إذا كانت السينما هى التاريخ المرئى للشعوب، وعبر الشاشة الفضية يكتب
مبدعوها بالضوء صفحات النضال ضد الفساد والظلم، فإن عشاق الفن السابع
ينتظرون دائما أن تكون السينما على مستوى الحدث، ولذلك انتظروا عاما كاملا
إلا قليلا على خروج أعمال تعبر عن ثورة ٢٥ يناير، لكن خذلتهم الأفلام
الروائية الطويلة، ولم يظهر ذلك الحدث الذى أبهر العالم سوى فى ثلاثة أفلام
هى «صرخة نملة» لسامح عبدالعزيز و«الفاجومى» لعصام الشماع و«تك تك بوم»
لأشرف فايق وبشكل لم يرض النقاد أو الجمهور الذى عبر بطريقته عن رفضه فلم
تحقق إيرادات كبيرة.
وفيما خيبت الأفلام الروائية آمال عشاق السينما كانت الأفلام
التسجيلية والروائية القصيرة على مستوى المسؤولية فظهرت أفلام جادة مثل
«التحرير ٢٠١١ .. الطيب والشرس والسياسى» لثلاثة مخرجين هم عمرو سلامة
وتامر عزت وآيتن أمين و«مولود فى ٢٥ يناير» لأحمد رشوان و«نص ثورة» لعمر
الشرقاوى، فضلا عن فيلم «١٨ يوم» وهو عبارة عن ١٠ أفلام تسجيلية لعشرة
مخرجين منهم يسرى نصرالله ومحمد على ومروان حامد وكاملة أبوذكرى.
«المصرى اليوم» تفتح ملف السينما والثورة وتحاول الكشف عن أسباب غياب
السينما الروائية عن تناول هذا الحدث التاريخى وضعف الأفلام القليلة التى
تناولته، وأسباب تفوق الأفلام التسجيلية.
عمرو سلامة: «التسجيلى» كان بديلا لـ«الروائى»
المخرج عمرو سلامة الذى شارك فى إخراج فيلم «التحرير ٢٠١١» قال:
«الفيلم الروائى يحتاج وقتاً طويلاً بعض الشىء لكى يصل إلى تفاصيل الموضوع
أو الحدث الذى يتناوله، والثورة كحدث لم تكتمل ولم تنته بعد وحتى العناصر
الأساسية للدولة مثل الرئيس والجيش والقضاء تحتاج وقتاً حتى نحكم عليها،
ولذلك حل الفيلم التسجيلى محل الفيلم الروائى فى الفترة الماضية، خاصة أن
العمل التسجيلى توثيقى أكثر منه نقلاً لوجهة نظر المبدع. وأضاف سلامة: فى
فيلم «التحرير ٢٠١١» كنا نسعى لعرض وجهة نظر تتمثل فى أن كل شخص نزل ميدان
التحرير كان له هدف وأردنا أن نعرف هذا الهدف، وأثناء تنفيذ الفيلم تعلمنا
الكثير عن الثورة وكنا نكتشف كل يوم شيئاً جديداً ووجهة نظر مختلفة ونحاول
أن نوفق بينها وبين وجهة نظرنا الفنية وفى الوقت نفسه كان هدفنا توثيق هذه
اللحظات التاريخية الرائعة، وهذا بالضبط ما يسعى إليه الفيلم التسجيلى أو
التوثيقى.
بشير الديك: لم نشاهد فيلماً على مستوى الحدث
المؤلف بشير الديك قال: لم نر فيلماً يرقى إلى مستوى الثورة، أو
الأحداث، التى شهدتها مصر، وأمامنا فترة طويلة حتى نستطيع أن نعبر عن القيم
الحقيقية فى حركة الشعب والجموع السياسية، ولكى نصل إلى عمق الحدث، لأن
الفن السينمائى ليس فناً انطباعياً، ولكنه قائم على التحليل والتفكير
والبحث عما وراء الشكل الخارجى، فهو لا يكتفى بالظواهر.
وأشار إلى أن الثورة مازالت فى حالة سيولة وتحاول أن تكتمل فى مواجهة
كمية هائلة من «العكوسات»، فهى تشتد تارة وتضعف تارة أخرى، موضحاً أن
الثورة لم تف حتى الآن بوعودها أو تحقق أمنياتها.
