كما هي العادة كل عام حرص عدد من نجوم السينما العالمية تلبية الدعوة
والمجئ إلي انطاليا الساحرة يشاركون السينمائيين الاتراك في احتفاليتهم
السنوية المعنونة بمهرجان البرتقالة الذهبية. وتتميز الدورة السادسة
والاربعين والتي بدات السبت الماضي وتنتهي بعد غدا بزخم الافلام المشاركة
والتي بلغ عددها185 فيلم يمثلون36 دولة تزدحم بها قاعات العرض في جنوب
الاناضول معظمها منتخبات من انتاج العام الماضي وتلك التي عرضت خلال الشهور
القليلة الماضية منها علي سبيل المثال والتي كانت بمثابة مفأجاة محببة
لعشاق السينما احدث أفلام اليوناني الاصل الفرنسي المخضرم كوستا جافراس(
مواليد1930) مخرج فيلم الستينيات الشهيرz,
جافراس يقدم تنويعة جديدة أن شئنا أن نصفها فهي مغامرة خاصة وأنها معتمدة
علي رواية جون شتاينبك' شرق عدن والتي كتبها الأخير عام1952 واخرجها
المخرج الامريكي رائد الواقعية اليا كازان عام1955 في شريط آخاذ قام
ببطولته الاسطورة الراحل جيمس دين, والحق تفوق كازان علي نفسه بل وعلي
رواية شتاينبك نفسها بيد أنه جعلنا وجها لوجه ومن خلال لغة سينمائية أمام
نفوس بشرية خاضت قصص الحب والكراهية والصراع والخيانة والرغبات المشبوبة كل
هذا في آن فيما نتلمس نزوعا واضحا نحو قيم الرحمة والعدل, وربما كان هدف
جافراس من عمله هو أن يتوج مسيرته في عالم الفن السابع والتي تبلغ هذا
العام44 عاما. ولان الاجواء السياسية داخل دوائر صنع القرار باتت تولي
أهمية خاصة لكل ما هو بوناني أحتفت البرتقالة الذهبية بواحد من أهم
المخرجين المعاصرين علي حد تعبير نقاد السينما البريطانيين أنه تيودور
انجلو بولوس المولود أيضا في العاصمة اليونانية أثينا(1935)
السمة الأخري المهمة التي تميز بها مهرجان أنطاليا تمثلت في قسم خاص كان
مضمونه احياء ذكري واحدة من أهم محطات السينما في العالم وهي التي عرفت
باسم الموجة الفرنسية الجديدة وكان زمانها سنوات في الخمسينيات واستمرت حتي
بعد مظاهرات1968, التي كادت تغير تاريخ فرنسا ومعه تاريخ اوروبا, قبل
أن تخبوا في مستهل سبعينيات القرن الماضي, وتضمن هذا القسم بعض من
الاعمال المختارة لرمز هذه الموجة وهو جان لوك جودار الذي انتشل سينما
بلاده الغارقة في همومها الرومانسية والعاطفية ليضعها علي مسار الواقعية
أسوة بالسينما الايطالية, وفي أفلامه تصدي جودار إلي القضايا الكبري التي
تهز المجتمعات الراسمالية والبرجوازية في البلدان الصناعية المتقدمة والي
الصراع الطبقي الذي كانت تعيشه هذه المجتمعات في وقتها ورغم أن جودار كان
مدرسة لعشرات من المخرجين الشباب آنذاك وقد تاثروا به وباسلوبه إلي حين قبل
أن ينتهجوا نهجا هوليوديا خالصا ليبقي هو فقط خارج السرب يغرد وحده, وقد
استمر هو وتراجع الاخرون..وشاهد الجمهور أيضا كلاسيكيات لهذه الموجة مع
احتفاء وثائقي برموز آخرين منهم: الراحل فرانسوا تريفو(1932 ــ1984)
وجاك رييفيت وآلان ريسينه.
ولأن المهرجان ومنذ تدشينه يعتبر بمثابة' أوسكار' للسينما التركية من
هنا تم اخنيار16 شريطا من بين43 فيلما تم إنتاجها العام الحالي وذلك في
مسابقة الافلام الطويلة للتنافس علي نيل الجائزة الكبري وقدرها300 الف
ليرة أي ما يعادل200 الف دولار وطبقا لما ذهب إليه أحد القائمين علي
المهرجان فأختيار هذا الكم يعود إلي الافكار المهمة المغايرة التي طرحها
ومنهم ثمانية مخرجين يقدمون أول أعمالهم.
