حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

                          دراما رمضان التلفزيونية لعام 2012

أيقونة التمرد.. تحية كاريوكا

بقلم: ماهر زهدي

الحلقة ( 28 )

أحب الغلط

بعد أسبوع من التمثيل، شعرت رجاء الجداوي بأنها أصبحت نجمة، ولا بد من أن يشير الناس بأصابعهم إليها وهي تسير في الشارع، رغم أن الفيلم لم ينته بعد ولم يعرض، لكن إحساسها بأن الجميع يراها وهي تمثل أعطاها هذا الانطباع، وما إن تقاضت أول قسط من أجرها حتى قررت أن تشتري هدايا لأسرتها.

وقفت رجاء الجداوي أمام أحد المحلات في شارع 26 يوليو، فؤاد سابقاً، ثم انتبهت لتجد رجلاً ضخماً يقف خلفها، ظنت أنه ربما يكون معجباً تعرف إليها، غير أنه اقترب بشكل كبير فخافت والتفتت إليه بسرعة، وقبل أن تعنفه على هذا الاقتراب فاجأها:

= تحبي تشتغلي في السينما يا مودموذيل؟

ـ أحب… ما هو أنا فعلا نجمة. أقصد ممثلة وبشتغل في السينما.

= حقيقي! يبقي أنا فعلاً نظرتي في محلها. شوفي يا أمورة أنا اسمي عبد العزيز السيد… بشتغل مساعد مخرج مع الأستاذ أحمد بدر خان.

ـ ايوا عارفاه.                                                    

= طب كويس. إحنا بنعمل فيلم اسمه «غريبة» والأستاذ أحمد عايز فيه وجوه جديدة. خدي… دا عنوان الأستوديو هنستناك بكرة الساعة حداشر. أنا واثق أنك هايكون لك مستقبل كبير.

مع الفيلم الثاني لرجاء، ايقنت تحية أن ابنة شقيقتها قد اختارت طريقها، وخطت فيه خطوات يصعب معها إثناؤها عنه، وزاد يقينها عندما استأجرت رجاء شقة لتستقل فيها عن خالتها، بل حرصت على أن تنتقل والدتها لتعيش معها، في الوقت الذي ظل فيه شقيقاها مع خالتهما في منزلها.

الكباريه السياسي

بعد النجاح الذي حققته تحية كاريوكا مع فايز حلاوة في الإذاعة، زادت حماستها للتعاون معه مجدداً، غير أنه فاجأها بأن عرض عليها أن يقدما تجربة مسرحية، ويبدو أنه وضع يده على ما تبحث عنه تحية:

= لا مش مسرح عادي. أنا عايز أقدم حاجة زي «الكباريه السياسي».

* الكباريه السياسي! فهمت قصدك… أنت خبيث أوي يا فايز. بس فكرة بمليون جنيه.

= شوفي يا مدام تحية… ما فيش حد في مصر يقدر يعمل دا إلا تحية كاريوكا بس لاني عارف ميولك وأفكارك… وإيه الفن اللي أنت عايزه تعمليه.

على رغم حماسة فايز وتحية لتقديم هذا اللون المسرحي الذي لم يكن له وجود حقيقي ومنظم قبل ذلك في المسرح المصري، إلا أن الظروف المادية لم تتح لهما تنفيذ الفكرة اللامعة، فقررت تحية الاتجاه إلى السينما قليلاً للحصول على مبلغ من المال تستطيع من خلاله الإنفاق على المسرح، فالأمر في السينما يختلف كثيراً، إذ لم تكلف تحية نفسها عناء البحث عنها، خصوصاً أنها كانت لا تزال في المقدمة ويتمنى المنتجون والمخرجون العمل معها، وهو ما فعله حسن الصيفي عندما قرر أن يخوض تجربة الإنتاج لنفسه، فأسند إلى تحية بطولة فيلم «حبيبي الأسمر» غير أنه أراد أن يضمن نجاحاً مضاعفاً، فجمع للمرة الأولى بين نجمتي الرقص الشرقي تحية كاريوكا وسامية جمال في فيلم «حبيبي الأسمر»، وإن كان حفظ لتحية قدرها وتفردها، فكتب اسمها منفرداً على الشارة، ثم اسم الفيلم وبعده اسم سامية جمال يسبقها لقب «السمراء» ليأتي بعدهما في الترتيب عملاق المسرح والسينما يوسف وهبي، الذي خشيت وارتبكت تحية يوماً، في بدايتها، من مجرد الوقوف أمامه والنظر في عينيه أمام الكاميرا.

