئة عن آخرها يوم عرض "صيد السَلمُن في اليمن".
ممتلئة بالعجائز، بطبيعة الحال، العجائز المثقفين، طبعاً، بابتساماتهم
المُتعالية، وطريقتهم البغيضة في الحديث إلى أي شخصٍ دون الأربعين وكأنّه
يُعاني من إعاقة عقلية، أو كأنّه جاء إلى قاعة السينما ليُشاهد فيلماً
(رفيع المستوى) بالخطأ.
مُشكلة هؤلاء العجائز المُثقفين أنهم فاعلو خيرٍ مُحبون للبشرية، لذلك
يُحبون أن يأكلوا أذني الشباب الغر بآرائهم في الأفلام والشؤون الجارية،
ويحبون أن يدلوا الشباب على الأفلام الجيدة، وما ينبغي أن يُحِب وأن يكره.
وينبغي أن يبتسم الشباب لهم، ويرد دائماً: "يِس سِر"Yes
Sir، "يِس مام"
Yes Madam، وكأنه مُجند في الجيش. مُحاولاً ما وسعه الجُهد ألّا يُصاب بفوبيا
من الشيوخ، فالكُل واردٌ على الشيخوخة إن مُدَ في عُمره.
وهكذا، كان علّي أن أستمع إلى جمهورٍ (فتاي) من العجائز البيضاوات
المُهتمات بشؤون اليمن للغاية، يتحدّث قبل الفيلم. وقد نصحت إحداهن مُدير
برامج العرض بالاتصال بالمجتمعات الإسلامية والعربية في المِنطقة، ومحاولة
المجيء بشخصٍ من اليمن ليتحدّث للجمهور بعد الفيلم، خصوصاً وأن الفيلم
"يحتفي باليمن واليمنيين"، و"يُظهرهم للمرة الأولى في السينما الغربية".
كما وقفت سيدة لطيفة بجواري، بينما كُنت أنتظر أن يتحرك الأكبر سناً
على الدرج، حتى أصعد إلى مقعدي المُفضل - الذي يكسُل مُعظم الجمهور عن
الصعود إليه، لحُسن الحظ - وسألتني عمّا إذا كُنت قد جِئت لأتفرج على إيوان
مكرويغر - بطل الفيلم - الذي لا شك يجذب الشابات في مثل سني.
أحاول ما وسعني الجهد ألّا أُطلق أحكاماً على الناس، لكن رأيي غير
حميد في أي سيدة دون الأربعين مُولعة بممثلٍ ثقيل الدم مثل مكرويغر. ورأيي
في أي عجوزٍ تفترض أن مجيء شخصٍ ليس من جيل البيبي بومرز لمشاهدة الفيلم
عائدٌ إلى ولعه بأحد أبطاله أكثر سوءاً، غير أنني رددتُ بجدية: "لا، لقد
جِئت لأتفرج على عمرو واكِد".
قطبت السيدة جبينها، فساعدتها: "الشيخ" وحينها التقطت الخيط، فأفتت لي
بأنّه ممثلٌ يمني اكتشفه المُخرج بالصدفة بينما كان يبحث عن ممثلين لأداء
الدور، ولم يُمثل في حياته من قبل، وقد صُوِرَت مشاهِد الفيلم في اليمن. (الخمسيني
الذي كان يُصفر في عرض فيلم "توايلايت" (2011) كان أهون)!
بعد الفيلم، كان الوضع أسوأ، فقد استغرق مُعظم الحاضرين في نقاشات حول
"ما ينبغي فعله في اليمن"، وقد وجدتُ التعبير الأمثل عن هذه النقاشات في
العِنوان الساخر الذي اختارته مدونة "سكار اتاكِل حي يا مِنز!" المُخصصة
للسخرية من الأفلام لهذا الفيلم: "التبرير الغربي لهجمات طائرات درون على
اليمن". في كُل الأحوال، لم أقل إنني من اليمن، ولم أُجِب على أي سؤالٍ
مُتعلق بالإثنية التي أنتمي إليها، طلباً للسلامة من هذه الجماعة التي
تُفسِد علّي دائماً جو السينما الجميل، ومقاعدها الوثيرة، وشاشتها النقية.
الرجاء خلع العقول قبل الدخول!
الفيلم نفسه قليل القيمة: شيخ يمني ثري مولع بصيد السَلمُن يُريد أن
يُدخِل صيد السَلمُن إلى جبال اليمن.
