يهاجم دراما العشوائيات والمخرجين الشباب الذين «لم يقدموا شيئاً يُذكر حتى
الآن». صاحب «إخوة التراب» يستعدّ لسلسلة مشاريع بينها فيلم مقتبس عن رواية
معمّر القذافي والجزء الثاني من «رجال الحسم»
الإباحية التي قدمتها مسلسلات هذا الموسم تسيء إلى الدراما السورية (ن.أ)
استطاع نجدة أنزور أن يحقّق في مسلسله الأخير «رجال الحسم» الصدى المرجو
على خارطة الدراما العربية، رغم الأخطاء التي وقع بها واعتبر أنّ بعضها،
تحديداً الفلاش باك في إعادة المشاهد، أنقذ النص وصبّ في هامش التجريب. في
حديثه لـ«الأخبار»، يتوقّف المخرج السوري عند ما أنتجته الدراما السورية
هذا العام. ويقول: «لم تحقق الدراما السورية قفزة نوعية منذ زمن. هذه
القفزة هي الكفيلة بتحديد خطوط جديدة للتنافس. ورغم أن هناك أعمالاً حقّقت
نجاحاً لافتاً، إلا أنّها لم توصل هذه الدراما إلى علامة فارقة جديدة
ينتظرها كلّنا». مع أنّ أنزور أسهم في نشوة الدراما السورية لكونه أنجز
أعمالاً مثّلت البداية الحقيقة لانتشارها، إلا أنّ صاحب «نهاية رجل شجاع»
يعوِّل على المخرجين الشباب. لكنّهم غالباً ما يخيبون ظنّه: «الفرص التي
أتيحت للمخرجين السوريين الشباب كانت كبيرة ومهمة وأهم تلك التي أتيحت لنا
في البدايات، وخصوصاً لجهة رأس المال والجهات الإنتاجية القوية. مع ذلك، لم
يقدموا شيئاً يذكر حتى الآن». يرى أنزور أن رأس المال لا يلعب دوراً كبيراً
في غياب العلامة الفارقة التي يتحدث عنها. «الأمر يتعلّق بنص يُقدَّم لمخرج
موهوب يستطيع أن يحوّله عملاً مهماً وإن حوى بعض الثغرات». ويوضح أن كل ما
قدم على الشاشة من مسلسلات سورية هذا الموسم كان استنساخاً لأعمال قدمت
سابقاً. «هذا الموسم قدم 23 مسلسلاً اجتماعياً، نتيجة استسهال كتابة النصوص
والقلق الذي يخيّم على صناع الدراما من المسلسلات التركية ومحاولة تقليد
هذه الأعمال من باب الجرأة». كما يجد أنزور أن الدراما حوّلت المجتمع
السوري إلى أحياء شيكاغو، إلى درجة أنّ مَن لم يزر سوريا، سيعدل عن الفكرة
لدى مشاهدة دراما الموسم الأخير. بالنسبة إليه، لا تكمن الجرأة في مسلسلات
هذا العام التي كانت كفيلة بتخريب صورة المجتمع، بل أن تتناول مواضيع تحتمل
أن تكون جريئة. ويسوق مثالاً على ذلك ما قدمه في «رجال الحسم» الذي تناول
الهزيمة التي ألحقها بنا الإسرائيلي «تناولنا الموضوع بجرأة وموضوعية ومن
منطلق وطني».
ويتخذ المخرج السوري موقفاً حاسماً من المواضيع التي أثارتها الدراما
السورية أخيراً، معتبراً أن بعضها سلّط الضوء على العيوب وهو أمر طبيعي
لكنّ أغلبها سلط الضوء على العورات، ما يراه تشهيراً واستباحة للمجتمع.
ويجد أن الإباحية التي قدمت في الأعمال الأخيرة عبر المواضيع الاحتماعية
«ستسيء إلى الدراما السورية وتدخلها في مشكلة يصعب الخروج منها».
