حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

عزت أبوعوف:

قبولى رئاسة مهرجان القاهرة «مغامرة»..

واتهامى بأنى فلول «كلام فارغ»

حوار أحمد الجزار

 

اعتبر عزت أبوعوف عودته لقيادة مهرجان القاهرة مهمة قومية، وفى الوقت نفسه يرى أنها مغامرة كبيرة فى ظل هذه الظروف الصعبة، وأكد أبوعوف الذى بدأ فى عقد جلسات عمل مع فريق العمل المعاون له لإعداد استراتيجية المهرجان بأنه سيقوم ببناء المهرجان من الصفر، وأن هناك اتجاهاً لإجراء بعض التغييرات فى مضمونه لمواجهة عامل الوقت. وعن تفاصيل الدورة المقبلة للمهرجان كان لنا معه هذا الحوار:

لماذا قبلت المهمة فى هذه الظروف؟

- لأنى «مقدرش» أقول لا، خاصة أننا قمنا بتأجيل الدورة السابقة وإذا تعرضت هذه الدورة لأى أزمة سيتم سحب الصفة الدولية من المهرجان وستذهب إلى إسرائيل التى تقف بعدنا مباشرة، لذلك كنت أرى أن قبولى واجب وطنى ومهمة قومية، خاصة أنها لا تحقق بالنسبة لى أى منفعة شخصية فهى مهمة ثقيلة ومتعبة وكثيرا ما نتعرض لإهانات شخصية بسببها، ولكن كما قلت فهى بالنسبة لى تكليف.

وهل غضبت مما قيل بأن ظروفك الصحية لم تعد مناسبة الآن لإدارة المهرجان؟

- كل ما قيل فى هذا الخصوص مجرد شائعات مغرضة لإبعادى عن المهرجان، وبصراحة لن أكون غاضباً عندما يقال كفاية على عزت أبوعوف لأن تكراره ليس فى صالح المهرجان مثلا ولكن يصفونى بالمرض فهذا شىء غير آدمى، فالحمد لله صحتى «زى الفل» وكل المشكلة التى أتعرض لها هى بعض الآلام فى الأذن الوسطى والحمد لله تخلصت منها مؤخرا، وهذا مرض عارض يصاب به معظم المصريين، وبصراحة لا أنكر أننى فخور بما حققته للمهرجان طوال السنوات الخمس الماضية، ويكفى أننى تركت المهرجان وفى خزينته ٢ مليون جنيه، وهذا ما لم يحققه أى رئيس للمهرجان، كما أن البعض كان يرى أن سجادة المهرجان.

ولكن هل ترى أن الوقت المتبقى سيسمح بإنجاز المهرجان فى صورة مناسبة؟

- لا أنكر أن الوقت صعب جدا جدا، لدرجة أنه لم يعد لدينا وقت وقد بدأنا بالفعل العمل منذ تكليفنا بهذه المهمة لوضع استراتيجية كاملة وتنفيذها فى أسرع وقت ممكن، خاصة وقررنا أن نبدأ من الصفر.

وهل ترى أن وزارة الثقافة قادرة وحدها على تمويل المهرجان حتى يخرج بالمستوى المنشود؟

- هذا ما وعدنا به الوزير، وأكد أن الوزارة ستتكفل بأى شىء حتى يظهر المهرجان فى أفضل صورة، لأنه انعكاس لصورة مصر الفنية والثقافية الآن، ولكن رغم ذلك سنحاول جاهدين فى البحث عن رعاة للمشاركة فى التمويل.

وما شكل التغييرات التى ستجريها فى المهرجان؟

- بصراحة سنحاول أن نقلل فترته من ١٠ أيام إلى أسبوع واحد، كما أننا سنقلل عدد الدول المشاركة، وسيكون التركيز على مجموعة أقل من البلدان، وذلك اختصارا للوقت.

وهل أنت متفائل بتقديم دورة ناجحة فى ظل هذه الظروف؟

- سأسعى لتحقيق النجاح والإخلاص فى العمل، وأعرف جيدا أن قبول المهرجان فى هذا التوقيت مغامرة كبرى، ولكنى قبلتها بنزعة وطنية لا أكثر من ذلك حتى لا نفقد تاريخ هذا المهرجان.

وما رأيك فى رد فعل أعضاء جمعية مهرجان القاهرة وانسحابهم من المشاركة فى دعم المهرجان؟

- بصراحة أرى أن أى حركة فى هذا الاتجاه خيانة للبلد والفن وصناعة السينما لحساب مصالح شخصية أو منفعة خاصة ولم ينظروا إلى مصلحة البلد وسمعة المهرجان الذى يعد أهم حدث فنى وثقافى فى مصر، فهم اختاروا مصالحهم الشخصية فوق مصلحة البلد.

ولكن قد يكون اعتراضهم على عودتك للمهرجان أنت وسهير عبدالقادر؟

- ما السند على هذا الاعتراض، خاصة أننى قدمت مع سهير عبدالقادر أنجح دورات المهرجان بشهادة الجميع ومعظم أعضاء الجمعية من الذين شاركونا العمل، وأعتقد أن اختيار الوزارة لنا يرجع للنتائج التى حققناها والحمد لله لم نقدم أى فشل ولكنى أرى أن انسحابهم هو الفشل فى حد ذاته الآن.

ولكن أنتم متهمون بأنكم فلول ولا يجوز عودتكم للمهرجان؟

- هل إنقاذ مهرجان القاهرة من الفشل جعلنا الآن من الفلول فهذا كلام فارغ، أى فلول يتحدثون عنهم، وأنا أبى ثورجى وشارك فى كل الحروب وابنتى كانت فى الميدان منذ أول أيام الثورة وقد أعلنت موقفى من الثورة منذ أول يوم لها، وكنت أدعمها وأرى أنه من العيب أن يقال ذلك، ولكن للأسف فالشيطان يداعب ضعاف النفوس وهذا «سلو بلدنا».