أي شخصٍ لديه معرفةٌ بدائية باليمن يعرف أن هذا مُستحيل، ليس بسبب
درجة الحرارة فحسب - حيث أسماك السَلمُن بحاجة إلى مياهٍ باردة - وإنما
للسبب الأبسط: لا توجد أنهارٌ في اليمن. مع ذلك، الفيلم يُجادِل بأن هذا
مُمكِن نظرياً.
بالفعل، هذا مُمكِنٌ نظرياً، كما إنّه مِن المُمكِن - نظرياً - إنشاء
حوضِ لأسماك السلمُن في محطة الفضاء الدولية. السؤال: لماذا؟ الجواب: لأن
كُل شيء مُمكِن بالإيمان. مَنطِق الفيلم هذا يوحي بأن سيمون بوفوي قد
استعان بنصائح بائع ماءٍ مُقدس تلفازي بينما كان يكتُب السيناريو. هيا بِنا
نؤمن! وبدلاً مِن أن نفعل شيئاً مُفيداً بإيماننا هذا، هيا بنا نحرق المال
ونشوي سمكاً عليه!
يُساعِد الشيخ في مُهمته هذه موظفة بريطانية في مكتب مُحاماة يُمثِل
أملاكه في بريطانيا اسمها هارييت تشتوت تالبُت. وتلتقط الحكومة البريطانية
خيط المشروع عن طريق باتريشيا مكسويل، المسؤولة الإعلامية عن مكتب رئيس
الوزراء البريطاني. في بداية الفيلم، نعرف أن القوات البريطانية قد قصفت
حفلة عُرسٍ أفغانية بالخطأ، وتصيح مكسويل إنها تُريد "كُل عنزة في
أفغانستان" أن تعرف أن الحكومة البريطانية آسفة لهذا الخطأ. وتنطلق في
رحلةٍ للبحث عن قصةٍ جذابة من الشرق الأوسط، فتقع على مسألة صيد السَلمُن،
وعندها تُجبر إدارة البيئة، وهيئة الأسماك على التعاون مع الشيخ، ويُجبَر
الرجل العادي البريطاني د. ألفرِد جونز (إيوان مكرويغر) على التعاون مع
هارييت والشيخ، بوصفه عالم أسماك، رغم أنّه يرى الأمر تضييعاً للجهد
والمال.
أسماك السلمُن عادة ما تسبح عكس التيار، ويبدو أن هذا قد راق للمخرج
لاسي هالستروم للغاية، فما انفك يُعيد مشهد سباحة الأسماك ضد التيار، ومسير
ألفرِد جونز عكس اتجاه الماشين في الشارع، مراراً وتكراراً، حتى يكاد المرء
أن يتوقع في نهاية الفيلم مُلحقاً يقول: بعد أن شاهدت الفيلم، أجب عن
الأسئلة التالية: 1- ما دلالة سباحة الأسماك ضد التيار؟ وما علاقة ذلك
بمسير جونز عكس اتجاه المشاة؟ 2- كيف تحولت حياة جونز بعد ذلك المشهد؟ 3-
كيف دعم المُخرج سؤال الشخصيات عمّا إذا كان هُناك من هو "مُبرمج للحياة
المملة على رصيف المُشاة" بصرياً؟
يُفترض أن الشيخ قد بنى سداً كبيراً في قريته الأصلية لأغراضٍ زراعية،
وتكون منه ما يُشبه النهر العظيم (قذافي ستايل، على غرار القذافي)، وأن هذا
سيكون النهر الذي تسبح فيه أسماك السلمُن. بقِي نقل عشرة آلاف سمكة سلمُن
من الأنهار الإسكتلندية إلى اليمن، الأمر الذي يُحنِق الصيادين
البريطانيين.
حين تعلم باتريشيا مكسويل بأن ثمة مليونا صياد في المملكة المُتحدة،
فإنها تسحب دعمها للمشروع، وتُطالب الشيخ ومن معه باستخدام أسماك سلمُن من
مزارع السمك، أسماك (داجنة)، الأمر الذي يُقاومونه في البداية ثُم يُذعنون
له. تحاول باتريشيا جذب اهتمام الصيادين إلى رئيس الوزراء وكسب أصواتهم
بينما يحاول الشيخ ومن معه تحقيق (معجزة).
