حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

                          دراما رمضان التلفزيونية لعام 2012

أيقونة التمرد.. تحية كاريوكا

بقلم: ماهر زهدي

الحلقة ( 27 )

عفريت سمارة

اكتشف صلاح أبو سيف خطأ تفكيره من بداية اختيارات أبطال فيلم «الفتوة»، إذ وجد أن دور «المعلمة حُسنة» في الفيلم كأن فريد شوقي والسيد بدير كتباه خصوصاً لتحية كاريوكا، فهو مرسوم عليها تماماً، وإذا كان قد أخطأ وعرض الدور على هند رستم، فلا ضير في أن يصحح الخطأ، ويذهب الدور إلى بطلته الأصلية، لتقوم تحية بأداء دور البطولة. بالطبع، رفضت هند رستم مشهد ضيفة الشرف، فطلب شوقي من زوجته الفنانة هدى سلطان أن تؤدي المشهد الأخير أمام محمود المليجي في نهاية الفيلم، فرحبت فوراً، وجسدت تحية دور «حُسنة» إلى جانب شوقي وزكي رستم وتوفيق الدقن، وميمي شكيب وفاخر فاخر.

عرض فيلم «الفتوة» فشعر صلاح أبو سيف بفداحة الخطأ الذي كان ليرتكبه في حال لم تأخذ تحية كاريوكا البطولة، على رغم أنها لم تشغل بالها بأن تحوز البطولة المطلقة، أو حتى مشهد ضيفة شرف، كما لم تصر على كتابة اسمها في المقدمة دون غيرها، أو تحرص على خطف دور من زميلة لها. كل ما كان يشغلها أن تقدم فناً راقياً تحترم فيه نفسها قبل جمهورها.

حاولت تحية أن تعود إلى المسرح حيث الالتحام بالجماهير من دون واسطة، غير أن إسماعيل ياسين أوقف نشاط الفرقة، ليس بسبب مشاكل خاصة بالمسرح، بل بالفرقة التي عاد معظم أعضائها إلى فرقة الريحاني، وفي الوقت نفسه بسبب انشغاله بالسينما، لأن منتجيها لم يتركوا له فرصة للتركيز في المسرح، فقد عرف الجميع أنه «الورقة الرابحة» آنذاك، واسمه يضمن إيرادات غير معهودة في السينما، حتى بلغ ما يقدمه إسماعيل ياسين أكثر من 12 فيلماً في العام. في الوقت نفسه أصرت تحية على مواصلة مشوارها في المسرح الذي شعرت بأنه قد ينتهي قبل أن يبدأ، فالتقت مع مجموعة من أصدقائها الفنانين، من بينهم محمود المليجي وشكري سرحان ونيللي مظلوم، واتفقت معهم على تشكيل فرقة مسرحية جديدة يقدمون من خلالها ما يحلمون به من أعمال مسرحية، الأمر الذي تحمس له الكثيرون، حتى وصل عدد الراغبين في المشاركة في هذه التجربة إلى 15 فناناً، وبعد الاتفاق على التفاصيل استقروا على أن يطلقوا عليها اسم «فرقة الـ 15». لكن قبل أن تبدأ الفرقة في تقديم أول عروضها، اصطدموا بكثير من المشاكل الإدارية، والبحث عن مسرح دائم يقدمون عليه عروضهم، ما كتب للتجربة الفشل قبل أن تبدأ بسبب قلة الخبرة لدى أي منهم في الإدارة… على رغم ضخامة خبرتهم في مجال التمثيل.

على رغم حماسة تحية كاريوكا ومحمود المليجي للتجربة، وإصرارهما على إعادة ترتيب الفرقة والبحث عمن يمولها، إلا أن شكري سرحان قلت حماسته، خصوصاً أنه وجد إقبالاً سينمائياً كبيراً عليه.

كان شكري سرحان ومحمود المليجي يصوران معاً فيلم «نهاية حب» مع المخرج حسن الصيفي إلى جانب صباح وماجدة، فقررت تحية زيارتهما في «أستوديو نحاس» للحديث معهما في أمر الفرقة، وعدم الاستسلام للفشل.

