محمود قاسم أحد نقاد السينما المهمومين ليس بنقد الأفلام وتحليلها
فحسب بل أيضاً بتاريخ السينما، وله في هذا الإطار الكثير من المؤلفات.
في اللقاء التالي يتحدث قاسم عن السينما المصرية ورؤيته لمستقبلها.
·
هل ترى أن السينما المصرية
تغيّرت بعد الثورة؟
بالتأكيد لا، لأن حالة التغيير لن تصل إلى السينما قبل عامين أو ثلاثة
أعوام، فما يمرّ به هذا القطاع راهناً يشبه وقت القيلولة بالنسبة الى
الإنسان. ثمة حالة تخوّف عامة من استمرار الوضع السياسي في مصر على ما هو
عليه، وحالة من الاضطراب تنعكس سلباً على صناعة السينما خصوصاً أن جمهور
السينما لم يعد مهتماً بمتابعة الأفلام بدرجة متابعته للأحداث السياسية
نفسها، نظراً الى كون الأخيرة أصبحت أشبه بالفيلم السينمائي الممتع
وبالتالي لن يتحمّس للذهاب الى السينما لمشاهدة أفلام أقل من المستوى
ومدّتها ساعتان فيما يشاهد فيلماً مثيراً لا يعرف تفاصيله ويشارك هو في
بطولته.
·
هل تعني أن صناعة السينما في
طريقها إلى التوقّف؟
ليس بالضبط، لكن عدد الأفلام التي يتم إنتاجها سيتراجع بشدة خلال
الفترة المقبلة، ومن ثم ستتوافر فرصة لنجوم جدد وستغيب نظرية النجم الأوحد
في مقابل الاعتماد على البطولات الجماعية، لأن شركات الإنتاج لن تستطيع
تقديم فيلم لكل ممثل، كذلك سيكون المضمون هو بطل الفيلم وليس أسماء النجوم،
وستكون لأفلام السينما المستقلة مساحة جيدة على خارطة السينما.
حين يطاول التغيير المجتمع المصري عندها ستتغيّر السينما وتكون
انعكاساً للواقع سواء تغيّر الوضع نحو الأفضل أو نحو الأسوأ. على سبيل
المثال، خلال الفترة التي عاشت مصر فيها تحت سطوة الإرهاب كانت غالبية
الأفلام آنذاك تتناول هذه الظاهرة بشكل أو بآخر، الأمر نفسه سيحدث عندما
تستقرّ الأوضاع، لكن لا أحد يستطيع تحديد هوية الأفلام التي ستُقدَّم
مستقبلاً.
·
تشهد دور العرض في موسم عيد
الفطر عدداً من الأفلام، الأمر الذي اعتبره البعض عودة قوية للسينما، فما
رأيك؟
للأسف لم تشهد دور العرض أفلاماً ذات مستوى جيّد خلال الفترة الماضية،
كذلك الأفلام التي تُعرض في عيد الفطر أفلام «تافهة» لا تحمل أية رسالة
وتعتمد على المقالب والجنس، ما يؤكد أن قطار التغيير لم يصل إلى السينما
بعد، نظراً الى أن المنتجين لن يغامروا بأموالهم لأن السوق المصري الذي
يمثّل مصدر رزقهم الرئيس في حالة كساد شديدة وبالتالي سيفكّرون جيداً في كل
فيلم يقدمون على إنتاجه خلال الفترة المقبلة.
·
لكن ثمة تغيير في خارطة النجوم
بدليل نجاح حملة مقاطعة فيلم «الفيل في المنديل» بسبب تصريحات بطله المسيئة
الى الثوار.
نجاح حملة مقاطعة «الفيل في المنديل» وفشله جماهيرياً لا يعني أن
تغييراً حقيقياً قد حصل، لأن ثمة عوامل عدة أدت إلى فشل الفيلم من بينها
تصريحات طلعت زكريا وخلافه مع المنتج إضافة إلى الأحداث السياسية، هذه
الأمور كلّها كانت كافية ليفشل الفيلم عند عرضه جماهيرياً وعدم تحقيقه أي
إيرادات تُذكر، ثم إن المقارنة بين نجاح حملة مقاطعة «الفيلم في المنديل»
وفشل حملة مقاطعة أعمال درامية رفض أبطالها الثورة لن تستطيع حسم الأمر لأن
أعمالهم تمت متابعتها ولم تفشل مثل فيلم زكريا.
