تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

مقعد بين الشاشتين

مهرجان الإسماعيلية .. ينابيع الشمس

بقلم : ماجدة موريس

القاعة الكبري ممتلئة عن آخرها بالناس. والفيلم يسري بينهم كالسكين في الزبد.. لا أحد يخرج مع انهم ليسوا سينمائيين أو من رواد السينما الدائمين. وانما مواطنون عاديون. رجال ونساء وأطفال من شعب الإسماعيلية جاءوا يشاركون في افتتاح مهرجان السينما الدولي الثالث عشر الذي يقام سنويا بمدينتهم. وبتشجيع محافظهم عبدالجليل الفخراني الذي يحرص علي افتتاحه وختامه مع الناقد علي أبوشادي رئيس المجلس الأعلي للثقافة ورئيس المهرجان الذي تقيمه وزارة الثقافة والذي أتمني أن تجد مثيلا أو شبيها له في عدد آخر من محافظات مصر. ولا أقول كلها. فتشجيع الناس في كل مكان علي ممارسة العمل الثقافي أو تعاطي الثقافة أمر مهم الآن وأغلب المهرجانات الأوروبية تقام في مدن ومحافظات بعيدا عن العواصم ونعود للفيلم الذي جذب الناس حتي النهاية. والذي ليس روائياً. وانما فيلم تسجيلي طوله 84 دقيقة هو "ينابيع الشمس" لم يجد فيه هذا الجمهور الكبير تمثيلاً وغناء. وانما فن من نوع آخر فهو عمل مبدع حلق بهم إلي آفاق لا يمكن لأحدنا أن يصلها بدون كتيبة فدائية من الفنانين مكونة من خمسة أفراد. أربعة مصريين علي رأسهم المصور السينمائي حسن التلمساني والخامس هو جون فيني المخرج والمونتير الكندي الذي استعان به المركز القومي للأفلام التسجيلية في مصر بعدما رشح فيلمه السابق علي جائزة الأوسكار الأمريكية كأفضل فيلم تسجيلي. الفيلم يحلق بنا إلي أماكن وبلاد بعضنا سمعنا عنها مثل أثيوبيا وأوغندا وبحيرة فيكتوريا والغابات الأفريقية البدائية وأماكن أخري لم يسمع عنها أحد أو يرها مثل جبال القمر التي تنبع منها مياه نهر النيل العظيم وتسير طوال أربعة آلاف ميل لتصل إلي مصر. وحين تقترب منها الكاميرا يأخذنا الجمال الساحر لقمم هذه الجبال "التي كانت قد اكتشفت منذ وقت قصير علي يد الرحالة الانجليزي ولفنجستون" لنري السحب تبدو كستائر حريرية تغطي القمم الصخرية. وحين تقترب الكاميرات في وقت آخر نكتشف غطاء آخر من الثلوج التي تتحول لسيول حين تصحو الشمس. وتنزلق إلي ساحة بحيرات عديدة تكون في النهاية بحيرة فيكتوريا الكبري لتبدأ رحلتها الطويلة عابرة أربعة بلاد بكل ما فيها. آخذة من الطبيعة كل ما بها من مظاهر حتي تصل إلي محطتها الأخيرة فتلقي بحمولتها علي الأراضي المصرية فيما كنا نسميه الفيضان.. والذي انتهي باقامة السد العالي عام 1964 لحجز هذه الكميات والثروة التي تضيع منا. والفيلم صور بداية من شهر يونيو عام 1964 لتصوير فيضان النيل الأخير قبل أن يوقفه السد العالي. بعدسات السينما سكوب الملونة الجديدة وقتها. وكان الفيلم الوحيد الذي سجل هذا الحدث العظيم في هذا الوقت. والذي تكتشف وأنت تراه انه كان ضروريا أن تعرف ما لا تعرفه عن النيل. ومياهه. خاصة في هذه الأيام التي نقرأ فيها عن أزمة المياه القادمة وعن "تغير" علاقاتنا مع دول منابع النيل ومساره.. لسنوت ظل فيني وحسن التلمساني ومن معهما يعملان في هذا الفيلم الكبير حتي انتهي وعرض في عام 1969 ولنراه مساء السبت في الافتتاح بمناسبة مرور 40 عاما علي انتاجه وتكريم مصوره الفنان الكبير حسن التلمساني أحد أضلاع مثلث سينمائي مصري خالد مع شقيقيه كامل الأكبر وعبدالقادر الأصغر. والذي قدم أكبر مجموعة من الأفلام التسجيلية عن كل أحداث ومظاهر الحياة المصرية عرض منها المهرجان ثمانية أفلام أول أمس - الثلاثاء - منها فيلمه الأشهر "فليشهد العالم" مع المخرج سعد نديم عن آثار العدوان الثلاثي علي مصر عام 1956 وفيلماه المهمان عن النوبة "أبوسمبل" و"تراث الانسانية" عن انقاذ آثار النوبة بالتعاون مع اليونسكو وأفلام "فن الفلاحين" و"سيف وأمل" و"حسن حشمت" نذر من بين 124 فيلما قدمها كمصور سينمائي من بينها خمسة أخرجها أيضا أولها عن السد العالي وثانيها عن البحث العلمي!

