حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

                          دراما رمضان التلفزيونية لعام 2012

الفيلسوف الضاحك.. نجيب الريحاني

بقلم: ماهر زهدي

الحلقة ( 24 )

مصر… باريس ونيويورك

في سان باولو اختلف الأمر، فكانت المفاجأة أن استقبل الريحاني وفرقته جمهوراً يربو على الخمسمئة شخص، أكرم وفادتهم، وأنزلهم على الرحب والسعة، ومنذ اليوم الأول أظهر لهم رغبته في مشاهدة بعض روايات الريحاني، فأفهمهم الريحاني أنهم قصدوا المدينة للاستجمام والراحة، ولم يصحب فرقة من الممثلين لتقديم رواية مكتملة، فأحضروا فوراً عدداً من الشباب هواة التمثيل في المدينة، على رأسهم جورج استاتي.

فوجئ الريحاني بأن جورج استاتي يقدم روايات مع فرقته ويطلق على نفسه «كشكش البرازيلي»، فقد اكتشف أنه نجل ألمظ أستاتي، شقيقة أبريز استاتي زوجة أمين عطا الله، الذي سبق واستغل اسم «كشكش» في سورية أيضاً.

ألف الريحاني الفرقة مستعيناً بهؤلاء الهواة، إلى جانب بديعة وصبري والتوني، وبدأ في الإعداد لتقديم بعض رواياته السالفة، من بينها «ريا وسكينة، البرنسيس، وأيام العز» التي أطلق عليها اسم «حلاق بغداد»، غير أنه فوجئ بهجوم كبير عليه وعلى فرقته في الصحافة البرازيلية قبل أن يبدأ، واكتشف أن سبب ذلك يرجع إلى الجفاء بين أهل البلاد الأصليين وبين ضيوفها، لتمكن الأخيرين من امتلاك أعنة البلاد الاقتصادية.

استأجر الريحاني المسرح لأربع ليال بخمسين جنيهاً مصرياً عن الليلة، وسط أجواء مشحونة وتوتر يسيطر عليه وعلى أفراد الفرقة، غير أنه قرر أن يستمر، وما إن اقترب الموعد المحدد لرفع الستار حتى تساءل عن حركة بيع التذاكر، وهاله أن الإيراد وصل إلى ألف جنيه، ما زاد إحساسه بالمسؤولية وسط هذه الأجواء… فسأل نفسه:

ماذا لو قدر لنا الفشل… ماذا سيكون مصيرنا هنا؟

نظر الريحاني من خلال ثقب صغير في الستار قبيل التمثيل، فما أروع ما شهد، طوائف من أرقى الطبقات، رجالاً وسيدات تشع من نحورهن وأصابعهن أنوار الحلي البراقة.

رفع الستار وقدمت الفرقة رواية «ريا وسكينة» ذات الفصل الواحد، وانتهت من دون أن تتبين للريحاني في نفوس الجمهور نتيجة، ثم جاء أوان رواية «البرنسيس»، التي تبدأ بظهور بديعة على المسرح، وبعد فترة طويلة يظهر نجيب، فعكف في غرفته يهيئ وجهه بالماكياج، وتملكه خوف شعر معه بأنه مبتدئ لم يعهد أضواء المسرح ولم يقف أمام جمهور سابقاً، غير أنه تمالك نفسه وصعد إلى خشبة المسرح، وما كاد الفصل الأول ينتهي حتى قوبل بعاصفة من التصفيق والهتاف، وامتلأ المسرح بالصحافيين والمهنئين، لمس معهم الريحاني فخر الجالية السورية بإخوانهم المصريين، وهو ما شعر به عندما وجهت إليه الجالية السورية دعوة لحضور مباراة في كرة القدم بين الفريق الذي تدعمه وفريق البرازيل، وسط جماهير تزيد على عشرين ألف متفرج، وما كاد الريحاني وبديعة يظهران أمام هذا الجمع الحافل حتى سمعا الهتاف صاعداً إلى الفضاء:

فيفا ريحاني… فيفا ريحاني…

قصد الريحاني بفرقته العاصمة ريو دي جانيرو، وكانت الشهرة قد سبقته إليها، لذلك استقبله الجمهور فيها استقبالاً حافلاً، ونجح في تقديم ثماني حفلات في المدينة، كان متوسط إيراد الحفلة منها ما يعادل 500 جنيه مصري، وما كاد ينتهي من هذه الحفلات حتى استدعوه ثانية إلى سان باولو، حيث أقام حفلتين.

