مازال موسم مسلسلات رمضان يشغل حيزاً كبيراً من الحديث علي الساحة خاصة مع
إعادة عرض أعماله الآن، الحديث عن تحوله إلي تجارة وهدفه الرئيسي هو خدمة
الإعلانات، وأجور الفنانين التي تبتلع معظم ميزانية العمل علي الرغم من
أهمية جوانب أخري مثل الإخراج والكتابة، وظهور نوع من الكتاب يطلق عليهم «الترزية»
لتفصيل الدور علي مقاس النجم. مهام كثيرة ناقشها صالون قصر الأمير طاز
الأحد الماضي من خلال ندوة مهمة عن «الدراما التليفزيونية في رمضان» استضاف
من خلاله الناقد الفني طارق الشناوي والناقد محمد الروبي، بينما اعتذر
الكاتب الكبير أسامة أنور عكاشة عن الحضور لأسباب صحية، أدارت الصالون
الكاتبة الصحفية سوسن الدويك.. فكانت تلك تفاصيل الندوة. < <
طرحت سوسن الدويك سؤالاً حول حاجة الدراما المصرية إلي صدمة لتغيير
الموازين مرة أخري وتقليل عدد المسلسلات ليؤكد طارق الشناوي أن القضية
أصبحت مزمنة ولكنه متفائل ما دامت العصمة في يد الجمهور وهو الوحيد الذي
يملك التغيير فشركات الانتاج لن تقلل من عدد المسلسلات متذكراً جيله الذي
عاش علي مشاهدة عدد قليل من الأعمال الدرامية فكان يري رأفت الهجان بجوار
ليالي الحلمية وفوازير نيللي أو شريهان وحاجة كوميدي ومسلسل تاريخي لم
يتابعه الكثيرون ولكن مع تغير قانون الأرض تغير الموقف خاصة أن الدولة كانت
تملك كل شيء ولكنها فقدت تلك السيطرة الآن ويضيف الشناوي أن الحل الأمثل
يتمثل في انتقاء الجمهور للأفضل وقد بدأ بالفعل من هذا العام وستحدث غربلة
لاختيار الأعمال الفنية.
وفي سؤال آخر حول كيفية حدوث التغيير ودور قطاع الانتاج يؤكد الناقد الفني
محمد الروبي أن التغيير في النظرة إلي الدراما الرمضانية سيحدث بايدينا
وبشكل غير مباشر والدليل علي ذلك أنه في السابق لم نتخيل رمضان دون وجود
فوازير وكنا نعتبرها نكتة وقد جربنا ونجحنا فيه خاصة مع فشل محاولات تقليد
نيللي وشريهان إلي أن انتهي زمن الفوازير تماماً ولم تعد مادة جذب.
ويضيف الروبي أن هذا الكم من المسلسلات يدق ناقوس الخطر خاصة لصناع الدراما
ومن لهم سلع يسوقونها من فضائيات ومنتجين فلم يعد النجم هو صاحب القرار
الأول لذلك فصناع الدراما في رأيه مجبرون علي إعادة التفكير في النظام
الانتاجي الدرامي خاصة أن الأنشطة الثقافية المختلفة في أماكن كثيرة جذبت
عددا كبيرا من الناس مما يدل علي أنهم هربوا من أمام الشاشة الصغيرة وتلك
الأماكن مثل «بيت الهواري، قصر الأمير طاز، الساقية وغيرها».
هذا بالإضافة إلي أن عرف الـ 30 سنة حلقة الذي فرضته الشركات علي المشاهدين
بدأ ينتهي والذي أدي إلي حشو ليس له أهمية والدليل علي ذلك تجربة «حكايات
وبنعيشها» فبطلته نجمة بحجم ليلي علوي قدمت مسلسلين منفصلين بعدد قليل من
الحلقات ونجحت لذا فالأعوام القادمة ستشهد تغييراً كبيراً.
وحول زيادة عدد الكتاب وقتل الابداع التليفزيوني خاصة عدم وجود موهبة
حقيقية لدي هؤلاء الكتاب يري طارق الشناوي مستعيناً بالمقولة القائلة «لا
يوجد طغاة بل يوجد عبيد صنعوا الطغاة» لذا فهؤلاء الكتاب صنعهم النجوم
لأنهم كتاب ضعاف في الأساس استخدمهم من يقدم نفسه من الجلدة إلي الجلدة.
الدراما السورية
ومرة أخري تناقش قضية الدراما السورية وتراجع الدراما المصرية أمامها رأي
محمد الروبي أنه إذا حدث ذلك فهو من الطبيعي لما يحدث من أخطاء في الدراما
المصرية منها كم الحلقات المكتوبة خصيصاً للنجوم بجانب أن الانتاج في سوريا
مختلف لأنه تابع للدولة فقد يتكلف المسلسل السوري أضعاف ما يتكلفه المسلسل
المصري ولكن الفارق الأهم أن الأموال في سوريا تذهب في مكانها منها التصوير
الخارجي والماكيير الإيراني والملابس باختلاف مصر التي يبتلع النجم وأجره
معظم الميزانية.
