حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

صالة لواحد

سينما سيدني لوميت وتوابعه 3/3

السبعينات غير البريئة والثمانينات بأذى مقصود

محمد رضا

تلك الفترة التي أخذ فيها سيدني لوميت يبث من خلال أفلامه هواجس قيام سُلطة عربية تقوّض دعائم السياسة والاقتصاد الأميركيين كما أورد في فيلميْه "المحطّة" و"سُلطة"، كانت من أكثر فترات العداء لكل ما هو عربي أو إسلامي انتشاراً في السينما الأميركية..

السبعينات والثمانينات شهدت جنوحاً نحو الهجوم المركّز على السياسات العربية بصرف النظر عن اختلافاتها وتنوّعها. ما سبق كان حادّاً بدوره لكنه لم يكن سياسياً على نحو لا يترك مجالاً للظن. فأفلام الثلاثينات والأربعينات والخمسينات حاكت قصصاً مستوحاة من الأساطير البادية وحياة الصحراء ومغامراتها واتكلت كثيراً على ما ورد في حكايات "ألف ليلة وليلة" من فانتازيا وغرائبيات. وبعضها القليل كان ينشد أن يكون واقعياً. على الرغم من أن الكثير من تلك الأفلام كان مشوّهاً على نحو أو آخر إلا أنه  لم يكن مكترثاً للتعامل مع أوضاع سياسية قائمة أو حقيقية لا مع ولا ضد. الستينات انتقلت إلى وقع جديد حين تابعت ما سبق مع موجة جديدة من حكايات التاريخ الشخصي أو العام الواقعي منه أو المزيّف. هنا لدينا أفلام من "لورنس العرب" القائم على سيرة  حياة إلى "السودان" الذي يلوي حقائق تاريخية، ومن الفيلم الإيطالي/ الجزائري "معركة الجزائر" إلى الفيلم التشويقيي الذي تقع أحداثه في بيروت "24 ساعة للقتل" لكن الفترة اللاحقة تلك التي أنجبت «المحطّة» وتلك التي أنجبت لاحقاً »سُلطة» هي التي شهدت محاولة استبعاد الأساطير والحكايات الترفيهية لتوخّي أفلاماً مسيّسة قائمة على أحداث درامية جادّة ومواقف مسبقة من كل ما هو عربي.

ففي العام 1977 حقق جون فرانكنهايمر "يوم الأحد الأسود" Black Sunday الذي لا يود فقط النيل من العرب بل إظهار أن إسرائيل هي خير مدافع عن المصالح الأميركية (تم الكشف قبل أيام عن أن مجموع عدد الجواسيس الإسرائيليين العاملين في واشنطن العاصمة بلغ 250 جاسوساً تم اكتشافهم في العامين الأخيرين- هؤلاء من تم كشفهم..!!)

قبله بعامين أخرج أوتو برمنجر بتحقيق فيلم "روزبد" حول "الإرهاب" الفلسطيني وبراعة المخابرات الإسرائيلية ودفاعها عن مصالح الغرب بينهما فيلم "21 ساعة الى ميونخ" عن العملية التي قام بها الفلسطينيون في ميونخ سنة 1972  وأدت إلى مقتل معظم أعضاء الفريق الرياضي الإسرائيلي. عوض التحليل السياسي للدوافع وللوضع الفلسطيني- الإسرائيلي، إنجاز الفيلم لتصوير الإسرائيليين أبرياء من كل ذنب والعرب سفاكي دماء بالمطلق ولا ننسى "أشانتي" سنة 1979  الذي يكيل للعرب كيلاً : تاجر رقيق عربي (بيتر يوستينوف) يخطتف زوجة أحد موظفي منظمة التغذية العالمية ليضمّها إلى الرقيق الذي يريد بيعه. المحاولات تجري على أكثر من صعيد لردعه وخلال ذلك نتعرف على شخصيات أخرى متعددة بينها شخصية عمر الشريف الذي يؤدي دوراً محدوداً بعدما خسر الدور الأول بسبب رفضه التصوير في إسرائيل فذهب دوره إلى الممثل الهندي كبير بدي. مفاد الفيلم أن العرب تجار رقيق حتى وقت قريب وأخلاقياتهم لا تمنعهم من الأذى ومعاملة الأغراب  معاملة غير إنسانية..

