بيدرو ألمودوفار: واحد من القامات الشامخة في راهن المشهد
السينمائي العالمي، بحيث انه استضاف كبار النجوم السينمائيين العالميين في
منجزه،
تارة في شكل تناص فيلمي يحاور ويتجاوز، وطورا آخر في أداء تشخيصي يقوم به
الكبار من
سينمائيي العالم. فلننصت الى هذه التجربة (ألمودوفارية) كما قد
يسمها بعض نقاد
السينما المغرمين بأساليبه الاخراجية..
·
بعد فيلم (فولفر) الذي تحدثت
فيه عن أمك، يبدو أنك بدأت تعالج مواضيع أقل حميمية. .؟
صحيح أنه في فيلم (فولفر) كشفت عن جذوري وأشياء حميمية جدا،
وهذا يعني أنه في عملي اليوم أعتبر أن
الفيلم الذي أنجزه هو أيضا جد حميمي مقارنة بأعمالي السابقة،
لكن حميميته من نوع
آخر. لسنا مسؤولين عن المكان الذي ولدنا فيه ولا عن الأم التي ولدتنا.
وبالمقابل،
أقبل أن أكون مسؤولا عما آليت اليه خلال الخمسين سنة الماضية. على كل حال
،هذان
الفيلمان مختلفان كلية بل شبه متعارضين.
·
فيلم (أحضان منكسرة)(1) لديه
علاقة مع
فيلم: (التربية السيئة) بفضل بنائه الزمني وانغراسه في المحيط
السينمائي..؟
صحيح، حتى وان اختلف المخرجان. أجل كلاهما متقدان، لكن الطريقة
التي يديران بها حياتهما الشخصية وعملهما ليست واحدة بالمرة.
اضافة الى ذلك، ففيلم (التربية
السيئة) هو جزء من حياة المخرج. اذن، الفيلم الذي ينجزه يشبه قماشا في
العمق، لديه هدف اعادة اخراج الحياة الدرامية للشخصيات، ليس لديه أهمية
أكبر منه
كما هو. أيضا ،المشترك بين الفيلمين هو السرد الذي ليست له
طبيعة خطية، لكنه متقطع
كرونولوجيا.
·
تبدأ فيلمك بمشهد قوي للحب
الجسدي( يقوم به البطل- المترجم) مع
امرأة مجهولة ساعدته من أجل عبور الطريق. هل أردت أن تظهر أن شخصية الفيلم
رغم
عماها تبقى مع ذلك مقبلة على الحياة..؟
انه كذلك تماما.موضوع هذا المقطع الأول
كان الكشف عن أن هذا الرجل المعاق بعد أن قطع الصحراء قرر أن يعيش، وأنه
ايجابي،
كما لو أن لا شيء قد حدث له على الاطلاق. علي القول انه في النسخة ما قبل
الأخيرة
من السيناريو (الذي أنجزته /المترجم) ،هنالك دائما العشرات من
السيناريوهات. كان
هنالك مشهد سابق، حين كان في الطريق ويتعرض فعلا لمخاطر حقيقية وهو يطارد
الفتيات،
لكني حذفته لأن السيناريو كان طويلا جدا :كأن نراه يشتري جريدة كالعادة رغم
أنه لا
يستطيع مطالعتها،أو يشرب قهوة وينصت الى صدى أعقاب النساء
اللواتي يعبرن فيحاول
التمييز بينهن عبر شم رائحتهن. بعد ذلك، و من خلال كل هذه الأحاسيس يختار
واحدة، ثم
يحاول الالتقاء بها على رصيف الطوار أمام ممر الراجلين. عندما يكون الضوء
أحمر يخطو
خطوة إلى الأمام، كما لو أنه يزمع على عبور الطريق، فتمتد يد
الفتاة لتقبضه من
ذراعه لتمنعه من العبور، حينها يقترح عليها أن تقرأ له الجريدة. أيضا، فكرت
في مشهد
آخر كتبته لكني أزحته فيما بعد، وكان أكثر ميلا الى أسلوب (بونويل) (3)، في
مقابل
شقة هذا المخرج، كانت هنالك وكالة للمانكانات حيث تتعلم بعض
الشابات هذه المهنة،
وكانت تدور بينهن شائعة حول هذا الأعمى الذي يصطحب النساء إلى بيته كي
يقرأن له (الجريدة /المترجم)، وكن يتناقلن بينهن ذلك
بإعجاب.في الحقيقة، كانت تلك الشابات
يتحرشن به دون علم منه بذلك. بالنسبة الي، انه فيلم روائي إلى
أقصى حد بحيث ان وراء
كل شخصية هنالك حكاية طويلة كتبتها وكأنها رواية. ولكن، ما دمت قد كنت بصدد
فيلم
كان علي أن أركب وأشذب، غير أني لن أحكي لكم عن كل ما لا يوجد في الفيلم!