ويضيف الروبي أن تفاصيل المسلسل مهمة جداً ولا يمكن إغفالها لذلك من يقول
لا تحاسبني علي تفاصيل صغيرة مثل استخدام «الموبايل» في مسلسل بالستينيات
فهو مخطئ، والدليل علي ذلك متابعة الكثير للمسلسلات التركية التي تهتم بتلك
التفاصيل.
قضايا كبري
التجرؤ علي قضايا كبري والاستسهال كانت إحدي نقاط المناقشة في الندوة خاصة
مع وجود عدد كبير من المسلسلات تطرقت للصراع العربي الإسرائيلي والشخصية
اليهودية مثل «ما تخافوش، والبوابة الثانية»، فيؤكد الروبي أن فكرة مسلسل
البوابة الثانية جاءت مع أحداث غزة مؤكداً أن تلك المسلسلات تسئ للقضية فهي
تستفيد بشكل أساسي من الأحداث السياسية الجليلة من أجل مزيد من الربح
فالكتاب يبحثون عن موضوع جديد لجذب الجمهور والنية من الأساس غير سليمة
لهذا لا يضعنا هذا التناول في تلك المسلسلات فيصفه الروبي بالاستسهال الذي
لا يليق ويضرب مثالاً يقارن فيه بين مسلسل رأفت الهجان وهدفه الأساسي من
أبرز وطنية حقيقية وبين مسلسل «حرب الجواسيس» ونهايته الساذجة.
ويلتقط طارق الشناوي أطراف الحديث مفسراً ذلك بأن معظم الفضائيات العربية
الآن تقدم وجبة دسمة سياسية للمواطن العربي الذي بدأ يبحث عن السياسة
فتحولت إلي خبز يومي مما جعل صناع الدراما يجدون فيها ضالتهم ليقدموا
الجانب السياسي في المسلسلات من خلال تناولات سريعة.
وعن موسم رمضان كموسم لعرض المسلسلات يتنبأ محمد الروبي بأن ينتهي هذا خاصة
مع تردد أصوات تطالب وتتمني عدم عرض مسلسلاتها في رمضان لأنها تظلم في
العرض خاصة أن النقاد الفنيين أنفسهم لا يستطيعون مشاهدة جميع المسلسلات
للحكم عليها.
الفنانات المحجبات
أخذت قضية الفنانة المحجبة مساحة كبيرة من الندوة خاصة مع سؤال سوسن الدويك
عن استثمار الفنانة المحجبة في الدراما فيؤكد طارق الشناوي أنه ليس ضد عمل
الفنانة المحجبة ولكنه مع منطقية الحجاب وألا يفرضن قانونهن علي العمل مما
يؤدي لتشويهه.
أما الناقد محمد الروبي فاختلف في الرأي ليؤكد أن الممثلة التي ترتدي
الحجاب تجلس في منزلها من الأفضل لأنها تعظ بجانب التمثيل وهو ما ليس
منطقيا.. وعن مسلسلات الست كوم علق الشناوي علي زيادة عددها هذا العام لتصل
إلي 14 مسلسلاً وللأسف يستخدم فيها ممثلون ثقلاء الظل في بعض الأحيان.
فجاجة
وفي سؤال عن المشاهد الساخنة في مسلسلات رمضان يؤكد محمد الروبي أنه يرفضها
حتي في غير رمضان لأنها فجاجة مؤكداً أن الفن بالإيحاء في المقام الأول
وهناك قانون درامي يؤكد أن ما يمكن الاستغناء عنه يجب الاستغناء عنه ويضيف
أننا حتي نعود كدراما مصرية إلي الريادة العربية يجب تفادي أخطائنا فيكون
الموضوع هو رقم واحد وليس النجم وأن االعمل الجيد يجبرني علي متابعته سواء
كان مصريا أو سوريا.
معادلة
وعن الاستعانة بالممثلين العرب في المسلسلات المصرية يؤكد طارق الشناوي
أنها معادلة مهمة لأن قوانين السوق قد تغيرت فهذه الاستعانة أهمها في
المقام الأول هو مدي الحاجة والضرورة الفنية والتعبيرية لها مثل اشتراك
عبلة كامل وجمال سليمان في مسلسل «أفراح إبليس» فكل منهما له جمهوره وقدرته
علي التعبير مذكراً بما قام به أشرف زكي نقيب الممثلين عندما أصدر قراراً
بمنع الممثل العربي من التمثيل في أكثر من عمل مصري في العام وعاد بعد سنة
ليصبح رئيس اتحاد الفنانين العرب ويلغي هذا القرار.
الأهالي المصرية في
08/10/2009 |