- من يذكر "توماس إدوارد لورنس"، الضابط البريطاني المكلف بإدراة
وتنسيق العلاقات مع قيادة "الثورة العربية" على الاتحاديين الأتراك في
الحرب العالمية الأولى، والشهير بـ"لورنس العرب"؟
قلائل- ربما- هم من يذكرونه اليوم بعدما توارى في عتمة سجلات أرشيف
تاريخ الإمبراطورية البريطانية العظمى، ضمن قائمة جواسيسها وضباط مخابراتها
ومستشاريها العديدين الذين عملوا في البلاد العربية بأقنعة مختلفة لخدمة
سياساتها الاستعمارية. لكن قناة فضائية عربية ذكرتنا به حينما عرضت قبل مدة
فيلم المخرج الكبير الراحل "ديفيد لين" "1908- 1991" عنه، بل بالأحرى عن
كتابه: "أعمدة الحكمة السبعة".
كنت قد شاهدت الفيلم من قبل، ورغم إعجابي ببراعة المخرج "لين"
كسينمائي مشهود له بتقديم معالجات مشهدية أخاذة بأسلوب ملحمي- كما يتبدى في
أفلامه الروائية: "جسر على نهر كواي" و"الدكتور زيفاغو" و" ممر إلى الهند"-
إلا أنني أسفت لأنه أكتفى في فيلمه "لورنس العرب" "LAWRENCE OF ARABIA" بالإستناد فقط إلى رواية لورنس، الاُحادية المتحيزة، لحدث تاريخي
مفصلي- وإشكالي- مهم، كان كثيرون من المشاركين فيه وشهوده ومعاصريه- عرباً،
وإنجليزا، وأتراكا، وفرنسيين، وغيرهم- ما زالوا أحياء وقت إنتاج الفيلم في
العام 1962.
ولا تضعف من أهمية هذه الملاحظة، معرفتنا بأن المخرج ليس مطالباً بأن
يقدم في فيلمه توثيقاً تاريخياً خالصاً، لأن الأمر هنا يتعلق بزاوية ووجهة
النظر التي انحاز لها وقدَّم من خلالها موضوعه. وبخاصة، وأن الكلام يدور
حول شخصيات وأحداث حقيقية وقعت في وقت قريب، ومفاعيلها وآثارها ما زالت
قائمة فاعلة في حاضر أهل المنطقة، وفي وعيهم، وليست شخصيات وأحداثاً روائية
متخيلة، كما في غيرها من أعماله السينمائية المقتبسة عن روايات: "تشارلز
ديكنز" و"بوريس باسترناك" و"إي. إم. فورستر".
* * *
لورنس، أو" أورنس" كما كان يناديه البدو، الذي ننظر إليه بنفور-
كمتحاذق متحايل شارك في خداع العرب- كان واحداً من صفوة العملاء
والمندوبين، رجالاً ونساءً، الذين أوفدتهم بريطانيا إلى بلاد العرب، فخدموا
سياسة وأهداف دولتهم بذكاء وإخلاص.
وقد حظي بشهرة واسعة غطت على أسماء آخرين ممن لم تقِل- إن لم تفُق-
أدوارهم ما قام به، مثل المقيم السياسي البريطاني في الخليج العربي،
فالمندوب السامي في العراق، ثم السفير في طهران: "بيرسي كوكس" المشهور
بترسيم الحدود بين: "نجد، والكويت، والعراق، والمحَمَّرة" في مؤتمر "العقير"
"أو" العجير" كما ينطقها أهل الخليج" في العام 1922. والمِس "غيرترود بل"،
الآنسة المفتونة بآثار بلاد الرافدين، وذات الدور المهم في تكوين الدولة
العراقية الحديثة. و"جون فيلبي" عابر الربع الخالي المولع بطيور الجزيرة
العربية، ومستشار الملك "عبد العزيز آل سعود"، الذي بدّل ولاءه لبلاده،
فنصح الملك عبد العزيز بالتعامل مع شركات النفط الأأمريكية. و"أليك
كيركبرايد" و"فريدريك بيك"، وسليلهما القوي في الأردن، الفريق "جون باجت
كلوب"- "أبو حنيك" كما يلقبه الأردنيون- قائد "الجيش العربي" حتى وقت
تعريبه في العام 1956.