في الثمانينات، مع المتغيّرات الحاصلة في العالم العربي من انهيار مبدأ الحروب وإحياء مسائل السلام والتطبيع، لم تختف الأفلام المعادية بصرف النظر عن سياسة اليد الممدودة.  الأفلام تنوّعت في حكاياتها لكن الكثير منها حافظ على عداوته. مثل "برتوكول" لهربرت روس، "رول أو?ر" (أو "إعادة إيداع") لألان ج باكولا، "الخطأ هو الصواب" لرتشارد بروكس، "النسر الحديدي" و"جوهرة النيل"

كل ما سبق لا يعني أن السينما لم تشهد أفلاماً مؤيدة لما هو عربي أو على الأقل خارجة عن التنميط الشخصي والسياسي لما هو عربي.  لا يفوتنا "الرسالة" و"عمر المختار" للراحل مصطفى العقّاد، ولا "هانا ك" لكوستا غافراس ولا -على الصعيد الفاناتتازي النظيف- فيلم غوردون هسلر "رحلة السندباد الذهبية".

المعضلة هي أن هذه الأفلام كانت قليلة ولم تستطع كسر الجدار من حولها. ولو أن ذلك أمر متوقع. لكن الملاحظة التي لابد أن نخرج بها هي التالية : في سعي هذه الأفلام القليلة إلى تقديم موضوع يثير اهتمام المواطن الأميركي، فإن شخصية أميركية كان يجب أن تؤدي الدور الأول (جيل كلايبورغ في "هانا ك"، دايان كيتون  في "ضاربة الطبل الصغيرة") وهذه الشخصية غالباً ساذجة تدلف إلى المعركة القائمة بين العرب وإسرائيل من دون دراية. تكتشف الحقيقة من خلال تجربة لم تكن مستعدة لها. والنهاية ليست مرضية لكنها ضرورية إذ هي بمثابة فتح العين

هل أدركت السياسة الصهيونية قيمة السينما أكثر مما فعلنا؟ بالتأكيد، لأن حجم الوعي لا يعني في النهاية شيئاً إذا لم يصحبه حجماً موازيا من الفعل. ونحن دائماً كنّا أصحاب كلام.

الجزيرة الوثائقية في

29/08/2010

 

كردستان في عيون أوروبية

قيس قاسم 

«الفرز» و«مرحبا» وجع واحد

الأكراد وقضيتهم كانا حاضرين في فيلمين أوروبيين متميزين نزلا مؤخراً الى الصالات وحظيا باهتمام الجمهور والنقاد، الأول «مرحبا» للفرنسي فيليب لوريه، والثاني «الفرز» للبوسني دونيس تانوفيتش صاحب «نو مانز لاند» الحائز على اوسكار أفضل فيلم أجنبي. ماذا في الشريطين؟

كلا الفيلمين تناول الموضوع الكردي بطريقة غير مباشرة، بمعنى ان الموضوع لم يكن كردياً بصورة كاملة قدر ارتباط شخصياته الرئيسية بأحداث جرت في المنطقة الكردية أو علاقتهم بمواطنين جاءوا من كردستان. ولهذا فإن درجة الحضور الكردي فيهما متباينة ومختلفة بدرجة اختلاف قصتيهما. «مرحبا» فيه مادة كردية غزيرة بسبب اقتسام بطولته بين شاب كردي ورجل فرنسي يعمل كمدرب للسباحة، في حين شكلت أرض كردستان وما شهدته من معارك بين قوات البشمركة والجيش العراقي في العام 1988، والتي سبقت مجزرة حلبجة، نواة قصة المصورين الانكليزيين مارك وديفيد، اللذين جاءا في مهمة صحفية لتغطيتها .

وبشيء من التفصيل، كانت مناطق الحروب تغوي دوما المصور الصحفي مارك وواش (الممثل كولين فاريل) للعمل، فهو يجد فيها الكثير من الموضوعات الحيوية الى جانب ما تضيفه الى تجاربه الشخصية. والذهاب الى كردستان كان ينطلق من هذه الرؤية الشخصية والصحفية. كان قد زارها من قبل لكنه هذه المرة أقنع زميله ديفيد (الممثل جيم سيفيس) بمشاركته التجربة المثيرة خصوصاً وأن انظار الصحافة العالمية كانت متجهة الى هناك. كان عليهما مغادرة موطنهما وزوجتيهما، والتوجه الى منطقة خطرة من العالم ليلتقطا أفضل الصور عما يجري فيها. حكاية الصحفيين في كردستان وما جرى لهما، فيما بعد، استمدها المخرج تانوفيتش من كتاب «الفرز» الذي وضعه الخبير العسكري سكوت أندرسون. ومن أجل تكثيف أحداثه يبدأ الفيلم بمشهد يظهر فيه المصور مارك وهو مصاب بجروح بالغة، وفي مشهد ثان نعود لنتابع لحظة وداع المصورين زوجتيهما في إحدى حانات لندن. بهذه الطريقة سيحاول تانوفيتش تجسيد «الفرز» بين العوالم والمواقف .