وأضاف «الديك»: هناك روح جبارة هى التى حركت الثورة، وإذا استطعنا أن
نصل إلى مغزى هذه الروح سنصل إلى فن رائع وسينما ممتازة، وإلى جانب ذلك
الإنتاج السينمائى نفسه ليس مستقراً.
وأكد أن بعض الأفلام التسجيلية التى تم تقديمها عن الثورة متميزة
وفيها إحساس حقيقى، لكنها ليست كافية، لأن أى عمل فنى يحتاج معالجة، مشيراً
إلى أن الفنان يجب أن يكون على مستوى الحدث، والحدث نفسه لم يكتمل، فما ظهر
مجرد بعض التفاصيل لكن الملامح النهائية لم تتضح بعد.
محمد خان: ما تم تقديمه لا يعبر عنها
المخرج محمد خان قال: لا نستطيع أن ننكر أن هناك أفلاما تسجيلية وثقت
الثورة سواء على يد محترفين أو هواة، والثورة نفسها مازالت فى مهدها ويجب
أن ننظر حتى تكتمل لكى لا يكون الفيلم الروائى مجرد استغلال للثورة وتحقيق
المكاسب المادية.
وأضاف خان: الأفلام الروائية الطويلة التى تم تقديمها لا تمس الثورة
أو تعبر عنها من قريب أو بعيد بينما الأفلام التوثيقية كانت مهمة طوال
الوقت ولا يجوز أن تمر هذه الأحداث الهامة بدون توثيقها، فمثلا أحمد رشوان
قدم فيلما جيدا إلى جانب الفيلم القصير «١٨ يوم» الذى عبر عن الثورة ولكن
ليس بالقدر الكافى حيث تخلله بعض من العشوائية فى التفكير.
وقال خان: أنا شخصيا لا أستطيع تقديم عمل سينمائى ناضج فى الوقت
الحالى لكن هذا لا يعنى أننى أقوم بالحجر على الآخرين لأن لكل مبدع أفكاره
التى يسعى لتقديمها بطريقته.
طارق الشناوى: الأعمال الروائية ركبت الموجة
الناقد طارق الشناوى قال: الفيلم التسجيلى الوحيد الذى عرض تجاريا هو
«التحرير ٢٠١١» بينما باقى الأفلام الروائية التى حاولت الاقتراب من ثورة
٢٥ يناير كانت مجرد خداع وركوب على الموجة واستغلال الحدث ظنا من صناعها
أنه من الممكن تحقيق الرواج التجارى، ومن أجل اللعب على موجة قريبة من
الناس ولكنها فشلت. وأضاف الشناوى: حتى الآن ومع بدايات العام الجديد ليس
هناك فيلم يمكن أن نطلق عليه أنه ابن الثورة لأن العمل الروائى يعتمد على
الحقائق والسرد، وهذه الحقائق غير واضحة وليست هناك تفاصيل كاملة لأى شىء،
فإذا أردنا أن نقدم فيلما عن الساعات الأخيرة فى حكم مبارك لن نجد تفاصيل
لها، وما الذى دار فى القصر الجمهورى. وأكد أن دخول الدراما فى ثورة ٢٥
يناير كنوع من سرد الحدث مازال مبكراً، فالحقائق لم تعلن بعد ولم تصل
الثورة إلى نهاية محددة، موضحا أن كل ما يستطيع صناع الأفلام القيام به هو
استلهام روح الثورة بينما تقديم عمل متكامل عنها سيكون متسرعا مثل فيلم «تك
تك بوم» أو «الفاجومى» الذى توقف عند أحداث ١٨ و١٩ يناير ١٩٧٧ وانتقل فجأة
إلى ٢٠١١، وكان ذلك بمثابة قفزة غير مبررة فى الفيلم.
وقال الشناوى: من الممكن أن تخلق الثورة سينما بديلة بمعنى أن شركات
الإنتاج الكبرى لديها تخوف من رصد ميزانيات ضخمة لذلك ستظهر مشروعات بديلة
قد نجد فيها عملاً فنياً جميلاً وصادقاً لأنه لا يخضع للنجوم، ولأن مثل هذه
الأعمال ستعبر فى جزء منها عن رغبة حقيقية للمبدعين.