وهناك شخصيات أُخرى أدت أدواراً متباينة القدر والمواقع والشهرة،
كالضابط "شيكسبير" الذي قتله محاربو قبيلة "شمَّر" في موقعة "جراب" في
العام 1915، والليدي "آن بلنت"، السيدة الرَّحالة، صاحبة كتاب: "رحلة إلى
بلاد نجد"، والعقيد "هارولد ديكسون" المعتمد البريطاني في الكويت، مؤلف:
"الكويت وجاراتها"، و"تشارلز بلغريف" مستشار حكومة البحرين حتى سنة 1957،
وغيرهم من العسكريين والمدنيين ممن عرفتهم بلادنا.
* * *
مات " لورنس" المولود في العام "1888" في سن مبكرة عام 1935، إثر
سقوطه عن دراجته في حادث غامض، كغموض شخصيته التي ثارت حولها الشكوك
بالشذوذ، فإحتفت به بريطانيا كواحد من أبطالها. وبرغم أن سيرته تلاشت وخبت
منذ عقود، إلا أن الغيرة- التي هي إحدى القوى النفسية المحركة للأُمم كما
الأفراد!- حفزت الفرنسيين إلى الإعلان عن "لورنسهم العربي" الخاص بهم!
فنشروا- في ثمانينيات القرن الماضي على ما أذكر- كتاباً صاغه "جان سوبلان"
بعنوان: "لاسكاريس العرب"، عن مبعوث فرنسي جرى إيفاده في مطلع العقد الثاني
من القرن التاسع عشر، ليتفاهم مع "الشعلان" شيوخ قبيلة "الروَلة" في بادية
الشام، على التعاون مع الجيش الفرنسي لغزو المنطقة، استئنافاً لغزوتهم
السابقة المدحورة لمصر وفلسطين. لكن المخطط لم يقدر له أن يجد سبيله إلى
التنفيذ بعد هزيمة فرنسا وسقوط صاحب الفكرة "الإمبراطور نابوليون" في معركة
"واترلو" في العام 1815.
* * *
لم يعد الإنجليز، ولا غيرهم من الدول الغربية، يوفدون جواسيس وضباط
مخابرات متنكرين في هيئة رحالة، أو جغرافيين متيَّمين بالطبيعة العربية، أو
مستكشفي آثار، أو دارسي لغات وحضارات شرقية.. ليس لأنهم تابوا وكفوا عن
مطامعهم الاستعمارية، بل لتوفر العملاء العرب الأقحاح المستعدين للخدمة
وبحماسة!
حينما صدر كتاب "الحجاب: الحروب السرية للسي آي ايه 1981- 1987"،
للصحفي الأأمريكي المطلع "بوب وودورد"، بعث لي صديق كان مقيماً في واشنطن
بنسخة منه، مرفقة بتعليق "لئيم" عليه: "حينما تفرغ من قراءة هذا الكتاب
سترى أن الفرق بين عملاء الولايات المتحدة الأجانب وعملائها العرب، هو أن
الأولين يقبضون منها مقابل خدماتهم، أما العرب فهم الذين يدفعون لها!".
ليس كلهم كذلك والحق يقال! فثمة عرب يقبضون بطرق شتى، ولغرض "شريف"
طبعاً: إحكام "القبض" علينا شعوباً وأوطاناً!
وهؤلاء قادة كبار، وموظفون مسؤولون، ومدنيون "متطوعون للعمل العام،
ولا يسعون وراء الربح" "!؟" كما تخبرنا نشرات منظمات التمويل الأجنبي،
ورعاتها محبو عمل الخير لوجه الله!
- العرب يدفعون !؟
لا ألوم صديقي على دهشته وتعجبه، فقد أمضى معظم سني عمره خارج الوطن،
فلم يستوعب المفارقة! ولم يَدْرِ أن الدهر قد انقلب وتغيَّر، وصارت عتيقة
بالية أيام "أورنس" وذهبه اللامع. وفاته أن يرى أن هذه هي طريقة حكامنا- في
عصر النفط، ومشتقاته، و"حضارته"- في التدليل على خاصيتهم الأصيلة: الكرم.