دخلت تحية أستوديو نحاس، فوجدت شكرى والمليجي مشغولين بتصوير أحد المشاهد، فاتجهت إلى غرفة الفنانة ماجدة وصافحتها وهنأتها على الفيلم، ثم اتجهت إلى غرفة الفنانة صباح حيث هالها ما رأت، فقد وجدت زوجها الطبيب البكباشي حسن حسين يجلس في الغرفة، فتغير وجهها ولم تعرف سبباً لوجوده هنا، في موقع تصوير سينمائي، وفي غرفة إحدى الفنانات، فهو لم يعتد حضور تصوير الأفلام، لدرجة أنه لم يذهب يوماً لزيارتها أثناء تصوير أحد أفلامها… وهي زوجته.

لم تتحدث تحية، ولم تثر مشكلة، بل أكملت مهمتها في الأستوديو، ثم عادت إلى البيت ووجدت زوجها قد سبقها إليه.

مسلسل الخيانة

لم تنفعل تحية، بل حرصت على أن تعرف حقيقة الأمر قبل اتخاذ أي موقف، وجلس زوجها أمامها على كرسي الاعتراف:

= أنا مش هاقولك إن اللي أنت شوفتيه مش صحيح… ومش هاكدب عليك. بس أنا عايز أوضحلك أن الموضوع مش زي ما فهمتي.

* هو إيه اللي فهمته؟

= واضح أنك فهمتي أن فيه علاقة بيني وبينها.

* وهو مفيش علاقة؟

= دا مجرد إعجاب بفنانة.

* وهو كل معجب ممكن يروح للفنانة اللي معجب بيها ويقعد معاها في أوضتها.

= لا طبعاً… بس إحنا اتعرفنا على بعض وهي تعرف أني زوج فنانة…

* جوز فنانة جوز واحدة من الشارع. المهم أنك متجوز… وعلشان تقعد معاها بالشكل دا… لازم يكون فيه بينكم حاجة. والحاجة دي أنا عايزة أعرفها مش أكتر من كدا.

= أيوا بس أنا عمري ما…

* لو سمحت. جاوب على سؤالي. فيه علاقة بينكم ولا لأ؟

= يا تحية الأمور مش كدا!

* لو سمحت جاوب على سؤالي بهدوء               

= أيوا فيه!

* يبقى تطلقني.

= أنت بتقولي إيه؟

* طلقني ودلوقت حالاً.

= وإن قلتلك لأ.

* يبقى أنا هاخلص نفسي منك بطريقتي.

أمام إصرار زوجها على عدم تطليقها، هددت تحية كاريوكا بالانتحار للتخلص من هذا الزواج، وعندما أصر على موقفه ابتلعت كمية من الحبوب المهدئة أصابتها بهبوط حاد فوراً، وفشل الزوج الطبيب في إسعافها، في الوقت الذي اتصلت فيه ابنة شقيقتها نجاة بالإسعاف التي نقلتها إلى المستشفى.

استطاع الأطباء إنقاذها من موت محقق، ولم يجد الزوج بداً من تطليقها، خصوصاً أنها هددت بتكرار المحاولة إذا لم يطلقها.

الاتجاه إلى الإذاعة

لم تعتد تحية أن تتوقف طويلاً أمام صفحة من صفحات حياتها، فما إن تنتهي الصفحة حتى تطويها وكأنها لم تحدث، تستوعب الدرس لتبدأ صفحة جديدة، وهو ما فعلته وقبلت ما عرض عليها من سيناريوهات أفلام، فشاركت بدور ثانوي في فيلم للمخرج عاطف سالم بعنوان «شاطئ الأسرار» إلى جانب عمر الشريف وماجدة، وقامت في الوقت نفسه بدور البطولة المطلقة أمام إسماعيل ياسين في فيلم «الست نواعم» للمخرج يوسف معلوف، الذي استغل فيه إسماعيل ياسين والمؤلف أبو السعود الأبياري نجاح فيلم «الآنسة حنفي» وعكس أحداثه، حيث يظهر ياسين في بداية الفيلم كأنثى، ثم يتحول بقية الفيلم إلى رجل.

بينما جلست تحية في حجرتها داخل الأستوديو خلال فترة الاستراحة، إذا بعامل من الأستوديو يطرق بابها ويخبرها بأن ثمة من يريد مقابلتها، ظنت تحية أنه أحد الصحافيين فاعتذرت له، مؤكدة أنها ليس لديها الآن ما تقوله للصحافة، غير أن العامل عاد ليخبرها بأنه مخرج وليس صحافياً:

* أهلاً وسهلاً اتفضل. ما تآخذنيش يعني… عم حسن قال إن حضرتك مخرج.

