|
* لا أظن مسلسلا يلائم شخصية بطلته يسرا مثل "خاص جدا" الذي رأيناه في
رمضان لكاتب جديد علي دراما التليفزيون هو تامر حبيب ومخرجة توقع باسمها
للمرة الأولي هي غادة سليم والاثنان نجحا في تقديم عمل تفوح منه رائحة
الحداثة سواء في اسلوب طرح الموضوعات والاشكالات والقضايا أو في تقديم رؤية
بصرية رحبة وغنية يمتزج فيها الجزء الجمالي بالموضوعي أي ان هذا المكان
الذي دارت فيه الأحداث بمستواه المبهر والذي زادته عناصر التصوير والاضاءة
جمالا وخصوصية هو من جانب آخر ملجأ وملتقي لكل المستويات الاجتماعية
والطبقات التي يحتضنها بيت شريفة أو علي الأصح "ديوان شريفة" التي تقوم
بدورها يسرا في دور طبيبة نفسية قطعت اشواطا في المهنة وكسبت فلوسا تكفي
لاختفاء فيلا في منتجع من منتجعات الصفوة أو بقربها لها عيادتان في القاهرة
ودبي وابنة واحدة طالبة بالجامعة الأمريكية هي فريدة "يسرا اللوزي" ولنكتشف
منذ البداية أزمة الطبيبة حلالة مشاكل الناس فقد تركها الزوج والاب "محمود
قابيل" ليبحث عن امرأة أخري تحتاجه وتخفي هي أحزانها عن الجميع ماعدا
صديقتها الأثيرة ماجدة "صفاء الطوخي" لتواصل رعاية وحب كل من يعمل معها في
البيت أو العيادتين وهي رعاية تتجاوز المعني الحرفي للكلمة لتدخل في إطار
شخصية مركبة قادرة علي العطاء بسخاء "معنويا وماديا" ولكنها ايضا محترفة
مهنيا تدرك الفروق بين ما يخص المشاعر الانسانية وما يخص اخطار الانسياق في
هذا الاتجاه ولديها مناطق ضعف متعددة ومنطقة قوة اساسية هي المقدرة علي
الاحتواء.. من هنا استطاعت شريفة أن تكون رمانة الميزان في المسلسل والعنصر
الأساسي الذي يكمل دراما بقية الأبطال أو يضيف إليها المزيد من الاضاءة
سواء كان هؤلاء الأكثر قربا منها مثل أمها "رجاء الجداوي" المريضة
بالزهايمر والتي كان المؤلف سخيا معها أحيانا بزيادة! أو أمينة "سهر الصايغ"
الفتاة التي ترعاها وكأنها طفلتها المدللة في علاقة من أجمل علاقات الدراما
أو شقيقها "تامر هجرس" وصراعه بين دور لا يجده ومخدر يندفع إليه مع امرأة
خبيرة "دنيا" وزوجة يحبها "درة" لتكتمل دائرة شريفة بمشاكل صديقتها ماجدة
وحبها القديم لرجل لا تستطيع الزواج منه لاختلاف الديانة وغضبها الذي هزمها
وهزم علاقتها بأبويها فلم تجد إلا شريفة وبيتها. أما فريدة الابنة الوحيدة
وتناديها الأم ايدي فتقدم صورة لطالبة جامعية متحررة تدرك الفارق بين
التحرر والانحلال وترفض ايضا الاستغلال باسم الحب ممن أراد زواجها وتغييرها
وفقا لأفكاره. يتسع المسلسل هنا لنماذج أخري من الطلبة والطالبات ولنوعيات
من العلاقات بين شباب وبنات شريحة مستريحة ماديا كما يتسع لشريحة أخري ممن
يضمهم بيت شريفة هم العاملون معها الشغالة أو مديرة المنزل "تهاني راشد"
وزميلها "شعبان حسين" وحيث يدخلنا المؤلف لعالمهم بلا تفرقة فالكل يضمه نفس
المجتمع والمكان وحتي نوعيات بعض المشاكل مثل الاحتياج المادي الذي يواجه
مصطفي ابن الشغالة ويواجه ايضا شقيق شريفة فيطلب منها سلفة. الفارق هنا في
مقدار السلفة ولكن الجميع يحتاجون لمعونة والكل لا تستقيم حياته إلا بلمسات
ود ودفء غالبا ما تصدر من صاحبة الديوان أو المكان والتي يتسع قلبها للجميع
بمن فيهم المرضي حين تقع في حب مريض غريب القصة والأطوار "قام بدوره سامح
سليم مدير تصوير المسلسل" وتتزوجه في حفل زواجها ابنتها من طبيب عيادة دبي
"اياد نصار" في هذا البناء لحياة البطلة يضم المسلسل بعض قصص مرضاها والتي
تأتي من هنا وهناك بعضها مؤثر جدا مثلز قصة المرأة التي فقدت ابنها الطفل
وقبله زوجها المناضل بعد دخوله المعتقل "قامت بدورها كارولين خليل" وايضا
قصة الفتاة الخليجية التي اغتصبها خادمها الباكستاني "مي كساب" ولاعب الكرة
الذي اصابه الايدز فقلب حياته "قام بدوره فاروق فلوكس" وهناك ايضا أدوار
أخري قامت بها مجموعة من الممثلين الجدد يستحقون التحية وعلي رأسهم عمرو
محمود ياسين وربما بعد كل هذا الاجتهاد علي مستويات الصورة والأداء
والتصوير والمونتاج والموسيقي تتبقي تحية الانتاج السخي الذي بدونه يفقد
العمل قوته الضاربة وميزته الأساسية الممثلة في كونه دراما تدور في أوساط
طبقة مستريحة وقادرة ولكنها تخاطب كل الطبقات بمنطق إنساني أولا... أما غير
المفهوم في هذا كله فهو اسم المسلسل "خاص جدا".
magdamaurice1@yahoo.com
الجمهورية المصرية في
08/10/2009 |