نقول هذا، كيلا يظن بهم أحد الظنون فيأثم! كأن يعتقد أن ما يدفعونه
للغرب، هو محض جزية مفروضة عليهم- ثمناً لبقائهم في الحكم وحمايتهم- كتلك
التي يطلق عليها البدو اسم التحبب: "الخاوة"!
* * *
في سيرة لورنس، يذكر أنه عمل في قسم رسم الخرايط في المخابرات السرية
البريطانية في القاهرة، قبل أن يوفد إلى الحجاز في المهمة المعروفة الخاصة
بالثورة العربية. ولئن كان قد مات منذ وقت بعيد كما ذكرنا، فإن سلالة
متشعبة، من العرب العاربة والمستعربة، حلت مكانه وورثت خطاه ودوره في ضبط
وموضعة تطلعات العرب، وحصرها ضمن حدود وأبعاد الخرايط السياسية
والإستراتيجية التي تصممها للمنطقة، الدولُ والشركاتُ الإمبريالية،
و"إسرائيل" والحركة الصهيونية العالمية. وكما نعرف، كان التوقُ للخروج من
هذه الخرايط المشوهة الخانقة، وإعادة رسم المنطقة بما يتوافق مع هوية
ومصالح وآمال أهلها، هو الشغل الشاغل لكفاح الأجيال العربية طوال معظم عقود
القرن العشرين. ولا بدَّ للأجيال العربية الجديدة أن تستعيد هذا التوق إذا
ما أرادت أن ترى شعوب الأمة سيدة مصيرها حقاً. وأن تحذر ألاعيب وحبائل
الطامعين الذين يتظاهرون بمساعدتها- كما فعل لورنس من قبل- فيما هم
يسوقونها نحو شِراكِهم، كما يفعل الصيادون حينما ينثرون الطعوم للطيور
والأسماك. فما يريدونه في الحقيقة، هو نهب ثرواتنا، وإعادة هندسة معالم
بلادنا وأحلامنا بما يلبي مصالحهم ومصالح " إسرائيل" فقط .
* * *
خُدِع العرب في أولى ثوراتهم في القرن العشرين، فلا ينبغي لهم أن
يُخدعوا مرة ثانية في ثورتهم الجديدة في القرن الحادي والعشرين.
ربما، لهذا، عليهم أن يتذكروا لورنس وغيره ممن جاسوا ببلادنا وعبثوا
بها، من رسامي خرايط حدود الدول والشعوب ومصايرها.
- أنتركهم يرسمون؟
يا حيف! كما تقول العرب..
العرب أنلاين في
18/09/2011
قريب الشبه من أحمد زكي وأشاد به عمر الشريف
محمد رمضان: التحدي الأكبر أمامي «السادات»
عبدالستار ناجي
التقيت الفنان الشاب محمد رمضان مرات عدة، تارة في القاهرة واخرى في
دبي، وفي كل مرة ذات الطموح وذات الحماسة وذات الرغبة الاكيدة لتقديم كل ما
هو جديد، والذي يحقق بالاضافة لمسيرته الفنية التي انطلقت منذ مرحلة مبكرة،
لتعطي مؤشرات حقيقية اننا امام موهبة فنية، صقلتها التجربة التي تحولت الى
بصمات وحضور وقبلها اختيارات فنية عالية الجودة، هكذا هو الفنان المصري
محمد رمضان الذي كنا قد توقفنا معه في ديسمبر الماضي خلال ايام مهرجان دبي
السينمائي الدولي، ونكرر اللقاء مجددا، ليعلن عن كم من المشاريع الفنية
الجديدة التي يأتي في مقدمتها ما وصفه بالتحدي الاكبر، حيث يتحدث
لـ«النهار» قائلا:
سأبدأ في غضون الفترة القصيرة المقبلة، تصوير المسلسل التلفزيوني
الجديد «كاريوكا»، وفي هذا العمل سأجسد شخصية الزعيم المصري الراحل أنور
السادات في مرحلة مبكرة من حياته، وبالذات المرحلة الاولى من ثورة يوليو،
ومما لاشك فيه اننا أمام عمل مثير للجدل، وأيضا شخصية مثيرة للجدل،
فالسادات ليس بالشخصية الاعتيادية وهنا أقول انني أمام التحدي الاكبر في
مشواري، في هذه المرحلة من تجربتي الفنية.