= أيوا يا هانم. مخرج اسمي فايز حلاوة.

* فايز حلاوة. وأخرجت أفلام إيه يا فايز؟

= لا يا هانم. أنا مخرج إذاعي. عملت كام برنامج في الإذاعة والحمد لله اكتسبت ثقة المستمعين.

* بالسرعة دي؟ انت شكلك صغير. إلا أنت منين يا فايز. لهجتك بتقول إنك مش من القاهرة.

= أنا من قويسنا منوفية. دخلت الجامعة هنا في مصر وخدت ليسانس حقوق.

* الله… أنت مخرج ولا محامي.

= ماتصبري يا ست… أنا خدت ليسانس حقوق… ودخلت معهد التمثيل. واتخرجت السنه دي.

* طيب يا عم فايز ألف مبروك. بعد إذنك بقى علشان عندي تصوير.

= لحظة واحدة يا ست تحية. هو أنا كنت جاي علشان تباركيلي.

* أمال أنا علاقتي إيه بالحكاية اللي أنت حكيتهالي دي؟

= ست تحية أنا… أنا كنت عايز أقولك حاجة وخايف تكسفيني.

* قول يا فايز… خير؟

= أنا كنت عايز أعمل معاك مسلسل إذاعي.

* وأنا موافقة. عدي عليا بكره بعد الضهر في البيت نقعد نتكلم.

اندهش فايز حلاوة من الموافقة الفورية على طلبه من دون أن يكون له تاريخ فني كبير يمكن أن يكون سفيره إليها، بل مجرد شاب تخرج من معهد التمثيل، ليس له اسم أو تاريخ، وعلى رغم ذلك وافقت تحية أن تسلم له تاريخها الفني، ليضع اسمه بجوار اسمها، ويقدم معها حلقات إذاعية تدور حول زوجين ريفيين بسيطين، ومن خلالها يقدمان نقداً اجتماعياً للعديد من مظاهر المجتمع الخاطئة.

حازت الحلقات نجاحاً كبيراً لدى مستمعي الإذاعة، لدرجة أن الشوارع تخلو من المارة في انتظار الحلقات الكوميدية للثنائي «رئيفة وعبد الودود»، وكان كل من والدة تحية وأختها وأبناء أختها يجلسون للاستماع إلى الحلقات، غير أن «نجاة» ابنة أختها أصرت على الخروج هذا اليوم لحضور حفلة غنائية كبيرة في حديقة الأندلس، خصوصاً بعد عام دراسي طويل، فطلبت تحية من والدتها، جدة نجاة، أن تصطحبها إلى هناك، للترويح عن نفسها أيضاً.

خرجت نجاة بصحبة جدتها لحضور الحفلة، غير أنهما فوجئا قبل البداية بإقامة «كرنفال» لاختيار أفضل فتاة تستحق لقب «سمراء القاهرة».

المثل الأعلى

لم تكن «نجاة» تلك الفتاة المبهرة التي يمكن أن تفكر في مثل هذه المسابقات، بل فتاة عادية ضعيفة البنيان، فراحت مع جدتها تشاهدان المتسابقات وهن يصعدن على المسرح، ودقائق وتم الإعلان عن عدم فوز أي منهن، وراح المسؤولون عن المسابقة يبحثون من جديد بين الحضور عمن يمكن ترشيحها للقب، وفجأة اقترب أحدهم من نجاة وأمسك بيدها واصطحبها إلى المسرح فصعدت وهي لا تفهم شيئاً، وفوق خشبة المسرح طلبت منها لجنة التحكيم التحرك ذهاباً وإياباً، فتصرفت نجاة بتلقائية وهي مذهولة لا تدري ماذا يحدث حولها، وتكرر الأمر مع فتيات أخريات، وبعد لحظات أعلنت اللجنة نتيجتها لتفوز نجاة بلقب «سمراء القاهرة» ويتم تسليمها الوشاح.