بين عالمين مختلفين ورؤيتين متباينتين، الأولى مهنية تنظر الى الموضوع من جانب محايد ومراقب، والثانية تتعلق بكفاح الشعب الكردي الذي يدفع ثمنا غاليا من أجل حقوقه. لكن هل الفرز واضح ونهائي. في متن هذا السؤال يكمن المعنى العميق للحكاية، فمن يدخل متون الحرب لن يأمن نارها، وفي معمعتها يصبح الفرز بين من جاء يصورها أو من كان طرفا فيها، صعبا بل مستحيلا، ففي الحروب تتوحد المصائر! وهكذا وجدا مارك وديفيد مصيريهما مرتبطين بمصير الأكراد وصراعهم مع سلطة صدام حسين وقيادته العسكرية. هذا الحيز أخذ الثلث الأول من الفيلم، وهو أفضل ما فيه سينمائيا. وقد أظهر المخرج تشابك هذه العلاقة ووضوحها من خلال أحداث كانت تجري في بقعة جبلية نائية سكانها هم فقط من المقاتلين والمصابين في المعارك وقد نقلوا اليها ليتلقوا العلاج في أحد كهوفها الذي يشبه مجازا بـ«مستشفى طارئ» ليس فيه من مقومات الرعاية الصحية شيء. في ذاك الكهف المظلم والخانق الرائحة كان يرقد المصابون، يرعاهم طبيب كردي يقدم لهم ما في وسعه تقديمه. وبسبب قلة الامكانات كان على الطبيب «قهرا» ان يفرز المصابين. يفرز بين من سيتلقى العلاج وبين من سينقل الى خارج الكهف ليلقى حتفه، حيث يقوم هو بنفسه باطلاق رصاصة «الرحمة» عليه .

كانت عملية الفرز بسيطة ومرعبة، تحددها ألوان أوراق عادية، زرقاء، صفراء.. كل لون منها يقرر مصير الجريح نهائيا. إنه الفرز العجائبي بين الحياة والموت، بين مهمة الطبيب، كمنقذ وممارسته «القتل» المثيرة للجدل والسؤال عن جدوى التركيز عليها كثيراً!؟ بين الحيادية والمشهد الدموي المعاش. وبعد قليل سنشهد فرزا بين المصورين. ديفيد لم يعد يطيق البقاء ومشاهد الرعب، في حين يريد مارك المضي في عمله وانتظار لحظة الهجوم الكبير الذي يعده القادة العسكريون ضد الأكراد. كانا بدورهما يمثلان تباينا في النظرة الى المهنة والحياة نفسها. فديفيد كان يصور كل ما هو جميل، بخلاف ديفيد الذي يريد لصوره ان تعبر عن أشد اللحظات قسوة وتراجيدية. ومن الخلاف في الرؤى يظهر الخلاف في المصائر، فديفيد سيموت غرقا أثناء محاولة مارك نقله الى جهة آمنة من الجبل بعد تعرضه للغم أرضي. لقد أراد عبور النهر وهو يحمله فوق كتفه، فجرفه التيار .

 وجد نفسه وحيدا وسيظل يشعر بالوحدة حتى بعد وصوله الى بريطانيا. في موطنه سينهار نفسيا وسيخضع للعلاج، فما شاهده وعاشه هناك ترك أثرا عميقا في نفسه. ورغم محاولة تانوفيتش ملاءمة عمله مع الحالة النفسية لبطله، فإن حركة القسم الثاني «المحلية» جاءت بطيئة وغير مشبعة بحلول بصرية تبررها، ولولا الأداء الجيد لممثليه لوقع في مشاكل كثيرة، هددت باضاعة الجهد الكبير الذي بذله أثناء التصوير .

