تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

الخليج في مهرجان فنيسيا السينمائي الدولي (1)

الأفلام القوية رهان “أفضل الدورات

فنيسيا محمد رضا

ينطلق اليوم، مهرجان فنيسيا السينمائي الدولي في دورته السادسة والستين محاطاً بتوقعات كثيرة ليس أقلّها أن تكون دورته هذه أفضل الدورات التي تمّت تحت إدارة ماركو مولر، المدير الفني الذي عين قبل ست سنوات بموجب عقد ينتهي العمل به هذا العام.

وإذا ما كانت هي أفضل دورة تتم تحت إشراف مولر، فهي بطريقة آلية، إحدى أفضل دورات المهرجان في تاريخه المتوسط،  أي منذ أن أعيد الى الحياة بعد توقّف استمر بضع سنوات في مطلع الثمانينات من القرن الماضي.

السبب هو قوّة الأفلام، ولو على الورق. وهو سبب دائماً ما يكون مخادعاً، فالمخرجون “الكبار” اليوم يرتكبون هفوات قاتلة كشأن “الصغار” منهم او أن أعمالهم قد تتبلور في الظاهر شيئاً واعداً وحين تُعرض يتحوّل هذا الوعد الى أنقاض، كما حدث أكثر من مرّة مع مهرجاني “كان” و”فنيسيا” آخرها، كما قيل، الدورة الماضية من “كان”.

إذاً لا بد من النظر الى الأوراق والوعود الى أن تتكشّف الأفلام واحداً تلو الآخر، لكن مع فارق أن مهرجان فنيسيا يمارس حرصاً هذا العام نابعاً من حقيقة أن دورة العام الماضي كانت، بإجماع معظم من حضر، من أسوأ دوراته ما جعل مديره مولر مستاء من النتيجة من ناحية ومصمماً على تجاوزها نحو دورة ناجحة يقول عنها الآن إنها أفضل الدورات التي أشرف عليها.

أوروبا المشتركة في تشكيل قوي واضح قد تحمل في مفردات أعمالها الفارق الرئيسي الذي سيميّز هذه الدورة عن سابقاتها. فالأسماء المطروحة جزء من الثقافة الحاضرة في السينما الأوروبية بدءاً من فيلم “مطبخ روحي” للمخرج التركي الأصل فاتح أكين وليس انتهاء بفيلم “نساء بلا رجال” للإيرانية شيري نزهت التي تعيش وتعمل في نيويورك.

المشترك بين الفيلمين والملاحظ في أكثر من فيلم آخر في الدورة الحالية حقيقة أن المخرج التركي الأصل فاتح أكين تركي ينجز أفلامه في وطن المهجر ألمانيا، بينما مخرجة “نساء بلا رجال” ايرانية تنجز فيلمها الأول هذا لحساب السينما الألمانية أيضاً.

وهناك مخرجون يعملون خارج دولهم أيضاً، مثل البلجيكي جاكو فون دومايل الذي يحقق فيلمه الجديد “السيد لا أحد” في نطاق السينما الفرنسية والألماني فرنر هرتزوغ الذي أنجز لحساب شركة أمريكية فيلماً صوّره في ولاية لويزيانا عنوانه “الضابط السيئ: ميناء نيو أورلينز”. وإذا ما بدا العنوان مألوفاً فلأن المخرج الأمريكي آبل فيريرا سبق له وأن حقق الفيلم نفسه قبل نحو خمس عشرة سنة ولو أن أحداثه آنذاك دارت في مدينة نيويورك وليس في نيو أورليانز.

والبحث عن التمويل ولو في الصين ليس أمراً جديداً. ها هو المخرج الجزائري مرزاق علواش يحقق فيلمه الجديد “الحرّاقون” (المعروض ضمن تظاهرة “أيام فنيسيا”) بتمويل فرنسي كما فعل منذ البداية لأنه لا بديل له عن الشركات الفرنسية التي موّلت له مسيرته الى الآن.

والمصري يسري نصر الله على درب الراحل يوسف شاهين من حيث أنه أنجز معظم أعماله الى الآن بتمويل فرنسي، بينها فيلمه الجديد “إحكي يا شهرزاد” المشترك خارج المسابقة أيضاً.