المصري اليوم في

03/08/2012

 

زوم

مدن عملاقة للسينما لم نعرف مثلها في أقطارنا

محمد حجازي 

السينما الهندية تحتفل هذا العام بمرور مئة عام على ولادتها، عندما صدر شريط: راجا هاريتشتشاندرا، للمخرج «دادا صاحب بهالكي» وعُرِضَ لأول مرة في الثالث من أيار/ مايو عام 1913.

ستكون بداية الاحتفالية ضمن عشرة أيام هي مدة الدورة الثالثة والأربعين لمهرجان الهند السينمائي الدولي بين 20 و30 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل.

خلال مئة عام من عمر هذا الفن في أكبر بلد في العالم سكانياً استطاع الشريط الهني غزو أكثر من ستين بالمئة من جمهور السينما في العالم، انطلاقاً من المناطق والقارات التي تحتضن شعوب العالم الثالث، التي تجد في الشريط الهندي صورة عنه، وعن طموحاته، سواء بالنسبة لتواضع الفنانين في أدوارهم، وفي حياتهم وسيرهم الشخصية، فيما القضايا المطروحة عامة تنبع من تربة واحدة هي الفقر، إضافة إلى أنّ القبلات محرّمة بالكامل في أي مشهد، بحيث يستطيع رب العائلة اصطحاب كامل أفرادها معه والذهاب إلى الصالات بطمأنينة، ضامناً أنّه أيضاً سيلبّي كامل رغباته في أي فيلم؛ وجوه جميلة، قصة حب وإلى جانبها رواية اجتماعية، موسيقى، غناء، رقص، فرح ومرح، ومشاهد تفتح النفس والذاكرة على تنوّع مثالي في الطبيعة. وعرفت السينما الهندية كيف تؤمن آلاف النماذج الفيلمية في صناعة تدر مئات آلاف الملايين من الدولارات، من خلال مدينة السينما الأشهر «بوليوود» انسجاماً مع «هوليوود» في وقت تكبر فيه مدينة جديدة في نيجيريا، لتلحق بهذه الامبراطورية السينمائية تحت إسم نوليوود، وتُصدِر عشرات الأفلام الافريقية التي تحظى بإقبال وحُب من عموم الجماهير.

والسؤال: إنّ مدن الإنتاج العملاقة باتت معروفة جداً في الشرق والغرب، ففي إيطاليا: السينا سيتا، وفي ألمانيا: بافاريا، وفي فرنسا: لافيكتورين، وفي المغرب مساحات رحبة في آزازات. وكلّما دخلنا بلداً عرفنا أنّه يعطي مدينة للسينما، وإذ عُرِفَتْ القاهرة بأحد استوديوهاتها العريقة، والذي يحمل إسم: مدينة السينما، فإنّ هذا التعريف لا يتطابق والمتوافر من مساحات وديكورات تحتاج إلى أكثر حتى من مدينة الإنتاج الإعلامي، خصوصاً أنّ مصر عاشت السينما منذ بدايات القرن الماضي مثل باقي الدول المخضرمة في الإنتاج السينمائي.

هي الظروف إذن في كل الحالات، ولا صحة للكلام السائد حول أنّنا دول مستهلكة للفن والأفضل استيراد الأعمال الإبداعية المميّزة من الخارج وعرضها أوفر من الصرف عليها وتصويرها في بلاتوهاتنا، والذي يميّز السينما الهندية عموماً هو صفات ليست متوافرة لغيرها في باقي الأقطار، حتى أنّ الهنود أنفسهم يقولون ذلك، فهناك مخرجون أمثال ساتيا جين راي، وميرا ناير وغيرهما يقدّمون سينما مختلفة تماماً عن السائد جماهيرياً .. سينما نخبوية في المظهر والجوهر وتعبّر عن فكر إبداعي يرسم طريقاً مختلفة مع نجمات أمثال: شابانا عزمي، وإيشواريا راي، تدخل أفلامها إلى المهرجانات وتنال جوائز. إنّ البلاد العريقة التي عرفت السينما باكراً، مطلوب منها الكثير في الوقت الراهن، بأنْ تعتمد على مخزونها وخبرتها في استنباط ما هو أكثر من الصالات، ونوع الأفلام المبرمجة، ونقصد نوادي السينما، والنقاشات والتظاهرات المختلفة التي تدعم الثقافة في مجال الفن السابع، وما يعنيه ذلك من مكتبات ومرجعيات موثّقة من مؤلفات وأشرطة خاصة.

الخلفية التاريخية في أي موضوع ضامن حقيقي لعمق الأبحاث والدراسات والأعمال ومطلوب الاستفادة بقوة من كل الذاكرة المتوافرة عند أي شعب عاش السينما في حقب سابقة، وله محطات بالغة الأهمية في مسار السينما محلياً وعالمياً.

مدن عديدة تُفتح احتفاءً بالفن السابع، في صور تفوق الاحتفاليات، وتدخل في نطاق العمل الميداني، دعماً للإنتاج المتميّز، وإتاحة الفرص للشباب كي يعبّر عن طموحاته وأفكاره، وحساب أنّ هناك مهرجانات محترمة يُفترض الدخول في عالمها، واكتساب رضاها، بما يساعد على التواصل والتفاهم معها، بحيث يكون مكان لنتاج العرب على خريطة العالم.

27 عاماً عاشها شاب مع «دبدوب» ناطق واحتفل بزواجه

«كولن فاريل» بطل أكشن فاقد الذاكرة بعد دمار كوني

محمد حجازي

استرجعت برمجة الصالات ألقها بعد انقضاء إجازة عيد الفطر، وها هي الافلام تقوى تباعاً، وتعدنا العروض الخاصة المقبلة بمجموعة متميزة من الاشرطة الحديثة جداً التي عرف بعضها نجاحاً متقدماً في آلاف الصالات الاميركية، وينتظر مثيلاتها في بيروت، البارومتر الدائم لمنطقة الشرق الاوسط.

