منذ مولد السينما المصرية، ومنذ عرفنا الأفلام الروائية الطويلة، ونحن
نسمع ونتحدث عن مصطلح "الأزمة" حتى أصبحت السينما المصرية والأزمة كلمتين
متلازمتين كالعسل الأسود والطحينة البيضاء، أو كالجبنة والحلاوة، وكأن
استدعاء أحدهما يستدعى بالضرورة الطرف الآخر.
كنت أقوم بترتيب بعض الكتب فى مكتبتى، فعثرت على كتاب ضخم أصدرته
وزارة الثقافة المصرية فى عام 1967عن دار الكاتب العربى. يحمل الكتاب الذى
تقترب صفحاته من 400 صفحة عنواناً هو ( 4 مؤتمرات)، ويتضمن النصوص الكاملة
لحوارات الدكتور ثروت عكاشة، وزير الثقافة وقتها، مع المبدعين فى أربعة
مجالات هى: السينما والمسرح والكتاب والفن التشكيلى، ومن خلال مؤتمرات
متتالية أراد عكاشة عن طريقها التعرف على المشكلات لوضع سياسات واتخاذ
قرارات لحلها.
المؤتمر الأول مع السينمائيين كان لمدة يومين فى أكتوبر عام 1966،
وحضره مبدعون ومنتجون ومسؤلون استمع إليهم وزير الثقافة السابق وناقش
أفكارهم.. وهناك 115 صفحة ممتعة من الكتاب مخصصة لمحضر حوارات عكاشة مع
السينمائيين كنت أتمنى أن أنقلها كاملة لدلالتها على العصر وعلى آراء
أصحابها وعلى تطور فكرة أزمة السينما مع ظهور القطاع العام السينمائى، ولكن
مالا يدرك كله لا يُترك كله.
سأختار هنا بعض الآراء لشخصيات مختلفة أثارت ضجة فى وقتها لأنها قيلت
بعفوية وتلقائية وصراحة، وأفضّل أن أترك لكم حرية التأمل والتعليق.
المهم أن ثروت عكاشة قال حرفياً بعد نهاية المؤتمر: "الظاهرة الغريبة
التى لاحظتُها اليوم وأمس أن هناك سوء إدارة فعلاً، والفرص غير متكافئة
فعلاً، ويجب أن نولى هذا الموضوع أهمية و نُنْصف كل الناس بمعدّل. لا أقول
هذا الكلام كشعار، ولكن أستعجب لماذا لا يكون هناك تنظيم فيه شئ من العدالة
بحيث نرضى أكبر قدر منا سواء عمال أو فنيين .. ليس من الضرورى أن تستحوذ
طائفة معينة على كل شئ ويجوع الباقين.إن هذا غير معقول فى مجتمعنا الذى
يُبنى على عدم استغلال الإنسان للإنسان".
وقال أيضا : " لن أعمل المعجزات ولكن سأعمل ما فى وسعى لتحقيق الأهداف
السليمة الصحيحة النقية التى تكلمنا عنها أمس واليوم ".
والآن أعرض بعض الآراء التى طرحت منسوبة الى أصحابها بدون تغيير
بالحذف أو الإضافة.
