استضافت احدى القنوات العربية مغنية الفيديو كليب مريام فارس ودار الحديث
حول فيلمها (سيلينا) فشعرت أنهم يتحدثون حول كليب طويل، مع تسرب الملل من
إيقاع الحوار، ولكن فجاءة قفز عبر ذهنى أننى تابعت أخبار عن إنتاج العمل،
وتذكرت مجموعة من الأسماء مثل "الرحبانية" ودريد لحام ونادر الاتاسى وحاتم
علي، فأدركت مدى ضآلة وجهل مقدمى البرنامج اللذين تجاهلوا عمالقة الممثلين
وتعاملوا مع مريام فارس وكأنها هى الممثلة المخضرمة أو نجمة هوليوود التى
قادت الفيلم إلى النجاح.
فيلم (سيلينا) مأخوذ عن مسرحية "هالة والملك"
تدور أحداث الفيلم حول احتفال مدينة "سيلينا" بعيد سنوى هو عيد "الوجه
الثاني" حيث يلبس الناس أقنعة، ويمثلون أدواراً فى سهرة العيد لكن هذه
السنة، يطلب الملك (جورج خباز) أن يلغى الاحتفال بسبب نبوءة للعراف (تنطون
كرباج) تقول إن أميرة ترتدى قناعاً سوف تحضر هذه الليلة إلى العيد وهذه
الأميرة قدرها أن تصبح عروسا للملك فيطلب الملك من الجميع أن ينزعوا
الأقنعة، حتى يتمكن من معرفة الأميرة وقد شاءت الأقدار أن تصل هالة "مريام"
بعد أن تركها أبوها "هبّ الريح" (إيلى شويري) وذهب ليسكر فى حانة جوريا
(ليلى اسطفان) تاركاً ابنته علّها تبيع الأقنعة فى أية حال، ظنّ أهل
المدينة أنها الأميرة المنتظرة عندما رأوها، وأخذوها إلى القصر فى حالة من
الاضطراب، وألبسوها ثياباً تليق بمقام الملك، وعبثاً كانت تحاول أن تخبرهم
قصتها الحقيقية، ثم دلّتهم على الطريق الذى يؤدى إلى الحانة التى يشرب فيها
أبوها، لكى يأتوا به، علّه يثبت صحة أقوالها ورفضت دعوة الملك للبقاء فى
قصره وفضّلت النوم فى ساحة المدينة وعندما أحضر الحراس هب الريح أخيراً،
فكّر فى الفرصة النادرة التى أتيحت لابنته حتى تعيش حياة أفضل، وهى الحياة
التى لم يقدر أن يوفرها لها طوال عمره لذلك فقد أنكر ابنته، استاءت هالة من
أبيها، وقالت له إنها تفضله سكراناً على أن يكون صاحياً، لكن الوقت كان قد
فات لإصلاح الخطأ أعلن الملك عن أربعين يوما احتفالا بالعرس وجاء أهالى
سيلينا، بمن فيهم المقربون من الملك، ليطلبوا منها قائمة طلبات مما
يحتاجونه من ملكة المستقبل حاولوا أن يقنعوها بأن تتزوج الملك فى جميع
الأحوال لأجل منفعتهم جميعاً واستغلال الملك بمساعدتها بالإضافة إلى
منفعتها هى أيضاً فى المستقبل قالت لهم إنه بدون الحب لا معنى لأى شيء مما
ذكروه، وكما عينوها أميرة، فهى تمتلك القوة والحق فى أن ترفض الزواج من
الملك وأمر الملك أن تحضر الأميرة. أخبروه أنها تعد نفسها للاحتفال، لكن
شحاذ المدينة (دريد لحام) أخبره بحقيقة أن هالة ترفض الزواج منه فتنكّر
الملك بثياب الشحاذ وقابل هالة ليعرف منها سبب الرفض وعلم الحقيقة منها
أخبرته عن الفقر فى المدينة، وعن غش مساعديه كررت رفضها الزواج من الملك
واستغلاله ثم اكتشفت أنها تتحدث مع الملك ذاته وكانت مندهشة كيف تكلما
ببساطة وتنتهى الأحداث بأن تغادر هالة المدينة كالصحو من حلم تخرج منه كما
دخلته فقيرة وشريفة.
فيلم سيلينا من إنتاج نادر الأتاسى الذى يعلن عن إنتاج هذا الفيلم منذ
ثمانينيات القرن الماضى ونادر الأتاسى يملك فى سجله أفلاما عربية مهمة فقدم
للفنانة فيروز أفلام (بنت الحارس ـ سفر برلك ـ بياع الخواتم) وللفنان دريد
لحام (الحدود - التقرير ـ كفرون) بالإضافة إلى مسلسل (الملاك الثائر) الذى
يتداول قصة حياة جبران خليل جبران، وهاهو اليوم يضيف فى سجله فيلم سيلينا.