الهروب الكبير

فكر الريحاني وبديعة في أن يتجها بالفرقة إلى الأرجنتين لاستكمال الرحلة، غير أنه اصطدم بمشكلة كبيرة، وهي أن الحجر الصحي لن يسمح بدخول شخص إلى الأرجنتين لديه مرض «التراخوما» أو «الرمد الحبيبي» في عينيه، الذي كان يعانيه محمود التوني بشدة، بالتالي لن يسمح لهم بالدخول أو سيتم استبعاده، فنصحه البعض بأن يدخل الأرجنتين عبر بارغواي أولاً، حيث لا يتم التدقيق حول هذا المرض، وهناك يتصل بتاجر سوري كبير يعمل في تجارة الحرير، وله في جمهوريات أميركا الوسطى كلمة مسموعة ونفوذ، سيساعدهم في الدخول إلى الأرجنتين.

نفذ نجيب نصيحة الأصدقاء وركب وأعضاء الفرقة الباخرة إلى «مونتيفديو» في بارغواي، وفي المحطة التي رست فيها السفينة على الميناء سمع شخصاً يخترق صفوف الركاب وينادي بصوت عال:

سنيور ريحاني… سنيور ريحاني…

ما كاد يسمع نجيب النداء حتى اعتقد أن مكيدة دبرت لهم، وسيتم القبض عليهم وترحيلهم، فكسا وجه بديعة الاصفرار وكاد يغمى عليها، وتقدم نجيب من هذا المنادي متصنعاً الشجاعة:

* سي سنيور… أنا سنيور ريحاني.

= سنيور ريحاني. أنا بيلي خوسيه… صحافي. أنا عرفت بوصولكم وكنت أريد عمل لقاء معك. وهذا مصور يلتقط لكم بعض الصور.

* جورنالجي… الله يغمك. دا أنت كركبت مصارين السنيور ريحاني. غايته اتفضل أنا تحت أمرك.

انتهى اللقاء الصحافي، وجاء لقاء آخر، فقد وجد الريحاني الطبيب في انتظارهم، وقّع الكشف الطبي على أعينهم كشرط لدخول بارغواي، فمروا جميعاً بسلام، إلا أن الطبيب اكتشف وجود «التراخوما» في عيني محمود التوني، ورفض دخوله البلد، فراح الريحاني يتوسله فسمح له بأن بالدخول «ترانزيت» لبضع ساعات على أن يغادر البلد فوراً إلى الأرجنتين.

اتفق نجيب مع صديقه التاجر السوري على حيلة، وهي أن تسافر بديعة بحراً مع الخمسة الخالين من «التراخوما» إلى الأرجنتين بعدما أعلن فريد صبري العصيان واشترط زيادة الأجر أو السفر، فتركه الريحاني يسافر بلا التأسف عليه، على أن يسافر الريحاني بصحبة محمود التوني عن طريق القطار، ويتسللان عبر السكة الحديد، ومن خلالها يستطيعان المرور من دون مشكلة.

مكث الريحاني والتوني ثلاثة أيام في القطار، كان يتسلمهما شخص في كل محطة يحط فيها القطار بخطاب توصية كأنهما بضائع مهربة، حتى وصلا إلى سان خوسيه الأرجنتينية، واتجها لركوب القطار الذي سيقلهما إلى بيونس أيرس وتقدم الريحاني في لهفة إلى شباك التذاكر يطلب تذكرتين إلى المدينة، فنظر إليه العامل وهز كتفيه بابتسامة لم يفهم لها معنى ثم قال:

= متأسف جداً… لقد تأخرتم لأن القطار مرّ صباح أمس!

* صباح أمس! والقطر إللي بعده امتى؟

= بعد أسبوع!

* أسبوع!؟ وبتقولوا إنكم في بلاد متمدنة؟ أسبوع يا بني آدم في قارة اسمها أميركا؟! دي إفريقيا على كده الجنة ونعيمها يا ولاد العم سام!

- وبعدين يا نجيب؟ إيه العمل؟ هنقضي الأسبوع دا فين؟

* وأنا أعرف منين؟ أهي رحلة زي عنيك مليانة تراخوما… والمصيبة إن سان خوسيه دي كل إللي فيها مش أكتر من ميت بيت أول عن آخر.