في بداية الفيلم نرى هارييت على علاقة بجندي بريطاني يُرسل إلى
العراق، ثم تُبلغ بأنّه مفقود، ومن ثم بأنّه قُتِل. بعد ذلك، يتضح أن
الجُندي قد نجا، فتنسج مكسويل عرضاً مُتكاملاً. وزير الخارجية البريطاني
يذهب لافتتاح النهر مع الشيخ اليمني، وفي الوقت نفسه يجلب لهارييت جُنديها
المفقود أمام وسائل الإعلام: قصة تجمع بين الجيش البريطاني، والتعاون
البريطاني العميق مع الشرق الأوسط. في النهاية، بريطانيا لها دولتها
(العميقة) في الشرق الأوسط، ويصعب اجتثاها منه.
غير أن هارييت تحب ألفرد الآن، والمسألة مُعقدة. هناك إرهابيون يفتحون
السد فيأتي سيل العَرِم (وإن كان بوفوي وهالستروم يجهلان مكانة سيل العَرِم
في الوعي الجمعي اليمني) ويجرف كُل شيء في طريقه، مُدمراً النهر الصناعي.
هُنا، يختلف الفيلم اختلافاً جذرياً عن الرواية، إذ تتعامل الرواية مع
العمليات السرية للجيش البريطاني، بينما يحاول الفيلم أن يمس الحرب مساً
خفيفاً. كما أن الرواية تنتهي نهاية مأساوية، بينما الفيلم ينتهي نهاية
متفائلة، يُلخصها ألفرِد جونز بالقول: “نحن نعرف ما سنفعل الآن، يجب أن
نُشرِك المُجتمع المحلي معنا أكثر، وسيفهموننا”. هذه مُشكلة الحُقبة
الاستعمارية: أنها لم تُشرِك الشعوب التي تستعمرها أكثر! هيا نلعب استعمار
من جديد! هذه المرة، سنسمح لكم بمزيد من أدوار اللعب!
المُحسِن الغربي وكليشيهاته
الفيلم كسول جداً في اجتراره للكليشهات، كسول وبدائي. طريقة التصوير،
الإصرار على بعض الرموز البصرية - مثل السلمُن السابح ضد التيار، الشيخ
المزواج الذي يملك حكمة ما من الشرق - مع أنّه شيخ (عبيط) يُتلف الأموال
التي نهبها من عرق الشعب على أوهام، الرجال المرتدون الزي اليمني ويجولون
على الغرف قائلين "الله أكبر"، التنظيمات الإسلامية شبه القاعدية،
البريطاني الذي يُنقِذ الشيخ فيرد له الشيخ الجميل، اليمنية مُغطاة الوجه
التي تسقي الغرباء ماء قُرب الغروب، النهاية على طريقة الصف الرابع
الابتدائي - نهايات حسن الإمام أكثر نضجاً بكثير.
غير أن أكبر كليشيه في الفيلم كان الموسيقى. داريو مارينلي موسيقار
موهوب، وقد كان صاحب الموسيقى البديعة لفيلم "الكفارة" (2007)، لذلك فوجئت
بأن يكون هو من وضع موسيقى فيلم "صيد السلمُن في اليمن" التافهة. شريط
الصوت ليس إلا عبارة عن تنويعات على الأذان! مُنتهى الكسل! كان بإمكان
داريو مارينلي أن يبحث في غوغل عن نماذج لموسيقى إسلامية، أو حتى يصنع
تنويعات على موسيقى شهرزاد، لكنّه وضع تنويعات من الأذان ليُقنع الجمهور
بأن هذا يدور في بلدٍ إسلامي.
لا يوجد في تصوير الفيلم أي شيء مُثير للاهتمام، غير الشبه الشديد بين
المغرب - حيث صُوِرَت مشاهد اليمن - وبين اليمن. الجدير بالذِكر أنّه بينما
نجح الفيلم في إيجاد مُعادلٍ بصري تام لقرية يمنية جبلية نائية، فقد فشل
كُلياً في إيجاد أي شخصٍ يتحدّث أي لهجةٍ يمنية، رغم تعدد اللهجات العربية
في الفيلم، من شامية ومغربية - وبطبيعة الحال - مصرية، حيث خطاب عمرو واكِد
بالعربية كان باللهجة المصرية، إذ انتقل إليه كسل صُناع الفيلم، فلم يُحاول
البحث عن أي لهجة يمنية ليُقلدها، أو حتى يتحدّث بالفُصحى فيسلم.