يسرى نصرالله: إذا لم أقدم فيلما وأنا منفعل بالأحداث فمتى
سأقدمه
المخرج يسرى نصرالله الذى شارك فى إخراج فيلم «١٨ يوم» وانتهى من
تصوير فيلم «ريم ومحمود وفاطمة» وكلاهما عن الثورة قال: أعتقد أن السينما
الروائية الطويلة تعانى بشكل عام من أزمة وارتباك وعدم استقرار، والأفلام
التى عرضت سواء قبل الثورة أو بعدها واجهت ظروفا صعبة، وهناك من يفكر بمنطق
أن الوقت مازال مبكرا على تقديم أفلام عن الثورة وأننا نحتاج أن نعرف «راسنا
من رجلينا»، رغم أن هناك حالة تجعل أى شخص منفعلاً وهذا الانفعال هو المادة
التى عادة تقدم من خلالها الأفلام .
وأضاف نصرالله: قدمت «ريم ومحمود وفاطمة» بشكل مفتوح وبدون سيناريو
وأحداث الفيلم تبدأ من بعد الاستفتاء على الدستور وحتى إجراء انتخابات مجلس
الشعب، والفيلم يطرح كل الأسئلة الموجودة فى أذهان الناس حاليا لأنهم حتى
لو كانوا ليسوا مع الثورة لابد أن نعرف آراءهم.
وأكد أن الأفلام التى قدمت عن الثورة ربما لم تكن على مستوى الحدث
لأننا كمواطنين لم نكن على مستوى الحدث الملىء بالتعقيدات والأسئلة، مشيرا
إلى أن ثورة ٢٥ يناير لا تحتاج إلى فيلم مثل «رد قلبى» الذى قدم عن ثورة
يوليو أو أفلام أكتوبر التى ليس من بينها عمل يعبر عن ذلك الانتصار العظيم.
وقال نصرالله: كلمة «لسه بدرى» على تقديم فيلم عن الثورة تجعلنى أشعر
كما لو أننا عاجزون، ولا يصح أن أكون منفعلا بحالة ولدى صور ومشاعر وأشخاص
حقيقيون وأحداث وكل هذه «اللخبطة» الموجودة والتى تعتبر المادة الخام للفن
ولا أقدمها فى فيلم، وإذا لم أقدم فيلما وأنا منفعل، فمتى سأقدمه.
وأوضح أن الأفلام التسجيلية تعتبر أساسية فى هذه المرحلة لأنها نابعة
من الثورة ومعبرة عنها، مؤكدا أنها مهمة للأجيال القادمة لكى يكون لديهم
مرجعيات وردود للأسئلة التى قد يسألونها عن الثورة وأسباب قيامها.
وأضاف نصرالله: أعتقد أن هناك أفلاماً معبرة عن الثورة مثل «ميكروفون»
لأحمد عبدالله و«أسماء» لعمرو سلامة لأن فيهما نزعة للحرية ويتحرر فيهما «البنى
آدمين» وتقول كيف إنهم يريدون كسر القيود.
عمرو عبدالجليل: فيلمى تمهيد للثورة
عمرو عبدالجليل، الذى قدم فى السنوات الأخيرة أفلاماً ذات أبعاد
سياسية، منها «دكان شحاتة»، الذى اعتبره البعض نبوءة بالثورة قال: الثورة
لم تنته بعد ولا نستطيع أن نقول رأينا فيها إلا بعد أن تنتهى تماماً، لأنه
من الممكن أن نراها بمنظور مختلف تماماً بعد اكتمالها، فتقييم أى حدث لا
يتم إلا بعد نهايته. ودافع عمرو عبدالجليل عن فيلمه «صرخة نملة»، الذى تعرض
فى مشاهده الأخيرة للثورة، وأضاف: نحن قدمنا «صرخة نملة» قبل الثورة، ولم
يكن فى نيتنا أن نضيف له أحداث الثورة، ولم نضف أى جديد للأحداث، بل
اختتمنا الفيلم بالتأكيد على أن هناك ثورة ستقوم ضد الفساد بمعنى أنه يعتبر
تمهيداً للثورة.
كمال رمزى: من الصعب التعبير عن حدث لم يكتمل
الناقد كمال رمزى قال: الأعمال الدرامية يأتى أوانها بعد فترة عكس
الأغانى والأشعار، التى تستطيع التعبير عن الحدث فى نفس اللحظة، فحتى الآن
لا نستطيع أن نحدد إذا كانت الثورة حققت أهدافها أم لا، وبالتالى لا يستطيع
أى مؤلف أن يرصد الحدث، ومن الصعب مطالبة السينما بالتعبير عن ثورة لم
تتبلور.