الأهرام اليومي في
14/10/2009
أيام الجزائر السينمائية
الجزائر ـ من أحمد عاطف:
مشاعر كبيرة انتابتني وانا احط بقدمي مدينة الجزائر العاصمة لحضور الدورة
الأولي لمهرجان ايام الجزائر السينمائية الذي نظمته جمعية المخرجين
المستقلين هناك.. مشاعر تفاوتت بين الحيرة والرجاء والترقب والسحر..
تملؤها صور لشخصية الانسان الجزائري التي تكونت لدي بفعل عشرات الافلام
التي شاهدتها وصورت شخصية الجزائري باعتباره قوي الشكيمة وصعب المراس..
لكنني لم أر إلا الحميمة الآسرة من كل من قابلتهم برحلتي.. حتي المهرجان
نفسه كأنه تجمع لمجموعة من الاصدقاء فيما بين المنظمين والحاضرين وشائح حب
كأنها صلة قرابة.. وانعكس ذلك بدوره علي ضيوف المهرجان الذي لم يزد عددهم
علي العشرين.. وهذه ميزة المهرجانات الصغيرة توجد لديك الفرصة للاقتراب
الانساني من حولك عكس المناسبات الكبيرة التي تلهث فيها من موعد لآخر ومن
فيلم لآخر. الجزائر تحفل بالعديد من الاحداث المهمة أخيرا.. حيث يبدو
اننا نشهد نهضة ثقافية وليدة تتمخض امام اعيننا.. فمن مهرجان وهران الذي
لم يزل لم يبلغ من العمر إلا ثلاث سنوات إلا انه مهرجان العرب الأول في
شمال إفريقيا.
لأن مهرجان قرطاج وتوجهة الأكبر إفريقي ومهرجان مراكش بالمغرب طموحه دولي و
هو كذلك بحق.. وبالجزائر ايضا اقيم مؤخرا بالصيف الماضي مهرجان باناف وهو
مهرجان لكل الفنون الإفريقية لكن السينما تحتل فيه مكانة خاصة ويكفي انه تم
تخصيص نصف مليون يورو توضع دعما لأكثر من سبعة أفلام إفريقية فضلا عن تبني
قضايا إفريقية مهمة وصنع افلاما عنها, ودعما معنويا آخر والدعم الاكيد
للسينما الافريقية من خلال إصدار كتب عنها والتاريخ الموثق لها وغيرها..
وهناك مهرجان التاغيت الذي اصبح من علامات الفيلم القصير في العالم العربي
ويقام في واحدة من احلي مدن الصحراء بالجزائر من خلال تنظيم واعد ورغبة
حقيقية في التأثير اما مهرجاننا فهو لا يدعي شيئا إلا كونه يعرفه الناس
بسينما مختلفة بالجزائر العاصمة.. وكم احزنني عندما عرفت ان عددا كبيرا
من صالات السينما بالجزائر مغلقة أو لا يرتادها احد.. حتي المركز الثقافي
الهائل رياضي الفاتح الذي اقيم به المهرجان عدد المترددين عليه قليلا جدا
وقال لي الجزائريون ان المشاهدين انصرفوا بسبب سنوات الارهاب السابقة
بالجزائر..
ولكن لحسن الحظ كانت الصالات ممتلئة عن آخرها بأيام الجزائر السينمائية
لمشاهدة افلام تعرض لأول مرة بالعاصمة الجزائرية مثل الافلام الروائية طفل
كابول للافغاني بارماك اكثر والوقت المتبيقي للفلسطيني اليا سليمان والبحث
عن إيران للبريطاني كيد لوتشن. اما الافلام التسجيلية فمنها هايدا
لبنان, للبنانية ايلان الراهب عن الموارنة اللبنانيين ومن حلب لهوليود
العرب محمد الداراجي عن سيرة الراحل المخرج الكبير مصطفي العقاد.. ومحمود
درويش الارض مثل اللغة للفرنسيين سيمون بيفون وإلياس صنبر عن الشاعر
الفلسطيني العظيم محمود درويش وعلي رأس تلك الافلام جنوبي الفلسطيني نزار
حسن عن شيعة لبنان.. وقد كانت حوارات نزار عن السينما التسجيلية ودورها
في وعي المواطن العربي والكفاح ضد الافكار الاستعمارية المستمرة لبعض القوي
الغربية من أقوي ما أضاء المهرجان.. و ندوة اخري كانت عن وضع السيناريو
والمخرج المغربي الشاب محمد نظيف عن ضرورة ان تنطق الافلام المغاربية
باللغة الفرنسية لأن اللهجة المحلية في المغرب العربي وعلي الاخص الجزائر
ليس لديها إمكانات تعبير عن الواقع الجزائري المعاني.