اضطر الريحاني والتوني إلى النزول في الفندق الوحيد في سان خوسيه، وهو عبارة عن حجرة واحدة في طابق أرضي، فيها سرير واحد وكنبة واحدة، حيث مكثا لمدة أسبوع، ينام أحدهما بينما الآخر يحرسه، ثم يتبادلان المواقع، خوفاً من سرقة الثروة التي يحملها الريحاني، وهي ما يقرب من ألف وخمسمئة جنيه مصري، حصيلة عمل الفرقة في البرازيل.

بعد أسبوع غادر القطار محطة سان خوسيه في الثانية بعد الظهر، ليصل إلى بيونس إيرس في الثامنة من صباح اليوم التالي، فوجدها نجيب والتوني فرصة للنوم والراحة بعد «نوبتجيات» فندق سان خوسيه وراحا في نوم عميق.

مع أول ضوء للفجر استيقظ الريحاني، فلم يسمع صوت عجلات القطار، ظن أنهما وصلا، فنظر من شباك القطار، وهاله ما رأى: الماء يغمر القطار من كل جانب:

* توني… ولا يا توني… إصحَ.

= فيه إيه يا نجيب؟ ما تسيبني أنام يا أخي. مش كفاية إللي شفناه في سان خوسيه.

* ياد قوم بص كده!

= إيه فيه إيه؟

* هو إحنا لما نمنا كنا راكبين وابور بحر ولا وابور بر؟!

= هو إيه إللي وابور بحر ووابور بر… إيه دا؟ يا نهار ما لوش عنين! إيه الميه دي.. هو القطر غرق في البحر.

* يظهر كده. وأكيد إحنا متنا. استعد يا جميل المحيا للحساب.

عرف نجيب السبب، فثمة نهر كبير بين سان خوسيه وبيونس إيرس يجتازه القطار، غير أنه يجتازه عبر «صندل نهري» ينقل عربات القطار من شاطئ إلى شاطئ.

برافيتشيني

وصل القطار، فوجد نجيب بديعة وابنتها جوجو وبقية أفراد الفرقة على محطة القطار لاستقبالهما، وقد أحضروا معهم جوقة موسيقية وأعدوا لهما استقبالاً فخماً، إذ استغلت بديعة فرصة تأخر نجيب خلال هذا الأسبوع، واستأجرت المسرح حيث سيعملون وانتهت من تجهيز كل شيء، وفوراً بدأت الفرقة عروضها في الأرجنتين.

استقبل الجمهور أعضاء الفرقة استقبالاً متميزاً، فلم يكد يُسمع صوت الريحاني من بين الكواليس قبل الظهور على خشبة المسرح حتى كان الجمهور يصرخ مصفقاً، وكأنه في مصر. كذلك احتفت به الصحافة الأرجنتينية أيما احتفاء، وشبهته بـ «برافتشيني» أكبر ممثل أرجنتيني، وأطلقت عليه لقب «برافتشيني دلا كايرو»، أو «برافتشيني القاهرة».

انتهى عمل الفرقة في الأرجنتين وقرر الريحاني العودة إلى مصر، غير أنه اتفق مع زملائه على أن يكون طريق العودة هو نفسه الطريق الذي جاؤوا عبره، لكنها كانت عودة مصحوبة بعروض في كل محطة استقروا فيها، بناء على طلب الجمهور الذي عرفهم وتعود عليهم، ولم يتردد الريحاني أو أي من أفراد الفرقة.

في مدينة ريو دي جانيرو ألح الجمهور الذي شاهدهم سابقاً، على مشاهدة عروض الفرقة مجدداً، لكن لم يتوافر أي مسرح خال من الفرق في تلك الفترة، سوى «المسرح الإمبراطوري» الذي لم يكن له مثيل في العالم، لا سيما في اتساعه وكثرة مقاعده، وهو ما أبعد عنه كل فرق المدينة وغيرها من المدن المحيطة، ولم يجد الريحاني بداً من قبول الوقوف على خشبته، ولم يطمع في أن يشغل الجمهور أكثر من ربع مقاعده.

