حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

انهضوا كالأسود :

عام على حركة احتلوا "وول ستريت "

طاهر علوان

 

"هي حركة غير منظمة في شكلها ، لسنا بحاجة الى نظام لكي نكون ، لأن المشكلة قائمة والجميع تقريبا توصلوا الى قناعة ان لافائدة ، الناس يئست ، بذلوا حياتهم ودرسوا وتخرجوا من الجامعات فوجدوا لانتيجة ومجرد مشاكل متراكمة ، انهم يريدون اعادة بناء النظام الديموقراطي والحقوق ، الناس لديهم الأرادة والصوت ولكن القرار ليس بأيدبهم بل في ايدي الأثرياء واصحاب القرار في وول ستريت ".

ديفيد جرابر :عالم انثروبولوجي من مؤسسي حركة احتلوا وول ستريت.

................

O.S.W ثلاثة حروف تختصر اسم هذه الحركة ذائعة الصيت التي صار لها زخما في اوساط منظمات المجتمع المدني والحقوقيين والتيارات التقدمية والأحزاب اليسارية والمناهضون للعولمة وحركات الحفاظ على البيئة ومقاومة الحروب ، هذه الحركة التي شكلت الصدى للصوت القادم من الشرق الأوسط والعالم العربي باعتراف مؤسسيها ومنظميها ، انهم استلهموا حركتهم من ساحات التحرير والتغيير في العالم العربي بأسقاط الأنظمة العربية الواحد بعد الآخر من خلال الأعتصامات والتظاهر السلمي المليوني الذي زلزل العروش وكراسي الحكام ثم صرنا في العالم العربي الى ماصرنا اليه فيما يعرف بربيع الثورات العربية .

وهنا ليس مستغربا عندما تطرح اشكالية الفيلم الوثائقي السياسي ان نلحظ هذا الأدماج بين وظيفة الفيلم الوثائقي على مادرج عليه من عناصر ومميزات ومدارس واتجاهات واساليب تعبيرية وبين الخوض في اشكاليات وموضوعات محددة بما يحول الفيلم الى اداة اخبارية تقدم للآخر صورة ماجرى ويجري من احداث وتحولات .ولعل هذه الخلاصة المهمة لأشكالية الفيلم الوثائقي السياسي هي التي طبعت مسيرة حافلة في مسيرة هذه السينما البديلة ذات الصوت العالي الذي يتماهى ويتفاعل مع مساحة واسعة من المتلقين .هذه الأشكالية يؤكدها العديد من الباحثين في هذا الحقل في تأكيد قوة وفاعلية الوثيقة الفيلمية في ضخ حقائق الحدث السياسي / الأجتماعي وذلك ما يرصده فيلم "انهضوا كالأسود " للمخرج سكوت نوبل الذي يرصد ابعاد وخلفيات حركة احتلوا وول ستريت وجذورها وامتداداتها في المجتمع الأمريكي مستندا الى كم كبير من المقابلات والوثائق التي تسلط الضوء على هذه الظاهرة الفريدة في حياة المجتمع الأمريكي الخاضع في غالبيته الى سياسة تشكيل العقول التي تصنعها "الميديا" الأمريكية الجبارة ، هذه الأمبراطورية الأعلامية التي تشكل العقول وتؤثر في السلوك في مجتمع الثروة والتوسع الأمبراطوري على كل بقاع الأرض تقريبا .

يتابع الفيلم البدايات الأولى للحركة من خلال سعي مؤسسيها الى حشد مجموعة من المتظاهرين للذهاب الى وول ستريت للتعبير عن سخطهم على سياسات العولمة ومايشكله وول ستريت من حاكم وناظم لحركة الرأسمال العالمي وحيث تستقر الشركات المالية العملاقة. كانت الغاية في البداية هي جلب 2000 شخص واذا الحركة تستقطب عشرة اضعاف هذا الرقم لتنطلق يوم السابع عشر من ايلول سبتمبر من العام الماضي وتتسع وتنتشر في عموم الولايات الأمريكية .

يرصد الفيلم الأيديولاوجيا المحركة لعدد من الناشطين فهم يجمعون تقريبا على حق التظاهر ضد الظاهرة الأمبراطورية او الأمبريالية الجديدة من خلال وجود اكثر من 700 قاعدة عسكرية امريكية في كل انحاء العالم وتحديدا في 35 بلدا وادانة مقتل اكثر من 5000 جندي امريكي في حرب العراق في مقابل قتل اكثر من مليون عراقي وتتنامى خلال ذلك صرخات الشجب لسياسة دعم العديد من الأنظمة الدكتاتورية في انحاء العالم تلك التي تستجيب للأرادة الأمريكية.

اضخم التظاهرات منذ حرب فيتنام يرصدها الفيلم مستعينا بصور التقطها الناشطون لفعالياتهم لتستمر التظاهرات والأعتصامات حتى مطلع شهر نوفمبر تشرين الثاني من العام الماضي ليبدأ فصل جديد من تلك الدراما من خلال المواجهات الشرسة للسلطات التي شرعت باخلاء اماكن التظاهر ومنع المتظاهرين بالقوة .

ناشطون مثل : ليسا فسثين ، نيليني ستامب ، ياندرا نورس ، ريشتارد وولف ، كريس هيدجز ، جيمس لاجريس ، الممثل داني كلوفر وغيرهم هم واجهة قيادة هذه الحركة وهم يعلنون تصميمهم : لا لن نتوقف .

انهم يقفون وقفة جدية راصدة لساحات التغيير والتحرير العربية ولذلك استقطبوا ناشطين ومتظاهرين من تونس ومصر واسبانيا وغيرها ليشكلوا تجمعا عالميا تلتقي فيه الأرادات والتطلعات للتغيير.

يقول "جيمس لاجريس " : اننا لانريد ان نفني اعمارنا حتى الموت ثم نكتشف في النهاية اننا مازلنا مدينين للبنوك ، لأولئك السادة الجالسين في وول ستريت ولاس فيجاس".

