حلّ المخرج المكسيكي ارتورو ريبستاين ضيفاً على
مهرجان أبو ظبي ليقدم في مسابقته الرسمية فيلمه الجديد "أسباب
القلب" من دون أن
يعرف أي رقم يحمله هذا الفيلم في سجل سينمائي كانت بداياته قبل نصف قرن.
المخرج
البالغ من العمر 68 عاماً، يكلمك ببعض المرارة وبالكثير من الحكمة، عن فنّ
يسكنه مذ
دخل الصالة المظلمة ولداً، وامتهنه حين اصبح راشداً، وكرّس له حياته من دون
مقابل.
بين الماضي العابق برائحة الذكريات والحاضر
الذي لا يعرف كيف يتماهى معه، جرى هذا
الحديث مع واحد من أبرز رموز السينما في أميركا اللاتينية.
في "دوافع
القلب"، يتحول خيار التقاط المشاهد بالأسود والأبيض (كاميرا: اليخاندرو
كانتو)
نوعاً من اعتراض على السينما الاستهلاكية
التي تعج بها الصالات في واقعنا الراهن.
ومع بعض التطرف الخفيف يمكن اعتباره عودة الى جذور السينما التي تربّى
عليها
ريبستاين وشرب من ينبوعها. هذه ليست المرة الاولى ينقل فيها حكايات من
أزمنة غابرة.
ما يصوّره هنا واقع ممسرح، فيه الكثير من
اللغة الأدبية، وهذا ما يمنعه من أن يرفع
الكلفة مع الحياة في فيلم قضيته الحياة، يعبره سؤال على شكل
هاجس: كيف نربح الحياة
وكيف نراهن عليها وكيف نخسرها. بيد ان مخرجنا العزيز يدرك هذا الفخّ،
ويمازحه بين
حين وآخر...
·
انت عصامي، تعلمت السينما من دون
ان تتابع دراسات أكاديمية،
وأخرجت فيلمك الأول، "زمن للموت"، حين كنت في الحادية والعشرين...
-
نعم، آنذاك
في المكسيك، لم تكن هناك معاهد سينما. كان والدي منتجاً وكنت اعتدت اصطحابه
الى
مواقع التصوير. في كلّ مرة ذهبت فيها معه، كان يجدني سعيداً، ومن خلال
زياراتي
المتكررة لاستوديوات التصوير، اكتشفتُ ان السينما ستكون مهنتي
الى الأبد، فباشرت
قراءة الكتب وارتياد الصالات المظلمة، وهكذا تعلمت
(...).
·
يُقال إن "نازارين" (1958)
للويس بونويل كان واحداً من أفلامك المفضلة، ثم التقيت بالمخرج وعلمت معه،
يا لها من مصادفة...
-
عملي مع بونويل اسطورة. المواقع الالكترونية تنقل هذا
الخبر، لكنها معلومة غير صحيحة. هذا يعيد الى ذهني ما قاله جون فورد: اذا
كانت
الاسطورة أفضل من الحقيقة، فاطبع الاسطورة. انذاك، كنت اطلب من
المخرجين السماح لي
بزيارة مواقع تصوير أفلامهم، فهذه كانت الطريقة الوحيدة لتعلم الاخراج.
بونويل كان
صديقاً لوالدي وتشاركا لسنوات حبّ الاسلحة والبنادق واطلاق الرصاص. اذاً،
طلبت الى
بونويل كما طلبت الى غيره من قبل أن اشاهده يعمل، وطبعاً كنت
شديد الاعجاب به، فسمح
لي بأن اراقبه، بين حين وآخر، وأنا جالس في زاوية من الستوديو. كان شيئاً
عظيماً أن
تشاهده يصور "الملاك المدمر" (1962). المشكلة انهم يقارنونني ببونويل بسبب
هذه
الكذبة، وهذه المقارنة تحمّلني اعباء كثيرة.