الزوج الناشئ

انتهى تصوير الفيلم، وأراد المخرج والمنتج حسن الصيفي الاحتفال بنهاية التصوير باعتباره منتج الفيلم ومخرجه، فوجه إلى أبطال الفيلم دعوة على العشاء في فندق «سميراميس». بينما جلسوا لتناول العشاء، إذا بالمطرب الصاعد محرم فؤاد يتقدم للغناء، فلفت أنظار الجميع وأعجبوا بصوته، لدرجة أن تحية كاريوكا قامت لترقص أمامه، وهو ما لم تفعله في الأماكن العامة منذ اعتزال الرقص، وبينما كانت ترقص صاحت بأعلى صوتها:

* الله يا محرم… الله … صوتك هايل.

أعجبت تحية كاريوكا بصوت محرم فؤاد، لكن يبدو أن محرم فسر هذا الإعجاب على أنه بشخصه وليس بصوته، فراح يطاردها بنظراته واقترب منها وتحدث معها، ثم خرج معها من الفندق، وما إن عرضت عليه أن توصله بسيارتها حتى طلب مفاتيح سيارتها ليقودها هو ولا يرهقها، فتسلم المفاتيح وتسلم معها قلب تحية، فقد وقع في حبها ومالت هي إليه، وما إن طلبها للزواج حتى وافقت، ليكون الزواج الحادي عشر في حياة تحية!

لم تكن شهرة محرم فؤاد تتعدى بعض الفنانين، بالتالي لم يكن له اسم في عالم الغناء، في وقت علت فيه أصوات نجوم الغناء العربي: كوكب الشرق أم كلثوم، الموسيقار محمد عبد الوهاب، عبد الحليم حافظ، فريد الأطرش، محمد فوزي، كارم محمود، عبد العزيز محمود، وغيرهم، فكان لا بد من أن تساند تحية زوجها الجديد ليقف على قدميه ليأخذ مكانه الذي يستحقه صوته المميز، وسط غابة من الأشجار العملاقة في عالم الغناء.

كان الكاتب والمخرج الإذاعي عبد الرحمن الخميسي يستعد لتقديم قصة «حسن المغنواتي» من التراث الشعبي، والتي قدمها في الإذاعة، بتحويلها إلى فيلم سينمائي بعنوان «حسن ونعيمة» وتحمس الموسيقار محمد عبد الوهاب لإنتاج الفيلم من خلال شركته، وتم إسناد إخراج الفيلم إلى هنري بركات، وأراد عبد الوهاب أن يأخذ الدور تلميذه وصديقه عبد الحليم حافظ، غير أن عبد الرحمن الخميسي كانت له وجهة نظر مختلفة، إذ اقترح أن يقدم الدورين، حسن ونعيمة، وجهان جديدان، فأسند دور نعيمة إلى أحدث اكتشافاته، فتاة شابة لم تبلغ عامها السابع عشر بعد اسمها «سعاد محمد حسني البابا»، في حين راح يبحث عن مطرب شاب من غير الموجودين على الساحة يصلح للقيام بالدور، ويكون له السبق في تقديمه، وما إن عرفت تحية بأمر الفيلم، حتى اتصلت بالخميسي:

* أستاذ عبد الرحمن.

= أهلا توحة واحشاني أوي… أنتي فين؟

* موجودة. قلت اتصل أبارك لك على الفيلم الجديد. أنا سمعت أنك بتحضر لقنبلة جديدة.

= حتة بت تحفة يا تحية. هتبقى قنبلة بجد… وهاتكون حاجة مهمة أوي في السينما المصرية. بس ربنا يسهل وألاقي البطل اللي في دماغي اللي ينفع يقف قدامها.

* طب إيه رأيك في محرم فؤاد؟

= سمعت عنه… لكن ما سمعتوش ولا شوفتوش.

* طب ما تسمعه.

= خلاص يا ستي خليه يعدي علينا بكره في المكتب الساعة ستة بعد الضهر… هاكون موجود أنا وهنري بركات والأستاذ محمد عبد الوهاب.

