|
منذ نهاية الخمسينيات وقبل أن تضع الحرب العالمية الثانية أوزارها ويتضح
حجم جرائم النازية ضد البشرية وإبادة الأعراق من غجر ويهود وغيرهم انطلقت
آلة السينما الصهيونية والغربية بشكل عام في معزوفة درامية مأساوية تصور ما
تعرض له اليهود من اضطهاد وتطهير عرقي من معسكرات ومحارق النازية في
المانيا وبولندا وفرنسا والمجر وكل مكان احتلته قوات هتلر ودون مؤامرة أو
اتفاق مسبق بين جميع الأطراف اختارت تلك الأفلام أن ترسم لليهودي صورة
الإنسان المسالم المتحضر دمث الأخلاق، الذي يتعرض لأبشع أنواع الجرائم ضد
الإنسانية، فيوضع في المحارق وأفران الغاز ويجبر على حفر قبره بيديه في بعض
الحالات. وقد مهدت هذه المعزوفة دون شك بشكل قصدي من الغالبية ودون تعمد من
البعض لكسب تعاطف الرأي العام الغربي مع فكرة إقامة وطن قومي لليهود في
فلسطين، واعتبار أن المقاومة التي شهدها مشروع إقامة الدولة من الفلسطينيين
وبعض العرب هو استمرار للإبادة والعنصرية ضد اليهود، وحتى بعد قيام اسرائيل
ولسنوات طويلة ظلت السينما الأمريكية تعود من حين لآخر الى صورة اليهودي
المضطهد المسحوق والمستهدف بالإبادة لتبرير ما ترتكبه اسرائيل من جرائم ضد
الفلسطينيين وجيرانها من العرب وربما كان أشهر هذه الأفلام عن صورة اليهودي
الضحية للإبادة النازية هو فيلم المخرج ستيفن سبيلبرج قائمة شندلر الذي
انتج في عام 1993، ومنذ بضع سنوات بدأت صورة جديدة لليهود في الظهور في
سلسلة من الأفلام الغربية وحتى الإسرائيلية بمكونات تختلف بل وتتناقض
تماماً مع الصورة التقليدية للضحية المسجونة هي صورة اليهودي المقاتل الشرس
والمنتقم من مضطهديه من النازيين ومن غيرهم ايضاً من الفلسطينيين والعرب
ولعل أشهر هذه الأفلام هو أيضاً فيلم المخرج ستيفن سبيلبرج ميونخ والذي
يصور الانتقام الدموي لجهاز الموساد الإسرائيلي من كل من خطط ونفذ عملية
قتل عدد من الفريق الأولمبي الإسرائيلي في دورة الألعاب الأولمبية في ميونخ
وبعيداً عن نظرية المؤامرة لا يمكن إنكار أن الفيلم قد حمل قدراً من
الإدانة والانتقاد لعملية الانتقام الدموية التي نفذها الموساد وأتاح لعدد
من شخصياته العربية تقديم مبرراتها للقيام بعملية ميونخ.. وفي العام الماضي
وهذا العام قدمت السينما الإسرائيلية فيلمين مختلفين تماماً عن السائد في
السينما اليهودية هما فيلم فالس مع البشير وفيلم لبنان الذي فاز مؤخراً
بالجائزة الكبرى لمهرجان البندقية ويصور كلا الفيلمين تجربة المجندين
الإسرائيليين في لبنان وما عانوه من تأنيب للضمير نتيجة لما ارتكبوه من
أفعال.. فيصور الفيلم الأول الذي نفذ بالرسوم المتحركة عملية حصار معسكري
صبرا وشاتيلا من قبل القوات الإسرائيلية وإتاحة الفرصة للقوات اللبنانية
المارونية لتنفيذ المجزرة الشهيرة. أما الفيلم الثاني فيصور طاقم دبابة