تمثيل واكِد كان معقولاً - في المساحة المُعطاة له، غير أن له مشهداً
واحداً يتميز فيه، حين تظهر لمحة ذُعرِ وحشي على وجه الشيخ مع تهديده
بالقتل، ذُعرٍ لحظي يزول فوراً، ويحاول بعده استعادة وجهه المُعتاد الناعِم
المُتظاهِر بالحكمة. (الشيخ تنويع على شخصية عزيز أنور من فيلم "ممر إلى
الهند" (1984)، لين الجانب للإنكليز، جبارٌ على أهله).
ثمة مشهدٌ آخر معقول، حين يقول إنّه يعرف من فجر السد، وإنّه لا جدوى
من مُطاردتهم، ويُطالب الإنكليز بأن يُخبروه ما العدالة التي يُريدونها.
تمثيل إيوان مكرويغر وإميلي بلنت باهت، ولا يتغير إيقاعه أبداً، طوال
الفيلم. أمّا كريستين سكُت توماس، فوحدها تجعل هذا الفيلم التعيس مُحتملاً
بأدائها المُمتاز. كانت مُراجعة نيويورك تايمز قد وصفتها بأنها تُقدِم
شخصية شريرة للغاية، حتى أن الدم يسيل من فمها حين تنطق بعباراتها، لكنها
قدمتها بطريقة حيوية.
واحدٌ من أكثر المشاهد طرافة، حين تذهب باتريشيا مكسويل لزيارة الشيخ
في قصره الإسكتلندي، فيجعل حُراسه اليمنيين يلبسون ملابس إسكتلندية،
ويصطفون لاستقبالها، وحين تراهم، تُهنئ نفسها: عيد ميلاد سعيد يا باتريشيا!
في الأغلب، لم يقصد صُناع الفيلم ما فُهِم من المشهد: أن الشيخ يُتاجِر
بلحم وشباب بني جلدته ليعرضهم بوصفهم نماذج أنثروبولوجية مُسلية للأجانب،
إذ أنهم مثل (حُمران الرقاب) الذين كانوا يملأون صالة العرض للمشاهدة، ذوو
نيةٍ حسنةٍ صادقة، والوكلاء الوحيدون للقيم الغربية (الحقيقية).
خُلاصة الفيلم أن الطريقة المُثلى لتحسين الحياة في اليمن - ووقف
الإرهابيين الذين يأتون منها - إقناع المُجتمع المحلي بأن مشروع الشيخ
لتقديم رياضة صيد السلمُن إليهم يهدف إلى تمدينهم، وجعلهم أكثر حضارة.
إنهم لا يحتاجون إلى مدارس جيدة، أو إلى نظامِ صرفٍ صحي جيد، أو إلى
مُستشفيات جيدة، أو إلى نظام ريٍ جيد، أو إلى منازل جيدة، أو إلى طُرقات
جيدة، أو إلى عدالة اجتماعية، أو إلى توزيع عادل للثروة. كُل ما يحتاجونه
الإذعان للشيوخ (أصحاب الرؤى) الذين يمتصون دماءهم ليبتاعوا قصور
الأرستقراطية الزائلة في بريطانيا، ويتعاونون مع البريطانيين لجلب مشاريع
خرافية إليهم، تُلغي وجودهم أكثر وأكثر، وتحولهم إلى أدواتٍ فلكلورية
لتسلية السياح. لا يُهِم حياتهم أو موتهم أو كيفية معيشتهم، المُهِم أن
السمك يسبح عكس التيار، وأن البريطانيين غاية في السعادة لأنهم (يفهمون)
الشعوب التي استعمروها سابقاً و(يساعدونها)، وأن الشيخ يُراكِم الأموال
والحريم والهوايات العجيبة، وأن الكُل (مؤمن).
* مُصطلح "حمران الرقاب" ليس أكثر المُصطلحات ودية في العالم، وأشعر
بشعور سيء حيال استخدامه، لكنّه أخف المُصطلحات التي تُستخدم لوصف هذه
الفئة من السُكان. هذا مؤسف بالفعل، إذ أن هناك مُصطلحات ودية يستخدمها
اليمين لوصف المتحررين اجتماعياً مثل:
urban liberals،
أو "الليبراليون المدنيون"، بينما لا يوجد مُقابل ودي لحُمران الرقاب، إذ
أن عبارات مثل "المحافظون البيض" أوسع بكثير من أن تُعطي معنى “الممثل
الحقيقي والوحيد للقيم الأمريكية الحقيقية والسيد المسيح”.
