تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

دراما مرئية:

مارقات ام باحثات عن الحرية

بقلم : د. حسن عطية

اعتدنا أن نقول إن الخطاب يعرف من عنوانه، والدراسات الحديثة تعتبر العنوان هو المدخل الاول لتفسير العمل الابداعي، كما اعتدنا في ممارستنا الحياتية ان نقول عن اي حديث جاد انه »كلام رجاله« بغض النظر عن قائليه، وان نقول عن اي حديث غير جاد ومشكوك في ان يؤدي لفعل حقيقي انه »كلام نسوان« لهذا تعجبت كثيرا من اصرار المخرج عمر عبدالعزيز كما اشارت الصحف، علي تغيير اسم مسلسله الجديد من عنوانه الذي كتب به وهو (طعم البيوت) الي (كلام نسوان)، دافعا غالبية الكتابات الصحفية التي كتبت عن المسلسل لان تقرأه في ضوء العنوان الجديدة، وتفهمه بالتالي علي انه يدور حول نميمة النساء، والمشاكل الناجمة عن ثرثرتهن في كل مكان، وهو ما أخذ المسلسل لمستوي سطحي سبقه قبله المسلسل الخليجي الخفيف (سوالف حريم)، والقائم بالفعل علي ثرثرة اربعة من النسوة، زوجات لرجل واحد، توقعهن الثرثرة في مواقف كوميدية فيما بينهن ومع زوجهن.

حقا لقد أضر العنوان التجاري الجديد بقيمة هذا المسلسل المثير للجدل، والذي يقدم لنا نموذجا اخر للدراما العربية متعددة اللهجات، التي اشرنا لنماذج سابقة لها هنا من قبل، كما يقدم مغامرة في الكتابة التليفزيونية تقدم عليها مجموعة من الشباب الموهوب والدارس لفن الكتابة الدرامية، تختلف في الصياغة واختيار الموضوعات عن مجموعة شباب (الست الكوم) الجماعية، وتتفق معها في انتماء هذا الجيل الشاب لتيار ابداعي جديد، اعلن عن نفسه بقوة في مجال القصة والرواية، ويدخل حاليا مجال الدراما السينمائية والتليفزيونية، لا يهتم بمعالجة قضايا الواقع الساخنة، ويترفع عن الرسالة الاجتماعية للابداع، وينشغل في الاساس برصيد التفاصيل الصغيرة لبشر يعيشون الحياة كما هي، دونما انشغال بقضايا الوطن وهمومه الكلية.

مغامرة في الكتابة

شارك في كتابة المسلسل كل من »احمد محسن ومريم نعوم« واللذين كتبا اكثر من حلقة مشاركة فيما بينهما، و»محمد فريد« الذي يظهر اسمه علي حلقات قليلة من المسلسل، بينما يبدو اسم »نادين شمس« متجليا علي كم كبير من الحلقات المكتوبة، حيث قام كل واحد من المجموعة بكتابة حلقة من المسلسل يستكملها زميلة بحلقة اخري، وقامت »عزة شلبي« المشرفة علي السيناريو بضبط وقائعه وحركة شخصياته القافزة عند البعض، والمتمهلة عند البعض الاخر، ودار المسلسل بأكمله حول الهموم الصغيرة لشريحة من النساء باحثة عن الحرية الفردية المطلقة، طارحة نفس المفهوم الذي قدمته »ايناس الدغيدي« في فيلمها (الباحثات عن الحرية).. سيناريو وحوار، د. رفيق الصبان عن قصة السورية »هدي الزين« والذي دار بدوره حول ثلاث من النسوة العربيات من مصر ولبنان والمغرب، بل ان المقارنة بين المسلسل والفيلم تكشف عن ان كثيرا من ملامح القصة والفيلم مستقرة باعماق شخصيات المسلسل، والدائر حول أربع نساء عرب ايضا، المصرية »ناهد« التي تجسد شخصيتها »لوسي« بحيوية شديدة، مستمدة من طبيعة الشخصية الدرامية المحبة للحياة، والصاعدة بعلاقتها مع نساء الطبقة الراقية من عاملة تجميل بحي السيدة زينب الشعبي لواحد من التجمعات الراقية اليوم، والمكتشفة في النهاية ان المال الذي جمعته لم يحقق لها السعادة المرجوة، وان زوجها »ايهاب« ويقدم شخصيته ببساطته المعهودة »حسين الامام« عاشق للنساء كمراهق صغير، وعلي علاقة جنسية باللعوب »خديجة« ابنه حيه القديم، الذي كان يعمل به ميكانيكيا فيما قبل صعوده بفعل وارادة زوجته الطموح.
أما المصرية الثانية فهي »مها« والتي أوحي تجسيد الممثلة التونسية »فريال يوسف« لشخصيتها انها تونسية، دونما انتباه الي ان طبيعة شخصيتها وطريقة حياتها ولهجتها مصرية خالصة، مما شوش علي تلقي المشاهد لشخصية »مها« مصممة الديكور الناجحة والتي تعيش حياة عاطفية غير مستقرة مع زوجها المصري »شريف« ايمن عزب الذي ذهب لدمشق لتحقيقه طموحاته الخاصة، مما يزيد الهوة بينهما، والتي تصل الي حد قيامه بتطليقها، ابعاد ابنهما »عمرو« عنها ووضعه بمصحه بأوربا نظرا لتدهور نفسيته بسبب هذه العلاقة المهتزة بين الزوجين.