المخرج فطين عبد الوهاب
"هو لما سيادتكم قلتوا عن الأزمة المالية يافندم الموجود فيها المؤسسة
حالياً أعتقد أن سببها الرئيسى إن السينما المصرية من يوم ما بدأت اعتمدت
على 60% إيرادات من الخارج، 40% من الداخل – الـ60% من الخارج دول محددين
للبلاد التى تتكلم العربية..السوق ده دلوقتى لخلافات سياسية بينا وبين هذه
البلاد أو معظمها مقفول تقريباً، ولذلك قلّت الإيرادات فى الوقت الذى زادت
فيه التكاليف، فيه رأى بيقول نخفّض التكاليف عشان نوازن بين المصاريف
والإيراد. هذا الرأى سلبى ونتيجته حتكون إننا نعمل أفلام رديئة - أقصد أردأ
من الأفلام اللى احنا نصبوإليها - فيه رأى ثانى بيقول إننا نخرج من هذا
السوق لأن حل المشاكل السياسية دى قد يأخذ وقت طويل جدا، فعشان نخرج للسوق
العالمية، يجب إننا نعمل أفلام على مستوى عالى جدا، وفى الوقت نفسه النجوم
بتوعنا يكونوا معروفين فى الخارج، وده بييجى فى دور الإنتاج المشترك،
الإنتاج المشترك لو يجيبوا مثلا بطلته مصرية وبطله أمريكى، فيلم مثلا بطلته
إيطالية وبطله رشدى أباظة يتكلم طليانى ييجى ويمشى، آجى أنا أعمل فيلم
لرشدى مثلاً، وأعمل فيلم بخمسين ألف جنيه فقط، فهل أقدر أسوّق فى الخارج؟
لازم نبحث عن سوق جديد، وحتى البلاد الصديقة لها ظروف برضه تمنعها إنها
تشترى الأفلام بتاعتنا.السبب لهذا إن إحنا فى المرحلة اللى يجب فيها على
القطاع العام بالذات إنه يعمل أفلام اشتراكية وأفلام سياسية، هذه الأفلام
نعلم مقدماً إنها مش حيشتروها، يعنى مثلا فيلم ثورة اليمن مرضيوش يشتروه،
ذنب الشركة المنتجة إيه؟ هية لازم تنتج بالطبع..أقصد إنها ستخسر 70ألف جنيه
فى خبطة واحدة، وأنا أقترح إن الإتحاد الإشتراكى ينتج هذه الأفلام على
مستوى عالى جداً، وتتلاءم مع قيمة المواضيع اللى إحنا محتاجينها للتوعية،
الفيلم الثانى مكتوب كويس وموضوع كويس حتى لو كان فيلم استعراضى، فيه أفلام
فيها رقص وغناء، هذه الأفلام تخدم الناحية الإشتراكية، حيعمل الفيلم الشرقى
يضحك يرقص ليرد على الدعاية اللى بيقولها الإستعمار إن احنا عايشين فى كآبة
وفى حرمان وغيره وشكراً " .
الأستاذ كمال الشناوى:
"كلمتين باختصار بالنسبة لدور القطاع الخاص، قبل أن يُنشأ القطاع
العام، القطاع الخاص كان بيعمل حوالى 60فيلم فى السنة، هل بيستوعب جميع
العاملين من فنانين أو عاملين فى التصنيع السينمائى، ما كانشى فيه يمكن
مستويات كبيرة لكن القلة كانت جيدة ولحد ما قطعاً أفلام تُعرض فى مهرجانات،
تسوق تسويق خارجى، وكانت بتجيب معاها عُملة صعبة فى خزانة الدولة، دلوقتى
عشان نخلّى القطاع العام يعمل، ويعمل أفلام جيدة، الأفلام طبعا حتكون جيدة
ومش بالعدد الكبير اللى يمكن القطاع العام يقوم بيه، يعنى نقدر نقول نحدد
القطاع العام يعمل 20فيلم فى السنة، طيب المفروض إن احنا فى بلد إشتراكية
فيه جميع العاملين بالسينما الدولة توجد لهم العمل، ففيه إقتراح لتنشيط
القطاع الخاص، القطاع الخاص ممكن يكون تحت إشراف الدولة من ناحية القصة
والإخراج والتصدير، وفى هذه الحالة نكون فى تعاون مع القطاع العام بمساعدة
القطاع الخاص، دى تتأتى بحاجات كتير جداً.النظر فى الإمكانيات اللى هية
موجودة فى السينما زى الإسديوهات..الأجور عالية فيجب نشوف ليه الأجور
عالية، ليه الفيلم الخام غالى، ليه دور العرض لا تحاول إنها تعمل نسبة خاصة
للقطاع العام عشان يقدر يسهم مع الدولة فى اتجاهاتها، ولكن كمان للقطاع
الخاص إمكانياته، فى الأول كان بياخد الأستديو والبلاتوه، ويمضى على
كمبيالات، وكان كل واحد يقدر يدفع إلتزاماته كان بياخد ومكناش بنشتكى شكاوى
كثيرة لكن كانت العملية ماشية، فلو فكّرنا فى مساعدة القطاع الخاص عشان
يمشى دوره، أعتقد إن ده حل عشان ميكونشى فيه بطالة وشكراً".
