حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

                          دراما رمضان التلفزيونية لعام 2012

أيقونة التمرد.. تحية كاريوكا

بقلم: ماهر زهدي

الحلقة ( 16 )

حياة امرأة

زادت أعباء تحية كاريوكا وانشغالاتها، وأصبحت مسؤولة عن عائلة جديدة، إذ اعتبرت أن لها ابناً وابنة، مسؤولة عنهما، إلى جانب والدتها ورعايتها لأخوتها وشقيقتيها. ورغم ذلك لم تنقطع عن فعل الخير، ونشاطها في الجمعيات الخيرية، لا لمجرد القيام بفعل الخير، لكن كواجب وطني تؤديه تجاه فقراء البلد.

بعد نجاح تجربته في الإنتاج ومشاركة تحية كاريوكا في بطولته السينمائية، أصر المطرب محمد الكحلاوي أن يستعين بها في فيلمه الجديد الذي كتب قصته وينتجه، وكتب له الحوار بديع خيري، وكان يخرجه عبد الفتاح حسن.

استغرق تصوير الفيلم ثلاثة أسابيع، شعر خلالها العاملون بأن تحية واحدة منهم، أم أو أخت أو صديقة، فما إن ينتهي تصوير مشهد حتى كانت تسارع بالجلوس وسط العمال والفنيين، تقترب منهم يحكون لها مشاكلهم وأعباءهم، وتدعوهم إلى تناول الطعام معها، حتى تعوَّد جميع من في الأستوديو على ذلك، لدرجة أن الكحلاوي راح يجاريها في ذلك، فداعبها بقوله:

= يعني أنت عايزه تسرقي مني النجومية قدام الكاميرا… وورا الكاميرا. ادينا فرصة نعمل أي حاجة جنبك.

* أنت بتعمل أكتر من اللي أنا بعمله… أنت جدع أوي يا محمد وجواك طيب أوي… والناس كلها بتحبك.

انتهت تحية من تصوير أحد مشاهدها واتجهت إلى غرفتها للاستعداد للمشهد التالي، وإذا بأحد العمال يدخل عليها الغرفة:

= مدام تحية أنا آسف بس كنت عايز أقولك حاجة.

* تعالى يا فوزي. خير عايز حاجة؟ قول ما تنكسفش.

= معلش يعني هو خبر وحش. حضرتك عارفة الأسطى رمضان النجار اللي معانا في ورشة الديكور.

* أيوا طبعاً عارفاه… أنا بقالي كام يوم ما شفتوش. ومن ساعتها ماحدش ضحكني من قلبي. هو تعبان ولا إيه؟

= الأسطى رمضان تعيشي أنت يا مدام تحية.

* إيه؟ بتقول إيه… إزاي وإمتى؟

ما كادت تحية تسمع خبر وفاة هذا العامل حتى انفجرت بالبكاء، وهو ما لم يتوقعه العامل الذي أبلغها الخبر، ووقف لا يستطيع أن يتصرف، حتى وصل صوت بكائها إلى خارج الغرفة، فهرول الجميع إليها، المخرج والعاملون ومحمد الكحلاوي وإسماعيل ياسين، ظناً منهم أن مكروهاً أصابها، أو أن العامل أبلغها بأن أحد أفراد أسرتها قد رحل، غير أنهم دهشوا عندما علموا بأنه بسبب رحيل عامل الديكور رمضان فظنوا أن صلة قرابة تجمعها به، لكن زادت دهشتهم بعدما أدركوا أن موقفها هذا لمجرد معرفتها به خلال تصوير الفيلم.

راح الجميع يهدئ من تحية، وما إن توقفت عن البكاء حتى نادت على وصيفتها وطلبت منها أن تعطي زميله فوزي الذي نقل لها خبر الوفاة كل النقود التي تحملها في حقيبتها لتوصيلها إلى أبناء رمضان.

لم تتمالك تحية نفسها، ولم تعد قادرة على العمل، فطلب منها المخرج أن تنصرف وتأجيل التصوير لهذا اليوم، فاستقلت سيارة أجرة لعدم قدرتها على القيادة وهي على هذه الحال، وعندما وصلت أمام بيتها مدت يدها إلى الحقيبة لتعطي السائق أجرة توصيلها فلم تجد ما تعطيه له، فطلبت من حارس المبنى أن يعطي الأجرة للسائق بعدما تذكرت أنها طلبت من وصيفتها إعطاء كل ما لديها من نقود لأبناء العامل. في المساء، لم تنس تحية أن تذهب إلى زوجة الفقيد وأبنائه لتقوم بواجب العزاء، وتعطيهم المزيد من النقود.

