تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

الجمهور يقبل على الأفلام الجيدة بغض النظر عن البطل

نجوم السينما يتساقطون تحت وطأة الأقنعة

محمد رُضا

المتابعون الذين اعتادوا تقييم الأفلام مع نهاية كل عام سيلحظون أن سنة 2009 أكدّت أن النجم السينمائي لم يعد ضمانة لما يُعرف ب “شبّاك” التذاكر، وأن الجمهور الحالي يقبل على الأفلام لأسباب أخرى أقلها حجماً الممثل الذي يتصدّر واجهة الفيلم، وأكبرها المؤثرات الخاصّة التي صار بإمكانها تجاوز تلك التي كانت تبدو بالغة التقدّم والحداثة قبل خمس سنوات فقط.

الفيلم الجديد هو “المخبر” والممثل هو مات دامون. ومن قبله سقطت أفلام أكثر من نجم “كبير”: توم كروز في “فالكيري”، ول سميث في “سبعة أرطال”، دنزل واشنطن في “اختطاف بلهام 3،2،1” وحتى تعاون جوني دب وكرستيان بايل لم يستطع تجنيب “عدو الشعب” المنحدر الذي هوى إليه الفيلم تجارياً، والثاني (كرستيان بايل) لم يقدّم اسمه قليلاً او كثيراً في مصير فيلم “ترميناتور 4”.

من الطبيعي إذاً أن يتحوّل النجاح عن الأفلام التي تعمل حسب النظام النجوم التقليدي الى الأفلام التي تسيطر عليها الشخصيات المبتكرة بصرف النظر عن ممثليها. وأدرك عدد من الممثلين المعروفين أنه إذا ما كان عليهم الاستمرار في هذه المهنة فإن عليهم البحث عن “سلع” سينمائية يمكن الركون إليها للاستمرار. توبي ماغواير عمد الى شخصية “سبايدر مان”، جوني دب ارتدى ثياب القرصان ووضع حلقة كبيرة في أذنه ليلعب “قراصنة الكاريبي”، روبرت داوني جونيور ارتدى لباساً من المعدن الثقيل في فيلم “آيرون مان” في حين ولج ادوارد نورتون شخصية “العملاق العجيب” في حين التزم كرستيان بايل بشخصية الرجل الوطواط في سلسلة “باتمان”.

والجدير بالذكر هنا أن كل هؤلاء الممثلين جيّد حين يمثّل في دور متحرر من الأقنعة والمؤثرات والشخصيات ذات القدرات الفائقة. وفي حين كان ذلك، لحين قريب، ضرورياً لمهنة ممثل جاد كحال المذكورين هنا، وكحال سواهم، الا أن هذا النوع من التمثيل ذي القيمة النوعية بات الاستثناء في حين تحوّل ما كان استثناء في السنوات السابقة الى الحال السائد والمرغوب أكثر من سواه.

المسألة كلها مرتبطة بثقافة ترفيهية شاملة عرفتها هوليوود منذ البداية. لكن الفارق أنها عرفت كذلك، فيما مضى، القدرة على إنتاج كل الأنواع وكل المستويات وكل المواضيع في آن واحد وكان الفيلم النوعي فخر كل ستديو حتى وإن لم يستطع جلب ربع ما يحققه الفيلم التجاري عادة. كان هناك إيمان بأن السينما عليها أن تتوجّه الى كل ذوق مهما كانت بعض فئات المشاهدين قليلة العدد نسبياً. لذلك كانت هناك أنواعاً سينمائية عديدة يسكنها ألوف الممثلين العاملين والموزّعين ما بين الأدوار الرئيسية وحتى تلك الثانوية. البطالة بين الممثلين كانت على مستوى فردي محدود، إن وُجد، والأفلام المنتجة كانت تتجاوز 500 فيلم في العام، وكل منها يساند بعضه بعضاً في عالم لم يعرف الغلاء السافر الذي يعرفه اليوم.

منذ أن أخذت السينما تقتبس من ثقافة الروايات الشعبية المصوّرة (الكوميكس) شخصياتها، تم تحويل العدد الغالب من المشاهدين من الإعجاب بالممثل وموهبته وطاقاته وملامحه (التي كانت يوماً كافية لتجذب الجمهور إليه بصرف النظر عن الفيلم الذي يقوم ببطولته) الى الإعجاب بالشخصيات المزوّرة التي تقدّمها السينما كونها شخصيات غير آدمية وإذا كانت آدمية فهي لا تتصرّف على هذا النحو. ففي صميم فكرة السوبر هيرو، التي من أجلها تحوّل بايل ونورتون وداوني وسواهم، أنه يختلف بقواه الخارقة التي لا وجود لمثيلها على الأرض. بالتالي، ما عاد مهمّاً لدى المشاهدين رؤية بطلهم وهو يمر بما يمر به الأبطال عادة من مشاعر وأحاسيس وعقد نفسية، بل ما عاد مهمّاً من يختفي تحت لباس المحارب، المهم هو المحارب نفسه.