* معلش يا أستاذ خميسي… محرم حساس شوية. يا ريت تكلمه انت. وأنا مليش علاقة بالموضوع.

بمجرد أن رأى عبد الرحمن الخميسي والمخرج هنري بركات محرم فؤاد واستمع عبد الوهاب إلى صوته، حتى أيقن الجميع أنهم وجدوا ما يبحثون عنه، ووقع محمد عبد الوهاب مع محرم فؤاد عقد فيلم «حسن ونعيمة» وقبل أن يبدأ التصوير راحت الصحافة تثير ضجة حول اكتشاف الموسيقار الذي سيقدمه في «حسن ونعيمة»، ومن ناحيتها بدأت تحية الاستعداد لتقديمه للجمهور، ما أصاب الفنان الشاب بحالة من الغرور، كان أول من عانى منها زوجته التي مدت له يد العون، وأعدت حملة إعلانية كبيرة لتلميعه فنياً وإتاحة فرص له للتعاون الفني، ليس من خلال «حسن ونعيمة» بل من خلال اتفاقات كثيرة مع عدد من الملحنين ومخرجي السينما، غير أنه ما إن لمع اسمه قليلاً حتى تجاهل تماماً زوجته وأنكر وقوفها إلى جانبه ونسب نجاحه إلى نفسه وموهبته فقط، وسرعان ما دبت الخلافات الزوجية، ليقع أبغض الحلال بعد مرور أقل من ستة أشهر!

«علقة» صحافية

عرض فيلم «حبيبي الأسمر» وتحقق للمخرج حسن الصيفي ما أراده منه، سواء على المستوى المادي والنجاح الجماهيري أو المستوى الفني، وقدمت بعده كاريوكا فيلمين آخرين هما «حياة امرأة» أمام أحمد رمزي والفنانة الشابة زهرة العلا مع المخرج زهير بكير، والثاني الذي أثار ضجة فنية جديدة حول كاريوكا وهو «المعلمة» أمام يحيي شاهين وإخراج حسن رضا، حتى إن كل المحيطين بها أصبحوا ينادونها بلقب «المعلمة توحة» ليتحقق لها ما أرادات من خطوات فنية جديدة في مشوارها الفني. من ناحية أخرى، استطاعت تكوين مبلغ من المال يكفل لها العودة إلى المسرح.

لم تضع تحية الوقت، وقبل أن يضيع ما لديها من مال الذي قد تفتح له عشرات الأبواب لأنها لم تكن تعرف الادخار، قررت تنفيذ ما اتفقت عليه مع فايز حلاوة الذي ظن أنها نسيت الموضوع، وجذبتها أضواء السينما من جديد، حتى فوجئ بها تتصل بيه وتطلب حضوره على عجل:

*شوف يا سي فايز… آدي الفلوس اللي إحنا محتاجنها علشان نعمل المسرح اللي إحنا عايزينه.

= وأنا جاهز. هنعمل مسرح نكسر الدنيا.

*أنت واثق من كلامك يا فايز… ولا هانخسر القرشين وخلاص.

= شوفي صحيح أنا واثق من نفسي ومن كلامي. بس واثق من تحية كاريوكا أكتر من نفسي.

*يا ابن الإيه دا أنت داهية!

أخذ فايز حلوة إحدى قصص الكاتب نجيب محفوظ بعنوان «الخوف»، وأعدها مسرحياً بعنوان {قهوة التوتة»، غير أنه تعجل في ظهورها إلى النور، فلم تأخذ المسرحية وقتها من التدريبات والإعداد، خصوصاً لبطلة العرض ومنتجته تحية كاريوكا، وإن كان اهتم بدوره بالمسرحية كممثل للمرة الأولى، فخرجت المسرحية بصورة أقل من طموح تحية، وانعكس ذلك على استقبال الجمهور لها الذي فجاء ضعيفاً، فحدثت مشادة بينها وبين فايز حلاوة.

حضر العرض عدد من الصحافيين والنقاد، من بينهم الكاتب الصحافي جليل البنداري، والأكثر أنه شاهد أيضاً ما دار في الكواليس من انتقادات حادة وجهتها تحية كاريوكا إلى مخرجها وشريكها في العرض فايز حلاوة.