**هند
هيثم أديبة وكاتبة من اليمن تدرس في الولايات المتحدة
عين على السينما في
25/09/2012
تستعد لطرح ألبوم من إنتاجها الخاص حتى لا تشعر بالتقصير
تجاه الغناء
بشرى في أول فيلم مصري تجريبي "بدون كاميرا"
القاهرة - سامي خليفة
أعربت الفنانة الشابة بشرى في تصريحات خاصة لـ"العربية نت" عن سعادتها
لوضع اسمها ضمن بطولة أول فيلم سينمائي "تجريبي" بدون كاميرا، وتقديم عمل
مقروء بالكامل يحمل عنوان "كوابيس سعيدة" للمؤلف الشريف عبدالهادي.
ويشارك مع بشرى في بطولة العمل مجموعة كبيرة من نجوم السينما من ضمنهم
الفنان الكوميدي أحمد حلمي ومنة شلبي ولطفي لبيب وخالد الصاوي، معتبرة أن
هذه بداية جديدة لهؤلاء الشباب الذين سيستطيعون التعبير عن أفكارهم وإخراج
طاقتهم المكبوتة من خلال أفكار جديدة تساعد على عملية تطوير الفن.
وأوضحت أنها عندما عرض عليها المؤلف الفكرة وشرح لها أن هذا أول فيلم
لم يستخدم من خلاله كاميرا تصوير أو الاستعانة بمخرج للعمل وافقت على الفور
دون تردد؛ لأنها من هواة الأفكار الجديدة غير التقليدية، متمنية أن تتولى
أي شركة إنتاج تحويل هذا العمل إلى فيلم سينمائي كونه جديراً بذلك.
مقصّرة في أعمالها
وفي سياق آخر حول ردود الأفعال عن فيلمها الجديد "مستر آند مسز عويس"
قالت بشرى إنها سعيدة بنجاح هذا العمل لأنه من الأعمال الأسرية التي تناسب
كل أسرة مصرية، خاصة أن الفنان حمادة هلال ينتقي أفلامه جيداً.
وأوضحت أنها شعرت بأنها مقصّرة في أعمالها خلال الفترة الماضية
لانشغالها بمجال الإنتاج السينمائي، لكنها قررت التفرغ التام هذه الفترة
لمجالها الأساسي وهو التمثيل والغناء.
وأبانت أنها تقوم خلال هذه الأيام بالتجهيز لألبوم غنائي سيكون من
إنتاجها الخاص حتى لا تشعر بالتقصير نحو مجال الغناء التي تعشقه منذ صغرها،
موضحة أنها سوف تستعين من خلال هذا الألبوم بمجموعة من أكبر المؤلفين منهم
عمرو مصطفى وحسن الشافعي وبهاء الدين محمد وغيرهم.
العربية نت في
25/09/2012
سيحول رواية "سره باتع" إلى مسلسل بالتعاون مع محفوظ عبد
الرحمن
المخرج خالد يوسف يقتحم الدراما التلفزيونية
القاهرة - مروة عبد الفضيل
للمرة الأولى على مدار مشواره الإخراجي الطويل الذي بدأه من خلال
المخرج الراحل يوسف شاهين، يقتحم المخرج خالد يوسف الدراما التلفزيونية
برواية الكاتب يوسف إدريس "سره باتع"، حيث يعمل بالتعاون مع المؤلف محفوظ
عبد الرحمن على تحويلها إلى مسلسل للعرض في شهر رمضان من العام القادم.
والمسلسل يندرج تحت مسمى الأعمال الملحمية، حيث تدور أحداثه حول
الحملة الفرنسية واستعراض أشكال المقاومة الشعبية في تلك الفترة خاصة بلدة
"شطانوف" بمحافظة المنوفية، إضافة إلى التصادم بالسلفيين حيث يتعرض لحياة
عدد من المحاربين القدامى الذين تم تحويل مقابرهم إلى أضرحة يتردد عليها
الناس مثل السيد البدوي والمرسي أبو العباس والشيخ الروبي.