واما المؤلف كريس هيدجز فيذهب الى القول :" ان النظام الأناني الذي يركض وراء الأرباح وترسيخ النظام المركزي والمركزية في كل شيء هو الذي انتج ظاهرة الجنون في جني الأرباح الطائلة والفوائد وحيث لاتوجد قوانين في وول ستريت توقف هذا الشره وهم يلعبون كل الألعاب واساليب الخداع للوصول الى اهدافهم ليروج لهم الأعلام وعلينا ان نصدق ونرضى الى الأبد... وهذا مستحيل ".

وفي كل الأحوال يلتقي هؤلاء الناشطون عند حقيقة تمنحهم الشرعية والحق في التظاهر واستخدام اساليب الرفض الجماعي وخلاصتها ان الديموقراطية الأمريكية ذاتها هي التي تكفل هذه الحقوق فقد اتاحت للأنسان الحرية في التغبير فيما سلبته حقه في اتخاذ القرار وخاصة فيما يتعلق بنمط عيشه.

ولتأكيد تفاعل حركة احتلوا وول ستريت مع ناشطي الربيع العربي فهاهي "اسماء محفظ" المدونة والناشطة الفاعلة في مظاهرات واعتصامات ميدان التحرير التي افظت الى اسقاط الرئيس المصري السابق ، هاهي تنظم الى حركة احتلوا وول ستريت وتتظاهر مع المتظاهرين وتشرح لهم ابعاد الثورة المصرية ودور الناشطين وشباب الثورة في انطلاقها .

يقدم الفيلم حقائق واحصائيات يحرص الناشطون على نشرها خلاصتها ان مالايزيد عن 140 الف شخص فقط هم الذين يمتلكون المال والسلطة وهم لايشكلون اكثر من 1% ولهذا اطلق هؤلاء الناشطون شعار " نحن 99% " حتى صار ايقونة وعلامة دالة عليهم في تمردهم على الهيمنة الرأسمالية للأقلية على حساب الأكثرية التي تعد بمئات الملايين من البشر الذين تتحكم بهم وبمستقبل حياتهم وحياة اسرهم مجموعة ال 1%.

وبعد ان يجد الناشطون انفسهم في مواجهة شرسة مع اجهزة الشرطة والأمن فأنهم يخاطبون عمدة مدينة نيويورك الحالي "مايكل بلومبرج" قائلين :" ثروتك ايها العمدة تزيد على 16 مليار دولار وانت واحد من اثرى اثرياء الولايات المتحدة ولهذا لانستغرب عدم اكتراثك بأصواتنا ولا اصوات المضطهدين والفقراء في انحاء العالم".

في البدء يؤشر الفيلم في متابعة مجريات ظهور الحركة انها لم تكن غير حركة احتجاجية بسيطة من الممكن ان تستغرق يوما او يومين ثم يعود الكل الى منازلهم ولكن غير المتوقع هو ان تتسع هذه الحركة لينزل الى ساحتها عشرات الألوف ثم تشكل لها قيادات في العديد من المدن الأمريكية لكي تنتظم في تظاهرات مماثلة وعندها فقط يقرع ناقوس الخطر وتبدأ حملة المطاردة وتكميم الأفواه على اساس ان هذه الحركة بدأت تهدد الحياة اليومية والسلم الأهلي وقد تتطور الى ماهو اكثر من ذلك وهو مااعلنه صراحة السيناتور عن ولاية فيرجينيا "ايريك كانتو" معربا عن قلقه الكبير من تنامي هذه الحركة ويظهر الفيلم شراسة شرطة نيويورك وغيرها في التصدي للناشطين والمتظاهرين بالعصي والهروات وتكبيل الأيدي والأحتجاز في مشاهد دراماتيكية لم تزدالمتظاهرين الا اصرارا على تفعيل ادوارهم .

يظهر الفيلم الممثل الكبير دوني كلوفر احد قياديي حركة "احتلوا ولاية اوكلاند" ، هو يخطب في جمهوره الواسع قائلا ان 80 % هم من المهمشين في امريكا ، هم بلا ارادة وليسوا بصانعي قرار ، ماذا نريد ؟ ، نريد التعليم وان نعامل كبشر ، وماذا يعني ان تكون انسانا ، معناه ان تكون ثائرا وتواجه التحدي الكبير ، والسؤال هو الى متى يستمر نمو الثروة وتضخمها في مقابل نمو الهامش وتضخمه في مجتمع لايكترث لصراخ احد ؟يجب ان نمتلك الأرادة وقبول التحدي من اجل مستقبل ابنائنا وحقنا في حياة افضل "..

صرخة من بين صرخات يسمع صداها هنا وهناك ولكنها تذكي في الناشطين نزعة الحياة وقوة الأستمرار والأرادة المتسمرة بالرغم من المظايقات الشرسة التي يتعرضون لها الا انهم لايظهرون في كلماتهم غير الأصرار على الأستمرار في التظاهر والأعتصام وحشد مزيد من الجمهوروالمتضامن معهم والمؤمن برؤيتهم .

الفيلم الوثائقي في فكرته السياسية هو الذي قدم هذه الصورة التي تنبض بالواقعية ومحاكاة وجوه حياة تعبر عن نفسها من خلال فكرة الرفض السياسي والأيديولوجي ، وحيث احتشد الفيلم بالمقابلات وصور كاميرات الهواة والكاميرا المهتزة والأصوات الواقعية كلها احتشدت لتسليط الضوء على الظاهرة ولنشاهد فيلما يوثق تلك الظاهرة ويعزف بمهارة على وتر الواقعية السياسية في الفيلم الوثائقي ، صور هي اقرب الى نبض الحياة اكثر منها الى اي شيء آخر.