في العدد التالي من جريدة «أخبار اليوم»، وجدت كاريوكا مقالاً كتبه جليل البنداري وجه فيه انتقادات حادة إليها تحديداً، بل راح ينقل الصورة التي شاهدها في الكواليس، والمشادة بينها وبين حلاوة، واصفاً ما شاهده بأن «النجمة الكبيرة حاولت الاستقواء على المخرج وبطل العرض». ما إن قرأت المقال حتى جن جنونها، واستشاطت غضباً، وقبل أن تفكر في أي رد فعل تقوم به، وجدت حلاوة يتصل بها هاتفياً:

* أيوا يا فايز. قريت اللي كتبه جليل البنداري في أخبار اليوم؟

= أنا بكلمك بخصوص الموضوع ده. أول ما قريته كلمت جليل البنداري في أخبار اليوم وقلت له الكلام ده مش صحيح. كله غلط وأنه اتسرع في الكتابة من قبل ما يعرف الحقيقة.

* والله العظيم لأضرب جليل البنداري… مش هاسيبه.

= لا ما أنا فهمته الموضوع… ووعدني أنه هايكتب مقال في عدد يوم السبت الجاي يصحح فيه الكلام ده.
* أضربه الأول وبعدين يصحح.

= أرجوك هدي نفسك. إنسي الموضوع وسبيني اتصرف فيه وأعمل اللي يرضيكي.

* خلاص ما فيش حاجة. بس أنا أقسمت أني لازم أضربه.

= طب ممكن تقبلي دعوتي على العشا النهاردة في الأوبرج.

*ما عنديش مانع

دبر فايز حلاوة أن يكون جليل البنداري موجوداً على العشاء معهما في الأوبرج من دون أن يقول لتحية، ليقدم اعتذاره لها وينتهي الموضوع.

لبت تحية الدعوة، وما إن جلست وبجوارها فايز حتى ظهر البنداري وهو يدخل من الباب، فهبت واقفة وقد تطاير الشرر من عينيها وجرت خلفه، وسط محاولات فايز حلاوة وبعض الحضور للإمساك بها، فأفلتت منهم وجرت وجرى جليل البنداري خوفاً من أمامها وخرج واختبأ في سيارته، فلحقت به ونظرت في السيارة فوجدته، ثم أمسكته وأخرجته وأوسعته ضرباً، بينما هو يحاول أن يدافع عن نفسه، وكلما جرى في الشارع جرت خلفه لتكمل ضربها، وسط ضحكات المارة في شارع الهرم.

الزوج الغامض

على مقربة من الحدث وقف رجل في نهاية الأربعينيات من عمره يراقب الموقف، وما تقوم به تحية اتجاه جليل البنداري. لم يقترب إليها أو يتحدث معها، بل راح يتتبع تنقلاتها لمدة أسبوع حتى لاحظت ذلك، فسألت عنه، وعرفت أنه أحمد ذو الفقار صبري، أحد أثرياء عائلة ذو الفقار، غير أنه لم يتركها في حيرة من أمرها وفاجأها باتصال هاتفي يطلب مقابلتها.

في اللقاء لم يمهلها أحمد ذو الفقار فرصة للتخمين في ما أراد مقابلتها من أجله، وطلب يدها للزواج مباشرة فقوبل طلبه بالرفض، ليس خوفاً من نظرة المجتمع إليها بسبب تعدد زيجاتها وطلاقها، لكن لأنها لم تعرفه مسبقاً، ولم يكن هناك وقت للتعرف إليه. غير أنه راح يحاصرها بوجوده في كل مكان ويوسط بعض الأصدقاء المقربين، ومن بينهم الفنانة سميحة توفيق، حتى اضطرت في النهاية إلى الموافقة، بعد وضع قائمة الشروط، وأهمها انتقاله للعيش في شقتها، وليس العكس.

وجدت تحية أن وقوفها على خشبة المسرح يحتاج إلى إمكانات عدة، ليس مجرد مبلغ من المال تقدم به عملاً مسرحياً قد ينجح ويستمر، وقد يفشل جماهيرياً ويضيع المال، فتضطر إلى الانتظار لتكوين مبلغ آخر، فالمسرح يحتاج إلى مكان ثابت مستمر، وفرقة مسرحية معروف قوامها، لديها خطة واضحة، فأرجأت فكرة المسرح الذي تبحث عنه إلى حين توافر هذه الشروط، ولم يمنع ذلك من مشاركتها بين الحين والآخر مع فرقة إسماعيل ياسين أو أي من الفرق الأخرى، ، في مقابل التركيز في السينما التي تلح في طلبها.