·
هل في
البداية كانت هذه الشخصية المزدوجة: ماتيو بلانكو/ هاري كاين
هي التي حركتك لإنجاز
هذا الفيلم؟
بالفعل. أول شخصية فكرت فيها هي هذا المخرج الأعمى الذي خلق لنفسه
هوية ثانية عاش تحت رايتها الجزء الثاني من حياته. هذا الاسم
المستعار الذي اختاره،
منذ زمن بعيد من قبل، كان يشبه اللعب وخلق أيضا سيرة ذاتية لهذه الشخصية
المغلوطة. (أحضان منكسرة) فيلم حول الازدواجية حيث
هنالك لعبة المرايا المعكوسة بين الحقيقة
والسينما.
·
في أفلامك تستعمل استشهادات من
أفلام أخرى، في الغالب هوليوودية
: (الجوال)
في فيلم: ( كيكا)(4).. (مبارزة في الشمس)في (مصارع الثيران)(5) ( جوني
كيثار) في (نساء على حافة أزمة عصبية) (6)- (لعوب) في فيلم (وردة سري)(7)
و(الحمى
في دمي)(8)- في فيلم: (ماذا فعلت كي أستحق هذا؟) (9) بعدها
(بلليسما) (10)- في فيلم
(فولفر)
حيث تتخذ هذه المرة من فيلم ايطالي مرجعا لك وهو :(رحلة إلى ايطاليا)- (11)...؟
صحيح، لكني لا أستعمل هذه الاستشهادات كتلميذ يتعلم السينما أو
كسينمائي يعيد الاعتبار لأساتذته. بالنسبة الي، إن ذلك يشبه
الصور المسروقة من
أعمال أخرى لكنها تصير جزءا مندمجا في فيلمي. مثلا في فيلم: (فولفر)
الاحالة على (بلليسما) تعيدنا إلى تلك الأم الشهوانية
التي كانت لديها فتاة جميلة جدا، وكانت
تريد أن تراها ممثلة سينمائية. .ففيلم (بلليسما) في الواقع لديه علاقة
مباشرة مع (فولفر) وهي دراما عائلية تعالج مختلف أشكال
الأمومة. بالنسبة الي، في
الايقونوغرافيا السينمائية وحدها الواقعية الجديدة الايطالية هي التي تمثل
فعلا
الأمومة.مع هذه الايقونة المطلقة التي هي (آنا مانياني) خاصة في هذا المشهد
الذي
نراها فيه بقميص نسائي ذي حمالات تنظر الى نفسها في مرآة وهي
تفكر في مشاكلها
العائلية و الطريقة التي ستحلها بواسطتها.أما (أحضان منكسرة) والاحالة الى
(رحلة في
ايطاليا ) فشيء آخر. طبعا، يغريني الفيلمان معا لكن(بلليسما) لم تكن لتعتبر
أبدا
كفيلم كبير لـ: فيسكونتي، بينما فيلم (رحلة الى ايطاليا ) هو
من روائع روسيلليني
ويحسب على الموجة الجديدة. انه فيلم شفاف أدير من الخارج بأقل الخدع
الممكنة، كما
كان دائما يريد.المشهد الذي تقوم فيه الشخصيتان (يقوم بدورهما جورج ساندرز
وانغريد
بيرغمان) في التنقيب وتتابعان رؤية زوج متكلس يدخل مباشرة في
فيلمي الشخصي. تبتعد
الشخصية (التي تلعب دورها بيرغمان) وما رأته لتوها يعيدها إلى زوجها الذي
هو في طور
الانهيار.