وأضاف «رمزى»: حتى الآن لم نعرف «رأسنا من رجلينا»، وهل سيتم التهامنا
من المجلس العسكرى؟ أم من ذوى الذقون والجلاليب البيضاء؟ أم ستسقط الثورة
فى «حجر» المتطرفين؟ فنحن لا نزال فى منتصف الطريق والمطالبة سهلة، لكن
التنفيذ صعب، وإن كان عدد الأفلام التسجيلية والوثائقية الموجودة لا يمكن
أن نجد لها مثيل فى الأفلام الروائية، فهناك مشاهد لا تخطر على بال أحد،
ولا يمكن أن يحققها مخرج تسجيلى، أو وثائقى، أو روائى، وأعتقد أنها ستحدث
نهضة لتغيير الأعمال الفنية، فهناك مشهد الشاب الذى يصعد فوق سيارة الأمن
المركزى لكى يبعد المياه عن المتظاهرين.
وأشاد «رمزى» بفيلم «التحرير ٢٠١١»، خاصة بالجزء الثانى منه «الشرس»
للمخرجة آيتن أمين، لأنه طرح سؤالاً مهماً حول الوقت الذى أدرك فيه ضابط
الشرطة الموجود فى الميدان أنه خسر المعركة أمام المتظاهرين، خاصة أن هذه
المنطقة ليست مطروحة، مؤكداً أنه عندما يكون السؤال جوهرياً حول لحظة إدراك
الهزيمة عند الطرف القوى يحدث تفجير للإبداع .
وقال «رمزى»: أعتقد ان الشباب الذى قام بالثورة هو الذى سينتج سينما
عظيمة تعبر ببلاغة عن الأحداث التى عاشوها.
عصام الشماع: أردت توثيقها وليس تقديم فيلم عنها
المؤلف والمخرج عصام الشماع صاحب فيلم «الفاجومى» قال: فن السينما فى
الأساس يعتمد على الإنتاج، والمشكلة أنه لا يوجد حاليا منتج لديه القدرة
على المجازفة بتقديم فيلم عن الثورة خاصة أن الثورات والأحداث السياسية
الكبرى لكى تتحول إلى أدب وفكر تتطلب نضج التجربة الفنية التى يقوم بها
المبدع والتجربة السياسية التى يقوم بها الشارع، وأعتقد أن الحكم حاليا فيه
نوع من التعجل، فضلا عن أن الأفلام التى تحدثت عن ثورة ٢٣ يوليو من إنتاج
الدولة.
وأكد الشماع أن مأساة فيلمى «الفاجومى» و«صرخة نملة» أنهما ارتبطا
بالثورة رغم أن هذا غير حقيقى لأنه تم البدء فى تصويرهما قبلها، مشدداً على
أن الفيلمين يعتبران تمهيدا للثورة لأنهما يتحدثان عن الزخم السياسى الذى
كان موجودا قبل ٢٥ يناير.
وعن تجربته فى فيلم «الفاجومى» قال: مشهد النهاية كان عبارة عن أغنية
«كل ما تهل البشاير من يناير كل عام»، وعندما قامت الثورة أردت توثيقها
وليس تقديم عمل عنها حتى يقول الناس بعد ٢٠ أو ٣٠ سنة إن «الفاجومى» وثق
الثورة.
وأضاف الشماع: الافلام التسجيلية التى تم تقديمها عن الثورة كانت جيدة
مثل «التحرير ٢٠١١»، وهذه الأفلام تعتبر توثيقية أكثر منها تسجيلية.
طارق عبدالجليل: قدمت عملاً محرضاً على الثورة
المؤلف طارق عبدالجليل قال: كتبت فيلم «صرخة نملة» سنة ٢٠٠٩ وتم
تصويره فى ٢٠١٠، ولم أتطرق للثورة إلا فى المشهد الأخير حينما ذهب البطل
إلى سيارة الرئيس فوجدها خالية، وكان هذا يعنى أن النظام فارغ وهش وفاشل،
وفيلمى لا يعد من أفلام الثورة ولكنه من الأفلام المحرضة على قيامها، وأذكر
أنه ضمن ما كتب عن الفيلم أنه لولا قيام الثورة لكان «صرخة نملة» من أجرأ
الأعمال التى قدمت فى عهد مبارك. وأضاف عبدالجليل: يجب ألا نظلم أى فيلم
سواء كان فيلمى أو أفلام الآخرين، فمثلا «الفاجومى» لا يتناول الثورة ولكنه
عن أحمد فؤاد نجم وهو فى حد ذاته حالة ثورية ومن المبكر تقييم أو خروج عمل
فنى عن الثورة، وليس من المعقول أن نحكم على «صرخة نملة» بأنه سيئ لمجرد أن
ناقد قال ذلك، فلم يعد مقبولا أن نسير وراء بعض النقاد ونهاجم الأفلام
بسببهم.