الجزيرة الوثائقية في

20/09/2012

 

سينما البيئة... بيئة السينما

وسيم القربي- تونس

تتعرّف البيئة حسب قاموس "روبار للغة الفرنسية" أنها "مجموع الظروف الطبيعية (الفيزيائية والكيميائية والبيولوجية) والثقافية (علم الاجتماع) التي يمكن أن تؤثر على الكائنات الحية والأنشطة البشرية"، وقد أصبح موضوع البيئة يمثل إشكالية عميقة باعتبارها قضية العصر نظرا لحساسية التغيّرات الطارئة في مجتمعات عالمية أصبحت تعتمد على الصناعة كنشاط اقتصادي أساسي منذ تاريخ الثورة الصناعية الأوروبية والاختراعات المتعاقبة. ولقد أصبح موضوع البيئة يتصدّر طليعة اهتمامات القارة الإنسانية باعتبار تأثير الصناعات على السلامة البيئية وعلى المحيط مما جعل مكونات المجتمع العالمي تهتمّ بقضايا التلوث البيئي، ومن بين الوسائط تمّ الاعتماد على السينما لتمرير الصورة وتوعية المتلقي.

"جزيرة الأزهار" لـ "جورج فورتادو": الوثائقي البيئي/ المرجع

"جزيرة الأزهار" Ilha das Flores هو شريط وثائقي قصير يدوم 12 دقيقة للمخرج البرازيلي "جورج فورتادو" وتمّ إنتاجه سنة 1989، وبالرغم من مرور أكثر من عشرين سنة إلا أنّ هذا الفيلم بقي وثيقة ومرجعا لم تغزوه التجاعيد. يروي الفيلم، الذي جمع بين كل ما هو تقني وعلمي ومعالجة سينماتوغرافية للمفهوم، الطريق التي تسلكها "الطماطم" منذ إنتاجها من طرف السيد "سوزوكي" إلى حدود التخلص منها كنفايات في جزيرة الأزهار لتستهلك من طرف مجموعات بشرية فقيرة جدّا لا تجد سبيلا لقوتها غير تلك النفايات. انطلاقا من "الطماطم" ينتقل بنا المخرج إلى تعريفات علمية للإنسان والزمن ومراحل إنسانية من تاريخ البشرية، ليكون الفيلم بمثابة الحلقة المفتوحة التي ينتقل فيها المفهوم عن طريق الجزئيات وينسج القضية الفيلمية الرئيسية المشحونة بتفرعات قضايا أخرى. يبيّن لنا جورج فورتادو كيف تعتمد الطماطم في المطبخ البرازيلي غير أنّ سيّدة تكتشف أنّ إحداها متعفّنة فتتخلص منها في سلة الفضلات التي ينقلها عمّال النظافة إلى جزيرة الأزهار. هناك في جزيرة الأزهار المملوكة لأحد الأثرياء تنتظر مجموعات بشرية دورها للدخول إلى مصبّ النفايات لفرز ما يمكن أن يصلح من الأشياء ولكي يقتات هؤلاء من تلك الفضلات. غير أنّ هذه المجموعات البشرية لا يُسمح لها بالدخول إلا عندما تنتهي الخنازير من أكل ما يمكن أن تأكله. هكذا يكون الإنسان في مقام لا يسبق الخنزير، وهي صورة بشعة تبيّن إنسانية تنزل إلى مقام لا إنساني يكون فيه الحيوان أكثر قيمة منه.

هي معالجة كوميدية سوداء تكون فيها الكوميديا دافعة للحزن عوضا عن الضحك، وهي قراءة لعولمة بشعة ورأسمالية جشعة لا تحترم إنسانية الإنسان، بالإضافة إلى تسليط الضوء على البيئة المتلوثة من خلال مصبات الفضلات فإنّ المخرج عكس حالة يعيشها أكثر من 13 مليون "مواطن" برازيلي يعيشون تحت خطّ الفقر. وثائقي يجمع تقنيا بين الصورة المتحركة والثابتة والتخييل والواقع ويجمع على مستوى الموضوع والرمز بين بشاعة اقتصاد السوق والإنسان المهمّش وانعكاسات البطالة ليصل إلى نقد سياسي يتجاوز جغرافية البرازيل ليحيل على جغرافية العالم، كما أنّ هذا الفيلم مثّل وثيقة علمية شرح فيها "فورتادو" بعض الظواهر والمفاهيم بغية بناء فيلمه وتسليط الضوء على رسائله المقلقة. هي صور بقيت راسخة بالذاكرة لوثائقي انطلق من البيئة الطبيعية ليصل إلى البيئة الإنسانية ويختتم الفيلم بعبارة "الحرية هو مصطلح يغذيه حلم الإنسان، لا يوجد أيّ كان يستطيع أن يفسّره..."

وثائقي "جزيرة الأزهار" كما عبّر عنه "جورج فورتادو" هو فيلم صُوّر لكي يتعرّف كائن خارجي على حقيقة الكرة الأرضية.

"توافق الإنسان مع البيئة": سينما البيئة/ بيئة السينما

قليلة هي المهرجانات والسينمات العربية التي تهتمّ بالبيئة، غير أنّ مهرجان العالم العربي للفيلم القصير بإفران- أزرو بالمغرب الذي يتولّى إدارته عبد العزيز بالغالي يحاول في كلّ دورة أن يسلّط الضوء على سينما تحمل قضايا بيئية. وخلال الدورة الرابعة عشر التي انتظمت من 23 إلى 26 أغسطس الماضي، انعقدت على هامش المهرجان ندوة فكرية أمّنها كل من الدكتور حميد تباتو والدكتور يوسف آيت همو من المغرب والباحث وسيم القربي من تونس، وقد تمّت مناقشة مجموعة من الإشكاليات التي تهمّ السينما والبيئة. وقد تطرّق الباحث يوسف آيت همو إلى التمثلات السينمائية لعلاقة الإنسان بالبيئة، حيث اهتمّت السينما بالمحيط البيئي منذ ولادتها من خلال عدّة أفلام مثل "نانوك" لـ "فلاهارتي" و "روبنسون كروزوي" وجلّ أفلام والت ديزني، وقد انقسمت علاقة السينما بالبيئة إلى علاقة حميمية وعلاقة صراع. كما أكّد آيت همو أنّ سينما البيئة تُوظف فيها جماليات وتقنيات وبحوث على غاية من الأهمّية غير أنّ "العالم العربي يشهد ندرة لأفلام البيئة وذلك راجع لصعوبة كتابة سيناريوهات بيئية ولتعالي المثقفين تجاه قضايا البيئة" حسب قوله.