مرحبا

على نقيضه حافظ الفرنسي فيليب لوريه على مستوى ثابت لمسار فيلمه «مرحبا»، بل جعل من التطور البطيء للعلاقة التي جمعت بين الشاب الكردي الصغير بلال (الممثل فيرات ايفيردي) ومدرب السباحة سيمون كالمات (فينسيت ليندن) مسارا واقعيا لفيلمه. العلاقة بين الاثنين تطورت بالتدريج، ما أعطى دفعا ديناميكيا للعمل كله رفع من مستواه. أحداث «مرحبا» تجري في العام 2008، أي في الفترة التي أعقبت سقوط نظام صدام حسين، وقلت فيها هجرة الأكراد الى الخارج، لكنها بالطبع لم تنقطع نهائيا، كون الهجرة لا تأخذ نمطا وطابعا واحدا، فالناس تجبر على الهجرة لدوافع وأسباب كثيرة منها، بل على رأسها الحروب والظروف الاقتصادية الصعبة، ومنها ما هو شخصي و قد يتجمع في المهاجر كل ما ذكرناه من أسباب. الفيلم يقدم أسباب محاولة الكردي بلال ذو الـ17 عاما الوصول الى فرنسا، والانتظار في ميناء أو معسكر كلايس السيئ السمعة، بسبب ما يتعرض له المهاجرون فيه من سوء معاملة رجال الشرطة الفرنسية، الى كونه قادما من منطقة حرب، بغض النظر عن الواقع المتحسن في كردستان. ففي النهاية الفيلم روائي وليس وثائقياً، وهو يريد الوصول الى حبيبته «مينا» التي ذهبت مع عائلتها الى لندن حيث يقيم والدها. موضوع الرحلة سيتشعب الى أكثر من موضوع، الى مفهوم العلاقات الانسانية والحب .

سيمون ظل يعاني كثيرا بسبب انفصاله عن زوجته وهو انفصال لا يستطيع تحمله. وبلال يريد الوصول الى لندن لتحقيق حلمه الرومانسي وتجربته العاطفية التي يعيشها بقوة في سن مراهقته حتى لو عرض حياته للخطر، وهو يناقش، أيضا، مبدأ العدل وانعدامه من خلال النقد الشديد الذي يوجهه الى سياسة فرنسا ازاء المهاجرين، كما يتسع لبحث معنى الصداقة الحقيقية التي تجمع بين كل البشر. كل ذلك تطرق له «مرحبا» وعالجه بطريقة سينمائية رائعة، اعتمدت على سيناريو محبوك وعلى كاميرا ذكية وتمثيل جيد جدا، شارك فيه الكثير من الأجانب. وفي الشريط مفارقات جعلت منه عملا عميقا. وسيمون اهتم ببلال في بادئ الأمر زيفا، لأنه أراد من ورائه كسب ود مطلقته ثانية، وهي الناشطة في حماية المهاجرين .

ومع الوقت، وبعد تعرفه الى أسباب رحلة المراهق، يبدأ سيمون بالأقتراب من معاناة المهاجرين ومعرفة الأسباب القاهرة التي تدفعهم اليها، ومنها تعلم السباحة! فبلال أراد تعلم السباحة عنده لأنه كان يفكر في الوصول الى لندن عبر بحر المانش سباحة بعدما فشل في المرة السابقة في الوصول اليها عبر شاحنات النقل. المفارقة الأخرى تتمثل في كراهية جيرانه الفرنسيين المهاجرين التي تتناقض في جوهرها مع القيم الانسانية التي يدعونها ومع كلمة «مرحبا» التي تحفر وتخط فوق سجاداتهم الصغيرة المبسوطة أمام أبواب شققهم السكنية .

فمرحبا بالنسبة اليهم مجرد كلمة، لا علاقة لها بسلوكهم البخيل ازاء من يحتاجون الى الترحيب والضيافة. لهذا كله وجد سيمون نفسه متعاطفا مع بلال وزملائه الأكراد المهاجرين، فساعدهم كثيرا وتعرض بسببهم الى مشاكل مع السلطات الفرنسية، وذهب بعيدا حين ادعى تبنيه بلال ولدا، وحين خسره في الواقع أصيب بحزن عميق. لقد فقد صديقه الكردي الجديد حين أصر الأخير على عبور البحر فمات غرقا. وفي موازاة الحدث، مهد بلال بموته الفرصة لاعادة علاقة سيمون بزوجته ثانية. انه بناء درامي متسع على ضيق مساحته. انساني وعميق، منتقد للظلم ومتعاطف مع الحب ضد الكراهية. باختصار «مرحبا» رائع شكل الأكراد جزءا مهما من بنائه على مستوى الحكاية والتمثيل .

الأسبوعية العراقية في

29/08/2010

 

بسام كوسا في فيلم (كومبارس) .. أسلوبية تمثيلية متمكنة

عمان - ناجح حسن 

تتسم ادوار الممثل السوري بسام كوسا عادة بذلك العنفوان والتدفق الحيوي في الانغماس بالدور والانصهار بعوالم شخصيات مستمدة من حراك الواقع اليومي وهي ترمي إلى بلوغ الانعتاق والتحرر من قيود أحاطت بها مفاهيم لسائدة وتحولات اجتماعية وسياسية أو بفعل زخم وقوة التقاليد الموروثة .