في الثامنة من صباح يوم العرض، اتجه الريحاني ليسلم التذاكر لعامل الشباك، وراعه الزحام الذي لم ير مثله سابقاً، فسلمه التذاكر وانصرف يمني نفسه بجمهور غفير، غير أنه عندما عاد قبيل الغروب، صدم صدمة مروعة، إذ وجد المسرح خالياً تماماً، بل ولم يجد عامل الشباك، وفوق ذلك وجد الشباك مقفلاً!

خرج نجيب لا يعرف ماذا يفعل وأين يتجه؟ وبينما كان ماراً بشارع جانبي عثر على عامل شباك التذاكر يجلس لتناول قهوة، في مقهى مجاور للمسرح:

* أنت فين يا ابني؟

= أنا هنا بشرب قهوة. تحت أمرك يا أستاذ.

* يعني هو دا وقت قعدة وشرب قهوة. مش المفروض أن فيه عرض الليلة؟

= أيوه يا أستاذ طبعاً.

* طبعا إيه؟ وأنت قاعد هنا وقافل شباك التذاكر!

= وافتحه ليه؟

* تفتحه ليه… أمال إحنا هنروح للجمهور نعرض لهم في بيوتهم؟

= مش قصدي يا أستاذ. أنا قصدي افتحه ليه طالما التذاكر كلها خلصت

* إيه؟! بتقول إيه؟ التذاكر كلها خلصت؟

= من بدري يا أستاذ. المسرح كامل العدد!

* يا بني قل كلام غير دا؟ دا المسرح ممكن ياخد سكان البرازيل مع سكان الأرجنتين ويبقى فيه أماكن فاضية وتقوللي التذاكر خلصت؟!

= زي ما بقولك كده يا أستاذ… ولو مش مصدق كلها ساعة وتشوف بعينك.

نظر الريحاني من خلال فجوة صغيرة في الستار، فرأى الجماهير كالنمل الزاحف والمقاعد كافة مشغولة… فكان العرض خير ختام لرحلة استغرقت عاماً بأكمله في أميركا الجنوبية.

عاد الريحاني وفرقته من أميركا الجنوبية بألف جنيه، هي حصيلة إيراد 36 ليلة عرض على مدار عام كامل، بعد دفع أجور الفرقة وإيجار المسارح التي عمل عليها ومصاريفهم الشخصية.

في طريق عودة الفرقة إلى مصر، عرج الريحاني وبديعة وابنتها جوجو ومعهم محمود التوني على باريس للراحة والاستجمام قبل العودة إلى مصر، فأمضوا فيها 15 يوماً، لم يزوروا خلالها متحفاً ولم يدخلوا مسرحاً، كما لم يفكروا في مشاهدة هذا الفن الجديد الذي يطلق عليه «سينما توغراف»، بل إن صح التعبير أمضوا هذه الأيام في «غاليري لافاييت» أحد أفخم وأكبر غاليرهات باريس، لشراء كل ما طاب وراق لهم من أدوات وكماليات وصناديق ماكياج، وكل ما وقعت عليه أنظارهم من الملابس أو الموبيليا، حتى أنفق الريحاني آخر جنيه في جيبه، لدرجة أنه أرسل برقية إلى أحد أصدقائه في القاهرة يقترض منه مئة جنيه، ثمن تذاكر العودة في الباخرة إلى الإسكندرية!

ذاع خبر وصول نجيب الريحاني وبديعة مصابني من أميركا في الوسط الفني كله، فلم ينم أمين صدقي ليلته، ومع أول ضوء للصباح اتجه إلى الإسكندرية، لمقابلة نجيب وعقد اتفاق جديد معه:

* ياه… لك وحشه والله يا أستاذ أمين. إزيك وازي الناس كلها؟ عاملين إيه وأخبار الدنيا إيه؟

= والله الدنيا ملطشة أوي يا سي نجيب.

* يا ساتر. ليه كده؟ دا أنا من ساعة ما نزلت الإسكندرية والأخبار عماله تتحدف عليا شمال ويمين. إيشي عن جورج أبيض وإيشي عن يوسف وهبي وعزيز عيد… ولا علي الكسار. بيقولوا الدنيا مزهزهة معاه أوي.

= أيوااا. عند علي الكسار واربط… سي علي يظهر أنه شاف الدنيا زهزهت معاه نسي الناس إللي وقفوا جنبه.

* الله… انتو مش بتشتغلوا سوا.

= لا اختلفنا وفضينا الشركة وكل واحد راح لحاله… ومن بعد انت ما سافرت استلم بديع خيري واشتغلوا سوا ونسي إللي عملته معاه.