المخرج حسن الإمام:
"إننى أحتج على ما ذكره السيد/السيد صلاح تهامى بأنه لا يوجد وعى
اشتراكى بين السينمائيين، لأن بعضهم أو معظمهم قد تمكن من الحصول على أكثر
من عشرة آلاف جنيه، ويؤسفنى كثيرا جدا أن أقرر أمام السيد الوزير الحقيقة
المؤلمة بأن هناك بعض السينمائين الكبار لا يجدون عملاً منذ أكثر من عام
نتيجة لسوء تنظيم الإدارة، ولم تمد الدولة لهم يداً بمساعدة مما اضطر هؤلاء
أن يبيعوا أثاث منازلهم وحاجياتهم فى المجتمع الإشتراكى الذى يعيشون فيه،
فى حين أن السينمائى المصرى أول من نادى بتطهير أرضنا الخضراء من الإقطاع،
وأول من نادى بالجمعيات التعاونية ، وحث على ضرورة وجود التعاون فى فيلم
الخرساء ...إلخ ، وأود أن أقول بأننا جميعا جمال عبد الناصر، وكلنا ثروت
عكاشة لأنه فنان، وإننى أخاطب فناناً، ولا أود أن ألقبه بالسيد النائب،
وإنما أقول له زميلى وأخى ثروت عكاشة لأننا نعيش فى مجتمع اشتراكى، والحل
الوحيد إننا ننتشر، ولا داعى للتضخم الموجود فعلا بين المخرجين
والسينمائيين، وإذا كان لدينا 250مخرجا فكيف تشغلهم الدولة ؟ إن هذا
مستحيل، ولابد من أن ننتشر فى العالم العربى والأجنبى ، فمن بيننا من لديه
ثقافة أجنبية كبيرة، ومنا من درس أصول السينما، يجب أن يكون هناك وعى
بالميزانية والإنتاج والصناعة.. ولا شك أن الإستاف الموجود فى الورش
والمعامل والموظفين يشكلون عبئا على ميزانية الفيلم نفسه فى الوقت الذى لا
توجد فيه وسائل مريحة للنوم والجلوس والمشرب بالإستديوهات، فالوعى
السينمائى للإنتاج الجديد غير موجود، وكما قلت إن القديم كالجارية يقل
ثمنها كلما كبرت..وفى رأيى أن يعاد النظر بالنسبة لتقييم أجور الفنانين
والمخرجين والممثلين.. إلخ، وأتمنى أن يظل باب سيادتكم مفتوحاً" .
الأستاذ حسن يوسف:
".. أقترح إنشاء بنك للسينما، وربما أتكلم أكبر من تفكيرى أو عقلى
ولكن هذا هو رأيى. نفرض أنه وضعت ميزانية للسينما مليون جنيه، نأخذ ربع
مليون تتحكم فيها الدولة لتعمل فيلمين أو ثلاثة على مستوى فيلم ثورة اليمن
وغيره من الأفلام التى تخدم الأهداف السياسية مثل قضية فلسطين أو قضية
اليمن، والتى يهمها أن تروجها لخدمة القضايا الوطنية، يتبقى لدينا ثلاثة
أرباع المليون، أرى إلغاء شركات القطاع العام فى الإنتاج ، والرجوع
للمنتجين الذىن يعملون فى مكاتبهم، وتشكل لجنة لبنك السينما من أشخاص نثق
فيهم تقر الموضوعات والسيناريوهات، ونعطى للمنتجين سلفيات ، ويوضع لهم حد
أدنى وحد أقصى، أى أن لجنة بنك السينما هى التى تحدد ميزانية كل فيلم، وبعد
أن ينتج الفيلم ويكسب منه المنتج، يعطى للبنك السلفية ونسبة معينة من
الأرباح، ثم يعطى البنك هذا المبلغ لمنتج آخر حتى يرجعها، وهكذا نجد
ال20ألفا مثلا تعمل فى السنة ثلاث مرات.. ويكسب البنك فى كل مرة 15% من كل
منتج. ربما يكون هذا الحل تافهاً ولكن هو رأيى وأشكركم".
الأستاذ رشدى أباظة:
"بالنسبة للإنتاج دخلت فى مجال الإنتاج وعملت ثلاثة أو أربعة أفلام،
لم أدخل كتاجر لأننى أساسا ممثل ، وكان عندى إتنين من الموظفين فى المكتب،
كانوا يقومون بالعمل الكافى حتى ينتهى الفيلم، وفى يوم من الأيام تعلمت من
الأستاذ حلمى رفلة شيئا ، قال إن المنتج الناجح ليس من الضرورى أن يكون
لديه مكتب، ويمكن وهو فى القهوة أن يعمل".