كان هذا التتويج بمثابة ناقوس دق في رأس «نجاة» فتنبهت إلى ميزة الشهرة والنجومية، وأن تمشي فيشير إليها الجميع، ما جعلها تبحث عن مثل هذه المسابقات وتتعمد المشاركة فيها، ففازت بعدها بجائزة «ملكة حوض البحر المتوسط» ثم المركز الأول في «مسابقة القطن المصري» حيث حضر المسابقة الأخيرة أحد مصممي الأزياء اليونانيين من أصحاب الشهرة الواسعة في مجال الأزياء، فضلاً عن وجود المخرج هنري بركات، وما إن انتهت المسابقة وتوجت الملكة حتى وجدت مصمم الأزياء يقترب منها ويسألها من دون مقدمات:

= تحبي تشتغلي عارضة أزياء؟

• يعني إيه عارضة أزياء؟

= يعني مصمم الأزياء لما بيصمم فستان جديد بيحب يعرضه على الناس علشان تشوفه… وبالتالي لازم يتعرض من خلال جسم مناسب… أقرب «للمانيكان» اللي بتشوفيه في الفاترينات ومحطوط عليه الفساتين. وكل ما يكون الجسم اللي بيتعرض من خلاله الفستان متناسق بتكون عارضة أزياء ناجحة.

طلبت نجاة فرصة للتفكير، على وعد بالرد عليه في الغد بعد مشاورة خالتها وأمها، وقبل أن تنصرف اقترب منها المخرج هنري بركات، وقدم لها نفسه، وعرف أنها ابنة شقيقة تحية كاريوكا:

= طب عال أوي. يبقى أنا نظرتي صح. واضح أن الفن في دمك بالوراثة… شوفي يا ستي أنا عايزك تمثلي معايا في فيلم جديد بعمله.

• بجد أنا نفسي في الفرصة دي من زمان.

= وأهي الفرصة جت لحد عندك… الفيلم اسمه «دعاء الكروان» وأنت هاتعملي شخصية بنت «مأمور» البلد اسمها «خديجة» بالمناسبة أنت قولتلي اسمك إيه؟

• نجاة علي سيد الجداوي.

= هو اسم حلو… بس للأسف فيه مطربة اسمها نجاة علي. المهم دلوقتي لازم تيجي بكره في الأستوديو علشان اختبار الكاميرا. العنوان أهوه هاستناك الساعة تسعة صباحاً.

عادت نجاة إلى بيت خالتها تحية كاريوكا، وهي تشعر بأنها قد أصبح لها جناحان تطير بهما، فقد انفتحت لها أبواب السماء وتحققت أمنيتها التي طالما حلمت بها منذ أن جاءت طفلة من الإسماعيلية، في الوقت الذي أرادت خالتها أن تبتعد بها عن الفن والوسط الفني، وحرصت على أن تنال حظها من التعليم، في أرقى المدارس وأغلاها، غير أن صورة النجمة وما حولها من هالات الضوء التي تحيط بخالتها لم تفارق خيال الصغيرة نجاة لحظة واحدة، فظلت تحلم باليوم الذي تطرق فيه أبواب الفن لتخطو الخطوات نفسها التي خطتها خالتها، ولكن كممثلة وليست كراقصة، وكانت تنتهز فرصة الإجازات وتحرص على حضور تصوير أفلام خالتها، ولكن دون أن تعلم، لأن تحية كانت تحرص على ألا ترى نجاة هذه الأجواء حتى لا يتعلق بها قلبها، وتقف لساعات طوال تستمتع بمشاهدة أداء كبار الممثلين الذين يقفون أمام تحية كاريوكا، وتستمع إلى توجيهات المخرجين إليهم.

ابن أخت «الوز»

دخلت نجاة، وجدت تحية أمامها، ارتمت بين أحضانها وراحت تقبلها، وتحية في دهشة من أمرها، حتى باحت نجاة بسر هذه السعادة لخالتها:

* ألف مبروك. يعني أنت كدا بقيت ملكة كام مرة؟

= لحد دلوقت توجت نجاة علي سيد الجداوي ملكة للمرة الثالثة… يا سلام!

* والمرة دي أدولك إيه؟ تاج… ولا سلطانية؟

= تاج… ومش أي تاج. طبعاً مش بنت أخت النجمة الكبيرة تحية كاريوكا.

* هم كانوا عارفين قبل ما يدوك التاج أنك بنت أختي؟

= عيب يا طنط. أنا بنفذ تعليماتك بالحرف. أنا بعتمد على نفسي زي ما اتعلمت منك. بس اللي أهم من الجايزة… الفرصة!

