تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

فخفخينو.. كوكتيل من الاستخفاف والاستعباط ماركة أفلام الثمانينيات

كتب محمود عبد الشكور

لا يمكن أن تتعامل بجدية مع فيلم يتعامل مع عقلك طوال الوقت باستخفاف شديد، ولقد اتعستني الظروف وازعجتني الصدف هذا العيد بمشاهدة أحد تلك الأفلام الهزيلة التي تكدست انتهازًا لفرصة غياب النجوم، الفيلم اسمه "فخفخينو" وكتبه "أحمد عبدالسلام" أخرجه المخرج الغائب منذ سنوات عن السينما "إبراهيم عفيفي"، ولأن الفيلم لا علاقة له بالجدية فقد هاجمني الضحك في كثير من المشاهد، بل بدا الفيلم نفسه كما لو كان ديناصورًا منقرضًا بُعث فجأة ليسير في الشوارع في الألفية الثالثة، واعتقدت في أوقات كثيرة من الفيلم الطويل أنني ضغطت بدون قصد علي أزرار عجلة الزمن فعدت للوراء وتحديدًا لسنوات الثمانينيات أو التسعينيات وتخيلت أنني أشاهد أحد أفلام تلك السنوات، بل أسوأ ما في تلك الأفلام حيث يتكدس ألف صنف وصنف: حريم ومخدرات وعصابة وأغنيات درجة عاشرة وحمامات سباحة وممثلون انصرفت عنهم أضواء السينما، وممثلون كانوا من لاعبي الكرة أو كمال الأجسام وعبارات إنشائية تحاول أن تحمل موعظة، باختصار "كوكتيل" من كل شيء علي طريقة بعض أفلام الثمانينيات التي ادخلت السينما نفق المقاولات المظلم!

لماذا تذكرت الديناصور؟

 لأن عددًا معتبرًا من صناع الفيلم يعودون بعد غياب طويل ومنهم "يوسف شعبان" الذي كنا نظن أنه اعتزل الشاشة البيضاء بعد أن اعتزلته، أو كنا نتخيل أنه سيعود إليها بفيلم كبير كما فعل زملاؤه في أفلام مثل "عمارة يعقوبيان" أو "الجزيرة" أما إبراهيم عفيفي المخرج فقد اشتهر في أفلامه بتلك التركيبة الشعبية التي حقق بعضها نجاحًا في الماضي فقدم أعمالاً مثل "السيد قشطة" و"العجوز والبلطجي" و"شوادر"... إلخ، وهي أفلام تقترب من فكرة السوبر ماركت العملاق حيث يجد كل زبون مبتغاه من الرقص والنساء الجميلات إلي الضرب والمخدرات والمطاردات.

ولكن "فخفخينو" أسوأ حتي من هذه الأعمال السابقة وأرجو أن تصبر علي كما صبرت أنا علي المشاهدة، وتخيل معي فيلمًا من ساعتين تقضي الساعة الأولي منه ولا يوجد لدي "يوسف شعبان" أو "رشدي البنهاوي" ما يفعله سوي "البصبصة" علي النساء وفي وقت فراغه يتحدث أحيانًا لمساعده "عماد" (شريف عبدالمنعم) لإتمام صفقات عن تهريب الهيروين تحت ستار شركة للإنتاج الفني، وأخري لمستحضرات التجميل، معظم مشاهد الأخ "رشدي" الطويلة وهو يبتلع ريقه أمام رقصة "نادية لطفي" لزوجها "عبدالمنعم إبراهيم" في أحد أجزاء الثلاثية، وسنعرف فيما بعد أنه يعشق الخادمات، وأن سكرتيرته الحسناء "نهلة" (رانيا يوسف العائدة أيضًا للسينما بعد غياب) ترتدي ملابس مُهلهلة لتوقعه في شباكها، وأنها تعمل مع عصابة أخري غامضة، ولأن المخرج من أنصار مدرسة الراحل "حسن الإمام" التي تعطي أهمية خاصة للجزء السفلي من المرأة فإن الكاميرا ستنخفض لكي تبرز التضاريس علي طريقة أفلام السبعينيات المنقرضة، والأعجب أن عصابات المخدرات في الفيلم قادمة أيضًا من الأفلام القديمة البائدة، بل إن نجوم العصابات القدامي الكبار كانوا أفضل بالتأكيد، "عادل أدهم" و"فريد شوقي" و"المليجي" ومعهم "نجوي فؤاد" مثلا أعظم كثيرا من "شريف عبدالمنعم" و"حمدي السخاوي" واثنين من الوجوه غير المعروفة.