·
أكثر من 40 عاماً بعد "زمن
للموت" المقتبس من رواية لغبريال غارثيا ماركيز، اقتبست رواية أخرى لماركيز
"ليس
لدى الكولونيل من يكاتبه" (1999).. بين هذين الفيلمين ألم يكن لديك الفضول
لنقل
روايات أخرى لماركيز الى الشاشة؟
-
في الواقع، هناك اسباب عدة، أبرزها ان ماركيز
أصبح في غضون ذلك الروائي الاشهر على الأرض، وامطرته بلدان العالم بالجوائز
والتكريمات وصولاً الى نيله جائزة نوبل، فصار يصعب عليّ ان
اذهب اليه واطلب منه
حقوق رواية له. عملنا معاً مرات عدة، أولاها عندما اقتبست "زمن للموت" من
روايته.
كنت في العشرين وكان في الرابعة والثلاثين
وكان بمثابة جدّ بالنسبة إليَّ. كنت
اعرفه معرفة جيدة. عندما اقتبست "ليس لدى الكولونيل من يكاتبه"، الذي ساهمت
واحدة
من الشركات الكثيرة التي يملكها في انتاجه، جاء ليحضر الفيلم في عرضه
الأول، وعندما
خرج من الصالة، انتظرتُ أن يعلّق، لكنه لم ينطق بكلمة واحدة. حتى هذه
اللحظة، لا
أعرف ما رأيه في الفيلم.
·
ألم يجرحك هذا الشيء؟
-
لا، فعلت ما في وسعي.
عندما تترجم رواية من لغتها الاصلية الى لغة اخرى، تبقى الرواية على حالها.
الشيء
نفسه عندما تنقلها الى الشاشة. ربما تصبح الرواية اكثر شهرة، لكن هذا لا
يعود عليها
بالضرر، علماً ان هناك دائماً مَن يقارن بين الرواية والفيلم،
لمعرفة ايهما افضل.
اهم شيء في عملية نقل الرواية ألاّ تبقى وفياً لها. وإلاّ ما اهميتك كمخرج؟
عندما
اقتبسنا فيلمي الاول، عملنا معا باستمرار، ولكن حين أردت اقتباس "ليس لدى
الكولونيل
من يكاتبه" كان الشرط الوحيد لماركيز الاّ يتورط في أيٍّ من مراحل اتمام
الفيلم.
وقال انه لن يراه الا عندما يصبح جاهزاً
للعرض.
·
تقريباً نصف اعمالك اقتباسات.
للمناسبة، انجزت 47 فيلماً طويلاً، صحّ؟
-
اعتقد انني أنجزت أقل من ذلك. اذا
اخذت في الاعتبار الافلام القصيرة والوثائقية، فيصبح العدد
أكثر من ذلك بكثير.
بصراحة، لا اعرف ما عدد الأفلام التي أنجزتها في حياتي. تستلهم من حيث
تستطيع أن
تستلهم. الالهام موجود دوماً في مكان ما من هذا العالم، كل ما عليك فعله هو
معرفة
أين مكانه.
·
هناك نوعان من السينمائيين،
أولئك الذين يستوحون أفكارهم من الحياة
وحكاياتها الواقعية، وأولئك الذين تشكل السينما بالنسبة اليهم منبعاً
للافكار. أين
تموضع نفسك؟
-
من دون أي تردد، أقول لك انني تعلمت كل شيء من السينما. خلافاً
للرعيل الذي سبقنا، جيلي لم يعش الحياة العظيمة. مخرج كأميليو فيرنانديس
تورط في
الثورة المكسيكية. مثله جون فورد. لم يتأثر هؤلاء بالأفلام، لأن عددها لم
يكن
كثيراً في تلك المرحلة.
·
جيلهم أسس كل شيء من العدم...
-
بالتأكيد. ما
نفعله نحن اليوم هو نسخ ما صنعوه. اقول دائماً إنه علينا أن ننسخ بشكل جيد.
عليك أن
تكون لصاً بارعاً، وإلاّ تم القبض عليك...