في فيلم (أحضان منكسرة) تشاهد شخصيتاي هذا الفيلم في التلفاز، انه فعل
يومي بامتياز. وفجأة تكشف لينا (بينيلوب كروز) عن هذا الزوج في
هذه الأحضان
المخلدة. تقول لنفسها إنها تتمنى أن تموت هكذا مشدودة إلى حضن الرجل الذي
تحبه، وما
يلي سيبين أن ما يتولد لديها من مشاعر لن يكون هو مصيرها.سيتضح أن هذه
الأبدية التي
كانت تتطلع إليها لن تصل اليها الا عبر صور الفيلم الذي قامت
به، أو الصور التي
أخذت لها.وبالفعل في هذا المشهد ماتيو/ هاري(لويس هومار) كأنه يحدس ما
تستشعره،
يأخذ لها صورة تسمح بإطالة هذا العناق.لو استعملت هذا المقطع من فيلم (رحلة
الى
ايطاليا)، فلأني أردت الإشارة إلى ما تحس به لينا في تلك
اللحظة الدقيقة.مع ذلك،
هناك في الفيلم إعادة اعتبار لمخرجين أفضلهم، ويتعلق الأمر هنا بإعادة
اعتبار
حقيقية. هاري في النهاية يقد م لائحة لمخرجين،عندما يجلس لمشاهدة الديفيدي
كان
حزينا عندما سأله ابنه أي فيلم يود أن يعرضه عليه، فيجيبه أنه
يريد الإنصات إلى
صوت(جين مور) في فيلم: (مصعد من أجل المشنقة)(12).انه إعادة اعتبار وتقدير
لهذه
الصديقة التي هي (جين مور)، لأنها بالنسبة إلي واحدة من أحسن
الممثلات اللواتي
عرفتهن، وصوتها من أجمل أصوات السينما. انه أيضا إحالة على هذا المشهد في
نهاية
فيلم: (لويس مال) حيث توجد في السجن رفقة (موريس روني). لقد تم الكشف عنهما
بواسطة
صورة أخذت لهما. نسمع صوتها وهي تقول إنها ستصير عجوزا و بشعة
في السجن، لكن على
هذه الصورة ستظل دائما شابة وجميلة، ورفقتهما ستظل أبدية. كل ما ذكرته هو
سام في
فيلمي بعض الشيء. انه ليس سطحيا لكنه يشير إلى معنى استشهاداتي.
·
يداهمنا
الانطباع في فيلمك (أحضان منكسرة) باستدعاء مشاهير
السينمائيين. في البداية
(سيفيرين)
الأعمى، وان كان البطل مخرجا فإنك لا تستبعد العلاقة التي تجمع المتفرج
والسينما...إن حب السينما ليس هو حب انجاز أفلام فقط بل هو أيضا حب
مشاهدتها وهذا
ما يحدث في فيلم (أحضان منكسرة). هناك هذه الصورة الاستيهامية بالنسبة
لسينمائي،
والأعمى الذي لا يستطيع الدخول إلى الصورة، فيكتفي بلمس الشاشة
كما أنه يحاول
بأنامله القبض عليها..
صحيح أن كل هذه الإحالات السينمائية لم أقم بها باعتباري
مخرجا لكن باعتباري مشاهدا. أن تكون مخرجا أو لا تكون، فإن السينما هي
تجربة شخصية
جدا وقد أردت أن أكشف عما استشعرته وأنا أكتشف هذه الأفلام.
صورة النهاية التي
تحيلني عليها هي التعبير عن رغبتي الشخصية لألمس السينما بيدي.عندما وضعت
الشخصية
(التي
أدى دورها لويس هومار) يديها فوق الشاشة، فذلك شبيه بنهوض كل أحاسيسه
المرتبطة بأنامله حتى يتمكن من رؤية الصور عبر يديه.هذا يمثل بالنسبة إلي
نموذجا
للمتفرج الذي يستطيع الدخول في علاقة مع الفيلم عبر كامل جسده
(حواسه
المترجم).