طالبتك في البداية بالصبر، لأن "فخفخينو".. وهو فيلم ألف صنف.. وصنف "كما اتفقنا، لا يحتوي فقط علي صراع "رشدي" مع "عماد" و"نهلة" وعصابات المخدرات، ولكن فيه حكاية موازية تقتحم مشاهد الحكاية الأساسية، والحكاية بطلها ثلاثة شباب هم "فرحان" و"رايق" و"سعيد".. شوف الاستظراف، يفترض أنهم ثلاثة جامعيين يبحثون عن عمل، وحتي عندما يعملون يفصلون منه.

أحدهم "فرحان" (مصطفي هريدي) فصل في حادثة مفتعلة من عمله كجارسون، و"رايق" (أحمد التهامي) دخل في مباراة ملاكمة ضرب فيها ونال منها جنيهات قليلة، أما "سعيد" فهو خريج تجارة، وعاشق لابنة "رشدي"، ومؤلف لسيناريو فيلم اسمه "فخفخينو" يقدمه لشركة "رشدي" بك، ولأن اسم الفيلم أعجب المخرج أو المؤلف فقد وجدا له مهمة حيث يفترض أن ينفذ "رشدي" ما جاء في السيناريو الذي قدمه الشاب فيحقق صفقة ضخمة!.

يمكنك ببساطة أن تحذف الجزء الطويل العريض الذي ظهر فيه الشبان الثلاثة خاصة أنهم لا يرتبطون بالحكاية الأصلية إلا من خلال الشاب "سعيد" الذي يعمل في المخدرات مع صهره، ويمكن أن تختصر الساعة الأولي من الفيلم إلي ما لا يزيد علي ثلث الساعة، وحتي في هذه الحالة سيكون لديك فيلم عن عصابات المخدرات قديم وهزيل لا يمكن مقارنته بمشاهد الذكاء المتبادلة في نهاية فيلم "بدل فاقد" مثلا، وهناك في "فخفخينو" شخصية تؤديها الراقصة "بوسي سمير" بذل المؤلف جهودا مضنية لإدماجها في الأحداث بلا جدوي، فقد حاول أن يجعلها عشيقة لـ"رايق" ولكن الأخير رفض، فانتهي بها المطاف عشيقة لـ"رشدي بك" الذي قادها إلي حجرة العمليات - كما يسميها، ولكن بعد أن استبدلت ملابسها لتكون مثل الخادمات، والمدهش فعلا أن الفيلم يبدأ و"رشدي بك" متزوج من شابة جميلة ولكنها تخونه مبكراً.

وأنا مكبل في مقعدي وسط عدة أنفار في قاعة شبه خاوية، ووسط مناخ قطبي شديد البرودة بسبب جهاز التكييف كانت لدي أمنية وحيرة هي أن يقتل أبطال الفيلم بعضهم، وهو ما تحقق ولكن بطلوع الروح، في اللحظات الأخيرة باستثناء البطل "رشدي بك"، كنت أيضا شديد الغضب لأن "يوسف شعبان" اساء إلي نفسه مرتين: مرة بالعودة من خلال فيلم رديء علي كل المستويات، ومرة لأنه فشل حتي في أداء الشخصية، وعبثا كان يحاول تجسيد بريق الشهوة فتخذله عيناه، وغضبت أكثر لوجود أسماء مثل "هاني شنودة" (موسيقي) "سعيد شيمي" (تصوير) و"د. سلوي بكير" (مونتاج) علي أفيش الفيلم البشع، لقد اشترك الجميع في وجبة "تورلي" صعبة الهضم والبلع فأفسدوا بهجة العيد وفرحته!

روز اليوسف اليومية في

20/10/2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)