TED

تعود الافلام الكرتونية الى الواجهة من جديد، لكن مع شركة يونيفرسال حيث المنافسة تُضاعف لـ ديزني في سياق الاجواء المتداخلة انتاجياً وتوزيعياً.

مشكلة التوحّد التي يعاني منها اطفال كثيرون في يومياتهم، منقولة الى عالم الجماد، من خلال الطفل جون بينيت الذي نتعرّف عليه خجولاً لا يحب التعامل مع احد، وبالتالي يعاني من ارفضاض اصدقائه عنه ورفضهم كلهم التواصل معه، لذا راح يدعو السماء ان تمن عليه بصديق، في وقت كان والده احضر له معه دبدوباً هدية له، ولسبب ما، حصل انسجام سريع بينهما، فكان التمنّي الكبير ان يحظى جون بـ«دبدوب ناطق»، وهذا ما فاجأ الجميع، حين راح يتحدث الى كل شخص في العائلة وفق مزاجه وموقعه فيها.

ظل الاثنان معاً 27 عاماً، وكانت المشكلة حين اراد جون (مارك والبرغ) ان يشق حياته العاطفية مع صديقته لوريس كولينز (ميلا كونيس) بينما تيد لا يفارقه، ولا يتوقّف هو عن ذكره والاهتمام به، الى ان صارحه جون بأن عليهما ان يفترقا كي يؤسس هو لحياة عائلية، واصطحبه الى شقة مناسبة جهّزها له وتركه وحيداً.

لاحقاً يؤمن له عملاً في «هيبرماركت» فإذا به يرد على غزل الفتيات بمثله وتكون له حبيبات، وممارسات داخل مكان العمل، لكن مشكلة ثانية طرأت على تيد وهي ان رجلاً وابنه (جيوفاني ريبيزي) و(باتريك ووربيترون)، تقدما من جون لشرائه، لكنه نهرهما وطردهما، فعادا لاحقاً واستطاعا اسر «تيد» واختطافه، وعرف كيف يتكلم من مكان اختطافه مع جون الذي ترك خطيبته وسارع للبحث عن صديق عمره، فوصل اليه وكان لقاء متجدد بينهما خصوصاً مباركة تيد لـ جون على زواجه وضرورة العمل معاً في الاطر المناسبة، وشرط ان يكون معهما تيد.

وهكذا جاءت النهاية على طريقة الافلام العربية، بإدارة المخرج سيث ماكفرلاين الذي ادى شخصية تيد بالصوت، وكتب السيناريو عن قصة له وتولى الانتاج، لكنه استعان بـ احد عشر مساعد مخرج، وتولى صوت المعلّق باتريك ستيوارت.

Total Recall

للمخرج لين وايزمان الذي تزوج منذ فترة ببطلته في الشريط كايت باكينسال في دور لوري كوايد، بطلته سابقاً في (Underground) ومعها الممثلة الاجمل جيسيكا بايل في دور ميلينا، التي تواكبه حتى خلاصه من فقدان الذاكرة التي تنسيه انه عميل سابق لكنه على الدوام مطارد من عناصر مدربة، قوية اكتشف اخيراً ان لوري التي اوهمته انها زوجته، ثبت انها مسؤولة عن فريق اول لمعرفة ما يدور في رأسه وما يحمله من ملعومات تحتاجها. كان شوارزينغر افضل من فاريل في دور البطولة..

مشاهد متكررة هي هي، ولهاث وقتال وحب، في توليفة لا تقدّم الكثير من الجذب، بعدما صارت كل الافلام التي تضيء على اجواء مطاردات متشابهة جداً، باستثناء ما قدمه فريق واسع من الابطال يتقدّمهم ستالون، شوارزينغر، ستاثام، فان دام.

السيناريو وضعه: كيرث ويمر، ومارك بومباك، مع عشرين مساعد مخرج لـ وايزمان.

قضية

خلفي «شجر الزيتون» لـ باسكال أبو جمرا

صياغة رائعة لطرح سؤال واحد في محله

محمد حجازي

شريط قصير للمخرجة الشابة باسكال أبو جمرا بعنوان: خلفي شجر الزيتون .. سبق لنا وبحثنا عنها في أيار/ مايو الماضي، حين ورد اسمها بين الذين اختارهم مهرجان كان السينمائي الدولي ضمن الذين يتبارون على إحدى جوائزه لكننا لم نفلح.

مؤخراً عثرنا عليها مع مشاركة الشريط في مهرجان الفيلم اللبناني، ووجدنا أنّها صغيرة في السن، تتحدّث عدة لغات، وتحب جداً بلدتها دير ميماس الجنوبية، وعندها مشاريع عديدة للتنفيذ في رأسها.

شريطها الأخير، يثير العديد من الأسئلة ويحرّك وضعاً لم يعرف نهاية أو حلاً، وهو موضوع العملاء الذين كانوا في عِداد جيش لبنان الجنوبي صنيعة إسرائيل واندحروا معها إلى داخل الأراضي المحتلة، وبعد سنوات على هذا الهروب تناقلت التقارير حجم العذابات التي عانوا منها في الداخل، والمهانة التي طالتهم من الإسرائيليين، وفكّر كثيرون منهم بالعودة إلى قراهم مهما كلّف الثمن، وآخرون آثروا البقاء ما أمكنهم حيث هم، أو العمل على السفر إلى أي دولة من عالم الاغتراب.

«خلفي شجر الزيتون» ذكي.

صورته تحكي أكثر من حواراته. فتاة (المخرجة هي نفسها) تعود بعد وقت على دحر العدو من جنوب لبنان، ومعها شقيقها الطفل الصغير، الذي يتم تدبير مدرسة له كي يتعلم فيها في دير ميماس، وهي تدبّرت لها عملاً في كشك لبيع السندويشات وباتت الحال مقبولة، لكن شاباً اعتاد المجيء وطلب سندويش والتغزّل بالفتاة، إلى أن وصل في وقت لاحق، وطلب التحدّث إلى صاحب الكشك.. بعد قليل ذهب الشاب على دراجة نارية خلف زميل له، وسألها الرجل: ليش ما قلتيلي إنِّك كنتي بإسرائيل؟

لم ترد.. لكن شقيقها الصغير كان أبلغها بأنّ طفلاً قال له: أنتا بيّك عميل للإسرائيليي .. فردَّ عليه بأنْ كسر له أسنانه.