هذا ما يجعل الفيلمين أوروبيين فهل سيحوّلهما المهرجان الى فيلمين عالميين؟

هذا متوقّف على إذا ما جاء رد فعل النقاد الحاضرين هذه الدورة، ومعهم صحافيون وشخصيات إعلامية يتجاوز عددهم ،1400 إيجابيا حيال كلا العملين. اسم علواش في أوروبا معروف أكثر من اسم نصر الله لكن الأمر بالنسبة لأي منهما يتوقّف عند نضارة وجودة العمل الذي يوفّره المخرج لمشاهديه العالميين. من ناحية فإن مرزاق علواش مخرج حقق أعمالاً جيّدة ولافتة، ثم أخرى رديئة وعابرة، وهو يريد العودة لما أنجزه من مكانة سابقة عبر موضوع جديد يتناول المهاجرين العرب والأفارقة الذين يتسللون بحراً الى اسبانيا.

ويسري نصر الله حقق بعض الصدى الطيّب عبر أفلامه السابقة (مثل “مرسيدس” و”أيام الشمس” و”حديقة الأسماك”) لكنها لم تنجز الحضور المتوخّى منها في الذهن الأوروبي (او العالمي) ولا زال بحاجة الى الفيلم الذي يحقق هذا الحضور. “احكي يا شهرزاد” يعد بأن يكون هذا الفيلم.

وجهات نظر

لجانب هذين الفيلمين القادمين من مخرجين عربيين نلحظ وجود الفيلم التونسي “أسرار مدفونة” لرجا عماري في مسابقة “آفاق”، وفيلمين مصريين آخرين “واحد صفر” لكاملة أبو ذكرى (في مسابقة “آفاق” أيضاً وهي التظاهرة الثانية من حيث الأهمية) وفيلم أحمد ماهر “المسافر” في المسابقة وهو إنجاز مهم، تحاول بعض الكتابات -بداعي الموضوعية- الحد من توقّعاتها بشأنه، وأخرى تؤكد أن الفيلم ما وصل الى مسابقة مهرجان فنيسيا الا عبر وساطة قامت بها وزارة الثقافة المصرية في أعلى مستوياتها مع مدير المهرجان ماركو مولر نتج عنها قبول الفيلم، وبعض الكتابات تصوّر المسألة على أن هذا القبول تم بعد ضغوط وليس عن قناعة.

هذا في الوقت الذي قال فيه ماركو مولر لمجلة “سكرين انترناشونال” إنه مسرور للغاية بوجود فيلم “المسافر” ويضيف: “بحثت بجهد كبير لأن أجد موهبة” كموهبة أحمد ماهر. لكن ذلك النوع من الحكم المسبق الذي تواجهه السينما العربية من البعض لن يؤثر بحال من الأحوال في مستقبل “المسافر”. لقد وصل الى مسابقة المهرجان، وهذا وحده، بصرف النظر عن كيفيّته، إنجاز يأخذه المخرج وصانعو الفيلم بعين الاعتبار الشديد كونه دخل المسابقة وتم رفض نحو 1500فيلم آخر. هذا وحده يعني الكثير.

لكن الرحلة لن تكون سهلة أمام “المسافر” بسبب وجود بعض الأسماء التي لها قدم وساق في المسابقات الدولية نظير مواهبها وخبراتها. يكفي وجود المخرج الفرنسي جاك ريفيت (87 سنة) القادم من تاريخ عريق كأحد مخرجي “الموجة الجديدة” في الخمسينات من القرن العشرين.

هناك أيضاً الفرنسي باتريس شيرو وفيلمه “اضطهاد” المنتظر أن يكون أحد الأعمال الكبيرة في المسابقة، وفيلم يماثله حجماً وطموحاً هو “باريا” لجسيبي تورناتوري الذي فاز بجائزة مهرجان فنيسيا قبل عشرين سنة عن فيلمه “سينما باراديزو”.

كل هؤلاء من جيل يمتد من الخمسينات الى اليوم وهناك من هم أبناء جيل قريب مثل الإيطالي ميشيل بلاسيدو الذي يعود بفيلمه الجديد “الحلم الكبير” ومثل المخرج الأمريكي مايكل مور الذي يعرض هنا “الرأسمالية، قصّة حب”، مقدماً فيلماً وثائقياً آخر يتحدّث فيه عن مساوئ الوضع الحالي في الولايات الأمريكية منتقداً جشع المؤسسات الكبيرة وحماية إدارة بوش لها.