من جانبه تناول الباحث حميد تباتو مسألة "السينما والوعي البيئي" على اعتبار أنّ البيئة إشكالية مستعجلة تستدعيها الضرورة الثقافية من أجل بناء سينما فاعلة والاهتمام بالبيئة في السينما هو من بين المسائل المتعددة كقضايا الهامش وإبداعية الاختلاف.

كما أبرز تباتو أنه "لا تهم مقاربة البيئة في السينما وفي الحديث عنها بالتركيز على ما يعد عناصر مكونة لها فقط من مثل الماء والهواء والتراب بل بالتركيز على ما يصحح النظر إلى هذا الإشكال بربطه بالبنية الاجتماعية والسياسية وغيرها، وبتوضيح ما يغطيه من غيوم إيديولوجية. فالبيئة حضرت دوما في السينما العالمية وساهمت في في تشكيل أجناس واتجاهات فيلمية من مثل سينما الطريق والسينما الخضراء والأفلام العلمية ... كما ساهمت في توضيح انتساب الكثير من السينمات خاصة السينما الإفريقية والثالثية".

لقد احتضنت السينما البيئة وحضرت هذه الأخيرة في جلّ الأفلام بصيغة آلية غير أنّ التركيز على البيئة في الصورة الفيلمية العربية يتفاوت حسب إبداعية واحتياجات صانع الصورة. إنّ الحديث عن تأسيس سينما بيئية يشترط إعادة استقراء البيئة التاريخية واستخراج العبر وإعادة تأهيل البيئة الاجتماعية والفكرية والاقتصادية والثقافية والسياسية... كما أنّ تيمة البيئة غالبا ما مثلت موضوعا صوريّا أو سطحي التناول بالرغم من أهمّية هذا الموضوع وإمكانيات استثماره وتوظيفه في سينمانا. غالبا ما حضرت الجمعيات البيئية بصفة صورية من أجمل تلميع واجهة سياسية وجمع تمويلات غربية دون حضور فعلي في المشهد الثقافي بتغييب الوعي بضرورة توجّه المبدع نحو قضايا بيئية تزخر بها جغرافية القارّة الإنسانية. يبقى مستقبل الوثائقي البيئي غامضا وتبقى البيئة منبعا لمواضيع سينمائية نادرة لم تجد من يستثمرها، كما يبقى الوثائقي نوعا من سينما بيولوجية خالية من كلّ المساحيق التي تستعملها السينما التجارية وهو ما يجعل هذا الجنس الإبداعي محرجا للسلطة.

الجزيرة الوثائقية في

20/09/2012

 

 

السينما البنيّوية

رافائيل باسان ــ ترجمة : صلاح سرميني 

إستخدم السينمائيون الروّاد الأوائل، وبشكلٍ خاصّ، أربع تقنياتٍ للحصول على معادلاتٍ مشابهة للتجريد التصويريّ :

ـ الرسم المُباشر على الشريط الحساس الذي مهد له "الأخويّن كورا"، وإنتشر إلى حدٍّ كبير عن طريق "لين لاي"، و"نورمان ماكلارين".

ـ تحريك مساحاتٍ هندسية (فايكينغ إيغيلينغ، هانز ريشتر)، أو أشكالاً أكثر مرونةً (والتر روتمان، أوسكار فيشينغر)، وحتى أثيرية (جيم دافيس).

ـ النتيجة التخطيطية لتصوير زخرفاتٍ حقيقية (هنري شوميت، جيرمين دولاك).

ـ تشكيل العناصر البسيطة (الأخوين وايتيني).

من جهةٍ أخرى، فيلمٌ كحال Ballet mécanique لـ "فرناند ليجيه"، و"دودلي مورفي" عام 1924 فتح الطريق أمام عدداً كبيراً من الإستراتيجيات التعبيرية الحديثة الخاصة بالتجريب المُعاصر :

ـ إستخدام الكادرات المُنفردة في مكان، ومحل اللقطات ـ أساس ما نعرفه عن المونتاج الدلاليّ للمدرسة السوفييتية ـ.

ـ إدخال ديناميكية خاصّة بالأشياء بدون تزامنٍ مع المفاهيم، والتصورات.

السينما البنيّوية

في بداية الستينيّات، عثر بعض الفنانين، الأمريكان خاصة،ً على بديلٍ سينمائيٍّ يطعن الشكلانيّ، وذلك إنطلاقاً من معايير فيلميّة صافية (إستنساخٌ متواصلٌ لزخارف متنوعة، تثخين حبيبّات الشريط الحساس)، ومن بين آخرين، نجد هذه الممارسات عند الأمريكان : بول شاريتز، كين جاكوبز، هوليس فرامبتون، توني كونراد، الكندي : ميكائيل سنو، والنمساويّ : بيتر كوبلكا.

وقد أطلق الناقد، والمُنظر "ب. أ. أدامز" على هذه "المدرسة" : سينما بنيّوية، حيث كتب :

"تُضاعف السينما البنيّوية في تأكيدها على الشكل أكثر من المحتوى الذي يتجسّد بطريقةٍ محدودة، وثانوية.

العناصر الأربعة المُميزة للسينما البنيّوية، هي :

ـ لقطةٌ ثابتة (تبدو صورةً ثابتة من وجهة نظر المتفرج).

ـ تأثيرٌ ومضيّ.

ـ عرضٌ متواصلٌ لنفس اللقطة (تقنية ما يُعرف في المُصطلحات السينمائية التقنية

loop).
ـ إعادة تصوير الشاشة (13)".

مع فيلم Arnulf Rainer (1958-1960)، ومن الوهلة الأولى، سجل "بيتر كوبلكا" هذه السينما في راديكالية مُتعالية، يتكوّن هذا الفيلم القصير بطول 6 دقائق من تنويعات أكثر العناصر بساطةً، وصفاءً للوسيط : الضوء، الظلام، الصمت، والصوت.