أحداث الرواية عبقرية
تتشابه أحداث الرواية كثيراً مع ما حدث في ثورة 25 يناير رغم الفارق
الزمني الطويل، وذلك طبقاً لما قاله خالد يوسف، حيث أشار إلى أنه حينما قرأ
الرواية أعجب بها وجذبته من الوهلة الأولى، حيث تدور أحداثها حول أن واحداً
من المصريين يقتل أحد الجنود الفرنسيين في الحملة الفرنسية التي قادها
نابليون على مصر وكان القاتل مميزاً بشكل كبير، حيث له أربع أصابع فقط وبه
وشم مميز على وجهه وهو ما كان بالطبع سيسهل من مهمة الشرطة الفرنسية في
البحث عنه فيهرب القاتل إلى إحدى القرى، وحينما يتعرف أهل القرية إلى قصته
يقوم معظم شباب هذه القرية بقطع أصابعهم ودق وشوم كذلك على وجوههم لتصعيب
مهمة الجيوش الفرنسية، وتتوالى الأحداث التي قال عنها خالد إنها أحداث
عبقرية.
وحول سبب تغيير طريق خالد يوسف من تحويل هذه الرواية إلى فيلم قال إن
أحداث الرواية طويلة جداً لا يجدي معها أن تكون مجرد فيلم ساعتين فقط لذا
قرر تحويلها إلى مسلسل تلفزيوني.
ولم يعلن خالد حتى الآن أي من النجوم سيكونون أبطالاً لهذا المسلسل.
ومن المقرر البدء بتصوير المسلسل بمجرد الانتهاء من كتابته وانتهاء
مخرجه عمر عبد العزيز من إخراج مسلسله "أهل الهوى" الجاري حالياً ولا يتبقى
كثيراً على الانتهاء من تصويره.
العربية نت في
25/09/2012
العمل أنتج في إطار الاحتفال بخمسينية الاستقلال ويحكي قصة
أول جزائري أعدمته فرنسا
فيلم "زبانة" يمثل الجزائر في مسابقة الأوسكار
الجزائر - مسعود هدنة
قررت وزارة الثقافة الجزائرية اختيار فيلم "زبانة"، ليمثل الجزائر في
الطبعة الـ25 لجائزة "الأوسكار" السينمائية الأشهر في العالم، التي تقام كل
سنة في الولايات المتحدة.
وقال بيان وزارة الثقافة إن اللجنة الجزائرية لانتقاء الأفلام اجتمعت
مؤخرا لاختيار الفيلم الطويل الذي سيمثل الجزائر في الدورة المقبلة
للأوسكار. وتم انتقاء الفيلم التاريخي "زبانة" الذي أنتج في إطار الاحتفال
بخمسينية الاستقلال من قبل الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي ومؤسسة "ليث
ميديا"، وهو من إخراج سعيد ولد خليفة.
وقُدم العرض الأول لفيلم "زبانة" الذي يروي مسار الشهيد أحمد زبانة،
أول شهيد نفذت فيه فرنسا حكم الإعدام بالمقصلة، في 19 يونيو/حزيران الفائت.
وقدم عرض أولي وطني عن الفيلم في الجزائر، حضرته الصحافة، كما قدم عرض
أولي دولي بالمهرجان الدولي للفيلم بتورنتو بكندا، الذي يعد فرصة للعديد من
الأفلام لإعلان ترشحها للأوسكار بالنظر الى موعد تنظيمه قبيل غلق باب
الترشيحات للأوسكار في 30 سبتمبر/ايلول الجاري.
وحصل "زبانة" على دعم المخرجين الجزائريين لخضر حمينا ورشيد بوشارب،
وهما عضوان في لجنة أكاديمية الفنون والعلوم التي تمنح جائزة الأوسكار.
يذكر أن فيلم "زبانة" سيعرض في قاعات السينما للجمهور الجزائري ابتداء
من 1 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
وسبق للمخرج الجزائري رشيد بوشارب أن شارك بفيلم "الخارجون عن
القانون" العام الفائت في جائزة الأوسكار، غير أن لجنة الجائزة لم تختر
الفيلم لأية جائزة. ورغم ذلك اعتبرت المشاركة "محاولة جريئة" من مخرج
جزائري أزعج فرنسا بهذا الفيلم الذي يحكي اضطهادها للشعب الجزائري أيام
الاستعمار، وقد أحدث الفيلم ضجة كبيرة طالت السياسيين في البلدين.
العربية نت في
25/09/2012 |