* بديع بيشتغل مع الكسار دلوقت… كويس خالص. أمال أنت بتعمل إيه دلوقت؟

= ما هو دا إللي جابني من مصر. أنا جاي أعرض عليك أحط إيدي في إيدك ونرجع نشتغل سوا.

* والله أنا من جهتي ما عنديش مانع… بس يعني.

= بس إيه؟ عندك مانع انت كمان؟

= يا سيدي حلمك شوية مش القصد. أنا بدي أقولك بس يعني إن بديعة بتشتغل معايا دلوقت… ولازم يبقى لها وجود في الروايات إللي هقدمها.

= وماله؟ دا يبقى عز الطلب.

انفصال جسدي

لم يمانع نجيب في تلبية رغبة أمين صدقي، وعادا معاً إلى القاهرة، وسارع بجمع من بقي من أفراد فرقته ودعمها بممثلين جدد، واختار مسرح «دار التمثيل العربي» ووضع مع أمين صدقي رواية جديدة أطلقا عليها «قنصل الوز» أسند البطولة النسائية فيها لبديعة مصابني، وشاركت بالغناء المطربة فتحية أحمد.

نجحت الرواية غير أنها لم تستعد جمهور الريحاني كله الذي غاب عنه أكثر من عام، فقدم مع أمين صدقي رواية ثانية باسم «مراتي في الجهادية»، ولم تكن البطولة الأولى فيها لبديعة، ما أشعرها بغيرة فنية كبيرة، غير أنها لم تفصح عن ذلك صراحة لنجيب، بل راحت تتصيد له الأخطاء وتختلق المشاكل لتوجه إليه سهام اللوم، واتهامات مفتعلة بالكسل والتراخي:

= أنا مش ممكن أقدر استحمل إللي أنت بتعمله دا.

* هو إيه إللي مش ممكن تستحمليه.. وإيه إللي أنا بعمله.

= أنت مش مقدر حجم المسؤولية.. وإنك مسؤول عن فرقة وتياترو وناس.

* أيوه أنا مقصر في إيه؟ ما الدنيا ماشية والحمد لله والجمهور بيرجع لنا شوية بشوية.

= روح شوف تياترو الكسار ولا يوسف وهبي… وشوف الجمهور عامل إزاي هناك؟

* من غير عصبية بس. أنا مقصر في إيه؟

= لازم تسيب حكاية «البلياردو إللي بتلعبها كل يوم دي… وبتضيع فيها وقتك.

* البلياردو دي مش قمار… دي لعبة عادية بلعبها في وقت الفراغ ومش مأثرة على شغلي.

= وكمان حكاية السجاير إللي بقيت حريقة فيها!!

* طب يا ست ما أنت بتشربي أرجيله. إيه المشكلة في كدا؟

= نجيب لازم تبطل إهمال وتشوف مصلحة الفرقة… يا إما كل واحد يروح لحاله!

* يعني إيه كل واحد يروح لحاله… وبعدين إيه علاقة الشغل بحياتنا.

= الاتنين واحد… والإهمال زي ما بيخرب الشغل بيخرب البيوت!

* أنت مصرة إني مهمل… وتبيني دا قدام الناس ليه مش عارف. بقول إيه يا بديعة… ما تجيبي من الآخر. انت عايزة إيه؟

اختلفت بديعة مصابني مع نجيب الريحاني، غير أنه لم يحدث طلاق وفقاً لتعاليم الكنيسة المصرية، فقررت الانفصال عنه جسدياً، ورفض بدوره الاستمرار معها في الفرقة نفسها، وقرر تركها تعمل لحساب أمين صدقي في «دار التمثيل العربي» بعدما أمضى في العمل فيها شهرين.

لم يطق بديع خيري الاستمرار أكثر من ذلك بعيداً عن نجيب الريحاني، فلم يكن ما يجمع بينهما مجرد العمل، بل تآلف روحي، فما إن انفصل نجيب عن أمين صدقي حتى سارع بديع إلى اللجوء إليه ليجمع شمل الثنائي مجدداً، وقبل أن يفكرا في تكوين الفرقة واختيار المسرح، فوجئ الريحاني بمصطفى حفني يعرض عليه، وبإلحاح استئجار مسرح «برنتانيا».

البقية في الحلقة المقبلة

الجريدة الكويتية في

12/08/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)