وهكذا، نشاهد تتابع نبضاتٍ سوداء، وبيضاء مع تحوير الأصوات، لقد كان فيلم Arnulf Rainer في السينما التجريبية يُعادل بشكلٍ ما في الرسم تلك اللوحة المُسمّاة (Carré blanc sur fond blanc/مربعٌ أبيض فوق خلفية سوداء) لـ"ماليفيش" التي رسمها في عام (1918)، وبنفس المبدأ، يقود "توني كونراد"، في The Flicker (1966)، وعن طريق التناوب بين الكادرات البيضاء، والسوداء، تنويعاتٍ طويلة من الومضات، تتضخم في بعض اللحظات حتى حدود الإحتمال(14).

ولكن، هنا لم تعدّ المرجعية مع التجريد التصويريّ نموذجاً، حيث تتشارك، وتنشط تشكيلاتٍ أخرى، وتشوهاتٍ عند سينمائيين كحال بول شاريتز، كين جاكوب، ميكائيل سنو، أو هوليس فرامتبون.

في فيلمN,O,U,C,H,I,N,G (1968)، وإنطلاقاً من الكادرات، والومضات، يخلق "بول شاريتز" إشاراتٍ جديدة "يجعل منها قواعد نحوية" (كما يمكن لأحدٍ ما أن يقول : يضعها في معادلة رياضية) لترجمة غرائز موت، وحياة جنسية مضطربة.

كادراتٌ بالألوان لصبيّ عاري، بالتبادل مع سلسلتيّن من الصور السلبية، والإيجابية، في الأولى، لسانه على وشك أن ينقطع بطرفيّ مقص، وفي الثانية، أظافر إمرأة تمزق وجهها، وبينما تتوضح حروف العنوان، تتقاطع مع الأولى كادراتٍ أخرى من عمليةٍ جراحية، ورؤى جنسية بالأبيض، والأسود.

يتكوّن شريط الصوت من تكرار متواصل لكلمة "Destroy"، هنا، لم تعدّ الحكاية هي التي تقدم المعنى، ولكن، التنويعات، أكانت عضوية، كيمائية، أو ممثلةً للشريط الحساس المأخوذ في دورانه، الإيقاعي على الأرجح، تفتح الطريق على شهوانية يتمّ إدراكها مباشرةً عن طريق المخ.

الإبداع يتحدى النظريات، والقواعد، إذّ حالما تمّ تحديدها في أعماله الأكثر جذرية ـ Arnulf Rainer, على سبيل المثال ـ يتلامس الفيلم البنيويّ مع إتجاهاتٍ أخرى، أو مدارس تشكيلية.

Tom, Tom, the Piper’s Son عام (1969) هو، بالآن ذاته، عملٌ بنيويّ، وفيلمٌ منجزٌ من لقطاتٍ قديمة، ومهملة (found footage).

بينما يميل Zorn’s Lemma عام (1970) لـ"هوليس فرامبتون" نحو الفنّ المفاهيميّ.

ولكن، يمكن لنا، في أبحاثنا، إدخال هذين الشريطين في إشكالية التجريد عن طريق، ومع الفيلم.

Tom, Tom, the Piper’s Son عام (1969)، خلال ساعتين، وعن طريق الإبطاء، وإعادة تصوير متلاحقة، يُنظم من جديدٍ فيلماً قصيراً مشابهاً بطول بعض الدقائق، يعود تاريخ إنجازه إلى عام 1905.

تكبير الزخارف، تنويع السرعات، تضخيم حبيبّات الشريط الحساس : لدينا هنا سيمفونية حقيقية من الأبيض، والأسود، والرمادي، تتأرجح بإستمرار بين التشكيليّ، والتجريد.

الجزء الرئيسي من فيلم Zorn’s Lemma (يغطي 9/10 من طوله الزمنيّ)، 26 لقطة تدور بشكلٍ متواصل عدداً كبيراً من المرات، تحتوي كلّ واحدة منها على كلمةٍ يمكن أن نقرأها في واجهة محلاً تجارياً، وجدران، اللقطة الأولى تؤطر كلمةً تبدأ بالحرف أ، اللقطة الثانية تؤطر كلمةً أخرى تبدأ بالحرف ب، وهكذا....

وفي كلّ دورة "عجلة"، تقدم كلماتٍ مختلفة، وشيئاً، فشيئاً، تُستبدل الكلمات بزخارف (طيور)، أو إسكتشات (شخص ما يربط ربطة حذائه)، ومن ثمّ، تدريجياً، تختفي الكلمات، وعلينا أن نتابع تطوّر الزخارف البديلة، والتي لا تحتفظ بأيّ علاقة فيما بينها.

لدينا هنا أيضاً مثالاً من الميراث المُتعدد المعاني للمونتاج المٌتغير لفيلم Ballet mécanique، شكلٌ من التجريد في إتجاهٍ معاكس، يكشف عند مؤلفه عن مهارة كبيرة في تنظيمٍ نصيّ، وتشكيليّ.

وكما يمنح "بول شاريتز"، و"ميكائيل سنو" جانباً درامياً، ويشحنان بالمعاني معايير سينمائية، فإن الومضات وحدها لا تخفزهما للوهلة الأولى، ولكن، حركات الأجهزة، وهكذا تصبح الزوم نجمة فيلم Wavelength عام (1967)، وتُشكلّ الحركات البانورامية الأفقية، والعمودية نسيج

<—> (Back and Forth, 1969).

مع فيلم La région centrale(1970-1971)، يبني"ميكائيل سنو" فيلمه الأكثر جذريةً، في عام 1969، أعرب عن رغبة إخراج "فيلم طبيعيّ" المعادل في مصطلحاتٍ سينمائية صافية لوحات سيزان، كورو، مونيه، أو ماتيس.

ومن أجل هذا المشروع، أنجز "بيير أبيلوس" خصيصاً جهازاً بزراع متحركة، وضع عليها كاميرا تجوب أفقياً، وفي دوائر، وحركاتٍ حلزونية، وتصور منطقةً جبليةً، خالية في مقاطعة "كيبك"، وبدون أيّ تدخلٍ بشريّ.

خلال ثلاث ساعات من العرض، نشاهد، عن طريق الحركة المُدوّخة، المشهد الطبيعي المُوحش، والسماء خالية، تمنح ولادة سلسلة من التكوينات التجريدية حيث يبدو الزمان، والمكان، وكأنهما معلقان.