ويستطرد الفنان محمد رمضان قائلا:
التحدي يكمن في محاور عدة، أولا قيمة الشخصية ومكانتها السياسية وايضا
المقارنات فقد تصدى لتقديم هذه الشخصية عدد بارز من نجوم السينما العربية
والعالمية، وفي مقدمتهم النجم العربي الراحل أحمد زكي في فيلم «السادات»
وايضا النجم الاميركي لويس جوسيت جي الذي جسد شخصية السادات في الفيلم
الاميركي الشهير، وهنا يتضاعف التحدي والرغبة الاكيدة في تقديم كل ما هو
جديد في فهم وتقمص الشخصية وأتمنى ان يوفقني الله في هذه التجربة. وحول
فريق العمل يقول:
- العمل يتصدى لاخراجه المخرج عمر الشيخ وتقوم الفنانة وفاء عامر
بتجسيد شخصية الفنانة الراحلة تحية كاريوكا، ويشارك في العمل عدد بارز من
نجوم الوسط الفني، ومن المتوقع ان يعرض العمل في الدورة الرمضانية لعام
2012 باذن الله. وعن أعماله التي قدمها في الفترة الاخيرة يقول الفنان محمد
رمضان:
- في الدورة الرمضانية الماضية قدمت مسلسل «دوران شبرا» وجسدت دور شاب
صعيدي، وهي شخصية حرصت من خلالها ان أتجاوز البعد النمطي في تقديمها ومن
هذا المنطلق استحوذت النجاح.
وعن جديده السينمائي يقول:
- قبل كل شيء بودي ان أشير الى النجاحات التي حصدها فيلم «الخروج من
القاهرة» الذي عرض في عدد من المهرجانات من بينها دبي وعدد آخر من
المهرجانات والملتقيات، وفي الفيلم كم من المؤشرات والارهاصات لثورة يناير
والمتغيرات التي عاشتها جمهورية مصر لاحقا وثورة شباب مصر وشعبها العظيم
حيث الربيع العربي.
ويستطرد:
- هذه الايام أنجزت فيلماً جديداً بعنوان «ستر وغطا» وأتوقع له ان
يعرض في خريف هذا العام ولربما مع عيد الاضحى المبارك، وهو يأتي تأكيدا
وترسيخا لمسيرتي في أعمال سينمائية سابقة ومنها «هي واحدة» وأيضا الخروج
و«شوق» وغيرها من الاعمال.
ويتحدث عن مقارنته بالفنان الراحل أحمد زكي قائلا:
شرف كبير لي أن تتم مقارنتي باحدى العبقريات الفنية في فن التمثيل،
الراحل أحمد زكي، وهو أمر يزيد من مسؤوليتي ويدعوني لمزيد من المثابرة
لاكون في مستوى تلك المقارنات، كما ان المسؤوليات تكبر كلها جاء اطراء او
جاءت اشارة ولعل آخرها تلك الاشادة من قبل الفنان العالمي عمر الشريف الذي
قال الكثير، وهو امر يشرفني ويزيد من مسؤولياتي تجاه تلك الاسماء الكبيرة
وايضا تجاه جمهوري الحبيب، وأمام نفسي أعرف ان الطريق طويل وان التحديات
أكبر وانا أستعين على كل ذلك بالدراسة والتخصص والاحتكاك والمشاهدة
والمتابعة والبحث والتحدي لقدراتي والعمل على تجاوز كل ما هو مألوف ومكرر
وتقليدي.
وفي ختام تصريحه يؤكد الفنان الموهوب محمد رمضان:
- أتوقع ان يشكل دور السادات نقلة حقيقية في مسيرتي الفنية والله
الموقف.