·
من يتحمّل مسؤولية ذلك؟
المنتجون بالتأكيد، لأنهم يبحثون دائماً عن العائد المادي الذي
سيحققونه من الفيلم ويتعاملون مع السينما على أنها تجارة فحسب، ومن ثم لا
بد من أن يغيّر هؤلاء نظرتهم الى السينما ويتعاملوا معها على أنها رسالة
سامية. ليس بالضرورة أن تحقق الأفلام دائماً أرباحاً خيالية إنما أن تقدّم
مضموناً جيداً الى الجمهور.
·
ثمة أفلام تناولت الثورة في
أحداثها، هل ترى أن هذه الأعمال قادرة على التعبير عن هذا الحدث المهم؟
أي فيلم يتناول الثورة خلال الوقت الراهن ويحاول مسايرة الواقع
واستغلال ما يحدث في تحقيق إيرادات أعلى سيفشل حتماً، لأن الثورة ما زالت
مستمرة، على سبيل المثال بعد ثورة 1952 تمت في أول فيلم عن الثورة مجاملة
الرئيس محمد نجيب، وعندما غادر السلطة قُدم فيلم «الله معنا» وتمت فيه
مجاملة الرئيس عبد الناصر باعتباره قائد الثورة الحقيقي وتجاهل دور محمد
نجيب، ومن ثم ستكون ثمة مغالطات تاريخية في الأحداث تمنع من أن يتوافر فيلم
يؤرّخ للثورة بشكل محايد نظراً الى معلومات ناقصة وأحداث غامضة كثيرة تحتاج
الى وقت لتفسيرها.
الفنانون الشباب الذين شاركوا في الثورة من بدايتها وتواجدوا في ميدان
التحرير خلالها، هم أمل السينما في تسجيل أحداث الثورة وتقديم يومياتهم في
أعمال سينمائية يشارك فيها أكثر من فنان، لكن في الوقت نفسه لا يمكن أن
نعتبر ما سيقدّمونه عملاً تأريخياً للثورة، لأن التأريخ الحقيقي لن يسجّل
الحقائق إلا بعد انتهاء هذه المرحلة.
الجريدة الكويتية في
02/09/2011
ثورة السينما… وسينما الثورة 4 – 4
كتب: محمد بدر الدين
قلنا إن ثمة ما يمكن أن نطلق عليه «سينما مصر ما بين الثورتين» (1919
ـ 1952)، ووصفنا هذه المجموعة من الأفلام بأنها «كنز حقيقي» في تاريخ
السينما المصرية. وإذا كان كثير منها يستند إلى الأدب، فإن بعض أهمها كتب
كنص سيناريو للسينما، مثل «الفتوة» لنجيب محفوظ والمخرج صلاح أبو سيف.
في صدارة الأفلام التي تستند إلى الأدب أيضاً «القاهرة 30» (عن رواية
«القاهرة الجديدة» أو «جريمة في القاهرة» لمحفوظ) إخراج صلاح أبو سيف،
«بداية ونهاية» عن رواية محفوظ وإخراج صلاح أبو سيف أيضاً… ولعل هذه
الثلاثية عن مصر بين الثورتين (1919 ـ 1952) هي ذروة أعمال المخرج الرائد
صلاح أبو سيف، خصوصاً «بداية ونهاية» الذي يجمع النقاد على أنه أحد أحسن 10
أفلام في السينما المصرية. والغريب أن هذه الأفلام تعتبر الأنضج لمخرجيها.
فـ«الحرام» الذي يصوّر تراجيديا عمال التراحيل والفقر في المرحلة ذاتها، هو
أنضج أعمال بركات إلى جانب: «دعاء الكروان»، «في بيتنا رجل»، «الباب
المفتوح»، إنها رباعية بركات التي تجعل منه أحد أكبر مخرجي السينما
المصرية.