"ورداً على قيل من إن المنتج يشرب القهوة ويخرج، وما ذكره الأستاذ
سماحة، أود أن أقول إنه أيام القطاع الخاص كان هذا يحدث أيضاً، المهم أن
لدينا مديرين إنتاج على الرف، وأن مساعد إنتاج تجعله مسئولا عن أنتاج
الفيلم، لقد بدأت بـ150جنيه، وكنت أحاول فى كل فيلم أن أزيد ولو عشرة
جنيهات حتى وصلت الى ما وصلت إليه، كان أمامى فريد شوقى وشكرى سرحان، كنت
أجاهد وأحاول أن أكون أحسن منهم، وإلا لكنت قنعت بشهاداتى، وعملت فى أىّ
شركة، وكنت قد وصلت الآن الى رئاسة مجلس إدارة أى شركة أحصل على 250جنيه
وعربة فيات 2300.
"إن أىّ شخص يدفع للسايس قرشين صاغ، أما رشدى أباظة فلو دفع أقل من
عشرة قروش لبصق عليه السايس، إنى مضطر لأن يكون عندى عربتين، عربة عادية
وأخرى تبقى فى الخارج 28 يوما كل شهر ولا أركبها إلا ليرانى الناس بين وقت
وآخر فيها.هذه كلها تشكل تكاليف. إنى مضطر لأعمل 60بدلة كل موسم لأن أغلب
هذه البدل أمثل بكل منها فيلم ثم أتركها.
"إن لدينا ظروفاً معينة تجعلنا مضطرين لأن نعيش فى فخفخة بالنسبة
للسفر الى الخارج الذى تكلم عنه السيد حسن الإمام، ويدعى البعض أن الحكومة
تمنع السفر، إنى متأكد أن هذا غير سليم ولكن الملاحظ إنه عند سفر أىّ واحد،
نجد إن الصحافة المصرية تشتم فيه..لماذا ؟ إننى عندما أسافر وأعمل هناك
فإنما أمثل بلدى. إنى رشدى المصرى ، إنى سفير غير اعتيادى،وأذكر عندما
سافرنا الى برلين لحضور المؤتمر كان جيمس ستيوارت معه باسبور على أنه سفير
رسمى، كنت أنا وبدرخان والليثى عندما نذهب الى (الأفرو) نقسم ثمن التاكسى
سوياً، بينما جيمس ستيوارت يجلس فى سيارة مكشوفة فى موكب كبير وراءه عشر
عربات وحوله أربعين موتوسيكل. كان لديه إمكانيات.
"إننى أتوقع إذا سافرت الى برلين، وعندى عربة رولزرويس وسواق ومظاهر
لأمكننى الرجوع بالجايزة الثالثة.
"السينما كما قال توفيق الدقن همبكة ومظاهر وحداقة وليست روتين.. ونحن
كمصريين أبو الحاجات دى".
انتهت الإقتباسات، والمجال مفتوح للتعليق وطرح علامات الإستفهام
والتعجب أيضاً.
عين على السينما في
13/11/2011
"الشروق":
هل كان هناك "كاتب شبح" يكتب لشكسبير؟
نشرت جريدة "الشروق" المصرية ترجمة منقولة من وكالة الأنباء
الألمانية لمقابلة مع المخرج الألماني رولاند امريش حول فيلمه الجديد
"المجهولون" الذي يطرح الكثير من التساؤلات المتشككة تتعلق بشخصية وليم
شكسبير وأعماله. وهو الفيلم الذي وصفته "الجارديان" البريطانية بأنه عمل
"سخيف"
التحقيق يقول في افتتاحيته: "في هذا الفيلم يعيد إمريش نقاشا عمره
قرنين من الزمن موضوعه هوية شكسبير الحقيقية، إذ يدافع في فيلمه عن
الأطروحة التي تقول إن شكسبير لم يكن شاعرا مرموقا، بل معاصره إدوارد دفري
الذي كان ذلك. العديدون يعتبرون إدوارد دفري المبدع الحقيقي لأغلب أعمال
شكسبير".