anaji_kuwait@hotmail.com
النهار الكويتية في
18/09/2011
رغم غياب النجوم الكبار
السينما المصرية تستعيد عافيتها تجارياً.. وبقي أن تستفيق
فنياً
القاهرة - أحمد الجندي
لا يخفى على أحد مدى التأثر الكبير والهائل لصناعة السينما المصرية
أثناء وعقب ثورة 25 يناير وحجم الخسائر الضخمة التي تكبدتها للدرجة التي
أصبحت معها هذه الصناعة مهددة بالانهيار والتوقف التام بعد أن تراجعت بقوة
عجلة الإنتاج وأغلقت الكثير من دور العرض السينمائي أبوابها توفيراً
للنفقات بعد أن أصبحت هذه الدور خالية من الرواد بسبب عزوف الجمهور عن
السينما ومشاهدة الأفلام، مما جعل شركات الإنتاج تجمد نشاطها خوفاً من
إنتاج أفلام لا يشاهدها أحد وبالتالي يكون هناك مزيد من الخسائر تؤدي إلى
الإفلاس، ولم يتغير من الأمر شيء عندما أعلن كبار النجوم عن تخفيض أجورهم
الفلكية مساهمة منهم حتى تعود العجلة للدوران، واستمر الوضع السينمائي في
مصر في حالته الضبابية وتسير به الأمور من سيئ إلى أسوأ.
لكن جاء موسم عيد الفطر وهو موسم سينمائي مهم في السينما المصرية
ليحفل بالعديد من المفاجآت السارة لهذه السينما، حيث شهد الموسم عودة
الجمهور بكثافة إلى ارتياد دور العرض ومشاهدة الأفلام، وبالفعل كان في هذه
العودة إنقاذ لدور العرض من الانهيار وبالتالي بدأت الإيرادات تتدفق وبدأنا
نعود إلى لغة الملايين التي كانت الأفلام السينمائية تحصل عليها كإيرادات
فيما قبل ثورة يناير وهذا ما جعل عدداً من نقاد السينما وصناعة يشيرون إلى
أن السينما المصرية بدأت تستعيد بعضاً من عافيتها.
شهد موسم عيد الفطر عرض 5 أفلام جديدة هي: «تك تك بوم» وهو الفيلم
الجديد لنجم الكوميديا محمد سعد وهو أول فيلم لا يكتفي ببطولته فقط بل قام
بتأليفه أيضاً وشاركته البطولة التونسية درة، والفيلم الثاني «بيبو وبشير»
بطولة منة شلبي وآسر ياسين، أما الفيلم الثالث فحمل اسم «شارع الهرم» وهو
من بطولة المطرب الشعبي سعد الصغير والراقصة دينا ومعهما مها أحمد ولطفي
لبيب وأحمد بدير، وفيلم «يا أنا يا هو» أول بطولة للفنان الشاب نضال
الشافعي، والفيلم الخامس والأخير «أنا باضيع يا وديع» من بطولة نجمي
الإعلانات أيمن قنديل وأمجد عابد ولاميتا فرنجية في أول بطولة سينمائية لها
أيضاً كواحدة من الفنانات الشابات.
وحققت هذه الأفلام الخمسة انتعاشاً كبيراً للسوق السينمائية في مصر
وضخت إيرادات مالية أدت إلى حالة من الرواج أنهت معاناة دور العرض وأعادت
إليها الأضواء والروح مرة أخرى، حيث بلغت إيرادات هذه الأفلام الخمسة في 10
أيام عرض فقط ما يتجاوز الـ20 مليون جنيه ويصل إلى 25 مليوناً، وهذا يعني
عودة مرة أخرى إلى سماع إيرادات الملايين كما كان يحدث في السابق، حيث كانت
هناك أفلام يصل إيرادها إلى ما يقرب من هذا الرقم وهو ما شكل مفاجأة سارة
لصناع السينما المصرية، حيث لم يتوقع - أشدهم تفاؤلاً هذه الإيرادات وهذا
الرواج ويكفي أن نشير إلى أن الإيرادات بلغت في الـ 5 أيام عرض الأول والتي
بدأت مع أول أيام العيد 17 مليون جنيه ونصف المليون تقريباً، وهذا الرقم
وحده يتساوى تقريباً مع إيرادات الموسم السينمائي الصيفي كاملاً والذي
استمر على مدى 8 أسابيع أي خلال شهري يوليو وأغسطس الماضيين.