وقد كنت من المتحدثين بالندوة ودافعت عن ضرورة ان تنطق الأفلام بلهجاتها
المحلية ايا كانت.. حتي لو كانت لغتها لا يفهمها احد إلا الناطقون بها..
ومشاهدو الفيلم لديهم الترجمة لكي يفهموا بها الافلام. والحق انها نفس
الملاحظة التي وجدتها بمسابقة السيناريو التي اقامها المهرجان
للسينمائيين.. وقد استطاع المهرجان ان يحرك الماء الراكد بالجزائر
العاصمة ويجذب عشاق السينما للخروج من منازلهم للمشاهدة والحوار حتي
الممثلين الجزائريين الكبار مثل بهية راشدي فقد ارتادوا الصالات للتعامل
والمشاركة. والفضل يرجع للمخرج والناقد الجزائري سليم عجار الذي نظم هذا
المهرجان ويأخذ دائما علي عاتقه الترويج للسينما الجزائرية.. فيكفي انه
قام بعمل سلسلة افلام عن تاريخ السينما الجزائرية عنوانها صورة الجزائر
وعرض احد اجزائها في افتتاح هذا المهرجان فضلا عن اعداده كتاب عن تاريخ
السينما الجزائرية.
الأهرام اليومي في
14/10/2009
الهاويــة!
كتب ـ كرم عبد المقصود:
السينما الصينية تقدم دائما السير والاساطير والملاحم التاريخية والقضايا
الاجتماعية وبالرغم من غزارة انتاجها إلا أنها لا تلقي رواجا في العالم
العربي بأستثناء أفلام جاكي شان وجيت لي والراحل بروس لي العالمية والتي
تحصد الجوائز فيها حتي اصبحت منافسة لسينما هوليوود لتقديمها موضوعات
الاكشن المصنوع بكافة التقنيات الفنية العالمية مثل المؤثرات البصرية
والصوتية بالصورة السينمائية.. وبمناسبة احتفال الصين بالعيد الستين
للحكم الشيوعي..وحاليا يعرض بالقاهرة فيلما من احدث افلام السينما
الصينية بعد غياب عن عروضها بمصر بعنوان الهاوية والفيلم بطولة يفنجي زانج
ـ توني كشيوراي ـ تاكيش كاتشيو قصة جان سان وسيناريو وحوار كيو شانج وشينج
هيو ومعهم مخرج الفيلم جون وو وتكاليف الفيلم الانتاجية80 مليون دولار
وحقق في اول يوم عرض150 مليون دولار بدور العرض. الفيلم مأخوذ عن
اسطورة تاريخية حكاية الممالك الثلاثة اوائل القرن الثالث الميلادي
والوقائع تدور عام208 ميلادي حول القائد العسكري كاوكاو ومواجهته للتمرد
بالمقاطعات المختلفة والتي اعلنت استقلالها من الامبراطورية العظيمة وقيام
هذا القائد بعد هجمات تلك الممالك الصغيرة بقيادته الحكيمة للمواجهات
الدموية وتعزيزه للقوي البشرية بأسطول بحري قوي وخوض المعركة الكبري بتاريخ
الصين والتي سميت بمعركة الجرف الاحمر والتي يقال عنها بأنها المعركة
الفاصلة لبداية تشكيل تاريخ الصين تدريجيا من خلال معارك طاحنة ودموية
وقتلي كثيرين. سيناريو الفيلم لم يتطرق لكثير من التفاصيل التاريخية خاصة
المتعلقة بشخصية القائد كاوكاو ودوره العسكري الطموح وشهرته كشاعر بالادب
الصيني وقام المخرج بالتركيز علي المعارك الطاحنة للمحاربين القدامي
واجادته لتصويرها لمآسيها ولكنه اقثترب بالفيلم لملحمة تاريخية تقترب من
الملاحم التي قدمها عمالقة السينما العالمية لأفلام مماثلة واجاد في تنفيذ
المعارك العنيفة والدموية بمزيد من المتعة البصرية باستخدام الكيمونو فهو
مخرج تخصص في تحويل الالعاب لأفلام سينمائية.. وقد اجاد النجم المخضرم
الصيني تنيجي زانج في تجسيد القائد كاوكاو وايضا النجم توني كشيو واي..