أما الحوار فيسير كالتالي:
·
في مجال البحث يدور نقاش حاد
وانفعالي حول الهوية الحقيقية لشكسبير، ما تفسيركم لذلك؟
رولاند إمريش: إنه جدال مشحون بالعاطفة لأن كل جهة تدعي أنها تعرف
الكاتب الحقيقي. أنا أخذت مسافة بيني وبين هذا الجدال، لكنني في المقابل
أعتقد أنه لم يكن الشخص المنحدر من مدينة ستراتفورد أبون أفون. رغم ذلك أظن
أن النقاش يدور بدون تعصب وكل توجه له مرشح يدافع عنه. ما دام بقي هذا
النقاش مستمرا حول شخصية شكسبير فهذا أمر جيد، فالمهم على الإطلاق هو
الحديث عن شكسبير، فهذا الرجل ما زال يبهر العالم رغم مرور 400 سنة على
وفاته.
·
قبل هذا الفيلم الجديد ارتبط
إسمكم بأفلام الحركة الباهظة الكلفة. "المجهولون" فيلم يبرز فيه أداء
الممثلين، الأدب وكذا المسرح. هل يمكن اعتبار هذه العناصر هي التي شدت
اهتمامكم إلى هذا الموضوع؟
أسعد في كل مرة أعمل فيها مع الممثلين وأقوم بتصوير الحوارات. إنها
لحظات تغمرني فيها سعادة كبيرة. عندما أصور مشاهد الحركة فالمسألة تكونا
إحساسا على منوال "يا ربي، ليس مرة أخرى". ففي مشاهد الحركة يتعلق الأمر
بتصورات وبعناصر تم إعدادها مسبقا. فالمسألة مسألة عمل تقني مثابر. في هذا
النوع من الأفلام يصعب كذلك تحفيز الممثلين أن يقوموا بأدوارهم بشكل جيد
وجدي. هذا هو الشغل الرئيسي في أفلام الحركة.
الانتقادات الموجهة للفيلم
·
ماهي الانتقادات التي اطلعتم
عليها بخصوص الفيلم الجديد. نحن سمعنا كثيرا عن النقد الصادر عن المدافعين
عن شكسبير المنحدر من مدينة ستراتفورد أبون أفون؟
طبعا هم يشجبون الفيلم، لكنني أعتقد، إلى حد ما، أنه لا يمكن النيل من
الفيلم خصوصا على المستوى الترفيهي. أعرف جيدا أن التعامل مع الأفلام ذات
الشحنة التاريخية لا يحدث دائما على هذا الشكل. سأعطيكم مثالا لفيلم من بين
الأفلام العزيزة علي وهو "جسر على نهر كواي" (فيلم بريطاني من إخراج دافيد
لين سنة 1957مقتبس من رواية بيير بوليه تحمل نفس العنوان)، فالجسر التاريخي
الذي تم تدميره في الفيلم لا يزال قائما ولم ينفجر يوما.
·
أين تنتهي الحقيقة؟
قمنا باستثمار العديد من الحقائق التاريخية التي لها مرجعية واقعية.
لكن هناك أيضا عناصر تاريخية غير حقيقية تمليها علينا الضرورة الدرامية.
أعتقد مثلا أن روبيرات سيسيل (السكرتير الأول للدولة وموضع ثقة إليزابيت
الأولى) لم يكن يكره المسرح و أعتقد أن شخصية إسيكس (المتهم بالتآمر ضد
الملكة) شخصية أكثر تعقيدا لما عليه في الفيلم. مثال آخر: عشية تمرد إسيكس
فالشخصية التي تمت الإشارة إليها فيما مضى هي شخصية ريشارد الثاني وليس
ريشارد الثالث، لكن الإشارة إلى ذلك في الفيلم سيعقد الأمور، فالعديد من
الأمور التي عالجناها بشكل مختلف في الفيلم فعلناها لأسباب درامية.