المشهد الأخير في الفيلم معبّر جداً.

الشقيقان يحملان حقيبتين ويمشيان وراء بعضهما البعض ووجهتهما الأراضي المحتلة، ليبقى السؤال مطروحاً، ماذا عن أنباء وأحفاد وعائلات العملاء؟ وإلى متى يظل هذا الأمر معلّقاً ولا يحسم نهائياً؟!

سؤال استفهامي يطرحه الفيلم.. وأصحابه على حق...

اللواء اللبنانية في

03/08/2012

 

مُنع في لبنان: فيلم سريالي عنوانه الرقابة

أحمد محسن  

منذ الأزمة السورية، تراجعت حركة دخول الأفلام المقرصنة إلى السوق اللبنانية. ما يضع المشاهد أمام مأزق حقيقي: كيف السبيل إلى مشاهدة أعمال عدة، بعضها يُعدّ من كلاسيكيات الفن السابع لكنّ الأمن العام ارتأى تطبيق القانون ومنعها؟

يعتقد البائع في الـ«فرجين ميغاستور» أنّ فيلم «البرتقالة الآليّة» A Clockwork Orange (١٩٧١) ممنوع في لبنان لأنّه «عنيف». فعلاً، لا وجود لهذا الفيلم على الرفوف. أصدر الأمن العام قراراً في 13 أيّار (مايو) 1999 قضى بمنعه. يصعب تصديق الخبر، لكن لا جدوى من الإنكار. الفيلم ممنوع، لأنّ ميريام كارلين إحدى ممثلاته مدرجة على «اللائحة السوداء». الممثلة البريطانية التي توفيت العام الفائت، ولدت في لندن من عائلة يهوديّة أوثوذكسيّة، وماتت فيها أيضاً. لم يكن دورها في الفيلم حاسماً، كانت «السيدة القطة» فقط. لكنّ هذه اللائحة المعدة بعناية «منقطعة النظير» من مكتب مقاطعة اسرائيل، قد طاولتها.

المفارقة أنّه للحصول على هذه اللائحة، يجب مراجعة وزارة الاقتصاد! بمعنى آخر، الأمن العام سلطة تنفيذيّة. وبكلمات أكثر دقة، هنا، السينما مرتبطة بوزارة الاقتصاد! علاقة سرياليّة، لا يفسرها إلا إصرار المسؤولين في الأمن العام على الدفاع عن «تطبيقهم القوانين». لا أسباب أخرى لدى المسؤولين في الأمن العام لتوضيح قرارهم بمنع بيع الفيلم (على قرصٍ مدمج) سوى كارلين. أكثر من ذلك، لا يكترث المسؤول في دائرة الاجازات إن كان الفيلم هو الأكثر ارتباطاً بالسينمائي الأميركي ستانلي كيوبريك. إنّه «ينفذ القوانين» ويكفيه ذلك.

ستانلي كيوبريك لا يحتاج إلى تعريف. لكن قد تكون ميريام كارلين كذلك. وفقاً لتقرير نشرته صحيفة الـ«تلغراف» البريطانيّة في منتصف العام الفائت بعد رحيل الممثلة الانكليزيّة، فإن أقارب كارلين قضوا في غرف الغاز في «أوشفيتز». لقد ولدت كارلين في 1925، لعائلة يهوديّة أرثوذكسيّة، وعاصرت جرائم النازيّة، بل لامستها شخصيّاً. لاحقاً، انتمت إلى حزب العمال البريطاني، ويعطي تقرير الـ«تلغراف» انطباعاً عاماً بأنّها كانت تميل إلى الاعتدال. حسناً، ربما يكون الاعتدال في رأي الصحيفة البريطانيّة مختلفاً عن تقويم اللبنانيين. بيد أن ذلك بأسره لا علاقة له بـ«كلوك وورك أورانج». في الفيلم، لاعبت ميريام القطط لا أكثر. كانت لديها حساسيّة على القطط، وتمرّنت على التخلص منها، لأنّ كيوبريك لم يكن مخرجاً عاديّاً. هل يجوز أن يمنع الشريط الذي يعدّ من كلاسيكيّات الفنّ السابع لأنّ ممثلة من ممثلاته، بدورٍ شبه ثانوي، تنحدر من عائلة يهوديّة؟ لو صحّ ذلك، فإنه سيكون عنصريّاً ومشيناً، لا يسمن ولا يغني من تطبيع. للمناسبة، كان اليهود الأرثوذكسيون، تحديداً، من أشد المعارضين للحركة الصهيونيّة في بداياتها، قبل ظهور أحزاب متطرفة في صفوفهم، ذابت في نشوة الاحتلال، وألقت على الفلسطينيين ثقل ما ألقي على أقارب ميريام كارلين في «أوشفيتز». غير أن هذا النقاش لا يعني شيئاً. إنّها على اللائحة السوداء ونقطة على السطر. الأمن العام قادر على التنصل برشاقة من منع العرض: «غيّروا القوانين، فنغيّر قرارتنا، نحن جهة تنفيذيّة».