تجيء مبادرة الهيئة الملكية الأردنية للأفلام التي تستهل مساء اليوم الاثنين بتكريم ممثل سينمائي مثقف في قامة بسام كوسا من خلال عرض ثلاثة من ابرز أفلامه السينمائية الطويلة لتشكل فرصة ثمينة لعشاق السينما ولمحبي أدواره بغية الإطلالة على نماذج تمثيلية فريدة تختزن الكثير من الأساليب الجمالية والدرامية التي برع في تقديمها الممثل الضيف في أكثر من محطة من مشواره الأدائي الدرامي الخصب.

(كومبارس) هو أولى أفلام الاحتفالية التي أدى فيها كوسا احد ابرز أدواره السينمائية اللافتة تحت إدارة المخرج نبيل المالح التي عاين فيها حالة شاب يعاني من أزمة فراغ عاطفي ويعمل بين حين وآخر ممثل في ادوار سنيدة (كومبارس) ينجح في إقناع صديقه بان يعيره شقته لمقابلة امراءة مطلقة ينوي الارتباط بها.

يختصر المخرج المالح بأحداث فيلمه البسيطة وغير المتكلفة المتصاعدة الكثير من تفاصيل الحياة اليومية وتعقيداتها حيث ينجح العمل في توفير زخم جمالي يتكيء على عناصر ومفردات من التكوينات التشكيلية والبصرية في فضاء ثابت ومحدود بجاذبية فريدة في السينما العربية.

وينهض كوسا بالدور الأساسي بالفيلم والى جواره زميلته الممثلة سمر سامي حيث براعة المخرج في إدارته المحكمة للممثلين بالأدوار الرئيسية وذلك الاعتناء في القبض على مفاصل الشخصية هي محور لأدوار شخصيات عابرة متنوعة تطل وتتوارى بين لحظة وأخرى ضمن نسيج وقائع الفيلم.

اضطلع كوسا في (كومبارس) بدور ذلك الشاب البسيط الهاديء الطباع الباحث عن فرصة للتواصل مع شقه الآخر وقدمه بفطنة ونباهة عالية الحضور والمستوى بعيدا عن افتعال لمواقف من الدعابات المصطنعة أو صراخ وزعيق أجوف بل على النقيض من ذلك ففيه أكثر من مساحة يبث فيها تأملاته ومكابداته تجاه واقع ومستقبل مفتوح على عناصر من المفاجأءات .. عارضا لهمومه ودواخلياته إمام شريكته المتمسكة بذلك الأمل في العيش والاستقرار .

 لا يلبث كوسا أن يتنقل بالدور إلى درجات تصعيديه متسلحا بحرفية المبدع الواعي دون ان يفلت منه إيقاع الفيلم السينمائي في التزام دقيق بمكونات وآمال وآلام الشخصية وما تواجهه من فيض الأحاسيس والمشاعر المختزنة والمكبوتة بحيث تتناغم ورؤية صانع الفيلم .

نال كوسا عن فيلمه (الكومبارس) جائزة التمثيل من مهرجان السينما العربية في باريس مثلما نال مخرجه نبيل المالح جائزتي أفضل سيناريو من مهرجان فالنسيا وأفضل مخرج في مهرجان القاهرة السينمائي .

يعتبر المالح من بين اشهر صناع السينما العربية الجديدة وهو من مواليد دمشق ودرس الإخراج السينمائي في معهد السينما ببراغ وأنجز منذ بداية فترة السبعينات من القرن الفائت إلى اليوم العديد من الأفلام التسجيلية والروائية المتفاوتة الطول .

من بين أفلام المخرج نبيل المالح الروائية الطويلة إلى جوار (الكومبارس): (رجال تحت الشمس)، (الفهد) الحائز على جائزة لجنة التحكيم في مهرجان دمشق الدولي لسينما الشباب العام 1972، (بقايا صور)، (السيد التقدمي)،

ومن بين أفلامه القصيرة: (إيقاع دمشقي)، (نابالم) ، (الدائرة، (النافذة)، (الصخر) .

يعمل المالح حاليا بالتعاون مع فرقة إنانا السورية على إنجاز عمل سينمائي تدور أحداثه حول شخصية صلاح الدين الأيوبي وهو عمل ضخم يجمع بين السينما والرقص والمسرح بحيث تصبح الخشبة مكملة للشاشة في تقنية تجريبية جمالية مبتكرة في تجديد مفردات اللغة السينمائية للفيلم العربي .

الرأي الأردنية في

29/08/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)