·
تدمجون في فيلمكم أشياء ليست من
عادتكم. هل ذلك يعني أنكم صرتم تحملون
مقاربة أكثر شمولية للسينما..؟
هذا الفيلم في نظري إعلان عن حب للسينما.لقد
حاولت فيه أن أبين كل أشكال الشاشة حيث ينعكس الفيلم الذي هو في طور
الانجاز
والإعداد. أردت أيضا تبيان طاولة المونتاج والدفتر الذي نسجل فيه ما نختاره
ونواة
الوشيعة والسحاءة والنيغاتيف..كل هذه العدة التي استطعنا لمسها
،بواسطتها ننجز
سينما منذ خمسة عشر عاما. (أحضان منكسرة) هو.. فرصة لتبيان كيفية الاشتغال
على فيلم
قبل انجازه.
·
مع فيلم (فتيات وحقائب) الذي
تعتمد فيه على تقنية الفيلم داخل
الفيلم تعيد نوعا من صناعة فيلم نساء على حافة أزمة عصبية؟
بالضبط. لكنه لم يكن
في المراد أن أكرم نفسي. كنت أريد، لهذا الفيلم داخل الفيلم، أن يكون
كوميديا، شيئا
خفيفا وممتعا يتعارض مع اليومي الدرامي للشخصيات. ولعل استعمال
كوميديا مخرج آخر في
هذا الصدد بدت لي أمرا معقدا من حيث الحقوق. وجدت أنه من العملي أكثر أن
أقتبس من
أفلامي الشخصية وأتصرف فيها بشكل حر.
·
وجدتم لـ: (بينلوب كروز) دورا
يمزج بين
ميزتين تكمل إحداهما الأخرى. فهي تبدو حازمة وفي نفس الوقت معطوبة.!!
أنا سعيد
أن تكون (بينلوب كروز) هي التي جسدت هذه الشخصية، لأنها معقدة وقامت بعمل
خارق في
سجل غير معتاد بالنسبة إليها. شخصيتها هي امرأة نازحة من وسط
متواضع جدا. وبسبب
جمالها - بلا شك - كانت تحلم بأن تصير ممثلة عندما كانت صغيرة. لم تستطع أن
تصير
كذلك فغدت شبيهة بملاك خائر القوى. لا أحكم عليها من باب أخلاقي، لكنها
امرأة سقطت
في كل الفخاخ التي نصبتها لها الحياة فانتهت بالتصلب. وهو ما
لم يكن بد من تجنبه
عندما دارت بها دورة الجمر. إذن، فجأة سيتحقق حلمها: تستطيع أن تصير ممثلة
وفي نفس
الوقت تسقط في حب الرجل الذي منح لها السعادة. في المشهد الذي تنظر فيه إلى
نفسها
في المرآة، وهي تمشط شعرها كي تمثل، تكون شبيهة بفتاة صغيرة
تنظر إلى نفسها في
المرآة وقد صارت تلك المرأة التي طالما حلمت بأن تكونها.لكن حدث سقوطها في
العشق
سيحولها إلى كائن معطوب و بالتالي سيضعفها. في البداية، كانت تعتقد أن
لديها القوة
لمجابهة كل شيء: العيش مع ارنستو مارتيل وانجاز الفيلم، لكن
التفاوض مع مارتيل
جعلها تعرف أنها وصلت الى البلاطو بعد أن استنفذت جميع الوسائل، فتفهم أنها
لن تصل
أبدا الى مرادها وأن وساوسها من الكثرة التي لم تكن تتصورها. لم تحتمل
البقاء مع
مارتيل، وهذه الأعطاب هي التي صيرت الشخصية أكثر تأثيرا في
نظري. عندما كتبت
السيناريو حاولت- بكل الوسائل- أن أنقذها، لكن ذلك كان مستحيلا. كان قدرها
قد حكم
عليها دفعة واحدة في الوقت الذي كانت تمتلك فيه جسد نساء الشؤم للأفلام
السوداء
سنوات الخمسينيات.
هوامش:
1ـ
(أحضان منكسرة ): ألمودوفار- أيار/مايو
2009-
ساعتان و09 دقائق. تشخيص: بينلوب كروز- بلانكا بورتيو- لويس هومار.
يحكي
الفيلم عن فنان سينمائي- (مخرج وسيناريست)- فقد في آن واحد بصره وزوجته ـ
لينا ـ في
حادثة سير. وحتى ينسى كل ماضيه الجميل مع زوجته /بصره وبصيرته
قرر أن ينسى اسمه
الحقيقي، ماتيو بلانكو، ليعيش الشطر الثاني من حياته الثانية تحت اسم هاري
كاين.