ينفصل "سنو" عن المفهوم المُرتبط بالسينمائي "براكاج" حول العين المُتحررة، لأنه، بالنسبة لمؤلف فيلم The Dead، تخلصت العين من تربيتها المنظورية، وأصبحت مرتبطة تماماً بذاتية الفنان.

هوامش المؤلف :

(13) ـ ب. أدامز سايتني، السينما الرؤيوية? : الطليعة الأمريكية 1943-2000 (Paris Expérimental، مجموعة "كلاسيكيات الطليعة"، 2002)، صفحة 329.

هوامش المُترجم :

Raphaël Bassan

وُلد "رافائيل باسان" عام 1948 في بلغاريا، وهو مخرجٌ، وناقدٌ سينمائيٌّ فرنسيّ، متخصصٌ في السينما التجريبية.

في البداية، توجهت إهتماماته نحو مسيرة أدبية، حيث أصدر مع "هوبير حداد" عام 1970 مجلة متخصصة بالشعر (Point d'être)، بينما أخرج أول أفلامه القصيرة في عام 1969.

"جان بول بورر"، وكان واحداً من أعضاء المجلة الشعرية، إستعاد ذكريات تلك السنوات في صفحات سيرته الذاتية (محاربو الحلم)، وأشار إلى "رافائيل باسان" بصفته شاعراً، وسينمائياً.

منذ ذلك الحين، بدأ "رافائيل باسان" يكرسّ نشاطه للكتابة عن السينما بشكلٍ عام، والتجريبية خاصةً، تلك التي كان يتجاهلها معظم زملائه، وكتب مقالاته السينمائية في صحفٍ، ومجلاتٍ متعددة، وأصبح صحفياً محترفاً.

من جهةٍ أخرى، يعتبر واحداً من المجموعة التي أسّست في عام 1971 تعاونية التوزيع المُستقلة المُسمّاة "جماعة السينما الشابة" التي تُواصل نشاطها حتى اليوم.

خلال الفترة 2000-2010 تعاون "رافائيل باسان" كناقد سينمائي مع مجلاتٍ أخرى، ومواقع فرنسية، وأوسترالية متخصصة، وشارك في تحرير بعض المقالات في "الأنسكلوبيديا العالمية"(من موقع ويكيبيديا).

الجزيرة الوثائقية في

19/09/2012

 

الأبعاد المجازية في فلم "الطيّاب"

عدنان حسين أحمد

ثمة أفلام لا تغادر الذاكرة بسهولة ربما بسبب موضوعها المتفرِّد، أو أداء بعض شخصياتها، أو معالجتها الذكية التي تعزز في نهاية المطاف الرؤية الفنية للمخرج الذي يذيّل الفلم بتوقيعه الشخصي على الرغم من أن الفلم هو خلاصة لجهود جماعية كبيرة في أغلب الأحيان. وفلم "الطيّاب" الذي نحن بصدده هو من هذا النوع اللافت للانتباه. يتمحور هذا الفلم على فكرة "غسل الأحياء" وتدليك أجسادهم في الحمّامات الشعبية بمدينة سوسة التونسية، لكن هذه الفكرة المهيمنة على مدار الفلم ستنحرف عن السياق العام المتعارف عليه، وسوف يتحول ونَيِّس، "جسّد الدور الفنان نعمان حمدة"، من مُدلِّك للأجساد البشرية الحيّة إلى "غاسل" للجثث التي فارقت الحياة في انعطافة غير مسبوقة في حياته الشخصية. لم يكتفِ المخرج أنور الحوار بهذه الفكرة كمادة أساسية لفلمه الروائي القصير، وإنما أراد شحن الفلم بمعطيات تعبيرية ومجازية إضافية تناقش ثنائية الحياة والموت من خلال اللعب على مفارقة غسل الأجساد الحيّة والميّتة من جهة، والتأمل في ثنائية الوجود والعدم كفكرتين فلسفيتين عميقتين من جهة أخرى. وأكثر من ذلك فقد أراد المخرج أن يوظِّف جانباً من الثورة الشعبية التونسية العارمة التي أسقطت النظام الاستبدادي يوم 14 يناير 2011، ولكن هذا التوظيف لم يخرج عن حدود الإشارة والتلميح، فحينما توفي "ميلود" لم يجد أخَواه من يغسله ويكفِّنه لأن أحد الشخصين المكرّسين لغسل الأموات كان مريضاً، والثاني منشغلاً بأحداث الثورة التونسية، الأمر الذي يدفعهما للتفكير بحلٍ سريع كي لا تظل جثة أخيهم مسجاة على سرير الموت، خصوصاً وأن الأخ الأكبر "أدى الدور باتقانٍ عالٍ الممثل عبد الحميد قيّاس" لا يتحمّل النظر إلى جثة أخيه.