مع ذلك، ينبغي الاعتراف بأنّ الرقابة عدميّة. هذا ليس اتهاماً، أو تشهيراً بالمؤسسة الملقى على عاتقها قرارات المنع «البطوليّة». لكن عندما يكون القرص المدمج متاحاً للجميع عبر القرصنة، في حين يكون ممنوعاً عن الجميع أيضاً، فلا يليق وصف آخر لقرارات الحجب إلا العدم. الفيلم الذي شاهدناه جميعاً بفضل «نعمة القرصنة»، متاح بألفي ليرة لبنانيّة في أقرب محل DVD، حاله حال عشرات الأقراص الممنوعة، لأسباب قروسطيّة. أحد الأفلام («مغامرات بريسكيلا ملكة الصحراء»، 1994) منع لأنّه «يسهم في تقبّل الشاذين والمتحولين جنسيّاً» حسب الأمن العام. لا يكفي وصف المثليين بالشاذين، بل منع الفيلم لأنّه «يسهم في تقبلهم». وهذه «كارثة» وطنيّة كبرى، إذ يجب أن تبقى هذه الفئة ضحية مسبقة لفئة أخرى لا تجد مكاناً آخر تفرغ فيه عنصريتها. وفيما تعج الشوارع بمحاربي العشائر «الأشاوس» في الضواحي، ويتقاذف اللبنانيون الموت شمالاً، يمنع Irreversible للإيطاليّة مونيكا بللوتشي والفرنسي فانسان كاسيل، لأنه «مخلّ بالأخلاق العامة». طبعاً، شاهده الجميع، كما شاهد شريط Déjà vu لدينزل واشنطن، فهذا الأخير صوِّر أحد مشاهده في «اسرائيل». وبطبيعة الحال، لم يكن أحد لينتبه إلى ذلك لولا الرقيب. وإن كان الجدل هنا يصبّ في خانة رفض التطبيع المجاني، فإنّ «معلّمة البيانو» (2001)، خارج هذا الإطار تماماً. لا علاقة له بسجال مماثل. قراءة فيلم المعلّم النمساوي مايكل هانيكي بعد أكثر من عشر سنوات على صدوره، وعرضه على طاولة النقد، لن تكون مجدية. مع ذلك، فهو ممنوع في لبنان لأنّه مصنّف في خانة الخطر.

تطول اللائحة لتشمل أكثر من ثلاثين شريطاً. نعود إلى الموظف العادي في الـ«فرجين» الذي يسخر من قرارات المنع من جهة، لكنّه يبدو سعيداً لأنّ أعمال القرصنة تراجعت أخيراً: فـ«سوريا هي مصدر معظم الأفلام المقرصنة. وبعد الثورة، تغيّرت الأمور». ينصحنا ألا ننتظر تطوّر الرقيب: «انتظار سوريا أسهل» وكما تعرفون، الدنيا صغيرة!

الأخبار اللبنانية في

03/08/2012

 

الرقابة «تتحرّش» بـ«مهرجان بكين»

يزن الأشقر  

لحسن الحظ أن لدينا بديلاً للسينما التجارية. مساحة تسمح لنا بالتجريب في الخيال والبحث في الواقع. إنّها السينما المستقلة، أينما وجدت، هي النافذة التي تمكّن المخرج من خلق رؤيته إلى الواقع، وتمكّننا من الاطلاع على هذا النتاج بعيداً عن سلطة المال المؤسساتي. قد يكون هناك اختلاف على تعريف «الاستقلالية» في السينما من بلد إلى آخر، لكن يمكن اعتبارها السعي إلى الحيز المستقل مالياً عن كل ما هو رسمي ومؤسساتي. في الصين، تعتبر الحركة السينمائية المستقلة من الأهم على الساحة العالمية، بما تقدمه من نظرة إلى الحياة اليومية والواقع الاجتماعي للعملاق الاقتصادي. وفي ظل الرقابة المسبقة التي تمارسها المؤسسة الرسمية من خلال الأفلام التجارية، تبدو الحاجة إلى سينما تقدم نظرة مغايرة مهمّة بالنسبة إلى محبّي الفن السابع ومتابعي الصين كقوة عالمية متسارعة النمو، سواء بالأفلام الوثائقية أو الروائية، خصوصاً مع قدوم الجيل السادس في التسعينيات وحركة الأفلام الوثائقية المستقلة والعمل خارج وصاية الدولة مع مخرجين أمثال وانغ بينجغ وزان يوانغ...

بطبيعة الحال، لم تسلم الحركات السينمائية المستقلة من الرقابة. وكما يجري عادة منذ الثورة الثقافية، تخضع الأفلام التجارية قبل عرضها لموافقة «الهيئة الرسمية للراديو والتلفزيون والسينما» التي تسلّمت المهمة من وزارة الثقافة في الثمانينيات. تتعرّض الأفلام المستقلة للحصة الأكبر من المنع، لما تتناوله من قضايا سياسية واجتماعية، والإضاءة على شخصيات مهمشة في الأرياف والمصانع. آخر هذه الفصول إغلاق النسخة التاسعة من «مهرجان بكين للسينما المستقلة»، أحد المهرجانات الصينية المستقلة المهمة التي تقدم النتاج المحلي والدولي من أفلام وثائقية وروائية وتجريبية. لم تكن تلك المرة الأولى التي يغلق فيها المهرجان. هذه السنة، جاء الاحتجاج الرسمي على عرض «بيض وحجر» لمخرجته هوانغ جي في افتتاح المهرجان. الفيلم الذي حاز أخيراً جائزة «النمر» في روتردام، يحكي قصة مراهقة تعيش في أرياف مقاطعة هونان مع أقربائها الذين لا يرغبون بها كما لم يرغب بها والداها. الفيلم المستقل الذي صور بممثلين غير محترفين، يبحث في الذكورية والتحرش الجنسي، وهو ما كان كافياً لمنعه. كان منظمو المهرجان قد تلقوا تهديداً بإلغاء المهرجان بسبب الفيلم، لكنّهم تشبّثوا بخيارهم. وخلال عرض الشريط، قُطع التيار الكهربائي. وكان بعض الأشخاص قد حاولوا منع الناس من الدخول، قبل أن يُطلب لاحقاً من الحضور المغادرة. وبحسب صحيفة «تشاينا تايمز»، فإن المنظمين حاولوا هذه السنة استباق الأمور عبر التحاور مع السلطة لوضع تفاهم. وقد استخدم هؤلاء ورقة أنّ هذه الأفلام أعمال فنية وليست تجارية، وبالتالي لا ينبغي أن تخضع لموافقة مسبقة من الهيئة قبل عرضها على العامة. لكنّ ذلك لم يجد آذاناً صاغية.