·
عملية الاقتباس عندك لا تتناقض
مع
كونك مؤلفاً، أليس كذلك؟
-
لا اعتبر نفسي مؤلفاً. أنا حِرَفي، وإحاول أن اقدم
أفضل منتَج ممكن، مستعيناً فيه بأصابعي. ما أقدمه هو منتَج فحسب. أحبّ كلمة
سينمائي
مؤلف، لكن للأسف لستُ واحداً منهم. لا تستطيع أن تجلس على الاريكة وتقرر
فجأة أن
تصنع تحفة سينمائية خالدة. هذا لم يحصل معي في كل حال، لكن
ربما حصل مع آخرين.
النجاح ينتمي دائماً الى الآخرين.
·
أريدك أن تعترف ان سينماك ليست
سهلة
بالنسبة الى الجمهور العريض الباحث دائماً عن تسلية واستهلاك.
-
طبعاً، لكن هذا
لا يغيّر شيئاً (...). هذه طريقتي في العمل ولا اعرف غيرها. لم أحظ يوماً
بالنجاح،
لكن في المقابل نالت اعمالي التقدير.
·
جلوسك هنا الآن وحولك من يهتم
بك، أليس
النجاح في ذاته؟
-
لا أحد يعرفني هنا. أنت الوحيد عرفتني (ضحك). نجاحي كان
قليلاً جداً طوال حياتي. هذا يجعلك تقلق وتطرح على نفسك السؤال الأكثر
الحاحاً:
سأسعى لارضاء مَن؟ عندما تجد أن لا أحد حولك، تقول لنفسك: سأرضي نفسي. لذا،
أحاول
ان اصنع فيلماً تحلو لي مشاهدته واضع فيه كل ما اعرفه. انجاز فيلم هو فعل
حبّ، ما
عدا عندما تصنع فيلماً تجارياً، وطبعاً لست ضده، لكن هذه صنعة
لا امتهنها.
·
لكن، عندما ترى اليوم الاستحسان
الذي يناله مخرج مكسيكي مثل اليخاندرو غونزاليث
ايناريتو، كيف تبرر ذلك؟
-
ايناريتو لا ينجز الأفلام المكسيكية. فقط فيلمه الاول
كان مكسيكي الجنسية. لا يمكن صنع فيلم مكسيكي من بطولة براد بيت. أنا اصنع
افلاماً
مكسيكية، أما هو فلا. في النهاية، هذا لا يهمّ. اذا كان جيداً
في ما ينجزه، فهنيئاً
له النجاحات. ما اقوله ان من الاسهل أن تنال النجاح وانت تصور فيلماً مع
براد
بيت.
·
لعبة الاقدار وصعوبة الافلات من
مصيرها تطاردان افلامك باستمرار. ما قصتك
معهما؟
-
تعلمت كل شيء من السينما. موضوع المصير أخذته من فريتس لانغ،
وايضاً من
الاغريق. بالنسبة إليَّ، لا حياة خارج اطار الفنّ. الفنّ من الاشياء التي
تصمد أمام
الزمن. حتى اليوم يمكنك ان تقرأ كتابات سوفوكل، كما لو كُتبت أمس. لا اعرف
ما الذي
يبقى من السينما لأنها فنّ حديث. مضى أكثر من قرن على
اختراعها، وعدد الافلام
المرشحة للبقاء يعدّ على اصابع اليد. اذا كان هناك سبب واحد للمحافظة على
هذه
الافلام، فهو لدوافع انتروبولوجية. شيء عظيم أن يتاح لأحفادنا مشاهدة كيف
كانت تبدو
باريس في عام 1949 أو بودابست في الثمانينات، بغض النظر عن مستوى الفيلم.
الفنّ شيء
مخيف. الموهبة شيء مخيف. في ايامنا هذه، هناك اعتقاد سائد أن الشهرة هي
الموهبة.