كذلك يعدّ كل من «صراع الأبطال» و{يوميات نائب في الأرياف» من أنضج
أعمال المخرج توفيق صالح، والفيلم الثاني هو شهادة توفيق الحكيم الإبداعية
وجزء من سيرته الذاتية عندما كان وكيل نيابة في الأرياف وشاهداً على مخازي
أوضاع المجتمع. كذلك يعبّر «خان الخليلي» عن أنضج حالات الفن لدى المخرج
الكبير عاطف سالم، و{البوسطجي»، الفيلم الثاني للمخرج اللامع حسين كمال،
أحد أحسن أفلامه. أما حسن الإمام الذي عرف بأفلام الميلودرامات، التي هوجم
على مبالغاته فيها كثيراً وكان هدفاً للنقاد لابتعاده عن الواقع ونزوعه إلى
مصادفات وعواصف وعواطف الميلودراما الحادة، فحقق أهم أعماله في ثلاثية نجيب
محفوظ الشهيرة وروايته المعروفة أيضاً «زقاق المدق».
وعلى رغم ملاحظات عدة، فإن ثلاثية «بين القصرين» هي العمل الذي يُذكر
ما إن تُذكر ثورة 1919، وما زال أي برنامج يدعّم حديثه عن ثورة 1919 بعرض
لقطات من «الثلاثية» التي تصوّر تظاهرات 1919 الشعبية الكبرى، وهي لقطات
متقنة، حتى أن البعض قد يتصوّرها للوهلة الأولى حقيقية «وثائقية». يرجع ذلك
إلى إمكانات سخية واستوديوهات وفرها القطاع العام السينمائي في الستينيات،
تماماً مثلما فعل وأتاح استوديو مصر منذ الثلاثينيات. هكذا، لدينا من زاوية
«السينما والثورة»، ثلاث مجموعات رئيسة:
الأولى: سينما عن مصر ما بين الثورتين (1919 ـ 1952) التي أنتج معظمها
وأهمها خلال مرحلة ثورة يوليو (1952 ـ 1970).
الثانية: سينما ثورة يوليو التي تناقش مرحلتها، أنتج أشهر أفلامها
خلال سنوات هذه الثورة، وغلبت عليها رومنسية ثورية وعاطفة وطنية صادقة
وتحليل سياسي بسيط من بينها: «رد قلبي»، «الله معنا»، «بورسعيد»، «لا تطفئ
الشمس».
بعد مرحلة الثورة، لا يوجد فيلم يُعتدّ به إلا «ناصر 56»… أما سوى
ذلك، فلم يتعرض لثورة يوليو سوى سلسلة رخيصة تهاجمها، يمكن أن نطلق عليها
«سينما القوى المضادة لثورة يوليو{، أو «سينما الردة»، أو «سينما النفاق
لانقلاب السادات على الثورة»… بدأت بـ «الرصاصة لا تزال في جيبي» إثر حرب
أكتوبر، واستمرت باندفاع وتحريض من السلطات، منذ منتصف السبعينيات إلى
الثمانينيات.
الثالثة: سينما ما بعد ثورة يوليو وحتى قيام ثورة 25 يناير 2011، تعبر
عن عصر الجمهورية الثانية والانقلاب على يوليو على مدار أربعة عقود، أو على
الأقلّ في الفترة من 1974 إلى 2011، ومن أهم الأفلام التي عبرت عن موقف جاد
نقدي تجاه تلك الفترة: «البداية» و{المواطن مصري» لصلاح أبو سيف. «عودة
الابن الضال» و{هي فوضى» ليوسف شاهين. «أهل القمة» و{الجوع» لعلي بدرخان.
«سواق الأتوبيس» و{البريء» لعاطف الطيب. «أحلام هند وكاميليا» و{عودة
مواطن» لمحمد خان. «أرض الخوف» و{مواطن ومخبر وحرامي» لداود عبد السيد.
«أنياب» لمحمد شبل. «ليه يا بنفسج» لرضوان الكاشف. «حين ميسرة» و{دكان
شحاتة» لخالد يوسف. «عمارة يعقوبيان» لمروان حامد. «قصّ ولزّق» لهالة خليل.
«ليلة سقوط بغداد» و{بنتين من مصر» لمحمد أمين… بطبيعة الحال تستحقّ هذه
الأفلام دراسة شاملة، فنية وجمالية وسياسية واجتماعية في آن. ومن واقع
قراءة تاريخ الوطن وتاريخ الفن، نتوقع أن يتحقق في السينما المصرية بعد
ثورة 25 يناير 2011 إنجازان:
ثورة في السينما كدراما وجماليات وتطوّر حرفي وتقني، وسينما عن الثورة
تعبّر عن الآفاق والحلم، الذي تجسده ثورة 25 يناير، وعن مصر الجديدة
المنشودة، وعن مصر الشعب الثائر والشعب الناهض.