إذاً، أحمد ماهر ينضم الى جيل جديد حقق أفلامه لأول أو ثاني مرّة. من هذا الجيل نجد الأمريكي جون هيلكوت عبر فيلمه الكوارثي (عن الحياة بعد دمار الأرض) “الطريق” وتوم فورد عبر “رجل عازب” ومثل فيلم النمساوية جسيكا هاوزنر في “لوردس”.

كذلك هناك المخرجة الجديدة شيرين نزهت التي تقدّم “نساء بلا رجال” وهو فيلم بدأته قبل أعوام عدّة كمشروع فيلم قصير لكنها أنجزت منه هذا الفيلم الروائي المنتقد لوضع المرأة في ايران والمشغول بتمويل ألماني، كما ذكرنا، علماً بأن شيرين فنانة تشكيلية تعمل وتعيش في نيويورك منذ عدّة سنوات.

المشكلة هي وجود فيلم “إسرائيلي” عنوانه “لبنان” لمخرج اسمه سامويل ماعوز.

هو مشكلة لأنه يفي بتلك الرغبة الهشّة بالمساواة بين فيلم عربي وآخر من كيان العدوان المعروف. كما لو أنه كثير على السينما العربية أن تدخل مسابقة ما من دون أن تسارع بعض الجهات لاقتراح فيلم “اسرائيلي” من باب التوازن المقيت.

يجوز طبعاً أن يكون فيلم ماعوز يستحق التسابق لكن هذا احتمال تداخله الشبهات مع تكرار محاولات توازن سابقة كما لو أن المهرجان المعيّن يخشى لومة لائم. فيلم “لبنان” يدور حول الغزو الصهيوني للبنان في منتصف الثمانينات من خلال “مذكّرات” و”ذكريات” جندي كان من بين الذين “عاشوا محنة” الحرب. وكان فيلم “الرقص مع بشير” تحدّث عن حرب 1984 نفسها وعن المأزق ذاته، لكنه أخفق في التحليل السياسي إخفاقاً شديداً ولا ندري بعد إذا ما كان ماعوز سيتجاوز هذا الإخفاق. لكي يفعل ذلك، فإن ما يحتاجه هو أن يعكس أن “المحنة” لم تكن من نصيب الجندي “الإسرائيلي” الفرد، بل أساساً هي اختيار كيان سياسي- عسكري- ديني فاشي وعنصري استباح أراضي الغير ولا يزال. وسنرى أيضاً تأثير سياسة جديدة ينتهجها مدير المهرجان حيال السينما الأمريكية. فهو يقول مؤخراً إنه استبعد “هوليوود” لكنه حرص على حضور السينما الأمريكية. وهذا قد يكون صحيحاً بالنظر الى السمات الإنتاجية لكنه لا يزال بحاجة الى تدقيق.

داخل المسابقة خمسة أفلام أمريكية هي “الطريق” لجون هيلكوت. هذا هو ثاني أفلامه (من بعد فيلم “وسترن” لافت حققه في استراليا بعنوان “العرض” مع غاي بيرس وراي ونستون) وأكبرهما حجماً: خيال علمي من تمويل شركتين أمريكيّتين شبه مستقلّتين، مع فيغو مورتنسن في دور أب لعائلة تحاول شق طريقها في أمريكا المنكوبة بعد دمار شامل من شرقها الى غربها مدافعاً عنها ضد زمر من الأشرار. نظرة داكنة يعود مصدرها الى الروائي كورماك ماكارثي ذلك الذي وضع أعمالاً أحبّت السينما اقتباسها آخرها “لا بلد للمسنّين” الذي قدّم في نطاق مهرجان “كان” العام الفائت ثم استحوذ الأوسكار بعدها.

أيضاً “الحياة خلال الحرب” للمخرج المستقل تود سولوندز مع آل شيدي وشياران هيندز، غابي هوفمان والبريطانية شارلوت رامبلينغ وعدد كبير من الممثلين الذين يلعبون أدواراً مساندة على طريقة ما كان المخرج روبرت ألتمن حيث تتعدد الشخصيات وتغطّي على الحبكة غير التقليدية.

هذا لجانب ما ذكرناه من أعمال أمريكية وهي “الرأسمالية، قصّة حب” و”رجل أعزب” و”ضابط سيئ: ميناء نيو أورلينز”.

الخلبج الإماراتية في

02/09/2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)