رغم كل الاضرار النفسية والاجتماعية والمادية التي يمكن أن تسببها
الازمات الاقتصادية في البلاد..
إلا أن هناك زاوية ايجابية يمكن أن تحققها عن
طريق الفن بشكل غير مباشر.
هذا ما حصل فعلا في الازمة الاقتصادية المخيفة
التي هزت الولايات المتحدة في الثلاثينيات
وكادت أن تهدد النظام الحكومي كله..
وتدفع بأمريكا الرأسمالية الي احضان
الشيوعية.
لولا أن تدارك الرئيس روزفلت
الامر وحقق معجزته الاقتصادية التي اعادت الامور بشكل ما إلي
نصابها لكن هذه الازمة
الخانقة التي خلفت المئات من طوابير
الجائلين والعاطلين عن العمل وكانت سببا مباشرا
لانفتاح هوليوود التي حاولت معالجة الازمة علي طريقتها علي نوع جديد من
الكوميديا
وعن الفن الاستعراضي الذي أصبح اليوم وبمدار الأيام.. جزء لا يتجزأ من
التراث
السينمائي العالمي له تأثيره وميزاته وقوته وكما ظهر فريد
استير وجنجر روجرز في
ثنائيتهما الراقصة التي تحمل المتفرج علي
أجنحة الاحلام..
دافعة اياه الي نسيان
كل ما يدور حوله لعبة كوميديا ارنست لوفيش وهواروهوكس وغيرهما من أساطير
الكوميديا
دورها في ابعاد الهموم الثقيلة عن قلب المواطن الامريكي العادي الذي ارهقته
الايام
والعجز المالي..
وظهرت هذه الكوميديات المدهشة التي يصعب علينا نسيانها والتي
قادت اتجاها كبيرا من اتجاهات السينما..
لازالت اثاره واضحة حتي
اليوم وظهرت
نجوم كبار عرفت كيف تمتحن مواهبها في هذا النوع المدهش من الفن السينمائي
كجاري
جرانت وكاترين هيبورن وروزاليند رسل وكارول لومبارد وايريف دف ووليام بادل
وسواهم.. الذي قدموا لنا أفلاما لا تنسي..
جعلتنا نتجاهل الآثار المخيفة التي
سببتها الازمة الاقتصادية علي جميع منعطفات الحياة في البلاد.
ويبدو أن
التاريخ فعلا يعيد نفسه..
فها هي الازمة الاقتصادية الجديدة التي تهز امريكا
والعالم كله من بعدها اليوم..
تتكون بشكل أو بآخر..
لتؤكد ثغرات ومساويء النظام
الرأسمالي والتي تصل آثارها الي هوليوود
فتجعلها تستفيق الي نفسها قليلا وتخرج من
دوامة أفلام الرعب والخيال العلمي التي استأثرت تقريبا بثلثي الانتاج
الامريكي
المعاصر وتتجه مرة أخري الي الكوميديا
والاستعراض.
واذا كانت اعادة بهاء
استعراضات الثلاثينيات والاربعينيات مستحيلا الآن لعدم تواجد هؤلاء النجوم
القادرين
علي أن يجعلونا نركب السحاب ونلمس النجوم..
فان الكوميديا في السينما الامريكية
عادت لتشق طريقها من جديد..
وبقوة ونشاط متجددين مستفيدة من مناخ الحرية الكبير
الذي أصبحت تتمتع به السينما في العالم..
لتقدم المشاكل العائلية والجنسية
والأخلاقية بأسلوب خاص بها..
معتمدة أكثر ما تعتمد علي قوة الموضوع والسيناريو
لأن هوليوود تدرك قبل
غيرها انه من المستحيل اليوم صنع نجوم يعادلون في
قوتهم
واشعاعهم وتأييدهم علي الجماهير هؤلاء النجوم الذين اشعلوا
سماء العالم السينمائي
واضاءوا
السماء السوداء بألف شعاع من موهبتهم.
والكوميديا الجديدة التي
تقدمها هوليوود اليوم..
دافعة جهمورها الي نسيان همومه الاقتصادية والاجتماعية
كوميديا تعتمد أكثر ما تعتمد علي الموقف السينمائي وعلي الحوار التركي
الجريء..
وعلي اقتحام »مناطق صحراء«
كان من الصعب جدا اقتحامها في الثلاثينيات
والاربعينيات من القرن الماضي.
والشيء المدهش في هذا الموضوع.. ان المعجزة
تكررت في القرن الحادي والعشرين..
كما كانت في ثلاثينيات القرن الماضي..
وانصرف
الجمهور نسبيا عن أفلام الكوارث والرعب والخيال العلمي ليحقق لهذه الافلام
الكوميدية الجديدة..
نجاحا ماديا وجماهيريا ونقديا لم يكن يتوقعه أحد.
والمثال
علي ذلك فيلم »هانجوفر«
الذي عرض لدينا باسم »العريس
الغائب«
والذي حقق في
أمريكا أعلي الايرادات متفوقا علي كثير من
الافلام الاخري التي كلفت عشرات
الملايين..