الأخبار اللبنانية في

03/08/2012

 

فؤاد حلواني... تأخّرت أيّها «المصوّر»

فريد قمر  

تأخّر فؤاد حلواني في انجاز فيلمه «المصوّر»، فسقط من برنامج «مهرجان السينما اللبنانية» الذي اختُتم أخيراً، ليحطّ في «مترو المدينة» (الحمرا) حيث عُرض قبل أيام. تأخر المخرج الشاب في انجاز شريطه، فحرم المراهنين على سينما لبنانية شبابية واعدة من نقاد وسينمائيين ومحبّي الفن السابع من رؤية فيلم يشي بجيل جديد يعرف كيف يخرج راضياً مرضياً من مغامراته السينمائية.

من قال إنّ الفيلم الجيد هو ذلك الذي ينتج حصراًَ بميزانية كبيرة؟ أو الذي يصوّر في مواقع عدة، أو حتى الذي ينجز بسيناريو قادر على الإمساك بالجمهور؟ فؤاد حلواني يقدم فيلماً صامتاً ينتمي الى المدرسة التعبيرية التقليدية، المدرسة التي نشأت في المانيا وتطورت في بريطانيا وتمذهب بها عشرات المخرجين ممن تركوا بصمة في السينما العالمية. ولعل آخر تلك الآفلام «خطاب الملك» لتوم هوبر الذي كان من أفضل الأعمال التي أُنتجت عام ٢٠١٠، ما قاده الى الفوز بأربع جوائز أوسكار من بينها جائزة أفضل مخرج. هذه السينما تبرز قوتها في التركيز على الممثل وتعبيراته الجسمانية، فليس تتابع الأحداث ما يبني القصة الدرامية بل تفاعل الممثل مع تلك الأحداث الذي قد لا يكون أكثر من حركة جسمانية. أما الكاميرا التي تلتقط تلك التفاعلات لتنقلها الى المشاهد، فتنسج علاقة بينها وبين تعابير الشخصية الأساسية في الفيلم قادرة على إدراك اعماق المشاهدين. وهذا تماماً ما أجاده حلواني في «المصوّر» الذي يقدم رجلاً يتقمص شخصية هتلر في جلسة تصوير. تمكّنت الكاميرا من إظهار جنون العظمة الذي يسيطر على الإنسان ويتحكم بتصرفاته. مرة تلو أخرى، يتحوّل الممثل حسين نخال من مشروع هتلر الى هتلر مكتمل الصفات: بتعابير وجهه. تحركات يديه. اهتزازات سبابته. وحتى بنظرته. يقدم الممثل اليافع أداءً مقنعاً لا يثبت أنّ الفيلم قدم لنا مخرجاً واعداً فحسب، بل ممثلاً من الطراز الرفيع. يستطيع المخرج بكلفة لم تتجاوز الألف دولار أن يقدم فيلماً مشغولاً بقدر عال من الإبداع، ويعرف تماماً كيف يبني شخصية فيلمه. كيف ينقلها الى المشاهد مع تناغم حاد بين كادرات الكاميرا والإطار الموسيقي الذي يحيط بها. هنا لا حوار. لا سيناريو، الفيلم صامت والكلام لحركات الجسد. والأهم أنّه لم يغرق في الإطالة التي لا لزوم لها. ١٤ دقيقة كفيلة بإيصال الرسالة وكافية ليقول المخرج لمتابعيه: أفسحوا لي المجال، فلي مكان هنا على الساحة.

فواد حلواني تخرج قبل عام فقط من «الجامعة اللبنانية الأميركية» وهذا الفيلم هو باكورته بعد مشروع تخرجه الذي حمل عنوان «صورة». لقد تأخّر حلواني في تقديم فيلمه ليعرض في «مهرجان السينما اللبنانية» الذي اختتم منذ أسبوع، إذ انتهى من وضع اللمسات الأخيرة على «المصوّر» قبل أيام فقط، وهو الآن يعتزم ارساله للمشاركة في أكثر من مهرجان في لبنان وخارجه. فهل يلفت الانتباه؟

الأخبار اللبنانية في

03/08/2012

 

محمد الأحمد: دعونا لا نشوّه الوقائع

محمد الأحمد الردّ التالي 

تعقيباً على التحقيق الذي نشرته «الأخبار» بعنوان «المؤسسة العامة للسينما: تصفية (الرأي) الآخر؟» (26/7/2012) حول فصل المخرجين أسامة محمد، نضال حسن، ونضال الدبس الذين اشتهروا بوقوفهم إلى جانب الحراك الشعبي في سوريا من الصرح الثقافي المعروف، جاءنا من المدير العام للمؤسسة

نشرت صحيفة «الأخبار» في عددها الصادر يوم الخميس 26 تموز (يوليو) 2012 ثلاث مواد متعلقة بـ«فصل ثلاثة مخرجين معارضين» من «المؤسسة العامة للسينما». وأحبّ أن أوضح هنا بعض النقاط المتعلقة بهذا الموضوع.

أولاً: القرار الصادر عن المؤسسة العامة للسينما الذي ينص على اعتبار المخرجين الثلاثة: أسامة محمد، نضال الدبس، نضال حسن، بحكم المستقيلين، هو إجراء إداري بحت ولن يكون له أي تأثير على العلاقة الإبداعية التي تربط المؤسسة بهؤلاء المخرجين، أي أنّه إذا تقدم أحد هؤلاء المخرجين الثلاثة بمشروع سينمائي جيد، فإنّ المؤسسة سترحب بتحقيقه.