هدف الفيلم
·
ماهي الفكرة الرئيسية للمشروع؟
هل الهدف هو طرح السؤال عن الهوية الحقيقية لشكسبير أم معالجة قضية التآمر
التاريخية في القصر البريطاني؟
في بداية كتابة السيناريو طفى إلى السطح وبدرجات متفاوتة البعد
الثلاثي للقصة بين أوكسفورد، شكسبير و بين جنسون (كاتب وشاعر وممثل إنجليزي
عاصرشكسبير). كان هذا هو جوهر الفكرة، والسيناريو كان في البداية قريبا جدا
لـ"أمندوس" (فيلم حول فولفغانج أمندوس موزارت أخرجه ميلوس فورمان سنة
1984). في هذا الفيلم تم طرح سؤال إن كان الموسيقار موزار نابغة أم لا. قلت
لجون أرلوف وهو كاتب سيناريو فيلمي: " هذا مشابه كثيرا لأمندورس"، حينها
أردت أن ننجز فيلما مخالفا فتحدثنا في الموضوع كثيرا حتى إقتنعت أن الفيلم
لا يجب أن يذهب في المقام الأول في إتجاه طرح السؤال حول هوية شخصية
شكسبير.
·
مالذي دفع بكم إلى الإعتقاد أن
شكسبير لم يكن المؤلف الحقيقي لأعماله الدرامية بل إدوارد ديفيري هو من فعل
ذلك؟
المسألة بمثابة أشهر رحلة صيد في ميدان الأدب، لكن لحدود الساعة لا
توجد هناك وثيقة واحدة أو على الأقل رسالة تم العثور عليها تزكي هذه
الأطروحة، أي أن الشخص المنحدر من مدينة ستراتفورد أبون أفون هو شكسبير
نفسه! في واقع الأمرهذا شيء سخيف: شخص كتب بغزارة ولم يترك أية رسالة!
·
هل تعتقدون أن الفيلم سيزيد من
اهتمام الناس بشكسبير؟
أعتقد أن الفيلم سيدفع الناس إلى الدخول إلى المكتبة أو الأنترنيت
وسيقولون: سأرى ذلك بنفسي الآن. بعدها سيحددون بأنفسهم هل سيتوحدون مع
الطرح الكلاسيكي أم الطرح الأوكسفوردي أو مع طرح آخر. هذا ما حدث لي شخصيا.
عين على السينما في
13/11/2011
السينما المكسيكية تفوقت على المصرية في
فهم أدب نجيب محفوظ
نشرت وكالة رويترز التقرير التالي لمراسلها في القاهرة في اطار
استعراض الكتاب الجديد الذي صدر عن مهرجان ابو ظبي السينمائي عن نجيب محفوظ
في السينما بمناسبة الاحتفال بمئوية الكاتب المصري الكبير.
يرى بعض النقاد أن السينما المكسيكية التي قدمت فيلمين عن روايتين
لنجيب محفوظ كانت أكثر صدقا وقربا الى أدب الكاتب المصري الحاصل على جائزة
نوبل في الاداب عام1988
من السينما المصرية.
وكان محفوظ أقرب الادباء المصريين الى السينما حتى ان الناقد اللبناني
ابراهيم العريس أطلق عليه "أديب السينمائيين وسينمائي الادباء" كما كان
أيضا الروائي الاوفر حظا في تحويل أعماله للسينما بل ان بعض أعماله أعيد
انتاجها.
ففي عام 1964 أخرج حسام الدين مصطفى فيلم "الطريق"عن رواية (الطريق)
التي قدمتعام 1986 بمعالجة أخرى في فيلم (وصمة عار) لاشرف فهمي الذي قدم
أيضا معالجة لرواية "اللص والكلاب" في فيلم "ليل وخونة" عام 1990 تختلف عن
فيلم "اللص والكلاب" الذي أخرجه كمال الشيخ في الستينيات وفيلم ثالث أنتجته
أذربيجان منذ سنوات بعنوان "اعتراف" عن الرواية نفسها.
وأنتجت السينما المكسيكية فيلمين عن روايتين لمحفوظ أولهما (بداية
ونهاية) الذيأخرجه أرتورو ريبستين عام 1993 و"زقاق المعجزات" عن رواية
بالاسم نفسه من اخراج خورخي فونس عام 1994 وقامت ببطولته سلمى حايك.
وقال العريس في دراسة ضمن كتاب (نجيب محفوظ سينمائيا) ان ريبستين رأى
المكسيك من خلال رواية محفوظ التي لم يجد صعوبة في تحويلها الى فيلم.