وأشار عبدالجليل إلى أن الثورة لم تكتمل والنظام السابق مازال يعبث
بها وموقف المجلس العسكرى غير واضح.
آيتن أمين: الأشخاص الذين صنعوا التاريخ أكثر وهجاً من
الممثلين
المخرجة آيتن أمين، التى شاركت فى إخراج فيلم «التحرير ٢٠١١» قالت: لم
أشاهد أيا من الأفلام التى تناولت الثورة ولا أستطيع أن أقول إنه ليس هناك
أفلام ستقدم فى الفترة المقبلة فى ظل وجود أفكار جيدة، فمثلا المخرج يسرى
نصرالله انتهى من تصوير فيلم «ريم ومحمود وفاطمة» ويتناول من خلاله أحداث
الثورة.
وأكدت أن الأنسب حاليا هو الفيلم التسجيلى لأنه بمثابة «التوثيق» وهو
أسهل بكثير من تقديم فيلم يحمل وجهة نظر ويقدم من خلاله المبدع إحساسه،
مشددة على أن هذه النوعية أكثر شكل فنى يعبر عن الثورة. وقالت آيتن: لدى
إحساس قوى بأن الناس الحقيقية أكثر تفوقا من الممثلين الذين سيقدمون
أدوارهم، فالشخص العادى أكثر جاذبية ووهجا من الممثل لأنه هو الذى صنع
الحدث وعاش تفاصيله. وأضافت: أريد تقديم فيلم روائى له علاقة بالثورة ولكن
بشكل غير مباشر، فمثلا فيلم «ميكروفون» يتحدث عن مجموعة من الشباب يتحدثون
طوال الوقت عن الثورة ولكن بشكل ضمنى.
المصري اليوم في
14/01/2012
الشعبطة على أكتاف يوسف شاهين!!
كتب
طارق
الشناوي
لاقى فيلم «كف القمر» للمخرج «خالد يوسف» هزيمة جماهيرية حيث
تضاءلت إيراداته وقبل أسبوع غادر الفيلم كل دور العرض بعد أن باءت محاولات
إنقاذه
بالفشل حيث ذهب عدد من نجوم الفيلم إلى دور السينما مثل «جومانة مراد» و«صبرى
فواز»
و«حسن الرداد»، إلا أن الناس ظل بينها وبين الفيلم حالة من البرودة.
أفلام
المخرج «خالد يوسف» تنسب إليه فهو من
المخرجين القلائل الذين يتحملون أمام الجمهور
مسئولية أفلامهم نجاحاً وفشلاً وبرغم أنه حصل مؤخراً على جائزة مهرجان
«وهران» فى
دورته الخامسة كأفضل مخرج عربى إلا أننى أرى أن هذه الجائزة لا يمكن أن
تخفف من
إحساسه بالهزيمة فى شباك التذاكر وعلى الفور وجد أن الحل هو أن يعلنها
صريحة مجلجلة
وهى أن الفيلم فشل مثلما فشل قبل نحو 55 عاماً فيلم أستاذه يوسف شاهين «باب
الحديد»، ثم أصبح بعد ذلك واحداً من أشهر أفلام السينما المصرية بل حقق
لمنتجه 001
ضعف ميزانية التكلفة!!