الجريدة الكويتية في
02/09/2011
المصلحة و مع حبي و ليلة سقوط الرئيس…
أفلام تنتظر الواقع ليكتب نهايتها
«الانتظار» سيد الموقف بالنسبة إلى الأعمال التي يتمّ الإعداد لها
راهناً وتتمحور حول الأحداث الجارية على الساحة العربية عموماً وفي مصر
خصوصاً، لعجز صناعها عن استكمالها بسبب المستجدات على الأرض المفتوحة على
احتمالات شتى. وعلى رغم التأخير والخسائر التي قد يتكبّدها العاملون فيها،
إلا أن ثمة إجماعاً على أهمية ما يحدث والانتظار لوضع نهايات واقعية
للأعمال الدرامية.
خالد صالح وخالد الصاوي يحضران لمشروع مشترك من كتابة الأخير، يتمحور
حول الأنظمة العربية وقادتها الذين أوصلوا الشعوب إلى درجة من القمع والقهر
جعلت من الثورة النهاية الطبيعية والوحيدة لفترات حكمهم الطويلة، إلا أنهما
لم يستقرا بعد حول ما إذا سيُحوّل النص إلى عمل سينمائي أو مسرحي.
لم يستكمل فريق عمل «المصلحة»، بطولة أحمد السقا وأحمد عز وإخراج
ساندرا نشأت، التصوير بانتظار تطورات وضع الشرطة وما إذا كانت ستتمكن من
استعادة هيبتها في المجتمع المصري. ويتناول الفيلم قضية تهريب مخدرات نجح
رجال الداخلية في كشفها.
أما «مع حبي»، إخراج شريف مندور وبطولة خالد النبوي وأحمد الفيشاوي
وروبي، ويتناول قضية الأنفاق السرية التي تربط بين مصر وغزة، فأجلته أحداث
سيناء الأخيرة لأنه كان من المقرر تصوير المشاهد في العريش ورفح وغزة.
حسني وسوزان
ينضمّ «ليلة سقوط الرئيس» إلى قائمة الأفلام المؤجلة لعدم اكتمال
النهايات، تدور أحداثه حول يوم تنحي الرئيس حسني مبارك واليوم الذي سبقه.
والفيلم من تأليف سامي كمال الدين وإخراج محمود كامل الذي اختار نور الشريف
لأداء دور حسني مبارك، إلا أن الأخير لم يحسم موقفه بعد في قبول الدور.
يتضمن الفيلم مشاهد حقيقية من الثورة، إنما لا يمكن إتمامه قبل معرفة
مصير مبارك ليكون خاتمة لأحداثه.
من جهته، ينتظر مسلسل «رأس الدبوس» معرفة مصير زوجة الرئيس مبارك
سوزان مبارك، ومن المقرر أن تجسد شخصيتها وفاء عامر، وهو من إنتاج محمد
فوزي.
تأريخ الحاضر
يعرب خالد صالح عن سعادته في تقديم عمل يؤرخ لهذه الفترة، ويعزو ما
يحدث من تغيير في العالم العربي إلى غباء الأنظمة العربية الساقطة التي
دفعت ثورات الشعوب إلى النجاح، مشيرًا إلى أن إيقاع هؤلاء في التغيير كان
أبطأ من تطور الأحداث.
يضيف صالح أن لخالد الصاوي دوراً في توضيح أمور له أثناء الثورة، وقد
ساهمت جلسة بينهما دامت ثلاث ساعات في تثبيت موقفه منها، مشيراً إلى أنه
يرغب في أداء دور زين العابدين بن علي لأنه يراه شخصية كاريكاتورية، بينما
من الصعب عليه أداء دور القذافي لأنه لا يعرف كيف يفكر الزعيم الليبي
المخلوع.
يؤكد صالح أنه في الحالات كافة عليه أن ينتظر حتى يضع الواقع نهايته
قبل أن يكتب خالد الصاوي نهاية العمل الفني.