الفيلم كما واضح مأخوذ عن رائعة الرحبانية (هاله والملك) وقام بكتابة
السيناريو السينمائى الراحل (منصور الرحباني) بمشاركه (غدى الرحباني) وإن
كان السيناريست قدم معالجة سينمائية ليختلف عن النص المسرحى فلجأ إلى تقسيم
الفصول واختصارها لكسر الوحدة المشهدية إلا أنه انحصر فى الديكورات
الرئيسية مما أخفق حالة الفصل كما تم إضافة خط جديد وهو الثوار بقيادة
(باسل خياط) لكسر الأحداث وصنع إيقاع مختلف وكان عيبه الوحيد هو الشكل
الغربى وقناع زورو الذى يضعه كما تم حذف أغلب أغانى المسرحية السبع والتى
كانت تقدمها (فيروز) واكتفى بالأغانى الدرامية مثل (لا لا.. أنا اسمى هالة)
و(الفساتين) لاختصار الوقت، وتم تعديل النهاية ليبدو الفيلم كحلم وليس
حقيقة، ورغم كل تلك التعديلات إلا أن السيناريو لم يتخلص من أهم الملامح
المسرحية به وهى الحوار المسرحى رغم جماله إلا أنه لم يكن مناسبا للسينما
أغلب الأحيان مثل حوار الملك والشحاذ.
الموسيقى التصويرية رعد خلف حاولت اللحاق بالرحبانية فى سباق انتصر فيه
الرحبانية حتى جاءت نغمات رعد مخالفه للتناغم اللحنى للعمل ككل.
من الصعب الحكم على أداء مريام التمثيلى لأن مسرحيه "هالة والملك" غير
متوفرة بأداء فيروز، ولكن الحكم على الأداء الصوتى يؤكد أن مريام فى أفضل
حالاتها الغنائية لم تقترب من بعيد بأداء الرحبانية وحالاتهم الروحانية
التى عاشها معهم إلى جوار فيروز كل من صباح وعفاف راضي، وأخيرا لطيفة
والعيب هنا يعود إلى من قام بتدريبها قبل الفيلم وهو من تسبب فى كشف عيوبها
الصوتية.
العربي المصرية في
27/10/2009
مؤتمر للحوارات بين مثقفى العالم
دورة مصرية الهوى فى مهرجان الإسماعيلية الدولى
للأفلام التسجيلية
والقصيرة
صفاء الليثي
أكسب تكريم اسم حسن التلمسانى لدورة مهرجان الإسماعيلية الأخيرة تميزا خاصا
بالكشف عن المستوى الرائع للسينما التسجيلية فى مصر فى حقبة عبد الناصر.
وبالكشف عن موهبة حسن التلمسانى ليس فقط مديرا للتصوير الفائق ولكنه مخرج
له تميز خاص ظهر فى فيلمى "البحر زاد" و"يا نيل".
بنى الفنان فيلمه على قصيدة لصلاح جاهين نسمعها بصوته مع مشاهد فيضان النيل
والفلاحين وهم يقاومون جموحه عند الفيضان وينتظرونه فى أوقات شحه. ويركز
"البحر زاد" على عمل الفلاحين فى إغلاق بوابات سد دمياط واحتفالهم عندما
تغمر المياه الحقول. والفيلمان يمثلان مقدمة لضرورة العمل على بناء السد
العالى للاستفادة من مياه الفيضان وتنظيم جموح النهر العظيم.
حضر أمسية عرض أفلام المكرم حسن التلمسانى مدير التصوير محسن أحمد وأدار
النقاش بعد العرض المخرج هاشم النحاس. وكانت ندوة ثرية انتقلت من الاحتفاء
بالأفلام إلى مناقشة عدم عرضها وكيف نصل لطريقة لكى تشاهد الأجيال الجديدة
كنوز السينما التسجيلية المعبرة عن مناخ عام كان الحلم القومى فيه دافعا
للفن، سينما وشعرا وفنونا تشكيلية، ومنعكسا على مظاهر للحياة ظهرت مع فيلم
" فن الفلاحين " للمخرج عبد القادر التلمسانى متناولا تجربة أحد مثقفى مصر
من الصفوة وتعامله مع فن الفلاحين ليظهر فى شكل إبداعات تلقائية على سجاجيد
من الصوف الملون بخامات طبيعية. غاب عن التكريم مجدى عبد الرحمن صاحب الجهد
الكبير فى تجميع الأفلام وإعادة طبعها بإخلاصه المشهود كما ذكر على أبو
شادى رئيس مهرجان الإسماعيلية فى كلمة ختامه والتى كانت حميمة ودافئه تشبه
دورة المهرجان لهذا العام. دورة تميزت بالافتتاح بفيلم مصرى هام " ينابيع
الشمس " حتى لو كان مخرجه أجنبيا ولكن اللافت أن تميز الفيلم الأساسى كان
لتصوير حسن التلمساني، لتكتمل أفلام التكريم إلى عشرة أعمال تبدأ بالنيل
وتمر على الحضارة المصرية القديمة وتنتهى بتناول شخصيات فنية حديثة تستلهم
الفن المصرى القديم وتقدمه فى أعمال زيتية أو نحتية تستمد أهميتها من
تميزها المحلى فى تعبيرها عن روح الفن المصرى وتميز نماذجه الشعبية. أسجل
فى ذاكرتى ليلة الخميس 15 أكتوبر يوما لاينسى رفعنا فيه رءوسنا لأننا نمتلك
هذه الكنوز من أفلام استمدت تميزها من مناخ كان لدينا فيه حلم قومى نلتف
حوله.