غرام وانتقام

استطاعت تحية كاريوكا خلال أشهر قليلة بعد عودتها من أميركا أن تستعيد عرشها بالكامل كملكة للرقص الشرقي، وكممثلة كبيرة لها حضورها على شاشة السينما. راح يتهافت عليها المنتجون والمخرجون، بل ويصر أبطال الأفلام على انتظارها إلى حين الانتهاء من تصوير عمل ما لتشاركهم بطولة أفلامهم، لدرجة أنها تعاقدت خلال عام 1948 على القيام ببطولة ستة أفلام، انتهت من تصوير ثلاثة منها وتبقى لها ثلاثة.

للمرة الأولى، وافقت تحية على أن تدخل تصوير عملين في وقت واحد، «القاتل» مع صديقها حسين صدقي وشريكها في شركة أفلامها القديمة التي أنهتها قبل سفرها إلى أميركا (فأسس صدقي شركة بمفرده)، و»أحب الرقص» مع محمد أمين، فراحت تحية تصور الفيلمين في الفترة نفسها على رغم اختلاف موضوعيهما.

مع ذلك لم تلغ ارتباطاتها مع الملاهي أو الفنادق التي كانت ترقص فيها، بل حرصت على مداومة حضورها اليومي، ما جعلها تصطدم بوجود الملك فاروق مجدداً، بعدما عاود الظهور في الملاهي الليلية، خصوصاً «الأوبرج» الذي اعتاد الضابط مصطفى كمال صدقي، أحد أفراد تنظيم الحرس الحديدي الذي كونه الملك فاروق للتخلص من خصومه، السهر فيه يومياً، في إشارة واضحة من الملك لمنعه من الظهور في الأماكن التي يتواجد فيها.

فبعد فشل «الحرس الحديدي» الذي كونه الملك عقب حادث 4 فبراير 1942 في التخلص من أعدائه الموالين للإنكليز، شارك مصطفى كمال صدقي في محاولة أخرى لمحاولة اغتيال النحاس باشا… لكن حظ التجربة الثانية لم يكن أفضل من سابقتها، إذ أخطأته الرصاصات لتصيب بعضاً من حرسه أمام منزله… وينجو النحاس مجدداً.

وعلى رغم خروج النحاس من الوزارة ومرور أربع سنوات على هذه الواقعة، إلا أن الملك كان لا يزال يحمل ذلك للضابط مصطفى كمال صدقي… ويصر على التخلص منه، لكنه نادراً ما كان يتخذ قرار التخلص من شخص للأسباب السياسية وحدها، بل الأسباب «الغرامية» كانت أقوى لديه من أية أسباب أخرى!

حينما توافرت له تلك الأسباب اتخذ قراره بتصفية مصطفى كمال صدقي الذي وصلت أخبار علاقته بالسيدة ناهد رشاد، زوجة طبيب الملك يوسف رشاد، إلى الملك، خصوصاً أنها فضلته على الملك فشعر بالإهانة مضافاً إليها شعوره بالضيق منه لفشله أكثر مراراً في تخليصه من خصومه، وزاد الأمر تعقيدا أن ناهد رشاد طلبت الطلاق من زوجها لتتزوج من مصطفى صدقي… وكان ذلك سبباً كافياً كي يحمل يوسف رشاد على مصطفى صدقي ويوغر صدر الملك من ناحيته.

وصلت العلاقة بين صدقي وناهد إلى حد أنه أمرها بعدم السفر مع الملك إلى إيطاليا فوافقت من دون أن تعبأ بغضب الملك عليها أو على صدقي نفسه. وحين علم زملاء مصطفى كمال صدقي في التنظيم بأنباء علاقته معها طلبوا منه أن يتخلص منها كي لا تصل المسألة بينه وبين فاروق أو زوجها إلى التصفية الجسدية.

بتكرار ظهور الملك في «الأوبرج» وسط حاشيته، تسرب القلق إلى صدر تحية، فحتى عندما قرر الملهى إجراء مسابقة لاكتشاف المواهب الجديدة، كان الملك على رأس الحضور.