إسرائيلية يشارك في غزو لبنان ويرتكب الكثير من الفظائع مجبراً في خضم
المعركة.. وإذا كانت هذه الأفلام تحاول أن تقدم نظرة متوازنة لليهودي الذي
تحول من الضحية المسحوقة الى جلاد مقاتل منتقم فإن سلسلة أخرى من الأفلام
الحديثة تحاول أن تعود لتاريخ الحقبة النازية من جديد لتقلب صورة اليهودي
الضحية المستسلمة للاضطهاد والإبادة الى صورة المقاتل المقاوم الذي لا
يتورع عن استخدام أبشع الأساليب وأكثرها دموية لبث الرعب في نفوس النازيين
وإرهابهم انتقاماً لما قاموا به ضد اليهود فقد ظهر في هذا الموسم فقط اكثر
من فيلم يعود من جديد لأحداث الحرب العالمية الثانية كان أكثرهما رواجاً
فيلم التحدي من بطولة دانيال كريج وفيلم أوغاد غير جديرين بالمجد من
بطولة براد بت والذي عرض مؤخراً في الدوحة.. ففي الفيلم الأول تدور القصة
حول شقيقين من اليهود يختار كل واحد منهما طريقاً مختلفاً للتصدي لاضطهاد
النازية لليهود فاختار الأول الدفاع عن مجموعة من اليهود المسالمين
الهاربين من جحيم النازية الى منطقة غابات معزولة أما الثاني فيختار
الانضمام الى القوات السوفييتية في محاربة النازية أما فيلم أوغاد غير
جديرين بالمجد فيجسد بأكثر الأشكال وضوحاً هذا التحول في صورة اليهود حتى
في فترة النازي من الخانع المستسلم الى المقاوم الشرس فيروي لنا قصتين
متوازيتين الأولى قصة فتاة يهودية فرنسية تشهد مقتل عائلتها بكاملها على يد
قوات النازي ثم تهرب لباريس لتتحول الى صاحبة ومديرة دار سينما تستعد لعرض
فيلم دعائي نازي سيحضره هتلر ووزير دعايته جوبلز فتقرر أن تحرق السينما بهم
والقصة الثانية الموازية عن فصيلة يتم تجنيدها من الجنود الأمريكيين اليهود
المشهود لهم بالقسوة والعنف وعدم الرحمة للقيام بإنزالها في فرنسا للقيام
بعمليات ترهيب للقوات النازية فتقوم المجموعة بقتل عدد كبير منهم وسلخ
فروات رؤوسهم دون رحمة ودون أخذ أسرى أحياء حتى لو استسلموا لهم وتلتقي
القصتان عند محاولة قتل هتلر وجوبلز في دار السينما والتي كادت أن تفشل
لولا صفقة يعرضها الضابط النازي المتخصص في اصطياد وقتل اليهود التي تقضي
بأن يتركهم ينفذون مؤامرتهم في مقابل أن يحصل على عفو الحلفاء عن جرائمه
واعتباره عميلاً متعاوناً وبعد أن تنجح العملية ويسلم نفسه للمجموعة
اليهودية لتنفيذ الاتفاق يغدر هؤلاء به ويذبحه قائده بعد أن يرسم بخنجره
علامة الصليب المعقوف على جبهته.
الراية القطرية في
22/10/2009
في حفل إطلاق مشروع مسارات
جمهور قصر رام الله الثقافي يتفاعل مع أفلام المخرجات
الأربع
رام الله -
الراية:
تفاعل جمهور قصر رام الله الثقافي، بشكل غير مسبوق مع أفلام فرط رمان
الدهب لغادة الطيراوي، وبعيداً عن الوحدة لسوسن قاعود، و سامية لمحاسن
ناصر الدين، و أول حب لديمة أبو غوش، والتي شكلت في مجموعها مشروع
مسارات السينمائي لمؤسسة شاشات، والمدعوم من الاتحاد الأوروبي.