أرى دائماً أن من حق صانع العمل الفنى مهما بلغ
مستواه الدفاع عن الفيلم أو الأغنية التى قدمها ومن حقه أيضاً أن يلجأ لكل
الأسلحة
فى تجميل بضاعته على شرط ألا يستخدم سلاحاً واحداً باتت كل الأفلام الخاسرة
تلجأ
إليه، إنه شماعة فيلم «باب الحديد» ليوسف شاهين.. عندما يقدم فيلما تجاريا
وبرغم
ذلك يخاصمه الجمهور ولا يعثر له على أثر يذكر فى دور العرض على الفور
يقولون لك لا
تنس أنه أثناء عرض فيلم «باب الحديد» قبل أكثر من نصف قرن رشقوا السينما
بالحجارة
وربما يضيفون أيضاً أفلاما رائعة أخرى مثل «شىء من الخوف» إخراج «حسين
كمال» و«بين
السما والأرض» إخراج «صلاح أبو سيف» لم يحققا إيرادات، وبعد ذلك صارت هذه
الأفلام
هى الأهم فى ذاكرة السينما ويتابعها الملايين فى كل القنوات الفضائية
واستطاعت من
خلال أرقام البيع أن تضمن أيضاً الملايين لمنتجيها.. نعم هذه الأفلام
وغيرها حققت
كل ذلك لأنها تنطوى على قيمة فكرية وإبداعية وأيضاً رهان على السينما
بمختلف
مفرداتها فى السيناريو والتصوير والمونتاج والأداء والموسيقى، ولهذا لم
يتفاعل معها
الجمهور فى البداية لأنه لم يستطع أن يفك شفرتها بسهولة ولأننا كلنا ذ لا
أستثنى
عددا غير قليل من النقاد- نفضل أن نتعامل مع العمل الفنى الذى ألفناه
وتعودناه مع
اختلاف الدرجة.. نفضل حالة التنميط الفنى التى تجعل من الذهاب لمشاهدة
الفيلم أقرب
إلى رحلة استجمام وليست مخاطرة استكشافية.. إلا أن هذه الأعمال الفنية التى
ذكرتها
وأيضاً عددا آخر من الأفلام السينمائية لم يتسع المجال لذكرها تحمل وميضاً
خاصاً
يجذبك إليها.. هذا الوميض فقط هو الذى يدفعك لكى تشاهدها مرة أخرى لتكتشف
عمقها
وبعد ذلك تصبح هى الأقرب إليك وتشعر بحنين واشتياق دائمين إليها لتعاود
المشاهدة.. ولهذا اندهشت كثيراً عندما شاهدت واستمعت فى أكثر من لقاء
إلى المخرج «خالد يوسف» وهو يؤكد أن النقاد بعد عشر سنوات سوف يدركون ملامح
إبداعه
فى «كف القمر» مثلما اكتشفوا أيضاً إبداع «باب الحديد» الذى أصبح يحتل
دائماً
المكانة الأفضل ليس فقط فى تاريخ «يوسف شاهين» ولكن فى كل الاستفتاءات
الخاصة
بالسينما العربية، فإن «باب الحديد» له مكانة استثنائية وهذا بالطبع صحيح،
ولكن
فيلم «كف القمر» فى نهاية الأمر صنعه «خالد يوسف» وعينه مثل أغلب أفلامه
على
الجمهور بل كان هو صاحب الاقتراح بعرضه بين أفلام عيد الأضحى منافساً فيلمى
أحمد
حلمى «إكس لارج» وأحمد مكى «سيما على بابا». معتقداً أنه سوف يتفوق عليهما
إلا أن
المفاجأة هى أن فيلم «أمن دولت» الذى لعب بطولته «حمادة هلال» تفوق عليه
ليصبح
ترتيبه الرابع والأخير!!
لا شك أن فيلم «كف القمر» يحمل فكرة تعزف على وتر
حساس لما نعيشه الآن وهى صناعة الديكتاتور وكيف أن الشعوب هى التى تصنعهم
وهى التى
تكتوى بنارهم.. الشعوب العربية على أرض الواقع استطاعت أن تتخلص من
الديكتاتور
بينما فى الفيلم منحه المخرج فرصة أخرى لكى يقود الشعب مجدداً.. أعتقد أن
هذا السبب
وحده كاف لكى تخاصم مشاعر الناس «كف القمر».
«خالد يوسف» هو أخلص تلاميذ «يوسف
شاهين» هذه حقيقة إلا أنه لا يحق له أن يضع فيلم «كف القمر» فى مكانة «باب
الحديد».
قدم «يوسف شاهين» فيلماً يحمل روح المغامرة التى لم يألفها وقتها
الناس وقدم لهم «يوسف شاهين» نفسه بطلاً على الشاشة بينما هم انتظروا أن
يروا نجمهم
الشعبى «فريد شوقى».. كان الفيلم بمقياس تلك السنوات يسبح ضد التيار ولهذا
لم يأت
الناس إلى دار العرض، بينما نسيج فيلم «كف القمر» يسبح سينمائياً فى نفس
المياه
التى تعودها الناس فى السرد السينمائى ولكنهم خاصموه ولا أتصور أن جمهور
الزمن
القادم من الممكن أن يجد فى «كف القمر» ما يستحق أن يقدم له اعتذار!!
مجلة روز اليوسف في
14/01/2012 |