الطفلة المعجزة

في هذه الليلة، أحضر عازف الكمان الأرمني أرتين كالفيان ابنته نيروز التي لم يتجاوز عمرها خمس سنوات لتشارك في المسابقة، فقدمت المونولوج الذي وضعه والدها، وكان من بين الحضور الفنان أنور وجدي. راحت الطفلة تقلد رقص كاريوكا التي وقفت تراقبها وهي تضحك ملء قلبها، وما إن انتهت حتى لاقت تصفيقاً حاداً من الحضور، وأخذتها تحية بين أحضانها:

* برافو عليك. هايلة… أنت اسمك إيه بقى؟

= اسمي نيروز.

* نيروز! يعني إيه نيروز… تعرفي معناه؟

= آه عارفه… نيروز يعني شكل النيل لما القمر ينزل عليه بالليل.

* ما شاء الله. انت هايلة يا نيروز… وهيبقالك مستقبل كبير. انت عايزة تمثلي؟

= آه… عايزة أمثل وأرقص وأغني.

* دا أنت فنانة شاملة بقى.

= زيك يا طنط.

* يا روح طنط. دا أنت هتبقي أحسن مني كمان. بس لازم تتدربي على طول. إيه رأيك بقى في «الشكولاتة دي؟

= حلوة وكبيرة أوي.

أهدت تحية كاريوكا للطفلة المعجزة الشوكولا بينما جاءت هدية الملك عينية، فقد أخرج من جيبه 50 جنيهاً مصرياً، مبلغ كبير جداً آنذاك، ومنحها للطفلة المعجزة. أما أنور وجدي فكان لا يضيع أي فرصة تظهر أمامه، لذا وقَّع عقد احتكار مع والدها عازف الكمان أرتين كالفيان، تتقاضى فيه ألف جنيه عن كل فيلم تشارك فيه لصالح شركة أفلام أنور وجدي، مشترطاً أن يضع لها اسماً فنياً ليصبح فيروز بدلاً من نيروز.

كانت هذه الليلة الأخيرة التي يحضر فيها الملك إلى «الأوبرج»، ليس لأنه قرر مقاطعة الملاهي الليلية بل لأن في اليوم التالي استطلعت دار الإفتاء المصرية هلال شهر رمضان المعظم، بالتالي انتقل الملك من الجلوس في الأوبرج إلى الجامع الأزهر!

شعرت كاريوكا بأنها تستقبل شهر رمضان للمرة الأولى في حياتها، على رغم أنها كانت تواظب على الصلاة وصوم رمضان من كل عام منذ كانت طفلة في حضانة جدتها لأبيها، التي كانت تشفق عليها من مشقة الصوم في هذه السن الصغيرة، فكانت توهمها بأن آذان الظهر هو آذان المغرب لتحثها على الأكل، لكن تحية اكتشفت «اللعبة» فكانت لا تأكل إلا حين يأكل الجميع.

مائدة الرحمن

جاء إحساس تحية مختلفاً بشهر رمضان وبكل من حولها، بعدما تحولت مفاهيمها وقرارها بالانخراط في العمل الخيري ومساندة الفقراء والمحتاجين، فاتخذت قراراً بأن تتفرغ خلال شهر رمضان لإطعام المساكين وعابري السبيل، واختارت مكاناً إلى جوار العمارة التي تسكن فيها في حي الزمالك وأقامت سرادقاً صغيراً وضعت فيه «مائدة لضيوف الرحمن» طيلة أيام شهر رمضان، غير أنها لم تكتف بالمأدبة إلى جوار بيتها، بل راحت تذهب كل يوم إلى مسجد «السيدة زينب» لتقيم أمام مدخله مأدبة إفطار تدعو إليها الغلابة والمساكين في سرادق كبير.

