تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

ام العروسة

بقلم : ايريس نظمي

تحدثت تحية عن كل أزواجها بتلقائية شديدة.. تحدثت عن فطين عبدالوهاب وعن رشدي أباظة وغيرهما من غير الوسط الفني.. تحدثت »برقي وشياكة«.. لم تسب أحدا ولم تلعن أحدا بانفصالها عنه. ولكنها أعطت لكل منهم حقه كفنان وإنسان.. بل أكدت أنها صديقة لكل منهم بعد انفصالها عنه. وأحسست أنها امرأة شجاعة صادقة مع نفسها ومع الناس.. لاتكذب ولا تتجمل. وأحببت هذه الصفات في تحية كاريوكا.. وتكررت لقاءاتنا علي مر رحلتي الصحفية ورحلتها الفنية.. وكان هناك مشروع مذكرات كنت قد بدأته لكنه لم يكتمل برحيلها.

< < <

إن رحلة (بدوية محمد كريم) بدأت من الإسماعيلية.. وحتي رحيلها في مستشفي الصفا.. رحلة مليئة بالعطاء بلا حدود .. بالذكريات الحلوة والمرة.. بالابتسامات والآهات.. ورحلت وفي قلبها حسرة وألم علي طفلة في أواخر عمرها ألقي بها القدر أمام منزلها منذ ثلاث سنوات وأسمتها (عطية الله).. وأوصت بها كل من اقترب منها وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة بأن يضعوها في عيونهم.. كما أوصتهم بأن يقولوا لها هناك من رحلت عنها وفي قلبها حب كبير وألف تحية.

بدأت في الثلاثينات حين هربت من أخيها وعمرها 12 عاما كان يعذبها ويضربها بسبب حبها للفن لتحضر إلي القاهرة وتتتلمذ علي يد بديعة مصابني أشهر فنانات عصرها والتي تخرج من مدرستها أشهر الفنانين. وكانت تجيد رقصة (الكاريوكا) فأطلقوا عليها (تحية كاريوكا).

وأصبحت راقصة مصر الأولي.

< < <

كانت بداية رحلتها مع السينما في الفيلم الكوميدي (الدكتور فرحات) مع توجو مزراحي.. كانوا يسندون إليها الرقص.. وكانت تري في نفسها موهبة التمثيل فمثلت فيلم (أحب الغلط) مع حسين صدقي وأنور وجدي.. لكن بدايتها الحقيقة في التثميل كانت مع نجيب الريحاني في فيلم (لعبة الست) عام 1946.. الذي رشحه لها سليمان نجيب. »كان بالنسبة لي امتحانا صعبا.. لكن الريحاني شجعني.. وفي هذا الفيلم طلب مني أن أغني.. وغنيت » ياخارجة من باب الحمام« تلحين محمود الشريف زميلي في مدرسة بديعة مصابني«.

وانطلقت تحية إلي عالم التمثيل.. قدمت حوالي 200 فيلم لكن هناك بعض الأفلام التي تعتبر علامات مميزة في السينما مثل »شباب امرأة« الذي حصلت فيه علي جائزة الدولة كأحسن ممثلة. أيضا »الفتوة« لصلاح أبوسيف أيضا و»أم العروسة« لعاطف سالم.

< < <

وسألت تحية كاريوكا مرة »لقد تمنيت أن تنجبي لكن الله لم يرد.. ورأيتك في فيلم »أم العروسة« تمارسين عملية رضاعة طفل كأحسن أم رأيتها؟ قالت لي: » كنت خايفة جدا وأنا بطلع صدري.. لكن حينما »عفق« الواد حلمة صدري أحسست بأمومة فياضة لم أحسها من قبل«.

أما المشهد الذي لن ننساه وسيظل عالقا بذاكرتنا هو هذا المشهد الذي أخرجه حسن الإمام في »خلي بالك من زوزو« التي شاركت فيه سعاد حسن التمثيل.. وهو عالمة في شارع محمد علي اللي راحت عليها بحكم السن.. وهي ترقص في بيت الأكابر الذين يسخرون منها لتفاجأ الابنة بأمها ترقص.. ومواجهتها لها ولزملائها.. وهذا الحوار الرائع بين الأم وابنتها.

< < <

وإذا كان مشوار تحية كاريوكا السينمائي طوله حوالي 200 فيلم.. فقد كانت تحية رائدة المسرح السياسي هي وفرقتها التي أسستها في بداية الستينات.. وعرف عنها الجرأة والشجاعة ودفعت ثمن ذلك حينما اعتقلت مائة يوم وواحد حين طالبت بمزيد من الحرية مع بدايات الثورة وقدمت مع زوجها فايز حلاوة مسرحيات سياسية انتقادية شديدة الجرأة مثل (البغل في الأبريق) وكان اسقاطا علي أحد رجال السلطة. وصدر أمر بوقفها.. يومها خرجت كاريوكا علي المسرح لتعلن توقف المسرحية بناء علي أوامر عليا.. ومن المسرح خرج الناس لعمل مظاهرات في الشوارع.. وبعد النكسة قدمت (الثلعب فات).. وأثناء حكم الرئيس السادات قدمت (يحيا الوفد) الذي تدين فيه الوجود السوفيتي في مصر، وبعدها قدمت (كدابين الزفة).

ولا أنسي ذلك اليوم الذي ذهبت فيه لنقابة الممثلين حينما قادت تحية الحملة ضد القانون 103.. كانت قد افترشت الأرض لتنام عليها بعد أن امتنعت عن الطعام حتي وهن جسدها وضعفت صحتها.. وظلت هكذا حتي استجيب لطلب الفنانين.

< < <

كانت تحية تضفي البهجة والسعادة علي المكان الذي تحل فيه منذ كانت تتمتع بخفة ظل لا حدود لها .. وقد حضرت كثيرا من اللقاءات بينها وبين الكاتب الساخر جليل البنداري.. كانا يتباريان في القفشات والنكات.. وبالرغم من شجاعته في الكتابة إلا أنه كان يعمل لها ألف حساب خوفا من لسانها.

كانت الشهامة والكرم من سماتها.. قال لي عبد الحليم في مذكراته حينما قدمه المعلم صديق متعهد الحفلات ليقدم كمطرب لأول مرة في الإسكندرية.. وكانت تحية ترقص وشهرزاد تغني.. وحين بدأ يغني »صافيني مرة« صاح فيه الجمهور (إنزل .. إنزل) أحسست بالفشل والمرارة.. وضاعف من أحزاني أنه لم يكن معي نقود لا أنا ولا الموجي الذي صاحبني بعد أن رفضت الخمسين جنيها عن العشر ليالي التي اتفقت عليها لأنني لا استحقها.. وشعرت تحية كاريوكا بأنني مفلس وليس معي أي نقود تكفي طعامنا وشراء تذكرة سفر للعودة إلي القاهرة بدافع الإشفاق«.

وقصص كثيرة عن عطائها وعطفها وكرمها علي الفقراء والمحتاجين.. ولذلك ستظل حية في ذاكرتنا ووجداننا

آخر ساعة المصرية في

14/10/2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)