هذا خلط فظيع وسهل بين شيئين مختلفين. مخرج ينال شهرة دولية يقنع الناس
بموهبته حتى
لو لم يكن موهوباً.
·
كيف يكون العمل مع شخص مقرب منك،
كالعمل الذي تقوم به مع
زوجتك مثلاً؟
-
مهنياً، ما من مشكلة. ذوقي متقارب مع ذوقها. أكثر الأمور
تعقيداً
في عملنا معاً هو الاستقرار على مشروع. مهماً كان الفيلم صغيراً، كالذي
أقدمه هنا،
فعلينا أن نتفق عليه أولاً. كل منا يعرف ما يحب الآخر. في المقابل، الصعب
في القضية
هذه، أن نعيش معاً تحت سقف واحد بعد أن نكون قد عملنا معاً. مشاركة القلق
المرتبط
بالعمل مع زوجتك غاية في الصعوبة. كل فيلم مغامرة تخوضها وهي
عرضة للانهيار في كل
لحظة، مراراً وتكراراً. لذا، عندما أعود الى المنزل واصارحها بمشكلة
مستعصية، أراها
تجنّ. في العلاقات "الطبيعية"، عندما يذهب الرجل الى زوجته طارحاً عليها
مشكلته،
تجدها تواسيه. أما أنا، فلا حقّ لي في ذلك!
·
فيلمك الجديد "دوافع القلب"،
تجري
حوادثه في جوّ غامض ومقلق وسوداوي جداً يثير الاحباط. هل سعيت الى اشاعة
هذا المناخ
منذ بداية تناولك المشروع؟
-
في الفيلم، امرأة على وشك أن تموت. وعندما تكون في
طريقك الى الموت، تشعر بالاحباط. المسألة تختلف بين ذكر وانثى. فالمرأة
تشعر بنفسها
في حال أفضل في الفضاء المفتوح، في حين يطمئن الرجل الى
الأماكن المغلقة. هذا فيلم
صغير صوّرناه في ثلاثة اسابيع. كذلك الأمر بالنسبة الى عدد الممثلين وأماكن
التقاط
المشاهد. لم أكن اريد للكاميرا أن تذهب الى
الخارج. أفلامي دائماً كارثية. في هذا
الفيلم كنت أطمح الى أن لا تكون الكارثة دموية.
·
أليست لعنة أن تكون مخرجاً من
المكسيك؟
-
ليس للمرء أي سلطة على هذا الشيء. انها مسألة خارجة على ارادتك
وخيارك. خلقت هناك فحسب، وكان هذا مصيري. المشكلة عندما تكون من بلدان
كهذه، أن
الناس تخلط بينك وما تسمعه وتراه عن هذه البلدان. أتكلم عما تراه في وسائل
الاعلام
المملوءة بالكذب والتضليل. هذا يقودك الى أن تبيّن للناس جوازك قبل أن
تريهم
موهبتك. عليك أن تشرح لهم من أين أنت كي يقبلوا بك. اذا كنت
مخرجاً من الشرق
الاوسط، ينتظرون منك ان تنقل في افلامك ما يقرأه الآخرون عن بلدك في الصحف،
وعليك
ان تقول رأيك، والا لن يهتموا بك. هذا أمر مروع، لأن الموهبة لا هوية لها.
لكن في
عصرنا الحالي، باتوا يروّضون الموهبة، كي تتناسب مع معتقدات
سائدة ومعلبة، وإلا
وضعوك جانباً. شخصياً، لا تهمّني الآراء. الرأي شيء سطحي جداً، وهو يتغير
في كل
لحظة.