قد نتفق أو نختلف على مستوى الأفلام المشاركة فى قسمى التسجيلى بنوعيه
الطويل والقصير، ولكن هناك إجماعا على تميز أفلام التحريك والأفلام
الروائية القصيرة. كما استقبلت بارتياح شديد نتائج جوائز التحريك بمنح
جائزة أفضل فيلم للفيلم الأرجنتينى "وظيفة" منتقدا النظام الرأسمالى حيث
يستخدم الناس فيه كأدوات تنتهى بالموظف -الذى شاهدناه يستغل الجميع- دواسة
لقدم رئيسه فى دائرة لا تنتهى عن استغلال الجميع وقهرهم. جمع "الوظيفة" بين
قوة الفكرة وبين الأسلوب الفنى وملاءمة التصميم وقدرته على التعبير عن معنى
الفيلم. وحصل على جائزة لجنة التحكيم " التلفريك " من فرنسا راصدا رحلة رجل
مسن على التلفريك وعطسته المستمرة. الفيلم له قراءات متعددة ويمكن أن نصل
لقراءه عن اقتراب الموت ومقاومة العجوز له بشتى الطرق.
فى مؤتمرات وورش العمل للجمعيات الأهلية هناك تقليد بإجراء تقييم للسلبيات
والإيجابيات يقوم به المشاركون فى العلن، يعقد دائما فى اليوم الأخير قبل
الختام. وأقترح أن يتم فى مهرجان الإسماعيلية حتى يمكن رصد آراء المشاركين
من أجانب وعرب ومصريين لتلافى المشاكل فى المرات القادمة، والتمسك
بالإيجابيات والعمل على تطويرها.
يتميز مهرجان الإسماعيلية بشكل المعسكر المنغلق حيث تدور أحاديث ومناقشات
تكون غالبا استكمالا لما دار فى الندوة القصيرة بعد عروض الأفلام. نتقارب
فيها ونغير من الصورة النمطية المطروحة فى الإعلام عن الغرب والمسلمين.
لقاءات تتم بشكل حر غير رسمى نتحاور فيها بادئين بالأفلام منتهين بالحديث
عن القيم الاجتماعية والاختلافات بيننا. أحد هذه الحوارات دار مع المخرج
السويسرى لفيلم عن سكان القرنة "طيبة فى ظل القبور" الذى تباينت الآراء
حوله بشدة وكان النقاش ساخنا بين الرافضين للفيلم وبين من وصل للمعنى الدى
أراده مخرجه عن تقديم جانب آخر للأقصر لا يراه السائح يركز على سكان القرنة
ومأساة هدم منازلهم القديمة التى بنيت وسط آثار الفراعنة من أجدادهم
القدماء. كان "جاك سيرون" الأكثر سعادة بين المخرجين الأجانب للجدل الدى
أثاره فيلمه. وفى نقاش على العشاء مع المخرجة " ياسمين كبير" من بنجلاديش
ومع جاك وماجدة موريس ومحمد الروبى تواصل الجدل وأعربت ياسمين عن اعتقادها
بأن مهرجان الإسماعيلية أهم مهرجان تحضره نظرا لتجمع الجميع فى القرية
الأوليمبية حيث فرصة مثل هذا الحوار الحر. ياسمين قدمت فيلما عن عمال
الموانئ رصدت فيه بشاعرية جهدهم فى العمل اليدوى الشاق، شبهتهم بالمسيح،
وتردد صوت الأذان فى خلفية المشاهد. خرجت ياسمين بجائزة النقاد التى أعلنها
رئيس اللجنة الناقد الكبير مصطفى درويش، كما حصلت على جائزة أفضل فيلم
تجريبي، وإن اتفق الجميع على أن الفيلم تسجيلى قصير وليس فيلما تجريبيا وهو
ما يحيلنا إلى الندوة الدولية التى يعدها سيد سعيد كل عام. وكان موضوعها فى
دورة الإسماعيلية 13 عن "الفيلم التسجيلى فى عصر القنوات الفضائية" ولكنها
امتدت لتحديد معنى الفيلم التسجيلى والتفريق بينه وبين الوثيقة، وكانت ندوة
هامة أسفرت عن رغبة الجميع فى تقديم موضوعها فى حلقة بحثية مطولة ضمن نشاط
لجنة السينما بالمجلس الأعلى للثقافة.
ثمانية أيام كانت بمثابة دورة تثقيفية "كورس" مكثف لدراسة أحوال السينما
التسجيلية والقصيرة. لا تكفى هذه المساحة للتعبير عن كل مادار بها.
العربي المصرية في
27/10/2009 |