حرصت تحية على أن تخدم ضيوفها بنفسها، وما إن شاهدها أهالي الحي تفعل ذلك حتى راح عدد كبير منهم يتطوع معها للحفاظ على النظام والإعداد لهذه المأدبة كل ليلة، ومشاركتها في تقديم الطعام للضيوف، وهم في دهشة مما تفعله هذه الفنانة الكبيرة، والحماسة التي تبديها في خدمة الصائمين. كانت تحرص على ارتداء «الجلباب البلدي» وتشمر عن ساعدي الجد لتشارك الجزارين في نحر الذبائح وإعدادها للطهو في الأواني الكبيرة التي لا تراها إلا في هذه المناسبة الاحتفالية… كذلك كانت تسهم مع الطباخين وتشارك في تقديم الأطباق وتقطيع اللحم وتوزيعه داخل السرادق، بل وتساعد بعض المعاقين في تناول طعامهم أو تطعمهم بيدها، ثم تذهب لتناول إفطارها بعد أن تطمئن أن الجميع قد تناول إفطاره.

فيما كانت تحية تقوم بذلك كل يوم أمام مسجد «السيدة زينب» كانت والدتها تفعل الأمر نفسه ولكن في السرادق المقام أسفل العمارة، فتشرف على تقديم الإفطار يومياً للصائمين من المساكين وعابري السبيل.

حرصت تحية على إنهاء ارتباطاتها السينمائية خلال رمضان، وفي ليلة الرؤية وبعد استطلاع هلال شهر شوال، أقيمت حفلة في هذه المناسبة، ولحصول النادي الأهلي على درع بطولة الدوري العام، وتم التنويه بأن الحفلة ستحييها المطربة الكبيرة أم كلثوم، وسترقص خلالها تحية كاريوكا.

بدأت الحفلة وغنت أم كلثوم:

يا ليلة العيد أنستينا

وجددت الأمل فينا…

يا ليلة العيد

وفجأة زاد التصفيق وعلت الهتافات، فقد حضر الملك فاروق، فتوقفت أم كلثوم عن الغناء، وراح الحضور يهتف: عاش الملك… عاش ملك مصر والسودان.

واصلت أم كلثوم الغناء، غير أنها لم تغادر الحفلة بعد انتهاء وصلتها، خصوصاً بعدما صافحها الملك ومنحها لقب «صاحبة العصمة»، ثم طلبها الجمهور للغناء ثانية، فغنت «غني لي شوي شوي» ورقصت كاريوكا على أنغام الأغنية، وما إن انتهيتا وأسدل الستار حتى احتضنت أم كلثوم تحية في كواليس المسرح وهنأتها على رقصها:

= ياه يا توحة رقصك رائع… فعلاً أنت غيرتي شكل الرقص الشرقي. تعرفي أن دي أول مرة أغني وحد يرقص قدامي… بس لولا أن اللي بترقص هي تحية كاريوكا ما كنتش غنيت أبداً.

* دي شهادة كبيرة من المطربة الأولى في الوطن العربي كله. لا وكمان من النهارده أضيف لها لقب جديد… يعني من دلوقت لازم نقولك يا صاحبة العصمة.

= (ضاحكة) أنت اللي صاحبة العصمة بجد يا توحة… وأنا بتفرج عليك حسيت أن جسمك بيخرج مزيكا مش بيرقص على المزيكا. وسط بيغني يا توحة.

* بس ما يقدرش ينافس «الست أم كلثوم».

= أنت عارفة يا تحية إن أنا ووالدتك بلديات… وكنت أعرفها. (ضاحكة) بس هي أكبر مني… لا تفتكري أني أد والدتك ولا حاجة.

* (ضاحكة) طبعاً عارفة… ودا شرف لينا. وعلى فكرة هي بتحبك أوي ودايماً في سيرتك.

= ما ينفعش كدا… إيش حال لو ما كناش جيران وجنب بعض في الزمالك. أنت لازم تجيبيها وتيجو شوية لأنها واحشاني أوي.

* هانيجي… لأني عايزه أقعد معاك بعيد عن الدوشة والهيصة والناس والجمهور.

انتهى عيد الفطر فدخلت كاريوكا إلى الأستوديو لتبدأ تصوير فيلمها السادس والأخير لعام 1948، والذي كتبه وكان يخرجه حسن رمزي بعنوان «أميرة الجزيرة» وينتجه من خلال شركة الأنتاج التي كونها باسم «أفلام النصر»، ويشارك مع تحية في البطولة كمال الشناوي وإسماعيل وشكوكو وبشارة واكيم.