انتهى العالم حيث ولدت وترعرت وشعرت انه سبب سعادتي. عندما كان يُحكى
ان
العالم سينتهي في العام 2000 بحسب توقعات نوستراداموس، كان هذا صحيحاً: لم
ينته
مثلما كان متوقعاً، أي بالزلازل والكوراث الطبيعية، لكنه انتهى
مثلما توقعه ت. س
أليوت: بتأوه وليس بانفجار. الآن لدينا عالم حواسيب، ولديك الـ"أي باد"،
وهو اختراع
عظيم، لكن ذاكرته محدودة. عندما كنت طفلاً، كان عليّ أن أحفظ عن ظهر قلب 24
رقماً
تلفونياً وعناوين الكثير من الناس، وأسماء العديد من الكتّاب وأعمالهم.
الثقافة الى
زوال، لأن الناس باتوا يخلطون بينها وبين المعلومات.
·
برغم ذلك، لا تزال تؤمن
بالحبّ، أليس كذلك؟
-
الحبّ احساس نبالغ فيه كثيراً. الحبّ يعزلك عن المجتمع
ويخيفك. الانسان الذي يحبّ هاجسه الآتي: أنا وحبيبي، ولا شيء آخر يهمني ولا
آبه اذا
انهار العالم من حولي. بعد فترة يتحول الحب ألفة، ثم صداقة، والصداقة تدوم،
خلافاً
للحب الذي ينطوي على مسألة مرعبة وهي الخيبة. في الصداقة هناك
الكلام والحوار بين
اثنين؛ في الحبّ لا حوار، بل مونولوغان.
(hauvick.habechian@annahar.com.lb)
نقد
"لدينا
حبرٌ أعظم" لناني موريتي: اللباس لا يصنع
البابا!
كثيرون يحلمون بحكايات مماثلة، فقط شلة من السينمائيين توظف الجرأة
والموهبة لنقلها الى الشاشة. ناني موريتي من هؤلاء. هو ايضاً من الذين
يبقون دائماً
على عتبة الجرأة، أو في تعبير أدقّ: على الحدّ الفاصل بين المتاح سينمائياً
و"المحظور" اجتماعياً واخلاقياً ودينياً.
أفلامه تتبلور على مستويين متوازيين:
أولاً، النقد اللاذع للبورجوازية الصغيرة التي جسدها أكثر من مرة من خلال
كاراكتير
المثقف الذي يستعمل صيغة الجمع للتكلم عن نفسه. ثانياً، التأمل السياسي في
أحوال
ايطاليا، الذي عمّقه في "التمساح" (2006). قبل فترة، عندما
سمعنا انه ينوي انجاز
"لدينا حبرٌ أعظم" (عُرض في مسابقة الدورة الأخيرة من مهرجان كانّ
السينمائي) الذي
يستقي موضوعه من كيفية انتخاب بابا الفاتيكان، أدرك مَن يعرف اعماله جيداً،
ان
التعرض للكنيسة أو لمقدساتها، سلباً أو ايجاباً، لن يكون من مشاغله.
اذاً،
القصة على قدر معيّن من الغرابة: فبعد موت الحبر الأعظم، يجتمع الكرادلة
ويصوّتون
لخلف له، فيما آلاف المؤمنين ينتظرون في ساحة مار بطرس صعود الدخان الأبيض
واعلان
هوية البابا الجديد. لكن يبدو ان هناك مشكلة وجودية كبيرة يعاني منها رأس
الكنيسة
الكاثوليكية المنتخب للتو. فالكاردينال ملفيل (ميشال بيكولي في
أداء مدهش) الذي
سيحمل اسم سيليستين السادس، غير مستعد اطلاقاً لتولي هذا المنصب. سرعان ما
نراه يقع
في احباط كبير، نتيجة عدم جهوزيته في تحمل مسؤولية من هذا الحجم.
هنا، وبعد
سلسلة مشاهد تكشف التجمع والانتخاب، وهي لقطات صوِّرت في الفاتيكان وتحمل
سمات
وثائقية، يدخل موريتي على الخطّ. يأتي الى الفيلم حاملاً تحت ابطه مهمتين.