كما أنه لا يحب هذه المهنة التي تتطلب قوة وصلابة لا يتوفر عليهما. أما الأخ الثاني فهو أحول وأصلع وكث اللحية أشعثها، وفقهياً لا يجوز لذي عاهة أن يغسِّل ميتاً. لقد اختصر المخرج عملية غسل الميت بالماء والطين "الطفّل"، وتطيبيه بالأزهار العطرية الجافة، وربما تستغرق العملية قرابة الساعة، لكنه اختصرها في الفلم كثيراً من دون التفريط ببعض النقاط الأساسية في عملية الغسل والتطيّيب والتكفين. لم يعرف الطيّاب القراءة والكتابة، فهو أمي بقدر أو بآخر، كما أنه لم يغسّل ميتاً طوال حياته، وقد أقدم على هذه العملية لأنه وجد نفسه في وضع حرج أمام شقيق الميت الذي يعرفه من كثب. لقد اتبّع الطيّاب خطوات الغسل التي كان يلقّنها إياه شقيق الميت حيث طلب منه أن يبدأ بالماء البارد أولاً، ثم الصابون ثانياً، وأخيراً استعمال الطين "الطفّل" ثم تنظيف الجثة بالماء. كان الأخ الأكبر يلقّن الطيّاب من وراء ستار ويتلو عليه الأدعية التي تفتح أبواب الرحمة على الميت، وتقيه من عذاب القبر وسؤاله عسى أن يثبِّت الله قدميه على السراط المستقيم. لم يسلم الطيّاب من هذه التجربة الصعبة التي غيّرت طريقة تفكيره بالحياة، إذ شعر بسطوة الموت وهو يغسل الجثة البادرة، خصوصاً وأنه أمضى حياته كلها تقريباً في حمّام ساخن يلامس فيه أجسادا دافئة ونابضة بالحياة، لكنها متسِّخة تتنظّف بواسطة خبرته التي اكتسبها منذ سنين طويلة في هذه المهنة التي تدور تفاصيلها في فضاء ساخن. يُصاب الطيّاب بصدمة كبيرة حينما يمس الجثة الباردة فتهتز أمام ناظريه معادلة الحياة والموت التي تقوده إلى إشكالية السخونة والبرودة في علاقتها الجوهرية بثنائية الوجود والعدم التي تضع المتلقي أمام جدوى الحياة وسؤال الموت المؤرِّق. وحينما يعود الطيّاب إلى مهنته الرئيسية كمدلِّك في الحمّام يلتبس عليه الأمر، ويشعر بالإحراج ربما لأن زبائنه سوف يعرفون، إن آجلاً أم عاجلاً، بأنه قد غسّل جثة ميت، وها هو الآن يعاود مهنته الأولى كطيّاب وكأنّ الأجساد الحيّة التي أمامه هي مجرد "جثث حيّة" لا غير! فلاغرابة إذاً حينما يفشل في مواصلة عمله الأول كمدلِّك، ولابد له أن يبحث عن مهنة أخرى يؤمن بواسطتها رزق أطفاله. ربما يكون المشهد البصري الأجمل في هذا الفلم هو مشهد الأب الذي يغسل بالطين رأس ابنه الصغير الذي كان يتوفر على ملامح جمالية آسرة فيتذكر الطيّاب تجربته الممضة في غسل جثة الميت بالطين، عندها يترك الحمّام ويغادر هذه المهنة إلى الأبد لنجده في خاتمة الفلم خزّافاً يصنع الجرار الطينية مُذكَّراً إيانا بأننا خُلقنا من تراب، وإليه سوف نعود حين تخرج الأرواح من سجونها البدنية. لابد من الإشارة إلى أن المخرج أنور الأحور متخصص بعلم النفس، وحاصل على درجة الماجستير في حقل اختصاصه، وهو يحاول دائماً أن يعالج بعض القضايا الإشكالية من زاوية نفسية كما حدث بالضبط للطيّاب الذي وجد نفسه في لحظة عصيبة غسّالاً لجثة هامدة لم يألف همودها وبرودتها من قبل لأنه كان غارقاً في عالم ساخن بفضائه وكائناته البشرية التي تسترخي تحت يديه الخبيرتين بالتدليك. جدير ذكره أن فلم "الطيّاب" هو من بطولة عبد الحميد قيّاس، مصطفى القوضاعي، محمد أرناؤوط ونعمان حمدة، وإخراج أنور الحوار، وقد تمّ تصويره بمدينة سوسة التونسية.

وفي أثناء تواجدنا في مهرجان الإسماعيلية لهذا العام سألته عن السبب الكامن وراء عزوفه عن الترويج الإعلامي لتجربته السينمائية أجاب قائلاً: "دعني أعترف بأنني كسول بعض الشيء فيما يتعلق بالتعريف بنفسي أو الدعاية لأفلامي المُنجزة، وقد انتقدني الكثير من الأصدقاء السينمائيين وغير السينمائيين وقالوا لي بالحرف الواحد بأنّ السينما تحب الشخص الذي يحسن الكلام ويعرف كيف يقدِّم نفسه للجمهور من جهة، وللجهات الإعلامية المختلفة من جهة أخرى". لكنه اعترف بأنه لا يتقن هذه المهنة إذ قال: " أنا أمتلك طبيعة انطوائية ولا أجد راحة في التواجد على موائد المبدعين، لأنّ همّي الأساسي هو حُب السينما لذاتها، وهي حُبي الأول والأخير، وإن شئت فهي محنتي الأبدية منذ الطفولة". ثم سألته عن أهمية دراسته لعلم النفس، وهل أفادته في تعزيز تجربته السينمائية قال: "لقد جرّبت فنوناً كثيرة مثل الرسم، والخط العربي، والعزف على آلة العود، والمسرح، لكنني وجدت في علم النفس طريقة للتحايل أو الاقتراب من السينما بكل آلياتها ومعانيها البصرية، وبكل ما يدور في فلكها من صورة، وحركة، وفرجة، وخيال، وحلم، وشخوص وحياة". أما عن سبب انهماكه في مشاغل أخرى قد تبدو بعيدة عن السينما فقد أوضح أنور قائلاً: "أشتغل موظفاً في وزارة التشغيل والتكوين المهني وهو مجرد حل للعيش ولطلب الكفاف، أما عملي بالسينما فهو ينحصر في الأوقات المتاحة خارج ساعات الدوام الرسمي". واختتم أنو الحوار حديثه بالقول: "إنني أفضِّل الوظيفة الحكومية كمختص نفساني، لأنني أوفر بالنتيجة شيئاً من الراحة الذهنية التي تتيح لي في الأقل أن أنتج شريطاً قصيراً كل عام، وأعتبر نفسي أوفر حظاً من كثير من السينمائيين الذين يجدون أنفسهم مضطرين للعمل تحت الطلب في الإنتاجات الدعائية والإشهارية والتلفزية الساذجة".

الجزيرة الوثائقية في

19/09/2012

 

 

تبتعد بسبب تصرف طائش وتعود بأعمال قوية

وينونا رايد: موهبة لافتة تبحث عن مكانها في هوليوود

يوسف يلدا 

تعود وينونا رايدر، نجمة سينما التسعينات، للظهور في شريط فيلمي جديد بعنوان "آيسمان"، بعد إلقاء القبض عليها وهي تسرق من متجر في بيفرلي هيلز.