وفي المعمعة سقط آخرون، مثلاً كل الممثلات اللواتي حاولن تأدية أدوار بطلات خارقات للعادة فشلن من أنجلينا جولي في “لارا كروفت” (نجح الأول وسقط الثاني) الى هالي بيري في “كات وومان” وصولاً الى جنيفر جارنر في “الكترا”. حتى “سوبرمان”، شيخ تلك الشخصيات الكرتونية ما عاد يطير بعدما أصبحت شخصيّته مسالمة وغير مبهرة كما الشخصيات الأخرى الأكثر دكانة وحدّة وعنفاً.

 

المخبر” رسالة فنية من دون خطب

المخرج ستيفن سودربيرغ وقف طويلاً على قدميه لكن ليس معاً. كان دائم الانتقال بين السينما الفنية والسينما الترفيهية الخفيفة وذلك بعد سنوات قليلة من قيامه بتحقيق فيلمه الأول “أكاذيب وأشرطة فيديو” الذي نال سعفة مهرجان كان الذهبية العام 1989 الذي تبعه بثلاثة أفلام هي “كافكا” و”ملك الهضبة” و”تشيزوبوليس”. بعد عشر سنوات على فيلمه الأول ذاك انتقل الى سينما خفيفة ومسليّة بدأت بفيلم “Out of Sight” وشملت “إرين بروكوفيتش” الذي تسبب في منح جوليا روبرتس أوّل أوسكار. بعد ذلك مارس ذلك النوع من الانتقال بين النوعين فقدّم سلسلة “أوشن” التي تبدو أقرب الى مجموعة من لقطات البوستكارد لنجومها جورج كلوني، مات دامون، براد بت وسواهم، من ناحية وعاد الى الأفلام الجادة في اقتباسه لفيلم أندريه تاركوفسكي الفضائي “سولاريس” (من دون أن يسهم في حل ألغازه إذ اكتفى باستنساخه) و”الألماني الجيّد”. هذا الانتقال جعله حاضراً على أكثر من ساحة وبنجاح يخرج من نطاق ما لا يحققه الفيلم الجاد من ايرادات او ما لا ينجزه الفيلم التجاري من قيمة.

في “المخبر!” ينجز عملاً يحمل سماتاً من فئتي أفلامه. هذه المرّة هي واحدة من المرات النادرة التي يقف فيها على قدميه معاً.

إنه حول مدير مشتريات في مؤسسة ضخمة للأغذية يتجسس عليها لصالح الأف بي آي التي حوّلته الى مخبر يعمل لحسابها غير مدركة أنه في كل مرّة يعطيها معلومة عن رؤسائه إنما يختارها لتناسب خططه الخاصّة. صحيح أنهم متورطون في عملية مالية ضخمة استطاع كل منهم بسببها تكوين ثروة بعشرات ملايين الدولارات، وصحيح أن لب العملية كان التدخل في أسعار الأغذية بحيث تتجاوز الحد الطبيعي لها لتحقق لهم أرباحاً إضافية، إلا أن مارك (كما يؤديه مات دامون) شارك، وعلى مستواه المحدود داخل المؤسسة في جني الأرباح بالطريقة ذاتها.

المختلف بالنسبة إليه هو أنه يكذب على طوال الخط وذلك تنفيذاً للخطّة التي يؤمن بأنها ستنجح في تنصيبه مديراً عامّاً على المؤسسة بعد أن يُدخِل مدراءه السجن. وهو يحاول الخروج من كل كذبة بابتداع كذبة أخرى وذلك بعد أن كشف احتيالاته. واحدة من تلك الأكاذيب تتعلّق بالمبالغ التي تلقّاها في عملياته غير القانونية فهو يصرّح في البداية بأنها في حدود 6 ملايين دولار.

بعد قليل ترتفع الى 9 ملايين دولار. ثم  وبعد أن دخل السجن وحوكم على أساس ذلك المبلغ  يتحدّث عن أكثر من 11 مليونا.

لكن الفيلم يُظهر أن ما جمعه مارك من عمليات غير مشروعة، ليس سوى حصّة بسيطة من تلك التي جمعها مدراؤه من خلال عملياتهم غير القانونية ويربط ذلك كلّه بما تم الكشف عنه في الأشهر الأخيرة من جشع المؤسسات المالية الكبرى في الولايات المتحدة التي أسهمت في الأزمة الاقتصادية التي ما زالت الولايات المتحدة تعاني من نتائجها الى اليوم.