المهمة
الاولى اخراجية، وتكمن في خربطة الامور وأخذها الى أبعد من
مجرد النكتة أو الحكاية
المحبوكة ضد رجال، حياتهم منظمة تنظيماً مملاً في بعض الأحيان. أما المهمة
الثانية
فهي تمثيلية وتقتصر على الاضطلاع بدور المعالج النفسي (البروفسور بريزي)
الذي ينبغي
له ايجاد العلاج المناسب للكاردينال ملفيل كي يخرج الى الشرفة
والقاء التحية على
مَن ينتظر منه تلك الحركة. اذاً، يضع الفيلم موريتي أمام مهمتين، واحدة
تتناقض مع
الأخرى: كممثل عليه أن يجد الحلّ، وكمخرج ننتظر منه أن يعزز المشكلة قدر
المستطاع
لتحميلها معاني تخرج الفيلم من جدران الفاتيكان، فور خروج
ملفيل الى الشارع
الروماني، حيث لقاءات اخرى ستحسم قراره الأخلاقي.
بطرافته الايطالية التي تصفع
بيد وتداعب بالأخرى، ينجز موريتي فيلماً لا يسعى الى احداث
الجدل أو الحركشة في وكر
دبابير. لذلك، لم يزعج الفاتيكان، لأنه لم يتعرض للكرادلة بقدر ما تعرض
للانسان
الذي في داخلهم ولتأثيرهم في المؤمنين. اذا عدنا الى سجل موريتي السينمائي،
فلا بدّ
أن نلاحظ أن الشعار الذي يرفعه المخرج والممثل الايطالي هو الآتي: "اللباس
لا يصنع
الراهب". انطلاقاً من هذا المبدأ، يحاول موريتي في شريطه هذا أن يسترق
النظر خلف
الستار. أن يقتحم بكاميراه كواليس الشؤون الكنسية وان يحجز أمكنة للمشاهد
الى طاولة
الاجتماعات السرية. هذا هو العالم الذي يُدخلنا فيه موريتي: مساحة مغلقة
على العيون
والآذان، يفتحها الفيلم على مصراعيها، من دون أن تجرفه الغريزة
السجالية الى احداث
فوضى في ارجائها بغية الاستمتاع بالانهيار الكبير للهيبة. مشروع موريتي هنا
مدروسٌ
بقدر ما يبدو عالم الكرادلة محسوباً ومؤسلباً.
في "لدينا حبرٌ أعظم" تولد
السخرية من تلقائها. حركة كاميرا من هنا، طرف حديث من هناك،
وتشق الدلالات طريقها
الى عقل المشاهد. هذه السخرية ثمرة المواجهة بين عالمين يحرص نصّ موريتي
على وضع
الواحد منهما في صراع مع الآخر. هناك الداخل، اي كل ما يتعلق بالأمكنة التي
تتخذ
فيها القرارات المهمة، وهي أمكنة مظلمة لا يدخلها النور الا
نادرا، وهناك الخارج
المجسد في الحشود، وهؤلاء يتلقون ولا يد لهم في صناعة القرار، لكنهم
يتمتعون بحرية
التحرك والكلام. شخصية موريتي هي صلة الوصل بين العالمين. رمزيتها تقودنا
الى جوهر
السينما في ذاتها، من خلالها نسأل أنفسنا: "أي من العالمين
أكثر حرية وايماناً؟".
أكثر ما قد يثير اعجاب المُشاهد في نظرة موريتي الى عالم الكرادلة،
النظرة في
ذاتها، المملوءة بالقسوة والرقة. هي نظرة تحرر ولا تدين. فالنحو الذي يصوّر
به
بيكولي حمّال أوجه، لكن الحنان الذي يوظفه في كل حركة ترافيلينغ يقوم بها
في اتجاه
وجهه، لا يخفي سخطه من السلطة التي يمثلها الحبر الأعظم وتأثير
تلك السلطة في آلاف
المواطنين. شيئاً فشيئاً، يتخلص الفيلم من طموحاته الهزلية التي كادت توقعه
في قعر
الكوميديات، ليقدم دراسة انسانية عاقلة عن معنى أن تتحلى السلطة بأقل قدر
من
المسؤولية حين تكون نوعاً من نموذج أخلاقي للآخرين.