نيويورك: طوال العقد الأخير كان نشاط وينونا رايدر متوقفاً تقريباً، وفي كل مرة كان يظهر إسمها ضمن فريق عمل سينمائي جديد، كان السؤال التالي يطرح نفسه: أين كانت قبل الآن؟

ووفقاً للممثلة، التي عادت قوية من خلال فيلم "آيسمان" في مهرجان البندقية السينمائي الأخير، إن ظهورها في هذا الفيلم ومشاركتها في المهرجان، يمثلان لها العودة من جديد إلى الشاشة الكبيرة.

وليس واضحًا إذا كان سبب إبتعاد رايدر عن هوليوود محض رغبة أم نتيجة تصرف فتاة طائشة، وهذا ما لم تشأ الحديث عنه حتى الآن، غير أنه، في نهاية المطاف، لم يكن سوى عائق في مشوارٍ مليء بالنجاحات والتألق.

كانت وينونا رايدر واحدة من أبرز ممثلات السينما في عقد التسعينات، شابة ناعمة لكنها قوية الحضور أمام عدسات التصوير، إستطاعت أن تسحر هوليوود بموهبتها وأدائها التمثيلي الرائع. وبإمكاننا أن نتذكر من تلك السنوات أدوارها في أفلام مثل "ليتل وومين"، و"ذا إيج أوف إينوسينس"، و"لوكنك فور ريتشارد" مع آل باتشينو.

كان كل شئ يسير على ما يرام في الطريق إلى الشهرة والنجومية حتى كانون الأول/ ديسمبر 2001، الشهر الذي ألقي القبض عليها وهي تحاول الخروج من متجر شهير في بيفرلي هيلز، وفي يدها حقيبة مليئة بملابس من أشهر الماركات العالمية. وعلى الرغم من أن تصرفها ذاك إذا ما قورن بفضائح نجمات هوليوود اليوم يبدو أمراً لا أهمية له، إلاّ أنه حطمّ حياتها في ذلك الحين.

الآن، وفي سن الأربعين، يبدو أن وينونا رايدر ترغب في الظهور في صورة المرأة الناضجة، سواء أكان ذلك على الشاشة أم في حياتها الواقعية. وتقوم الممثلة الفائزة بجائزة "الكرة الذهبية" عن دورها في فيلم "ذا إيج أوف إينوسينس"، بالترويج لفيلمها الجديد "آيسمان" للمخرج آرييل فرومين، حيث تؤدي دور زوجة ريتشارد كوليسكي "مايكل شانون"، القاتل المأجور والمتهم بإرتكابه 100 جريمة قتل خلال أعوام السبعينات والثمانينات، في الوقت الذي كان يتظاهر أنه يعيش حياة أسرية هادئة. وتلقت وينونا رايدر الكثير من الإطراء والمدح عن دورها في الفيلم أثناء عرضه في العديد من المهرجانات السينمائية الدولية.

ويبدو أن الأمور آخذة في التحسن بالنسبة لوينونا رايدر، فبعد أن تنتهي من الترويج لفيلم "آيسمان"، سيتم عرض فيلم آخر لها بعنوان "ذا ليتر"، وستشارك في عام 2013 في "هومفرونت" مع جيسون ستاثام.

إيلاف في

19/09/2012

 

افتتاح الفيلم التركى «السلطان الفاتح» فى مصر بحضور أبطاله

أحمد الريدي  

الفيلم يدخل إلى دور العرض المصرية بعد أن استطاع أن يحقق أعلى نسبة إيرادات فى السينما التركية، لذلك كان الجميع على أهبة الاستعداد من أجل الافتتاح، حيث حضر وفد من السفارة التركية بالقاهرة داخل مول «سيتى ستارز» بمدينة نصر من أجل استقبال ضيوف افتتاح الفيلم التركى «السلطان الفاتح» الذى يتناول قصة موقعة القسطنطينية، وهو فيلم للمخرج فاروق أكسوى يُعرَض فى مصر مدبلجا باللغة العربية، وكانت زوجة السفير التركى بالقاهرة السفيرة آنجى على رأس الحاضرات، ثم توالت الشخصيات الحاضرة التى تنوعت ما بين السياسية والفنية، فحضر الدكتور عمرو الشوبكى وكذلك الدكتور مصطفى الفقى والكاتب الصحفى عادل حمودة، ونائب رئيس نادى الزمالك المهندس رؤوف جاسر، وكذلك المنتج جابى خورى وأشرف مصيلحى، ليحضر عقب ذلك أبطال الفيلم الثلاثة ومخرجه الذين حرصوا على التقاط الصور التذكارية وكذلك التقاط الصور مع بعض القنوات الفضائية، ليبدأ بعدها عرض الفيلم الذى استمر لقرابة ساعتين وربع، وبعدها فوجئ الجميع بالداعية الإسلامى صفوت حجازى يخرج من دار العرض بعد أن شاهد الفيلم ليجلس مع المخرج فاروق أكسوى والمنتج، ويتبادلا حديثا تولى المنتج ترجمته من العربية إلى الإنجليزية، حيث أكد حجازى للمخرج أن الفيلم عمل رائع وأنها المرة الأولى التى يشاهد فيها فيلما عن فتح القسطنطينية، مشيرا إلى أنه لو كان موجودا فى تلك الفترة فيعتقد أنه لن تكون هناك تفاصيل مغايرة لما دار فى الفيلم، كما طالب حجازى المخرج بمزيد من هذه الأفلام قائلا له «نحن كمسلمين وكعرب نرجو منك المزيد»، كما عرض عليه فى كلمات قليلة مشروع عمل درامى، وهو ما كانت إجابة أكسوى عنه أنه يحتاج إلى شىء يقرؤه يحتوى على عناصر هذا العمل، وهنا تظهر زوجة السفير فيوجه إليها حجازى كلامه قائلا «هذا عمل يجب أن تفتخر به تركيا». كما حضر العرض الممثل كمال عطية الذى قام بعمل الدوبلاج فى دور «محمد الفاتح» وتبادل مع بطل العمل التركى «دافرين» بعض الكلمات، وغادر فريق العمل مصر أمس الثلاثاء، متوجها إلى الإمارات من أجل حضور افتتاح العمل هناك

التحرير المصرية في

19/09/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)