المستحيل الممكن

من بين 1300 فيلم تقدمت للاشتراك في المهرجان من 87 دولة اختارت إدارة المهرجان هذا العام 86 فيلما في كل مسابقاته منها ستة تسجيلية طويلة بمعدل فيلم واحد لكل يوم من أيام العرض. و18 فيلما تسجيليا قصيرا و34 فيلما روائيا قصيرا و19 فيلم تحريك وتسعة أفلام تجريبية وهذا ما يمكن تسميته المستحيل الممكن.. أي ان نري 86 فيلما من بين ألف وثلاثمائة فيلم قامت لجان التصفية في المهرجان بتصفيتها علي مدار شهور طويلة فيما يشبه المجزرة لأفلام عديدة جيدة لم يتحمل وقت المهرجان عرضها في اطار مدته وبالتالي تحملت إدارته وفريق العمل الدائم به علية سالم "الأمين العام" وجيهان ابراهيم "مساعد الأمين العام" وايمان سمير "مقررة اللجنة" احتجاجات عديدة من النقاد والمخرجين والخبراء بسبب الوقت الذي يجور علي أعمال رائعة وصلت المهرجان ومع ذلك فإن ما بقي يستحق المشاهدة والتوقف عنده وملاحظة هذه "الفورة" في أفلام التحريك التي ارتفع مستواها هذا العام كما لاحظ مشاهدو فيلمي "الوظيفة" و"التلفريك" وأيضا وفرة الأفلام الجيدة القادمة من دول البلقان وزيادة الاهتمام بالفيلم الروائي القصير وزيادة عدد الأفلام الطويلة بعد أن أصبح وقت الفيلم التسجيلي القصير يصل إلي 60 دقيقة وفي اليوم الأول للمهرجان عرض الفيلم التسجيلي المهم "شركة الأغذية المتحدة" للمخرج روبرت كينر الذي قضي ست سنوات في اعداده بسبب طبيعة موضوعه الذي يدور حول الأغذية التي تقدمها الشركات الكبري الأمريكية سواء في السوبر ماركت أو في محلات الفات فود والتي تعتمد علي أساليب تغذية للدجاج والطيور والحيوانات غير صحي بل مضر بالصحة لاعتماده علي مواد تزيد من نسب الدهون والشوائب. الفيلم يتتبع قصة هذه الصناعة منذ الأربعينيات من القرن الماضي وتطورها إلي مجمعات رأسمالية ضخمة لها أسرارها التي لا يصح الاقتراب منها وهو ما دفعه إلي التصوير سرا وبكاميرا مخفية في أحيان كثيرة ليخترق هذه الأسرار ويقدم للعالم وثيقة سينمائية حول ما يأكله الناس بشراهة في ظن انه غذاء آمن.. المهرجان تعلن جوائزه بعد غد - السبت - في حفل الختام علي مسرح قصر ثقافة الإسماعيلية.

magdamaurice1@yahoo.com

الجمهورية المصرية في

15/10/2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)