هـ. ح.
النهار اللبنانية في
10/11/2011
تخلت عن مساحيق التجميل تماما لإقناع المشاهدين
هند صبري بالشعر الأبيض لأجل مريضة بالإيدز
سامي خليفة -
mbc.net
تخلت الفنانة التونسية هند صبري عن مساحيق التجميل تماما، بل استعانت
بخصلات شعر بيضاء لتجسيد شخصية "أسماء" في الفيلم، الذي يحمل الاسم نفسه،
وهي مريضة بالإيدز في محاولة للوصول إلى الشكل الطبيعي للشخصية.
وفي تصريحات خاصة لـ
mbc.netقالت
هند صبري: إنها كانت تخضع يوميا لأنامل الماكييرة "جو ألين" لمدة أربع
ساعات حتى تخرج ملامحها بشكل يتناسب مع مريضات الإيدز، وكذلك بصبغ شعرها
باللون الأبيض، مشيرة إلى أنها لم تهتم كثيرا بالتخلي عن جمالها من أجل
الدور.
وأضافت الفنانة التونسية أنها تعرضت لإرهاق نفسي كبير خلال هذا العمل،
الذي وصفته بالنقلة الفنية في حياتها، نظرا لتركيبته الصعبة، وكونه يتناول
العديد من القضايا الهامة والشائكة التي لا تخص المجتمع المصري فحسب بل
العربي ككل.
وأعربت الفنانة التونسية عن سعادتها بردود أفعال النقاد والصحفيين
الذين شاهدوا الفيلم خلال عرضه بمهرجاني أبو ظبي السينمائي الأخير ومهرجان
لندن.
وأكدت أن الفيلم تلقى دعوات للمشاركة في مهرجانات أخرى، وهو ما يؤكد
أن الفيلم يحمل رسالة مختلفة ومغايرة، لذا تتمنى أن يغير الفيلم من نظرة
المجتمع لحاملي فيروس الإيدز.
من ناحيته، قال الفنان ماجد الكدواني -الذي يشارك في بطولة العمل-: إن
حصوله على جائزة أحسن ممثل عربي عن دوره في فيلم "أسماء" من مهرجان أبو ظبي
حمله مسؤولية الحفاظ على هذا النجاح، خاصة أنه يعتبر الشخصية التي قدمها
دور عمره.
يذكر أن فيلم "أسماء" شارك في بطولته ماجد الكدواني وفاطمة عادل وهاني
عادل وسيد رجب وأحمد كمال، عن قصة من تأليف وإخراج عمرو سلامة.
الـ
mbc.net في
10/11/2011
3
ملايين جنيه إيرادات «إكس لارج» ..وسقوط «أمن دولت»
كتب
غادة طلعت
بالرغم من تقلص عدد الأفلام المطروحة فى موسم عيد الأضحى من سبعة
إلى أربعة أفلام فقط هى «كف القمر» لخالد يوسف و«سيما على بابا» لأحمد مكى
و«إكس
لارج» لأحمد حلمى و«أمن دولت» للمطرب حمادة هلال، إلا أن
الإيرادات جاءت جيدة ففى
اليوم الأول من عيد الأضحى حقق فيلم «كف القمر» إيرادات بلغت 270 ألف جنيه
ويحمل
الفيلم طبيعة مختلفة خاصة أنه بعيد عن الكوميديا وتدور أحداثه فى إطار
اجتماعى
تراجيدى حول قصة لخمسة أشقاء تفرقهم الظروف بعد وفاة والدهم
وتظل الأم «قمر» تحلم
باتحاد الأشقاء الخمسة وترفض أن يعود إليها واحد بمفرده إلى أن تموت قبل أن
ترى
اتحاد الخمسة وقام بكتابة السيناريو ـــ الذى يحمل إسقاطات سياسية ـــ ناصر
عبدالرحمن والبطولة لوفاء عامر وخالد صالح وصبرى فواز وحسن
الرداد وغادة عبدالرازق
والسورية جومانا مراد. وحقق فى اليوم الثانى للعيد 470 ألف جنيه ومن خلال
المقارنة
على قائمة الإيرادات ثبت أن الكوميديا تكسب خاصة فى موسم الأعياد.