والأجمل في الحكاية أنه طور باقي حواسه
الأخرى بعد فقدان بصره كي يستمتع بالوجه
الثاني للحياة التي تمثلها مرحلة هاري كاين التي تنازلت عن
ماتيو بلانكو الذي يرمز
للماضي بكل ارث لينا الرمزي.
2ـ
فولفر: ألمودوفار-2005 ـ ساعتان ودقيقة.تشخيص:
بينلوب كروز ـ كارمين مورا- لولا دويناس. في أحياء مدريد المشتعلة باشتعال
هموم
الطبقة العاملة، وحيث النازحون من مختلف المناطق الاسبانية يتقاسم الناس
أحلامهم
ومصائرهم. في خضم هذا المزيج الاثني والاجتماعي، تعاني ثلاث
نساء ينتمين الى ثلاثة
أجيال مختلفة بسبب طيبتهن..
3ـ
بونويل (لويس):1900-1983 مخرج مكسيكي من أصل
اسباني، بدأ في فرنسا بأفلام سوريالية بتعاون مع سالفادور
دالي. من أهم أفلامه: (كلب
أندلسي)1928- (عمر الذهب)1930- (الأناقة الخفية للبورجوازية) 1972- (هذا
الشيء
المظلم للشهوة)1977...
4ـ
(كيكا): من اخراج بيدرو ألمودوفار 1993-112 دقيقة.
تشخيص: فيرونيكا فوركي- بيتر كويوتي- فيكتوريا ابريل.. من أغرب أفلام
ألمودوفار،
وهو عبارة عن ابحار في اللامحسوس واللاانساني، يؤسسه الفرجوي
والغرائبي.أغلب شخصيات
هذا الفيلم تنحو منحى لا انسانيا باستثناء كيكا التي ترمز الى
الأنوثة الاستثنائية
والحنان والخير. .الخ.
5ـ
(مصارع الثيران): ألمودوفار سنة 1986-95 دقيقة. تشخيص:
أسومبتا سيرنا-كارمين مورا- بيبي أندرسون- أنطونيو بانديراس. يحفر
ألمودوفار في هذا
الفيلم في طقوسية الكوريدا ـ (مصارعة الثيران) ـ الشهيرة، لكنه يوظفها في
اتجاه منح
الفيلم نكهة فكرية بامتياز. يجمع بين ثيمات الموت والحب والشهوة القاتلة.
6ـ (نساء على حافة أزمة عصبية): لألمودوفار
-1988-100 دقيقة. تشخيص: كارمين مورا ـ
أنطونيو بانديراس- خولييتا سيرانو ـ ماريا برانكو. أهم ما يدفع
بالفيلم نحو مداه هو
ذلك النقاش الدائر حول الشرط الأنثوي بواسطة شخصية (بيبا) التي تشخصها ـ
كارمين
مورا ـ، وهي مستعدة للتخلي عن كل شيء بحثا عن حريتها. تتمرد على كل مؤسسات
التكبيل
الاجتماعية من الزواج مرورا بالأسرة وصولا الى كل أشكال النفاق المجتمعي.
ويسجل
سيناريو الفيلم تقاطعات مهمة مع مسرح الشارع، كما يعتمد
الجينيريك على العنصر
الفرجوي المشبع بصور الموضة الثمانينية من القرن الماضي.
7ـ
(وردة سري):
لألمودوفار-1995-107 دقائق. تشخيص: ماريزا
بيريديس- شوس لامبريف - روسي دي
بالما-خوان ايشانوف..تحكى الحكاية بالألوان: (ليو) كاتبة روايات رومانسية
تحت اسم ـ
أماندا غري-، لكنها تعيش حياة عاطفية على العكس تماما من أحلامها الروائية
الوردية،
فيكون الكونتراست. ينوع ألمودوفار من المنظورات البصرية بغية
الكشف عن مختلف زوايا
الشخصية الاشكالية في الفيلم. فما بين (ليو) وزوجها من سمك المسافات يرمز
اليه ستار
الحمام الشبيه بجدار برلين العاطفي. يواجه الفيلم نزعة التمركز حول الذات
العاشقة
التي تعيش جحيميتها في رماد نكران الذات، ووحده حب الأم هو
الذي يمنح (ليو) القدرة
على مواصلة الحياة. الفيلم، اذن، باختصار هو اعادة اعتبار للأمومة.