وتناول فيلم فرط رمان الدهب لغادة الطيراوي موضوع الصمت النسوي، عبر
الربط ما بين الحكاية الشعبية التي حمل الفيلم اسمها، وما بين شهادات
لفتيات فلسطينيات عانين من تحرش داخل إطار العائلة، أو ما يعرف باسم سفاح
القربى ، في فيلم وصفه الجمهور بالجريء والمهم، خاصة أن المخرجة لم تنحز
للموضوع على حساب تقنيات الفيلم، التي أبهرت الجمهور، عبر التصوير المبتكر،
والرؤية الإخراجية رفيعة المستوى، واستخدام الرسوم المتحركة.
أما بعيداً عن الوحدة لسوسن قاعود ويسلط الضوء على معاناة ثلاث مزارعات
فلسطينيات، وعرض بحضور اثنتين منهن، فحاز على إعجاب الجمهور باعتباره
فيلماً مؤثراً، أضاء زوايا مهملة في حياة شريحة مهمة من نساء الريف
الفلسطيني، عبر معاناتهن اليومية لتأمين لقمة العيش، وعلاقاتهن الأسطورية
مع العرض.
أما فيلم سامية لمحاسن ناصر الدين، فركز على حكاية معلمة مقدسية تواجدت
بين جمهور قصر رام الله الثقافي، وسلط الضوء على قضايا مهمة تتعلق بنضال
هذه المربية من أجل صمود المقدسيين في ديارهم، وصراعها المستمر نحو نصرة
التعليم، وتثبيت الهوية الفلسطينية في القدس، بمواجهة سياسات التهويد
المستمرة منذ عقود.
ووصف الجمهور فيلم أول حب لديمة أبو غوش، وتناول حكايات لشابات فلسطينيات
حول الحب الأول أو ما يعرف باسم حب المراهقة في حياتهن، بالفيلم الرقيق
، حيث يبحث في عوالم نسوية جديدة لم يسبق التطرق إليها، والمميز أن الشابات
تحدثن بجرأة وشفافية أمام الكاميرا عن حكاياتهن، التي لا يزال بعضها
مستمراً، في حين أن أغلبها بات ذكرى تثير الضحك والسخرية أو الأشجان.
وشددت وزيرة الشؤون الاجتماعية ماجدة المصري، بعد أن وصفت شاشات بالمؤسسة
الريادية في مجال سينما المرأة في فلسطين، على أهمية مشروع مسارات كتجربة
فنية ثقافية فلسطينية متميزة، تؤكد على قدرات النساء الفلسطينيات الإبداعية
على أكثر من صعيد.
من جهته أشار كريستيان برغر، ممثل الاتحاد الأوروبي في الأراضي الفلسطينية،
إلى أن أهمية مسارات كمشروع إقليمي يهدف إلى تقديم صور إيجابية ومغايرة
عن حياة النساء في المنطقة، مشيراً إلى المواضيع التي ناقشتها الأفلام
الأربعة وأنتجتها شاشات ، تطرح قضايا حساسة ومثيرة للجدل في المجتمع
الفلسطيني، وربما المجتمع العربي والعديد من مجتمعات العالم.
أما د. علياء أرصغلي، مدير عام شاشات، والمشرفة على المشروع ومنتجة
الأفلام، فتحدث عن مجمل تجربة شاشات، وكيف أن مشروع مسارات يصب في صلب
أهداف المؤسسة التي تأسست قبل خمس سنوات، مؤكدة أن فلسفة شاشات تقوم على
إدراك أهمية الثقافة في حياة المجتمع، فالثقافة روح الإنسان، والمرأة جزء
مهم في الحالة الثقافة كمنتج للثقافة، وليس فقط مستهلك لها.
وتحدثت أرصغلي عن إنجازات شاشات فيما يتعلق بمهرجان شاشات السينمائي الذي
ينطلق بنسخته الخامسة مطلع الشهر المقبل.
وقامت المصري برفقة برغر وأرصغلي بتكريم المخرجات والمشاركات في الأفلام من
نساء، في وقت عبرت فيه المخرجات عن سعادتهن بالتجربة، معربات عن أملهن في
تكرارها لما فيه خدمة للقطاع السينمائي الفلسطيني بشكل عام، وسينما المرأة
في فلسطين على وجه الخصوص.
الراية القطرية في
22/10/2009 |