رغم أن تكلفة الفيلم هذا لم تتجاوز الاربعة أو خمسة ملايين.. ولم
يكن في »افيشه«
اي اسم لامع لأي نجم مدون،
ولكن الموضوع نفسه وطريقة معالجته
والحوار الحي الذكي المليء بالقفشات
الجنسية والذي يتعرض لكثير من جوانب الحياة
الامريكية كان السبب الرئيسي في هذا النجاح الساحق الذي حققه الفيلم والذي
تصدر
ايرادات الافلام طوال أربعة أسابيع كاملة كما تقول البيانات المالية والتي
نشرت عن
ايرادات الافلام.الفيلم يروي ببساطة رحلة أربعة أصدقاء الي لاس فيجاس ليحتفلوا
بآخر ليلة يقضيها »العريس«
الذي سيتزوج
غدا قبل دخوله الي القفص الذهبي..
ومايحدث لهم خلال تلك الليلة التي لا تنسي..
من مواقف ومشاكل ومغامرات تجعل
المتفرج يلهث وراءها دون أن يكف دقيقة
واحدة عن الاستمتاع والضحك.
فيلم »الحقيقة
العارية«
الذي اطل علي شاشاتنا بعد رحيل الشهر المبارك..
حقق المعجزة
نفسها.. فيلم بلا تكاليف عالية ولا أسماء نجوم مبهرة..
وانما موضوع شديد الذكاء
قدمه السيناريو بحذق ومهارة عالية.
الاحداث تدور في مدينة أمريكية صغيرة
»ساكرمنتو«
حيث تقدم احدي المحطات التليفزيونية
برنامجا عائليا اسمه »الحقيقة
المرة« ولكن البرنامج يتعثر ويدور في دهاليز موصدة مما يدفع المسئولة عنه الي
استقدام نجم تليفزيوني جريء عرف بكلامه الصريح واستضافته في احدي الحلقات..
عله
ينجح في اعطاء دم جديد للبرنامج الذي يخطو نحو الموت وتتحقق المعجزة وينجح
الضيف في
وقاحته المقصودة..
وكلماته الخادشة للحياء وأسئلته البالغة الجرأة في بث الحياة
في البرنامج رغم اعتراض السيدة المسئولة ورغبتها أن يبقي البرنامج عائليا
بحتا
ولا يتجاوز خطوط الحياء واللياقة.
ولكن المسئولين عن المحطة وقد اذهلهم هذا
النجاح يحاولون استقطاب هذا
»الضيف« رغم معارضة مديرة البرنامج..
التي تخضع
أخيرا لرغبتهم..
عقب لقائها مع جارها الشاب الطبيب الشديد الوسامة..
الذي تحلم
أي أنثي أن يكون لها ويعرض عليها النجم الجديد صفقة خاصة هي ان يعلمها
وسائل
الاغراء التي يمكن أن تتبعها لكي توقع الطبيب الشاب الوسيم في غرامها بعد
أن
اقرها بصراحة ان لهفتها عليه وملاحقتها له لن تفيد
وبالمقابل فانه سيستمر في
تقديم برنامج
»الحقيقة المرة«.وتوافق العاشقة التي سقطت حتي اذنيها في
غرام
الطبيب الوسيم..
خصوصا بعد ان نجحت نصائح المذيع الاولي في لفت نظره
اليها.
ويتابع الفيلم بذكاء شرح المواقف التي تدور بطريقة ضاحكة مدهشة..
بين
العاشقة والطبيب الذي استهواها تماما..
سيحول هذه السيدة
غير المعتاد ويبدأ
يتعلق بها حتي ولكن في المقابل ينجح السيناريو الشديد الذكاء
والرقة في أن يجعلنا
نحس بنمو الحب بين المذيع الذي يقدم نصائحه
وبين المسئولة عن البرنامج..
الي أن
ينفجر هذا الحب في واحدة من الصعداء وينتهي بقبلة حارة بين الاثنين تغير
مجار
حياتها.لا أريد أن استرسل..
واشرح كيف تنتهي هذه العلاقة الثلاثية المدهشة وكيف
يرسم السيناريو نحو العاطفة وبزوغ الحب في قلب شخصين متعاكسين.
المواقف
الضاحكة المليئة بالمعاني تتوالي موقفا بعد آخر لتنتهي نهاية سينمائية
وبصرية
مدهشة في حفلة تطير فيها المناظير الهوائية بسماء ساكرمونتو.. وتتفجر فيها
العواطف حتي آخر مداها.ما يميز فيلم »الحقيقة العارية«
هي هذه العفوية الرائعة
لدي الممثلين بشكل يجعلنا نصدق حقا كل ما
يقولونه أو يفعلونه،
ثم هذا الحوار
الجريء والمدهش الذي تخطي كل الحواجز »والذي اقتطعت منه الرقابة أجزاء كثيرة..
كما اهملت ترجمة أجزاء أخري«
ولكن هذا الاقتطاع لم يؤثر علي المعني
الرئيسي
للموقف الذي يشرحه الفيلم ويمكن لذكاء المتفرج ان يدركه دون
عناء.
»الحقيقة
العارية« كوميديا جديدة تأتينا من هوليوود..
لتنعشنا وتعيد لنا الثقة بالافلام
الكوميدية.. التي اشبعتها الافلام السينمائية المصرية الاخيرة طعنا وتجريحا
وتذكرنا أن الكوميديا الجيدة..
هي دائما وقبل كل شيء موقف مرسوم بعناية وذكاء
وحوار يقف ملتهب يفيض كهرباء وحيوية واداء بعيد عن المبالغة خارج من القلب ليدنو
الي جميع القلوب..
دون أي حاجز.
أخبار النجوم المصرية في
10/10/2009 |