أما وفاء عامر فترى أن تقديمها لشخصية سوزان مبارك سيكون نقطة مهمة في
تاريخها لأنه دور صعب لثراء الشخصية وتعرضها لتقلبات، لذا اتفقت عامر مع
المنتج محمد فوزي على تسجيل حقوق الملكية الفكرية لهذا الدور في الشهر
العقاري.
تضيف وفاء: «لم يتقرر بعد ما إذا كانت شخصية سوازن مبارك ستقدّم بشكل
مباشر أو باسم مستعار، وهذا ما يؤخر بدء العمل، فيومياً تحدث مفاجآت يمكن
استغلالها بشكل درامي يفيد المسلسل. من هنا لن نبدأ التصوير قبل معرفة
نتيجة المحاكمة لتكتمل الصورة لدينا».
واقع غامض
يعتبر أحمد السقا أنه «من المنطقي الانتظار حتى يضع الواقع نهايته
أولاً قبل أن تُكتب نهايات الأفلام لأننا لا نعرف، حتى اليوم، كيف ستنتهي
الحال».
أخيراً، يوضح المنتج هشام عبد الخالق «أننا نعبر إلى عصر جديد في
أفلامنا، إذ سيكون لها أسلوب جديد بعد توافر الفرصة لكسر المحرمات
الاجتماعية».
يضيف عبد الخالق: «في ظل وعد السلطات برفع الرقابة، يتوقع أن يتناول
القيمون على صناعة الدراما، سواء في السينما أو التلفزيون، مواضيع اجتماعية
وسياسية ودينية لم يكن من المسموح الخوض فيها سابقاً، لذا علينا أن نضع
نهايات جيدة وواقعية لهذه الأعمال كي لا نجد أنفسنا أمام أعمال غير مكتملة،
والانتظار لتستقر الأحداث قبل أن نحكم عليها في أفلامنا».
الجريدة الكويتية في
02/09/2011
برنامج طموح وتكريم مصري
تونس - صالح سويسي
المهرجان الدولي لفيلم الهواة في قليبية تظاهرة ثقافية تنظمها الجامعة
التونسية
للسينمائيين الهواة بالتعاون مع وزارة الثقافة، وينتظم المهرجان صيف كل عام
بمدينة
قليبية الساحلية. هذا العام ونظراً للظروف الخاصة التي تمرّ بها تونس ثمّ
لأن شهر
آب (أغسطس) تزامن مع شهر الصيام، تقرر تنظيم الدورة السادسة
والعشرين بين الثالث
والعاشر من سبتمبر(أيلول) الحالي. وينطلق المهرجان من خيارات محددة تتمثّل
أساساً
في المساهمة في بناء ثقافة وطنية وديموقراطية مع تشجيع الأفلام التي تمثل
تراثها
الوطني والاجتماعي. والمهرجان يهدف إلى تمكين السينمائيين
الهواة من تبادل تجاربهم
بخاصة من خلال مناقشة الأفلام المشاركة فيه، وتسهيل اللقاءات بين مختلف
مناحي
الثقافات الوطنية، والتعريف بأفلام حركات التحرر الوطنية.
ويقترح المهرجان سنويّاً عدداً من الفعاليات لعلّ من أهمّها «المسابقة
الدولية»
وهي مفتوحة لأفلام الهواة وأفلام المعاهد من مقاسات 35مم و16مم وبيتا
وديفيكام
وميني ديفي على اختلاف مصادرها وأنواعها، على ألاّ تتجاوز مدة عرض الفيلم
30 دقيقة
وألاّ يكون قد مضى على إنتاجه سنتان. فضلاً عن «المسابقة
الوطنية» والتي تنقسم إلى
مسابقة أفلام الهواة والمستقلين ومسابقة أفلام المعاهد وهي مفتوحة للأفلام
المنتجة
من قبل معاهد السينما التونسية. إلى جانب مسابقة السيناريوات ومسابقة
التصوير
الشمسي.
كما تتضمن فعاليات المهرجان قسم الإعلام وفيه عروض لأفلام خارج
المسابقة يقع
اختيارها بحسب قيمتها الفنية والجمالية، وموائد مستديرة وندوات ولقاءات،
ومناقشة
الأفلام المشاركة في المسابقات وورشات تكوينية.