ثم الفنانة اللبنانية نادين. وتجسد دورها اللبنانية »نادين الراسي« والتي جاءت للقاهرة لعمل ألبوم غنائي، وتمارس علاقتها بحرية، وتبتز عشق جارها العجوز مدحت (اسامة عباس) من توصيلها بعربته، حتي الانفاق علي عملية تجميل لوجهها بباريس ايضا، في الوقت الذي تعشق فيه رجل اعمال »عمر« »تامر هجرس« الذي يقف الي جوارها للوصول إلي الشهرة في عالم الغناء الشرس.

وأخيرا الخليجية »بتول« وتجسدها نجمة الفور كاتس اللبنانية ايضا »مايا دياب« مقدمة خليطا من اللهجتين المصرية واللبنانية، محاولة ان تجسد شخصية الفتاة الهاربة من تسلط اخيها »خالد« وتمسكه بتقاليد مجتمعه العربي، بينما هي تريد ان تحيا حياة أوروبية، ربما لعيشها زمنا مع زوجها السابق من باريس، فتهرب الي القاهرة وعوالمها شبه الاوروبية بحثا عن الحرية غير المحددة بأية قيم مجتمعية، ومقيمة ذات ليلة علاقة حسية بوثيقة زواج مع سائقها دونما رغبة في استمرارها كمؤسسة زواجية، ثم تقيم علاقة مع الفتي الصغير »يس« كريم محمود عبدالعزيز ابن جارتها وصديقتها الحميمة »ناهد« ثم تهرب منه لعلاقة مع »ادهم« رئيس تحرير مجلتها النسائية، الهارب منها بعد لقاء جنسي معها، فضلا عن نشرها لمذكراتها في كتاب علي حسابها الخاص، مكتشفة في النهاية، او اراد المسلسل ان تكتشف ترضية لمجتمع التلقي، وليس بناء علي قناعات صناعة، ان حرية الجسد ليست هي الحرية المرجوة لبنات اليوم.

الصدق غير الناقد

نساء ممزقات ومجتمع يرتد بعقله لقرون خلت بدلا من مسايرة التقدم الذي يرتدي قشرته، غير ان المسلسل أنشغل بتمزق نسوته، اكثر ما اهتم برصد الدور المجتمعي في هذا التمزق، فبدت نسوته مارقات يدينهن المشاهد بسهولة، بدلا من ان يكن ضحايا يتعاطف معهن، ويقف الي جوارهن في مواجهة هذه التيارات المناوئة للحرية التي تسود المجتمع العربي اليوم، وتعطل ملكاته العقلية.

كما أهتم المخرج بتقديم صورة صادقة لهذا التشريحة من فتيات اليوم، العائشة في رفاهية، فلكل واحدة فيلا خاصة بمجمع سكاني خاص، وينفقن ببذخ علي ملابسهن وطعامهن وتنقلهن بين بلدات العالم، دونما موقف ناقد لهذه الشريحة، يجعل للصورة المرئية دورا في الكشف عن زيف حياة هذه الشريحة، بدلا من ان تكون الصورة مجرد ناقل محايد لهذه الحياة، يجعل لكل شخصية من شخصياته النسوية بناء خاصا، يقدم بها وجها من اوجه القهر المجتمعي في بلدها ، فالخليجية »بتول« واللبنانية نادين، مع المصريتين ناهد ومها، يمكن ان يكن لبنانيات او تونسيات، دون ان يحدث اي تغيير في بنائهن المجتمعي، والمشكل بالضرورة لعقولهن ومزاجهن وطريقة حياتهن، كما ضاعت اللهجات التي تميز كل واحدة منهن، فقد المسلسل تناغمه الصوتي، الذي كان من الممكن لو تحقق، مع تمايز شخصيات المسلسل، ان يصنع سيمفونية درامية مرئية تتحاور فيها الآلات بنغماتها ممتعة وجدان وعقل الملتقي معها.

أخبار النجوم المصرية في

10/10/2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)