* فرصة إيه يابت؟

= بعد ما بقيت ملكة اتعرض علي اشتغل عارضة أزياء.

* كدا مرة واحدة! بس أنت لازم تكملي تعليمك العالي.

= ما أنا هاكمل وأنا بشتغل.

* هو أنت محتاجة شغل؟

= المسألة مش أني محتاجة ولا لأ… كفاية أني أبقى مانيكان… وعارفة مين كمان كان في الحفلة؟

* مين؟ عبد الحليم حافظ؟

= لا يا طنط. المخرج الكبير هنري بركات.

* تلاقيه بيدور على وجه جديد لفيلم بيعمله.

= ولاقاه يا طنط… لاقاه.

* ومالك فرحانة كدا ليه أنه لاقاه؟

= لأن الوجه الجديد دا يبقى أنا. هأمثل قدام فاتن حمامة في فيلم اسمه «دعاء الكروان»…

انتفضت تحية كاريوكا من جلستها، وارتسمت على وجهها علامات الغضب، ولطمت نجاة على وجهها:

* أخرسي… أنت بتقولي إيه؟ أنت تشتغلي ممثلة!؟ دا مش ممكن يحصل أبداً.

= أنت اللي بتقولي الكلام دا يا طنط. تحية كاريوكا هي اللي تمنعني أني أمثل؟

* وأموتك كمان. أنا ما كنتش بعلمك وبصرف عليك علشان تيجي دلوقت تقوللي عايزة اشتغل ممثلة.

= ليه؟!

* من غير ليه. أنا قلت لا يعني لا. مش ممكن دا يحصل.

= يعني لو كنت بنتك كنت هاتمنعي عني الفرصة دي؟

* اخص عليك. لو كنتي بنتي. أنا عمري ما حسيت أنك مش بنتي. وعلشان أنت بنتي بمنعك تمشي نفس المشوار اللي أنا مشيته.

= ليه؟ ما أنت أهوه… عايشة طول عمرك بشرفك… وعمرك ما عملتي حاجة غلط. والكبير قبل الصغير بيعملك ألف حساب.

* يا بنتي أنا ما عملتش دا بالسهل… وكمان ما حدش أداهوني. أنا اللي أخدت كل دا بالقوة وبالدراع… ولولا عملت كدا… كنت أتاكلت.

= طب سبيني أجرب.

* أنا مش هاقولك غير كلمتين. صحيح أمك موجودة… لكن من يوم ما جيتي من الإسماعيلية وأنا بعتبرك بنتي. لكن لو أصريت على موقفك دا يبقى لا أنت بنتي ولا أعرفك.

كان تأثير النجومية والأضواء والشهرة والمجد أقوى من أي كلام يمكن أن يقال لنجاة، فلم تكن هناك قوة تثنيها عن القرار الذي اتخذته، حتى لو كان غضب الخالة «تحية كاريوكا» فمن الممكن أن يزول بعد يوم أو شهر أو سنة، ولكن الفرصة لن تنتظر، وإذا لم تقتنصها ستضيع، وربما لن تأتي ثانية.

قبل التاسعة صباحاً، كانت نجاة أمام المخرج الكبير هنري بركات في الأستوديو، أجرت اختبار الكاميرا، تبعه توقيع عقد عملها في فيلم «دعاء الكروان» عن قصة الدكتور طه حسين، ليبدأ تصوير الفيلم بعد أقل من أسبوع، ويختار لها المخرج اسماً فنياً «رجاء الجداوي» بدلاً من «نجاة علي».

لم تغادر رجاء بيت خالتها، بل بقيت معها على رغم قرار تحية بمقاطعتها، والذي حرصت على ألا تعود فيه، غير أنها راحت في الوقت نفسه، ومن دون أن تعلم رجاء، توصي عليها المخرج أحمد بدرخان وصديقتها الفنانة فاتن حمامة، وطلبت منهما ألا يخبرا رجاء، كي لا تعتبر ذلك إعلاناً عن رضاها عما فعلته، على أمل بأن تكون مجرد تجربة وتنتهي، وتستطيع بعدها أن تستعيد ابنة أختها… غير أن رجاء قطعت على نفسها أي خط للرجوع.

(البقية في الحلقة المقبلة)

الجريدة الكويتية في

15/08/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)