ويشارك في المسابقة الدولية هذا العام ما يقرب من أربعين فيلماً من
عديد الدول
من بينها إسبانيا وموريتانيا وفرنسا وإيطاليا والمغرب والجزائر وإيران
وأرلندا
ولبنان وفلسطين وتركيا، فتشارك تونس بثمانية أفلام وإسبانيا بثلاثة وأرلندا
وإيران
بخمسة أفلام لكل منهما وتركيا بسبعة ويشارك لبنان وفلسطين
بفيلم وحيد لكل منهما.
أمّا في المسابقة الوطنية فتتنافس سبعة أفلام منها خمسة وثائقية وواحد
روائي وآخر
تجريبي. أمّا مسابقة المدارس فتشارك فيها ستّة أعمال، خمسة روائية واحد
تجريبي
وكلّها أعمال لمدارس ومعاهد تونسية.
ويخصص المهرجان سهرة خاصة بالجامعة التونسية للسينمائيين الهوّاة من
خلال عرض
شريط «صور متواترة» وهو شريط وثائقي لحبيب المستيري يدوم 87 دقيقة، يغطي
السينما
الهواية في تونس، ويعود هذا الفيلم بالمتلقّي إلى تاريخ الجامعة التونسية
للسينمائيين الهواة وكذلك المهرجان الدولي لفيلم الهواة
بقليبية. وهو مشروع استغرق
5
سنوات كاملة من البحث والعمل قبل عرضه بقاعات السينما. استعمل فيه حبيب
المستيري
مكونات الفيلم الوثائقي بأرشيف الجامعة. ويعرض الفيلم أهم ثلاث مراحل في
تاريخ
الجامعة استناداً إلى شهادات مميزة لقدماء الجامعة وأصدقائها.
ويكرّم المهرجان أب السينما التونسية والإفريقية الراحل الطاهر شريعة
الذي
توفّته المنيّة يوم 4 تشرين الثاني(نوفمبر) من العام الماضي، ويعتبر شريعة
الذي ولد
يوم 5 كانون الثاني (يناير) 1927 من أكثر الشخصيات التي أثرت في تاريخ
السينما في
تونس والقارة الإفريقية. ترأس الجامعة التونسية لنوادي السينما وأصبح
مديراً
للسينما لوزارة الثقافة بتونس من 1962 إلى 1970. وفي سنة 1966،
وهو مؤسس أيام قرطاج
السينمائية.
وكان المهرجان قرر تخصيص فقرة من المهرجان لتكريم سينما بلد معين،
وشاءت الأحداث
التي تواترت على المنطقة العربية أن تكون مصر أول المكرمين، وسيتطرق
التكريم إلى
السينما المصرية قبل الثورة وبعدها، مع الحديث عن وضعية السينمائيين
المصريين الذين
ناضلوا خلال فترة النظام السابق والآفاق الجديدة التي منحتها لهم الثورة.
وككل
دورة، يخصص المهرجان سهرة خاصة للتذكير بالقضية الفلسطينية
والدعوة إلى التضامن مع
الشعب الفلسطيني الذي يتعرض في كل يوم إلى الظلم والقمع ويحرم من أبسط
حقوقه
وحرياته. وسيتضمّن هذا العرض الخاص بعض الأفلام المتضامنة مع هذه القضية
وبحضور
ضيوفنا من فلسطين.
هذا ويبرمج المهرجان عدداً من اللقاءات من بينها موعد مع حسن كاسي
كوياتي وهو
ممثل وموسيقي وراقص من بوركينا فاسو، ويقدم خلال اللقاء تجربته التي تشمل
العديد من
الفنون (المسرح، السينما، الموسيقى، الرقص...). هذا إلى جانب لقاء حول
«ثقافات
المقاومة»، وهو لقاء يمتد على جزأين للحديث عن مكانة الثقافة كطريقة
للمقاومة في
جميع أنحاء العالم استناداً إلى تجاربهم الشخصية. فضلاً عن
لقاء «السينما المصرية
قبل وبعد الثورة» ولقاء خاص بالجامعة التونسية للسينمائيين الهواة
والمهرجان الدولي
لفيلم الهواة بقليبية.
الحياة اللندنية في
02/09/2011 |