وأضاف أن محفوظ شاهد الفيلم ولمح "من دون أن يقول صراحة (الى) أنه
للأسف وجد أن هذا الفنان المكسيكي أي ريبستين قد فهم أدبه سينمائيا أفضل
مما فعل أي سينمائيعربي. تهذيب محفوظ الفائق منعه من قول هذا."
والكتاب الذي يضم دراسات ومقالات يقع في 160 صفحة متوسطة القطع وأصدره
مهرجان أبو ظبي السينمائي الشهر الماضي ضمن أنشطة دورته الخامسة التي احتفل
فيها بذكرى مرور100
عام على ميلاد محفوظ (1911-2006) وعرض ثمانية أفلام مأخوذة عن أعماله هي
(بداية ونهاية) و/بين السماء والارض/ لصلاح أبو سيف و/درب المهابيل/ لتوفيق
صالح و/الجوع/
لعلي بدرخان و (بين القصرين) لحسن الامام و/اللص والكلاب/ لكمال الشيخ
اضافة الى الفيلمين المكسيكيين (بداية ونهاية) لريبستين و/حارة المعجزات/
لفونس.
وقالت الكاتبة باث أليثيا جارسيا دييجو انها وقعت في هوى (بداية
ونهاية) واقترحت على زوجها المخرج ريبستين أن تعدها للسينما قائلة له "اذا
لم أعدها سأموت" وانها اكتشفت أن عالم محفوظ قريب منها مثل اي كاتب من
"بلدي وبلغتي".
وأضافت في مقال عنوانه (محفوظ.. روابط من الطرف الاخر) وترجمه السوري
رفعت عطفة أنها أعدت أعمالا لكتاب غربيين منهم الفرنسي جي دي موباسان
والنرويجي هنريك ابسن ولم يثر ذلك دهشة أحد الا أن الامر اختلف مع اعداد
رواية لكاتب من العالم الثالث.
وقالت "يغيظني أن يجد الناس غرابة في اعداد عمل مصري. أعتقد أن
التفسير الوحيد موجود في عوائق الفكر الاستعماري فالمرء يستطيع أن يتبنى
المركز. ينسخه. ينافسه.
لكنه لا يستطيع أن يفعل ذلك مع مثيله. مع فقير اخر من الاطراف".
وقال الناقد المصري كمال رمزي ان الفيلم المكسيكي (حارة المعجزات)
الذي أنتج بعد ثلاثة عقود على انتاج الفيلم المصري (زقاق المدق) الذي أخرجه
حسن الامام عن الرواية نفهسا "أقرب لعالم نجيب محفوظ ورواياته من الفيلم
المصري. وسلمى حايك تعبر عن (بطلة الرواية) حميدة على نحو أعمق وأصدق في
تجسيد شادية لها... سلمى حايك تفهمت واستوعبت شخصية حميدة بتكوينها الداخلي."
وأضاف في فصل عنوانه (نجوم السينما في سفينة نجيب محفوظ) أن كثيرا من
الممثلين المصريين تألقوا في أعمال محفوظ أكثر من غيرها بل ان بعضهم كتبت
له شخصيات محفوظ عمرا فنيا جديدا وباقيا ومنهم سناء جميل التي حقق لها فيلم
"بداية ونهاية" بداية حقيقية بعد عشر سنوات من الادوار الهامشية.
وسجل رمزي شهادة الممثل المصري الراحل محمود مرسي الذي أدى دور أحمد
عبد الجوادفي المسلسل التلفزيوني "بين القصرين" وقارن بين أدائه وأداء
الممثل المصري يحيى شاهين الذي أدى الشخصية نفسها في ثلاثة أفلام هي "بين
القصرين" و"قصر الشوق" و"السكرية".
وقال مرسي في شهادته "بدون تواضع أو غرور أقول انني خسرت هذه الجولة
أمام يحيى شاهين الذي يبدو كما لو أن نجيب محفوظ رسم هذه الشخصية خصيصا
ليتواءم معها يحيىشاهين. لقد كنت أبحث عن أحمد عبد الجواد بينما أحمد عبد
الجواد يبحث عن يحيى شاهين.
لا أظن أحدا يمكنه أن يغدو أحمد عبد الجواد على نحو يفوق يحيى شاهين لعدة
أجيال قادمة."
عين على السينما في
13/11/2011 |