تقسيم فلسطين

فيما كانت الأحداث الفنية متلاحقة هذا العام بالنسبة إلى تحية، شهد النصف الثاني من العام تلاحقاً سريعاً ومخيفاً على صعيد الأحداث السياسية، فبعد موافقة الجمعية العامة للأمم المتحدة على قرار تقسيم فلسطين إلى دولة يهودية ودولة عربية فلسطينية وتدويل منطقة القدس (أي جعلها منطقة دولية لا تنتمى إلى دولة معينة ووضعها تحت حكم دولي) ليكون نصيب الدولة اليهودية 56 في المئة، بينما يبقى لدولة فلسطين العربية 43 في المئة، فيما خصص واحد في المئة للقدس كمنطقة دولية تحت الانتداب بإدارة الأمم المتحدة، قامت الجامعة العربية بأول خطوة لتوفير الاحتياجات الدفاعية للفلسطينيين فأمرت بتشكيل اللجنة العسكرية الفنية لتقييم المتطلبات الدفاعية الفلسطينية. خرج التقرير باستنتاجات تؤكد قوة الصهاينة وتؤكد أنه ليس للفلسطينيين من قوى بشرية أو تنظيم أو سلاح أو ذخيرة يوازي أو يقارب ما لدى الصهاينة، وحث التقرير الدول العربية على «تعبئة كامل قوتها».

كذلك خصصت الجامعة مبلغ مليون جنيه إسترليني للجنة الفنية، وقبل إصدار قرار التقسيم حذّر اللواء إسماعيل صفوت، رئيس اللجنة الفنية، من أنه «بات من المستحيل التغلب على القوات الصهيونية باستخدام قوات غير نظامية» وأنه «ليس باستطاعة الدول العربية أن تتحمل حرباً طويلة»، وبعد قرار التقسيم اجتمعت الدول العربية في القاهرة في الفترة من 8 إلى 17 ديسمبر 1947، وأعلنت أن تقسيم فلسطين غير قانوني وتقرر أن تضع عشرة آلاف بندقية وثلاثة آلاف متطوع (وهو ما أصبح يعرف بجيش الإنقاذ) بينهم خمسمئة فلسطيني، ومبلغ مليون جنيه تحت تصرف اللجنة العسكرية الفنية.

رحب الصهاينة بمشروع التقسيم، بينما شعر العرب والفلسطينيون بالإجحاف، لأن فلسطين في الأساس أرض عربية، فيما قررت الحكومة البريطانية إنهاء الانتداب في منتصف ليل 14 مايو، وفي الساعة الرابعة بعد الظهر من 14 مايو 1948، أعلن المجلس اليهودي الصهيوني في «تل أبيب» أن قيام دولة إسرائيل سيصبح ساري المفعول في منتصف الليل.

سبقت الإعلان تشاورات بين ممثل الحركة الصهيونية موشيه شاريت والإدارة الأميركية من دون أن تعد حكومة الولايات المتحدة بالاعتراف بالدولة، غير أن الرئيس الأميركي هاري ترومان نشر رسالة اعترف فيها بدولة إسرائيل، بعد إعلانها ببضع دقائق، أما الاتحاد السوفياتي فاعترف بإسرائيل بعد إعلانها بثلاثة أيام.

امتنعت القيادة الصهيونية عن تحديد حدود الدولة في الإعلان عن تأسيسها واكتفت بتعريفها أنها «دولة يهودية في إيرتس يسرائيل» أي في فلسطين.

أسفر الإعلان مباشرة عن اندلاع الحرب وسافر الجيش المصري إلى فلسطين، فيما تدفقت الجيوش العربية من لبنان والعراق وإمارة شرق الأردن.

في الوقت الذي سافرت فيه الجيوش العربية إلى فلسطين، وبينما كان يئن الجيش المصري من نوعية الأسلحة الفاسدة التي يحارب بها هناك، كان الملك مشغولاً في سجال سياسي وصداع مزمن حول دور جماعة «الإخوان المسلمين» ومؤسسها الشيخ حسن البنا، حتى أنهى محمود فهمي النقراشي باشا، رئيس وزراء مصر الأمر بإصدار قرار بحل الجماعة وإغلاق جميع الأماكن المخصصة لنشاطها، وضبط أوراقها ووثائقها وسجلاتها ومطبوعاتها، مشيراً إلى أنها انحرفت عن أهدافها الدينية والاجتماعية التى تأسست لأجلها، وارتكبت تجاوزات كثيرة من القتل والنسف والتدمير.

(البقية في الحلقة المقبلة)

الجريدة الكويتية في

04/08/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)