8ـ
(الحمى
في الدم): من اخراج: ايليا كازان -1961-124دقيقة. تشخيص: وارين بيتي-
ناتالي وود-
بات هينغل- باربارا لودن.
اذا كانت كلمة (براق) قد وضعت من أجل وصف فيلم ما،
فانها قد تليق تحديدا بهذا الفيلم.يحكي هذا الأخير عن قصة حب ممزق بين-
ناتالي وود-
و- وراين بيتي ـ الذي افتتح مساره الفني-
كممثل سينمائي - بهذا الفيلم الذي يعد
تركيبا لكل تجربة ـ كازان-السينمائية. ويسير الاشتغال على
اللون في هذا الفيلم
بموازاة مع الحالات النفسية للشخصيات.كما يعلمنا هذا الفيلم كيف علينا أن
نسامح
آباءنا..
9ـ
(ماذا فعلت كي أستحق هذا؟): ألمودوفار-1984-102دقيقة. تشخيص: كارمين
مورا ـ فيرونيكا فوركي- لويس هاستالو. يتذكر ألمودوفار في هذا
الفيلم أصوله
الاجتماعية الشعبية، فيعيد الاعتبار للخادمة التي ذهبت ضحية الفرنكوية
والرأسمالية.
الممثلة كارمين مورا كانت متألقة حتى أنها
استطاعت أن تصير باقتدار حفيدة لـ:( آنا
مانياني)، وقد نجح الفيلم في اعادة الحقيقة الكابوسية في شكل
كوميدي.
10ـ (بيلليسما) للوتشينو فيسكونتي
1951-105دقائق. تشخيص : آنا مانياني ـ والتر شياري-
تينا آبيتشيلا. يحاول فيسكونتي في هذا الفيلم الابحار في عماء المحرومين
والمسكونين
بمتخيل الأفلام التي هي الملاذ الوحيد لحرمانهم. تريد الأم'بيع' ابنتها
للسينما من
أجل أن تصير ابنتها نجمة سينمائية، لأنها تريد المرور الى صف
الأغنياء الذين يملكون
الثروة والسلطة، غير أن أحلامها تتبخر أمام سخرية السينمائيين من ابنتها
الصغيرة،
فتحول الأم سخريتهم الى مشهد درامي مثير..
11ـ
رحلة الى ايطاليا لروبرتو
روسيليني1953-74 دقيقة. تشخيص: انكريد بيرغمان وجورج ساندرز. هو من أحسن
أفلام
روسيليني وفيه سجل تطورا لافتا في الخطاب السينمائي.يبين الفيلم المسار
الروحي
والأخلاقي لالكسندر جويس رجل أعمال بريطاني وزوجته كاترين.
جاءا الى ايطاليا للحصول
على ارث وبوصولهما الى نابولي ،يلاحظان أن لا شيء يسير على ما يرام بينهما،
فتصير
ايطاليا كاشفة عن هشاشة الحقيقة الداخلية للزوجين. الصور مليئة بعناصر
الفرجة في
الفيلم الذي ينتهي بقوة مجهولة، كان لها أن تخلص الزوجين من
جحيميتهما وهي
العفو.
12ـ
(مصعد من أجل المشنقة): من اخراج لويس مال-1958-90دقيقة. تشخيص:
موريس روني- جين مور- لينو فونتورا-جورج بوجولي. يصور الفيلم رجلا منطويا
على نفسه
في مكان مغلق من جهة، وامرأة مهووسة تائهة في باريس بحثا عن حب هلامي من
جهة ثانية.
بينهما ظلال جريمة. يستغل (لويس مال )مشاهد صماء وأخرى تضج بالصخب والحياة.
حوارات
أدبية رفيعة جدا ترافق رحلة جين مور وهي تطارد حبها الشبحي على وقع موسيقى
ميليس
دايفيس
مجلة : بوزيتيف ـ أيار (مايو) 2009-عدد579- ص:9/13
القدس العربي في
21/08/2009 |