وهما نجمان حصلا علي جوائز عالمية كثيرة.. اما المخرج جون وو فقد اخرج في
هوليود عدة افلام منها العرض الصعب ومهمة مستحيلة.
الأهرام اليومي في
14/10/2009
مقعد في الصالة
السـينما والنضال
ماجدة حليم
إنها فكرة عبقرية توصل إليها المناضلون في أماكن عديدة عندما قرروا
المقاومة بفن السينما سواء تسجيلية أو روائية.. كانت السينما الجزائرية
لها سبق البداية بافلام الاخضر حامينا وأحمد راشدي.. ثم في التسعينيات
استطاعت السينما الايرانية أن تكسر الحصار الذي فرضته عليها أمريكا بأفلام
سينمائية اكتسحت المهرجانات العالمية وفازت بالجوائز. وقد استطاع
الفلسطينيون التعبير بشكل محدود من خلال أفلام قليلة سواء تسجيلية أو
روائية لكنها لفتت الانظار لكن المؤسف أن السينمائيين الفلسطينيين لم
يرفعوا شعار المقاومة بالسينما لمواجهة القتل والتدمير الذي يحدث لهم في
الأ رض المحتلة. إن القصص البسيطة تكلفة ومضمونا والتي تعبر عن الإنسان
هي السلاح الذي يجب علي الفلسطينيين أن يحشدوه لمواجهة مايحدث لهم من قتل
وتشريد وتعذيب بل تبرز أهمية السينما حاليا في رصد مايحدث بالمسجد الاقصي
للوقوف أمام المخطط الذي يعد له.
كان محمود درويش وسميح القاسم يشعلون القلوب والعقول علي مايحدث للأرض
والعرض والأم والابن كانوا يدافعون بالكلمة والمغزي عما يحدث في فلسطين,
والآن جاء دور السينما والكاميرا والكاتب الذي يروي قصص الإنسان الذي يعيش
في فلسطين والذي يعيش خارجها. كيف يعرف الغرب مايحدث في فلسطين إذا كان
لايهتم بنشرات الأخبار.. كيف يصدق؟ كيف يشعر بالألم هؤلاء البشر الذين
تكمن مشاكلهم كلها في أنهم يريدون البقاء في وطنهم. لن يستطيع أحد الدفاع
عن الفلسطينيين أو تقديم حياتهم ومأساتهم سوي أن يكون فلسطيني.. ليتركوا
الاجتماعات والخلافات ويبحثوا عن الإنسان الذي لايستطيع الحياة إلا علي أرض
وطنه.. الإنسان الذي يتحمل صفوف العذاب والهوان ليتنسم هواء وطنه.
كيف يدافع أحد عنكم وأنتم لاتستخدمون أنفسكم وماتتعرضون له لتعلنوه علي
العالم.. ليشعر الغرب بالخزي أنه يناصر عدوا علي شعب أعزل ولكن يعرفوا
الحقيقة يجب أن تعرفوا العالم أنكم بشر مثل البشر, وإن حقكم هو البقاء
علي أرض وطنكم, وإن قضيتكم تاهت في الطرقات بين الخلافات والجلسات لذلك
يجب أن تتقبلوا سلاح الفن علي اكتافكم وتقدموا أفلاما تشرحون بها مايحدث
لكم ومايحدث من امتهان كرامة الإنسان لمجرد أنه يريد العيش علي أرض وطنه.
إنها السينما التي يجب أن تكون سلاحكم الآن.. فالجميع منشغلون
بالصراعات!
الأهرام اليومي في
14/10/2009 |