ثانياً: القرار المذكور آنفاً تم اتخاذه تنفيذاً للأنظمة والقوانين المتعلقة بالعاملين في الدولة. صحيح أنّ الفنانين مستثنون من الدوام اليومي، ولكنهم يخضعون في كل ما عدا ذلك إلى قانون العاملين، مثلهم في ذلك مثل باقي الموظفين، أي عندما يسافرون خارج البلاد، عليهم أن يطلبوا إذناً وإجازة رسميين من إداراتهم، وينبغي أن يتركوا عناوينهم كي تستطيع الإدارة الاتصال بهم وتكليفهم بهذا العمل أو ذاك. في حالة مخرجينا الثلاثة، فهم متغيبون ليس عن المؤسسة فحسب وإنما عن سوريا كلها، ومن دون إذن أو إجازة أو عنوان إقامة معروف ولمدة تزيد على سنة ميلادية كاملة. لا أعتقد أنّ ثمة رب عمل، في الشرق أو الغرب، وفي القطاعات الاقتصادية المعروفة كلها: العامة والخاصة والمشتركة، يقبل أن يعطي رواتب لموظف غائب عن العمل والبلاد، ولا يعرف أين هو بالضبط، لمدة شهر واحد وليس لعام.

ثالثاً: لا صحة للرأي القائل بعدم قانونية القرار المذكور، فهو قرار قانوني مئة في المئة كما سلف وأوضحنا، أما ما هو غير قانوني فهو السكوت عن وضع المخرجين الثلاثة، وغيابهم الطويل وغير المبرر، واستمرارهم في تقاضي رواتبهم على رغم هذا الوضع الغريب والناشز. لقد اخترنا صيغة «اعتبارهم بحكم المستقيلين» لأنّها أهون إجراءات الإعفاء من الخدمة التي ينص عليها القانون وأخفها. ثمة إجراءات أقسى بكثير مثل: التسريح التأديبي والطرد. فحسب القانون: من يعتبر بحكم المستقيل يمكنه العودة إلى عمله خلال ستين يوماً من صدور القرار، ولكن ينبغي لهذا المستقيل أن يمثل أمام الإدارة ويضع نفسه تحت تصرفها. ولكن ليس هذا ما يريدونه، وإنما يريدون اتخاذ هذا القرار ذريعة للتشهير بالبلد والدولة. فالراتب السوري يقيناً لا يكفيهم في دولة حيث الحياة باهظة التكاليف مثل فرنسا ومصر، وأغلب الظن أن لديهم مصادر دخل أخرى يُسألون هم عنها.

رابعاً: لا صحة للرأي القائل بأنّ أفكار الشباب «الثورية» ومعارضتهم لنظام الحكم في سوريا هي السبب الحقيقي الكامن وراء فصلهم من المؤسسة. عندما أنجز أسامة محمد فيلميه «نجوم النهار» و«صندوق الدنيا» لم يكن موالياً، وإنما كان يصرح جهاراً نهاراً وعلى الدوام بأنّه معارض لحزب «البعث» العربي الاشتراكي على الرغم من أنه المخرج السينمائي الوحيد في سوريا الذي أوفدته القيادة القطرية لدراسة الإخراج. علاوة على أنّه قد أنجز فيلميه كما يريد ويشتهي. ولم تكن الإدارات المتعاقبة تلقى بالاً للانتماء الحزبي لهذا المخرج أو ذاك، ولا لأفكاره السياسية، حتى ولا لجنسيته، بدليل أنّها حققت مشاريع لسينمائيين غير سوريين مثل قيس الزبيدي، وتوفيق صالح وبرهان علوية وغيرهم. باختصار، كان همّ المؤسسة بناء سينما وطنية جادة، وهي لهذا كانت ترحب بأي مساهم موهوب في هذا التطلع.

مثلاً أسامة محمد وفي كل تصريحاته الأخيرة يهاجمني شخصياً. لكن اقرأوا ما كتبه ذات يوم في جريدة «الحياة» وأرسله لي بخط يده كي أحتفظ به للذكرى: «في عملي على «صندوق الدنيا»، كان الناقد السينمائي محمد الأحمد «المدير العام لمؤسسة السينما» صارماً في تطبيق القوانين المالية لصناعة الفيلم من دون محاباة ولا مراعاة للمعرفة والصداقة. أما في ما يتعلق بحريتي الفكرية والفنية، فلقد كان منفتحاً وديموقراطياً وحامياً لهذه الحرية بشكل حضاري». (مرفق بالمقال صورة عن النص المذكور بخط أسامة محمد ــ متوافرة على الموقع). أين الصدق وأين الكذب؟ هنا أم هناك؟

أيضاً لم يكن أسامة يكلّ من القول بضرورة مكافحة المحسوبيات والواسطات وتفضيل ذوي القربى في عمل المؤسسة، ولكن عندما شرع في تنفيذ «صندوق الدنيا»... حاولوا أن تلقوا نظرة على تترات هذا الفيلم وتحصوا أشقاء وشقيقات وأبناء أشقاء وشقيقات أسامة محمد الواردة أسماؤهم فيها. خذوا معكم آلة حاسبة، فأغلب الظن أنكم ستحتاجونها. مرة أخرى، أين الصدق وأين الكذب؟

أقول للأستاذ أسامة محمد الذي يتهمنا بالكذب مستنداً إلى عبارات رخيصة تشبهه: إنك شيخ الكذابين والمنافقين والناكرين للجميل. أقول له: إنك عديم الأصالة وشديد الإنسلاخ عن ضميرك ووطنك. عيب عليك تشويه الوقائع وتجوالك الرخيص في المهرجانات السينمائية تستجدي عطفاً لا تستحقه، وكلي ثقة أنّ الدولة الأوروبية التي تقيم فيها هذه الآونة، قد تسدد لك ثمن الإقامة والطعام والسيجار وفنجان القهوة في مقاهي الأرصفة المنتشرة بكثرة فيها، غير أن هذه الدولة لن تقدم لك علبة خام واحدة قد لا تكفي لتصوير مشهد سينمائي واحد.