كلام صاحب «إخوة التراب» عن الدراما السورية يختلف عن آراء كثيرة أبدت
تفاؤلها بنتائج الموسم الرمضاني الأخير. كيف يرى أنزور الحلّ؟ وما هو
المَخرج لبقاء الدراما السورية منافِسة حقيقية وصاحبة الصدارة في بعض
الأحيان؟ يجيب «عليها بالتنوع من أجل التنافس، فلا ضير بأن يكون هناك تشابه
بين عملين أو ثلاثة، لكن يجب أن يكون هناك سلة أعمال من أنواع مختلفة».
ويجد أن التركيز على العشوائيات لا فائدة منه، نافياً صحة ما قاله أحد
الكتّاب عن أنّ 80 في المئة من سكّان سوريا يقطنون في العشوائيات. ويرى أن
مشكلة العشوائيات تحل بمجموعة أبراج سكنية ولا تحتاج إلى كل هذه الضجة
الإعلامية، مضيفاً أنّ ما يثار هو مسألة تهويل من أجل تبرير ما نقدمه.
ويعود أنزور للحديث عن «رجال الحسم» نافياً ما روج عن أنه استخدم أحدث
تقنيات التصوير. «على العكس، صورنا بكاميرا ديجيتال التي صارت متخلفة
قياساً بتقنيات الكاميرات الأحدث العالية الجودة وقد استخدمتها كل فرق
التصوير الأخرى. لكن النتيجة لا يلمسها سوى المعنيين. كل الأعمال السورية
ظهرت بصورة عادية من حيث الجودة والدقة بينما بدت صورة «رجال الحسم» مختلفة
من حيث لمعتها. المسألة ليس لها علاقة بالكاميرا بقدر ما لها علاقة بالعين
التي تعمل وراء هذه الكاميرا».
هنا، يؤكد أنزور أن معظم المخرجين ينهون عملهم ويتجهون فوراً إلى عمل آخر
من دون أن يحضروا العمليات الفنية بعد التصوير. «في بدايتنا كنا نغفو فوق
أجهزة المونتاج ونحن نعمل. اليوم، تجد الكثير من المخرجين، ينتظرون فرص
عملهم وهم في المقاهي، وهمهم المبلغ الذي سيقبضونه. لقد تحول عملهم إلى
مسألة تجارية بحت». وعن الانتقادات التي وجهت لـ«رجال الحسم»، وخصوصاً أداء
ممثلي الصف الثاني والوجوه الشابة، يؤكد أنّه حاول أن ينتقي وجوهاً غير
مكررة في أعمال أخرى، معتبراً أداء بعض الممثلين الذين يقفون لأول مرة أمام
الكاميرا جيداً قياساً بتجربتهم، فيما يعترف بسوء أداء بعضهم الآخر. ويعتبر
أن ميزته عن باقي المخرجين أنه يملك حس التجريب وهو ما تجلى في طريقة
الفلاش باك التي اعتمدها بكثافة في مسلسله الأخير.
إلى العالمية
يَعد نجدة أنزور أنّ فيلمه «الظلم» المقتبس عن رواية للرئيس الليبي معمر
القذافي (الصورة) بشأن الاستعمار الإيطالي، سيقدِّم لغة بصرية عالية
المستوى، وغير مسبوقة في العالم العربي. والشريط كان قد تأجل استكمال
إنجازه نتيجة المصالحة الإيطالية الليبية لأنه يسلط الضوء على معاناة
الليبيين في المنافي الإيطالية خلال الاحتلال. فيما يفصح عن مشاركة فيلمه
«رجال الوفا» في «مهرجان دمشق السينمائي» في وقت يستعد لتصوير مسلسله
الاجتماعي الجديد «ما ملكت أيمانكم» الذي كتبت نصه هالة دياب. كما يستعدّ
لتصوير الجزء الثاني من «رجال الحسم» لأنه يتعرض لمرحلة حساسة عاصرها الشعب
السوري
الأخبار اللبنانية في
10/10/2009 |