أما الأفلام الخمسة التي دخلت هذا السباق خلال موسم العيد فقد غلب
عليها جميعاً الطابع الكوميدي لشعور منتجيها وموزعيها أن الجمهور المصري
يحتاج فعلاً خلال هذه الأيام إلى الكوميديا والترفيه للخروج من الظروف التي
مر بها أثناء ثورة يناير ومازال يعيش تداعياتها إلى اليوم لذلك فهو أحوج ما
يكون إلى الضحك والابتسام لنسيان همومه من خلال أفلام كوميدية ترفيهية،
ونجح رهان منتجي وموزعي هذه الأفلام وتحققت الإيرادات وتحقق الرواج
والانتعاش الذي أشرنا إليه. أما عن سباق الإيرادات فقد حقق فيلم «شارع
الهرم» لسعد الصغير ودينا مفاجأة مذهلة، حيث تربع على قائمة الإيرادات،
محققاً إيرادات بلغت 7 ملايين و800 ألف جنيه في الأسبوع الأول لعرضه فقط
وتجاوزت إيراداته حتى كتابة هذه السطور رقم 11 مليون جنيه.
وهو ما مثل مفاجأة مذهلة ومدوية لصناع السينما، فالفيلم هو نوع من
الكوميديا الهزلية ويعتمد على التوليفة المعروفة لمنتجه أحمد السبكي التي
تعتمد على الرقص والغناء والافيهات الكوميدية «الجنسية» الساخنة وأحياناً
«المبتذلة» ولم يكن يتوقع أحداً أن يتربع هذا الفيلم على قمة الإيرادات
بهذه الأرقام التي تعد خرافية، خصوصاً أنه تزامن مع أفلام توقع الجميع أن
تتفوق عليه في جذب الجمهور والإيرادات.
وفي مقدمة هذه الأفلام فيلم محمد سعد «تك تك بوم» الذي قام بكتابته
كما أشرنا وأخرجه أشرف فايق وشاركته بطولته درة، وكان محمد سعد يعول على
هذا الفيلم الكثير من أجل أن يستعيد نجوميته المتراجعة خلال السنوات
الماضية وأفلامه الأخيرة التي كرر فيها نفسه وكرر فيها أيضاً موضوعات
وثيمات أفلامه، لم يحقق سعد النجاح الذي كان ينتظره والإيرادات التي كان
يتوقعها واحتل فيلمه المركز الثاني وحقق إيرادات لم تتجاوز الـ 5 ملايين
جنيه ونصف المليون مما يقل عن فيلم «شارع الهرم» بما يقرب من 3 ملايين
جنيه، وجاء فيلم «بيبو وبشير» في المركز الثالث محققاً 4 ملايين جنيه، أما
فيلم «أنا بضيع يا وديع» فلم تتجاوز إيراداته أكثر من 2 مليون احتل بها
المركز الرابع وفي المركز الخامس والأخير جاء فيلم الفنان الشاب نضال
الشافعي في أول بطولة سينمائية «يا أنا يا هو» ولم تتجاوز إيراداته المليون
جنيه.
وبنظرة سريعة على هذه الأفلام والإيرادات التي حققتها والدلالات التي
تشير لها نرى أن محمد سعد ما زال يواصل التراجع، فرغم أن هذا الفيلم كتبه
بنفسه وأسند إخراجه إلى أشرف فايق إلا أنه لم يستعد مكانته التي كان يحتلها
قبل سنوات عندما انطلقت أفلامه الأولى «اللمبي» وما بعدها تكسر كل القواعد
في السينما المصرية وتحقق إيرادات بملايين هائلة وصل في إحداها إلى ما
يتجاوز الـ 25 مليون جنيه، لكن سعد لم يمتلك الذكاء الكافي ليحافظ على
القمة التي وصل إليها فسرعان ما أصابه الغرور وظل يكرر نفسه من خلال شخصية
«اللمبي» لكن بأشكال متعددة ظناً منه ومن خلال غروره أن أي شيء يقدمه
لجمهور السينما سيتقبله ويصفق له ويتفاعل معه.