يؤسفني أن أضطر للخوض في هذا النوع من الأحاديث والمناظرات، فهي تسبب السوء لمزاجي ومشاعري، ولكن كما يقال، من يقرع الباب، ينبغي أن يسمع الجواب. ومع ذلك فإنني أقول: «المؤسسة العامة للسينما» ليست سوى نسخة مصغرة عن بلدنا الحبيب سوريا. مثلما أنّ سوريا مفتوحة الأبواب لأبنائها المخلصين لها الذين يريدون إعمارها كي تكون أقوى وأكبر وأجمل، فإن «المؤسسة العامة السورية للسينما» مفتوحة الأبواب لكل السينمائيين السوريين، سواء كانوا من العاملين في المؤسسة أم من خارجها الذين يريدون النهوض بسينمانا الوطنية كي تكون أعمق وأرق وأروع.

* المدير العام لـ«المؤسسة العامة للسينما» محمد الأحمد.

في انتظار... غودو

بعد الوثيقة التي أرسلها لنا محمد الأحمد ونسبها إلى أسامة محمد، وكانت عبارة عن رسالة تحوي مديحاً أخوياً بحق الأحمد بسبب تعاونه أثناء تصوير فيلم أسامة الأخير «صندوق الدنيا»، حاولت «الأخبار» التأكد من صحة ما جاء في الرسالة، لكونها غير مرفقة بتوقيع شخصي من السينمائي السوري. أرسلنا الوثيقة إلى أسامة محمد قبل أسابيع عدة، فقال عنها في ذلك الوقت: «لا أذكر إن كنت قد كتبت مثل هذا الكلام. ربما كتبته ممازحاً ليس أكثر». وقد طلب مدة يومين لانشغاله ببعض الأمور. وحتى لحظة نشر هذه الكلمات، لم يقدم أسامة محمد رده الذي انتظرته «الأخبار» طويلاً، رغبةً منها في التأكد من صدقية كل ما يقدم لها من وثائق وصور خاصة.

الأخبار اللبنانية في

03/08/2012

 

مَن قَضى على الحلم «البديل»؟

محمد عبد الرحمن / القاهرة 

بعد أيام قليلة من شنّ الزعيم الإخواني عصام العريان هجوماً على اليسار المصري واتهامه بالحصول على تمويل من الخارج، أُعلن عن توقّف الموقع الإلكتروني لجريدة «البديل» اليسارية. الموقع الذي أسهم بقوة في الدعوة إلى «ثورة يناير»، شهد خلال الشهرين الماضيين توسعات هائلة بهدف تحويله إلى بوابة إلكترونية شاملة تمهّد لإطلاق الجريدة المطبوعة مرة أخرى. لكنّه تعرض لانتكاسة غير متوقعة.

بحسب خالد البلشي، رئيس تحرير الجريدة، فإنّ الممولين أبلغوه فجأة أنهم عاجزون عن الاستمرار. وكان البلشي قد تولّى مهمة الإبقاء على الحلم بعد رحيل مؤسس «البديل» المفكر الكبير محمد السيد السعيد؛ إذ إنّ التيار اليساري في مصر يعاني دوماً من غياب وسائل إعلام تدافع عنه، مع الأخذ في الاعتبار الحالة المتردية التي وصلتها المطبوعات الصادرة عن حزب «التجمع» اليساري. وكان فريق «البديل» قد انتقل قبل رمضان إلى مقرّ جديد مطل على نيل القاهرة ومزوّد بتجهيزات فنية ومكتبية هائلة بهدف الاستعداد لعودة الإصدار المطبوع في أقرب وقت، على أمل أن تعود جريدة اليسار إلى باعة الصحف. وكان أكثر من 100 صحافي وصحافية قد اختاروا العمل في التجربة، إيماناً بها قبل أي اعتبارات أخرى. لكن فجأة انهار كل شيء، وبدا أنّ الجميع قد وقعوا في الفخ من دون تمهيد، ولا تفسيرات. هل هناك ضغط يمارس على الممولين كي ينسحبوا بسبب وقوف الجريدة ضد الإخوان المسلمين؟ الثابت أنّ «البديل» الإلكتروني يصنَّف باعتباره أكثر مصادر الأخبار مهنيةً في مصر. هو لا يمثل حزباً معيناً ولا يرتبط بقناة فضائية، وممولوه لم يكونوا من رجال الأعمال المشاهير.

متوسط المعاشات التي كان يحصل عليها الصحافيون توازي نصف ما يحصل عليه أقرانهم في صحف أخرى لا تحظى بالاحترام نفسه من القارئ. لكنّ الأخير لن يفعل شيئاً لجريدة كانت الوحيدة التي تنشر أي مقال ممنوع في الصحف الحكومية. وهي الوحيدة التي كانت تهتم بالإضرابات والاعتصامات في أي مصنع أو شركة، وصولاً إلى «ماسبيرو» (مبنى التلفزيون الرسمي) حيث الوقفات الاحتجاجية لا تنتهي. لا يوجد في مصر ما يدعم تجربة اكتتاب القراء من أجل صدور جريدة تعبّر عنهم. في الوقت نفسه، لم يكن مستغرباً البرود الذي قابل به المهتمون بحرية الصحافة خبر توقف تجربة «البديل» لأسباب مادية، ربما لأن معركة معظمهم هي مع الإخوان المسلمين. لكن عندما تتوقف جريدة حرة لأسباب مادية، يصبح الرد «ما باليد حيلة». يؤمن صحافيو «البديل» بأنّهم عائدون حتى لو افترقوا ــ مؤقتاً ــ في صحف أخرى؛ لأنّ ما يجمعهم أكبر من أن يقطعه المموّلون. ولأن الدرس الذي تعلّموه منذ انطلاق التجربة، مروراً بكل العثرات التي واجهتها أنّه لا بديل من «البديل».

الأخبار اللبنانية في

03/08/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)