أراد الفنان محمود إسماعيل استغلال نجاح فيلم «سمارة» فكتب سيناريو جديداً بعنوان «عفريت سمارة»، قبلت تحية أن تظهر طوال الفيلم باعتبارها «شبح سمارة» الذي يعود ليطارد حبيب سمارة «سيد أبو شفة» ويحاول أن يمنعه من الارتباط بحب جديد.

لم يحقق الفيلم النجاح الذي كان يتوقعه محمود إسماعيل وأقنع به تحية كاريوكا، والمخرج حسن رضا غير أن تحية لم تندم، بل شعرت بأن لها دوراً وواجباً لا بد من أن تقوم به، حتى لو أخطأت التقدير في بعض الأعمال وهو ما جعلها ترحب بالعمل مع المخرج الجديد عاطف سالم عندما عرض عليها المشاركة في بطولة «إحنا التلامذة»، المأخوذ عن القصة التي كتبها توفيق صالح وكامل يوسف، حول واقعة حقيقية لشقيق أحد أبطال الفيلم، الذي أحدث عند عرضه دوياً كبيراً في الأوساط الاجتماعية، لأنه دق ناقوس الخطر حول الشباب ودورهم في المجتمع، والظروف الاجتماعية التي تدفعهم إلى الجريمة.

فقدان السند

لم يمر عام على زواج تحية كاريوكا من أحمد ذو الفقار، حتى وجدت الفتور يسيطر على حياتهما الزوجية، بل وجدت أن زوجها ينسحب فجأة بلا مقدمات من حياتها، بعدما كثر تغيبه عن البيت، فطلبت منه الانفصال ووافق فوراً، وهو ما لم يغضبها أو يحزنها، فقد اعتادت الانتهازية في أزواجها، غير أن ما أحزنها وكسر قلبها وأشعرها بالوحدة والحرمان، هو رحيل والدتها، الظهر والسند الذي كان يشد من أزرها ويقوي عزيمتها.

شعرت تحية بأنها أصبحت وحيدة في الدنيا، حتى مع وجود أولاد شقيقتها فاطمة معها، باستثناء رجاء الجداوي التي أصرت تحية على الاستمرار في مقاطعتها، على رغم ابتعادها عن السينما والتفرغ للأزياء بعدما اكتشفت أن أدوارها لم تزد عن «صديقة البطلة».

كان أول من وقف إلى جوار تحية بعدما أنتابها هذا الإحساس الفنان رشدي أباظة، زوجها الأسبق، خصوصاً بعدما أصبح اسمه ملء السمع والبصر، بل أصبح ينافس على القمة مع عدد من نجوم هذه المرحلة ليكون فتى الشاشة الأول.

عاد رشدي إلى تحية باتفاق مشروط كصديقين، بعدما استبعدا فكرة الحب والزواج، وهو ما وجده عدد من المخرجين فرصة جيدة لتقديمها على الشاشة، وجذب الجماهير، فباستثناء أن لكل منهما جماهيره فإن عودتهما معاً إلى الشاشة سيكون لها مردود جيد.

قدمهما المخرج حسن رضا في فيلم «خلخال حبيبي» لتكون تحية أم الفنانة نعيمة عاكف، دور لم تتردد في قبوله، وبعده قدم المخرج عباس كامل الثنائي في فيلم «أنا وأمي» لتكون أيضاً أم الفنانة الشابة عواطف يوسف، ثم خاض رشدي أباظة تجربة الإنتاج لغيره وقدم عبد السلام النابلسي من خلال فيلم «عاشور قلب الأسد» وظهر فيه وكاريوكا ضيفي شرف، غير أن ذلك لم يغير من نظرة المخرجين أو المنتجين إليها، وأكد ذلك المخرج الأميركي، من أصل مجري، أندرو مارتون، عندما اختارها لتؤدي أحد أهم أدوارها، الملكة «شجر الدر» في «وا إسلاماه» الذي كان سبباً في استعادة تحية بريقها ولمعانها، ما شجع المخرج فايز حلاوة على العودة إليها، لا لتذكيرها بمشروع المسرح المؤجل فحسب، بل لأجل مشروع آخر أهم.

(البقية في الحلقة المقبلة)

الجريدة الكويتية في

16/08/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)