العدو هنا هو الجشع. لكن الفيلم ينجز هذه الرسالة من دون خطب مباشرة. ستيفن سودربيرغ ليس أوليفر ستون يحاول نقد شارع المصارف في “وول ستريت” ولا هو مايكل مور في أي من أفلامه الانتقادية لجشع رأس المال.

الفيلم المأخوذ عن كتاب من نحو 600 صفحة يمر بسهولة أمام العين ويحمل نوعاً من الكوميديا الساخرة من نظام اجتماعي قائم على مبدأ أن المال وُجد ليجعل من يحصل عليه ثرياً ليس عن طريق الاحتفاظ به، بل عن طريق استثماره على حساب كل الأخلاقيات والمبادئ الاجتماعية. وهو يسرد كل ذلك بذكاء مستخدماً ممثله الجيّد والباذل لإتقان دوره بأداء يبتعد فيه عن أي من الشخصيات التي لعبها سابقاً.

 

أوراق ناقد

المخرج ممثلاً

النجوم يتقاضون للاشتراك في المهرجان، عربياً كان او غير عربي، لم لا يتقاضى المخرجون أجراً لقاء اشتراكاتهم؟ سألني أحد الأصدقاء معلّقاً على بعض ما يدور في الوسط السينمائي حالياً مع قرب انطلاق المهرجانات السينمائية العربية المتوالية من اقصى المغرب الى المنطقة الخليجية. وحين تلكأت في الإجابة، اعتقد أنني لا أملك الجواب فأكمل: “أترى؟ المسألة حق للمخرج أيضاً طالما أن المهرجانات لديها اعتمادات مالية وموازنة كبيرة لكي توفّرها”.

وكان صديق آخر قال لي إن من حق المخرجين الحصول على مقابل لقاء حضورهم المهرجانات الكبيرة نظراً لأن هذه المهرجانات لديها ميزانيات ضخمة تستطيع أن توظّفها لهؤلاء المخرجين الذين ليس لديهم موارد أخرى.

في الحالتين لم أصدق ما سمعت (وهذا سبب تلكأي في الرد على الصديق الأول) فالمسألة ليست من يملك مالاً وما لا يملك مالاً فمن يملك مالاً ليس مطالباً بصرفه في شتى الشؤون وأن يدفع لكل من يطالبه بالدفع. ومن لا يملك مالاً ليس مفترضاً به أن يقترض ليلبّي تقليعة لم تكن موجودة حين انطلق الى الوجود قبل عشرين او ثلاثين سنة.

نعم، المهرجانات الكبيرة تدفع للنجوم، ولدى بعضها صناديق دعم منظّمة تدفع منه لبعض المشاريع في مقابل الفوز بعرضها، لذلك المشكلة ليست هنا، بل في أنه لا يمكن أن يسعى المخرجون العرب لتحويل أنفسهم الى تجارة خصوصاً وأنهم يعملون في إطار السينما الجادّة وينؤون بأنفسهم عن المخرجين الذين يصنعون أفلام اللهو الفارغ.

ليس من حقه أن يحوّل نفسه الى سلعة لا ينقصه في ذلك الا وضع اعلانات مبوّبة يعلن فيها عن أن فيلمه بات جاهزاً للتصدير لمن يدفع. وهناك مخرج من مصر أعلن ذلك فعلاً في حديث منشور قبل أيام وآخرون عديدون، حول العالم العربي، يفكّرون في المنهج ذاته: “يريدون أفلامنا عليهم أن يدفعوا لنا”. ماذا لو أن هناك مهرجاناً لا يريد أن يدفع؟ هل عليه أن يتصرّف من دون أفلام عربية؟

لو كان لدي مهرجان لجعلته بلا تظاهرات اجتماعية، لكن هذا لا يعني أن المهرجانات التي تؤمن بتلك التظاهرات والاحتفالات ملامة إذا ما سعت لجذب النجوم إليها. هذا منهج مختلف عما في البال وهذا حقّها. لكن جلبت نجوماً أو لم تجلب فإن المخرج لا يجب أن يترجم نفسه الى سلعة ويبيع عمله بيعاً لمن يدفع وفي باله أن هذه المهرجانات لديها مالا وتستطيع أن تدفع. إذا فكّر على هذا النحو فهو في المهنة الخطأ. كان عليه أن يصبح ممثلاً.

م.ر

merci4404@earthlink.net

http://shadowsandphantoms.blogspot.com

الخليج الإماراتية في

27/09/2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)