وهذا بلا شك تصور خاطئ وساذج وينم عن غرور وعدم إدراك كاف لواقع جمهور
السينما المتقلب والمتغير وظل يقدم اللمبي حتى تراجع تماماً وتفوق عليه
نجوم كوميديا أتوا بعده مثل أحمد حلمي وأحمد مكي ونجوم شباب غيرهم ولم يدرك
محمد سعد أن التغيير في شكل ونوعية أدواره قد مات ولابد من وقفة فيما يقدمه
ومع كل فيلم يفشل من أفلامه الأخيرة كان النقاد يشيرون له بضرورة مراجعة ما
يقدمه وأن يظهر لجمهوره بشكل ولون مختلف ومغاير، ولكن على ما يبدو أن سعد
ما زال يواصل العناد والدليل هذا التراجع المتواصل حتى في فيلمه الأخير هذا
فرغم أنه عرض فيلمه في غياب النجوم الكبار الذين يعدون أباطرة شباك التذاكر
والإيرادات مثل عادل إمام وأحمد حلمي وأحمد السقا ومحمد هنيدي وكريم عبد
العزيز وأحمد مكي وحاول سعد أن يقدم فيلمه في موسم عيد الفطر وليس في موسم
عيد الأضحى كما كان مقرراً حتى يهرب من المنافسة الصعبة مع أحد من هؤلاء
الكبار الذين سيعرضون أفلامهم في عيد الأضحى المقبل، إلا أن كل ذلك لم ينفع
محمد سعد، فرغم أنه دخل موسم عيد الفطر الذي بدا خالياً من منافسة الكبار،
إلا أنه مازال يواصل التراجع وعلى ما يبدو أن العودة أصبحت صعبة بل
مستحيلة.
ثاني الظواهر التي يمكن أن نتحدث عنها في هذه القراءة السريعة لأفلام
العيد وإيراداتها هي المفاجأة المذهلة في كم الإيرادات رغم غياب النجوم
الكبار الذين ذكرنا أسمائهم وهذا في حد ذاته شكل مفاجأة سارة لصناع السينما
تؤكد أن السينما المصرية بدأت بالفعل تستعيد عافيتها جماهيرياً وتجارياً
لكن يبقى أن تستعيد عافيتها فنياً، فنجاح فيلم سعد الصغير ودينا «شارع
الهرم» من خلال هذه الإيرادات المذهلة فبقدر ما يعد مفاجأة سارة من ناحية
عودة الجمهور لدور العرض بقدر ما هو يمثل صدمة لصناع السينما ونقادها.
فهذا الفيلم راهن الجميع على أنه لن يحقق أي نجاح بعد ثورة يناير
والوعي الذي أصبح عليه جمهور السينما بحيث يرفض هذه النوعية من الأفلام
الهابطة الساذجة التي تعتمد على الغناء الشعبي المبتذل أحياناً والرقص
الساخن والافيهات الجنسية الفجة غير المحتملة، إلا أن نجاح الفيلم وإقبال
الجمهور عليه قد ينذر ويعطي دلالة على أن الفترة المقبلة قد تبدو فيها أن
هذه النوعية من الأفلام هي المطلوبة أكثر، خصوصاً أن الكثير هاجموا الفيلم
على صفحات «الفيس بوك» قبل عرضه مطالبين أن تتخلص السينما المصرية من هذه
النوعية من الأفلام الساذجة والهابطة فنياً، ومن هنا كانت الصدمة
والمفاجأة.
فقد توقع النقاد أن يحقق فيلم «بيبو وبشير» نجاحاً أكبر من الذي حققه
بحكم أن أبطاله منة شلبي وآسر ياسين وهما نجوم سينما شباب لهما ثقلهما
وأفلامهما الجادة وأيضاً لأن الفيلم يقدم كوميديا اجتماعية راقية ومخرجته
«مريم أبو عوف» ابنة الفنان عزت أبو عوف مخرجة واعدة حتى وإن كانت تقدم
أولى تجاربها السينمائية، أما الفيلمان الآخران «أنا بضيع يا وديع» فهذا
الفيلم ما هو إلا كوميديا هزلية اعتمد صناعه على نجومية بطلي الإعلانات
أيمن قنديل وأمجد عابد ولم يتوقع له أحد نجاحاً مذهلاً أو حتى احداث أي
مفاجأة، والفيلم الثاني «يا أنا يا هو» لم يكن بأحسن حالاً من الفيلم الأول
والمطلوب من بطله الفنان الشاب نضال الشافعي أن يدقق أكثر في أفلامه
وأدواره المقبلة بدلاً من أن يكون مقلداً النجم الأميركي «جيمي كاري» هو كل
همه وقمة طموحه.
النهار الكويتية في
18/09/2011 |