وثانى فيلم استقبلته دور العرض السينمائية فى العيد هو «سيما على
بابا» الذى يقوم ببطولته أحمد مكى ويشاركه البطولة لطفى لبيب وحاولت أن
تلعب إيمى
سمير غانم دور البديلة لشقيقتها دنيا التى تقاسمت مع مكى كل
نجاحاته السينمائية
السابقة وقام بالإخراج أحمد الجندى وحقق فى اليوم الأول مليونًا و690 ألف
جنيه وذلك
قبل أن يكتشف الجمهور طبيعة ومضمون الفيلم الذى يبدو مشوقا ومختلفا من «البرومو»
الذى تم عرضه قبل طرح الفيلم فى دور العرض إلا أن النتيجة لم تكن متوافقة
بالمرة مع
التوقعات وتعرض الكثير من المشاهدين لصدمة كبيرة من الفيلمين اللذين قدمهما
مكى
الأول بعنوان «حزلقوم فى الفضاء» وهو يحمل نفس فكرة فيلمه
السابق «لاتراجع ولا
استسلام» حيث يلجأ رئيس وزراء كوكب ريفو حزلقوم ليحل محل رئيس الكوكب بعد
أن تم
قتله نظرًا للشبه الكبير بينهما وتبدأ الإسقاطات على الفساد والمحسوبية
والتضليل
الذى عاشه الشعب المصرى قبل ثورة 25 يناير.
والفيلم الثانى يمكن أن يطلق عليه فيلم للأطفال خاصة أنه أقرب
لمسرح الأطفال ويجسد فيه مكى شخصية «ديك البرابر» المكلف بحماية المزرعة
التي تعيش
فيها الفرخة التي تقوم بدورها إيمي سمير غانم والكلب الذي يقوم
بدوره لطفي لبيب
والأرنبة التي تقوم بدورها بدرية وحقق الفيلم في اليوم الثاني لعرضه
مليونًا و200
ألف جنيه محققا تراجعًا كبيرًا أمام فيلم أحمد حلمي «إكس لارج» الذي منح
لمكي فرصة
كبيرة دون أن يتعمد ذلك خاصة أن حلمي طرح فيلمه في دور العرض
السينمائية في وقت
متأخر من اليوم الأول للعيد بـ15 نسخة فقط في حين أن فيلم مكي تخط 60 نسخة
ولهذا
حقق حلمي في اليوم الأول إيرادات لم تتخطي 470 ألف جنيه بينما استعاد
توازنه في
اليوم الثاني وحقق في هذا اليوم 2 مليون و800 ألف جنيه ويتوقع
أن يحقق في اليوم
الثالث ثلاثة ملايين بينما يواصل مكي تراجعه في الايرادات بعد أن اكتشف
الجمهور
حقيقة فيلمه.
ويأتي فيلم «أمن دولت» الذي تم طرحه في اللحظات الأخيرة بعد
أن أعلن الجميع أنه لن يلحق العرض في العيد، ولكنه استطاع أن يحقق ايرادات
جيدة وفي
اليوم الأول حقق 650 ألف جنيه واليوم الثاني حقق 770 ألف جنيه
خاصة أن مضمونه يناسب
الأسرة وتدور الأحداث في إطار كوميدي عن مغامرات ومواقف طريفة بين ضابط
وخمسة أطفال
بعد تكليفه بحراستهم وحمايتهم وتشاركه البطولة الشابة شيري عادل ومن اخراج
أكرم
فريد.
روز اليوسف اليومية في
10/11/2011 |